![]() |
تاااااااااابع
••وهذه المزاعم الخرافية من نواتج الاعتقاد بأن «الوعي» هو الوجود المطلق، وأن الفكر متحكم بالحقائق الخارجية، كما هو متقرر في الفلسفة الشرقية. •• و«الوعي» -الذي قد يُطلق عليه العقل الباطن- هو كالإله في تلك الفلسفة، ولذلك فإن التواصل والانسجام معه أو الاتحاد به يورث قدرات خارقة. •• فالمقصود مما ذكر في الأيام السابقة أن «العقل الباطن» مصطلح مجمل يحتمل أكثر من معنى، ولا يمكن الحكم عليه إلا بعد الاستيضاح والاستفصال. |
روائع غزالية عمر بن عبد المجيد البيانوني روائع غزالية 1/ 3 الحمدُ لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على مَنْ لا نبيَّ بعده وبعد، فعند تنزُّهي وسياحتي في رياضٍ مثمرة، وبساتينٍ مزهرة، في (إحياء علوم الدين) للإمام الغزالي رحمه الله تعالى، وقفتُ على حِكَم بليغة، ودُرَر مستنيرة، ومواعظ مستفيضة، ذكرها في مواضع متفرِّقةٍ من كتابه، (فما الدُّرُّ في انتظامه أزهى من دُرَر كلامِه، ولا السِّحر الحلال أوقع في النفوس مِنْ نثره ونظامِه)، فأحببتُ أنْ أجمع بعض ما وقفت عليه من فيض غَمامِه، عسى أنْ يُسقى بها متعطشٌ إلى بحر علمه وإنعامِه، فتنفعه في دينه وتذكِّره بربِّه، وتزيل الغشاوة عن بصره، وترفع الرَّان عن قلبه، فإنَّ الكلمةَ الطيِّبةَ كالشجرة الطيِّبة، ذات الأصل الثابت التي لا تزعزعها الأعاصير، ولا تعصف بها الرياح، وهي عالية مرتفعة فوق الشرِّ والباطل، وثمارها دائمة مستمرة، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ. تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}. فيا لها مِنْ كواكبٍ دريَّة، وجواهرٍ من المعاني عليَّة، ولباسٍ من التقوى سندسيَّة، تجعل الروحَ مِنْ جمالها مُشرقة بهيَّة، فالسعيد مَن انتفع بها ورجعتْ نفسُه إلى ربِّها راضيةً مرضيَّة.. واللهُ وليُّ التوفيق والسداد.. ومِنْ هذه الأقوال والحِكَم: العلم النافع: - (إنَّ غذاءَ القلب: العلمُ والحكمةُ وبهما حياته، كما أنَّ غذاءَ الجسد الطعام، ومَنْ فقد العلم فقلبه مريض وموته لازم، ولكنه لا يشعر به؛ إذ حبُّ الدنيا وشغله بها أبطل إحساسه، كما أنَّ غلبةَ الخوف قد تبطل ألم الجراح في الحال وإن كان واقعاً، فإذا حطَّ الموت عنه أعباء الدنيا أحسَّ بهلاكه، وتحسَّر تحسُّراً عظيماً ثم لا ينفعه، وذلك كإحساس الآمن خوفه، والمفيق من سكره بما أصابه من الجراحات في حالة السُّكْر أو الخوف، فنعوذ بالله من يوم كشف الغطاء فإنَّ الناسَ نيام فإذا ماتوا انتبهوا). - (إنَّ العلمَ حياةُ القلوب من العمى، ونورُ الأبصار من الظلم، وقوةُ الأبدان من الضعف، يبلغ به العبد منازلَ الأبرار والدرجات العلى، والتفكر فيه يعدل بالصيام، ومدارسته بالقيام، به يُطاع الله عزَّ وجلَّ، وبه يُعبد وبه يوحَّد وبه يمجَّد وبه يُتورَّع، وبه تُوصَل الأرحام، وبه يعرف الحلال والحرام، وهو إمام والعمل تابعه، يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء). - (التلطُّفُ في اجتذاب القلوب إلى العلم الذي يفيد حياة الأبد، أهمُّ من التلطُّف في اجتذابها إلى الطبِّ الذي لا يفيد إلا صحة الجسد، فثمرة هذا العلم: طب القلوب والأرواح، المتوصل به إلى حياة تدوم أبد الآباد، فأين منه الطب الذي يعالج به الأجساد؟ وهي معرَّضة بالضرورة للفساد في أقرب الآماد، فنسأل الله سبحانه التوفيق للرشاد والسداد إنه كريم جواد). الطاعات والخيرات الأخروية: - (الطاعات غذاءٌ للقلوب، والمقصود شفاؤها وبقاؤها، وسلامتها في الآخرة وسعادتها، وتنعُّمها بلقاء الله تعالى، فالمقصد لذة السعادة بلقاء الله فقط، ولن يتنعم بلقاء الله إلا مَنْ مات محبَّاً لله تعالى، عارفاً بالله، ولن يحبه إلا مَنْ عرفه، ولن يأنس بربِّه إلا من طال ذكره له، فالأنس يحصل بدوام الذكر، والمعرفة تحصل بدوام الفكر، والمحبة تتبع المعرفة بالضرورة، ولن يتفرغ القلب لدوام الذكر والفكر إلا إذا فرغ من شواغل الدنيا، ولن يتفرغ من شواغلها إلا إذا انقطع عنه شهواتها، حتى يصير مائلاً إلى الخير مريداً له، نافراً عن الشر مبغضاً له، وإنَّما يميل إلى الخيرات والطاعات إذا علم أنَّ سعادته في الآخرة منوطة بها، كما يميل العاقل إلى القصد والحجامة لعلمه بأنَّ سلامته فيهما، وميل النفس إلى الخيرات الأخروية وانصرافها عن الدنيوية هو الذى يفرغها للذكر والفكر، ولن يتأكد ذلك إلا بالمواظبة على أعمال الطاعة، وترك المعاصي بالجوارح). القلب والجوارح: - (إنَّ بين الجوارح وبين القلب علاقة حتى إنَّه يتأثر كلُّ واحد منهما بالآخر، فترى العضو إذا أصابته جراحة تألم بها القلب، وترى القلب إذا تألم بعلمه بموت عزيز مِنْ أعزته، أو بهجوم أمر مخوف، تأثَّرت به الأعضاء، وارتعدت الفرائص، وتغيَّر اللون، إلا أنَّ القلبَ هو الأصلُ المتبوع، فكأنَّه الأميرُ والراعي، والجوارحُ كالخدم والرعايا والأتباع، فالجوارحُ خادمةٌ للقلب بتأكيد صفاتها فيه، فالقلبُ هو المقصود، والأعضاءُ آلات موصلة إلى المقصود، ولذلك قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم (أَلا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ) ([1]) ). - (قال الله تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}، وهي صفة القلب، فمن هذا الوجه يجب لا محالة أن تكون أعمال القلب على الجملة أفضل من حركات الجوارح ثم يجب أن تكون النية من جملتها أفضل لأنها عبارة عن ميل القلب إلى الخير وإرادته له وغرضنا من الأعمال بالجوارح أن يعود القلب إرادة الخير ويؤكد فيه الميل إليه ليفرغ من شهوات الدنيا ويكب على الذكر والفكر). - (قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً) ([2])؛ لأنَّ همَّ القلب هو ميلُه إلى الخير وانصرافُه عن الهوى وحب الدنيا وهي غاية الحسنات، وإنَّما الإتمام بالعمل يزيدها تأكيداً، فليس المقصود من إراقة دم القربان: الدم واللحم، بل ميل القلب عن حبِّ الدنيا، وبذلها إيثاراً لوجه الله تعالى، وهذه الصفة قد حصلت عند جزم النية والهمة، وإنْ عاق عن العمل عائق فـ {لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ}، والتقوى ههنا صفة القلب، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إن قوماً بالمدينة قد شركونا في جهادنا) ([3])؛ لأنَّ قلوبَهم في صدق إرادة الخير وبذل المال والنفس، والرغبة في طلب الشهادة وإعلاء كلمة الله تعالى، كقلوب الخارجين في الجهاد، وإنَّما فارقوهم بالأبدان لعوائق تخص الأسباب الخارجة عن القلب، وذلك غير مطلوب إلا لتأكيد هذه الصفات). - (لا تظنن أنَّ في وضع الجبهة على الأرض غرضاً من حيث إنَّه جمع بين الجبهة والأرض، بل من حيث إنه بحكم العادة يؤكد صفة التواضع في القلب، فإنَّ مَنْ يجد في نفسه تواضعاً، فإذا استكان بأعضائه وصورها بصورة التواضع تأكَّد تواضعه، ومَنْ وجد في قلبه رقَّة على يتيم، فإذا مسح رأسه وقبله تأكَّد الرقة في قلبه، ولهذا لم يكن العمل بغير نيَّة مفيداً أصلاً؛ لأنَّ مَنْ يمسح رأس يتيم وهو غافل بقلبه، أو ظانٌّ أنَّه يمسح ثوباً لم ينتشر من أعضائه أثر إلى قلبه لتأكيد الرقة، وكذلك مَنْ يسجد غافلاً وهو مشغول الهمِّ بأعراض الدنيا، لم ينتشر من جبهته ووضعها على الأرض أثر إلى قلبه يتأكَّد به التواضع، فكان وجود ذلك كعدمه، وما ساوى وجوده عدمه بالإضافة إلى الغرض المطلوب منه يُسمى باطلاً، فيقال: العبادة بغير نيَّة باطلة). شرف العقل: - (قد ظهر شرف العلم مِنْ قِبَل العقل، والعقل منبع العلم ومطلعه وأساسه، والعلم يجري منه مجرى الثمرة من الشجرة، والنُّور من الشمس، والرؤية من العين، فكيف لا يشرف ما هو وسيلة السَّعادة في الدنيا والآخرة، أو كيف يستراب فيه والبهيمة مع قصور تمييزها تحتشم العقل، حتى إنَّ أعظم البهائم بدناً وأشدها ضراوة وأقواها سطوة، إذا رأى صورة الإنسان احتشمه وهابه، لشعوره باستيلائه عليه، لما خصَّ به من إدراك الحِيَل). |
تاااااابع
حدود العقل: - (اعلم أنه كما يطلع الطبيب الحاذق على أسرار في المعالجات يستبعدها من لا يعرفها، فكذلك الأنبياء أطباء القلوب والعلماء بأسباب الحياة الأخروية، فلا تتحكم على سننهم بمعقولك فتهلك، فكم من شخص يصيبه عارض في أصبعه فيقتضي عقله أن يطليه، حتى ينبهه الطبيب الحاذق أنَّ علاجه أن يطلي الكف من الجانب الآخر من البدن، فيستبعد ذلك غاية الاستبعاد من حيث لا يعلم كيفية انشعاب الأعصاب ومنابتها ووجه التفافها على البدن، فهكذا الأمر في طريق الآخرة وفي دقائق سنن الشرع وآدابه، وفي عقائده التي تعبد الناس بها أسرار ولطائف ليست في سعة العقل وقوته الإحاطة بها، كما أنَّ في خواص الأحجار أموراً عجائب غاب عن أهل الصنعة علمها، حتى لم يقدر أحد على أن يعرف السبب الذي به يجذب المغناطيس الحديد، فالعجائب والغرائب في العقائد والأعمال وإفادتها لصفاء القلوب ونقائها وطهارتها، وتزكيتها وإصلاحها للترقي إلى جوار الله تعالى، وتعرضها لنفحات فضله، أكثر وأعظم مما في الأدوية والعقاقير، وكما أنَّ العقول تقصر عن إدراك منافع الأدوية مع أنَّ التجربةَ سبيلٌ إليها، فالعقول تقصر عن إدراك ما ينفع في حياة الآخرة، مع أنَّ التجربة غير متطرقة إليها، وإنما كانت التجربة تتطرق إليها لو رجع إلينا بعض الأموات فأخبرنا عن الأعمال المقبولة النافعة المقربة إلى الله تعالى زلفى، وعن الأعمال المبعدة عنه، وكذا عن العقائد، وذلك مما لا يطمع فيه، فيكفيك من منفعة العقل: أن يهديك إلى صدق النبي صلى الله عليه وسلم ويفهمك موارد إشاراته، فاعزل العقل بعد ذلك عن التصرُّف، ولازم الاتباع فلا تسلم إلا به والسَّلام). السعادة الحقيقية: - (وأعظم الأشياء رتبة في حقِّ الآدمي السعادة الأبدية، وأفضل الأشياء ما هو وسيلة إليها، ولن يتوصل إليها إلا بالعلم والعمل، ولا يتوصل إلى العمل إلا بالعلم بكيفية العمل، فأصل السعادة في الدنيا والآخرة هو العلم فهو إذن أفضل الأعمال). - (ما أبعدَ عن السَّعادة مَنْ باع مهمَّ نفسِهِ اللازم بمهمِّ غيره النادر، إيثاراً للتقرب والقبول من الخلق على التقرب من الله سبحانه). - (قد أمر الله تعالى بالعدل والإحسان جميعاً، والعدل سبب النجاة فقط، وهو يجري من التجارة مجرى رأس المال، والإحسان سبب الفوز ونيل السعادة، وهو يجري من التجارة مجرى الربح ولا يعد من العقلاء من قنع في معاملات الدنيا برأس ماله فكذا في معاملات الآخرة فلا ينبغي للمتدين أن يقتصر على العدل واجتناب الظلم ويدع أبواب الإحسان وقد قال الله: وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ}، وقال عز و جل: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}، وقال سبحانه: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ}، ونعني بالإحسان فعل ما ينتفع به المعامل وهو غير واجب عليه ولكنه تفضل منه). - (وقد أهمل الناسُ طبَّ القلوب، واشتغلوا بطب الأجساد، مع أن الأجساد قد كتب عليها الموت لا محالة، والقلوب لا تدرك السعادة إلا بسلامتها، إذ قال تعالى: { إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }). وقال رحمه الله بعد أن ذكر قول ابن مسعود «الهالك في اثنتين القنوط والعجب»: (وإنما جمع بينهما؛ لأنَّ السَّعادة لا تنال إلا بالسعي والطلب والجد والتشمر، والقانط لا يسعى ولا يطلب، والمعجب يعتقد أنه قد سعد وقد ظفر بمراده فلا يسعى، فالموجود لا يطلب، والمحال لا يطلب، والسعادة موجودة في اعتقاد المعجب حاصلة له، ومستحيلة في اعتقاد القانط، فمن ههنا جمع بينهما). - (فمفتاح السعادة: التيقظ والفطنة، ومنبع الشقاوة: الغرور والغفلة، فلا نعمة لله على عباده أعظم من الإيمان والمعرفة، ولا وسيلة إليه سوى انشراح الصدر بنور البصيرة، ولا نقمة أعظم من الكفر والمعصية، ولا داعي إليهما سوى عمى القلب بظلمة الجهالة). - (اعلم أنَّ كلَّ خير ولذة وسعادة بل كل مطلوب ومؤثر فإنه يُسمى نعمة، ولكن النعمة بالحقيقة هي السعادة الأخروية، وتسمية ما سواها نعمة وسعادة إما غلط وأما مجاز، كتسمية السعادة الدنيوية التى لا تعين على الآخرة نعمة، فإن ذلك غلط محض، وقد يكون اسم النعمة للشيء صدقاً، ولكن يكون إطلاقه على السعادة الأخروية أصدق، فكل سبب يوصل إلى سعادة الآخرة ويعين عليها إما بوسطة واحدة أو بوسائط، فإنَّ تسميه نعمة صحيحة وصدق لأجل أنه يفضى إلى النعمة الحقيقية). - (غاية السعادة أن يموت محبَّاً لله تعالى، وإنما تحصل المحبة بالمعرفة بإخراج حب الدنيا من القلب، حتى تصير الدنيا كلها كالسجن المانع من المحبوب، ولذلك رأى بعض الصالحين أبا سليمان الداراني في المنام وهو يطير، فسأله فقال: الآن أفلت. فلما أصبح سأل عن حاله، فقيل له: إنه مات البارحة). - (قد انكشف لأرباب القلوب ببصيرة الإيمان وأنوار القرآن أن لا وصول إلى السعادة إلا بالعلم والعبادة، فالناس كلهم هلكى إلا العالمون، والعالمون كلهم هلكى إلا العاملون، والعاملون كلهم هلكى إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم، فالعمل بغير نية عناء، والنية بغير إخلاص رياء، وهو للنفاق كفاء، ومع العصيان سواء، والإخلاص من غير صدق وتحقيق هباء، وقد قال الله تعالى في كل عمل كان بإرادة غير الله مشوبَاً مغمورا، {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورَا}، وليت شعري كيف يصحح نيته مَنْ لا يعرف حقيقة النية، أو كيف يخلص من صحح النية إذا لم يعرف حقيقة الإخلاص، أو كيف تطالب المخلص نفسه بالصدق إذا لم يتحقق معناه، فالوظيفة الأولى على كل عبد أراد طاعة الله تعالى: أن يتعلم النية أولاً لتحصل المعرفة، ثم يصححها بالعمل، بعد فهم حقيقة الصدق والإخلاص اللذين هما وسيلتنا العبد إلى النجاة والخلاص). - (لا سعادة في دار البقاء إلا في لقاء الله تعالى وإنَّ كلَّ محجوب عنه يشقى لا محالة محول بينه وبين ما يشتهي، محترق بنار الفراق ونار الجحيم، وعلم أنه لا مبعد عن لقاء الله إلا اتباع الشهوات والأنس بهذا العالم الفاني، والإكباب على حب ما لا بد من فراقه قطعاً ولا مقرب من لقاء الله إلا قطع علاقة القلب عن زخرف هذا العالم، والإقبال بالكلية على الله طلباً للأنس به بدوام ذكره، وللمحبة له بمعرفة جلاله وجماله على قدر طاقته، وأنَّ الذنوب التي هي إعراض عن الله واتباع لمحاب الشياطين أعداء الله المبعدين عن حضرته سبب كونه محجوباً مبعداً عن الله تعالى، فلا يشك في أنَّ الانصرافَ عن طريق البُعْد واجب للوصول إلى القُرْب، وإنما يتم الانصراف: بالعلم والندم والعزم، فإنه ما لم يعلم أنَّ الذنوب أسباب البعد عن المحبوب، لم يندم ولم يتوجع بسبب سلوكه في طريق البعد، وما لم يتوجع فلا يرجع، ومعنى الرجوع الترك والعزم، فلا يشك في أنَّ المعاني الثلاثة ضرورية في الوصول إلى المحبوب، وهكذا يكون الإيمان الحاصل عن نور البصيرة، وأما من لم يترشح لمثل هذا المقام، المرتفع ذروته عن حدود أكثر الخلق، ففي التقليد والاتباع له مجال رحب، يتوصل به إلى النجاة من الهلاك، فليلاحظ فيه قول الله وقول رسوله وقول السلف الصالحين فقد قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وهذا أمر على العموم وقال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحَا} الآية، ومعنى النصوح: الخالص لله تعالى خالياً عن الشوائب). الخوف: - (فضل الخوف تارة يعرف بالتأمل والاعتبار وتارة بالآيات والأخبار أما الاعتبار فسبيله أن فضيلة الشيء بقدر غنائه في الإفضاء إلى سعادة لقاء الله تعالى في الآخرة إذ لا مقصود سوى السعادة، ولا سعادة للعبد إلا في لقاء مولاه والقرب منه، فكلُّ ما أعان عليه فله فضيلة وفضيلته بقدر غايته، وقد ظهر أنه لا وصول إلى سعادة لقاء الله في الآخرة إلا بتحصيل محبته والأنس به في الدنيا، ولا تحصل المحبَّة إلا بالمعرفة، ولا تحصل المعرفة إلا بدوام الفكر، ولا يحصل الأنس إلا بالمحبة ودوام الذكر، ولا تتيسر المواظبة على الذكر والفكر إلا بانقطاع حب الدنيا من القلب، ولا ينقطع ذلك إلا بترك لذات الدنيا وشهواتها، ولا يمكن ترك المشتهيات إلا بقمع الشهوات، ولا تنقمع الشهوة بشيء كما تقمع بنار الخوف، فالخوف هو النار المحرقة للشهوات، فإنَّ فضيلته بقدر ما يحرق من الشهوات، وبقدر ما يكف عن المعاصي ويحث على الطاعات، ويختلف ذلك باختلاف درجات الخوف، وكيف لا يكون الخوف ذا فضيلة وبه تحصل العفة والورع والتقوى والمجاهدة، وهي الأعمال الفاضلة المحمودة التي تقرب إلى الله زلفى). |
تاااااااااابع
صفة الدنيا: - (إن الدنيا سريعة الفناء، قريبة الانقضاء، تعد بالبقاء، ثم تخلف في الوفاء، تنظر إليها فتراها ساكنة مستقرة، وهي سائرة سيراً عنيفاً، ومرتحلة ارتحالاً سريعاً، ولكن الناظر إليها قد لا يحس بحركتها فيطمئن إليها، وإنَّما يحس عند انقضائها، ومثالها: الظل، فإنَّه متحرِّك ساكن، متحرِّك في الحقيقة ساكن الظاهر، لا تدرك حركته بالبصر الظاهر، بل بالبصيرة الباطنة، ولما ذكرت الدنيا عند الحسن البصري رحمه الله أنشد وقال: أحلامُ نومٍ أو كظِلٍّ زَائِلٍ ... إنَّ اللبيبَ بمثلها لا يُخدَعُ) - (إنَّ طبع الدنيا: التلطف في الاستدراج أوَّلاً، والتوصُّل إلى الإهلاك آخراً، وهي كامرأة تتزين للخطاب، حتى إذا نكحتهم ذبحتهم). - (إنَّ الدنيا مزيَّنة الظواهر، قبيحة السرائر، وهي شبه عجوز متزينة، تخدع الناس بظاهرها، فإذا وقفوا على باطنها، وكشفوا القناع عن وجهها، تمثل لهم قبائحها فندموا على اتباعها، وخجلوا من ضعف عقولهم في الاغترار بظاهرها). - (إنَّ أوائل الدنيا تبدو هينة لينة، يظن الخائض فيها أنَّ حلاوة خفضها كحلاوة الخوض فيها، وهيهات فإن الخوض في الدنيا سهل، والخروج منها مع السلامة شديد، وقد كتب علي رضي الله عنه إلى سلمان الفارسي بمثالها فقال: مثل الدنيا مثل الحية، لين مسها، ويقتل سمها، فأعرض عما يعجبك منها، لقلة ما يصحبك منها، وضع عنك همومها بما أيقنت من فراقها، وكن أسر ما تكون فيها أحذر ما تكون لها، فإنَّ صاحبها كلَّما اطمأن منها إلى سرور أشخصه عنه مكروه والسَّلام). - (إنَّ أهل الدنيا مثلهم في غفلتهم مثل قوم ركبوا سفينة، فانتهت بهم إلى جزيرة فأمرهم الملاح بالخروج إلى قضاء الحاجة، وحذَّرهم المقام وخوَّفهم مرور السفينة واستعجالها، فتفرقوا في نواحي الجزيرة، فقضى بعضهم حاجته وبادر إلى السفينة فصادف المكان خالياً، فأخذ أوسع الأماكن وألينها وأوفقها لمراده، وبعضهم توقف في الجزيرة ينظر إلى أنوارها وأزهارها العجيبة، وغياضها الملتفة ونغمات طيورها الطيبة، وألحانها الموزونة الغريبة، وصار يلحظ من بريتها أحجارها وجواهرها ومعادنها المختلفة الألوان والأشكال، الحسنة المنظر، العجيبة النقوش، السالبة أعين الناظرين بحسن زبرجدها، وعجائب صورها، ثم تنبه لخطر فوات السفينة فرجع إليها، فلم يصادف إلا مكاناً ضيقاً حرجاً، فاستقر فيه، وبعضهم أكبَّ على تلك الأصداف والأحجار، وأعجبه حسنها ولم تسمح نفسه بإهمالها، فاستصحب منها جملة، فلم يجد في السفينة إلا مكاناً ضيقاً وزاده ما حمله من الحجارة ضيقاً، وصار ثقيلاً عليه ووبالاً، فندم على أخذه ولم يقدر على رميه، ولم يجد مكاناً لوضعه، فحمله في السفينة على عنقه وهو متأسف على أخذه، وليس ينفعه التأسف، وبعضهم تولج الغياض ونسي المركب، وبعد في متفرجه ومتنزهه منه حتى لم يبلغه نداء الملاح، لاشتغاله بأكل تلك الثمار واستشمام تلك الأنوار، والتفرج بين تلك الأشجار، وهو مع ذلك خائف على نفسه من السباع، وغير خال من السقطات والنكبات، ولا منفك عن شوك ينشب بثيابه، وغصن يجرح بدنه، وشوكة تدخل في رجله، وصوت هائل يفزع منه، وعوسج يخرق ثيابه، ويهتك عورته، ويمنعه عن الانصراف لو أراده، فلما بلغه نداء أهل السفينة انصرف مثقلاً بما معه، ولم يجد في المركب موضعاً، فبقي في الشط حتى مات جوعاً، وبعضهم لم يبلغه النداء، وسارت السفينة فمنهم من افترسته السباع، ومنهم من تاه فهام على وجهه حتى هلك، ومنهم من مات في الأوحال، ومنهم من نهشته الحيات فتفرقوا كالجيف المنتنة. وأما من وصل إلى المركب بثقل ما أخذه من الأزهار والأحجار فقد استرقته وشغله الحزن بحفظها والخوف من فوتها وقد ضيقت عليه مكانه فلم يلبث أن ذبلت تلك الأزهار وكمدت تلك الألوان والأحجار فظهر نتن رائحتها فصارت مع كونها مضيقة عليه مؤذية له بنتنها ووحشتها فلم يجد حيلة إلا أن ألقاها في البحر هرباً منها وقد أثر فيه ما أكل منها فلم ينته إلى الوطن إلا بعد أن ظهرت عليه الأسقام بتلك الروائح فبلغ سقيماً مدبراً، ومن رجع قريباً ما فاته إلا سعة المحل، فتأذى بضيق المكان مدة ولكن لما وصل إلى الوطن استراح، ومن رجع أوَّلاً وجد المكان الأوسع، ووصل إلى الوطن سالماً، فهذا مثال أهل الدنيا في اشتغالهم بحظوظهم العاجلة، ونسيانهم موردهم ومصدرهم، وغفلتهم عن عاقبة أمورهم، وما أقبحَ مَنْ يزعم أنه بصير عاقل أن تغره أحجار الأرض وهي الذهب والفضة، وهشيم النبت وهي زينة الدنيا، وشيء من ذلك لا يصحبه عند الموت، بل يصير كلَّا ووبالاً عليه، وهو في الحال شاغل له بالحزن والخوف عليه، وهذه حال الخلق كلهم إلا مَنْ عصمه الله عزَّ و جلَّ). - (إنَّ مثل الناس فيما أعطوا من الدنيا مثل رجل هيَّأ داراً وزيَّنها، وهو يدعو إلى داره على الترتيب قوماً واحداً بعد واحد، فدخل واحد داره فقدم إليه طبق ذهب عليه بخور ورياحين ليشمه ويتركه لمن يلحقه لا ليتملكه ويأخذه، فجهل رسمه وظن أنَّه قد وهب ذلك، فتعلق به قلبه لما ظن أنه له، فلما استرجع منه ضجر وتفجع، ومَنْ كان عالماً برسمه انتفع به وشكره، ورده بطيب قلب وانشراح صدر، وكذلك من عرف سنَّة الله في الدنيا علم أنَّها دار ضيافة، سبلت على المجتازين لا على المقيمين ليتزودوا منها وينتفعوا بما فيها كما ينتفع المسافرون بالعواري، ولا يصرفون إليها كل قلوبهم حتى تعظم مصيبتهم عند فراقها). ([1]) ـ رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، (52)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، (1599). ([2]) ـ رواه البخاري في كتاب الرقاق، باب من هم بحسنة أو بسيئة، (6126)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنة كتبت وإذا هم بسيئة لم تكتب، (1599). ([3]) ـ الحديث كما رواه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحِجْر، (4161)، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنَ المَدِينَةِ فَقَالَ: (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَاماً مَا سِرْتُمْ مَسِيراً، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ) قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ وَهُمْ بِالمَدِينَةِ؟ قَالَ: (وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ). |
