![]() |
ولبيان عمق فكره وقوة حجته: -رحمه الله- فإليك مختصر بعض نظراته في أمور ثلاثة: أولاً: حول الأصولية والتعصب والعدوانية: يقول أحسن الله إليه: إن الكتّاب الغربيين والسياسيين والقائمين على وسائل الإعلام في الغرب يصرون على تثبيت صورة الإسلام على أنَّه ثقافة عدوانية تجعل من المسلمين مصدرًا للعنف والإرهاب. ولإيضاح تصور الإسلام في قضية التسامح والعدوانية يشير -رحمه الله- إلى أنَّه لم يكن هناك مفر من المقارنة بالقافة المعاصرة وبالذات الثَّقافة الغربيَّة، موضحًا أنَّه حيث تجري هذه المقارنة فلا بد من الفصل بين الإسلام كما في حقيقته وبين المسلمين على اختلاف عصورهم وأقطارهم، ليس ذلك فقط لأن الإسلام واحد وتصورات وسلوكيات المسلمين مختلفة مُتعدِّدة بل لأنَّه لا أحد يدَّعي أن حياة المسلمين في الوقت الحاضر تجري مطابقة للاسم تصوُّرًا ومنهجًا للحياة. لا يوجد كتاب دين أو تربية في أيِّ ثقافة غير الإسلام يعطي مساحة للمعاني المذكورة حول التسامح مثلما أعطاها الإسلام.. فالتسامح بمعنى عدم العدوان قيمة مطلقة فريضة على كلٍّ مسلم إِذْ يعني ذلك العدل، والعدل مطلوب من كل واحد لِكُلِّ أحد في كلِّ حال. اليونسكو في تحديدها للتسامح حدَّدته بِشَكلٍّ قريبٍ من التصور الإسلامي ولذلك فإنَّ فكرة الإسلام عن التسامح كانت واضحة للمنصفين من مفكري الغرب مستشهدًا في ذلك -رفع الله مقامه -بما ذهبت إليه المستشرقة الإيطالية لاورا فيشيا فاجلييري من أنَّه ليس من المبالغة التأكيد على أن الإسلام لم يكتف بالدعوة إلى التسامح الديني بل جعل ذلك جزءًا من قانونه الممارس دائمًا. إن سماحة الإسلام ويسره اقترنت بحكم ما تقتضيه طبيعة الأمور بسمته العامَّة الوسطية والاعتدال والبعد عن الغلوّ والتطرف والتشدُّد والإسراف ولذلك لم يكن غريبًا أن يتكرَّر في القرآن الثناء على الوسطية والاعتدال والنعي على تجاوز الحدّ وما يَتولَّد عنه من تعصب وبغي وعدوان وأن يتكرَّر ذلك في أكثر من ثمانين موضعًا يعبّر فيها عن تجاوز الحدّ والخروج عن الوسطية والاعتدال بألفاظ الغلوّ والإسراف والطُّغيان والاعتداء. التسامح طبع سلوك المسلمين بقدر التزامهم لمنهج الإسلام في كلِّ العصور وفي كلِّ الأقطار هو ما يفسر أن انحراف بعض المسلمين عن منهج الاعتدال والتوازن شكّل أول إخفاق للمسلمين في تاريخ الإسلام وكان عاملاً مهمًا في خلق ما واجهه المسلمون من مشكلات فيما بعد وعلى مدى الزمن. من مؤشرات التسامح في الإسلام إلغاء الطبقية والتمييز العنصري، والتاريخ يكشف في مختلف العصور ومختلف الأماكن عن وجود ظاهرتين في العالم الإسلامي وهما إلغاء الطبقية في المجتمع ومنح الأديان واتباعها الحُرِّية في الاعتقاد والعبادة والتمتع بالحقوق المدنية بصورة لا تمنحها أيّ دولة حديثة للأقليات الموجودة بها. وقد انتبه عدد من كتاب الغرب لهذه القيمة الإِنسانيَّة «التسامح» من قيم الإسلام وأشادوا بها ومن ذلك ما ذهب به المستشرق البريطاني جيب من أن لدى الإسلام تقليدًا رائعًا من التعاون والتَّفاهم بين مختلف الأعراق ولا يوجد مجتمع آخر كالإسلام كان له مثل سجله في النجاح في أن يوجد المساواة في المركز الاجتماعي والفرص في العمل والنجاح بين مثل هذا العدد والتنوّع من الأجناس البشرية. في الدَّوْلة الحديثة تسود فكرة مبدأ السيادة ولذا فليس من الممكن أن تمنح الدَّوْلة الحديثة الأقليات فيها ما منحه الإسلام في عصوره المختلفة من حريات وحقوق للأقليات الخاضعة لسلطان المسلمين التي تعتنق أديانًا وثقافات مخالفة وإن كان ذلك لا يعني القول: إن مثل هذه الدول تعادي التعدُّدية غير أن قبول الإسلام ديانة وتاريخًا منح الأقليات الإثنية التي تكون تحت سلطان تلك الحريات والحقوق إنما يعد دليلاً منطقيًا على طبيعة الإسلام في صلته بالتسامح أو التعصب ومدى قابليَّته للتعددية ومدى قدرته على التَّعايش مع الأفكار والثّقافات المخالفة. قد تمتعت الأقليات في ظلِّ سلطان الإسلام بالحرِّية الكاملة في ممارسة دينها وعباداتها وفي استمرارها في استخدام لغتها وعاداتها وطرق تربية أبنائها كما بقيت لها الحُرِّية في الاستقلال بقوانينها وقضائها واستثنت من القانون الجنائي العام الإسلامي. وعلى صعيد العلاقات الدوليَّة: إن المبدأ الذي يرتكز عليه منهج الحضارة الغربيَّة في العلاقات الدوليَّة لا يختلف عن المبدأ الذي يحكم سلوك قاطع الطَّريق أو عصابات الجريمة المنظمة، بل سلوك الحيوانات في الغابة، مؤكِّدًا أن منهج الإسلام في العلاقات الدوليَّة يختلف عن منهج الحضارة المعاصرة اختلافًا كليًّا، إِذْ يرفض الإسلام من البداية أن تبنَّى العلاقات الدوليَّة على المصلحة الوطنيَّة أو القُوَّة ويفرض أن تبنَّى على العدل والقُوَّة الإلزامية للاتفاقية في ضوء ما هو معروف أن الاتفاقات بين الدول هي المصدر الرئيس للقانون الدولي. |
ثانيًا: العمل التطوعي: وفي موقفه من العمل التطوعي وإفرازات أحداث الحادي عشر من سبتمبر تراه بعينه الباصرة ورؤيته الثاقبة يقرر أن من أهم آثار «أن يكون البذل التطوعي مكوِّنًا مهمًا من مكوِّنات شخصيَّة المسلم» أن الحضارة الإسلامية قامت على أساس «البذل التطوعي» وقد أكْسَبَها ذلك خصائصها التي انفردت بها عن الحضارات الأخرى ومن أهمها: أ- أنّها حضارة شعبية بمعنى أنّها ليست كغيرها من الحضارات من صنع الأباطرة والملوك أو القوى العسكريَّة والسياسيَّة وإنما كانت تقوم كلية -تقريبًا- على «البذل التطوعي» من جمهور المسلمين. ب- أنّها حضارة إِنسانيَّة لأن الدافع لمنجزاتها دائمًا قصد البر والتَّقوى سواء في مواجهة الإِنسان أو الحيوان أو البيئة. ج- أنّها نتيجة للأمرين كانت دائمًا تستعصي على الظروف المتغيّرة من أن تكون عاملاً لانهيارها، فالتقلُّبات السياسيَّة، والحروب واكتساح الغزاة للعالم الإسلامي من الصليبين والتتار، هذه العوامل لم يترتَّب عليها انهيار الحضارة، بل ظلَّت باقية مستمرة العطاء. في عقيدة المسلم، أن أيّ جهد يبذل للنفع العام مع الإخلاص هو في سبيل الله، وأن الصد عن سبيل الله بأيِّ وجه يستحقُّ ما وصفه الله به في القرآن، وتوعد عليه، ففي سورتي الفجر والماعون نعى على من لا يحض ّ على طعام المسكين فكيف بمن يعوق إطعامه، لقد أوضح القرآن الكريم أن منع الإِنسان من العبادة الخاصَّة النَّفع به من أشنع الظلم، فكيف بمنع العبادة التي يتعدى نفعها إلى الغير. وعندما يغفل أهل البلد عن هذا الجانب فلا يقدر قدره، فقد يغفلون أيضًا عن آثار هذا الوضع المدمر على أمن المجتمع واستقراره وسلامته، ليس الأمر قاصرًا على تعويق مواجهة الحاجات الأساسيَّة للبشر من طعام وغذاء وإيواء وتعليم وتهيئة للعيش الكريم، بل حرمان النَّاس -ولا سيما شبابهم- الذين تملأ قلوبهم ومخيلاتهم الأشواق إلى المثل العليا والإرضاء النفسي بالبذل للغير، حرمانهم من المجالات النَّافعة السَّلِيمَة فيدفعهم الإحساس بالفراغ Existential Vacuum والحرمان من البذل للغير والحاجة النفسية الملحة لمثله إلى مجالات قد لا تكون نافعة ولا سليمة. مغزى ما تقدم أن البذل التطوعي في سبيل النَّفع العام في جانب الإِنسان المسلم ليس فقط وسيلة للإرضاء النفسي ومِنْ ثمَّ تلبية لحاجة طبيعيَّة للإِنسان السوي، بل هو عبادة وشوق على رضا الله وتلبية لنداء ملح من الضَّمير والوجدان. هذا يعني أن أيّ تحديد لفرصة الإِنسان المسلم في ممارسة البذل التطوعي للنفع العام لن يكون فقط مُجرَّد انتهاك للحرِّية الشخصيَّة والمدنية، بل انتهاك لحق الإِنسان في حرية العبادة وحرية الضمير. المقصود من إيراد ما سبق هو التقييم الصحيح لجهود الغرب الجادة في تحجيم البذل التطوعي في العالم الإسلامي ومن أبرز مظاهر ذلك جهوده في تحجيم النَّشاط الخيري لبلدان الخليج في الخارج، ونشاط الغرب الدعائي المحموم في هذا المجال: أ- فور غياب «الشيوعية» عدو الرأسماليَّة «الأحمر» رشح الغرب «الإسلام» عدوًا بديلاً وسماه العدو الأخضر (كان أول تصريح معلن بذلك الترشيح قد صدر عن الأمين العام لحلف الأطلسي) ومنذ ذلك الوقت بدأت التهيئة لحرب باردة بديلة «الرأسماليَّة الغربيَّة» في مواجهة «الإسلام» وبرز من وقت مبكر من مظاهر هذه الحرب قرن الإسلام بـ»الأصولية» و»العنف» ففي النصف الأول من العقد الأخير للقرن المنصرم كانت أوروبا كلّّها تشاهد فيلم «الإرهاب في سبيل الله» وكانت أمريكا تشاهد الفيلم الوثائقي «الجهاد في أمريكا». ب- ومن الحقائق أن التَّخْطِيط الغربي الذي كانت إجراءاته تنشط على قدم وساق لتنصير مجتمعات إسلاميَّة معينة، قد واجه معوقًا جديًّا لانتشار التنصير من قبل بعض المؤسسات الخيريَّة الخليجيَّة، فكان من الطّبيعي أن تتصدى القوى الامبريالية لإضعاف هذا المعوق أو إزالته. |