روائع غزالية 2/ 3 حبُّ الدنيا: - (حبُّ الدنيا رأسُ كلِّ خطيئة، وأساسُ كلِّ نقصان، ومنبعُ كلِّ فساد، ومَن انطوى باطنه على حبِّ الدنيا حتى مال إلى شيء منها لا ليتزود منها ولا ليستعين بها على الآخرة، فلا يطمعن في أنْ تصفو له لذة المناجاة في الصلاة، فإنَّ مَنْ فرح بالدنيا لا يفرح بالله سبحانه وبمناجاته، وهمَّة الرجل مع قرَّة عينه، فإنْ كانت قرَّة عينه في الدنيا انصرف لا محالة إليها همُّه، ولكن مع هذا فلا ينبغي أن يترك المجاهدة ورد القلب إلى الصلاة، وتقليل الأسباب الشاغلة، فهذا هو الدواء المر، ولمرارته استبشعته الطباع، وبقيت العلة مزمنة، وصار الداء عضالاً، حتى إنَّ الأكابر اجتهدوا أن يصلوا ركعتين لا يحدثوا أنفسهم فيها بأمور الدنيا، فعجزوا عن ذلك، فإذن لا مطمع فيه لأمثالنا، وليته سلم لنا من الصلاة شطرها أو ثلثها من الوسواس، لنكون ممن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، وعلى الجملة فهمَّةُ الدنيا وهمَّةُ الآخرة في القلب مثل الماء الذي يصب في قدح مملوء بخل، فبقدر ما ندخل فيه من الماء يخرج منه من الخل لا محالة ولا يجتمعان). - (إذا مالت قلوب العلماء إلى حبِّ الدنيا وإيثارها على الآخرة، فعند ذلك يسلبها الله تعالى ينابيع الحكمة، ويطفىء مصابيح الهدى من قلوبهم، فيخبرك عالمهم حين تلقاه أنه يخشى الله بلسانه، والفجور ظاهر في عمله، فما أخصبَ الألسن يومئذ، وما أجدبَ القلوب، فوالله الذي لا إله إلا هو ما ذلك إلا لأنَّ المعلمين علموا لغير الله تعالى، والمتعلمين تعلموا لغير الله تعالى). - (فساد الرعايا بفساد الملوك، وفساد الملوك بفساد العلماء، وفساد العلماء باستيلاء حب المال والجاه، ومن استولى عليه حب الدنيا لم يقدر على الحسبة على الأراذل، فكيف على الملوك والأكابر، والله المستعان على كل حال). - (الحمد لله الذي عرف أولياءه غوائل الدنيا وآفاتها، وكشف لهم عن عيوبها وعوراتها، حتى نظروا في شواهدها وآياتها، ووزنوا بحسناتها سيئاتها، فعلموا أنه يزيد منكرها على معروفها، ولا يفي مرجوها بمخوفها، ولا يسلم طلوعها من كسوفها، ولكنها في صورة امرأة مليحة تستميل الناس بجمالها، ولها أسرار سوء قبائح تهلك الراغبين في وصالها، ثم هي فرارة عن طلابها، شحيحة بإقبالها، وإذا أقبلت لم يؤمن شرها ووبالها، إن أحسنت ساعة أساءت سنة، وإن أساءت مرة جعلتها سنة، فدوائر إقبالها على التقارب دائرة، وتجارة بنيها خاسرة بائرة، وآفاتها على التوالي لصدور طلابها راشقة، ومجاري أحوالها بذل طالبيها ناطقة، فكل مغرور بها إلى الذل مصيره، وكل متكبر بها إلى التحسر مسيره، شأنها الهرب من طالبها، والطلب لهاربها، ومن خدمها فاتته، ومن أعرض عنها واتته، لا يخلو صفوها عن شوائب الكدورات، ولا ينفك سرورها عن المنغصات، سلامتها تعقب السقم، وشبابها يسوق إلى الهرم، ونعيمها لا يثمر إلا الحسرة والندم، فهي خداعة مكارة طيارة فرارة، لا تزال تتزين لطلابها، حتى إذا صاروا من أحبابها كشرت لهم عن أنيابها، وشوشت عليهم مناظم أسبابها، وكشفت لهم عن مكنون عجائبها، فأذاقتهم قواتل سمامها، ورشقتهم بصوائب سهامها، بينما أصحابها منها في سرور وإنعام، إذ ولت عنها كأنها أضغاث أحلام، ثم عكرت عليهم بدواهيها فطحنتهم طحن الحصيد، ووارتهم في أكفانهم تحت الصعيد، إن ملكت واحدا منهم جميع ما طلعت عليه الشمس جعلته حصيدا كأن لم يغن بالأمس، تمني أصحابها سرورا، وتعدهم غرورا، حتى يأملون كثيرا، ويبنون قصورا، فتصبح قصورهم قبورا، وجمعهم بُورا، وسعيهم هباءً منثورا، ودعاؤهم ثبورا، هذه صفتها وكان أمر الله قدراً مقدورا). بين الدنيا والآخرة: - (إنَّ الدنيا هي التي تضيق على المتزاحمين، أما الآخرة فلا ضيق فيها، وإنما مثال الآخرة نعمة العلم، فلا جرم مَنْ يحب معرفة الله تعالى ومعرفة صفاته وملائكته وأنبيائه وملكوت سمواته وأرضه، لم يحسد غيره إذا عرف ذلك أيضاً؛ لأنَّ المعرفة لا تضيق على العارفين، بل المعلوم الواحد يعلمه ألف ألف عالم ويفرح بمعرفته ويلتذ به، ولا تنقص لذة واحد بسبب غيره، بل يحصل بكثرة العارفين: زيادة الأنس، وثمرة الاستفادة والإفادة، فلذلك لا يكون بين علماء الدين محاسدة؛ لأنَّ مقصدهم معرفة الله تعالى، وهو بحر واسع لا ضيق فيه، وغرضهم المنزلة عند الله ولا ضيق أيضاً فيما عند الله تعالى؛ لأنَّ أجلَّ ما عند الله سبحانه من النعيم لذة لقائه، وليس فيها ممانعة ومزاحمة، ولا يضيق بعض الناظرين على بعض، بل يزيد الأنس بكثرتهم، نعم إذا قصد العلماء بالعلم: المال والجاه، تحاسدوا؛ لأنَّ المال أعيان وأجسام، إذا وقعت في يد واحد خلت عنها يد الآخر، ومعنى الجاه ملك القلوب، ومهما امتلأ قلب شخص بتعظيم عالم، انصرف عن تعظيم الآخر أو نقص عنه لا محالة، فيكون ذلك سبباً للمحاسدة، وإذا امتلأ قلب بالفرح بمعرفة الله تعالى، لم يمنع ذلك أن يمتلئ قلب غيره بها وأن يفرح بذلك). قيمة الوقت ونفاسته: - (إنَّ العاقل إذا ملك جوهرة نفيسة وضاعت منه بغير فائدة، بكى عليها لا محالة، وإن ضاعت منه وصار ضياعها سبب هلاكه، كان بكاؤه منها أشد، وكل ساعة من العمر بل كل نفس، جوهرة نفيسة لا خلف لها ولا بدل منها، فإنَّها صالحة لأن توصلك إلى سعادة الأبد، وتنقذك من شقاوة الأبد، وأي جواهر أنفس من هذا؟ فإذا ضيعتها في الغفلة فقد خسرت خسراناً مبيناً، وإن صرفتها إلى معصية فقد هلكت هلاكاً فاحشاً، فإن كنت لا تبكي على هذه المعصية فذلك لجهلك، ومصيبتك بجهلك أعظم من كلِّ مصيبة، لكن الجهل مصيبة لا يعرف المصاب بها أنَّه صاحب مصيبة فإنَّ نوم الغفلة يحول بينه وبين معرفته، والناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا، فعند ذلك ينكشف لكلِّ مفلس إفلاسه، ولكل مصاب مصيبته، وقد رفع الناس عن التدارك). القلب: - (وليس لكلِّ إنسانٍ قلب، ولو كان لما صحَّ قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} فجعل من لم يتذكر بالقرآن مفلساً من القلب، ولست أعني بالقلب هذا الذي تكتنفه عظام الصدر بل أعني به السر الذي هو من عالم الأمر واللحم الذي هو من عالم الخلق عرشه والصدر كرسيه وسائر الأعضاء عالمه ومملكته ولله الخلق والأمر جميعاً ولكن ذلك السر الذي قال الله تعالى فيه: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}، هو الأمير والملك لأنَّ بين عالم الأمر وعالم الخلق ترتيباً، وعالم الأمر أمير على عالم الخلق، وهو اللطيفة التي إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، من عرفها فقد عرف نفسه، ومن عرف نفسه فقد عرف ربَّه). - (وإنما الأهم الذي أهمله الكل علم صفات القلب وما يحمد منها وما يذم إذ لا ينفك بشر عن الصفات المذمومة مثل الحرص والحسد والرياء والكبر والعجب وأخواتها وجميع ذلك مهلكات، وإهمالها من الواجبات، مع أن الاشتغال بالأعمال الظاهرة يضاهي الاشتغال بطلاء ظاهر البدن عند التأذي بالجرب والدماميل والتهاون بإخراج المادة بالفصد والإسهال، وحشوية العلماء يشيرون بالأعمال الظاهرة كما يشير الطرقية من الأطباء بطلاء ظاهر البدن، وعلماء الآخرة لا يشيرون إلا بتطهير الباطن وقطع مواد الشر بإفساد منابتها وقلع مغارسها من القلب، وإنما فزع الأكثرون إلى الأعمال الظاهرة عن تطهير القلوب لسهولة أعمال الجوارح واستصعاب أعمال القلوب كما يفزع إلى طلاء الظاهر من يستصعب شرب الأدوية المرة فلا يزال يتعب في الطلاء ويزيد في المواد وتتضاعف به الأمراض، فإن كنت مريداً للآخرة وطالباً للنجاة، وهارباً من الهلاك الأبدي، فاشتغل بعلم العلل الباطنة وعلاجها، على ما فصلناه في ربع المهلكات، ثم ينجر بك ذلك إلى المقامات المحمودة المذكورة في ربع المنجيات لا محالة، فإنَّ القلب إذا فرغ من المذموم امتلأ بالمحمود، والأرض إذا نقيت من الحشيش نبت فيها أصناف الزرع والرياحين، وإن لم تفرغ من ذلك لم تنبت ذاك، فلا تشتغل بفروض الكفاية لا سيما وفي زمرة الخلق من قد قام بها، فإن مهلك نفسه فيما به صلاح غيره سفيه، فما أشدَّ حماقة من دخلت الأفاعي والعقارب تحت ثيابه وهمَّت بقتله، وهو يطلب مذبة يدفع بها الذباب عن غيره، ممن لا يغنيه ولا ينجيه مما يلاقيه من تلك الحيات والعقارب إذا همت به، وإن تفرغت من نفسك وتطهيرها وقدرت على ترك ظاهر الإثم وباطنه وصار ذلك ديدناً لك وعادة متيسرة فيك، وما أبعد ذلك منك فاشتغل بفروض الكفايات وراع التدريج فيها). - (أما المتعلم فآدابه ووظائفه الظاهرة كثيرة، ولكن تنظم تفاريقها عشر جمل الوظيفة الأولى تقديم طهارة النفس عن رذائل الأخلاق ومذموم الأوصاف إذ العلم عبادة القلب وصلاة السر وقربة الباطن إلى الله تعالى وكما لا تصح الصلاة التي هي وظيفة الجوارح الظاهرة إلا بتطهير الظاهر عن الأحداث والأخباث، فكذلك لا تصح عبادة الباطن وعمارة القلب بالعلم إلا بعد طهارته عن خبائث الأخلاق وأنجاس الأوصاف). من آداب طالب العلم: - (لا ينبغي لطالب العلم أن يتكبر على المعلم، ومن تكبره على المعلم أن يستنكف عن الاستفادة إلا من المرموقين المشهورين، وهو عين الحماقة، فإنَّ العلمَ سببُ النجاة والسعادة، ومن يطلب مهرباً من سبع ضار يفترسه، لم يفرِّق بين أنْ يرشده إلى الهرب مشهور أو خامل، وضراوة سباع النار بالجهل بالله تعالى أشد من ضراوة كلِّ سبع، فالحكمة ضالة المؤمن يغتنمها حيث يظفر بها، ويتقلد المنة لمن ساقها إليه كائناً من كان). كيد الشيطان: - (إذا لم يأمن من نبي من الأنبياء وهو في الجنة دار الأمن والسعادة من كيد الشيطان فكيف يجوز لغيره أن يأمن في دار الدنيا وهي منبع المحن والفتن ومعدن الملاذ والشهوات المنهي عنها). - (مَنْ كان لله تعالى كان الله عز وجل له، ومن اشتغل بالله عز وجل ألقى الله حبه في قلوب الناس وسخر له القلوب كما سخر قلب الأم لولدها فقد دبر الله تعالى الملك والملكوت تدبيراً كافياً لأهل الملك والملكوت، فمن شاهد هذا التدبير وثق بالمدبر واشتغل به وآمن ونظر إلى مدبر الأسباب لا إلى الأسباب). بين العلم والمال: - (الفرق بين العلم والمال أن المال لا يحل في يد ما لم يرتحل عن اليد الأخرى، والعلم في قلب العالم مستقر ويحل في قلب غيره بتعليمه من غير أن يرتحل من قلبه، والمال أجسام وأعيان ولها نهاية، فلو ملك الإنسان جميع ما في الأرض لم يبق بعده مال يتملكه غيره، والعلم لا نهاية له ولا يتصور استيعابه، فمن عود نفسه الفكر في جلال الله وعظمته وملكوت أرضه وسمائه، صار ذلك ألذ عنده من كلِّ نعيم، ولم يكن ممنوعاً منه ولا مزاحماً فيه، فلا يكون في قلبه حسد لأحد من الخلق؛ لأنَّ غيره أيضاً لو عرف مثل معرفته لم ينقص من لذته بل زادت لذته بمؤانسته، فتكون لذة هؤلاء في مطالعة عجائب الملكوت على الدوام أعظم من لذة من ينظر إلى أشجار الجنة وبساتينها بالعين الظاهرة، فإنَّ نعيم العارف وجنته: معرفته التي هي صفة ذاته يأمن زوالها، وهو أبداً يجني ثمارها، فهو بروحه وقلبه مغتذ بفاكهة علمه، وهي فاكهة غير مقطوعة ولا ممنوعة، بل قطوفها دانية، فهو وإن غمض العين الظاهرة، فروحه أبداً ترتع في جنة عالية، ورياض زاهرة، فإن فرض كثرة في العارفين لم يكونوا متحاسدين، بل كانوا كما قال فيهم رب العالمين:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}، فهذا حالهم وهم بعد في الدنيا، فماذا يظن بهم عند انكشاف الغطاء، ومشاهدة المحبوب في العقبى). السبيل إلى الجنة هو معرفة الله سبحانه: - (الجنة لا مضايقة فيها ولا مزاحمة، ولا تنال إلا بمعرفة الله تعالى التي لا مزاحمة فيها في الدنيا أيضاً، فأهل الجنة بالضرورة برآء من الحسد في الدنيا والآخرة جميعاً، بل الحسد من صفات المبعدين عن سعة عليين إلى مضيق سجين، ولذلك وسم به الشيطان اللعين، وذكر من صفاته أنه حسد آدم عليه السلام على ما خص به من الاجتباء، ولما دعي إلى السجود استكبر وأبى، وتمرد وعصى، فقد عرفت أنه لا حسد إلا للتوارد على مقصود يضيق عن الوفاء بالكل، ولهذا لا ترى الناس يتحاسدون على النظر إلى زينة السماء، ويتحاسدون على رؤية البساتين التي هي جزء يسير من جملة الأرض، وكل الأرض لا وزن لها بالإضافة إلى السماء، ولكن السماء لسعة الأقطار وافية بجميع الأبصار فلم يكن فيها تزاحم ولا تحاسد أصلاً، فعليك إن كنت بصيراً وعلى نفسك مشفقاً أن تطلب نعمة لا زحمة فيها ولذة لا كدر لها، ولا يوجد ذلك في الدنيا إلا في معرفة الله عز و جل، ومعرفة صفاته وأفعاله، وعجائب ملكوت السموات والأرض، ولا ينال ذلك في الآخرة إلا بهذه المعرفة أيضاً. فإن كنت لا تشتاق إلى معرفة الله تعالى ولم تجد لذتها، وفتر عنها رأيك وضعفت فيها رغبتك، فأنت في ذلك معذور؛ إذ العنين لا يشتاق إلى لذة الوقاع، والصبي لا يشتاق إلى لذة الملك، فإن هذه لذات يختص بإدراكها الرجال دون الصبيان والمخنثين، فكذلك لذة المعرفة يختص بإدراكها الرجال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، ولا يشتاق إلى هذه اللذة غيرهم؛ لأنَّ الشوق بعد الذوق، ومن لم يذق لم يعرف، ومن لم يعرف لم يشتق، ومن لم يشتق لم يطلب، ومن لم يطلب لم يدرك، ومن لم يدرك بقي مع المحرومين في أسفل السافلين، ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين). قلة العلماء الربَّانيين: - (فقد الطبيب هو الداء العضال، فإنَّ الأطباء هم العلماء وقد مرضوا فى هذه الأعصار مرضاً شديداً عجزوا عن علاجه، وصارت لهم سلوة فى عموم المرض حتى لا يظهر نقصانهم، فاضطروا إلى إغواء الخلق والإشارة عليهم بما يزيدهم مرضاً؛ لأنَّ الداء المهلك هو حبُّ الدنيا، وقد غلب هذا الداء على الأطباء فلم يقدروا على تحذير الخلق منه استنكافاً من أن يقال لهم فما بالكم تأمرون بالعلاج وتنسون أنفسكم، فبهذا السبب عمَّ على الخلق الداء، وعظم الوباء، وانقطع الدواء، وهلك الخلق لفقد الأطباء، بل اشتغل الأطباء بفنون الإغواء، فليتهم إذ لم ينصحوا لم يغشوا، وإذا لم يصلحوا لم يفسدوا، وليتهم سكتوا وما نطقوا، فإنهم إذا تكلموا لم يهمهم فى مواعظهم إلا ما يرغب العوام ويستميل قلوبهم، ولا يتوصلون إلى ذلك إلا بالإرجاء وتغليب أسباب الرجاء وذكر دلائل الرحمة؛ لأنَّ ذلك ألذ في الأسماع وأخف على الطباع، فتنصرف الخلق عن مجالس الوعظ وقد استفادوا مزيد جراءة على المعاصي، ومزيد ثقة بفضل الله، ومهما كان الطبيب جاهلاً أو خائباً أهلك بالدواء حيث يضعه فى غير موضعه، فالرجاء والخوف دواءان ولكن لشخصين متضادي العلة. أما الذي غلب عليه الخوف حتى هجر الدنيا بالكلية، وكلف نفسه ما لا تطيق، وضيق العيش على نفسه بالكلية، فتكسر سورة إسرافه فى الخوف بذكر أسباب الرجاء ليعود إلى الاعتدال، وكذلك المصر على الذنوب المشتهي للتوبة الممتنع عنها بحكم القنوط واليأس استعظاماً لذنوبه التي سبقت يعالج أيضاً بأسباب الرجاء حتى يطمع فى قبول التوبة فيتوب. فأما معالجة المغرور المسترسل في المعاصي بذكر أسباب الرجاء فيضاهي معالجة المحرور بالعسل طلباً للشفاء، وذلك من دأب الجهال والأغبياء، فإذن فساد الأطباء هي المعضلة الزباء التي لا تقبل الدواء أصلاً). |
روائع غزالية 2/ 3 حبُّ الدنيا: - (حبُّ الدنيا رأسُ كلِّ خطيئة، وأساسُ كلِّ نقصان، ومنبعُ كلِّ فساد، ومَن انطوى باطنه على حبِّ الدنيا حتى مال إلى شيء منها لا ليتزود منها ولا ليستعين بها على الآخرة، فلا يطمعن في أنْ تصفو له لذة المناجاة في الصلاة، فإنَّ مَنْ فرح بالدنيا لا يفرح بالله سبحانه وبمناجاته، وهمَّة الرجل مع قرَّة عينه، فإنْ كانت قرَّة عينه في الدنيا انصرف لا محالة إليها همُّه، ولكن مع هذا فلا ينبغي أن يترك المجاهدة ورد القلب إلى الصلاة، وتقليل الأسباب الشاغلة، فهذا هو الدواء المر، ولمرارته استبشعته الطباع، وبقيت العلة مزمنة، وصار الداء عضالاً، حتى إنَّ الأكابر اجتهدوا أن يصلوا ركعتين لا يحدثوا أنفسهم فيها بأمور الدنيا، فعجزوا عن ذلك، فإذن لا مطمع فيه لأمثالنا، وليته سلم لنا من الصلاة شطرها أو ثلثها من الوسواس، لنكون ممن خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً، وعلى الجملة فهمَّةُ الدنيا وهمَّةُ الآخرة في القلب مثل الماء الذي يصب في قدح مملوء بخل، فبقدر ما ندخل فيه من الماء يخرج منه من الخل لا محالة ولا يجتمعان). - (إذا مالت قلوب العلماء إلى حبِّ الدنيا وإيثارها على الآخرة، فعند ذلك يسلبها الله تعالى ينابيع الحكمة، ويطفىء مصابيح الهدى من قلوبهم، فيخبرك عالمهم حين تلقاه أنه يخشى الله بلسانه، والفجور ظاهر في عمله، فما أخصبَ الألسن يومئذ، وما أجدبَ القلوب، فوالله الذي لا إله إلا هو ما ذلك إلا لأنَّ المعلمين علموا لغير الله تعالى، والمتعلمين تعلموا لغير الله تعالى). - (فساد الرعايا بفساد الملوك، وفساد الملوك بفساد العلماء، وفساد العلماء باستيلاء حب المال والجاه، ومن استولى عليه حب الدنيا لم يقدر على الحسبة على الأراذل، فكيف على الملوك والأكابر، والله المستعان على كل حال). - (الحمد لله الذي عرف أولياءه غوائل الدنيا وآفاتها، وكشف لهم عن عيوبها وعوراتها، حتى نظروا في شواهدها وآياتها، ووزنوا بحسناتها سيئاتها، فعلموا أنه يزيد منكرها على معروفها، ولا يفي مرجوها بمخوفها، ولا يسلم طلوعها من كسوفها، ولكنها في صورة امرأة مليحة تستميل الناس بجمالها، ولها أسرار سوء قبائح تهلك الراغبين في وصالها، ثم هي فرارة عن طلابها، شحيحة بإقبالها، وإذا أقبلت لم يؤمن شرها ووبالها، إن أحسنت ساعة أساءت سنة، وإن أساءت مرة جعلتها سنة، فدوائر إقبالها على التقارب دائرة، وتجارة بنيها خاسرة بائرة، وآفاتها على التوالي لصدور طلابها راشقة، ومجاري أحوالها بذل طالبيها ناطقة، فكل مغرور بها إلى الذل مصيره، وكل متكبر بها إلى التحسر مسيره، شأنها الهرب من طالبها، والطلب لهاربها، ومن خدمها فاتته، ومن أعرض عنها واتته، لا يخلو صفوها عن شوائب الكدورات، ولا ينفك سرورها عن المنغصات، سلامتها تعقب السقم، وشبابها يسوق إلى الهرم، ونعيمها لا يثمر إلا الحسرة والندم، فهي خداعة مكارة طيارة فرارة، لا تزال تتزين لطلابها، حتى إذا صاروا من أحبابها كشرت لهم عن أنيابها، وشوشت عليهم مناظم أسبابها، وكشفت لهم عن مكنون عجائبها، فأذاقتهم قواتل سمامها، ورشقتهم بصوائب سهامها، بينما أصحابها منها في سرور وإنعام، إذ ولت عنها كأنها أضغاث أحلام، ثم عكرت عليهم بدواهيها فطحنتهم طحن الحصيد، ووارتهم في أكفانهم تحت الصعيد، إن ملكت واحدا منهم جميع ما طلعت عليه الشمس جعلته حصيدا كأن لم يغن بالأمس، تمني أصحابها سرورا، وتعدهم غرورا، حتى يأملون كثيرا، ويبنون قصورا، فتصبح قصورهم قبورا، وجمعهم بُورا، وسعيهم هباءً منثورا، ودعاؤهم ثبورا، هذه صفتها وكان أمر الله قدراً مقدورا). بين الدنيا والآخرة: - (إنَّ الدنيا هي التي تضيق على المتزاحمين، أما الآخرة فلا ضيق فيها، وإنما مثال الآخرة نعمة العلم، فلا جرم مَنْ يحب معرفة الله تعالى ومعرفة صفاته وملائكته وأنبيائه وملكوت سمواته وأرضه، لم يحسد غيره إذا عرف ذلك أيضاً؛ لأنَّ المعرفة لا تضيق على العارفين، بل المعلوم الواحد يعلمه ألف ألف عالم ويفرح بمعرفته ويلتذ به، ولا تنقص لذة واحد بسبب غيره، بل يحصل بكثرة العارفين: زيادة الأنس، وثمرة الاستفادة والإفادة، فلذلك لا يكون بين علماء الدين محاسدة؛ لأنَّ مقصدهم معرفة الله تعالى، وهو بحر واسع لا ضيق فيه، وغرضهم المنزلة عند الله ولا ضيق أيضاً فيما عند الله تعالى؛ لأنَّ أجلَّ ما عند الله سبحانه من النعيم لذة لقائه، وليس فيها ممانعة ومزاحمة، ولا يضيق بعض الناظرين على بعض، بل يزيد الأنس بكثرتهم، نعم إذا قصد العلماء بالعلم: المال والجاه، تحاسدوا؛ لأنَّ المال أعيان وأجسام، إذا وقعت في يد واحد خلت عنها يد الآخر، ومعنى الجاه ملك القلوب، ومهما امتلأ قلب شخص بتعظيم عالم، انصرف عن تعظيم الآخر أو نقص عنه لا محالة، فيكون ذلك سبباً للمحاسدة، وإذا امتلأ قلب بالفرح بمعرفة الله تعالى، لم يمنع ذلك أن يمتلئ قلب غيره بها وأن يفرح بذلك). قيمة الوقت ونفاسته: - (إنَّ العاقل إذا ملك جوهرة نفيسة وضاعت منه بغير فائدة، بكى عليها لا محالة، وإن ضاعت منه وصار ضياعها سبب هلاكه، كان بكاؤه منها أشد، وكل ساعة من العمر بل كل نفس، جوهرة نفيسة لا خلف لها ولا بدل منها، فإنَّها صالحة لأن توصلك إلى سعادة الأبد، وتنقذك من شقاوة الأبد، وأي جواهر أنفس من هذا؟ فإذا ضيعتها في الغفلة فقد خسرت خسراناً مبيناً، وإن صرفتها إلى معصية فقد هلكت هلاكاً فاحشاً، فإن كنت لا تبكي على هذه المعصية فذلك لجهلك، ومصيبتك بجهلك أعظم من كلِّ مصيبة، لكن الجهل مصيبة لا يعرف المصاب بها أنَّه صاحب مصيبة فإنَّ نوم الغفلة يحول بينه وبين معرفته، والناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا، فعند ذلك ينكشف لكلِّ مفلس إفلاسه، ولكل مصاب مصيبته، وقد رفع الناس عن التدارك). القلب: - (وليس لكلِّ إنسانٍ قلب، ولو كان لما صحَّ قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} فجعل من لم يتذكر بالقرآن مفلساً من القلب، ولست أعني بالقلب هذا الذي تكتنفه عظام الصدر بل أعني به السر الذي هو من عالم الأمر واللحم الذي هو من عالم الخلق عرشه والصدر كرسيه وسائر الأعضاء عالمه ومملكته ولله الخلق والأمر جميعاً ولكن ذلك السر الذي قال الله تعالى فيه: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}، هو الأمير والملك لأنَّ بين عالم الأمر وعالم الخلق ترتيباً، وعالم الأمر أمير على عالم الخلق، وهو اللطيفة التي إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، من عرفها فقد عرف نفسه، ومن عرف نفسه فقد عرف ربَّه). - (وإنما الأهم الذي أهمله الكل علم صفات القلب وما يحمد منها وما يذم إذ لا ينفك بشر عن الصفات المذمومة مثل الحرص والحسد والرياء والكبر والعجب وأخواتها وجميع ذلك مهلكات، وإهمالها من الواجبات، مع أن الاشتغال بالأعمال الظاهرة يضاهي الاشتغال بطلاء ظاهر البدن عند التأذي بالجرب والدماميل والتهاون بإخراج المادة بالفصد والإسهال، وحشوية العلماء يشيرون بالأعمال الظاهرة كما يشير الطرقية من الأطباء بطلاء ظاهر البدن، وعلماء الآخرة لا يشيرون إلا بتطهير الباطن وقطع مواد الشر بإفساد منابتها وقلع مغارسها من القلب، وإنما فزع الأكثرون إلى الأعمال الظاهرة عن تطهير القلوب لسهولة أعمال الجوارح واستصعاب أعمال القلوب كما يفزع إلى طلاء الظاهر من يستصعب شرب الأدوية المرة فلا يزال يتعب في الطلاء ويزيد في المواد وتتضاعف به الأمراض، فإن كنت مريداً للآخرة وطالباً للنجاة، وهارباً من الهلاك الأبدي، فاشتغل بعلم العلل الباطنة وعلاجها، على ما فصلناه في ربع المهلكات، ثم ينجر بك ذلك إلى المقامات المحمودة المذكورة في ربع المنجيات لا محالة، فإنَّ القلب إذا فرغ من المذموم امتلأ بالمحمود، والأرض إذا نقيت من الحشيش نبت فيها أصناف الزرع والرياحين، وإن لم تفرغ من ذلك لم تنبت ذاك، فلا تشتغل بفروض الكفاية لا سيما وفي زمرة الخلق من قد قام بها، فإن مهلك نفسه فيما به صلاح غيره سفيه، فما أشدَّ حماقة من دخلت الأفاعي والعقارب تحت ثيابه وهمَّت بقتله، وهو يطلب مذبة يدفع بها الذباب عن غيره، ممن لا يغنيه ولا ينجيه مما يلاقيه من تلك الحيات والعقارب إذا همت به، وإن تفرغت من نفسك وتطهيرها وقدرت على ترك ظاهر الإثم وباطنه وصار ذلك ديدناً لك وعادة متيسرة فيك، وما أبعد ذلك منك فاشتغل بفروض الكفايات وراع التدريج فيها). - (أما المتعلم فآدابه ووظائفه الظاهرة كثيرة، ولكن تنظم تفاريقها عشر جمل الوظيفة الأولى تقديم طهارة النفس عن رذائل الأخلاق ومذموم الأوصاف إذ العلم عبادة القلب وصلاة السر وقربة الباطن إلى الله تعالى وكما لا تصح الصلاة التي هي وظيفة الجوارح الظاهرة إلا بتطهير الظاهر عن الأحداث والأخباث، فكذلك لا تصح عبادة الباطن وعمارة القلب بالعلم إلا بعد طهارته عن خبائث الأخلاق وأنجاس الأوصاف). من آداب طالب العلم: - (لا ينبغي لطالب العلم أن يتكبر على المعلم، ومن تكبره على المعلم أن يستنكف عن الاستفادة إلا من المرموقين المشهورين، وهو عين الحماقة، فإنَّ العلمَ سببُ النجاة والسعادة، ومن يطلب مهرباً من سبع ضار يفترسه، لم يفرِّق بين أنْ يرشده إلى الهرب مشهور أو خامل، وضراوة سباع النار بالجهل بالله تعالى أشد من ضراوة كلِّ سبع، فالحكمة ضالة المؤمن يغتنمها حيث يظفر بها، ويتقلد المنة لمن ساقها إليه كائناً من كان). كيد الشيطان: - (إذا لم يأمن من نبي من الأنبياء وهو في الجنة دار الأمن والسعادة من كيد الشيطان فكيف يجوز لغيره أن يأمن في دار الدنيا وهي منبع المحن والفتن ومعدن الملاذ والشهوات المنهي عنها). - (مَنْ كان لله تعالى كان الله عز وجل له، ومن اشتغل بالله عز وجل ألقى الله حبه في قلوب الناس وسخر له القلوب كما سخر قلب الأم لولدها فقد دبر الله تعالى الملك والملكوت تدبيراً كافياً لأهل الملك والملكوت، فمن شاهد هذا التدبير وثق بالمدبر واشتغل به وآمن ونظر إلى مدبر الأسباب لا إلى الأسباب). بين العلم والمال: - (الفرق بين العلم والمال أن المال لا يحل في يد ما لم يرتحل عن اليد الأخرى، والعلم في قلب العالم مستقر ويحل في قلب غيره بتعليمه من غير أن يرتحل من قلبه، والمال أجسام وأعيان ولها نهاية، فلو ملك الإنسان جميع ما في الأرض لم يبق بعده مال يتملكه غيره، والعلم لا نهاية له ولا يتصور استيعابه، فمن عود نفسه الفكر في جلال الله وعظمته وملكوت أرضه وسمائه، صار ذلك ألذ عنده من كلِّ نعيم، ولم يكن ممنوعاً منه ولا مزاحماً فيه، فلا يكون في قلبه حسد لأحد من الخلق؛ لأنَّ غيره أيضاً لو عرف مثل معرفته لم ينقص من لذته بل زادت لذته بمؤانسته، فتكون لذة هؤلاء في مطالعة عجائب الملكوت على الدوام أعظم من لذة من ينظر إلى أشجار الجنة وبساتينها بالعين الظاهرة، فإنَّ نعيم العارف وجنته: معرفته التي هي صفة ذاته يأمن زوالها، وهو أبداً يجني ثمارها، فهو بروحه وقلبه مغتذ بفاكهة علمه، وهي فاكهة غير مقطوعة ولا ممنوعة، بل قطوفها دانية، فهو وإن غمض العين الظاهرة، فروحه أبداً ترتع في جنة عالية، ورياض زاهرة، فإن فرض كثرة في العارفين لم يكونوا متحاسدين، بل كانوا كما قال فيهم رب العالمين:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}، فهذا حالهم وهم بعد في الدنيا، فماذا يظن بهم عند انكشاف الغطاء، ومشاهدة المحبوب في العقبى). السبيل إلى الجنة هو معرفة الله سبحانه: - (الجنة لا مضايقة فيها ولا مزاحمة، ولا تنال إلا بمعرفة الله تعالى التي لا مزاحمة فيها في الدنيا أيضاً، فأهل الجنة بالضرورة برآء من الحسد في الدنيا والآخرة جميعاً، بل الحسد من صفات المبعدين عن سعة عليين إلى مضيق سجين، ولذلك وسم به الشيطان اللعين، وذكر من صفاته أنه حسد آدم عليه السلام على ما خص به من الاجتباء، ولما دعي إلى السجود استكبر وأبى، وتمرد وعصى، فقد عرفت أنه لا حسد إلا للتوارد على مقصود يضيق عن الوفاء بالكل، ولهذا لا ترى الناس يتحاسدون على النظر إلى زينة السماء، ويتحاسدون على رؤية البساتين التي هي جزء يسير من جملة الأرض، وكل الأرض لا وزن لها بالإضافة إلى السماء، ولكن السماء لسعة الأقطار وافية بجميع الأبصار فلم يكن فيها تزاحم ولا تحاسد أصلاً، فعليك إن كنت بصيراً وعلى نفسك مشفقاً أن تطلب نعمة لا زحمة فيها ولذة لا كدر لها، ولا يوجد ذلك في الدنيا إلا في معرفة الله عز و جل، ومعرفة صفاته وأفعاله، وعجائب ملكوت السموات والأرض، ولا ينال ذلك في الآخرة إلا بهذه المعرفة أيضاً. فإن كنت لا تشتاق إلى معرفة الله تعالى ولم تجد لذتها، وفتر عنها رأيك وضعفت فيها رغبتك، فأنت في ذلك معذور؛ إذ العنين لا يشتاق إلى لذة الوقاع، والصبي لا يشتاق إلى لذة الملك، فإن هذه لذات يختص بإدراكها الرجال دون الصبيان والمخنثين، فكذلك لذة المعرفة يختص بإدراكها الرجال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، ولا يشتاق إلى هذه اللذة غيرهم؛ لأنَّ الشوق بعد الذوق، ومن لم يذق لم يعرف، ومن لم يعرف لم يشتق، ومن لم يشتق لم يطلب، ومن لم يطلب لم يدرك، ومن لم يدرك بقي مع المحرومين في أسفل السافلين، ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين). قلة العلماء الربَّانيين: - (فقد الطبيب هو الداء العضال، فإنَّ الأطباء هم العلماء وقد مرضوا فى هذه الأعصار مرضاً شديداً عجزوا عن علاجه، وصارت لهم سلوة فى عموم المرض حتى لا يظهر نقصانهم، فاضطروا إلى إغواء الخلق والإشارة عليهم بما يزيدهم مرضاً؛ لأنَّ الداء المهلك هو حبُّ الدنيا، وقد غلب هذا الداء على الأطباء فلم يقدروا على تحذير الخلق منه استنكافاً من أن يقال لهم فما بالكم تأمرون بالعلاج وتنسون أنفسكم، فبهذا السبب عمَّ على الخلق الداء، وعظم الوباء، وانقطع الدواء، وهلك الخلق لفقد الأطباء، بل اشتغل الأطباء بفنون الإغواء، فليتهم إذ لم ينصحوا لم يغشوا، وإذا لم يصلحوا لم يفسدوا، وليتهم سكتوا وما نطقوا، فإنهم إذا تكلموا لم يهمهم فى مواعظهم إلا ما يرغب العوام ويستميل قلوبهم، ولا يتوصلون إلى ذلك إلا بالإرجاء وتغليب أسباب الرجاء وذكر دلائل الرحمة؛ لأنَّ ذلك ألذ في الأسماع وأخف على الطباع، فتنصرف الخلق عن مجالس الوعظ وقد استفادوا مزيد جراءة على المعاصي، ومزيد ثقة بفضل الله، ومهما كان الطبيب جاهلاً أو خائباً أهلك بالدواء حيث يضعه فى غير موضعه، فالرجاء والخوف دواءان ولكن لشخصين متضادي العلة. أما الذي غلب عليه الخوف حتى هجر الدنيا بالكلية، وكلف نفسه ما لا تطيق، وضيق العيش على نفسه بالكلية، فتكسر سورة إسرافه فى الخوف بذكر أسباب الرجاء ليعود إلى الاعتدال، وكذلك المصر على الذنوب المشتهي للتوبة الممتنع عنها بحكم القنوط واليأس استعظاماً لذنوبه التي سبقت يعالج أيضاً بأسباب الرجاء حتى يطمع فى قبول التوبة فيتوب. فأما معالجة المغرور المسترسل في المعاصي بذكر أسباب الرجاء فيضاهي معالجة المحرور بالعسل طلباً للشفاء، وذلك من دأب الجهال والأغبياء، فإذن فساد الأطباء هي المعضلة الزباء التي لا تقبل الدواء أصلاً). |
تااااااابع
الحذر من الجدل المذموم: - (أما الخلافيات التي أحدثت في هذه الأعصار المتأخرة، وأبدع فيها من التحريرات والتصنيفات والمجادلات، ما لم يعهد مثلها في السلف، فإياك وأن تحوم حولها، واجتنبها اجتناب السم القاتل، فإنها الداء العضال، وهو الذي رد الفقهاء كلهم إلى طلب المنافسة والمباهاة، وهذا الكلام ربما يسمع من قائله فيقال: (الناس أعداء ما جهلوا)، فلا تظن ذلك، فعلى الخبير سقطت، فاقبل هذه النصيحة ممن ضيَّع العمر فيه زماناً، وزاد فيه على الأولين تصنيفاً وتحقيقاً وجدلاً وبياناً، ثم ألهمه الله رشده وأطلعه على عيبه، فهجره واشتغل بنفسه، فلا يغرنك قول مَنْ يقول: (الفتوى عماد الشرع، ولا يعرف علله إلا بعلم الخلاف)، فإنَّ علل المذهب مذكورة في المذهب، والزيادة عليها مجادلات لم يعرفها الأولون ولا الصحابة، وكانوا أعلم بعلل الفتاوى من غيرهم، بل هي مع أنها غير مفيدة في علم المذهب ضارة مفسدة لذوق الفقه، فإنَّ الذي يشهد له حدس المفتي إذا صح ذوقه في الفقه، لا يمكن تمشيته على شروط الجدل في أكثر الأمر، فمن ألف طبعه رسوم الجدل أذعن ذهنه لمقتضيات الجدل، وجبن عن الإذعان لذوق الفقه. وإنما يشتغل به من يشتغل لطلب الصيت والجاه، ويتعلل بأنه يطلب عِلَل المذهب، وقد ينقضي عليه العمر ولا تنصرف همته إلى علم المذهب، فكن من شياطين الجن في أمان، واحترز من شياطين الإنس، فإنهم أراحوا شياطين الجن من التعب في الإغواء والإضلال، وبالجملة فالمرضي عند العقلاء أن تقدر نفسك في العالم وحدك مع الله، وبين يديك الموت والعرض والحساب، والجنة والنار، وتأمل فيما يعنيك مما بين يديك، ودع عنك ما سواه والسَّلام). المال والجاه: (إنَّ الجاه والمال هما ركنا الدنيا، ومعنى المال: ملك الأعيان المنتفع بها، ومعنى الجاه: ملك القلوب المطلوب تعظيمها وطاعتها، وكما أنَّ الغني هو الذي يملك الدراهم والدنانير، أي يقدر عليهما ليتوصل بهما إلى الأغراض والمقاصد وقضاء الشهوات وسائر حظوظ النفس، فكذلك ذو الجاه هو الذي يملك قلوب الناس، أي يقدر على أن يتصرف فيها ليستعمل بواسطتها أربابها في أغراضه ومآربه. وكما أنه يكتسب الأموال بأنواع من الحرف والصناعات، فكذلك يكتسب قلوب الخلق بأنواع من المعاملات، ولا تصير القلوب مسخرة إلا بالمعارف والاعتقادات، فكل من اعتقد القلب فيه وصفا من أوصاف الكمال انقاد له وتسخر له بحسب قوة اعتقاد القلب، وبحسب درجة ذلك الكمال عنده، وليس يشترط أن يكون الوصف كمالاً في نفسه، بل يكفي أن يكون كمالاً عنده وفي اعتقاده، وقد يعتقد ما ليس كمالاً كمالا، ويذعن قلبه للموصوف به انقياداً ضرورياً بحسب اعتقاده، فإن انقياد القلب حال للقلب. وأحوال القلوب تابعة لاعتقادات القلوب وعلومها وتخيلاتها، وكما أنَّ محبَّ المال يطلب ملك الأرقاء والعبيد، فطالب الجاه يطلب أن يسترق الأحرار ويستعبدهم ويملك رقابهم بملك قلوبهم، بل الرق الذي يطلبه صاحب الجاه أعظم؛ لأنَّ المالك يملك العبد قهراً والعبد متأب بطبعه ولو خلى ورأيه انسل عن الطاعة، وصاحب الجاه يطلب الطاعة طوعاً ويبغي أن تكون له الأحرار عبيداً بالطبع والطوع، مع الفرح بالعبودية والطاعة له، فما يطلبه فوق ما يطلبه مالك الرق بكثير. فإذن معنى الجاه قيام المنزلة في قلوب الناس، أي اعتقاد القلوب لنعت من نعوت الكمال فيه، فبقدر ما يعتقدون من كماله تذعن له قلوبهم، وبقدر إذعان القلوب تكون قدرته على القلوب، وبقدر قدرته على القلوب يكون فرحه وحبه للجاه. فهذا هو معنى الجاه وحقيقتة وله ثمرات كالمدح والإطراء، فإنَّ المعتقد للكمال لا يسكت عن ذكر ما يعتقده فيثني عليه، وكالخدمة والإعانة فإنَّه لا يبخل ببذل نفسه في طاعته بقدر اعتقاده، فيكون سخرة له مثل العبد في أغراضه، وكالإيثار وترك المنازعة، والتعظيم والتوقير بالمفاتحة بالسلام، وتسليم الصدر في المحافل، والتقديم في جميع المقاصد، فهذه آثار تصدر عن قيام الجاه في القلب، ومعنى قيام الجاه في القلب اشتمال القلوب على اعتقاد صفات الكمال في الشخص إما بعلم أو عبادة أو حسن خلق أو نسب أو ولاية أو جمال في صورة، أو قوة في بدن أو شيء مما يعتقده الناس كمالاً، فإنَّ هذه الأوصاف كلها تعظم محله في القلوب فتكون سبباً لقيام الجاه). علاج حب الجاه: - (إنَّ مَنْ غلب على قلبه حب الجاه صار مقصور الهم على مراعاة الخلق مشغوفاً بالتودد إليهم والمراءات لأجلهم ولا يزال في أقواله وأفعاله ملتفتاً إلى ما يعظم منزلته عندهم، وذلك بذر النفاق وأصل الفساد، ويجر ذلك لا محالة إلى التساهل في العبادات والمراءاة بها، وإلى اقتحام المحظورات للتوصل إلى اقتناص القلوب، إذ النفاق هو مخالفة الظاهر للباطن بالقول أو الفعل، وكل من طلب المنزلة في قلوب الناس فيضطر إلى النفاق معهم وإلى التظاهر بخصال حميدة هو خال عنها وذلك هو عين النفاق، فحب الجاه إذا من المهلكات فيجب علاجه وإزالته عن القلب فإن طبع جبل عليه القلب كما جبل على حب المال). - (علاج الجاه أن يعلم السبب الذي لأجله أحب الجاه، وهو كمال القدرة على أشخاص الناس وعلى قلوبهم، وذلك إن صفا وسلم فآخره الموت، فليس هو من الباقيات الصالحات، بل لو سجد لك كل من على بسيط الأرض من المشرق إلى المغرب فإلى خمسين سنة لا يبقى الساجد ولا المسجود له، ويكون حالك كحال من مات قبلك من ذوي الجاه مع المتواضعين له، فهذا لا ينبغي أن يترك به الدين الذي هو الحياة الأبدية التي لا انقطاع لها، ومن فهم الكمال الحقيقي والكمال الوهمي كما سبق صغر الجاه في عينه، إلا أن ذلك إنما يصغر في عين من ينظر إلى الآخرة كأنه يشاهدها ويستحقر العاجلة، ويكون الموت كالحاصل عنده، ويكون حاله كحال الحسن البصري حين كتب إلى عمر بن عبد العزيز: (أما بعد فكأنك بآخر من كتب عليه الموت قد مات)، فانظر كيف مد نظره نحو المستقبل وقدره كائناً، وكذلك حال عمر بن عبد العزيز حين كتب في جوابه: (أما بعد فكأنك بالدنيا لم تكن وكأنك بالآخرة لم تزل)، فهؤلاء كان التفاتهم إلى العاقبة فكان عملهم لها بالتقوى؛ إذ علموا أن العاقبة للمتقين فاستحقروا الجاه والمال في الدنيا. وأبصار أكثر الخلق ضعيفة مقصورة على العاجلة التي لا يمتد نورها إلى مشاهدة العواقب، ولذلك قال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا. وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} وقال عز وجل: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ. وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ}، فمن هذا حده فينبغي أن يعالج قلبه من حبِّ الجاه بالعلم بالآفات العاجلة، وهو أن يتفكر في الأخطار التي يستهدف لها أرباب الجاه في الدنيا، فإنَّ كل ذي جاه محسود ومقصود بالإيذاء وخائف على الدوام على جاهه ومحترز من أن تتغير منزلته في القلوب والقلوب أشد تغيرا من القدر في غليانها وهي مترددة بين الإقبال والإعراض. فكلُّ ما يُبنى على قلوب الخلق يضاهي ما يُبنى على أمواج البحر، فإنه لا ثبات له، والاشتغال بمراعاة القلوب وحفظ الجاه ودفع كيد الحساد ومنع أذى الأعداء، كلُّ ذلك غموم عاجلة ومكدرة للذة الجاه، فلا يفي في الدنيا مرجوها بمخوفها، فضلاً عما يفوت في الآخرة، فبهذا ينبغي أن تعالج البصيرة الضعيفة، وأما من نفذت بصيرته وقوي إيمانه فلا يلتفت إلى الدنيا). - (مَنْ أحب الجاه والمنزلة فهو كمن أحب المال بل هو شر منه، فإنَّ فتنة الجاه أعظم، ولا يمكنه أن لا يحب المنزلة في قلوب الناس ما دام يطمع في الناس، فإذا أحرز قوته من كسبه أو من جهة أخرى وقطع طمعه عن الناس رأساً أصبح الناس كلهم عنده كالأرذال، فلا يبالي أكان له منزلة في قلوبهم أم لم يكن، كما لا يبالي بما في قلوب الذين هم منه في أقصى المشرق؛ لأنه لا يراهم ولا يطمع فيهم، ولا يقطع الطمع عن الناس إلا بالقناعة، فمن قنع استغنى عن الناس، وإذا استغنى لم يشتغل قلبه بالناس، ولم يكن لقيام منزلته في القلوب عنده وزن، ولا يتم ترك الجاه إلا بالقناعة وقطع الطمع). |
روائع غزالية 3/ 3 علاج الحسد: - (إنَّ الحسدَ من الأمراض العظيمة للقلوب، ولا تداوى أمراض القلوب إلا بالعلم والعمل. والعلم النافع لمرض الحسد هو: أن تعرف تحقيقاً أنَّ الحسدَ ضررٌ عليك في الدنيا والدين، وأنه لا ضررَ فيه على المحسود في الدنيا والدين، بل ينتفع به فيهما، ومهما عرفتَ هذا عن بصيرة، ولم تكن عدوَّ نفسِك وصديقَ عدوك، فارقتَ الحسدَ لا محالة. أما كونه ضرراً عليك في الدين، فهو أنك بالحسد سخطت قضاء الله تعالى، وكرهتَ نعمته التي قسمها بين عباده، وعدله الذي أقامه في ملكه بخفي حكمته، فاستنكرتَ ذلك واستبشعته، وهذه جنايةٌ على حدقة التوحيد، وقذى في عين الإيمان، وناهيك بهما جناية على الدين، وقد انضاف إلى ذلك أنك غششتَ رجلاً من المؤمنين وتركتَ نصيحته، وفارقتَ أولياء الله وأنبياءه في حبِّهم الخير لعباده تعالى، وشاركتَ إبليسَ وسائر الكفار في محبَّتهم للمؤمنين البلايا وزوال النعم، وهذه خبائث في القلب تأكل حسنات القلب كما تأكل النار الحطب، وتمحوها كما يمحو الليل والنهار. وأما كونه ضرراً عليك في الدنيا، فهو أنك تتألم بحسدك في الدنيا أو تتعذب به ولا تزال في كمد وغم؛ إذ أعداؤك لا يخليهم الله تعالى عن نِعَم يفيضها عليهم، فلا تزال تتعذب بكل نعمة تراها، وتتألم بكل بلية تنصرف عنهم، فتبقى مغموماً محروماً، متشعب القلب ضيق الصدر، قد نزل بك ما يشتهيه الأعداء لك، وتشتهيه لأعدائك، فقد كنت تريد المحنة لعدوك فتنجزت في الحال محنتك وغمك نقداً، ومع هذا فلا تزول النعمة عن المحسود بحسدك، ولو لم تكن تؤمن بالبعث والحساب لكان مقتضى الفطنة إن كنت عاقلاً أن تحذر من الحسد، لما فيه من ألم القلب ومساءته مع عدم النفع، فكيف وأنت عالم بما في الحسد من العذاب الشديد في الآخرة، فما أعجب من العاقل كيف يتعرض لسخط الله تعالى من غير نفع يناله بل مع ضرر يحتمله وألم يقاسيه، فيهلك دينه ودنياه من غير جدوى ولا فائدة. وأما أنه لا ضرر على المحسود في دينه ودنياه، فواضح لأنَّ النعمة لا تزول عنه بحسدك، بل ما قدره الله تعالى من إقبال ونعمة، فلا بد أن يدوم إلى أجل غير معلوم قدره الله سبحانه، فلا حيلة في دفعه، بل كل شيء عنده بمقدار، ولكلِّ أجلٍ كتاب). سبب الخشوع في الصلاة: - (إنَّ حضورَ القلب سببُه الهمة، فإنَّ قلبَك تابعٌ لهمتك، فلا يحضر إلا فيما يهمك، ومهما أهمك أمر حضر القلب فيه شاء أم أبى، فهو مجبول على ذلك ومسخر فيه، والقلب إذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطلاً، بل جائلاً فيما الهمة مصروفة إليه من أمور الدنيا، فلا حيلة ولا علاج لإحضار القلب إلا بصرف الهمة إلى الصلاة، والهمة لا تنصرف إليها ما لم يتبين أن الغرض المطلوب منوط بها، وذلك هو الإيمان والتصديق بأن الآخرة خير وأبقى، وأنَّ الصلاة وسيلة إليها، فإذا أضيف هذا إلى حقيقة العلم بحقارة الدنيا ومهماتها، حصل من مجموعها حضور القلب في الصلاة، وبمثل هذه العلة يحضر قلبك إذا حضرت بين يدي بعض الأكابر ممن لا يقدر على مضرتك ومنفعتك، فإذا كان لا يحضر عند المناجاة مع ملك الملوك الذي بيده الملك والملكوت والنفع والضر، فلا تظننَّ أنَّ له سبباً سوى ضعف الإيمان، فاجتهد الآن في تقوية الإيمان، وطريقه يستقصى في غير هذا الموضع وأما التفهم فسببه بعد حضور القلب إدمان الفكر وصرف الذهن إلى إدراك المعنى وعلاجه ما هو علاج إحضار القلب مع الإقبال على الفكر والتشمر لدفع الخواطر، وعلاج دفع الخواطر الشاغلة: قطع موادها، أعني النزوع عن تلك الأسباب التي تنجذب الخواطر إليها، وما لم تنقطع تلك المواد لا تنصرف عنها الخواطر، فمن أحب شيئا أكثر ذكره، فذكر المحبوب يهجم على القلب بضرورة، لذلك ترى أن من أحب غير الله لا تصفو له صلاة عن الخواطر، وأما التعظيم فهي حالة للقلب تتولد من معرفتين، إحداهما: معرفة جلال الله عزَّ وجلَّ وعظمته، وهو من أصول الإيمان، فإنَّ مَنْ لا يعتقد عظمته لا تذعن النفس لتعظيمه. الثانية: معرفة حقارة النفس وخستها، وكونها عبداً مسخراً مربوباً، حتى يتولد من المعرفتين: الاستكانة والانكسار، والخشوع لله سبحانه، فيعبر عنه بالتعظيم، وما لم تمتزج معرفة حقارة النفس بمعرفة جلال الله لا تنتظم حالة التعظيم والخشوع، فإنَّ المستغني عن غيره، الآمن على نفسه، يجوز أن يعرف من غيره صفات العظمة ولا يكون الخشوع والتعظيم حاله؛ لأنَّ القرينة الأخرى وهي معرفة حقارة النفس وحاجتها لم تقترن إليه، وأما الهيبة والخوف فحالة للنفس تتولد من المعرفة بقدرة الله وسطوته، ونفوذ مشيئته فيه مع قلة المبالاة به، وأنه لو أهلك الأولين والآخرين لم ينقص من ملكه ذرة، هذا مع مطالعة ما يجري على الأنبياء والأولياء من المصائب وأنواع البلاء مع القدرة على الدفع على خلاف ما يشاهد من ملوك الأرض، وبالجملة كلما زاد العلم بالله زادت الخشية والهيبة، وأما الرجاء فسببه معرفة لطف الله عز و جل وكرمه وعميم إنعامه ولطائف صنعه ومعرفة صدقه في وعده الجنة بالصلاة، فإذا حصل اليقين بوعده والمعرفة بلطفه انبعث من مجموعهما الرجاء لا محالة، وأما الحياء فباستشعاره التقصير في العبادة وعلمه بالعجز عن القيام بعظيم حقِّ الله عزَّ وجلَّ، ويقوى ذلك بالمعرفة بعيوب النفس وآفاتها وقلة إخلاصها وخبث دخلتها، وميلها إلى الحظ العاجل في جميع أفعالها، مع العلم بعظيم ما يقتضيه جلال الله عزَّ وجلَّ، والعلم بأنه مطلع على السر وخطرات القلب وإن دقَّت وخفيت، وهذه المعارف إذا حصلت يقيناً انبعث منها بالضرورة حالة تسمى الحياء، فهذه أسباب هذه الصفات وكل ما طلب تحصيله فعلاجه إحضار سببه، ففي معرفة السبب معرفة العلاج، ورابطة جميع هذه الأسباب: الإيمان واليقين، أعني به هذه المعارف التي ذكرناها، ومعنى كونها يقيناً: انتفاء الشك واستيلاؤها على القلب، وبقدر اليقين يخشع القلب). من علامات محبة العبد لله تعالى: - (المحبة شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وثمارها تظهر في القلب واللسان والجوارح، وتدل تلك الآثار الفائضة منها على القلب والجوارح على المحبة دلالة الدخان على النار، ودلالة الثمار على الأشجار، وهى كثيرة فمنها: حب لقاء الحبيب بطريق الكشف والمشاهدة في دار السلام، فلا يتصور أن يحب القلب محبوباً إلا ويحب مشاهدته ولقاءه، وإذا علم أنه لا وصول إلا بالارتحال من الدنيا ومفارقتها بالموت، فينبغي أن يكون محباً للموت غير فار منه، فإنَّ المحب لا يثقل عليه السفر عن وطنه إلى مستقرِّ محبوبه ليتنعم بمشاهدته، والموت مفتاح اللقاء، وباب الدخول إلى المشاهدة). - (ومنها: أن يكون مؤثراً ما أحبه الله تعالى على ما يحبه في ظاهره وباطنه، فيلزم مشاق العمل، ويجتنب اتباع الهوى، ويعرض عن دعة الكسل، ولا يزال مواظباً على طاعة الله، ومتقرباً اليه بالنوافل، وطالباً عنده مزايا الدرجات، كما يطلب المحب مزيد القرب في قلب محبوبه، وقد وصف الله تعالى المحبين بالإيثار فقال: (يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) ومن بقى مستقرا على متابعة الهوى، فمحبوبه ما يهواه، بل يترك المحب هوى نفسه كما قيل: أريد وصاله ويريد هجري ... فأترك ما أريد لما يريد بل الحب اذا غلب قمع الهوى، فلم يبق له تنعم بغير المحبوب). - (ومنها: أن يكون مستهتراً ([1]) بذكر الله تعالى، لا يفتر عنه لسانه ولا يخلو عنه قلبه، فمن أحب شيئاً أكثر بالضرورة من ذكره وذكر ما يتعلق به فعلامة حب الله: حب ذكره وحب القرآن الذي هو كلامه وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحب كل مَنْ يُنسب إليه، فإنَّ مَنْ يحب إنساناً يحب كلب محلته، فالمحبة إذا قويت تعدَّت من المحبوب إلى كلِّ ما يكتنف بالمحبوب ويحيط به ويتعلق بأسبابه، وذلك ليس شركة في الحب، فإنَّ مَنْ أحب رسول المحبوب لأنه رسوله، وكلامه لأنه كلامه، فلم يجاوز حبه إلى غيره بل هو دليل على كمال حبِّه، ومَنْ غلب حبُّ الله على قلبه أحب جميع خلق الله لأنهم خلقه، فكيف لا يحب القرآن والرسول وعباد الله الصالحين). (ومنها: أن يكون أُنسه بالخلوة ومناجاته لله تعالى وتلاوة كتابه، فيواظب على التهجُّد ويغتنم هَدْءَ الليل وصفاء الوقت بانقطاع العوائق، وأقل درجات الحب: التلذذ بالخلوة بالحبيب، والتنعُّم بمناجاته، فمَنْ كان النوم والاشتغال بالحديث ألذ عنده وأطيب من مناجاة الله كيف تصح محبته؟). - (علامة المحبة كمال الأُنس بمناجاة المحبوب، وكمال التنعم بالخلوة به، وكمال الاستيحاش من كلِّ ما ينغص عليه الخلوة ويعوق عن لذة المناجاة، وعلامة الأنس مصير العقل والفهم كله مستغرقاً بلذة المناجاة، كالذي يخاطب معشوقه ويناجيه، وقد انتهت هذه اللذة ببعضهم حتى كان في صلاته ووقع الحريق في داره فلم يشعر به، وقطعت رجل بعضهم بسبب علة أصابته وهو في الصلاة فلم يشعر به، ومهما غلب عليه الحب والأنس صارت الخلوةُ والمناجاة قرَّةَ عينه، يدفع بها جميع الهموم، بل يستغرق الأُنس والحب قلبه حتى لا يفهم أمور الدنيا ما لم تكرر على سمعه مراراً، مثل العاشق الولهان فإنه يكلم الناس بلسانه وأنسه في الباطن بذكر حبيبه، فالمحبُّ مَنْ لا يطمئن إلا بمحبوبه). - (ومنها: أن يتنعَّم بالطاعة ولا يستثقلها، ويسقط عنه تعبها، كما قال بعضهم: كابدتُ الليل عشرين سنة، ثم تنعَّمتُ به عشرين سنة). - (ومنها: أن يكون في حبِّه خائفاً متضائلاً تحت الهيبة والتعظيم، وقد يظن أن الخوف يضاد الحب، وليس كذلك، بل إدراك العظمة يوجب الهيبة، كما أنَّ إدراك الجمال يوجب الحب، ولخصوص المحبين مخاوف في مقام المحبَّة ليست لغيرهم، وبعض مخاوفهم أشد من بعض، فأوَّلها: خوف الإعراض، وأشد منه: خوف الحجاب، وأشد منه: خوف الإبعاد). (ومنها: كتمانُ الحبِّ واجتناب الدعوى، والتوقي من إظهار الوَجْد والمحبَّة، تعظيماً للمحبوب وإجلالاً له، وهيبة منه، وغيرة على سرِّه، فإنَّ الحبَّ سرٌّ من أسرار الحبيب، ولأنه قد يدخل في الدعوى ما يتجاوز حد المعنى ويزيد عليه، فيكون ذلك من الافتراء، وتعظم العقوبة عليه في العقبى، وتتعجل عليه البلوى في الدنيا، نعم قد يكون للمحب سكرة في حبِّه حتى يدهش فيه وتضطرب أحواله، فيظهر عليه حبه، فإن وقع ذلك عن غير تمحُّل أو اكتساب فهو معذور؛ لأنه مقهور، وربما تشتعل من الحبِّ نيرانُه، فلا يُطاق سلطانُه، وقد يفيض القلب به فلا يندفع فيضانُه). الحُرِّيَّة: (الحرية هي الخلاص من أسر الشهوات وغموم الدنيا، والاستيلاء عليها بالقهر تشبُّهاً بالملائكة الذين لا تستفزهم الشهوة، ولا يستهويهم الغضب، فإنَّ دَفْعَ آثار الشهوة والغضب عن النفس من الكمال الذي هو من صفات الملائكة). (وإنما العبد الحق لله عزَّ وجلَّ من أعتق أولاً من غير الله تعالى فصار حُرَّاً مطلقاً فإذا تقدمت هذه الحرية صار القلب فارغاً فحلَّت فيه العبودية لله، فتشغله بالله وبمحبته، وتقيد باطنه وظاهره بطاعته، فلا يكون له مراد إلا الله تعالى، ثم تجاوز هذا إلى مقام آخر أسنى منه يسمى الحرية وهو أن يعتق أيضاً عن إرادته لله من حيث هو، بل يقنع بما يريد الله له من تقريب أو إبعاد، فتفنى إرادته في إرادة الله تعالى، وهذا عبد عتق عن غير الله فصار حُرَّاً ثم عاد وعتق عن نفسه فصار حُرَّاً، وصار مفقوداً لنفسه موجوداً لسيِّده ومولاه إن حركة تحرك وإن سكنه سكن وإن ابتلاه رضي لم يبق فيه متسع لطلب والتماس واعتراض بل هو بين يدي الله كالميت بين يدي الغاسل وهذا منتهى الصدق في العبودية لله تعالى، فالعبد الحق هو الذي وجوده لمولاه لا لنفسه وهذه درجة الصديقين، وأما الحرية عن غير الله فدرجات الصادقين، وبعدها تتحقق العبودية لله تعالى، وما قبل هذا فلا يستحق صاحبه أن يسمى صادقاً ولا صِدِّيقاً، فهذا هو معنى الصدق في القول). طول الأمل وقصره: - (وليس مَنْ أَمَله مقصور على شهر كمَنْ أَمَله شهر ويوم، بل بينهما تفاوت في الدرجة عند الله، فـ {إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}، و {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرَاً يَرَهُ}، ثم يظهر أثر قصر الأمل في المبادرة إلى العمل، وكل إنسان يدعي أنه قصير الأمل وهو كاذب، إنما يظهر ذلك بأعماله، فإنه يعتنى بأسباب ربما لا يحتاج إليها في سنة، فيدل ذلك على طول أمله، وإنما علامة التوفيق أن يكون الموت نصب العين، لا يغفل عنه ساعة، فليستعد للموت الذي يرد عليه في الوقت، فإن عاش إلى المساء شكر الله تعالى على طاعته، وفرح بأنه لم يضيع نهاره، بل استوفى منه حظه وادخره لنفسه، ثم يستأنف مثله إلى الصباح وهكذا إذا أصبح، ولا يتيسر هذا إلا لمن فرغ القلب عن الغد وما يكون فيه، فمثل هذا إذا مات سعد وغنم، وإن عاش سُرَّ بحسن الاستعداد ولذة المناجاة، فالموت له سعادة، والحياة له مزيد، فليكن الموت على بالك يا مسكين، فإنَّ السير حاث بك وأنت غافل عن نفسك، ولعلك قد قاربت المنزل وقطعت المسافة، ولا تكون كذلك إلا بمبادرة العمل اغتناماً لكلِّ نفس أمهلت فيه). |
تااااااااابع
السبب في طول الأمل: إنَّ طولَ الأمل له سببان: أحدهما: الجهل، والآخر: حبُّ الدنيا؛ أمَّا حبُّ الدنيا فهو أنه إذا أنس بها وبشهواتها ولذاتها وعلائقها ثقل على قلبه مفارقتها، فامتنع قلبه من الفكر في الموت الذي هو سبب مفارقتها، وكلُّ مَنْ كره شيئاً دفعه عن نفسه، والإنسان مشغوف بالأماني الباطلة فيمني نفسه أبداً بما يوافق مراده، وإنما يوافق مراده البقاء في الدنيا، فلا يزال يتوهمه ويقدره في نفسه، ويقدر توابع البقاء وما يحتاج إليه من مال وأهل ودار وأصدقاء ودواب وسائر أسباب الدنيا، فيصير قلبه عاكفاً على هذا الفكر موقوفاً عليه، فيلهو عن ذكر الموت فلا يقدر قربه، فإن خطر له في بعض الأحوال أمر الموت والحاجة إلى الاستعداد له سوَّف ووعد نفسه وقال الأيام بين يديك إلى أن تكبر ثم تتوب، وإذا كبر فيقول إلى أن تصير شيخاً، فإذا صار شيخاً قال إلى أن تفرغ من بناء هذه الدار وعمارة هذه الضيعة أو ترجع من هذه السفرة أو تفرغ من تدبير هذا الولد وجهازه وتدبير مسكن له، أو تفرغ من قهر هذا العدو الذي يشمت بك، فلا يزال يسوف ويؤخر ولا يخوض في شغل إلا ويتعلق بإتمام ذلك الشغل عشرة أشغال أخر وهكذا على التدريج يؤخر يوما بعد يوم ويفضى به شغل إلى شغل بل إلى أشغال إلى أن تختطفه المنية في وقت لا يحتسبه فتطول عند ذلك حسرته، وأكثر أهل النار وصياحهم من سوف يقولون واحزناه من سوف، والمسوف المسكين لا يدرى أن الذي يدعوه إلى التسويف اليوم هو معه غداً، وإنما يزداد بطول المدة قوة ورسوخاً ويظن أنه يتصور أن يكون للخائض في الدنيا والحافظ لها فراغ قط، وهيهات فما يفرغ منها إلا مَنِ اطَّرَحَها. فَمَا قَضَى أَحَدٌ مِنْهَا لُبَانَتَهُ ... وَمَا انْتَهَى أَرَبٌ إِلا إِلَى أَرَبِ وأصلُ هذه الأماني كلها: حبُّ الدنيا والأُنْس بها). الأخلاق الحسنة: (الخلق الحسن صفة سيد المرسلين، وأفضل أعمال الصديقين، وهو على التحقيق شطر الدين، وثمرة مجاهدة المتقين، ورياضة المتعبدين، والأخلاق السيئة هي السموم القاتلة، والمهلكات الدامغة، والمخازي الفاضحة، والرذائل الواضحة، والخبائث المبعدة عن جوار رب العالمين، المنخرطة بصاحبها في سلك الشياطين، وهي الأبواب المفتوحة إلى نار الله تعالى الموقدة التي تطلع على الأفئدة، كما أنَّ الأخلاق الجميلة هي الأبواب المفتوحة من القلب إلى نعيم الجنان وجوار الرحمن، والأخلاق الخبيثة أمراض القلوب وأسقام النفوس، إلا أنه مرض يفوت حياة الأبد، وأين منه المرض الذي لا يفوت إلا حياة الجسد، ومهما اشتدت عناية الأطباء بضبط قوانين العلاج للأبدان وليس في مرضها إلا فوت الحياة الفانية، فالعناية بضبط قوانين العلاج لأمراض القلوب وفي مرضها فوت حياة باقية أولى، وهذا النوع من الطب واجب تعلمه على كل ذي لب إذ لا يخلو قلب من القلوب عن أسقام لو أهملت تراكمت وترادفت العلل وتظاهرت، فيحتاج العبد إلى تأنق في معرفة علمها وأسبابها، ثم إلى تشمير في علاجها وإصلاحها، فمعالجتها هو المراد بقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}، وإهمالها هو المراد بقوله: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}). أمهات الأخلاق وأصولها: (أمهات الأخلاق وأصولها: أربعة، الحكمة والشجاعة والعفة والعدل، ونعني بالحكمة: حالة للنفس بها يدرك الصواب من الخطأ في جميع الأفعال الاختيارية. ونعني بالعدل: حالة للنفس وقوة بها تسوس الغضب والشهوة، وتحملهما على مقتضى الحكمة، وتضبطهما في الاسترسال والانقباض على حسب مقتضاها. ونعني بالشجاعة: كون قوة الغضب منقادة للعقل في إقدامها وإحجامها. ونعني بالعفة: تأدب قوة الشهوة بتأديب العقل والشرع. فمن اعتدال هذه الأصول الأربعة تصدر الأخلاق الجميلة كلها؛ إذ من اعتدال قوة العقل يحصل حسن التدبير، وجودة الذهن وثقابة الرأي، وإصابة الظن، والتفطن لدقائق الأعمال، وخفايا آفات النفوس، ومن إفراطها تصدر الجربزة والمكر والخداع والدهاء. ومن تفريطها يصدر البله والغمارة، والحمق والجنون، وأعني بالغمارة قلة التجربة في الأمور مع سلامة التخيل، فقد يكون الإنسان غمراً في شيء دون شيء، والفرق بين الحمق والجنون: أن الأحمق مقصوده صحيح، ولكن سلوكه الطريق فاسد، فلا تكون له روية صحيحة في سلوك الطريق الموصل إلى الغرض، وأما المجنون فإنه يختار ما لا ينبغي أن يختار، فيكون أصل اختياره وإيثاره فاسداً. وأما خلق الشجاعة فيصدر منه الكرم والنجدة والشهامة، وكسر النفس والاحتمال والحلم، والثبات وكظم الغيظ، والوقار والتودد، وأمثالها وهي أخلاق محمودة. وأما إفراطها وهو التهور، فيصدر منه الصلف والبذخ، والاستشاطة والتكبر والعجب، وأما تفريطها فيصدر منه المهانة والذلة، والجزع والخساسة وصغر النفس، والانقباض عن تناول الحق الواجب. وأما خلق العفة فيصدر منه السخاء والحياء، والصبر والمسامحة، والقناعة والورع، واللطافة والمساعدة والظرف وقلة الطمع، وأما ميلها إلى الإفراط أو التفريط فيحصل منه الحرص والشره، والوقاحة والخبث، والتبذير والتقتير والرياء والهتكة والمجانة، والعبث والملق والحسد والشماتة، والتذلل للأغنياء واستحقار الفقراء وغير ذلك. فأمهات محاسن الأخلاق هذه الفضائل الأربعة وهي الحكمة والشجاعة والعفة والعدل والباقي فروعها، ولم يبلغ كمال الاعتدال في هذه الأربع إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس بعده متفاوتون في القرب والبعد منه، فكلُّ من قرب منه في هذه الأخلاق فهو قريب من الله تعالى بقدر قربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم). طبيعة النفس: (إذا كانت النفس بالعادة تستلذ الباطل وتميل إليه وإلى المقابح، فكيف لا تستلذ الحق لو ردت إليه مدة والتزمت المواظبة عليه، بل ميل النفس إلى هذه الأمور الشنيعة خارج عن الطبع، يضاهي الميل إلى أكل الطين، فقد يغلب على بعض الناس ذلك بالعادة، فأما ميله إلى الحكمة وحب الله تعالى ومعرفته وعبادته، فهو كالميل إلى الطعام والشراب، فإنه مقتضى طبع القلب، فإنه أمر رباني، وميله إلى مقتضيات الشهوة غريب من ذاته وعارض على طبعه. وإنما غذاء القلب: الحكمة والمعرفة وحب الله عز وجل، ولكن انصرف عن مقتضى طبعه لمرض قد حل به، كما قد يحل المرض بالمعدة فلا تشتهي الطعام والشراب، وهما سببان لحياتها، فكل قلب مال إلى حب شيء سوى الله تعالى فلا ينفك عن مرض بقدر ميله، إلا إذا كان أحب ذلك الشيء لكونه معيناً له على حبِّ الله تعالى وعلى دينه، فعند ذلك لا يدل ذلك على المرض). غاية العبادات: (إن غاية العبادات وثمرة المعاملات أن يموت الإنسان محباً لله عارفاً بالله، ولا محبة إلا بالأنس الحاصل بدوام الذكر، ولا معرفة إلا بدوام الفكر، وفراغ القلب شرط في كل واحد منهما، ولا فراغ مع المخالطة). (المقصود من العلوم والأعمال كلها: معرفة الله تعالى، حتى تثمر المعرفة المحبة، فإنَّ المصيرَ إليه، والقدوم بالموت عليه، ومَنْ قدم على محبوبه عظم سروره بقدر محبَّته، ومَنْ فارق محبوبه اشتدت محنته وعذابه. فمهما كان القلب الغالب عليه عند الموت: حب الأهل والولد، والمال والمسكن والعقار، والرفقاء والأصحاب، فهذا رجلٌ محابُّه كلُّها في الدنيا، فالدنيا جنته إذ الجنة عبارة عن البقعة الجامعة لجميع المحاب، فموتُهُ خروجٌ من الجنة وحيلولة بينه وبين ما يشتهيه، ولا يخفى حال من يحال بينه وبين ما يشتهيه. فإذا لم يكن له محبوب سوى الله تعالى، وسوى ذكره ومعرفته والفكر فيه، والدنيا وعلائقها شاغلة له عن المحبوب، فالدنيا إذن سجنه؛ لأنَّ السجنَ عبارةٌ عن البقعة المانعة للمحبوس عن الاسترواح إلى محابِّه، فموته قوم على محبوبه وخلاص من السجن، ولا يخفى حال من أفلت من السجن وخلى بينه وبين محبوبه بلا مانع ولا مكدر، فهذا أول ما يلقاه كلُّ مَنْ فارق الدنيا عقيب موته من الثواب والعقاب، فضلاً عما أعده الله لعباده الصالحين مما لم تره عين ولا تسمعه أذن ولا خطر على قلب بشر، وفضلاً عما أعده الله تعالى للذين استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة ورضوا بها واطمأنوا إليها، من الأنكال والسلاسل والأغلال، وضروب الخزى والنكال، فنسأل الله تعالى أن يتوفانا مسلمين، ويلحقنا بالصالحين). رحمك الله أيُّها الإمام، فقد أيقظتنا بعد غفلة، وذكرتنا بعد نسيان، وجدَّدت فينا من معاني العلم والإيمان، جمعنا الله جميعاً في أعلى الجنان. لقد رحلت من هذه الدار وكأنك لا تزال فيها تعظنا وتعلمنا، تحيي فينا ذكر الآخرة ونعيمها، وتميت فينا الحرص على الدنيا وزينتها، تذكرنا بحقيقة الدنيا وقرب فنائها، وترغبنا بثواب الآخرة ودوام نعيمها، {وَمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا إلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}. لقد علمتنا بفعلك قبل قولك كيف يكون الزهد في الدنيا، عندما تركت التدريس في المدرسة النظامية بعد أن كانت شهرتك ومنزلتك قد طبقت الآفاق، فاعتزلت الناس حتى استقامت نفسك وطهر قلبك من حب الجاه والرفعة والمنزلة بين الناس، وامتلأ قلبك من حبِّ الله والرغبة في ثوابه وإخلاص العمل له سبحانه، فعدت إلى التدريس بعد أن تخلَّيتَ من الصفات المذمومة وتحلَّيتَ بأحسن الصفات، أدخلنا الله جميعاً في رحمته. وصلَّى اللهُ على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً، والحمدُ للهِ ربِّ العَالمينَ. ------------------------------- ([1]) ـ يقال: اسْتُهْتِرَ بأَمر كذا وكذا، أَي: أُولِعَ به لا يتحدّثُ بغيره ولا يفعلُ غيرَه. لسان العرب (هتر). |
يعطيج العافيه قلب الزهور ع الطرح القيم
مجهود مميز عساج ع القوه ننتظر جديدج القادم |
يعطيك ربي ألف عافيه
طرح رآئع وتواجد مميز ننتظر مزيد من العطاء ودي وتقديري |
اقتباس:
●●● هلااااااااااا وغلااااااااااا يسعدلي قلبك ويسلمووو ع الحضور الرآئع بصفحتي تقبلي شكري تقديري واحترامي مع تحيآتي : قلب الزهور .ببآي |
اقتباس:
●●● هلااااااااااا وغلااااااااااا يسعدلي قلبك ويسلمووو ع الحضور الرآئع بصفحتي تقبلي شكري تقديري واحترامي مع تحيآتي : قلب الزهور .ببآي |
الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله ودعائه المتكرر على مدى سنوات بصلاح قلبه يقول الشيخ/ محمد الفراج - محاضر سابق بكلية الشريعة بالرياض -: حدثني أخي وصفي ودي/ "أبو محمد يوسف بن زبن الله العطير" عطر الله سيرته في الآخرة كما عطرها في الدنيا: بأنه استأذن شيخ الجميع ذا المقام الرفيع الإمام/ "عبدالعزيز بن باز" رحمه الله في صحبته آخر عمرة اعتمرها الإمام قبل وفاته بعام سنة 1419 من الهجرة.. قال: فكنت له كظله وحرصت على مرافقته ومراقبته والإنصات له والإخفات، قال: فكان أكثر دعائه في المطاف وعلى الصفا والمروة (رب أصلح لي قلبي، رب احفظ علي سمعي وعقلي, رب زدني علما) فذكرت (أنا محدثكم) هذا لوالدنا وشيخنا الإمام العلم العلامة/ "عبد الرحمن البراك" فتهلل وجهه وتبلج وتطّلق وزاد بياضا على بياضه وضياء فوق ضيائه وقال: (الله أكبر! والله لقد صليت خلفه صلاة العصر في الخرج يوم كان قاضيا في الدلم فسمعته في آخر ركعة قبل السلام يدعو بهذا الدعاء: رب أصلح لي قلبي). قال أبو محمد: وسمعت واعظا يعدد مناقب الإمام بعد وفاته فذكر أنه: سُمع يدعو بصلاح قلبه عام 1365 من الهجرة. وعام 1388 من الهجرة بدار الحديث في المدينة. وعام 1406 من الهجرة في الجامع الكبير بالرياض بين خطبتي الجمعة. ومعنى هذا حرصه على هذ الدعاء من صغره إلى كبره وفي جميع مراحل عمره.. فأدركت سرّ حفظ الله له بسلامة قلبه وسلامة المسلمين من لسانه ويده وتوفيقه له إلى الاعتدال ولزوم الوسط وترك الشطط، رحمه الله وأسكنه فسيح الجنات ورفيع الدرجات. |
فوائد من الكتب - الجزء الأول هذه مجموعة فوائد جمعتها من الكتب وأرجوا من الله لي ولكم التوفيق والعلم النافع : ( فائدة ) : التوحيد وصية الأنبياء؛ لقوله تعالى: { ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : كل داع إلى ضلال ففيه شبه من اليهود، والنصارى؛ دعاة السفور الآن يقولون: اتركوا المرأة تتحرر؛ اتركوها تبتهج في الحياة؛ لا تقيدوها بالغطاءِ، وتركِ التبرج، ونحو ذلك؛ أعطوها الحرية؛ وهكذا كل داع إلى ضلالة سوف يطلي هذه الضلالة بما يغر البليد فهو شبيه باليهود، والنصارى. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : اليهود والنصارى لا يتبع بعضهم بعضاً؛ بل يضلل بعضهم بعضاً؛ فاليهود يرون النصارى ليسوا على شيء من الدين؛ والنصارى يرون اليهود ليسوا على شيء من الدين أيضاً؛ كل منهم يضلل الآخر فيما بينهم؛ كل واحد منهم يرى أن الآخر ليس على ملة صحيحة؛ ولهذا قال تعالى: {وما بعضهم بتابع قبلة بعض} [البقرة: 145] ؛ فقبلة اليهود إلى بيت المقدس ــــ إلى الصخرة؛ وقبلة النصارى إلى المشرق يتجهون نحو الشمس؛ لكنهم على الإسلام يد واحدة بعضهم لبعض وليّ، كما قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} [المائدة: 51] ؛ لأنهم كلهم أعداء للإسلام. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : الأصل في الإنسان الجهل؛ لقوله تعالى: { ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون }؛ وهو مما يدل على نقص الإنسان، حيث كان الأصل فيه الجهل؛ قال تعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً} [النحل: 78] ؛ ثم قال عزّ وجلّ: {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة} [النحل: 78] ؛ فبين طرق العلم: {السمع والبصر}؛ وبهما الإدراك؛ و {الأفئدة} ؛ وبها الوعي، والحفظ. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : معيته تعالى نوعان: النوع الأول: عامة لجميع الخلق، ومقتضاها الإحاطة بهم علماً، وقدرة، وسلطاناً، وسمعاً، وبصراً، وغير ذلك من معاني ربوبيته؛ لقوله تعالى: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا} [المجادلة: 7] . والنوع الثاني: خاصة؛ ومقتضاها مع الإحاطة: النصر، والتأييد؛ وهي نوعان: مقيدة بوصف ، كقوله تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} [النحل: 128] ؛ و مقيدة بشخص ، كقوله تعالى لموسى، وهارون: {إنني معكما أسمع وأرى} [طه: 46] ، وقوله عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} [التوبة: 40] . ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : مشروعية الطواف بين الصفا، والمروة؛ ويؤخذ ذلك من كونه من شعائر الله؛ وهل هو ركن، أو واجب، أو سنة؟ اختلف في ذلك أهل العلم على أقوال ثلاثة؛ فقال بعضهم: إنه ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به؛ وقال بعضهم: إنه واجب من واجبات الحج يجبر بدم، ويصح الحج بدونه؛ وقال آخرون: إنه سنة، وليس بواجب. والقول بأنه سنة ضعيف جداً؛ لأن قوله تعالى: { من شعائر الله } يدل على أنه أمر مهم؛ لأن الشعيرة ليست هي السنة فقط؛ الشعيرة هي طاعة عظيمة لها شأن كبير في الدين. بقي أن يكون متردداً بين الركن، والواجب؛ والأظهر أنه ركن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي»؛ وقالت عائشة: «والله! ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة». فالأقرب أنه ركن؛ وليس بواجب؛ وإن كان الموفق رحمه الله وهو من مشائخ مذهب الإمام أحمد اختار أنه واجب يجبر بدم. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : يجب على من قال قولاً باطلاً، ثم تبين له بطلانه أن يبينه للناس إلا إذا كان اختلاف اجتهاد فلا يلزمه أن يبين بطلان ما سبق؛ لأنه لا يدري أيّ الاجتهادين هو الصواب. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : توبة الكاتمين للعلم لا تكون إلا بالبيان، والإصلاح لقوله تعالى: { إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا }: ثلاثة شروط: الأول: التوبة؛ وهي الرجوع عما حصل من الكتمان. الثاني: الإصلاح لما فسد بكتمانهم؛ لأن كتمانهم الحق حصل به فساد. الثالث: بيان الحق غاية البيان. وبهذا تبدل سيئاتهم حسنات. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : الحذر مما يفعله بعض الناس الآن من التساهل في رمي الجمرات، حيث إنهم يوكلون من يرمي عنهم بدون عذر مخالفة لقوله تعالى: { وأتموا الحج والعمرة لله }؛ وعليه فلا يصح رمي الوكيل حينئذ؛ لقوله (صلى الله عليه وسلم): «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» أي مردود عليه؛ أما إذا كان لعذر كالمريض، والخائف على نفسه من شدة الزحام إذا لم يكن وقت آخر للرمي يخف فيه الزحام فلا بأس أن يستنيب من يرمي عنه؛ ولولا ورود ذلك عن الصحابة لقلنا: إن العاجز عن الرمي بنفسه يسقط عنه الرمي كسائر الواجبات، حيث تسقط بالعجز؛ ويدل لعدم التهاون بالتوكيل في الرمي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لسودة بنت زمعة أن توكل؛ بل أمرها أن تخرج من مزدلفة، وترمي قبل حطمة الناس؛ ولو كان التوكيل جائزاً لمشقة الزحام لكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبقيها معه حتى تدرك بقية ليلة المزدلفة، وتدرك صلاة الفجر فيها، وتدرك القيام للدعاء بعد الصلاة؛ ولا تُحْرَم من هذه الأفعال؛ فلما أذن لها في أن تدفع بليل عُلم بأن الاستنابة في الرمي في هذا الأمر لا يجوز؛ وكذلك لو كان جائزاً لأذن للرعاة أن يوكلوا، ولم يأذن لهم بأن يرموا يوماً، ويدعوا يوماً. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : { وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ المؤمنين } ، يعني : ليحضر عند إقامة الحد طائفة من المؤمنين . وفي حضور الطائفة ثلاث فوائد : أولها أنهم يعتبرون بذلك ، ويبلغ الشاهد الغائب والثانية أن الإمام إذا احتاج إلى الإعانة أعانوه ، والثالثة لكي يستحي المضروب ، فيكون زجراً له من العود إلى مثل ذلك الفعل؛ وقال الزهري : الطائفة ثلاثة فصاعداً ، وذكر عن أنس بن مالك أنه قال : أربعة فصاعداً ، لأن الشهادة على الزنى لا تكون أقل من أربعة؛ وقال بعضهم : اثنان فصاعداً؛ وقال بعضهم : الواحد فصاعداً؛ وهو قول أهل العراق؛ وهو استحباب وليس بواجب ، وروي عن ابن عباس أنه قال : رجلان ، وعن مجاهد قال : واحد فما فوقه طائفة؛ وروي عن ابن عباس مثله ( بحر العلوم للسمرقندي ) ( فائدة ) : { فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ } فيه فوائد : الفائدة الأولى : الآية تدل على أن صدور الفعل عن الفاعل بدون القصد والداعي محال . الفائدة الثانية : أن صيغة الأمر لا لمعنى الطلب في كتاب الله كثيرة ثم نقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال هذه الصيغة تهديد ووعيد وليست بتخيير . الفائدة الثالثة : أنها تدل على أنه تعالى لا ينتفع بإيمان المؤمنين ولا يستضر بكفر الكافرين ، بل نفع الإيمان يعود عليهم ، وضرر الكفر يعود عليهم ، كما قال تعالى : { إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } [ الإسراء : 7 ] ( تفسير الرازي) |