ثالثًا: احتفاؤه بأقوال المنصفين: ويعجبه -رحمه الله- أن يستشهد بكلام من منصفي الغرب وعقلائهم وفلاسفتهم ومفكريهم قصدًا منه أن يخاطبهم أو يخاطب من يسير في ركابهم بما يكون أقرب للإقناع لِمَنْ يريد الحق وينشد الحقيقة. وهذه قبسات من بعض استشهاداته حول اعتراف هؤلاء المفكِّرين بالحاجة إلى الإسلام وقيمه مهما بهرت الإنجازات الحضارية والمكتسبات والمخترعات الجديدة. فمما نقله واستشهد به قول محمد أسد: «ولا تظهر إشارة إلى أن البشرية في حالتها الحاضرة قد تجاوزت الإسلام، فلم تتمكن من إنتاج نظام أخلاقي خير مما تضَّمنه الإسلام، ولم تتمكن من وضع فكرة الاخوة البشرية على أساس عمليّ كما فعل الإسلام في معنى الأمة.. ولم تتمكن من إعلاء كرامة الإِنسان وشعوره بالأمن ورجائه الأخرويّ -أخيرًا وليس آخرًا- سعادته». «في كلِّ هذه الأشياء فإن الإنجازات الحديثة للبشرية أقصر بوضوح عمَّا حقَّقه الإسلام فأين المسوّغ -إذًا -لمقولة: إن الإسلام قد انتهى زمنه؟». « لدينا كل الأسباب لنعتقد أن الإسلام قد دلت عليه كلّ إنجازات البشرية الصحيحة أنّه قررها وأشار إلى صحتها قبل تحقيقها بزمن طويل، ومساويًّا لذلك فقد دلّت عليه أيضًا النواقص والأخطاء والعقبات التي صاحبت التطوّر البشريّ؛ لأنّه حذّر منها بقوة ووضوح قبل أن يتبيّن البشر هذه الأخطاء بزمن طويل». «ولو صرفنا النَّظر عن الاعتقاد الديني للفرد فإن في وجهة النَّظر الفكريَّة حافزًا لاتباع هداية الإسلام العملية بِكلِّ ثقة». انتهى. ولقد كتب ريتشارد نيكسون، الرئيس الأسبق للولايات الأمريكيَّة، في آخر مؤلفاته المعنون Beyond Peace ما يأتي: «أصولية الإسلام عقيدة قوية... إنّها تستجيب لحاجات الرُّوح وليس لحاجات الجسد (فقط) والقيم العلمانية في الغرب لا تستطيع أن تغالبها، وكذلك لا تستطيع ذلك العلمانية في العالم الإسلامي». خاتمة: وأختم هذه الكلمة بهذه الواقعة التي تعكس شخصيته في تواضعه وفلسفته منذ كان يافعًا: حينما كان شابًا في أول عمله موظّفًا في وزارة الماليَّة كلف مع زميل له في مهمة عمل لفرنسا وحينما دخلا أحد المطاعم، والفرنسيون لا يتكلمون الإنجليزية ويصرون على الحديث بلغتهم وزميله دارس في أمريكا ويجيد الإنجليزية وكان يحاول جهده ما استطاع أن يحدثهم باللُّغة الإنجليزية ولم يفلح أن يتوصل إلى شيء وطال الجدال وضاقت الأنفس، فما كان من الشيخ صالح وهو الذي يجيد الفرنسية والعليم بها إلا أن نطق بكلمات يسيرة أنقذت الموقف وانقضى بها الغرض، فالتفت إليه صاحبه قائلاً: أما كان هذا مبكرًا حتَّى نسلم من هذا التوتر؟ فقال الشيخ بصوته الهادئ الهامس الواثق: أتكلم باللُّغة الأجنبية إلا من أجل الحاجة وبقدر الحاجة. نعم إنّه الدرس البليغ من هذه الشخصيَّة العزيزة المؤمنة فعند الشيخ أن اللُّغة الأجنبية والرطانة ليست محل فخر ولا اعتزاز ولكنَّها حاجة فقط. ناهيكم بمن يراها رمز التقدم، بل لا يَرَى تقدمًا إلا على حساب لغته ووطنه، فيلوك لسانه بالرطانة وكأنّه قد حاز المجد في برديه وهو لا في العير ولا في النُغيِّر فالله المستعان. وبعد هذه الكلمات المختصرة عن جميل سيرة وصدق سريرة، فإني أوصي بدراسة شخصيَّة هذا العالم دراسة تكشف مكوِّنات فكره وطبيعة تعامله مع المعرفة وتحليله للنظريات والظواهر. كما أوصي بعمل مؤسسي يعني نظريات معالي الشيخ -رحمه الله- واعتبارها في منظومة الأعمال التطوعية والماليَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة. سائلاً المولى عزَّ شأنه أن يرحم معالي الشيخ رحمة واسعة وأن يبارك في ذريته وعلمه وما بذل من أعمال. وأن يرفع درجاته في عليين وألا يحرمنا أجره ولا يفتنا بعده إنه سميع مجيب. |
يعطيك ربي ألف عافيه
طرح رآئع وتواجد مميز ننتظر مزيد من العطاء ودي وتقديري |
اقتباس:
يسعدلي قلبك ويسلمووو ع الحضور الرآئع بصفحتي تقبلي شكري تقديري واحترامي مع تحياتي قلب الزهور بباي |
أهداف التربية الاسلاميه للاطفال الفصل الأول : ترسيخ العقيدة وتحقيق العبودية في كل أمر من أمور الحياة يُعد هذا الهدف أهم أهداف التربية الإسلامية وكل الأهداف تنبثق منه ، وقد جبل الله- عز وجل- النفوس على التوحيد ولكنها تحتاج أن تتعلم أصول الإيمان وجزيئاته ، وأصْلَحُ أوقات غرس العقيدة السنواتُ الأولى في حياة الطفل؛ لأنه يصغي إلى المربي بكل جوارحه ، ويقبلها دون نقاش كما أن خياله الواسع يساعده على تخيل الجنّة والنار وأهوال القيامة والملائكة وعالم الجن وغيرها مما يتصور . * وهناك عدة وسائل لتحقيق وغرس العقيدة وهي : 1- ترسيخ العقيدة الصحيحة عن طريق التلقين : أولُ ما يلقّن الطفل كلمة التوحيد ، إذ أن السلف يعلمون الطفل في أول حياته كلمة التوحيد ، ويؤذِّنون في أذنيه عند ولادته ، ليكون أول ما يقرع سمعه . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : افتحوا على صبيانكم أول كلمة بلا إله إلا الله ثم يُعَلّم القرآن \"وَتَعَلُّمُ الصِّبيان القرآن أصل من أصول الإسلام ، فينشئون على الفطرة ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكّن الأهواء منها\" وهو خير من تعليم الجدل والفلسفة وقد يسر الله تعالى حفظ القرآن ، وإن الصبي ليحفظ منه كثيراً بقليل من الجهد ولو حاول حفظ غيره من العلوم لقضى في ذلك أضعاف ما يقضيه في حفظ القرآن ثم إن قصاره تشتمل على أصول الإيمان فيبدأ الطفل بحفظها وتدبر معانيها . ثم مع حفظ القرآن يُعَلَّم السيرة النبوية والمغازي وسير الصحابة والتابعين وحكايات الأبرار والصالحين كما على المربي أن يحدث الطفل عن حقائق الإيمان ويجيب على أسئلته بصدق ، مهتدياً بالرسول صلى الله عليه وسلم حين حدّث ابن عمر - رضي الله عنهما- فقال : يا غلام احفظ الله يحفظك . . . وقد كان الصغار يحضرون الجمعة والجماعات ويسمعون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعلى المربي أن يحدّث الطفل عن الجنة والنار ، ويصفها بأوصاف يفهمها الطفل فيتخيلها ، ويرسخ في ذهنه وجودهما . 2- ترسيخ العقيدة عن طريق تعليمه الأذكار : وليس المراد فقط أن يحفظ أذكار الأحوال والمناسبات من أكل وشرب ونوم ويقظة ، بل يعلمه الدعاء وطلب الحاجة من الله ، وإذا مشى في الظلام علِّمه ذكر الله والاستئناس به ، والتسمية عند الفزع ، والدعاء عند المرض ، حتى يتعلم الاستغاثة ، ويعلمه الرُّقية الشرعية والتوكل على الله وطلب الحاجة منه وحده . 3- ترسيخ العقيدة عن طريق التدبر : بأن يلفت نظر الطفل إلى مظاهر الكون وارتباطها بالتوحيد ، وهذا الربط يشعر الطفل بالتوازن النفسي ، ويحس بأنه جزء من أجزاء الكون المتناسقة ويبين له أن هذا الكون بكل ما فيه يسبَح لله ، ويرشده إلى التسبيح ليكون مع الركب المسبّح . كما أن المربي يستطيع تعليم الطفل صفات الله عز وجل وأسمائه عن طريق التدبر في جمال الكون وعظمة الطبيعة ونظامها \"واعلم أن ما ذكرناه . . . ينبغي أن يقدم للطفل في أول نشوئه ليُحفظ حفظاً ، ثم لا يزال ينكشف له معناه في كبره شيئَاَ فشيئاً ، فابتداؤه الحفظ ثم الفهم ثم الاعتقاد والإيمان والتصديق به ، وذلك مما يحصل في الصبي بغير برهان \" 4- حمايته من الشرك ووسائله : فإن بعض الناس يلفت نظر الطفل إلى رقابة الناس والاستخفاء ببعض الأمور ، ويجعل الطفل مهتمّاً برضا الناس خائفاً من سخطهم ، ويتكرر هذا حتى يغلب على مراقبة الله والاهتمام برضاه والخوف من سخطه ، فيتعلم الرياء ، ويعمل طلباً لرضا الناس وإن غابوا عنه لم يعمل أي عمل ، أو يعمل عادةً دون ابتغاء الأجر من الله |
الفصل الثاني : التنشئة على العبادات القلبية والبدنية والأخلاق الفاضلة يسعى المربي الناجح إلى تنشئة ولده على العبادات ليضمن تعلقه بالدين وليحفظه من الانحراف ، ومن الخطأ أن نهمل الطفل ثم نلزمه بالتكاليف الشرعية بعد بلوغه ، وقد ذكر العلماء أن تعليم المميِّز الصلاة لا لوجوبها عليه ولكن ليتعود عليها حتى إذا بلغ الحُلم كانت الصلاة يسيرة عليه وتعلق قلبه بها ولم يقدر على تركها . والصلاة أهمُّ عبادة قلبية بدنية يجب تعويد الطفل عليها ، فإن كان ذكراً أمرَ بالصلاة مع الجماعة وهو ابن سبع سنين ، ويؤمر بها إلى أن يبلغَ العشر ، فإذا بلغ العشر وترك الصلاة عوقب بالضرب . وعلى الأب أن يأمر أولاده بالصلاة إذا دخل وقتها ، ويذكرهم بالله ويرغَبهم ويخوفهم ثم يدعوهم إلى الوضوء ويأخذهم معه إلى المسجد أو يشترط عليهم أن يراهم قريباً منه . ويجب أن يلزمهم بكل ما يُشترط لصحة الصلاة من طهارة وخشوع وستر عورة وغيرها وقد يكره بعض المميزين الصلاة في المسجد ؛ لأن والده يأخذه إلى المسجد مبكراً فينتظر عشر دقائق أو أكثر ، وهو يسمع أصوات الأطفال في الخارج ، ويؤمر بالجلوس وقراءة القرآن وهو الصبي المحب للحركة ، والوسط خير ، فإذا كان عمره أقل من الثالثة عشر عاماً فإنه يؤمر بالصلاة ويشترط والده أن يصلي قريبَا منه ويترك له الحرية في التبكير أو التأخير إلى وقت إقامة الصلاة ، وإذا كان بلغ الثالثة عشر فالواجب أن يأخذه منذ أن يؤذن أو يتركه يأتي بمفرده إلا أنه يجب أن يحرص على التأكد من حضوره للصلاة . كما عليه أن يعودهم على العبادات المختلفة اهتداءً بمن سلف ، فقد كان الصحابة- رضوان الله عليهم- يصوِّمون أولادهم ويعطونهم اللعب ليتلهَّوا عن الجوع ، ويصلون معهم الجمعة والتراويح والعيدين ، ويؤذنون ، ويحجون معهم ، كل ذلك على سبيل التدريب والتعليم وأفضل الوسائل للتعويد على العبادات مكافأة الصبي وترغيبه وتشجيعه على الإكثار من العبادات على منهج وسط ، ويرغَّب في الثواب الأخروي ، يربط بالقدوة الأول صلى الله عليه وسلم ، ولكن ينبغي الحذر من الإكثار من مكافأته حتى لا يرتبط بالهدايا ، بل يرتبط باللّه سبحانه وتعالى ، ومع استمرار العبادات يوجه الطفل إلى الخشوع وإحسان العمل وتصحيحه من الخطأ . وأما التنشئة على الأخلاق الفاضلة فهي جزء من الدين ، لأن المسلم إنما يتحلى بالخُلق ابتغاء الجزاء من الله سبحانه والتنشئة الخلقية تحتاج إلى مراحل هي : (1) غرس العادات في مرحلة مبكرة فإن الطفل \"ينشأ على ما عوده المربي في صغره من حر وغضب ولجاج وخفة مع هواه ، وطيش وحدّة وجشع ، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك \" ومما يعين على جعل الطفل ذا طبيعة هادئة مراعاة حاجاته الفطرية ، فيرضع في وقت طلبه لأن التأخير الشديد يجعله متوتراً ، وعدم قطعه من الرضاعة حتى يرتوي ، فكثرة الانقطاع عن الرضاعة والقيام عنه مرات يجعله سريع الانفعال ، وملاعبته حتى في أيامه الأولى يجعله متزناً وكذلك تنويمه في الوقت الذي يريد في بداية الأمر ، وإذا بكى الطفل من الجوع أو المرض يترك قليلاً ليتعود الصبر ، وإذا طلب شيئَاَ قريباً منه أرشد إلى خدمة نفسه ليتعود الجد والاعتماد على النفس ، وإذا شاهد فقيراً بين له المربي حاله ليرحمه ويشفق عليه ، فيتعلم الرحمة والتواضع ، وهكذا يمكن للمربي أن يعوده على الفضائل في السنوات الخمس الأول . (2) إلزامه الأحكام والآداب الشرعية كآداب الطعام واللباس والاستئذان والنوم وكافة الآداب التي وردت ، ويكون هذا التعويد في السنوات الأولى ، ويمنعه من مفسدات الأخلاق ، ومن المعاصي ، وإن أكبر ما يفسدها أشعار الغزل والأغاني إذ تبذرُ فيه بذرة الفساد ، ويُلحق بها الروايات والقصص الغرامية والأفلام المفسدة ، ويجب أن يحرص الوالدان على حماية أبنائهم من رؤية ما يخدش الحياء سواءً في وسائل الإعلام أو في البيت ، فتكون علاقتهما الجنسية في غاية السرية لأن الطفل الصغير الذي ينام مع والديه يرى من الأمور ما يجعله يقلد والديه تقليداً بريئاً ، فإذا زجره المربي عن تلك الحركات أحس أنها خطأ يستخفي به الأبوان ولذا كان أحد الصحابة يخرج الرضيع من الحجرة إذا أراد أهله . 