( فائدة ) : قوله : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى } سؤال ، والسؤال إنما يكون لطلب العلم وهو على الله تعالى محال فما الفائدة فيه . والجواب فيه فوائد : إحداها : أن من أراد أن يظهر من الشيء الحقير شيئاً شريفاً فإنه يأخذه ويعرضه على الحاضرين ويقول لهم : هذا ما هو؟ فيقولون هذا هو الشيء الفلاني ثم إنه بعد إظهار صفته الفائقة فيه يقول لهم خذا منه كذا وكذا . فالله تعالى لما أراد أن يظهر من العصا تلك الآيات الشريفة كانقلابها حية ، وكضربه البحر حتى انفلق ، وفي الحجر حتى انفجر منه الماء ، عرضه أولاً على موسى فكأنه قال له : يا موسى هل تعرف حقيقة هذا الذي بيدك وأنه خشبة لا تضر ولا تنفع ، ثم إنه قلبه ثعباناً عظيماً ، فيكون بهذا الطريق قد نبه العقول على كمال قدرته ونهاية عظمته من حيث إنه أظهر هذه الآيات العظيمة من أهون الأشياء عنده فهذا هو الفائدة من قوله : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى } . وثانيها : أنه سبحانه لما أطلعه على تلك الأنوار المتصاعدة من الشجرة إلى السماء وأسمعه تسبيح الملائكة ثم أسمعه كلام نفسه ، ثم إنه مزج اللطف بالقهر فلاطفه أولاً بقوله : { وَأَنَا اخترتك } ثم قهره بإيراد التكاليف الشاقة عليه وإلزامه علم المبدأ والوسط والمعاد ثم ختم كل ذلك بالتهديد العظيم ، تحير موسى ودهش وكاد لا يعرف اليمين من الشمال فقيل له : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى } ليعرف موسى عليه السلام أن يمينه هي التي فيها العصا ، أو لأنه لما تكلم معه أولاً بكلام الإلهية وتحير موسى من الدهشة تكلم معه بكلام البشر إزالة لتلك الدهشة والحيرة ، والنكتة فيه أنه لما غلبت الدهشة على موسى في الحضرة أراد رب العزة إزالتها فسأله عن العصا وهو لا يقع الغلط فيه . ( تفسير الرازي) ( فائدة ) : قوله تعالى : { قال رب أنى يكون لي غلام } أي : كيف يكون؟! . قال الكميت : أنى ومن أينَ آبَكَ الطرب ... قال العلماء : منهم الحسن ، وابن الأنباري ، وابن كيسان : كأنه قال : من أي وجه يكون لي الولد؟ أيكون بازالة العقر عن زوجتي ، وردّ شبابي؟ أم يأتي ونحن على حالنا؟ فكان ذلك على سبيل الاستعلام ، لا على وجه الشك . قال الزجاج : يقال : غلام بيّن الغلوميَّة ، وبين الغلاميَّة ، وبين الغلومة . قال شيخنا : أبو منصور اللغوي : الغلام : فعال ، من الغُلمة ، وهي شدة شهوة النكاح . ويقال للكهل : غلام . قالت ليلى الأخيلية تمدح الحجاج : . . . . . . ... غلام إِذا هزَّ القناة سقاها وكأن قولهم للكهل : غلام ، أي : قد كان مرة غلاماً . وقولهم للطفل : غلام على معنى التفاؤل ، أي : سيصير غلاماً . قال : وقيل : الغلام الطار الشارب ، ويقال للجارية : غلامة . قال الشاعر : . . . . . . ... يهان لها الغلامة والغلام ( زاد المسير لابن الجوزي ) ( فائدة ) : قوله تعالى : { والجانَّ } فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه مسيخ الجن ، كما أن القردة والخنازير مسيخ الإِنس ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والثاني : أنه أبو الجن ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . وروى عنه الضحاك أنه قال : الجانُّ أبو الجن ، وليسوا بشياطين ، والشياطين ولد إِبليس لا يموتون إِلا مع إِبليس ، والجن يموتون ، ومنهم المؤمن ومنهم الكافر . والثالث : أنه إِبليس ، قاله الحسن ، وعطاء ، وقتادة ، ومقاتل . فإن قيل : أليس أبو الجن هو إِبليس؟ فعنه جوابان . أحدهما : أنه هو ، فيكون هذا القول هو الذي قبله . والثاني : أن الجانَّ أبو الجن ، وإِبليس أبو الشياطين ، فبينهما إِذاً فرق على ما ذكرناه عن ابن عباس . قال العلماء : وإِنما سمي جانّاً ، لتواريه عن العيون . ( زاد المسير لابن الجوزي ) |
فوائد من الكتب - الجزء الثاني ( فائدة ) : ( المروة ) بفتح الميم وسكون الراء المهملة : هي الحجارة البيضاء ، وبه سميت مروة مكة . وفي المغرب : المروة حجر أبيض رقيق ، وقال في القاموس : المروة حجارة بيض براقة توري النار أو أصلب الحجارة . وقال في المجمع : هي حجر أبيض ، ويجعل منه كالسكين . (تحفة الأحوذي ) ( فائدة ) : أي في ذبحه والجنين : هو الولد ما دام في بطن أمه . قال في النهاية : التذكية الذبح والنحر ، يقال ذكيت الشاة تذكية ، والاسم الذكاة والمذبوح ذكي . (تحفة الأحوذي ) ( فائدة ) : الفحش هو كل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي ، وكثيرا ما ترد الفاحشة بمعنى الزنا ، وكل خصلة قبيحة من الأقوال والأفعال . وقال في القاموس : الفاحشة الزنا وما يشتد قبحه من الذنوب وكل ما نهى الله عز وجل عنه ، وقد فحش ككرم فحشا ، والفحش عدوان الجواب ، ومنه : " لا تكوني فاحشة " لعائشة رضي الله تعالى عنها. (تحفة الأحوذي ) ( فائدة ) : ( المسْتبّان )بتشديد الباء اسم الفاعل من باب الافتعال أي المتشاتمان وهما اللذان سب كل منهما الآخر ، لكن الآخر أراد رد الآخر أو قال شيئا من معائبه الموجودة فيه. (تحفة الأحوذي ) ( فائدة ) : الغيرة : بفتح المعجمة وسكون التحتانية بعدها راء قال عياض وغيره : هي مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص وأشد ما يكون ذلك بين الزوجين . هذا في حق الآدمي وأما في حق الله ، فقال الخطابي : أحسن ما يفسر به ما فسر في حديث أبي هريرة يعني حديث الباب وهو قوله : " وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه " . قال عياض : ويحتمل أن تكون الغيرة في حق الله الإشارة إلى تغيير حال فاعل ذلك . وقيل الغيرة في الأصل الحمية والأنفة . وهو تفسير بلازم التغير فيرجع إلى الغضب . وقد نسب سبحانه وتعالى إلى نفسه الغضب والرضا . وقال ابن العربي : التغير محال على الله بالدلالة القطعية فيجب تأويله بلازمه كالوعيد وإيقاع العقوبة بالفاعل ونحو ذلك انتهى . . (تحفة الأحوذي ) ( فائدة ) : فيه حديث أبي هريرة في قضاء داود وسليمان صلى الله عليهما وسلم في الولدين اللذين أخذ الذئب أحدهما فتنازعته أماهما ، فقضى به داود للكبرى ، فلما مرتا بسليمان قال : أقطعه بينكما نصفين فاعترفت به الصغرى للكبرى بعد أن قالت الكبرى : اقطعه ، فاستدل سليمان بشفقة الصغرى على أنها أمه ، وأما الكبرى فما كرهت ذلك ؛ بل أرادته لتشاركها صاحبتها في المصيبة بفقد ولدها . قال العلماء : يحتمل أن داود صلى الله عليه وسلم قضى به للكبرى لشبه رآه فيها ، أو أنه كان في شريعته الترجيح بالكبير ، أو لكونه كان في يدها ، وكان ذلك مرجحا في شرعه . وأما سليمان فتوصل بطريق من الحيلة والملاطفة إلى معرفة باطن القضية ، فأوهمهما أنه يريد قطعه ليعرف من يشق عليها قطعه فتكون هي أمه ، فلما أرادت الكبرى قطعه ، عرف أنها ليست أمه ، فلما قالت الصغرى ما قالت عرف أنها أمه ، ولم يكن مراده أنه يقطعه حقيقة ، وإنما أراد اختبار شفقتهما ؛ لتتميز له الأم ، فلما تميزت بما ذكرت عرفها ، ولعله استقر الكبرى فأقرت بعد ذلك به للصغرى ، فحكم للصغرى بالإقرار لا بمجرد الشفقة المذكورة. ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ) ( فائدة ) : معنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشقات في رضا الله عز وجل ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وإيثار ذلك على عرض الدنيا ، ومحبة العبد ربه - سبحانه وتعالى - بفعل طاعته ، وترك مخالفته ، وكذلك محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال القاضي رحمه الله : هذا الحديث بمعنى الحديث المتقدم : ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ) وذلك أنه لا يصح المحبة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم حقيقة وحب الآدمي في الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكراهة الرجوع إلى الكفر إلا لمن قوى بالإيمان يقينه ، واطمأنت به نفسه ، وانشرح له صدره ، وخالط لحمه ودمه . وهذا هو الذي وجد حلاوته . . ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ) ( فائدة ) : قال العلماء رحمهم الله : والإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة . وروي عن عمر ، وابن عباس وغيرهما رضي الله عنهم : لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار معناه أن الكبيرة تمحى بالاستغفار ، والصغيرة تصير كبيرة بالإصرار . قال الشيخ أبو محمد بن عبد السلام في حد الإصرار : هو أن تتكرر منه الصغيرة تكرارا يشعر بقلة مبالاته بدينه إشعار ارتكاب الكبيرة بذلك . قال : وكذلك إذا اجتمعت صغائر مختلفة الأنواع بحيث يشعر مجموعها بما يشعر به أصغر الكبائر . وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله : المصر من تلبس من أضداد التوبة باسم العزم على المعاودة أو باستدامة الفعل بحيث يدخل به ذنبه في حيز ما يطلق عليه الوصف بصيرورته كبيرا عظيما . وليس لزمان ذلك وعدده حصر . والله أعلم . . . ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ) ( فائدة ) : النميمة نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم. . ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ) ( فائدة ) : الهمزة في قوله تعالى { أولم تؤمن } همزة إثبات كقول جرير : ألستم خير من ركب المطايا . والله أعلم . . . ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ) ( فائدة ) : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب العرب بما يفهمونه ويقرب الكلام إلى أفهامهم ، ويستعمل الاستعارة وغيرها من أنواع المجاز ليقرب متناولها. ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ) ( فائدة ) : قال العلماء : يقال : الاستطابة والاستجمار والاستنجاء لتطهير محل البول والغائط ، فأما الاستجمار فمختص بالمسح بالأحجار ، وأما الاستطابة والاستنجاء فيكونان بالماء ويكونان بالأحجار.( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ) ( فائدة ) : الخيشوم أعلى الأنف ، وقيل : هو الأنف كله وقيل : هي عظام رقاق لينة في أقصى الأنف بينه وبين الدماغ ، وقيل غير ذلك وهو اختلاف متقارب المعنى. ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : المطهرة : كل إناء يتطهر به وهي بكسر الميم وفتحها لغتان مشهورتان وذكرهما ابن السكيت من كسر جعلها آلة ، ومن فتحها جعلها موضعا يفعل فيه . . ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : قوله صلى الله عليه وسلم : ( وددت أنا قد رأينا إخواننا قالوا : أو لسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال : بل أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد ) قال العلماء في هذا الحديث : جواز التمني لا سيما في الخير ولقاء الفضلاء وأهل الصلاح والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم : ( وددت أنا قد رأينا إخواننا ) أي : رأيناهم في الحياة الدنيا . قال القاضي عياض : وقيل : المراد : تمني لقائهم بعد الموت. ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : قال العلماء : والنهي عن التنفس في الإناء هو من طريق الأدب ؛ مخافة من تقذيره ونتنه وسقوط شيء من الفم والأنف فيه ونحو ذلك . والله أعلم . . ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : يكره البول قائما إلا لعذر ، وهي كراهة تنزيه لا تحريم . قال ابن المنذر في الإشراق : اختلفوا في البول قائما فثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وزيد بن ثابت وابن عمر وسهل بن سعد أنهم بالوا قياما ، قال وروي ذلك عن أنس وعلي وأبي هريرة رضي الله عنهم . وفعل ذلك ابن سيرين وعروة بن الزبير ، وكرهه ابن مسعود والشعبي وإبراهيم بن سعد ، وكان إبراهيم بن سعد لا يجيز شهادة من بال قائما ، وفيه قول ثالث : أنه كان في مكان يتطاير إليه من البول شيء فهو مكروه ، فإن كان لا يتطاير فلا بأس به . وهذا قول مالك قال ابن المنذر : البول جالسا أحب إلي وقائما مباح ، وكل ذلك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . هذا كلام ابن المنذر . والله أعلم . . ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). |
( فائدة ) : لا تكره مضاجعة الحائض ولا قبلتها ، ولا الاستمتاع بها فيما فوق السرة وتحت الركبة ، ولا يكره وضع يدها في شيء من المائعات ، ولا يكره غسلها رأس زوجها أو غيره من محارمها وترجيله ، ولا يكره طبخها وعجنها ، وغير ذلك من الصنائع ، وسؤرها وعرقها طاهران ، وكل هذا متفق عليه ، وقد نقل الإمام أبو جعفر محمد بن جرير في كتابه في مذاهب العلماء وإجماع المسلمين على هذا كله. ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : مني الرجل في حال الصحة أبيض ثخين ، يتدفق في خروجه دفقة بعد دفقة ، ويخرج بشهوة وبتلذذ بخروجه ، وإذا خرج استعقب خروجه فتورا ورائحة كرائحة طلع النخل ، ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين ، وقيل : تشبه رائحته رائحة الفصيل ، وقيل : إذا يبس كانت رائحته كرائحة البول ، فهذه صفاته ، وقد يفارقه بعضها مع بقاء ما يستقل بكونه منيا ، وذلك بأن يمرض فيصير منيه رقيقا أصفر ، أو يسترخي وعاء المني ، فيسيل من غير التذاذ وشهوة ، أو يستكثر من الجماع ؛ فيحمر ويصير كماء اللحم ، وربما خرج دما عبيطا ، وإذا خرج المني أحمر فهو طاهر موجب للغسل ، كما لو كان أبيض. ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : يكون رفع الصوت في الإقامة دونه في الأذان.( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : معنى ( سمع الله لمن حمده ) هنا أجاب ، ومعناه أن من حمد الله تعالى متعرضا لثوابه استحباب الله تعالى وأعطاه ما تعرض له فإنا نقول ربنا لك الحمد لتحصيل ذلك.( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : إنما نهي عن إتيان الكاهن ؛ لأنهم يتكلمون في مغيبات قد يصادف بعضها الإصابة ؛ فيخاف الفتنة على الإنسان بسبب ذلك ؛ لأنهم يلبسون على الناس كثيرا من أمر الشرائع ، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن إتيان الكهان وتصديقهم فيما يقولون ، وتحريم ما يعطون من الحلوان ، وهو حرام بإجماع المسلمين ، وقد نقل الإجماع في تحريمه جماعة منهم أبو محمد البغوي رحمهم الله تعالى . قال البغوي : اتفق أهل العلم على تحريم حلوان الكاهن ، وهو ما أخذه المتكهن على كهانته ، لأن فعل الكهانة باطل لا يجوز أخذ الأجرة عليه . وقال الماوردي - رحمه الله تعالى - في الأحكام السلطانية : ويمنع المحتسب الناس من التكسب بالكهانة واللهو ، ويؤدب عليه الآخذ والمعطي ، وقال الخطابي - رحمه الله تعالى - : حلوان الكاهن ما يأخذه المتكهن على كهانته ، وهو محرم . وفعله باطل ، قال : وحلوان العراف حرام أيضا ، قال : والفرق بين العراف والكاهن ، أن الكاهن إنما يتعاطى الأخبار عن الكوائن في المستقبل ، ويدعي معرفة الأسرار ، والعراف يتعاطى معرفة الشيء المسروق ، ومكان الضالة ونحوهما.( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : ويلحق بالثوم والبصل والكراث كل ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها . قال القاضي : ويلحق به من أكل فجلا وكان يتجشى ، قال : وقال ابن المرابط : ويلحق به من به بخر في فيه أو به جرح له رائحة . قال القاضي : وقاس العلماء على هذا مجامع الصلاة غير المسجد ، كمصلى العيد والجنائز ونحوها من مجامع العبادات ، وكذا مجامع العلم والذكر والولائم ونحوها ، ولا يلتحق بها الأسواق ونحوها . .( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : الزمهرير : شدة البرد ، والحرور : شدة الحر.( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : سميت ليلة القدر ؛ لما يكتب فيها للملائكة من الأقدار والأرزاق والآجال التي تكون في تلك السنة ، كقوله تعالى : { فيها يفرق كل أمر حكيم } وقوله تعالى : { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر } ومعناه : يظهر للملائكة ما سيكون فيها ، ويأمرهم بفعل ما هو من وظيفتهم ، وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به ، وتقديره له ، وقيل : سميت ليلة القدر ؛ لعظم قدرها وشرفها ، وأجمع من يعتد به على وجودها ودوامها إلى آخر الدهر ؛ للأحاديث الصحيحة المشهورة.( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : الكلالة من لا ولد له ولا والد ( التمهيد لابن عبد البر) ( فائدة ) : القرآن كلام الله غير مخلوق حيثما تصرف ، فأي شيء بقي ؟ من قال : لفظي بالقرآن غير مخلوق ؟ فنحن نهجره ولا نكلمه ، وهذه بدعة ( الإبانة الكبرى لابن بطة ) ( فائدة ) : قال النووي قال العلماء الحكمة في السترة كف البصر عما وراءها ومنع من يجتاز بقربه قال أصحابنا ينبغي أن يدنو من السترة ولا يزيد على ثلاثة أذرع وسترة الامام سترة المأموم ويجعل السترة على حاجبه الأيمن أو الأيسر مرقاة ( شرح سنن ابن ماجة للسيوطي ) ( فائدة ) : نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الشغار الخ قال العلماء الشغار بكسر الشين المعجمة وبالغين المعجمة أصله في اللغة الرفع يقال شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول كأنه قال لا ترفع رجل بنتي حتى ارفع رجل بنتك وقيل هو من شغر البلد إذا خلا لخلوه عن الصداق ويقال شغرت المرأة إذا رفعت رجلها عند الجماع قال بن قتيبة كل واحد منهما يشغر عند الجماع وكان الشغار من نكاح الجاهلية وإجماع العلماء على انه منهي عنه .( شرح سنن ابن ماجة للسيوطي ) ( فائدة ) : الحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامة الناس كما أجمع العلماء على انه لو كان عند انسان طعام واضطر الناس اليه ولم يجدوا غيره اجبر على بيعه دفعا للضرر عن الناس.( شرح سنن ابن ماجة للسيوطي ) ( فائدة ) : محبة الله لعبده إرادته الخير له وهدايته وإنعامه عليه ورحمته وبغضه إرادته عقابه وشقاوته ونحوه وجب جبريل والملائكة يحتمل وجهين أحدهما استغفارهم له وثناؤهم عليه ودعاؤهم له والثاني أنه على ظاهره المعروف من الخلق وهو ميل القلب إليه واشتياقه إلى لقائه وسبب ذلك كونه مطيعا لله محبوبا له ومعنى يوضع له القبول في الأرض أي الحب في قلوب الناس ورضاهم عنه. (فيض القدير ) ( فائدة ) : قال العلماء يكره إكثار الضحك وهو في أهل الرتب والعلم أقبح ومن آفات كثرته موت القلب أي قسوته وظلمته. . (فيض القدير ) ( فائدة ) : الحكمة في نزول عيسى دون غيره من الأنبياء الرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوه فبين الله كذبهم وأنه الذي ينزل فيقتلهم أو أن نزوله لدنو أجله ليدفن في الأرض. (فيض القدير ) ( فائدة ) : ولا يشترط في الآمر بالمعروف والناهى عن المنكر أن يكون كامل الحال ممتثلا ما يأمر به مجتنبا ما ينهى عنه بل عليه الأمر وإن كان مرتكبا خلاف ذلك لأنه يجب عليه شيئان : أن يأمر نفسه وينهاها وأن يأمر غيره وينهاها فإذا أخذ بأحدهما لا يسقط عنه الآخر قالوا : ولا يختص الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بأصحاب الولاية بل ذلك ثابت لآحاد المسلمين وإنما يأمر وينهى من كان عالما بما يأمر به وينهى . (فيض القدير ) |
لماذا نعشق الألم لقد سألني أحدهم لماذا نعشق الحزن والألم , نحب السعادة لكننا نعشق الحزن , في كل مكان نبحث عن كتب الحزن والألم , والأناشيد الحزينة والأغاني المؤلمة , والفيديوهات المؤثرة , إننا نعشق الحزن لأنه يحرّك قلوبنا ونعشقه لأننا لا نرى إلا الحزن أمامنا , أما السعادة لأنها شعور خفي على عكس الحزن فإننا لا نراها , ولن نراها إلا إذا تعلقنا بالإيمان الذي تكلمت عنه قبل قليل, أما عن الذين يبحثون عن طرائف ونكت وبعض المشاهد المضحكة وما يسمونه بالتحشيش فإنما هم يهربون من الحزن إلى المتعة الزائفة , ومن عارض كلامي فليسأل نفسه بعد مشاهدة آلاف المقاطع المضحكة ماذا بعد ذلك ؟. حتى في القرآن الكريم لن تجد لفظ الحزن مستحبا , لأن الله لا يريد لنا أن نحزن . على قدر العطاء تأتيك العطايا : ذكروا لي قصة امراة تعمل في العقار وايضا في تنسيق الملفات فجاء إليها رجل لتنسيق ملف لشركته وكان التنسيق بسيطا ولا يحتاج إلى جهد كبير لكن المرأة أعادت تنسيقه من جديد واستمتعت به كثيرا وصار أجمل من السابق فلما جاء صاحبه ليأخذه سألها عن الثمن فأخبرته أنها استمتعت به ولا تريد مقابل هذا لأنها شعرت بالسعادة وهي تنسق , فشكرها ورحل وبعد أيام جاء إليها بقائمة من عشرات الأشخاص بأرقام هواتفهم وأسمائهم وأخبرها أن هؤلاء من الموظفين الجدد لشركته وقد أخبرهم أن هذه المرأة تعمل في العقارات فمن أراد بيتا فعليه أن يدوّن رقمه واسمه لأجل أن تتصل بهم , ففرحت فرحا شديدا بهذا وأنتم تعلمون ماهي درجة الفرح لديها إذ صار لديها الكثير من العمل وكله بسبب إحسان وعطاء بسيط وصدق في التقديم , ولهذا أنت لا تدري من أين تأتيك العطايا والهدايا إذا أحسنت إلى الناس وأعطيتهم وعاملتهم كالإخوة , وأما إذا ضاقت عينك ولم تتسع وحسدت الناس على ما آتاهم الله من فضل ورزق وعاملتهم بوحشية فستكون النتيجة عكسية , ولا ننس أنه ليس كل الناس يتوجب أن تحسن لهم فبعضهم لا يستحق إحسانا ولا تواضعا وقد ذكرتهم آنفا في هذا الكتاب وقلت أن المتكبرين لابد أن نتكبر عليهم حتى يعرفوا قدر أنفسهم , ولا تحسن إلى الحاسد لأنه سيضرك بعينه ولن ترضيه . |
احبه في الله الحب على المحبين فرض ..!!الحب في الله هي عاطفة جميلة .. وعطاء بلا حدود .. قد ينتظره المحب وقد لا ينتظره .. هو السند الوفي .. هو الحنان الهادىء .. تمنيته لأني أحتاج لأمثاله .. يشاركني هموم حياة .. طموح وحلم .. الأمان بعد الله .. يأخذ بيدك إلى الخير .. إذا عملت الحسنة تراه باشاً في وجهك .. إذا عملت السيئة قال لك ويحك إتق الله .. إذا ضاقت عليك الدنيا تجده بجوارك .. كلما تراجعت للخلف تجده يوجهك للأمام .. يشاركك في الفرح وفي مراسم الدفن والعزاء .. قلبه يحترق عندما يراك شاحب الوجه .. ليس هناك من البشر من يسمع صوتك ولا يجيب نداءك إلا من أحبك وأحببته في الله .. لحظات الإنكسار والحزن والجرح تحتاج لأخ يذيب الاحتياج ويضمد الجرح فهو المكافح في حياتك .. مات وتعلمت منه الكثير ..!! نفترق .. نلتقي .. أنا معك في ذات الطريق .. أتشبث بك وأشعر بوجودك .. نستظل تحت رحمة الله .. أسمعك وتسمعني .. لا أنسحب من أمامك حتى أدعو لك بأن يجمعني الله بك في الجنة .. ذرفت دموعي وبللت بها قبره .. إنتظرت حنين العودة ولكن يبدو أنني أجدف في بحر مجهول الأعماق .. !! شعرت بأعماق الغربة .. مبللة بالآلام .. مليئة بالحزن .. باحثاً عن دفء الأخ الرحوم . علمني كيف أعانق واواجه النهار .. ولم يعلمني كيف أودعه .. !! علمني كيف أحمل هم الآخرين .. ولم يعلمني كيف أحمل همي .. أتذكر توجيهك لي .. نصيحتك .. أفتقدك حد البكاء .. لا أعرف أين أرحل ؟ بعد موتك أرى أن كل لقاء لي مع غيرك يأخذ من وقتي الكثير .. !! أتذكرك وأنت تحت الثرى .. ماهي أخبارك ..؟ وكيف حالك .. ؟ اسألك عن حالك لأعرف حالي .. !! اعلم أنك ارتحت من دنيا مليئة بالمتاعب والأكدار .. كلما غطاني الليل أثرثر بك ليلي الكئيب بدونك .. أنت الرجل الوحيد جمعنا حب الله وطاعته .. هذه كلماتي تقيم عرساً صغيراً بذكراك وحنيناً لرؤياك في أعالي الجنان بإذن الله وداعاً فقلبي اشتاق إليك .. وأنا عاجز للوصول إليك .. فرحمة الله واسعة فهي التي تقربني إليك . |
حـسـن الـخـلـق قال تعالى :( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) آل عمران 134 وقال تعالى :( فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ)المائدة 85 وقال تعالى ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) ) المؤمنون 1 فإن الأخلاق في دين الإسلام عظيم شأنها عالية مكانتها، ولذلك دعا المسلمين إلى التحلي بها وتنميتها في نفوسهم، وهي أحد الأصول الأربعة التي يقوم عليها دين الإسلام وهي : الإيمان والأخلاق، والعبادات، والمعاملات، ولذا نالت العناية الفائقة الكبرى والمنزلة العالية الرفيعة في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله ) . بل إن الأخلاق الكريمة تدعو إليها الفطر السليمة، والعقلاء يجمعون على أن الصدق والوفاء بالعهد والجود والصبر والشجاعة وبذل المعروف أخلاق فاضلة يستحق صاحبها التكريم والثناء، وأن الكذب والغدر والجبن والبخل أخلاق سيئة يذم صاحبها. والدعوة إلى توحيد الله عز وجل وإخلاص العمل له وإلى دينه تحتاج إلى الأخلاق الحميدة، والصفات الحسنة، ويصعب توفر تلك الأخلاق فيمن يفقد الإيمان والتقوى، ورسول الله ( وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين أفضل من دعا إلى الله تعالى بأخلاقهم الإسلامية الحميدة وصفاتهم الحسنة. و عن عائشة رضي الله عنها قالت :( ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال : لبيك ، فلذلك أنزل الله عز وجل : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ولذا فيجب علينا أن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل شؤونه ومن ذلك حسن الخلق . عن النواس بن سمعان ، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن البر فقال : « حسن الخلق » ، فقال : ما الإثم ؟ قال : « ما حاك في نفسك وكرهت أن يعلمه الناس » عن عبد الله بن عمرو قال : لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ، وكان يقول : « خياركم أحسنكم أخلاقا » عن أم الدرداء قالت : قام أبو الدرداء ليلة يصلي ، فجعل يبكي ويقول : اللهم أحسنت خلقي فحسن خلقي ، حتى أصبح ، قلت : يا أبا الدرداء ، ما كان دعاؤك منذ الليلة إلا في حسن الخلق ؟ فقال : يا أم الدرداء ، إن العبد المسلم يحسن خلقه ، حتى يدخله حسن خلقه الجنة ، ويسيء خلقه ، حتى يدخله سوء خلقه النار ، والعبد المسلم يغفر له وهو نائم ، قلت : يا أبا الدرداء ، كيف يغفر له وهو نائم ؟ قال : يقوم أخوه من الليل فيجتهد فيدعو الله عز وجل فيستجيب له ، ويدعو لأخيه فيستجيب له فيه وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ : حُسْنُ الْخُلُقِ أَنْ لَا تَغْضَبَ وَلَا تَحْتَدَّ وَنَقَلَ أَيْضًا : أَنْ يَحْتَمِلَ مِنْ النَّاسِ مَا يَكُونُ إلَيْهِ . قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ : حُسْنُ الْخُلُقِ اخْتِيَارُ الْفَضَائِلِ وَتَرْكُ الرَّذَائِلِ . وَعَنْ أَبِي الدرداء - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم ( مَا مِنْ شَيْءٍ فِي اَلْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ اَلْخُلُقِ ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ, وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال: تقوى الله وحسن الخلق ....) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وَرَوَي أَيْضًا عَنْ الْفُضَيْلِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ سَاءَ دِينُهُ ، وَحَسْبُهُ مَوَدَّتُهُ. قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ حَقِيقَةُ حُسْنِ الْخُلُقِ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ ، وَكَفُّ الْأَذَى وَطَلَاقَةُ الْوَجْهِ . وَقَالَ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ : أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَدْوَأِ الدَّاءِ ؟ قَالُوا بَلَى . قَالَ الْخُلُقُ الدَّنِيُّ وَاللِّسَانُ الْبَذِيُّ . وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ ضَاقَ رِزْقُهُ . وَعِلَّةُ هَذَا الْقَوْلِ ظَاهِرَةٌ . وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ : الْحَسَنُ الْخُلُقِ مَنْ نَفْسُهُ فِي رَاحَةٍ ، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي سَلَامَةٍ . وَالسَّيِّئُ الْخُلُقِ النَّاسُ مِنْهُ فِي بَلَاءٍ ، وَهُوَ مِنْ نَفْسِهِ فِي عَنَاءٍ ، وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : عَاشِرْ أَهْلَك بِأَحْسَنِ أَخْلَاقِك فَإِنَّ الثَّوَاءَ فِيهِمْ قَلِيلٌ . وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ : إذَا لَمْ تَتَّسِعْ أَخْلَاقُ قَوْمٍ تَضِيقُ بِهِمْ فَسِيحَاتُ الْبِلَادِ إذَا مَا الْمَرْءُ لَمْ يُخْلَقُ لَبِيبًا فَلَيْسَ اللُّبُّ عَنْ قِدَمِ الْوِلَادِ فَإِذَا حَسُنَتْ أَخْلَاقُ الْإِنْسَانِ كَثُرَ مُصَافُوهُ ، وَقَلَّ مُعَادُوهُ ، فَتَسَهَّلَتْ عَلَيْهِ الْأُمُورُ الصِّعَابُ ، وَلَانَتْ لَهُ الْقُلُوبُ الْغِضَابُ . وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : مِنْ سَعَةِ الْأَخْلَاقِ كُنُوزُ الْأَرْزَاقِ . قال الجنيد: لأن يصحبني فاسق حسن الخلق أحب إلي من أن يصحبني قارئ سيئ الخلق. وقال الجنيد: أربع ترفع العبد إلى أعلى الدرجات وإن قل عمله وعلمه، الحلم والتواضع والسخاء وحسن الخلق . واعلم أن كل إنسان جاهل بعيوب نفسه، فإذا جاهد نفسه أدنى مجاهدة حتى ترك فواحش المعاصي ربما يظن بنفسه أنه هذب نفسه وحسن خلقه واستغنى عن المجاهدة، فلا بد من إيضاح علامة حسن الخلق. فإن حسن الخلق هو الإيمان، وسوء الخلق هو النفاق. وقد ذكر الله تعالى صفات المؤمنين والمنافقين في كتابه وهي بجملتها ثمرة حسن الخلق وسوء الخلق. وسئل بعض العلماء عن علامات حسن الخلق فقال: هو أن يكون كثير الحياء قليل الأذى كثير الصلاح صدوق اللسان، قليل الكلام كثير العمل، قليل الزلل قليل الفضول، براً وصولاً وقوراً صبوراً شكوراً رضياً حكيماً رفيقاً عفيفاً شفيقاً، لا لعاناً ولا سباباً ولا نماماً ولا مغتاباً ولا عجولاً ولا حقوداً ولا بخيلاً ولا حسوداً، بشاشاً هشاشاً يحب في الله ويبغض في الله ويرضى في الله ويغضب في الله فهذا هو حسن الخلق. وقيل لعبد الله بن المبارك أجمل لنا حسن الخلق في كلمة. فقال اترك الغضب. لا تصحب من ساء خلقه، وهو الذي لا يملك نفسه عند الغضب والشهوة. وقد جمعه علقمة العطاردي رحمه الله تعالى في وصيته لابنه لما حضرته الوفاة، قال: يا بني إذا أردت صحبة إنسان فاصحب من إذا خدمته صانك، وإن صحبته زانك، وإن قعدت بك مؤنة مانك.. اصحب من إذا مددت يدك بخير مدها، وإن رأى منك حسنة عدها، وإن رأى منك سيئة سدها. اصحب من إذا قلت صدق قولك، وإن حاولت أمرا أمرك، وإن تنازعتما في شر آثرك . قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ : قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : حُسْنُ الْخُلُقِ كَظْمُ الْغَيْظِ لِلَّهِ ، وَإِظْهَارُ الطَّلَاقَةِ وَالْبِشْرِ إلَّا لِلْمُبْتَدِعِ وَالْفَاجِرِ ، وَالْعَفْوُ عَنْ الزَّالِّينَ إلَّا تَأْدِيبًا أَوْ إقَامَةَ حَدٍّ ، وَكَفُّ الْأَذَى عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ إلَّا تَغْيِيرَ مُنْكَرٍ ، وَأَخْذُ الْمَظْلِمَةِ مِنْ مَظْلِمَةٍ مَنْ غَيْرِ تَعَدٍّ . « سئل الشعبي عن حسن الخلق ، قال : البذلة والعطية والبشر الحسن » قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : يَنْبَغِي فِيمَنْ تُؤْثَرُ صُحْبَتُهُ خَمْسُ خِصَالٍ : أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا : حَسَنَ الْخُلُقِ، غَيْرَ فَاسِقٍ ، وَلَا مُبْتَدِعٍ ، وَلَا حَرِيصٍ عَلَى الدُّنْيَا ، انْتَهَى . فلذلك يكون حسن الخلق له تأثير قوي جدا في الصحبة . حُسْنُ الخُلُقِ يُمْنٌ وسعادةٌ ، وسُوءُ الخُلُقِ شُؤمٌ وشقاءٌ . « سئل الحسن عن حسن الخلق ، فقال : الكرم والبذلة والاحتمال » وقال مقاتل : حسن الخلق بالتجاوز ، والصفح . ن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال ( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا وكان يقول إن من خياركم أحسنكم أخلاقا ) رواه البخاري |
ويقول السفاريني : حسن الخلق القيام بحقوق المسلمين ، وهي كثيرة منها أن يحب لهم ما يحب لنفسه ، وأن يتواضع لهم ولا يفخر عليهم ولا يختال ، فإن الله لا يحب كل مختال فخور، ولا يتكبر ولا يعجب فإن ذلك من عظائم الأمور … وأن يوقر الشيخ الكبير , ويرحم الطفل الصغير ، ويعرف لكل ذي حق حقه مع طلاقة الوجه وحسن التلقي ودوام البشر ولين الجانب وحسن المصاحبة وسهولة الكلمة ، مع إصلاح ذات بين إخوانه وتفقد أقرانه وإخوانه ، وأن لا يسمع كلام الناس بعضهم في بعض وأن يبذل معروفه لهم لوجه الله لا لأجل غرض مع ستر عوراتهم وإقالة عثراتهم وإجابة دعواتهم … وأن يحلم عن من جهل عليه ويعفوا عن من ظلم … " وقال الحسن البصري - رحمه الله تعالى - "معالي الأخلاق للمؤمن، قوة في لين وحزم في دين وإيمان في يقين وحرص على العلم واقتصاد في النفقة، وبذل في السعة وقناعة في الفاقة ، ورحمة للمجهود وإعطاء في كرم وبر في استقامة " ويقول ابن حبان - رحمه الله تعالى - : "الواجب على العاقل أن يتحبب إلى الناس بلزوم حسن الخلق، وترك سوء الخلق، لأن الخلق الحسن يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد، وإن الخلق السيء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وقد تكون في الرجل أخلاق كثيرة صالحة كلها، وخلق سيئ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الصالحة كلها" وقد يتصور بعض الناس أن حسن الخلق محصور في الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة فقط، والحقيقة أن حسن الخلق أوسع من ذلك فهو يعني إضافة إلى الكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة ، التواضع وعدم التكبر ولين الجانب، ورحمة الصغير واحترام الكبير ، ودوام البشر وحسن المصاحبة وسهولة الكلمة وإصلاح ذات البين والتواضع والصبر والحلم والصدق وغير ذلك من الأخلاق الحسنة والأفعال الحميدة التي حث عليها الإسلام ورغب فيها. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وهو يتكلم عن منهج السلف في الأخلاق والسلوك "يأمرون بالصبر عند البلاء ، والشكر عند الرخاء، والرضا بمر القضاء، ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال " |
غلاء الصقر وفقدان الحرية كنت أتسائل عن سبب غلاء الصقور , وأن الكثير ممن يعشقونه يشترونه وإن بلغ الملايين , إن في الصقر ثلاث : هو بعيد النظر لا ينظر إلى الأمور العادية , والصقر عزيز النفس ولا يمكن أن يذل نفسه لأجل شيء , والصقر حرّ يحب الحرية , فعلام أرى كثيرا من الناس يفتقدون لبعض من هذه الصفات , ولقد رأيت بعضا من الخلق يرفع من قدر نفسه حتى تجاوز حده , وهذا دأب الخلق إما أن يذلون أنفسهم مرة واحدة أو يرفعونها فيعتدوا ,أين المعتدلين , وأين من يعرفون ثمن أنفسهم , بينما كنت في السيارة قلت لصاحبي إن هذه السيارة فخمة , يبدوا أن مالكها ثري , فقال لي أتعلم أن قيمة السيارة أكبر من قيمته ؟ قلت وكيف هذا , فأجاب أنه يعرف هذا الرجل , فقير معدم وليس الفقر عيبا ولكن العيب أن يتكلف الإنسان مالا يطيق , وأخذ سيارة فخمة من البنك , ويذهب نصف راتبه على أقساطها , ويعاني من بعض المرض , وأسرته لا تترفه كما فعل هو بنفسه , هل اقتنعت أن سيارته أكبر قيمة منه , قلت : سبحان الله , لماذا لا نكون أعزة كالصقور بدون تكلف , ولماذا لا ننظر إلى الدنيا بعين بعيدة النظر ولماذا لا نكون أحرارا , لقد قيّد نفسه بالديون وأذلها , وصار سخرية لخلق الله , وإن قلت أخي القارئ أنك تود أن تكون ثريا , لا مانع من هذا ولكن كن ثريا بطريقة سليمة صحيحة , وإن أعظم الثراء أن تمتلك صحة فلا تقلق ولا تشكوا , كم من ثري عاش حياة المترفين الفرهين ولكنه يحاول التخلص من القلق , والخوف , والجبن , والكسل , والهم والحزن , كنت في أحد المنتديات أكتب خواطري وأستغل بعضا مما لدي , فكتبت في يوم أننا في المنتديات وفي الفيس بوك وغيرها من مواقع التواصل نجتمع فنضحك ونبتسم ونفرح ونسخر ونشارك ولكن كم واحدا منا هرب من واقعه ليجلس أمام هذه الشاشة , فيظهر سعادته وهو بخلاف ذلك , كم امرأة جلست بعد الطلاق أمام هذه الشاشة فضاعت حياتها أكثر مما كانت عليه من قبل , كتبت إلي امرأة مطلقة أنها لا تعرف ماذا تصنع لقد بلغت الخامسة والثلاثين وأصابها الاحباط ولديها طفلين وطليقها لا ينفق عليهم , قلت لها : هل لك وظيفة , قالت نعم , قلت لها هل فكرت بإكمال دراستك , قالت : بلى . لقد فكرت بهذا , فأجبتها وهو جواب لكل من أصابها هذا : لا تظني أن طليقك هذا في سعادة , لم أعرف رجلا طلّق امرأة ونسيها , وأنا أقول هذا لأجل أن كثيرا من النساء تقول في نفسها , هو الآن فرح مسرور وهو كذا وكذا , صدقيني إنها مجرد وساوس ثقي بي , إننا إذا ركّزنا فيمن تركنا بمحض إرادته , وتخلى عنا في وقت حاجتنا له , لا يستحق أن نعطيه من وقتنا وطاقتنا , قلت لها ابذلي ما بوسعك , عودي إلى الدراسة , والتحقي بدورات علمية , واستفيدي من وقتك , وأما لو أراد أخذ أطفالك منك فلا تحزني إن الرازق حيّ وإن العدل موجود وهو الحكم العدل , اهتمي بما يصلح حالك وانشغلي بما يفيدك , وإذا كان لديك بعض المال فأرسليه إلى من تثقين به ليتّجر لك به فقد كانت خديجة رضي الله عنها زوجة النبي تتّجر بمالها فتعطيه لمن تثق بهم , يكفونها عناء العمل , وأما في فراغك أنتي اذهبي واقرأي بعض الكتب أو شاهدي البرامج المفيدة , واكتبي الأفكار التي تحتاجين لها , غيّري ما في نفسك , قولي : يارب أود أن أكون إنسانة ناجحة , أود أن أعيد لنفسي قوتها , هذه سنّة الحياة فلو توقفنا عند مشاكلنا لمتنا قبل أوان الموت , ولتجرّعنا غصص القلق والذعر والهم بلا شعور ولا احساس , وهذا رجل آخر كان يعاني من حرقة بمعدته وحموضة شديدة وربما عزف عن الطعام خوفا , ووسوس لنفسه حتى أهلكها , فذهب إلى أطباء كثر ولكن مع ضياع الفهم زادت الأمور سوءا ,نعم إن الطبيب الفاهم العاقل من يعالج مريضه قبل أن يناوله أي دواء , وبعد رحلة سنتين من التشنج المعوي وحرقة المعدة وزيارته لأطباء متخصصين في المعده , ذهب إلى طبيب عام وليس متخصصا في مشكلته ولكنه ذهب إليه فطرده الطبيب وقال له : اذهب وكل كل ما تشتهي ولا تأتي إلي أبدا , إن المصاب هو عقلك وليست معدتك , فذهب هذا الرجل وصار يأكل ولا يكترث لحرقة أو حتى مغص , فعادت صحته وذهبت عنه الوساوس , هكذا يفعل الإنسان بنفسه لابد أن توبّخ نفسك إذا وسوست وتتغلب على وساوس قلبك ولتجعل شيطانك يخنس في زاويته لا ينطق بكلمة . لقد تحسن حال تلك المطلقة , وأكملت دراستها واحتضنت أولادها , وحققت إنجازات كثيرة , لقد تاثرت بكلمة قلتها لها حتى بلغ بها الغضب , قلت لها : لا أحد يحمل همك فلا تظني أن هناك أحدا ما يحمل همومك ويفكر بها , قالت لي كيف تقول هذا لي , لقد زدت احباطي وذلي , قلت لها ستفهمين هذا قريبا , لقد فهمت عني هذا , وأدركت أنها إذا أرادت النجاح والتخلص مما هي عليه لابد أن تعمل بنفسها وتطور من مهاراتها وتقرأ وتنجز , وبعد كل هذا لقد أعادت ثقة الناس الظالمة بها , قلت ظالمة لأن الناس يظلمون المطلقات وكأنهن عبث في عبث , إنهن أمهاتنا ونسائنا وأخواتنا وبناتنا , لابد أن ندخل السرور إليهن حتى لو كانت المطلقة هي المخطئة , لابد أن نقف بجانبها , ونعيد إليها الثقة. |
مهارات الحياة الاتزان يقال أنك تعرف القائد في الاضطرابات واشتعال الأزمات , وتخبط الأمور وكثرة الزلات , فإن لم ترَ هذه الصفات في رجل يدّعي القيادة أو سلّم هذه القيادة فإنه قد جلس في غير محله , واستلم زمام أمورٍ ليست ملكه , إن كنت قائدا لا تكثر من الشكوى ولا تظهر الكآبة أمام من تقودهم , وابذل ما بوسعك , وحلّل الأمور بعقلانية , أما هذه العواطف لا تنفع القادة , وهذه الانفعالات هي مجرد ضياع للأوقات , وزيادة النقص في الحياة , قصة : حكم على حياته الزوجية بالإعدام , عندما أخطأت زوجته , لقد كان خطأها كما تخطئ النساء وهذا لا تكاد امرأة أن تتخلص منه , من ( غيرة وخطئ وتفكير كتفكير الأطفال في مواطن كثيرة ) لكنه قابل الخطأ بالعنف ونسي التدبير , إن أزواجكم أيها الأحبة كالأطفال في بعض الأحيان إن لم تكن أغلبها , علّمها , لا تدقق على كل شيء , تغاضى , واصمت في بعض الأحيان وإذا انزعجت فاهجر قليلا , وعاتب قليلا , لكن هذا الرجل خسر حياته الزوجية وخسر امرأة أحبته وأحبها , لأجل مرض يسمى ( العناد ) لا أدري أيها الكريم ماذا تسمونه في بلادكم , لكن هذا مرض قاتل , قتل صاحبنا هذا , وفرّق بينه وبين زوجته , وآخر ترك زوجته وأراد أن يغضبها فتزوج امرأة أخرى عنادا بزوجته الأولى ولإغضابها , لكنه عندما أراد الزواج بالثانية كانت نيته بخلاف ما أحل الله له , لابد أن نتزوج ونحن ننوي الاطمئنان والعفة وبناء أسرة , أما هذه الزيجات العديمة النفع , إنما هي وبال للمجتمع قبل الفرد , لماذا لا نتّزن ونرفق بأنفسنا , ضع يدك أخي القارئ على صدرك وردد معي هذا : لماذا أحقد , لماذا انتقم , لماذا أفعل هذا ؟ حياء المرأة جاذبية خاصة تبحث النساء عن الجاذبية دوما , فهذه تتابع أرقى العطورات والأخرى تنظر في المجلات لترى أحدث موديل لهذا العام , وأما تلك فتقلد إحدى المطربات أو الممثلات , وكلهم يبحث عن الجاذبية , لقد قالت اليابان في أمثالها : حياء المرأة أشد جاذبية من جمالها , وهذا المثل حقيقة ونحن المسلمون نبحث عن الحكمة أينما وجدت وإن صفة الأنوثة تتمثل بالحياة فإذا فقدت المرأة حياءها فقدت أنوثتها و أما الغيرة والتقليد الأعمى إنما يفرح به من سيطرت عليه الشهوة , وهؤلاء الرجال الذين ترينهم ينظرون إليك يمينا وشمالا ويعدّون خطواتك , إنما هي نظرة الذئب إلى النعجه , ولكنهم عند الزواج لا يرون أنك مناسبة لهم , ولن يتزوج امرأة تظهر مفاتنها للرجال إلا من رضي لأهله الخبث , وهذا الكلام ليس فقط كشرع نتكلم به إنما أتكلم به عقلا , إن الرجل وإن كثرت معاصيه وسيئاته لا يرضى أن يأخذ إلا امرأة تلبس رداء الحياء وتستحيي لأن قمة الأنوثة في الحياء والرجل لا يبحث عن رجل ليتزوجه إنما يبحث عن امرأة أنثى أيها الكرام , وانظروا إلى حال كثير من النساء اليوم والفتيات في الجامعات والأسواق وغيرها , لقد فقدت الكثير منهن الحياء فرحلت عنهن الأنوثة , سيأتي يوم لا نجد فيه أنثى , ستنقرض الأنوثة , نعم ستنقرض. ثياب الأفكار لكل فكرة ثوب ترتديه وهذا الثوب هو اللفظ الذي ننطق به ولهذا كثرت الأفكار العارية لأن ألفاظها سيئة أو ما تسمى سوقية مأخوذة من السوق ولأن الأسواق فرّخ فيها الشيطان كانت هناك كثيرا من الأكاذيب والألفاظ الفاحشة السيئة ولهذا أحب أن أذكركم أن أفكاركم ترتدي ثوبا من ألفاظكم , وذكروا لي قصة رجل التقى بمدير الشركة في المصعد وكان اللقاء الأول بينهما وهي فرصة نادرة للحديث كانت الفرصة من ثلاثين ثانية فماذا فعل ؟ لقد أثنى بكلمات عليه ثم أخبره أنه بحاجة لتطوير الخدمة لمصلحة الشركة وكل هذا بكلمات مختصرة ومرتبة تكسوها الإيجابية , وانتهى اللقاء وعاد الموظف إلى مكتبه وما هي إلا لحظات حتى دعاه وحظي بقبول رأيه , فلو أن رجلا آخر كانت لديه هذه الفرصة لضيعها فغالبا ما يحدث هذا فيبدأ الموظف بسرد ثناء طويل وكلمات لا فائدة منها وقصص لاخير فيها فتنتهي الثواني النادرة في كلمات فارغة فتضيع الفرص , وسبب حديثي هذا أن الأفكار إن لم تكسوها بألفاظ رائعه ظهرت بالية أمام السامع . معالجة المشاكل من الذكاء أن نعرف الوقت المناسب لحل أي مشكلة فلا يمكن أن تناقش أحدا وهو في مرحلة الغضب كما لا تستطيع أن تسد فجوة مع سقوط الأمطار الغزيرة لابد أن تنتظر طلوع الشمس , قال لزوجته : إنني حاد المزاج لكني طيب القلب فإذا رأيت مني غضبا فلا تناقشيني حتى أهدأ فإذا سكن غضبي فناقشيني , إنه اعتراف صريح من الزوج لزوجته , ولابد للزوجة أن تقوم بما أخبرها به إذا كانت تريد حياة هانئة لأسرتها , كم من قارئ لهذه الكلمات يعاني من بعض المشاكل فهل هناك مشكلة لديك الآن وتريد علاجها ؟ . اترك المقال وابدأ بتحديد الزمان والمكان المناسب ولا تقلق لأننا في الحقيقة أيها القارئ الكريم نتوقع أن أسوء مصيبة عانت منها البشرية قد انتهت وستنتهي وإن كانت هناك أضرار فإن الله يحيي الموتى , أذكر أن هناك رجلا قد عانى من الابتزاز نتيجة لخطئ ما , فعانى الكثير من القلق والتعب وإنه لو فضحه المبتز سيخسر سمعته , قلت له إن أردت أن تحظى بالراحة فعليك أن تعترف بالخطأ , حتى لو كان ذلك سيسبب لك انتزاع الثقة , اذهب واعترف , وتوقع أن أسوء مشكلة قد حلّت سابقا وأن مشكلتك هذه وإن عظمت في نفسك ما هي إلا مشكلة على مستوى فرد أو بعض الأفراد ,فذهب واعترف , ولكنه قد رأى أن نتيجة اعتراف كانت خيرا له من صمته , نعم لأنه أزال حملا ثقيلا عن كاهله ,ولا يهمنا ماذا حصل له لكن ما أريد قوله أنني لا أريد أن يحمل أحدكم هما على ظهره و يستطيع أن يلقيه في أي وقت , دون أن يضر نفسه , ومما سبق لابد أن نفهم الوقت المناسب لحل المشاكل وتحديد مستوى المشكلة واختيار الوقت المناسب لهذا. |