3 (3) ويجب أن يجنبه لبس الحرير- إذا كان ذكراً- والذهب والتنعم لأن ذلك يعوده على فعل الحرام والتشبه بالنساء ويمنع من قص الشعر تشبهاً وكذلك الصبيَّة تمنع من التشبه بالرجال أو الكفار ، وهذا باب واسع ، والأصل فيه إلزام الطفل بكل حلال ومنعه من كل حرام ، ويأثم وليه بتمكينه من المعاصي دون الصبي وقد يقول قائل إنك تلزم ولدك بالشرع ثم ما يلبث أن يشتد عوده فيترك ما كان يفعله خوفاً منك أو احتراماً لك ، فنقول ليس شرطاً أن يحدث ذلك ، ثم إن إلزام المربي ولده بذلك هو واجبه الذي أمر الله به ، وقد يكون الإلزام بذلك بدايةً للتعود ثم يصبح الطفل رجلا عاقلا ذا دين يفعل ما أمر به ابتغاء الثواب ، وهب أنه ترك كل ما ألزمه به المربي فإنه تكون الذمة قد برئت منه . (4) حثه على مكارم الأخلاق مع ربه أولاً ، ثم مع الناس والحيوان والجماد ؛ لأن الأخلاق تشمل ذلك كله وهذا الحث يجب أن يكون بالتلقين وتكوين العاطفة التي تدفع إلى التطبيق ابتغاء الأجر ، وتقوية إرادته ليقدر على قهر الهوى وضبط النفس فيقال : إن الصدق خلق حسن ، يقود صاحبه إلى الخير ، ويُحكى له قصص الصادقين وجزاءهم في الدنيا والآخرة ، وبهذا يحب الصدق وتتكون لديه عاطفة تدفعه للصدق ، ولابد أن يتسلح بالإرادة والعزيمة . |
ما ألذّ ذكرياتنا مع الوالدين! http://saaid.net/tarbiah/img/g-oa-1.jpg الأحداث التي حسبناها في يوم ما خشنة هي اليوم ناعمة، وتلك التي ظننّاها قاسية أصبحت اليوم رحيمة، وتلك التي رأيناها ساعة ما- بمنظور آنيّ- ظالمة صارت عادلة لذيذة! وعالم الوالدين مع أبنائهم مليء بالمواقف والألوان التي تستحق أن تسطّر وتزين بها صفحات المجلات.. لمستُه الجميلة أروع من كل (ديكور)، ودفؤه أحنى من كل دفء، ومذاق مواقفه الطريفة الصادقة أحلى من (كوميديا) الدنيا! لهذا العالم الذي ملأ حياتنا حياة، وسقى أرواحنا حباً وبرداً وسلاماً أجمل التحية.. http://saaid.net/tarbiah/img/FLOW11.gif طع طخ طق طخ أخبرني صديق لي أنه كان يخاف من أبيه خوفاً شديداً وذات مرة أبصر عصفوراً فقتله وأبوه وراءه ولم يتفطن إليه فقال له: لم قتلته؟.. فتلعثم وقال: أريد أن أنظر ماذا يقول العصفور. فقال له أبوه وماذا تقول أنت إذا صفعك أحد هكذا وأخذ يصفعه حتى وصل أسفل الوادي. ولم ينم تلك الليلة إلا فوق الشجرة خوفاً من أبيه. الآن فقط فهمت والدي عصبي جداً وذات مرة سافر من مدينة إلى مدينة أخرى بسيارته (الونيت) وقد ملأ "صحن" سيارته بالأمتعة للدرجة التي لا يتمكن معها من رؤية السيارات خلفه، كما أنّ السيارة غير مزوّدة بمرايا جانبية تمكّنه من الرؤية الخلفية، ولذلك طلب مني أن أرافقه وأن أجلس فوق الأمتعة، وكلّما أراد مجاوزة السيارة التي أمامه ينظر إليّ لأخبره هل هناك سيارة تقوم بمجاوزته من الخلف كي يتمكن من المجاوزة!.. لم أفهم قصده وخوفاً من عقابه أشعرته بالفهم!.. وما أن بدأ السفر والهواء يلفح وجهي، إذ بأبي يريد المجاوزة وينظر إليّ لأخبره بالوضع خلف السيارة هل هناك سيارة مجاوزة؟.. أُحرجت ولم أعرف مراده، وللتخلص من الموقف أجبته بالنفي؛ مع أن هناك سيارة فعلاً تقوم بالمجاوزة!!.. وما إن بدأ الوالد بالتجاوز حتى كاد يتعرّض حادث كبير لولا لطف الله!!.. عندها نظر إليّ أبي ممتقع الوجهه وهو يهدّد!!.. عندها فهمت مقصده، لكن بعد أن كادت تحدث الكارثة!. العاقبة كنت أمازح بن عمي وأحاول أن أوقعه في بعض (المقالب)، وذات مرة خرج من المجلس إلى دورة المياه فأحببت أن أعدَّ له (مقلباً) موجعاً، فأخذت إحدى قطع المجلس الإسفنجية الثقيلة (المركى) وكان بجوار الباب خزانة كتب (دولاب خشبي) فقمت بفتح الباب قليلاً ووضعت طرفي "المركى" الإسفنجية فوق الباب والخزانة؛ بحيث متى ما فتح ابن عمي الباب وقعت فوق رأسه! .. وخلال ترصدي للخطة الحاسمة و(المقلب) الرهيب، تفاجأت بأمر لم يخطر على البال! .. لقد جاء والدي إلى المجلس للسلام على ابن أخيه، ولم يسعفني الوقت لتدارك الموقف، ف___ القطعة وسقطت على رأس والدي، وكادت تكسر رقبته!.. والمصيبة أنه لا يوجد في المجلس غيري ولكم أن تتخيلوا ما حدث بعد ذلك!. |
أقوال في أغلى شيء (الأم) * ليس هناك أحب وأصدق وأخلص من حبّ الأم. * الأم ذلك الشيء الغالي الذي لا نحسّ بغلائه ولا نستطيع تقدير ثمنه، لأنه غالٍ لا حدود لغلائه. * تذهب كل هموم الدنيا عني بمجرد أن أرى ابتسامة رضا عني من وجه أمي. * إن نجاحي في أي عمل يعطيني الثقة بأنّ أمي راضية عني. * كل من يعطيك ينتظر الثمن إلاّ الأم فإنها تعطيك لتنتظر أن تعطيك أكثر. * بركان ثائر من الحب والعطاء والعطف والحنان والإخلاص والإيثار.. تلك هي أمي. * إن أهم شيء عند الأم أن تحس بأنك محتاج لها ولا يمكن أن تستغني عنها. * للأم إحساس نحو أولادها يجهله كل البشر وأصدق من كل الأحاسيس. * أتمنى أن أفارق هذه الحياة تزامناً مع فراق أمي لكي لا تمر بي دقيقة أعيش بدونها. طعام القمر منذ أربعة عقود، مرت فترة صعبة على الناس، حيث كان من الصعوبة الحصول على ما يسدّون به الرمق، وذات ليلة مقمرة كان الولد نائماً مع أبيه على سطح منزلهم هرباً من الحرّ بالداخل، ولم يستطع الأب النوم من شدة الجوع، وفي أثناء تأمله في القمر أرسل تنهيدة طويلة أتبعها بأمنية غريبة، فقال يحدّث القمر: ليتك أيها القمر الجميل قرص من خبز.. وفجأة إذا بالولد ينهض من نومه فزعاً يمدّ كلتا يديه نحو أبيه هاتفاً: أرجوك يا أبي (خلّي لي) قطعة.. ليتني لم أفعل يمتاز والدي – حفظه الله- بالصبر وسعة البال فاستغلّت أمي (حفظها الله) هذه الصفة وكانت دائماً ما ترد اللوم عليه في أي قضية أسرية وتعاتبه وتوبّخه أحياناً، وذات يوم وبخته وعاتبته عتاباً شديداً بشأن قضية صغيرة لا تستحق ولم يكن لأبي أي شأن بها! .. فتبسّم في وجهها وصعد إلى السطح فاستغللت الفرصة لأنتصر لأبي المظلوم، فجادلت والدتي في الموضوع وصارحتها بخطئها وأنها تظلم أبي دائماً وأنها وأنها ... الخ، فشعرت بالخجل وندمت على فعلها، وخرجت مهرولاً إلى أبي، وبشّرته بأني كنت لأمي هذه المرة بالمرصاد وأني جادلتها وأنها هي المخطئة، كنت أروي لأبي بطولاتي في الذود عنه وأنا أنتظر من قسمات وجهه ابتسامة تشجيع! .. وإذا به يطأطئ رأسه فجأة ويقول لي بصوت حزين (الله المستعان يا ولدي.. كنت أحسبك ولداً باراً بأمك وخاصة وأنت تقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك) أوصى بطاعة الأم ثلاث مرات مؤكدة وأوصى بي مرة واحدة فلماذا فعلت فعلتك ومن قال لك أني بحاجة إليك ألا تعرف فضل الأم؟!.. وأخذت كلماته تلذعني وأنا مرتبك جداً ومحرج!.. أحملق فيه بعين ملؤها الندم على ما فعلته مع أمي والعين الأخرى ملؤها الإعجاب بأبي الفاضل. الأفكار المضيئة للبرّ بالوالدين * تعوّد أن تذكر والديك عند المخاطبة بألفاظ الاحترام. * لا تحد النظر لوالديك، خاصة عند الغضب. * لا تمش أمام أحد والديك بل بجواره أو خلفه أدباً. * كلمة (أفّ) معصية للوالدين فاحذرها. * إذا رأيت أحد والديك يحمل شيئاً فسارع في حمله عنه. * إذا خاطبت احد والديك فاخفض صوتك ولا تقاطعه. * ألق السلام إذا دخلت البيت أو الغرفة على أحد والديك أو كليهما وقبّلهما من رأسيهما. * عند الأكل مع والديك لا تبدأ الطعام قبلهما إلا إذا أذنا بذلك. * إذا خرج أحد والديك من البيت لعمل أو مهمة فقل لأمك: في حفظ الله يا أمي، وقل لأبيك: أعادك الله لنا سالماً يا أبي. * إذا ناداك أحد الوالدين عليك المسارعة بتلبية النداء برضى نفس. * ادع الله لوالديك في الصلاة. * أظهر التودّد لوالديك. * لا تكثر الطلبات منهما وأكثر من شكرهما. * إذا مرض أحدهما فلازمه ما استطعت. * احفظ أسرار والديك ولا تنقلها لأحد. * أنانيتك تجعلك تخطئ أحياناً ولكن إيمانك ورجاحة عقلك يساعدانك على الاعتذار لهما. * حافظ على اسم والديك من السب فذلك من دلالات البر. |
طرائف قصيرة بائع الخل كان أحد الأبناء يتّصف بمقاطعة الحديث، وذات مرة كان مع أبيه في مجلس، وأثناء تحدُّث أبيه قام بمقاطعته أكثر من مرة مما أغضب الوالد، فأطلق عليه عبارة الاستنكار: من بائع الخلّ أنا أم أنت؟!.. فسكت الابن وهو محرج حيث أنّ هذه المقولة لها قصة طريفة يعرفها الجميع ومُلخصها أنّ أحد الباعة المتجولين كان يبيع (الخل) الذي يحمله فوق حماره، ويصيح طوال يومه (خل... خل ... خل) ومع التكرار ظن الحمار أنّ تلك المناداة تعني طلب النهيق!.. فصار ينهق كلما صاح صاحبه لبيع الخل، فما كان من البائع إلا أن اقترب من أذن الحمار وناجاه قائلاً (من بائع الخل أنا أم أنت؟!) الفلسفة الأصلية بعد أن عاد من إحدى الدول الأجنبية التي درس فيها الفلسفة دخل مع أبيه أحد المطاعم، فلما قُدّم لهما الطعام، قال لأبيه أستطيع أن أقنعك بأنّ هذه ليست دجاجة واحدة وإنما اثنتان!.. وببساطة ردَّ عليه أبوه قائلا: هذه لي وأما الأخرى فهي لك!.. فخرس الفيلسوف!. فكيف أعرف إذن؟ قال رجل لابنه اخرج يا بنيّ وانظر هل السماء مغيّمة أم الجو صحوٌ؟ .. فخرج الولد ثم عاد وقال: والله يا أبت لقد منعني المطر من معرفة هل السماء مغيّمة أم لا؟ بالحرف الواحد نصح الأب ابنه بأن يكون عطوفاً رحيماً بالحيوان، وفي ذات يوم جاءه الطفل باسماً قائلا: لقد عملت خيرا يا أبي قال الأب: ما هو الخير الذي عملته؟ الابن: ألم تنصحني أن أكون رحيماً بالحيوانات؟ قال الأب: نعم.. الابن: لقد أنقذت الفأرة من المصيدة التي وضعتها أنت في المطبخ. حساب جار سأل طفل صغير والده: أبي.. كم يكلّف الزواج؟.. قال: لا أعلم لأني ما زلت أدفع الثمن حتى لآن!. |