يعطيج العافيه قلب الزهور ع الطرح القيم
مجهود مميز عساج ع القوه ننتظر المزيد لاهنتي |
يعطيك ربي ألف عافيه
طرح رآئع وتواجد مميز ننتظر مزيد من العطاء ودي وتقديري |
اقتباس:
هلاااااااااااوغلااااااااااا يسعدلي قلبك ويسلمووو وربي على الحضور الرائع بصفحتي تقبلي شكري وتقديري واحترامي مع تحياتي :قلب الزهـــور .. بباي http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image366.gif |
اقتباس:
هلاااااااااااوغلااااااااااا يسعدلي قلبك ويسلمووو وربي على الحضور الرائع بصفحتي تقبلي شكري وتقديري واحترامي مع تحياتي :قلب الزهـــور .. بباي http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image366.gif |
أنت لم تفهم بعد [ فلسفة كاتب ] عند استيقاظك في الصباح لابد أن تفهم أن لك دورا في هذا اليوم قد أخذت كفايتك من النوم والغذاء , ولابد أن تتجه نحو العقل ليبدأ عمله ونحو الجسد لينفذ هذه الأفكار وأما كمال الذات فهو أمر شبه مستحيل لكن السعي نحو الكمال مفروض علينا وذلك بالتضحية لجمع أكبر قدر من الأخلاق فهنا نستطيع القول أننا نضحي بالذات لأجل تحقيق كمال الذات وهذا لا يعني أن نسلّم ذواتنا للهلاك بل التضحية هي سبيل التوسع ..ولهذا كنا نقول لمن يسأل عن الراحة ويطلبها في الحياة أن لا يرتاح ويبذل ما بوسعه والمعنى أن الراحة تأتي بعد التعب وإنجاز الأعمال بجدية وصدق , ومن أراد أن يتقدم بدون أن يرجع إلى الوراء فعليه أن ينظر فيما ينفعه وينفع الناس من حوله , فإن أصابته أنانية كان كالمقيّد والسجين فسجن الأنانية من أكبر السجون التي تعيق الروح في طريق السمو . والباحث عن الأخلاق خاصة في هذا الزمان كمن كان على قارب في وسط البحر فجدّف بكلتا يديه حتى إذا ما اقترب من الشاطئ أخذته الأمواج بعيدا وما هذه إلا ظروف الحياة التي إن أراد أحدنا أن يسعى نحو الأخلاق أخذته وساوس البشر والشياطين فتارة يقولون أتفعل كذا والناس يفعلون وتصنع كذا والناس يصنعون فإذا به ينسى ما كان يسعى لأجله . كل هذه الكلمات لأجل ان أشرح لكم معنى قول الشاعر : إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ... إلى آخر كلامه فهذه الأمم تنشأ وتعظم بأخلاق ساكنيها ومؤسسيها فإن ساد الظلم والفساد هلكت الأرض قبل أن يهلك ساكنها ,وهذه الأخلاق هي أساس فلو ضاعت الأخلاق من البيوت على سبيل المثال فسد أصحاب البيت ثم فسد شملهم وتفرّقوا ثم أضحكوا الناس عليهم , وإن فقدت قرية أخلاقها صارت سخرية لباقي القرى من حولها كما كانت العرب تسخر من بعض القرى عندما رأت أن ضيفها يخرج جائعا منها [ كانت بخيلة ] . ثم أعود لأذكر لكم أننا كبشر لابد أن نفهم أدوارنا في الحياة فليست الغاية النوم أو الاسترخاء والاستجمام , وعندما يصيبك اليأس من عملك لابد أن تفكّر بانتهاء هذه الدار وأنك خلقت لعبادة الملك الجبار وأن لك دورا في الحياة كإدخال السعادة إلى قلوب الناس ونصرة المظلوم واستعفاف الفقير ببذل المال والغذاء وإعانة المريض .. إلى غيرها من الأدوار حتى يتوفّاك الله فتكون منجزا لما فرض عليك .. أما أن تطلب الثراء والاسترخاء وتنام وتركن إلى الظالمين وتزيد من عزمهم بإطعامك لهم فهذا ما يسمى ( فهم الحياة بالطريقة الخاطئة ) .. أرجوا أن تعيدوا حساباتكم وأن تفهموا المقصود .. |
النجاح والفشل في حياتنا الحمدلله حمداً دائماً أبدا ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ما أحبَّ أبٌ ولدا ؛أما بعد : فما هو النجاح ؟ وما هو الفشل ؟ وهل النجاح مقتصر على جانب واحد من جوانب حياتنا ؟ وهل النجاح في أن تأت بما لم تأت به الأوائل وأن ما ليس فريداً وكبيرا لا يعتبر نجاحاً ؟. وهل كل ناجح نعرفه ونراه هو ناجح في كل شئون حياته . وهل وصف الانسان نفسه أو وصف غيره له بالفشل يعتبر دقيقاً . وهل إخفاق ولدك في جانب من الجوانب كافياً لوصفه بالفشل ؟ وهل للنجاحات الصغيرة المتكررة اليومية علاقة بتحقيق النجاحات الكبرى العظيمة ؟ وهل الحكم بالفشل حكماً مميزا ً لا يمكن نقضه ولا تغييره ؟ أسئلة كثيرة حول الفشل والنجاح ! وأسئلة كثيرة عن الناجح والفاشل ! نرى طائفة كبيرة من الناس تعيش الإحباط بسبب إيمانها بفشلها واقتناعها بعدم نجاحها ! بل وكثير من الآباء والأمهات كرهوا حتى مجرد الحديث مع أولادهم لتوهمهم بأنهم أشخاص فاشلين . ولو نظرنا بتجرد وبفصل بين الجزئيات لأدركنا أن فشل أحدنا ؛لا يعدو أن يكون فشلاً جزئياً . وأن النجاح أمرأً نسبياً فبعض الناس مثلا ناجح علمياً ؛ لكنه على المستوى الأسري دون المأمول . وبعض الناس ناجح أسرياً لكنه في المجال الوظيفي دون المأمول . وبعض الأولاد برٌ بوالديه مُضيع لدروسه . صحيح هناك من يحقق النجاح على جميع المستويات ؛لكن علينا أن نعترف ونقر أن هذه النوعية قليلة ونادرة جدا . وقد جاء في الحديث الصحيح عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم :(الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة ). لماذا نجعل فشلنا أو فشل أولادنا وطلابنا في جانب يقودنا ويقودهم للفشل في الجوانب الأخرى ؟ ولماذا لا نجعل نجاحنا أو نجاح أولادنا وطلابنا في جانب يقودنا ويقودهم للنجاح في الجوانب الأخرى ؟ هل الفشل الجزئي يحتاج إلى حسن إدارة وحكمة في التعامل حتى لا يتحول لفشل كلي ذريع ؟ وهل النجاح الجزئي يحتاج إلى حسن إدارة وحكمة في التعامل ليستمر ويمتد بيصل إلى جوانب أخرى . والفشل الكلي من وجهة نظري أن يكون الانسان غير صالح لأي عمل ولا يؤدي أي دور. والحق يقال أنه لا يمكن أن يكون المسلم فاشلاً فشلاً كلياً مهما كان سلبيا ً ؛فلا بد أن يقوم المسلم بما يخرجه من دائرة الفشل الكلي . إذا استقر ذلك في أذهاننا فما هو المطلوب منا إذاً : المطلوب منا يتضح من خلال النقاط التالية : اولاً : تغيير التصور لدى بعضنا عن النجاح ! ويتم ذلك من خلال النظر إلى النجاح كما يلي : ١- النجاح لا يعتمد على حجم الإنجاز فقط ؛بل هناك أمور صغيرة من وجهة نظر البعض يعتبر القيام بها نجاحاً كبيرا . ٢- النجاح لا يشترط فيه أن يكون بتحقيق أمر نادر ،بل هناك كثير من الأمور المتكررة في حياتنا اليومية يعتبر القيام بها نجاحا وتميزاً . ٣- النجاح لا يقتصر على تحقيق ما لم يحققه غيرك ؛بل هناك أمور يقوم بها الملايين من الناس ويعتبر القيام بها نجاحا وفوزاً . ٤- النجاح لا يتوقف على الإشادة من الآخرين فهناك الكثير من النجاحات التي تحققها أخي الكريم وقل أن يُشيد ويُثني عليك أحدٌ بها . ٥- من كان لديه حد أدنى من النجاح في جميع جوانب حياته وتميزاً في جانب واحد يعتبر إنسانا متميزاً جداً . ثانيا ً: إعادة النظر في النجاحات اليومية المنسية ! لو تأملنا حياة أي مسلم ؛لوجدنا أن لديه نجاحات يومية كثيرة وفي مجالات مختلفة من حياته : ففي المجال التعبدي :نجد أن المسلم يومياً يؤدي الصلوات الخمس في وقتها ومع جماعة المسلمين إن كان رجلاً وفي بيتها إن كانت امرأة . وهذا حد أدنى للمسلم للنجاح في صلاته ،ومن إراد الاستزادة فبالمحافظة على السنن الرواتب وصلاة الليل والضحى . وحقيقة أن من لم يعتبر المحافظة على الصلاة كما ذكرنا من أكبر النجاحات ؛فلا حق لها في الحديث عن النجاح ؛ بل لم يعرف ما هي الحياة أصلا ً . وفي المجال العلمي :فمعرفة المسلم مسألة واحدة من دينه أو قرآت صفحة من كتاب ربه أو حديثاً من حديث نبيه صلى الله عليه وسلم يعتبر نجاحا ً وكذلك قراءته لصفحة واحدة من كتاب في علم نافع من النجاحات التي تستحق ذكرها وعدم إهمالها . وفي المجال الأسري : فقبلة تطبعها على رأس أحد والديك نجاح وأي نجاح . وابتسامتك في وجه زوجتك نجاح ... وحمل ولدك الصغير إلى المستشفى نجاح ... ومراجعة الأم دورس أولادها نجاح ... وتهيئة الزوجة طعام زوجها نجاح ... واتصال بعمة أو خالة نجاح ... وإعطاؤك ولدك مصروفا يومياً نجاح ... (حتى اللقمة يضعها أحدكم في في زوجته) نجاح وأي نجاح . وفي المجال الاجتماعي :فزيارة لجارك في بيته نجاح ... وعيادتك لابن زميلك في المستشفى نجاح ... وإجابة دعوة صديقك نجاح ... وكفالة اليتيم نجاح ... ومساعدة الأرملة نجاح ... وإعطاء الطريق حقه نجاح ... وفي المجال الوظيفي : فاهتمامك بوقت عملك نجاح وحرصك على زيادة انتاجيتك في العمل نجاح ،ولين الخطاب مع المراجع نجاح .. هل رأيت أخي كم تحقق من النجاحات اليومية المنسية ؟ أنا لا أدعو للكسل ولا إلى ضعف الهمة لكن أدعوك إلى حمد الله على ما من به عليك وعدم ترك المجال لوساوس الشيطان بالتقليل من شأن نفسك ووصفك بالفشل وعدم الإنجاز . ولا أريد الاستطراد أكثر وأكتفي بالجوانب الأربعة المذكورة ،علما بأن هناك مجالات أخرى لم أذكرها خشية الإطالة . |
تااااااااااااابع
ثالثاً :الاحتفال بنجاحاتنا الصغيرة ؛وأقل درجات هذا الاحتفال هو حمد الله عليها ثم الرضى الذاتي عن أنفسنا . من النقطة السابقة أتضح لك أخي الكريم كم لدينا من النجاحات ؟ قلق واكتئاب لدى الكثيرين مع أن لديه كل النجاحات التي ذكرناها ،وإرهاق للنفس إن لم يكن إزهاق للروح بالنظرة السلبية عن أنفسنا وأولادنا وطلابنا . قال الحبيب صلى الله عليه وسلم :(ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه ) وأولى من ترفق به نفسك وأهلك وولدك ؛ومن أعظم أوجه الرفق بالنفس شكرها على إحسانها وحثها على زيادة الإحسان بالحسنى . أسأل الله أن يكتبنا من الناجحين وأن يصرف عنا الفاشلين ويصرفنا عن سبيلهم والله تعالى أجل وأعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . |
كيف تستثمر طاعتك في زيادة أجرك؟! * اجمع مع نية صلاة كل نافلة، نية الاستخارة على أمر معين تعتزم القيام به، وما أكثر الأمور التي تشغل حياتنا اليومية، وذلك حتى تصيبك بركة الاستخارة من جهة، وتتعود على استخارة الله في كل أمر من أمور حياتك صغيراً كان أو كبيراً (كما كان حال الصحابة رضوان الله عليهم) من جهة أخرى!! * (قناص الخير) حين تراسل أصحابك بالرسائل التي تنال إعجابك من خلال برنامج الوتسب وغيره من البرامج؛ استحضر النية باستهدافك (المتخاصمين بالقصص التي تسهم في الإصلاح بينهما) أو (العاق بالقصص التي تحثه على بر والديه) أو (المقصر في المحافظة على صلاة الجماعة بالأحاديث التي تجعله يحرص عليها) أو (المقصر في حق زوجته وأولاده بالقصص المؤثرة التي قد تغير في سلوكياته) وذلك حتى لا تكون مراسلاتنا مجرد نوع من العبث، وتتحول بذلك عاداتنا الحديثة إلى عبادات مفيدة!! * حين تكون في طريقك للصلاة بسيارتك، فحاول اصطحاب ما تستطيع اصطحابه معك من المتوجهين إلى المسجد مشياً على الأقدام، لاسيما إذا ما كانت الحرارة ملتهبة، وحبذا لو كانت لديك هدية رمزية مثل سواك أو كتيب مفيد تهديها إليهم، كنوع من التجارة مع الله لمضاعفة الأجور بإذن الله!! * حاول تعويد نفسك ألا ترفع رأسك من أي سجدة في (فريضة أو نافلة) حتى تدعو لوالديك بالرحمة والمغفرة، حتى يصل بك هذا الأمر؛ لتكوين شعور لاإرادي بداخلك، بعدم اكتمال أي سجدة، لو لم تتضمن هذا الدعاء، فتجمع بذلك بين ثواب الصلاة، وبر والديك؛ سواء كانا من الأحياء أو الأموات، ويكون رصيدك بذلك جبال من الحسنات يوم القيامة بإذن الله!! * احرص عند حضور أي جنازة أن تصحب معك ولو طفل صغير، يقوم بتوزيع بطاقة بسيطة على المشيعين مكتوب عليها : (أجزل الله لك الأجر بحضورك الجنازة، وحتى يتضاعف أجرك بإذن الله، فاعقد النية من خالص قلبك على أنك قد حللت الميت من أي مظلمة أو تقصير في حقك، فلقد انتقل من دار العمل إلى دار الحساب، وهو أحوج ما يكون لعفوك عنه) لعل الله أن يعفو عنك في الدنيا والآخرة، كما كنت سبباً في عفو الناس عن ذلك الميت!! * عند ذهابك إلى المستشفى لزيارة أي مريض، حاول أن تحمل معك هدية إضافية أو اثنين، فلعلك تتعرف على مريض لا يزوره أحد، فتقدم له تلك الهدية بنية الترويح عن محزون، لعل الله أن يدخل عليك السرور في الدنيا والآخرة!! * إذا كان لديك أخ مسافر، ووالدتك تشتاق دوماً لسماع صوته، فأجل الاتصال به؛ حتى ولو ظهرت لك حاجة عارضة لسؤاله عن موضوع معين؛ وذلك حتى تكون بجوار والدتك، فتجري الاتصال به، لتصل بذلك رحمك، وتبر والدتك بإدخال السرور عليها بسماع صوته معاً، فتجمع لنفسك بين الخيرين!! |
إزالة العوائق أمام كل صادق في طلب التوبة!! لابد لكل صادق في طلب النجاة يوم القيامة أن يهيئ نفسه دوماً للقاء الله بتوبة صادقة، وهذه التوبة تحتم عليه القيام بعملية جرد حسابي شامل بين الحين والآخر لأفعاله وأقواله، محاولاً تطهير صحيفته قدر المستطاع من كل ما يخشى أن يلقى الله به يوم القيامة وهو محملٌ بأوزاره، وقد يستصعب الكثير منَّا إجراء مثل ذلك الجرد الشامل، لاسيما وأن الشيطان الرجيم سيحاول جاهداً استعظام ذلك على نفس العبد، حتى يصرف عنه تلك العزيمة، في حين أن القيام بإجراء ذلك الجرد على مشقته في الدنيا، والعبد لا يزال في فسحة من عمره ليتوب ويرجع، أهون بكثير من مواجهة مفرداته في الآخرة وقد ضاعت فرصة التوبة!! ناهيك عن أن القيام بمثل هذا الجرد، سهل وميسور إذا ما قام العبد بتقسيم الأفعال التي يخشى أن يلقى بها ربه على النحو التالي : أولاً : معاصي بين العبد وبين الله. ثانياً : حقوق معنوية للخلق. ثالثاً : حقوق مادية للخلق. فالأولى علاجها بعموم الاستغفار والندم الصادق على التفريط في جنب الله تعالى، مقروناً بالأمل الكبير في سعة رحمته تعالى ومغفرته، والإيمان الصادق، بل والثقة المطلقة في وعده سبحانه بقبول توبة التائبين، ومغفرة ذنوب المستغفرين. والثانية : محاولة التحلل ممن وقع العبد في غيبتهم، أو ذكرهم بسوء أو تسبب في إيذائهم بألفاظه وما إلى ذلك، باذلاً وسعه في إيجاد الطرق والأساليب التي تصفي نفوسهم، وتحلله من تلك المظالم، فإذا أعجزه الوصول إليهم بعد بذل أقصى الجهد، وبالأخص وقوعه في الغيبة الجماعية للشعوب أو القبائل (كالصعايدة أو عموم المصريون أو أي شعب أو قبيلة بعينها) حاول بذل وسعه في الدعاء والاستغفار لهم، لعل هذا يكفر ذنبه بإذن الله تعالى. والثالثة : الحقوق المادية كالديون، أو المستحقات المالية التي جبت في حقه، لكنه عجز عن سدادها، فالواجب عليه إحصاءها كتابياً، وبذل أقصى الجهد في سداداها لأصحابها، ما دام حياً، مع إرفاقها بوصيته وتسليمها لأهله، حتى يكونوا على علم بها إذا ما وافته المنية قبل ذلك والأحوط أن يحرر رسالة لكل صاحب حق، ويبقيها ضمن الوصية مع أهله، بحيث يرسلونها إليه حال موته قبل سداد ما عليه من دين، بحيث يعلمه في فحواها بأنه قد بذل قصارى جهده خلال أيام حياته ولم يقصر في محاولة سداد ما عليه من مستحقات له، غير أن المنية قد وافته قبل قدرته على القيام بذلك، ويدعوه فيها للتجاوز عنه؛ لعل الله أن يتجاوز عنه يوم القيامة، وإلا فسوف يسعى أبناؤه لسداد دينه من بعده، وفي هذا محاولة للتحلل من الحقوق، وبرهان صادق لصاحب الحق على مدى حرص المتوفى على سداد دينه، ولعل نفس صاحب الدين تطيب فيتجاوز عنه رحمة بحاله وحال أسرته من بعده، وهذا هو الأغلب ولله الحمد عند كثير من المسلمين. هذه أسباب ثلاث، تزيل اللبس أمام كل عبد صادق في طلب التوبة وتطهير نفسه قبل حلول المنية وفوات الأوان، وتحول دون الشيطان ومحاولة تسويد الشاشة أمام عينه، ألا فاعقدوا النية على تطهير الصحف وتخفيف حملها من الآثام عباد الله؛ قبلما تتطاير أمام أعينكم بما فيها من الأوزار الثقال (عياذاً بالله)!! نسأل الله أن يرزقنا وإياكم التوبة الصادقة، وأن يطهر صحائفنا قبل حلول منيتنا من جميع الزلات والآثام، وأن يملأها بفعل الخيرات وعمل الصالحات، وأن يجعل خير أيامنا يوم لقائه، وخير أعمالنا خواتيمها، إنه سبحانه أهل التقوى وأهل المغفرة. |
فوائد من الكتب - الجزء الأول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذه مجموعة فوائد جمعتها من الكتب وأرجوا من الله لي ولكم التوفيق والعلم النافع : ( فائدة ) : التوحيد وصية الأنبياء؛ لقوله تعالى: { ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : كل داع إلى ضلال ففيه شبه من اليهود، والنصارى؛ دعاة السفور الآن يقولون: اتركوا المرأة تتحرر؛ اتركوها تبتهج في الحياة؛ لا تقيدوها بالغطاءِ، وتركِ التبرج، ونحو ذلك؛ أعطوها الحرية؛ وهكذا كل داع إلى ضلالة سوف يطلي هذه الضلالة بما يغر البليد فهو شبيه باليهود، والنصارى. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : اليهود والنصارى لا يتبع بعضهم بعضاً؛ بل يضلل بعضهم بعضاً؛ فاليهود يرون النصارى ليسوا على شيء من الدين؛ والنصارى يرون اليهود ليسوا على شيء من الدين أيضاً؛ كل منهم يضلل الآخر فيما بينهم؛ كل واحد منهم يرى أن الآخر ليس على ملة صحيحة؛ ولهذا قال تعالى: {وما بعضهم بتابع قبلة بعض} [البقرة: 145] ؛ فقبلة اليهود إلى بيت المقدس ــــ إلى الصخرة؛ وقبلة النصارى إلى المشرق يتجهون نحو الشمس؛ لكنهم على الإسلام يد واحدة بعضهم لبعض وليّ، كما قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} [المائدة: 51] ؛ لأنهم كلهم أعداء للإسلام. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : الأصل في الإنسان الجهل؛ لقوله تعالى: { ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون }؛ وهو مما يدل على نقص الإنسان، حيث كان الأصل فيه الجهل؛ قال تعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً} [النحل: 78] ؛ ثم قال عزّ وجلّ: {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة} [النحل: 78] ؛ فبين طرق العلم: {السمع والبصر}؛ وبهما الإدراك؛ و {الأفئدة} ؛ وبها الوعي، والحفظ. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : معيته تعالى نوعان: النوع الأول: عامة لجميع الخلق، ومقتضاها الإحاطة بهم علماً، وقدرة، وسلطاناً، وسمعاً، وبصراً، وغير ذلك من معاني ربوبيته؛ لقوله تعالى: {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا} [المجادلة: 7] . والنوع الثاني: خاصة؛ ومقتضاها مع الإحاطة: النصر، والتأييد؛ وهي نوعان: مقيدة بوصف ، كقوله تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} [النحل: 128] ؛ و مقيدة بشخص ، كقوله تعالى لموسى، وهارون: {إنني معكما أسمع وأرى} [طه: 46] ، وقوله عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} [التوبة: 40] . ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : مشروعية الطواف بين الصفا، والمروة؛ ويؤخذ ذلك من كونه من شعائر الله؛ وهل هو ركن، أو واجب، أو سنة؟ اختلف في ذلك أهل العلم على أقوال ثلاثة؛ فقال بعضهم: إنه ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به؛ وقال بعضهم: إنه واجب من واجبات الحج يجبر بدم، ويصح الحج بدونه؛ وقال آخرون: إنه سنة، وليس بواجب. والقول بأنه سنة ضعيف جداً؛ لأن قوله تعالى: { من شعائر الله } يدل على أنه أمر مهم؛ لأن الشعيرة ليست هي السنة فقط؛ الشعيرة هي طاعة عظيمة لها شأن كبير في الدين. بقي أن يكون متردداً بين الركن، والواجب؛ والأظهر أنه ركن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي»؛ وقالت عائشة: «والله! ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة». فالأقرب أنه ركن؛ وليس بواجب؛ وإن كان الموفق رحمه الله وهو من مشائخ مذهب الإمام أحمد اختار أنه واجب يجبر بدم. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : يجب على من قال قولاً باطلاً، ثم تبين له بطلانه أن يبينه للناس إلا إذا كان اختلاف اجتهاد فلا يلزمه أن يبين بطلان ما سبق؛ لأنه لا يدري أيّ الاجتهادين هو الصواب. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : توبة الكاتمين للعلم لا تكون إلا بالبيان، والإصلاح لقوله تعالى: { إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا }: ثلاثة شروط: الأول: التوبة؛ وهي الرجوع عما حصل من الكتمان. الثاني: الإصلاح لما فسد بكتمانهم؛ لأن كتمانهم الحق حصل به فساد. الثالث: بيان الحق غاية البيان. وبهذا تبدل سيئاتهم حسنات. ( تفسير ابن عثيمين ) ( فائدة ) : الحذر مما يفعله بعض الناس الآن من التساهل في رمي الجمرات، حيث إنهم يوكلون من يرمي عنهم بدون عذر مخالفة لقوله تعالى: { وأتموا الحج والعمرة لله }؛ وعليه فلا يصح رمي الوكيل حينئذ؛ لقوله (صلى الله عليه وسلم): «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» أي مردود عليه؛ أما إذا كان لعذر كالمريض، والخائف على نفسه من شدة الزحام إذا لم يكن وقت آخر للرمي يخف فيه الزحام فلا بأس أن يستنيب من يرمي عنه؛ ولولا ورود ذلك عن الصحابة لقلنا: إن العاجز عن الرمي بنفسه يسقط عنه الرمي كسائر الواجبات، حيث تسقط بالعجز؛ ويدل لعدم التهاون بالتوكيل في الرمي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لسودة بنت زمعة أن توكل؛ بل أمرها أن تخرج من مزدلفة، وترمي قبل حطمة الناس؛ ولو كان التوكيل جائزاً لمشقة الزحام لكان الرسول صلى الله عليه وسلم يبقيها معه حتى تدرك بقية ليلة المزدلفة، وتدرك صلاة الفجر فيها، وتدرك القيام للدعاء بعد الصلاة؛ ولا تُحْرَم من هذه الأفعال؛ فلما أذن لها في أن تدفع بليل عُلم بأن الاستنابة في الرمي في هذا الأمر لا يجوز؛ وكذلك لو كان جائزاً لأذن للرعاة أن يوكلوا، ولم يأذن لهم بأن يرموا يوماً، ويدعوا يوماً. ( تفسير ابن عثيمين ) |