الملك الصغير في ليلة الاختبارات كان جميع من في البيت يغطّ في نوم عميق بمن فيهم أخي الصغير وكان اختباره حوالي الساعة 8 صباحاً.. فجأة انطفأ الكهرباء واستيقظ الجميع من شدّة الحر ما عدا أخي الصغير، فاستغربت من ذلك وذهبت إلى غرفته لأتأكد منه وتفاجأت بأمي ساهرة بجواره وبيدها مروحة تقوم (بالترويح) له حتى لا يشعر بالحرّ،فكلما تقلّب قليلاً زادت من تحريك المروحة بينما هي تتصبب عرقاً.. فما أعظم قلب الأم. المعارضة كنا صغاراً عندما ذهبنا إلى السوق وكان مع أختي الصغيرة لعبة (الصابون) التي تنفخها وتخرج منها الفقاقيع.. أخذت أختي الصابون من العلبة وسكبت الصابون داخل أحد المحلات وأثناء خروج أمي زلّت قدماها بشكل مضحك للغاية، وفي ذات الوقت صرنا نضحك عليها ونقول لها: أخجلتنا قومي بسرعة، والمسكينة تقوم مسرعة كي لا يراها أحد والألم يعتصرها، ومرضت مدة أسبوع، وكلما تذكرنا الموقف ضحكنا. |
طالبُ العلم .. والقَفَزات! تمثِّل الإجازة الصيفية ربيعًا علميًّا لطالب العلم، وهي تبرهن على صدق طلبِه إنْ هو استغلَّها، فالعطاء المشيخي تعتريه - عدا مطلعِ الإجازة - عواملُ التعرية لصالح البرامج العلمية الخاصة، إنْ على مستوى طالب العلمِ نفسِه، أو مجموعته الضيقة، فإذا فرَّط في هذه الأيام المهداة كان ذلك طعنا في عدالة جدِّيته. عليه ليسلَمَ: أن يسعى في تكثيفِ تحصيله، وسدادِ ديونه العلمية، أن يقلِّب دفتر المهام، فيلحقَ الكتابَ بنظيرِه، والمتنَ بشرحِه، ثم يبسطَ سجادة قراءته، ويدنيَ كأسَه المثلوجَ في قيظ الظهيرة النجدية ليبدأ من بعدُ قفزتَه المرتقبة .. القفزة .. لها مبدأٌ ومنتهى يتفاوت شداة العلم في رسم مشاريعهم العلمية (الجزئية/المرحلية)، وأيًّا ما كانت ماهية تلك المشاريع (حفظ، قراءة، تأليف، ...) فإن الفاضلَ أن يكون مشروعُه الصيفيُّ (قفزةً) ذاتَ مبدأ ومنتهى، بحيث يكون إنجازُه المرحليُّ مكتملَ الأركان، وليس مجردَ خطواتٍ يواصلُ بها مسيرَ مشروعٍ سابق، متعثِّرًا كان أو غيرَه .. وخاصَّةُ هذه القفزات أنها تجعل موقع المشروع من ذهنية طالب العلم ذا حظوة، لتماسكه بسبب قرب إنجازه واتضاح حدوده، ولا أعونَ على ضبط المعارف من ربطِ طالبِ العلم ألِفَ مشاريعه بيائها، كما أن هذه القفزات - إن كانت عاقلةً - تجعل من تعهُّدها بعد ذلك ميسورا. وقد أكرمني الله بمصاحبة أفذاذٍ أكابرَ في همتهم، سادَةٍ في جديتهم، وما حرَّكني لهذه الكتابة إلا الرغبة في إشعال فتيل الهِمَمِ الصيفيَّةِ بإذاعة قفزاتهم الفاخرة. • ابنُ إبراهيم الفرضي: صَحِبته بعد فرضِيَّته، فوجدته على حداثة سنِّه فرضيًّا بامتياز، يتناول المسائل الفرضية ويحلِّلها بجهدٍ يجانس الجهد الذي يبذله مَن يعبث بهاتفه حين يقلبه بأصبعيه، أخذت أسائله عن مشروعه الفرضي فقال لي: (تعلمتُ الفرائض دفعة واحدة، واستغرق ذلك مني شهرين تقريبا، سمعت فيها "شرح الرحبية" للشيخ د. سعد الخثلان، ولخَّصته - وقد أراني دفاترَه بخطِّه الفاتر السيِّئ - تلخيصًا، وحفظتُ منظومة "موقظة الوسنان" للشيخ بدر العوَّاد - وهي منظومة راقصة فائقة-، وقد كنت أتمرَّن على المسائل الفرضية .. لـمَّا تعلمت الفرائض تلك الأيام تعلمتها بحقّ، وأصبحتُ فَرَضيًّا، وكنت أشرحها لطلاب كلية الشريعة، كما شرحت موقظة الوسنان كاملة، وشرحت أبوابًا من الفرائض والمناسخات لبعض مجاميع الطلبة مرارًا، وليس لي من عتاد إلا ذانك الشهران). • ابنُ ناصرٍ الخالدي: كتب لي تجربته الفاذَّة بيده الشريفة، نصُّها: (أحسست يومًا بضعف في معرفة تفسير كلام الله، فعزمت على قراءة تفسير كامل لكلام الله، فاستشرت، ووقع الاختيار على "تفسير ابن جزي الغرناطي"، فذهبت لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم في إجازة صيفية، وقرأت التفسير كاملا قراءةً فاحصةً في عشرة أيام، ثم عدت. أصدقُك القول: تغيرت قراءتي لكتاب الله بعد هذه التجربة، بل أصبحت أتتبع كل ما يُكتَب حول علم التفسير، وكان أثرُ هذه التجربة ملحوظا لكل من جالسني من أصحابي بعد البرنامج، والحمد لله رب العالمين). • ابنُ عبدالعزيز التيميّ: لا أخفي عجبي يوم ناولني (الفلاش ميموري) لأنسخَ له ملفًّا .. لما فتحته - وقد كان واقفا أمامي - طلب مني نسخ الملف في مجلدٍ عنونه بـ (الجامع)، دخلت المجلد فبهرتني عناوينه المعرفية الموزَّعة على مئات الصفحات التي قيَّدها من وحي قراءاته، ولظنِّي ممانعتَه إن طلبت نسخه، باشرت نسخَه وألقيت الوَرَع جانبا ولم أستأذنه، وذلك أن المفاسد الجزئية تنطمر في جنب المصالح الكلية ! أخذت أحادثه وأسلِّيه حتى اكتمل النسخ، ثم صارحته بجريرتي، حاولَ جاهدا أن يستنقذ مجلدَه لكني أصررت على فكِّ الاحتكار، ونجحت باشتراطات معينة .. سألته أن يحدثني عن إحدى قفزاته التي أفرزت مئات الأوراق هذه، فقال لي: (أُثيرت في بعض المنتديات جملة إشكالات حول موضوع البدعة، واستطال بعضهم بنصوص لابن تيمية يظن فيها سَنَدًا لشبهاته، فكان ذلك حافزا لي على مراجعة المشروع التيمي، فأخذت مجموع الفتاوى وقرأت مجلداته الخمسة والثلاثين في شهر تقريبا). • ابنُ عمر المعاملاتيّ: أَثَرتُ عليه بعض السؤالات المتعلقة بالمعاملات المالية المعاصرة والبحوث المكتوبة فيها، فكان يتكلم عن حادِّ المسائل ونادِّ البحوث ككلامه عن حلية طالب العلم، وفي سياق إمعانه في إثارة المسائل وغربلة البحوث بعث الله من فِيه كلامًا يبحث في أرض دهشتي .. قال: (تقدَّمت إلى دائرة عملي بطلب إجازة مدةَ أسبوعين، ثم طفقت أذهب كل يوم إلى مكتبة الملك عبدالعزيز من شَرخِ الصباح حتى العتمةِ - قريبًا من العاشرة -، فجردت كلَّ ما فيها من كتب المعاملات المالية المعاصرة، وكتبت عن كل كتابٍ تقريرا). يا ويلتى، أعَجَزت أن أكون مثلَه ! • ابنُ عبدالرحمن الرشيدي: هذا الشابُّ من أفراد من رأيتُ شغفًا بالقراءة وتهالكًا عليها، وكم كان لتحدثه عن مشاريعه وقراءاته من أثر بالغ في إذكاء همَّتي الباردة، ولو استقصيتُ ما أدركته من مشاريعه لاستطالت المقالة، ولكني سأكتفي منها بشاهدٍ يدل على ما وراءه .. قال لي مرةً: (أردت الإشراف على التاريخ الغربي المعاصر، فاقتنيت "موسوعة هوبز باوم" في التاريخ الغربي الحديث، وهي تقع في أربعة أجزاء في قرابة أربعة آلاف صفحة، فأنهيتها بفضل الله في أسبوعين) • ابنُ زيدٍ القحطاني: في ثاني سنيِّه الجامعية لحظ أقرانه بروزَه النحويّ، على غير العادة في محيطه النائمِ نحْويًّا، باحثته حول برنامجه فكتب لي: (أوصاني أحد أشياخي بسماع الشرحِ العثيمينيِّ لمتن الآجرومية "16 شريطًا"، فسمعته بعد أن حفظت المتن، وقرأت شرح عبدالحميد مع تدوين الزوائد العثيمينة على هوامشه، فأنهيت ذلك في مدة متوسطة، ولما أقبَلَتْ إحدى الإجازات الصيفية عزمتُ على تطويقِ النحو، فلم أشغل نفسي بغيره، أنهيت شرح الشيخ عبدالله الفوزان على قطر الندى "29 شريطًا" وقيدت زوائده على شرح ابن هشام، وبعد أسبوع من فراغي منه شرعت في حفظ ألفية ابن مالك، فكان نجازُها في 25 يومًا مع مطالعة شرح ما أشكل عليَّ من أبياتها من خلال نافذة الأشموني ودليل السالك) • ابن محمد الراشديّ: عرفته وهو طالبٌ في المرحلة الثانوية، لكني عرفته ابنًا للحواسيب والمواقع الشبكية، وليس له إذ ذاك في القراءة ناقة ولا جمل، غبتُ عنه، بل غاب عني، ثم لقيته بعد سنين فإذا بعينيه كتابان ناطقان، اجتاحتْه طفرة معرفية أذهلت كلَّ من تعلق منه أيام الثانوية بطرف ..له مشاريع فاخرة، وقد سألته أن يحدثني عن آخر مشاريعه فكتب لي: (كانت الهمة نائمة، وفي يوم عادي وبشكل عفوي حدثني أحدهم أنه قرأ برمضان المنصرم التفسيرَ الفلاني وهذا الشهر - رمضان 1433 هـ - سيقرأ تفسيرًا غيره .. قالها بكل بساطة ! استحقرت ذاتي وعزمت على البدء بأول تفسير، فكان الاختيار على كتاب الظلال للشهيد سيد قطب تقبله الله، فعقدت العزم على إنهاءه برمضان. بدأت .. وكان الأثر يصافحني كلَّ ليلة في قرآنِ التراويح .. الآية من الإمام والتفسير من الذاكرةِ الطريَّةِ حديثةِ العهد بمعاني القرآن، كانت لهذه القراءة الأثر البين عليّ، لأنك ترى أثرها كل ليلة، فكنت أسرعَ مما ظننت، فأنجزته في اليوم العشرين ولله الحمد، وكان لها أثرٌ آخرٌ أكثرُ عمقًا: كسرت الحواجز التي بيني وبين مطوَّلات الكتب) الجدير بالذكر أن تفسير الظلال يقع في 4012 صفحة من القطعِ الكبير، الكبيرِ جدًّا ! هناك الكثير من الشواهد المبثوثة في كتب السير والتراجم، ولكني قصدتُّ أن أقيِّد ما وقفتُ عليه بنفسي، فذلك أجدر في إيقاظ همتي وإذكاء همتك، لنستثمر هذه الإجازة التي آذنت أيامها الأولى بالرحيل .. (وعلى الله قصدُ السبيل) |
ثلاثُ خطراتٍ في فقه القفزات • الأولى: لتكنْ محدودَ المصادر، ولا تشتِّت قفزتك بكثرة منافذ المطالعة، فالمشاريع المرحليَّة بحاجة إلى مزيد تركيز، وتكثيفٍ للنظر في مساحات محدودة، فإذا عزمتَ على حفظ عمدة الأحكام فخذ كشفَ السفَّاريني أو عُدَّةَ العطَّار، وإذا نهضتَ لبلوغ المرام فلا تجاوز منحةَ الفوزان، وإذا طمعت في ذوق مستصفى الغزالي فأدنِ منك مصدرًا أو مصدرين، ولْيكُن إحكامَ الآمديّ مع شرح مختصر الروضة للطوفي، وبَسْ. • الثانية: أعِدَّ متكأ القفزة بعناية، أبلِغ في ترتيبه وتطييبه، خلِّصه من مكدِّرات العصر، وسائلِ التواصل الاجتماعي، افعل كلَّ ما يعينك على نجازِ مشروعك، ولو كلَّفك الكثير، ولا تكن شحيحا، فـ (الاقتصاد الصحيح أن تنفق في ما تحتاج إليه كلَّ مبلغٍ مهما يكنْ كبيرا، وإيَّاك أن تشتري شيئا لا تحتاج إليه مهما يكن متدنيا) قاله عمر فرُّوخ نقلًا عن عمِّه حسين. الثالثة: لتكن أيام قفزتك كالشركاء المتشاكسين، يقايض بعضها بعضا .. لا تُجرِ بين أيامك عقود تبرع، ولك في أجزاء يومِك الواحدِ مندوحة عن بسط اليد السفلى لبقية الأيام، إذا فاتك نصيب الفجر فأدِّه الظهر، أو العصر فأدِّه مغربًا، وإنما سَيلُ العثرات اجتماعُ نُقَطِ التأجيل. ****** وختامًا، فإني على ثقة جازمة أنَّ لديك من القفزات ما يستحقُّ البعث، |
المفسدون الثلاثة علي بن جابر بن سالم الفيفي المفسدون الثلاثة هل أتاك خبر المفسدين الثلاثة، وبلغك ذِكْرهم؟ إن أتاك ذِكْرهم، فاحْمد الله وتنبَّه، فقد أتاك الخبرُ، وقد أعذر مَن أنذر، وإن غاب عنك ذِكْرهم، فهاك خبرَهم، كُفِيتَ شَرهم، ووُقيتَ كَيْدهم. المفسدون الثلاثة: عالِم عصراني، وزعيم قومي، وعلماني ناجح. إنَّ الأعداء لم يألوا جهدًا، ولم يتركوا مكيدة، ولم يَدَعُوا سبيلاً، يرون فيه الطريق إلى القضاء على هذا الدِّين، وتفتيت قوته، وتفريق جماعته، وهدم قواعده، وزعزعة أركانه، إلاَّ أَتَوْه وجرَّبوه، وهذا مصداقُ قول الواحدِ الأحد: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120]، وإن زَعَم الزاعمون، وإن توهَّم الغافلون غير ذلك، فإنَّ القرآن الكريم يبقى هو الصحيح، الذي لا يأتيه الباطلُ مِن بين يديه، ولا مِن خلفه، ومن ذلك أيضًا قوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109]. فكلُّ السُّبل التي يراها الأعداءُ لِهدْم هذا الدين، فهي مشروعة، وخاضعة للتجربة، ولو على حساب الإنسانية والعدْل والرحمة التي ينادون بها، فالغايةُ عندهم تُبَرِّر الوسيلة، ولن يتوقَّفوا - واللهِ - عن هذا المنهج، ولن يسيروا إلى غيره؛ إلاَّ في حال واحدة، وهي التي ذَكَرَهَا اللهُ: {حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}، فخُذِ العلم اليقين، ودع عنك فلسفة المتأولين، وتخاذل الجاهلين، ونفاق المارقين. إلا أنَّ الأعداء أدْركوا بتجربة التاريخ، وشهادة الأيام: أنَّ العداء الواضح منهم لهذا الدِّين، ومحاربة أتباعه - لا يزيده إلا قوة وانتشارًا، ولا يزيدهم إلا تعلُّقًا وتضْحية، فكلَّما أسرفوا في القتْل، وأوغلوا في الظلم، وتركوا العدل - نجد "أَحَدٌ، أَحَدٌ" تصدح في السماء. حتى علم الأعداءُ أنَّ النَّصر ليس انتصارًا في حرب، أو غنيمة في معركة، أو استعمارًا لدولة؛ بل النصرُ الحقيقي انتصارُ المبادئ والأفكار، حتى وإن قلَّ العددُ، وانقطع عن أمة الإسلام المَدَدُ. وعند هذا ارْتَأَى الأعداءُ فيما بينهم: أنَّ هذا الطريق الذي يسيرون فيه - طريق القوة والإكراه - لا يثمر إلاَّ تمرُّدًا، ولا يولد إلا جيلاً مجاهدًا، فجلسوا مع أنفسِهم والشيطان، يتحاوَرون لحلِّ هذه المعضلة، والنظر في هذه المشكلة، فَتَفَتَّقَ ذهنُهم الملعون عن حيلة - ويالها من حيلة! - تجمع لهم بين راحة الأبدان، وتحقيق بغية الشيطان. قالوا فيما بينهم: إنَّ أتباع هذا الدِّين لا يرضيهم أن نعيبه، أو أن نحاربَه، حتى لو كلفهم ذلك أنفسهم وأبناءهم، وكل غالٍ عليهم، فهم لا محالة في نصرتِه سائرون، لا يأبهون بقويٍّ ولا بضعيف، وإن حارَبْنا زعماءَهم، وقتلْنا علماءهم، فقد علَّمَتْنا الأيامُ أن هذا لا يزيدهم إلا رسوخًا وتمسُّكًا، فلا فائدة إذًا من هذه الحيلة النحيلة فاتْرُكوها، وعليكم بالحيلةَ الجديدة الجميلة، فهي أيسرُ مؤونة، وأبلغ عملاً، وأكثر نجاحًا. ومن هنا كانت بدعة (المفسدون الثلاثة): عالم عصراني، وزعيم قومي، وعلماني ناجح. قالوا - وبئس ما قالوا: أما العالِم العصراني: فإنَّه لا بدَّ لنا منَ النظر في أهل الفَهْم والنباهة، والذكاء والفطنة، ممن سلكوا سبيل العلم الشرعي، وراموا تعلُّمه والنبوغ فيه، فنختار من بينهم أحسنهم كلامًا، وأفصحهم بيانًا، وأنضجهم عقلاً، وأسرعهم حجةً، وأقواهم نباهة، فنربت عليه من حيث لا يشعر، نزيِّن له عاداتِنا وتقاليدَنا وطريق حياتنا، ونقنعه من حيثُ لا يدْري بحُسْن ملَّتِنا، وفضْل طريقتنا، فإنِ استعْصى علينا ذلك أقنعناه على الأقل بأنَّ عندنا منَ السُّبُل القويمة، والمحاسن العظيمة، ما ليس عند غيرنا، حتى يعجبَ بنا، ويسلِّم لنا - وهو لا يشعر - بفضْلنا، وأنَّ التقدُّمَ والرُّقي لا يتأتَّى إلا مِن نفس الطريق الذي سَلَكْنَاهُ، وهو - بلا شك - راغبٌ في أن يرى أبناء دينه في أعلى مراتب التقدُّم، فإذا وصلْنا معه إلى هذا الحدِّ، وزرَعْنا ذلك في قلبِه وعقله، فإنَّ الخطوة الأولى تَمَّتْ على أكمل وجْه، وقد آتت أُكُلَها. والطريقُ مُمَهَّد لسلوك الخطوة الثانية، ومدارها حول إشعاره بأنه أفضل أقرانه، والمتفوِّق على من حوله، وأنه لولا تحرُّر عقله، ونُبُوغ فكره، لما وصل لما وصل إليه، ولكانَ حالُه حالَ غيره منَ الجامدين، الذين ما زالوا أسرى النصوص القديمة، التي لم تصنعْ إلا تخلُّفًا، ولم تثمرْ إلاَّ تفكُّكًا وتشتُّتًا، فإذا انطلتْ عليه هذه الحيلة، وجازتْ تلك الرذيلة، فقد أصبح أُلْعُوبة بأيدينا، نوجِّهه حيث نريد، ونصرفه كما نشاء؛ لأنه بهذا خَلَعَ لِباس الاتِّباع، وتَسَرْبل بسربال الابْتِداع، واغْتَرَّ بنفسِه، وصار يقيس الأُمُور بعقلِه بعيدًا عن ميزان الشريعة الذي غزاه الشك فيه، فلْنُوَجِّهه الآن حيث نُريد، لنوحيَ إليه أن القرآن والسنة لا يستقيم أن ننكرَ أنها أصول إسلامية، ومناهج ربَّانية. ولكن المصالح وتغيُّر الزمان، واختلاف الفتوى، وضرورة التجديد، ومواكَبة العصر - كل هذه تحتم علينا أن نجتهدَ ونزن الأُمُور بعقولِنا في أوامر ديننا؛ تلبيةً لتلك الضرورات، والدين مَرِن يدعو للتطوُّر والتجديد، وتلبية حاجات الناس، فلا بد إذًا من تحقيقِ غاية الإسلام الكبرى، ولو على حساب بعض (القشور الإسلامية، والمخلفات التقليدية)، التي تسهم في إيقاف عجلة التجديد والتطوُّر، لنلغي هذه القُشور التي لا تعدو كونها مظاهر خارجية، أو مسائل خلافيه أكل عليها الزمان وشرب، ولنهتم بالغايات، فإنْ جاز عليه هذا فقد أوشكنا أن نحقِّقَ ما نصبو إليه. ولكن لنقل له: يا هذا على رِسْلك، لا تأخذك الحماسة، فتلغي أوامر الدين، فيزهد فيك الناس، ولكن عليك بطريق يهود، عليك بتفسير النصوص تفسيرًا عقلانيًّا عصريًّا، يقوم على خَلْخَلَةِ النصوص لا ردِّها، وتدويرها وتحريفها وإبطال مضمونها، بأيَّة وسيلة كانت. مع أهمية أن يصاحب ذلك أمران: أولهما: أن يتبنَّى هذا العالِم مواقفَ ومبادراتٍ سياسيَّة واجتماعية، تدغدغ مشاعر الناس، وتلامس حاجتهم، وتلبِّي رغباتِهم، فإن الناس لا محالة يتعلَّقون بمن ينافح عن قضاياهم، ويقاتل في سبيل حريتهم، وأخذ حقوقهم، ويصدرونه ويجعلونه في المقدمة وعلى رأس الجبل. وثانيهما:التصفيق لهذا العالِم على كلِّ أمرٍ يفعله، وإضافة البهرجة والتضخيم عليه، وتلميعه ونشره بأية طريق، وبأية وسيلة نستطيعها، وإظهاره وكأنه الرجل الوحيد والقادر على تغيير حال الأمة، وحلِّ معضلاتها، فهو رَجُلُها الواحد، وعالمها الأول بلا منازع، وهذا الأمر سهلٌ يسير علينا، فبأيدينا مفاتيح الإعلام، وتحت أعيُننا حركته وما ينشر فيه، مع ضرورة تهميش غيره منَ العلماء الراسخين الصادقين، وتقزيم أعمالهم وتصويرهم أمام الناس وكأنهم العقبة الوحيدة في وجْه التقدُّم والرقي. وإن كان للمال وحب الرِّياسة مكانٌ في قلبه، فلنغدق عليه من ذلك؛ لأنه قلَّما تجد زاهدًا فيهما، وليكن رئيسًا أمام الناس كما يشاء، فالمهم أنه عَبْدنا المطيع، وخادمنا الوفي. فهذا هو المُفسد الأول منَ المفسدين الثلاثة، والتغيير من جهته مضمون النتائج، وعنْ طريق دعوى التجديد، ومواكَبة العصر، وخلاف العلماء - نستطيع أن نفعل ما نريد. |
وأما الزعيم القومي: فإنَّ كثيرًا مِن شُعُوب المسلمين لا يزالون أسرى عند حكَّام ظلمة، لا يقيمون عدلاً، ولا يحاربون باطلاً، ولا ينصفون شعوبهم، فشعوبهم لا تزال تلعنهم ليلاً ونهارًا، وتنتظر الفرج صبحًا وعشيًّا، وتستبشر بأدنى لمحة خاطفة للعدل والمساواة، والقضاء على الظُّلم والاستعباد، وهذا مشاهد معروف لا ينكره عاقل، فلنصنع لهم زعيمًا قوميًّا، يحب العدل والمساواة، ويُحارِب الظلم، ويُلبِّي حاجة الشعب، ولنبقه على مرأى منهم ومسمع بلا قيادة له ولا رياسة، فينظرون له نظر الظمآن للسراب يراه ولا يلامسه، حتى إذا اقتربَ منه لم يجدْ ماء ولا سقاء، فإذا صنعنا ذلك فإن الناس تراه أملها الوحيد، تَتَعَلَّق به وتأخذ بتلابيبه، فهو القشة الوحيدة التي يتمسَّك بها الغريق، فإذا قبلوه وأرادوه وهتفوا له وانتظروا أيامه، فقد حان الأوانُ أن نصنعَ له من حوله من يسير الأمور من أتباعنا ومريدينا، وهم - لعمر الله - كثير. فإذا وصلنا لذلك فقد وجب أن ننتقلَ إلى الخطوة الأخرى، لنسقط الزعيم الذي قبله بأية طريقة كانت، أو على الأقل نتحين وننتظر فرصة ترجُّله عن مملكته، ولنقم صنيعنا هذا مكانه، وستفرح الجموع المظلومة، وستهتف الأفواه المكظومة، وتستبشر بالخير الرغيد، والأمن والعدْل والتطور والتجديد، ولنحقق لهم كل ذلك، حتى ينصهروا فيه، ويغفلوا عما سواه، فإذا سكروا بذلك وغرقوا في بحْر الشهوات والملذات والغنى وسائر الآفات، هدمنا الدِّين كم نحب، وكيف نريد، وأخفينا معالمه وقواعده، فإن كان هذا الحاكم غافلاً غبيًّا، فهو أسهل علينا من غيره، وإن أدرك بفطنته ما نصبو إليه، ولم تجز عليه حيلتنا، فرفض أمرنا وخرج عن طاعتنا، أريناه الحقيقة. وقلنا له بكل صراحة: نحن الذين نصبناك ووضعناك، فإن أردتَ أن تبقى على ما نريد وما نشاء، فبها ونعمت، وإن أبَيْتَ إلا العصيان، فالسقوط لك، إما بتشويه صورتك، فتسقط من قلوب الناس، أو بإسقاط جسدك، واستبدال غيرك بك، وكل ذلك بأيدينا. وأما العلماني الناجح: فإن شعوب المسلمين على اختلاف مشاربهم، وإن وقعوا في الشهوات، وتاهوا في ظلمات الملذات، إلا أنهم رغم كل هذا يحبون الدِّين وأهل الدِّين، ويبغضون أهل التحلُّل والفساد، فلا قبول للعلمانيين عندهم، مهما أغروهم وأوهموهم بحُسْن منهجهم، وسلامة قصدهم؛ وذلك لأنَّ من طبيعة الإنسان السوي قبوله للشرع لموافقة الفطرة، وحبه لأيِّ شيء يربطه بأمجاده وتاريخه، ويحافظ على هُويته، وبغضه واحتقاره لمن يتخلَّى عن أصْله وتاريخه، وهؤلاء العلمانيون جزء من فاقدي الهُوية، ومحبي التبعية، فلا مكان لهم في قلوب الناس، فكيف نستطيع إذًا أن نستفيدَ ممن انتكستْ فطرتهم فيما نريد تحقيقه؟ إننا إنْ نَصَّبْناهم، فإن الناس لا تحبهم، ولا تسمع لهم، ولا يرضيها أن يتولى أمرها مثلهم، وإن أفسحنا المجال للضفة الأخرى - ضفة الإسلاميين - خسرنا ما نريد فعله، وفاتنا ما نخطط له، فما هو السبيل؟ إن الإدارة وتنظيم الأعمال، والمؤسسات والوزارات في البلدان الإسلامية - تعيش حالة متردِّية من الفساد والسقوط، والهمجية والعشوائية والمحسوبية، يتضح ذلك في تخلُّف تلك البلاد، وفي معاناة الناس عند أية مشكلة تحدث أو ضائقة تطرأ، فلنأتِ للناس من هذا الطريق إذًا. لنجعل أهل الدين يأخذون وقتهم أولاً في تلك الإدارات والوزارات، ولنجعل فترتهم أسوأ الفترات وأرداها، وأشدها سقوطًا وفشلاً، ويتحقق لنا ذلك بأمرين: أولهما: لنوهم هذا المسؤول صاحب التوجه الإسلامي أن هذا العمل الإداري لا يحتاج له كبير عناء، ولا كثير وقت، ولنلقي في روعه أن عملَه سيقوم به غيرُه، وأنه لا يليق أن تستنفذَ فيه الطاقات والأوقات؛ بل هناك أمور أهم ينبغي الاشتغال بها؛ كالدعوة، وطلب العلم، وإلقاء الدروس، وحضور الاجتماعات، وأنه مع هذا لا خوف على إدارته؛ بل ستنجح وتسير في طريقها المرسوم. وثانيهما: نسعى جهدنا من خَلْف الكواليس، وبعيدًا عن عين الرقيب، أن نفسد كل عمل ناجح لهذه الإدارة، وأن نسقط كل مبادرة طيبة، أو قرار ناجح، حتى تفوحَ رائحة الفساد والفشل في كلِّ مكان، ولا ننسى آلة الإعلام ودورها في ذلك، وعند هذا فإن أعين الناس ستتَّجه لذلك المسؤول، وتنظر في مذْهبه ومنهجِه، ولن يشفع له دينه ولا إسلاميته؛ بل تزيد الناس بغضًا له وريبة في مدى نجاح أهل الدين في الإدارة والوزارة، وستقتنع أنفسهم بالمقولة التي تقول: إنَّ أهل الدين لا يصلحون إلا في المسجد، والزهد في الدنيا، فإذا وصل الأمر لهذا فقد تهيأتْ عقول الناس لقبول أي شخص ناجح، يخرجهم من التِّيه، بعيدًا عن توجهه وميوله وانتماءاته، فقد ملَّ الناس من الفساد، ويريدون الحل بأي شكل من الأشكال، ومن أية طريق. فإذا وصلْنا لهذه النقطة أتينا بصاحبنا الذي صنعناه وعلَّمْناه، فنصبناه في الإدارات والوزارات، وسيكون في بداية أمره تحت اختبار الناس وتقييمهم، فلنصنع له نجاحات وإبداعات، وليكن أول المحاربين للفساد، فإذا رأى الناس ذلك وارتاحت قلوبهم إليه، استطَعْنا أن نُمضي ما نريد، فنوهمهم تارة أنه لن يستوي هذا الأمر الفلاني إلا بالاختلاط مثلاً، ولن ينجحَ هذا القرار إلا بخروج المرأة، أو سنبقى في ظلمات الجهل والفساد والجمود، وهلم جرًّا، فإذا زارت الريبة قلوبهم. قلنا لهم: إن كل ذلك وفق الشريعة الإسلامية، وعلى فتاوى أهل العلم، والأمر فيه سعة وخلاف، وبهذا يتم لنا ما نريد، بلا حروب ولا عداوات ولا كراهية. اصنعوا لنا هؤلاء الثلاثة، وسترون المسلمين يسيرون على خطاكم، وأنتم مرتاحو البال، قريرو الأعين. وجرَّب العدو هذه الحيلة، ونجحت نجاحًا باهرًا، تراه العين حينًا وتقرأ خبره ممن مضى حينًا، وتسمعه أحيانًا، والتاريخ يشهد، والواقع يشهد، والأمة الغافلة تشهد. وخرج لنا كمال أتاتورك، وسعد زغلول، وطه حسين، ومحمد عبده، والطاهر الحداد , وقاسم أمين وغيرهم غيرهم كثير على اختلاف بينهم، ولو أن هذه الحيلة جازت على الجَهَلَةِ من المسلمين لهانَ الأمر، ولكن العجيب أنها جازتْ على كبار المثقفين والعلماء والمصلحين ومحبي الدين، فهذا أحمد شوقي على حبِّه للإسلام ومكانته من الشعر الأصيل، يصدح في مدح كمال أتاتورك على غفلة منه، ويقول: اللهُ أَكْبَرُ كَمْ فِي الفَتْحِ مِنْ عَجَبٍ يَا خَالِدَ التُّرْكِ جَدِّدْ خَالِدَ العَربِ وكما جاز أمرُ كمال على أمير الشعراء، فقد جاز أمرُ غيره على أناس أعظم من شوقي وأشد نباهة، ولا زالت المشاهد تَتَكَرَّر، والناس في نومهم سادرون، يستيقظون بين فينة وأخرى على ضحك الزمان، فلا يبصرون أين موطن الخلل.! وبعدُ، فهذه ليست أولى الحيل ولا آخرها، فمِن حق كل فطين أن يتحايَل ليروج أمره، ولكن ليس من حَقِّنا أن نتغابى ويضحك علينا، وصدق الشاعر: مَكَائِدٌ أُفْعِمَـتْ مَكْـرًا لِأُمَّتِنَـا تَكَادُ مِنْهَا الصُّخُورُ الصُّمُّ تَنْفَطِـرُ لَيْسَ العَجِيبُ الَّذِي بَانَتْ عَدَاوَتُهُ لَنَا وَمِنْهُ أَتَانَا الضَّيْـمُ وَالضَّـرَرُ بَلِ العَجِيبُ الَّذِي مِنْ صُلْبِ أُمَّتِنَا يَكُونُ عَوْنًا لِمَنْ خَانُوا وَمَنْ كَفَرُوا |
يعطيج العافيه قلب الزهور ع الطرح القيم مجهود مميز عساج ع القوه ننتظر المزيد دوماا |
يعطيك ربي ألف عافيه
طرح رآئع وتواجد مميز ننتظر مزيد من العطاء ودي وتقديري |
اقتباس:
يسعدلي قلبك ويسلمووو ع الحضور الرآئع بصفحتي تقبلي شكري تقديري واحترامي مع تحياتي قلب الزهور بباي |
اقتباس:
يسعدلي قلبك ويسلمووو ع الحضور الرآئع بصفحتي تقبلي شكري تقديري واحترامي مع تحياتي قلب الزهور بباي |
من درر الأقوال يقول الشيخ المغامسي : ليس البر أن تطلبُك أمك طلباُ فتلُبيهِ فهذا دخل في مرحلة الوجوب ، إن لم يكن في معصية الله ، لكن البّر أن تنتزع من عينيها الطلب ، وأن تعرف ماذا تريد الأم قبل أن تطلب ، وأن تحفظها من أن تسأل ، وأن تكرمها من أن تطلب ، وأن تُجيبها قبل أن تدعوك .. هذه هي المرحلة العليا المطلوبة في البرّ . |
مقتطفات رائـــــــــعة ﻗَــﺪْ ﻳُﻈْﻠِﻢُ ﺍﻟﺪَّﺭﺏ ﻭَﺗﻀِﻴﻖُ ﺍﻟﻨّﻔﺲْ ..! ﻟَﻜِــﻦ ﺷُﻤُـــﻮﻉ ﺍﻟﺼُّﺤْﺒَﺔ ﺍﻟﺼّﺎﻟﺤَﺔ ﺗُﻨِــﻴﺮُ ﺍﻟﻄّﺮﻳـﻖ ، ﻭَ ﺗَﻤْــﺤُﻮ ﺍﻟﻀّﻴـﻖ ﻭَ ﻳَﺒْﻘَﻰ ﺍﻷﻧﻘﻴﺎﺀ ﻫُﻢْ ﺭﻭﻧﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .. ﻭَ ﻳَﺒْﻘَﻰ ﻭُﺟﻮﺩﻫﻢْ ﻫُﻮَ ﺍﻟﺰّﺍﺩْ ﺍﻟﺠَﻤِﻴﻞ .. ﻧُﺤﺒﻬُــــﻢ ﺑِـــ ﻛُـــﻞ ﻣــــﺎ ﺃﺗــﺎﻧـــﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻣِــﻦ ﻗـــﻮّة ؛ ﻭ ﻳﺨــــﺬِﻟـــﻮﻧـــﺎ ﺑِــ ﻛُــــﻞ ﻣــــﺎﺗﺤﻤِــــﻞ ﻗـــﻠـﻮﺑﻬُـــﻢ ﻣِـــﻦ ﻗﺴــﻮّة ................ ﻣـﺆَﻟﻢ ﺟﺪﺍً . . ﻋِﻨَﺪَﻣّﺎ ﺗَﻀَﻊ ﺍﻟْﻄَّﻴِّﺒَﺔﻭَﺍﻻﺧﻼﺹ ﻟَﻬُﻢ ، ﻭَﻫُﻢ ﻳَﻀَﻌُﻮﻧَﻚ ﻓِﻲ ﻗَﺎﺋِﻤَﺔ ﺍلإﻧْﺘِﻈَﺎﺭ ! ! ﻣَﺘَﻰ ﻣَﺎ ﻛَﺴَﺎﻫُﻢ ﺍﻟْﻤَﻠَﻞ ................. ﺃَﺗَﻮ ﻟِﻴَﺒْﺤَﺜُﻮْﺍ ﻋﻨﻚ !!!!! ﺗﺒﺎً ﻟـ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻳَﻨﺸَﻐﻠﻮﻥ ﻋﻨَﻚ ﻃُﻮﻝ اﻟﻴﻮﻡ ، ﻭَ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳَﺤﺴّﻮﻥ ﺑـِ اﻟﻮﺣﺪَﻩ أﻭ اﺁﻟﻤﻠﻞ .. ﻳﺘﺬَﻛﺮﻭﻧﻚ !! ﺃﺻﻌَﺐ ﺇﺑﺘﺴاﻣة ﺗﻠﻚَ اﻟﺘﻲّ ﺗﺘﺼﻨﻌّﻬا ﻟَﺤﻈﺔ إﻧﺼِﺪاﻣﻚ ﺑﺄﻋﺰّ ﻧاﺳﻚْ !! ﻓـــــﻲ ﺣــــﻴــﺎﺗــﻲ إﻧﺴﺎﻥ ﺗــﻤــﺎﻣــﺎ ﻛــﺎﻷﻛـــﺴــﺠــﻴــﻦ .. ﺍﺫﺍ إﻧـــــﺸــــﻐـــــﻞ ﻋــــﻨـــﻲ .. ﺃﻭ إﺑـــــﺘــــﻌـــــﺪ ﻗـــﻠـــﻴــــﻼ .. أﺧـــــﺘـــــﻨـــــﻖ ..........!!! ﺃﺳﺮﻉ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻜﺎﺀ . . ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺷﺮﺡ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ! ﻣﻦ ﺷﻜﻰ ﻫﻤﻪ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻓﻘﺪ ﺯﺍﺩ .... ﻭﻣﻦ ﺷﻜﻰ ﻫﻤﻪ ﻟﻠﻪ ﻓﻘﺪ ﺯﺍﻝ . ﺳَﺒَﺐُ ﺗَـــــــﻌَﺎﺳَﺔِ ﺃﻏْﻠَﺒِﻨَﺎ ﻓِﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎة .. ﺃﻧّﻨَﺎ ﻓِﻲ ﺍﻟﺼّﻔْﺤَﺔِ ﺍﻷﻭﻟَـﻰ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺤِﮕﺎﻳة .. ﻧُﻔَﮕﺮُ ﻓِﻲ ﺍﻟﺼّﻔْﺤَﺔ ﺍﻷﺧِﻴﺮَﺓ ! مهما تشكلت من كلمات .... فليس هناك معنى أعمق وأقوى من كلمة آه ...! ﺷُﻜﺮﺍ ﻋﻠَﻰ ﺧﻴْﺒﺎَﺕٍ ﺟَﻌَﻠَﺖ ﻣِﻨِّﻲ ﺃُﻧْﺜﻰ ﺻَﻠْﺒَﺔ .... ﻏﻴْﺮ ﻗﺎﺑِﻠَﺔ ﻟِﻺﻧْﻜِﺴَﺎﺭ ﻣﺮَّﺓ ﺛَﺎﻧِﻴﺔ ! ﺗَﺘﻐﻴّﺮُ ﺍﻷﺭﻭاﺡُ ﻭ ﺍﻟﻘﻠــﻮﺏُ ﻭ ﻟا ﺗَﺒﻘـﻰ ﺳِﻮﻯ ﺍﻟﺬﻛﺮﻳــاﺕْ ﺗﺮﺳُﻢ ﻃﺮﻳـﻘﻬــا ﻓـﻲ ﺍﻟﻌﻘــﻮﻝ |
همسة للقلوب تأنيب الضمير هو الذي يشعرك بأنك أسوأ إنسان على وجه الأرض ولكن إذا أحسست بذلك فاطمئن لأنك ستكون من أفضل الناس على وجه الأرض نبضة قلب قال شفيق البلخي رحمه الله تعالى : [ طلبنا خمسا فوجدناها في خمس 1- طلبنا نور في القبر فوجدناها في قيام الليل 2- طلبنا الري يوم القيامة فوجدناها في صوم رمضان 3-طلبنا البركة فوجدناها في صلاة الضحى 4-طلبنا الجواز على الصراط فوجدناها في الصدقة 5-طلبنا جواب منكر ونكير فوجدناها في قراءة القرآن الكريم ] اللهم اجعل خير عمري آخره وخير عملي خواتمه ,,, وخير أيامي بوم ألقاك فيه اللهم اغفر وارحم لكل من له حق علي اللهم اغفر وارحم لإخواني في الله واجمعنا بالحبيب صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه في الجنات العلى ,,,, انك تجيب دعوة الداعي إذا دعاك يا رب همسة للقلوب الحزن على فوات الطاعة ,,,,, طاعة بكى احد الصالحين قبل وفاته فقيل له ما يبكيك ؟؟؟ فقال : ابكي على يوم مضى ما صمته وعلى ليلة مضت ما قمتها |
أجمل ما قيل في الصبر للإمام الشافعي يرحمه الله دع الأيام تفـعــــــــــل ما تـشــــــاء ** وطب نـفـسـا" إذا حـكـــم القـضاء ولا تـجـــزع لحـادثــة اللـيـالــــي ** فــمـا لحوادث الـدنيا بقــــــــــــاء وكن رجلا" على الأهوال جلـــــدا ** وشيمتك السماحة والوفـــــــــــاء وإن كثرت عيوبك في البرايــــــا ** وسرّك أن يكون لــها غـطـــــــــاء تــســتـر بالـسـخــاء فـكـــــــــــــل * عـيـب يغـطيه كـما قيل السخــــــاء ولاتـــر للأعـــادي قـــــــــــــط ذل ** فــإن شـمــــاتـة الأعــداء بـــــــلاء ولاتـرج الســـمـاحة مـن بـخـيـــل ** فـما في النـار للظمآن مـــــــــــــاء ورزقك ليس ينقصه التأنــــــــــي ** وليس يزيد فـي الـرزق العــــنــــاء ولاحــزن يـــدوم ولاســـــــــــرور ** ولا بــؤس عـلــيـك ولارخــــــــــاء إذا مــا كـنـت ذا قـلــب قـنــــــوع ** فـأنـت ومـالـك الدنيا ســـــــــــواء ومن نزلت بساحـته المـنــــــــايـا ** فلا أرض تـقـيـه ولاســـمـــــــــــاء وأرض الله واســعــــــة ولكن إذا ** نزل القضــاء ضـــاق الفضــــــاء ومسك الختام قول الشاعر من أروع ما قيل يا صاحب الهم إن الهم منفرج ** أبشر بخير فإن الفارج الله اليأس يقطع أحيانا بصاحبــــه ** لا تيأسن فإن الكافي الله الله يحدث بعد العسر ميســــرة ** لا تجزعن فإن القاسم الله إذا بليت فثق بالله وارضَ به ** إن الذي يكشف البلوى هو الله والله مالك غير الله من أحــد ** فحسبك الله في كلٍ لك الله |
وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ شعر : د. عبد الرحمن بن عبد الرحمن أَهْلاً وَسَهْلاً بِشَهْرٍ طَيِّبٍ زَاكِي ** وَمِنْحَةٍ ظَهَرَتْ لِلْمُذْنِبِ الشَّاكِي أَهْلاً بِمَقْدَمِ شَهْـرٍكُنْتُ مُنْتَظِرًا ** قُدُومَـهُ بِفُؤَادٍ خَائِـفٍ بَاكِـي يَا بَدْرَ تَمٍّ مَحَى دَيْجُـورَ لَيْلَتِنَا ** يَا شَمْسَ حُسْنٍ بَدَا فِي ثَوْبِ نُسَّاكِ أَنْوَارُ حُسْنِكَ ضَاءَتْ فِي مَرَابِعِنَا ** وَكَفُّ بَذْلِكَ لَمْ يُعْـرَفْ بِإِمْسَاكِ شَهْرُ الصِّيَامِ هَلاَ كَمْ تَائِبٍ هَطَلَتْ ** دُمُـوعُ مُقْلَتِهِ فِي لَيْلِكَ الزَّاكِي وَرَاكِعٍ سَاجِـدٍ يَدْعُـو وَمَا فَتِئَتْ ** رُوحُ الضَّعِيـفِ كَطَيْرٍ بَيْنَ شُبَّاكِ يَخَـافُ ذَنْبًا عَظِيمًا هَـدَّ كَاهِلَهُ ** يَقُولُ يَا نَفْسُ شَهْرَ الصَّوْمِ وَافَاكِ فَادْعِي إِلَهًا كَرِيْمًا وَاسْجُدِي خَجَلاً ** مِمَّا جَنَيْتِ وَمَا صَـاغَتْهُ يُمْنَاكِ فَـإِنَّـهُ مِنْحَـةٌ لِلتَّائِبِـينَ وَهَـلْ ** يَنَالُهَا مُعْتَـلٍ فِي ثَـوْبِ أَفَّاكِ فَأَخْلِصِي عَمَلـاً تُوبِي عَسَى فَرَجٌ ** يَأْتِيكِ أَوْ رَحْمَةٌ يَا نَفْسُ تَلْقَاكِ وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْـرٌ لَوْ ظَفِرْتِ بَهَا ** جِبْرِيْلُ يَنْزِلُ فيها بين أملاك رَبَّاهُ ذَنْبِي كَسُمٍّ بَاتَ فِي كَبِـدِي ** وَشُعْلَةٌ فِي فُؤَادِي مِثْلُ سَفَّـاكِ وَأَنْتَ أَنْتَ عَظِيمُ الشَّأْنِ مُقْتَـدِرٌ ** وَمَا يُفِيدُكَ يَامَوْلاَيَ إِهْلاَكِـي فَاغْفِرْ ذُنُوبِي فَأَنْتَ اللهُ ذُو كَـرَمٍ ** وَأَنْتِ يَا نَفْـسُ إِيَّاكِ وَإِيَّـاكِ فَرَاقِبِي اللهَ وَاخْشَيْ مِنْ عَوَاقِبِـهِ ** حَتَّى يَسِيرَ بِكِ الْبَاكِي لِمَثْوَاكِ |
من دقائق الأخلاق ! (1) ... شرط الجواز عدم قصد التحقير . قال الإمام السبكي ـ رحمه الله ـ : كنت جالساً بدهليز دارنا فأقبل كلب فقلت : اخسأ كلب ابن كلب قال : فزجرني والدي من داخل البيت ، قلت : سبحان الله ... أليس هو كلباً ابن كلب !؟ ، فقال : شرط الجواز عدم قصد التحقير ، قلت : وهذه فائدة " أهـ فيض القدير (1/151) (2) ... مبلغهم من الصدق ! .. والله لو نادى مناد من السماء: إن الله أحل الكذب، ما كذبت ! كان إياس بن معاوية –رحمه الله- يقول: «ما أحب أني أكذب كذبة لا يطلع عليها إلا الله ولا أؤاخذ بها يوم القيامة ، وإن لي مفروحا *من الدنيا ! » حلية الأولياء [3/123] * المفروح : هو الشىء الذى يفرح به الإنسان و دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك: فقال: يا سليمان، من الذي تولى كبره منهم؟ قال: عبد الله بن أبي ابن سلول. قال: كذبت، هو علي. فدخل ابن شهاب، فسأله هشام، فقال: هو عبد الله بن أبي. قال: كذبت، هو علي. فقال: أنا أكذب ؟ لا أبا لك ! فوالله لو نادى مناد من السماء: إن الله أحل الكذب، ما كذبت ! حدثني سعيد، وعروة، وعبيد، وعلقمة بن وقاص، عن عائشة: أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي. تاريخ دمشق (55/371) ، سير أعلام النبلاء (5/339) ، فتح الباري (7/437) (3) ... طريقةٌ سهلةٌ مجربةٌ... لدرءِ الضغينةِ، وإزالةِ الجفوةِ ، لكنَّها صعبة ! قال أبو بكر الكتاني -رحمه الله-: صَحِبني رجلٌ ، وكان على قلبي ثقيلاً ، فوهبتُ له شيئاً ليزول ما في قلبي ، فلم يزل ، فأخذتُ بيده يوماً إلى البيت ، وقلت له : ضع رجلك على خدي! فأبى ، فقلت : لا بُدَّ ، ففعل. واعتقدتُ أن لا يرفع رجلهُ من خدي حتى يرفع الله من قلبي ما كنتُ أجِدُه ! ، فلما زال من قلبي ما كنت أجِدُه قلتُ لهُ : "ارفع رجلك الآن!" تاريخ دمشق (54/255) ، إحياء علوم الدين (3/75) و قال أبو محمد الجريري -رحمه الله-: دعانا أبو العباس بن مسروق ليلةً إلى بيته ، فاستَقبَلنا صديقٌ لنا ، فقلنا : ارجع معنا فنحن في ضيافة الشيخ . فقال : إنه لم يَدعُنِي. فقلتُ : نحن نستثني كما استثنى رسول الله صلى الله عليه و سلم بعائشة. فرددناه -اصطحبناه معنا- فلما بلغ باب الشيخ أخبرناهُ بما قال ، وقلنا له . فقال : جعلتَ موضعي مِن قِبلكَ ، أن تجيء إلى منزلي من غير دعوة ! علىَّ كذا وكذا إن مشيتَ إلى الموضعِ الذي تقعدُ فيه إلا على خدي! وألحَّ ووضعَ خدهُ على الأرض ، وحملَ الرجلَ ، ووضعَ قدمهُ على خدِّه من غير أن يُوجعه ، وسحب الشيخ وجهه على الأرض إلى أن بلغ موضع جلوسه !. تاريخ بغداد (5/101) (4) ... طأطئ رأسك لكلمة السوء حتى تتخطاك ! قال عمرُ بن الخطّاب -رضي الله عنه-: إذا سَمعت الكلمةَ تُؤْذِيك فطَأْطِىء لها حتى تَتخطاك.! العقد الفريد (1/180) و شتم رجل ابن عباس- رضى الله عنه-: فلما قضى مقالته ، فقال : يا عكرمة، انظر هل للرجل حاجة فنقضيها ؟ فنكس الرجل رأسه واستحى . وأسمع رجل معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه-: كلاماً شديداً فقيل له : لو عاقبته ؟ فقال : إني لأستحي أن يضيق حلمي عن ذنب أحد من رعيتي . وجاء غلام لأبى ذر -رضي الله عنه-: وقد كسر رجل شاة له، فقال له : من كسر رجل هذه ؟ قال : أنا فعلته عمداً لأغيظك، فضربنى، فتأثم . فقال : لأغظين من حرضك على غيظي، فأعتقه . وشتم رجل عدى ابن حاتم وهو ساكت: فلما فرغ من مقالته قال : إن كان بقي عندك شئ فقل قبل أن يأتي شباب الحي، فإنهم إن سمعوك تقول هذا لسيدهم لم يرضوا . ودخل عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-: المسجد ليلة في الظلمة، فمر برجل نائم فعثر به، فرفع رأسه وقال : أمجنونٌ أنت ؟ فقال عمر : لا، فهم به الحرس، فقال عمر : مه، إنما سألني أمجنون ؟ فقلت : لا . ولقي رجل على بن الحسين: فسبه، فثارت إليه العبيد، فقال : مهلاً، ثم أقبل على الرجل فقال : ما ستر عنك من أمرنا أكثر، ألك حاجة نعينك عليها ؟ فاستحى الرجل، فألقى عليه خميصة كانت عليه، وأمر له بألف درهم، فكان الرجل بعد ذلك يقول : أشهد أنك من أولاد الرسول . وقال رجل لوهب بن منبه : إن فلاناً شتمك، فقال : ما وجد الشيطان بريداً غيرك . مختصر منهاج القاصدين ص (231) (5) ... لو قلتَ عشراً ؛ لم تسمع واحدة ! قال الأصمعي -رحمه الله-: بلغني أن رجلا قال لآخر : والله ! لئن قلت لي واحدة لتسمعن عشرا . قال : لكنك لو قلت عشرا ؛ لم تسمع واحدة . المجالسة وجواهر العلم ( 8/28) (6) ... بل نَسْلَمُ ويَسْلَمونَ ، خيرٌ من أن نُؤجرَ ويأثَمُونَ.! حدَّث الأعمشُ -رحمه الله- فقال : خرجتُ أنا وإبراهيم النخعي ونحن نريدُ الجامع، فلما صرنا في خلال طرقات الكوفة قال لي: يا سليمان، قلت: لبيك قال: هل لك أن تأخذَ في خلال طرقات الكوفة كي لا نمر بسفهائها فينظرون إلى أعور وأعمش فيغتابونا ويأثمون؟ قلت: يا أبا عمران، وما عليك في أن نُؤجر ويأثَمون؟! قال: يا سبحانَ اللهِ! بل نَسْلَمُ ويَسْلَمونَ ، خيرٌ من أن نؤجرَ ويأثمونَ.! المنتظم في تاريخ الأمم والملوك لابن الجوزي (7/21) (7) ...والله ما على الأرض لقمة لقمتها إلا وددت أنها كانت في أبغض الناس إلي ! حدث إبراهيم بن يزيد التيمي -رحمه الله-: أن أباه يزيد بن شريك كان يرتدي بالرداء فيبلغ إليتيه من خلفه، وثدييه من بين يديه فقلت: «يا أبت، لو اتخذت رداء هو أوسع من ردائك هذا» ، فقال: «يا بني، لم تقول هذا، فوالله ما على الأرض لقمة لقمتها إلا وددت أنها كانت في أبغض الناس إلي !» حلية الأولياء (4/211) (8) ...قول أخي: « لم أقل » أحبَّ إلي من ثمانية يشهدون عليه! قال ميمون بن مهران –رحمه الله-: ما بلغني عن أخٍ لي مكروهٌ - قطُّ - إلا كان إسقاطُ المكروه عنه أحبَّ إلي من تحقيقه عليه، فإن قال : « لم أقل » ؛ كان قوله: « لم أقل » أحبَّ إلي من ثمانية يشهدون عليه! «تاريخ الرَّقَّة» (ص 25) (9) ...إن الرجل ليحدثني بالحديث، فأنصت له (كأني لم أسمعه)، وقد سمعته قبل أن يولد ! |
قال عطاء بن أبي رباح -رحمه الله-: إن الرجل ليحدثني بالحديث، فأنصت له كأني لم أسمعه، وقد سمعته قبل أن يولد ! تاريخ دمشق (40/401)، سير أعلام النبلاء (5/86) وقال خالد بن صفوان -رحمه الله-: إذا رأيت محدثا يحدث حديثا قد سمعته أو يخبر بخبر قد علمته ، فلا تشاركه فيه حرصا على أن يعلم من حضرك أنك قد علمته ، فإن ذلك خفة فيك وسوء أدب . الآداب الشرعية (2/264) (10) ... ووالله ! لوددت أن جسمي قرض بالمقاريض وأن هذا الخلق أطاعوا الله عز وجل .! قال عبد الله بن عبد الغفار : قلت لزهير بن نعيم: أوصني ! قال : أوصيك بتقوى الله،والله ؛ لأن تتقي الله أحب إلي من أن يكون لي وزن هذه الأسطوانة ذهبا أنفقه في سبيل الله عز وجل، ووالله ! لوددت أن جسمي قرض بالمقاريض وأن هذا الخلق أطاعوا الله عز وجل . حلية الأولياء (10/150) ، المجالسة وجواهر العلم (2/312) علق السفاريني في غذاء الألباب ص 177 : يحمل عليه إجلال الله ، وإعظامه ، ومحبته ، وأنه أهل أن يطاع فلا يعصى , ويذكر فلا ينسى , ويشكر فلا يكفر , وأن يُفتدى من انتهاك محارمه بالنفوس والأموال فمن لحظ هذا المقام , هان عليه ما يلقى من الآلام , وربما دعا لمن آذاه , لكون ذلك في الله (11) ...لو كنت أعلم أنك أكبر مني بيوم أو ليلة ما تقدمتك .! قال مالك بن مغول -رحمه الله-: مشيت مع طلحة بن مصرف حتى انتهينا إلى زقاق ضيق فتخلفت وتقدم طلحة فالتفت إلي وقال لو أعلم أنك أكبر مني بيوم أو ليلة ما تقدمتك ! المنتقى من مكارم الأخلاق للخرائطي (ص 28) (12) ...أخلاق العلماء.! قال أبو عبد الله محمد بن فراس العطار -رحمه الله-: كان الوليد بن عتبة يقرأ علينا في مسجد باب الجابية مصنفات الوليد بن مسلم، وكان رجل يجيء وقد فاته ثلث المجلس، ربع المجلس أو أقل أو أكثر، وكان الشيخ يعيده عليه، فلما كثر ذلك على الوليد بن عتبة منه قال له: " يا هذا أي شيء بليت بك، الله محمود، لئن لم تجئ مع الناس من أول المجلس لا أعدت عليك شيئا .. قال: يا أبا العباس، أنا رجل معيل، ولي دكان في بيت لِهْيَا -مكان- ، فإن لم أشتر لها حويجاتها من غدوة، ثم أغلق وأجيء أعدو، وإلا خشيت أن يفوتني معاشي، فقال له الوليد بن عتبة: لا أراك ههنا مرة أخرى، فكان الوليد بن عتبة يقرأ علينا المجلس، ويأخذ الكتاب ويمر إلى بيت لِهْيَا حتى يقرأ عليه المجلس في دكانه !! " الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/203) (13) ...