تااااااااااااابع
( فائدة ) : { وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ المؤمنين } ، يعني : ليحضر عند إقامة الحد طائفة من المؤمنين . وفي حضور الطائفة ثلاث فوائد : أولها أنهم يعتبرون بذلك ، ويبلغ الشاهد الغائب والثانية أن الإمام إذا احتاج إلى الإعانة أعانوه ، والثالثة لكي يستحي المضروب ، فيكون زجراً له من العود إلى مثل ذلك الفعل؛ وقال الزهري : الطائفة ثلاثة فصاعداً ، وذكر عن أنس بن مالك أنه قال : أربعة فصاعداً ، لأن الشهادة على الزنى لا تكون أقل من أربعة؛ وقال بعضهم : اثنان فصاعداً؛ وقال بعضهم : الواحد فصاعداً؛ وهو قول أهل العراق؛ وهو استحباب وليس بواجب ، وروي عن ابن عباس أنه قال : رجلان ، وعن مجاهد قال : واحد فما فوقه طائفة؛ وروي عن ابن عباس مثله ( بحر العلوم للسمرقندي ) ( فائدة ) : { فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ } فيه فوائد : الفائدة الأولى : الآية تدل على أن صدور الفعل عن الفاعل بدون القصد والداعي محال . الفائدة الثانية : أن صيغة الأمر لا لمعنى الطلب في كتاب الله كثيرة ثم نقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال هذه الصيغة تهديد ووعيد وليست بتخيير . الفائدة الثالثة : أنها تدل على أنه تعالى لا ينتفع بإيمان المؤمنين ولا يستضر بكفر الكافرين ، بل نفع الإيمان يعود عليهم ، وضرر الكفر يعود عليهم ، كما قال تعالى : { إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } [ الإسراء : 7 ] ( تفسير الرازي) ( فائدة ) : قوله : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى } سؤال ، والسؤال إنما يكون لطلب العلم وهو على الله تعالى محال فما الفائدة فيه . والجواب فيه فوائد : إحداها : أن من أراد أن يظهر من الشيء الحقير شيئاً شريفاً فإنه يأخذه ويعرضه على الحاضرين ويقول لهم : هذا ما هو؟ فيقولون هذا هو الشيء الفلاني ثم إنه بعد إظهار صفته الفائقة فيه يقول لهم خذا منه كذا وكذا . فالله تعالى لما أراد أن يظهر من العصا تلك الآيات الشريفة كانقلابها حية ، وكضربه البحر حتى انفلق ، وفي الحجر حتى انفجر منه الماء ، عرضه أولاً على موسى فكأنه قال له : يا موسى هل تعرف حقيقة هذا الذي بيدك وأنه خشبة لا تضر ولا تنفع ، ثم إنه قلبه ثعباناً عظيماً ، فيكون بهذا الطريق قد نبه العقول على كمال قدرته ونهاية عظمته من حيث إنه أظهر هذه الآيات العظيمة من أهون الأشياء عنده فهذا هو الفائدة من قوله : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى } . وثانيها : أنه سبحانه لما أطلعه على تلك الأنوار المتصاعدة من الشجرة إلى السماء وأسمعه تسبيح الملائكة ثم أسمعه كلام نفسه ، ثم إنه مزج اللطف بالقهر فلاطفه أولاً بقوله : { وَأَنَا اخترتك } ثم قهره بإيراد التكاليف الشاقة عليه وإلزامه علم المبدأ والوسط والمعاد ثم ختم كل ذلك بالتهديد العظيم ، تحير موسى ودهش وكاد لا يعرف اليمين من الشمال فقيل له : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ ياموسى } ليعرف موسى عليه السلام أن يمينه هي التي فيها العصا ، أو لأنه لما تكلم معه أولاً بكلام الإلهية وتحير موسى من الدهشة تكلم معه بكلام البشر إزالة لتلك الدهشة والحيرة ، والنكتة فيه أنه لما غلبت الدهشة على موسى في الحضرة أراد رب العزة إزالتها فسأله عن العصا وهو لا يقع الغلط فيه . ( تفسير الرازي) ( فائدة ) : قوله تعالى : { قال رب أنى يكون لي غلام } أي : كيف يكون؟! . قال الكميت : أنى ومن أينَ آبَكَ الطرب ... قال العلماء : منهم الحسن ، وابن الأنباري ، وابن كيسان : كأنه قال : من أي وجه يكون لي الولد؟ أيكون بازالة العقر عن زوجتي ، وردّ شبابي؟ أم يأتي ونحن على حالنا؟ فكان ذلك على سبيل الاستعلام ، لا على وجه الشك . قال الزجاج : يقال : غلام بيّن الغلوميَّة ، وبين الغلاميَّة ، وبين الغلومة . قال شيخنا : أبو منصور اللغوي : الغلام : فعال ، من الغُلمة ، وهي شدة شهوة النكاح . ويقال للكهل : غلام . قالت ليلى الأخيلية تمدح الحجاج : . . . . . . ... غلام إِذا هزَّ القناة سقاها وكأن قولهم للكهل : غلام ، أي : قد كان مرة غلاماً . وقولهم للطفل : غلام على معنى التفاؤل ، أي : سيصير غلاماً . قال : وقيل : الغلام الطار الشارب ، ويقال للجارية : غلامة . قال الشاعر : . . . . . . ... يهان لها الغلامة والغلام ( زاد المسير لابن الجوزي ) ( فائدة ) : قوله تعالى : { والجانَّ } فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه مسيخ الجن ، كما أن القردة والخنازير مسيخ الإِنس ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والثاني : أنه أبو الجن ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . وروى عنه الضحاك أنه قال : الجانُّ أبو الجن ، وليسوا بشياطين ، والشياطين ولد إِبليس لا يموتون إِلا مع إِبليس ، والجن يموتون ، ومنهم المؤمن ومنهم الكافر . والثالث : أنه إِبليس ، قاله الحسن ، وعطاء ، وقتادة ، ومقاتل . فإن قيل : أليس أبو الجن هو إِبليس؟ فعنه جوابان . أحدهما : أنه هو ، فيكون هذا القول هو الذي قبله . والثاني : أن الجانَّ أبو الجن ، وإِبليس أبو الشياطين ، فبينهما إِذاً فرق على ما ذكرناه عن ابن عباس . قال العلماء : وإِنما سمي جانّاً ، لتواريه عن العيون . ( زاد المسير لابن الجوزي ) |
فوائد من الكتب - الجزء الثاني هذه مجموعة فوائد جمعتها من الكتب وأرجوا من الله لي ولكم التوفيق والعلم النافع : ( فائدة ) : ( المروة ) بفتح الميم وسكون الراء المهملة : هي الحجارة البيضاء ، وبه سميت مروة مكة . وفي المغرب : المروة حجر أبيض رقيق ، وقال في القاموس : المروة حجارة بيض براقة توري النار أو أصلب الحجارة . وقال في المجمع : هي حجر أبيض ، ويجعل منه كالسكين . (تحفة الأحوذي ) ( فائدة ) : أي في ذبحه والجنين : هو الولد ما دام في بطن أمه . قال في النهاية : التذكية الذبح والنحر ، يقال ذكيت الشاة تذكية ، والاسم الذكاة والمذبوح ذكي . (تحفة الأحوذي ) ( فائدة ) : الفحش هو كل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي ، وكثيرا ما ترد الفاحشة بمعنى الزنا ، وكل خصلة قبيحة من الأقوال والأفعال . وقال في القاموس : الفاحشة الزنا وما يشتد قبحه من الذنوب وكل ما نهى الله عز وجل عنه ، وقد فحش ككرم فحشا ، والفحش عدوان الجواب ، ومنه : " لا تكوني فاحشة " لعائشة رضي الله تعالى عنها. (تحفة الأحوذي ) ( فائدة ) : ( المسْتبّان )بتشديد الباء اسم الفاعل من باب الافتعال أي المتشاتمان وهما اللذان سب كل منهما الآخر ، لكن الآخر أراد رد الآخر أو قال شيئا من معائبه الموجودة فيه. (تحفة الأحوذي ) ( فائدة ) : الغيرة : بفتح المعجمة وسكون التحتانية بعدها راء قال عياض وغيره : هي مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص وأشد ما يكون ذلك بين الزوجين . هذا في حق الآدمي وأما في حق الله ، فقال الخطابي : أحسن ما يفسر به ما فسر في حديث أبي هريرة يعني حديث الباب وهو قوله : " وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه " . قال عياض : ويحتمل أن تكون الغيرة في حق الله الإشارة إلى تغيير حال فاعل ذلك . وقيل الغيرة في الأصل الحمية والأنفة . وهو تفسير بلازم التغير فيرجع إلى الغضب . وقد نسب سبحانه وتعالى إلى نفسه الغضب والرضا . وقال ابن العربي : التغير محال على الله بالدلالة القطعية فيجب تأويله بلازمه كالوعيد وإيقاع العقوبة بالفاعل ونحو ذلك انتهى . . (تحفة الأحوذي ) ( فائدة ) : فيه حديث أبي هريرة في قضاء داود وسليمان صلى الله عليهما وسلم في الولدين اللذين أخذ الذئب أحدهما فتنازعته أماهما ، فقضى به داود للكبرى ، فلما مرتا بسليمان قال : أقطعه بينكما نصفين فاعترفت به الصغرى للكبرى بعد أن قالت الكبرى : اقطعه ، فاستدل سليمان بشفقة الصغرى على أنها أمه ، وأما الكبرى فما كرهت ذلك ؛ بل أرادته لتشاركها صاحبتها في المصيبة بفقد ولدها . قال العلماء : يحتمل أن داود صلى الله عليه وسلم قضى به للكبرى لشبه رآه فيها ، أو أنه كان في شريعته الترجيح بالكبير ، أو لكونه كان في يدها ، وكان ذلك مرجحا في شرعه . وأما سليمان فتوصل بطريق من الحيلة والملاطفة إلى معرفة باطن القضية ، فأوهمهما أنه يريد قطعه ليعرف من يشق عليها قطعه فتكون هي أمه ، فلما أرادت الكبرى قطعه ، عرف أنها ليست أمه ، فلما قالت الصغرى ما قالت عرف أنها أمه ، ولم يكن مراده أنه يقطعه حقيقة ، وإنما أراد اختبار شفقتهما ؛ لتتميز له الأم ، فلما تميزت بما ذكرت عرفها ، ولعله استقر الكبرى فأقرت بعد ذلك به للصغرى ، فحكم للصغرى بالإقرار لا بمجرد الشفقة المذكورة. ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ) ( فائدة ) : معنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشقات في رضا الله عز وجل ، ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وإيثار ذلك على عرض الدنيا ، ومحبة العبد ربه - سبحانه وتعالى - بفعل طاعته ، وترك مخالفته ، وكذلك محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال القاضي رحمه الله : هذا الحديث بمعنى الحديث المتقدم : ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ) وذلك أنه لا يصح المحبة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم حقيقة وحب الآدمي في الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكراهة الرجوع إلى الكفر إلا لمن قوى بالإيمان يقينه ، واطمأنت به نفسه ، وانشرح له صدره ، وخالط لحمه ودمه . وهذا هو الذي وجد حلاوته . . ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ) ( فائدة ) : قال العلماء رحمهم الله : والإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة . وروي عن عمر ، وابن عباس وغيرهما رضي الله عنهم : لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع إصرار معناه أن الكبيرة تمحى بالاستغفار ، والصغيرة تصير كبيرة بالإصرار . قال الشيخ أبو محمد بن عبد السلام في حد الإصرار : هو أن تتكرر منه الصغيرة تكرارا يشعر بقلة مبالاته بدينه إشعار ارتكاب الكبيرة بذلك . قال : وكذلك إذا اجتمعت صغائر مختلفة الأنواع بحيث يشعر مجموعها بما يشعر به أصغر الكبائر . وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله : المصر من تلبس من أضداد التوبة باسم العزم على المعاودة أو باستدامة الفعل بحيث يدخل به ذنبه في حيز ما يطلق عليه الوصف بصيرورته كبيرا عظيما . وليس لزمان ذلك وعدده حصر . والله أعلم . . . ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ) ( فائدة ) : النميمة نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم. . ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ) ( فائدة ) : الهمزة في قوله تعالى { أولم تؤمن } همزة إثبات كقول جرير : ألستم خير من ركب المطايا . والله أعلم . . . ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ) ( فائدة ) : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب العرب بما يفهمونه ويقرب الكلام إلى أفهامهم ، ويستعمل الاستعارة وغيرها من أنواع المجاز ليقرب متناولها. ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ) ( فائدة ) : قال العلماء : يقال : الاستطابة والاستجمار والاستنجاء لتطهير محل البول والغائط ، فأما الاستجمار فمختص بالمسح بالأحجار ، وأما الاستطابة والاستنجاء فيكونان بالماء ويكونان بالأحجار.( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ) ( فائدة ) : الخيشوم أعلى الأنف ، وقيل : هو الأنف كله وقيل : هي عظام رقاق لينة في أقصى الأنف بينه وبين الدماغ ، وقيل غير ذلك وهو اختلاف متقارب المعنى. ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). |
تاااااااااااااابع
( فائدة ) : المطهرة : كل إناء يتطهر به وهي بكسر الميم وفتحها لغتان مشهورتان وذكرهما ابن السكيت من كسر جعلها آلة ، ومن فتحها جعلها موضعا يفعل فيه . . ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : قوله صلى الله عليه وسلم : ( وددت أنا قد رأينا إخواننا قالوا : أو لسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال : بل أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد ) قال العلماء في هذا الحديث : جواز التمني لا سيما في الخير ولقاء الفضلاء وأهل الصلاح والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم : ( وددت أنا قد رأينا إخواننا ) أي : رأيناهم في الحياة الدنيا . قال القاضي عياض : وقيل : المراد : تمني لقائهم بعد الموت. ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : قال العلماء : والنهي عن التنفس في الإناء هو من طريق الأدب ؛ مخافة من تقذيره ونتنه وسقوط شيء من الفم والأنف فيه ونحو ذلك . والله أعلم . . ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : يكره البول قائما إلا لعذر ، وهي كراهة تنزيه لا تحريم . قال ابن المنذر في الإشراق : اختلفوا في البول قائما فثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وزيد بن ثابت وابن عمر وسهل بن سعد أنهم بالوا قياما ، قال وروي ذلك عن أنس وعلي وأبي هريرة رضي الله عنهم . وفعل ذلك ابن سيرين وعروة بن الزبير ، وكرهه ابن مسعود والشعبي وإبراهيم بن سعد ، وكان إبراهيم بن سعد لا يجيز شهادة من بال قائما ، وفيه قول ثالث : أنه كان في مكان يتطاير إليه من البول شيء فهو مكروه ، فإن كان لا يتطاير فلا بأس به . وهذا قول مالك قال ابن المنذر : البول جالسا أحب إلي وقائما مباح ، وكل ذلك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . هذا كلام ابن المنذر . والله أعلم . . ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : لا تكره مضاجعة الحائض ولا قبلتها ، ولا الاستمتاع بها فيما فوق السرة وتحت الركبة ، ولا يكره وضع يدها في شيء من المائعات ، ولا يكره غسلها رأس زوجها أو غيره من محارمها وترجيله ، ولا يكره طبخها وعجنها ، وغير ذلك من الصنائع ، وسؤرها وعرقها طاهران ، وكل هذا متفق عليه ، وقد نقل الإمام أبو جعفر محمد بن جرير في كتابه في مذاهب العلماء وإجماع المسلمين على هذا كله. ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : مني الرجل في حال الصحة أبيض ثخين ، يتدفق في خروجه دفقة بعد دفقة ، ويخرج بشهوة وبتلذذ بخروجه ، وإذا خرج استعقب خروجه فتورا ورائحة كرائحة طلع النخل ، ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين ، وقيل : تشبه رائحته رائحة الفصيل ، وقيل : إذا يبس كانت رائحته كرائحة البول ، فهذه صفاته ، وقد يفارقه بعضها مع بقاء ما يستقل بكونه منيا ، وذلك بأن يمرض فيصير منيه رقيقا أصفر ، أو يسترخي وعاء المني ، فيسيل من غير التذاذ وشهوة ، أو يستكثر من الجماع ؛ فيحمر ويصير كماء اللحم ، وربما خرج دما عبيطا ، وإذا خرج المني أحمر فهو طاهر موجب للغسل ، كما لو كان أبيض. ( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : يكون رفع الصوت في الإقامة دونه في الأذان.( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : معنى ( سمع الله لمن حمده ) هنا أجاب ، ومعناه أن من حمد الله تعالى متعرضا لثوابه استحباب الله تعالى وأعطاه ما تعرض له فإنا نقول ربنا لك الحمد لتحصيل ذلك.( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : إنما نهي عن إتيان الكاهن ؛ لأنهم يتكلمون في مغيبات قد يصادف بعضها الإصابة ؛ فيخاف الفتنة على الإنسان بسبب ذلك ؛ لأنهم يلبسون على الناس كثيرا من أمر الشرائع ، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن إتيان الكهان وتصديقهم فيما يقولون ، وتحريم ما يعطون من الحلوان ، وهو حرام بإجماع المسلمين ، وقد نقل الإجماع في تحريمه جماعة منهم أبو محمد البغوي رحمهم الله تعالى . قال البغوي : اتفق أهل العلم على تحريم حلوان الكاهن ، وهو ما أخذه المتكهن على كهانته ، لأن فعل الكهانة باطل لا يجوز أخذ الأجرة عليه . وقال الماوردي - رحمه الله تعالى - في الأحكام السلطانية : ويمنع المحتسب الناس من التكسب بالكهانة واللهو ، ويؤدب عليه الآخذ والمعطي ، وقال الخطابي - رحمه الله تعالى - : حلوان الكاهن ما يأخذه المتكهن على كهانته ، وهو محرم . وفعله باطل ، قال : وحلوان العراف حرام أيضا ، قال : والفرق بين العراف والكاهن ، أن الكاهن إنما يتعاطى الأخبار عن الكوائن في المستقبل ، ويدعي معرفة الأسرار ، والعراف يتعاطى معرفة الشيء المسروق ، ومكان الضالة ونحوهما.( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : ويلحق بالثوم والبصل والكراث كل ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها . قال القاضي : ويلحق به من أكل فجلا وكان يتجشى ، قال : وقال ابن المرابط : ويلحق به من به بخر في فيه أو به جرح له رائحة . قال القاضي : وقاس العلماء على هذا مجامع الصلاة غير المسجد ، كمصلى العيد والجنائز ونحوها من مجامع العبادات ، وكذا مجامع العلم والذكر والولائم ونحوها ، ولا يلتحق بها الأسواق ونحوها . .( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : الزمهرير : شدة البرد ، والحرور : شدة الحر.( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : سميت ليلة القدر ؛ لما يكتب فيها للملائكة من الأقدار والأرزاق والآجال التي تكون في تلك السنة ، كقوله تعالى : { فيها يفرق كل أمر حكيم } وقوله تعالى : { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر } ومعناه : يظهر للملائكة ما سيكون فيها ، ويأمرهم بفعل ما هو من وظيفتهم ، وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به ، وتقديره له ، وقيل : سميت ليلة القدر ؛ لعظم قدرها وشرفها ، وأجمع من يعتد به على وجودها ودوامها إلى آخر الدهر ؛ للأحاديث الصحيحة المشهورة.( المنهاج لشرح صحيح مسلم بن الحجاج ). ( فائدة ) : الكلالة من لا ولد له ولا والد ( التمهيد لابن عبد البر) ( فائدة ) : القرآن كلام الله غير مخلوق حيثما تصرف ، فأي شيء بقي ؟ من قال : لفظي بالقرآن غير مخلوق ؟ فنحن نهجره ولا نكلمه ، وهذه بدعة ( الإبانة الكبرى لابن بطة ) ( فائدة ) : قال النووي قال العلماء الحكمة في السترة كف البصر عما وراءها ومنع من يجتاز بقربه قال أصحابنا ينبغي أن يدنو من السترة ولا يزيد على ثلاثة أذرع وسترة الامام سترة المأموم ويجعل السترة على حاجبه الأيمن أو الأيسر مرقاة ( شرح سنن ابن ماجة للسيوطي ) ( فائدة ) : نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الشغار الخ قال العلماء الشغار بكسر الشين المعجمة وبالغين المعجمة أصله في اللغة الرفع يقال شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول كأنه قال لا ترفع رجل بنتي حتى ارفع رجل بنتك وقيل هو من شغر البلد إذا خلا لخلوه عن الصداق ويقال شغرت المرأة إذا رفعت رجلها عند الجماع قال بن قتيبة كل واحد منهما يشغر عند الجماع وكان الشغار من نكاح الجاهلية وإجماع العلماء على انه منهي عنه .( شرح سنن ابن ماجة للسيوطي ) ( فائدة ) : الحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامة الناس كما أجمع العلماء على انه لو كان عند انسان طعام واضطر الناس اليه ولم يجدوا غيره اجبر على بيعه دفعا للضرر عن الناس.( شرح سنن ابن ماجة للسيوطي ) ( فائدة ) : محبة الله لعبده إرادته الخير له وهدايته وإنعامه عليه ورحمته وبغضه إرادته عقابه وشقاوته ونحوه وجب جبريل والملائكة يحتمل وجهين أحدهما استغفارهم له وثناؤهم عليه ودعاؤهم له والثاني أنه على ظاهره المعروف من الخلق وهو ميل القلب إليه واشتياقه إلى لقائه وسبب ذلك كونه مطيعا لله محبوبا له ومعنى يوضع له القبول في الأرض أي الحب في قلوب الناس ورضاهم عنه. (فيض القدير ) ( فائدة ) : قال العلماء يكره إكثار الضحك وهو في أهل الرتب والعلم أقبح ومن آفات كثرته موت القلب أي قسوته وظلمته. . (فيض القدير ) ( فائدة ) : الحكمة في نزول عيسى دون غيره من الأنبياء الرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوه فبين الله كذبهم وأنه الذي ينزل فيقتلهم أو أن نزوله لدنو أجله ليدفن في الأرض. (فيض القدير ) |
تاااااااااااااابع
( فائدة ) : ولا يشترط في الآمر بالمعروف والناهى عن المنكر أن يكون كامل الحال ممتثلا ما يأمر به مجتنبا ما ينهى عنه بل عليه الأمر وإن كان مرتكبا خلاف ذلك لأنه يجب عليه شيئان : أن يأمر نفسه وينهاها وأن يأمر غيره وينهاها فإذا أخذ بأحدهما لا يسقط عنه الآخر قالوا : ولا يختص الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بأصحاب الولاية بل ذلك ثابت لآحاد المسلمين وإنما يأمر وينهى من كان عالما بما يأمر به وينهى . (فيض القدير ) |
يعطيج العافيه قلب الزهور ع الطرح والمجهود
عساج ع القوه ننتظر جديدج القادم |
اقتباس:
هلاااااااااااوغلااااااااااا يسعدلي قلبك ويسلمووو وربي على الحضور الرائع بصفحتي تقبلي شكري وتقديري واحترامي مع تحياتي :قلب الزهـــور .. بباي http://www.sheekh-3arb.net/3atter/di...s/image366.gif |
الساعة الآن 08:15 PM. |