هكذا الأدبُ ، وإلا فلا .! قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «وَجَدْتُ عَامَّةَ عِلْمِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ إِنْ كُنْتُ لَأَقِيلُ بِبَابِ أَحَدِهِمْ، وَلَوْ شِئْتُ أُذِنَ لِي، وَلَكِنْ أَبْغِي بِذَلِكَ طِيبَ نَفْسِهِ» جامع بيان العلم وفضله (1/ 408) ، الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/ 159) ، الإصابة في تمييز الصحابة (6/ 236) وقال القاسم بن سلام -رحمه الله-: " ما استأذنت قط على محدث، كنت أنتظره حتى يخرج إلي، وتأولت قوله تعالى: {ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم} الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (1/ 158) (14) ... ادفع بالتي هي أحسن.! قال أبو يعقوب المدني -رحمه الله-: كَانَ بَيْنَ حَسَنِ بنِ حَسَنٍ وَبَيْنَ ابْنِ عَمِّهِ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ شَيْءٌ، فَمَا تَرَكَ حَسَنٌ شَيْئاً إِلاَّ قَالَهُ، وَعَلِيٌّ سَاكِتٌ، فَذَهَبَ حَسَنٌ، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ، أَتَاهُ عَلِيٌّ، فَخَرَجَ. فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا ابْنَ عَمِّي، إِنْ كُنْتَ صَادِقاً، فَغَفَرَ اللهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ كَاذِباً، فَغَفَرَ اللهُ لَكَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ. قَالَ: فَالْتَزَمَهُ حَسَنٌ، وَبَكَى، حَتَّى رَثَى لَهُ !. تاريخ دمشق (12/24) ، سير أعلام النبلاء (4/ 397) (15) ...إن الذباب ليقعُ على صديقي ، فيشق عليَّ.! قال ابن عباس -رضي الله عنه-: أكرم الناس عَلَيَّ جليسي الذي يتخطى رقاب الناس إليّ. ، لو استطعت أن لا يقع الذباب على وجهه لفعلت!, وفي رواية: إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني.! تاريخ دمشق (73/ 214) ، الفقيه والمتفقه (1/ 474) (16) ...كيف تتعامل مع السارق ! خطف سارق عمامة الإمام النووي - رحمه الله - : وهرب فجعل الشيخ يعدو خلفه ويقول ملكتك إياها قل : قبلت والسارق لا يفهم ! ( المنهل العذب ص 111) وأراد الشيخ رحمه الله إنقاذ السارق بهبة العمامة له وتلزم الهبة بالقبض أو بقول الموهوب له قبلت ونحو ذلك قال الإمام أحمد -رحمه الله-: وما ينفعك أن يعذب الله أخاك المسلم بسببك ! السير ( 11/262) (17) ... ما أجمل جوابه ! لما ولي عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- بدابق : خرج ذات ليلة ومعه حرسي , فدخل المسجد فمر في الظلمة برجل نائم فعثر به , فرفع رأسه إليه فقال : أمجنون أنت ؟ قال : لا . فهم به الحرسي , فقال له عمر : مه . إنما سألني أمجنون أنت ؟ فقلت : لا. الطبقات الكبير لابن سعد (7/ 385) ، تاريخ دمشق (45/ 206) ، سيرة عمر لابن الجوزي (ص 208) (18) ... فنُّ الإصغاء ! قال عطاء بن أبي رباح -رحمه الله-: إن الرجل ليحدثني بالحديث، فأنصت له كأني لم أسمعه، وقد سمعته قبل أن يولد ! سير أعلام النبلاء (5/ 86) وقال سفيان الثوري -رحمه الله-: إن الرجل ليحدثني بالحديث قد سمعته أنا قبل أن تلده أمه ! ، فيحملني حسن الأدب أن أسمعه منه. تاريخ دمشق (5/ 66) وقال ابن المقفع : وإذا رأيت رجلاً يحدِّث حديثاً قد علمته، أو يخبر خبراً قد سمعته_فلا تشاركْه فيه، ولا تَتَعَقَّبْهُ عليه؛ حرصاً على أن يعلم الناس أنك قد علمته؛ فإن في ذلك خِفَّةً، وسوء أدب، وسخفاً. الأدب الكبير والأدب الصغير (ص: 136) و قال أيضاً: من الأخلاق التي أنت جديرٌ بتركها إذا حدّث الرجل حديثاً تعرفه ألا تُسابقه , و تفتحهُ عليه و تشاركه , حتى كأنك تظهر للناس أنك تريد أن يعلموا أنك مثل الذي يعلم , و ما عليك إلا أن تهنئه بذلك , و تفرده به , و هذا الباب من أبواب البخل , و أبوابه الغامضة كثيرة المصدر السابق. وقال الإمام ابن سعدي -رحمه الله-: ومن الآداب الطيبة إذا حدَّثك المحدِّث بأمر ديني أو دنيوي ألا تنازعه الحديث إذا كنت تعرفه، بل تصغي إليه إصغاء من لا يعرفه، ولم يَمُرَّ عليه، وتريه أنك استفدت منه، كما كان أَلِبَّاءُ الرجال يفعلونه. وفيه من الفوائد تنشيط المحَدِّث، وإدخال السرور عليه، وسلامتك من العجب بنفسك، وسلامتك من سوء الأدب؛ فإن منازعة المحدث في حديثه من سوء الأدب. الرياض الناضرة (ص548 ) وإلى هذا المعنى الجميل يشير أبو تمام بقوله: من لي بإنسان إذا أغضبته ... وجهلت كان الحلمُ ردَّ جوابِه وتراه يصغي للحديث بسمعه ... وبقلبه ولعله أدرى به (19) ... (قِمَّةُ الوفاءِ) ... مواساةُ الإخوانِ حتَّى في الحفاء !! قال محمد بن مناذر -رحمه الله-: كنت أمشي مع الخليل بن أحمد فانقطع شسعي -أي رباط حذائي - فخلع نعليه فقلت: ما تصنع؟ قال: أواسيك في الحفاء !. مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (ص: 94) ، الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 242) ، ربيع الأبرار ونصوص الأخيار (2/ 235) (20) ... مَا أَفْدَحَ خَطْبِيْ حِيْنَ تُنتَهكُ حُرُمَاتُ رَبِّيْ ! قال ربيع بن عتاب -رحمه الله-: كنت أمشي مع زياد بن جرير فسمع رجلا يحلف بالأمانة، قال: فنظرت إليه وهو يبكي. قلت: ما يبكيك؟ فقال: «أما سمعت هذا يحلف بالأمانة، فلأن تحك أحشائي حتى تدمى أحب إلي من أن أحلف بالأمانة» حلية الأولياء (4/ 196) |
(21) ... أدب الخلاف ! : ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة ! قال يونس الصدفي -رحمه الله-: «ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني، فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة». عقب الذهبي -رحمه الله- على كلام الإمام الشافعي -رحمه الله-: «هذا يدل على كمال عقل هذا الإمام، وفقه نفسه، فما زال النظراء يختلفون» . سير أعلام النبلاء (16/10) (22) ... انظر إلى أين بلغ بهم حفظ اللسان ! قال طوق بن منبه -رحمه الله-: دخلت على محمد بن سيرين وقد اشتكيت، فقال: كأني أراك شاكيا؟ قال: قلت: أجل. قال: " اذهب إلى فلان الطبيب فاستوصفه "، ثم قال: " اذهب إلى فلان فإنه أطب منه "، ثم قال: أستغفر الله أراني قد اغتبته ! " شعب الإيمان (9/ 117) ، تاريخ دمشق (53/ 214) ، صفة الصفوة (2/ 143) (23) ... لو قدرتُ أن أتطوّع حيثُ لا يراني ملكاي ... لفعلتُ!! قال أبو عبد الله خادم محمد بن أسلم الطوسى -رحمه الله -: صحبت محمد بن أسلم نيفا وعشرين سنة لم أره يصلى حيث أراه من التطوع إلا يوم الجمعة , ولا يسبح ولا يقرأ حيث أراه , لم يكن أحد أعلم بسره وعلانيته منى وسمعته يحلف كذا وكذا مرة أن لو قدرت أن أتطوع حيث لا يرانى ملكاى لفعلت ! , ولكن لا أستطيع ذلك خوفاً من الرياء.! حلية الأولياء (9/234) ، سير أعلام النبلاء (12/ 200) ، الوافي بالوفيات (2/ 146) (24) ... أخزى اللهُ مالاً يمنعُ الإخوان من الزيارة ! مرض قيس بن سعد بن عبادة - رضي الله عنه -: فاستبطأ إخوانه عن عيادته، فسأل عنهم، فقيل: إنهم يستحيون مما لك عليهم من دين. فقال: أخزى الله مالا يمنع الإخوان من الزيارة، ثم أمر مناديا فنادى: من كان لقيس عليه دين فهو في حل منه، فكسرت درجته بالعشي لكثرة من عاده.! لباب الآداب (ص : 109 ) ، مختصر منهاج القاصدين (3/ 70) ، البصائر والذخائر (4/ 241) (25) ... بستانٌ في الجنة ! لما كان العزُّ بن عبد السلام -رحمه الله-في دمشق : وقعَ فيها غلاءٌ فاحش، حتى صارت البساتينُ تباع بالثمن القليل، فأعطتهُ زوجته ذهباً وقالت: اشرِ لنا بستاناً نصيّف فيه، فأخذ الذهبَ وباعهُ، وتصدق بثمنه، فقالت: يا سيدي اشتريت لنا؟ قال: نعم بستاناً في الجنة. إنِّي وجدتُ الناس في شدةٍ، فتصدقتُ بثمنه، فقالت المرأة: جزاك الله خيرا طبقات الشافعية (214).ً (26) ... آخر من يرفع يده ! قال عبد الرحمن بن مهدى -رحمه الله-: قلت لابن المبارك: إبراهيم بن أدهم ممن سمع؟ قال قد سمع من الناس , وله فضل فى نفسه , صاحب سرائر , وما رأيته يظهر تسبيحاً , ولا شيئاً من الخير , ولا أكل مع قوم قط , إلا كان آخر من يرفع يده. ! سير أعلام النبلاء ( 7/ 390). (27) ... كذلكم البر، كذلكم البر ! قال أبو عبد الرحمن الحنفي -رحمه الله-: رأى كهمس بن الحسن عقربا في البيت فأراد أن يقتلها أو يأخذها فسبقته إلى جحرها فأدخل يده في الجحر يأخذها وجعلت تضربه فقيل: ما أردت إلى هذا؟ لم أدخلت يدك في جحرها تخرجها قال: إني أحمد -وكان يمينه الذي يحلف به إني أحمد - خفت أن تخرج من الجحر فتجيء إلى أمي فتلدغها. ! حلية الأولياء (6/211) ، سير أعلام النبلاء (6/317). (87) ... لا تشعر به امرأته ! قال التابعي الجليل محمد بن واسع الأزدي -رحمه الله-: لقد أدركت رجلاً , كان الرجل يكون رأسه مع رأس امرأته على وسادة واحدة , قبل بل ما تحت خده من دموعه , لا تشعر به امرأته , ولقد أدركت رجالاً , يقوم أحدهم فى الصف , فتسيل دموعه على خده , ولا يشعر به الذى إلى جنبه. حلية الأولياء (2/ 347) (29) ... هل سلم منك أخوك المسلم ! قال سفيان بن حسي -رحمه الله-: كنت عند إياس بن معاوية وعنده رجل تخوفت إن قمت من عنده أن يقع فيَّ ، قال: فجلست حتى قام، فلما ذكرته لإياس ، قال: فجعل ينظر في وجهي فلا يقول لي شيئا حتى فرغت، فقال لي: " أغزوت الديلم؟ " قلت: لا. قال: " فغزوت السند؟ " قلت: لا. قال: " فغزوت الهند؟ " قلت: لا. قال: " فغزوت الروم؟ " قلت: لا. قال: " فسلم منك الديلم، والسند، والهند، والروم وليس يسلم منك أخوك هذا " فلم يعد سفيان إلى ذلك ! شعب الإيمان (9/ 118) ، تاريخ دمشق (10/ 18) ، تهذيب الكمال (3/ 412) (30) ... وفاء الإخوان ! قال ابن الجوزي -رحمه الله- وقد روينا أن رجلاً استأذن على قاضي القضاة ابن أبي داؤد و قال: قولوا : أبو جعفر بالباب ! فلما سمع؛ هش لذلك وقال: ائذنوا له ! فدخل، فقام ، و تلقاه و أكرمه وأعطاه خمسة آلاف، و ودعه . فقيل له: رجل من العوام فعلت به هذا ؟! قال: إني كنت فقيراً ، و كان هذا صديقاً ، فجئته يوماً فقلت له : أنا جائع . فقال: اجلس ، و خرج ، فجاء بشواء و حلوى و خبز فقال : كل . فقلت: كل معي . قال : لا. قلت : و الله لا آكل حتى تأكل معي ، فأكل فجعل الدم يجري من فمه . فقلت: ما هذا ؟! فقال : مرض . فقلت: و الله؛ لا بد أن تخبرني . فقال: إنك لما جئتني لم أكن أملك شيئاً ، و كانت أسناني مضببة بشريط من ذهب ، فنزعنه و اشتريت به ! فهلا أكافئ مثل هذا ؟! صيد الخاطر ( ص : 724 ) (31) ... لماذا تبكي ! قال مهدي بن سابق –رحمه الله-: " طلب ابن أخ محمد بن سوقة منه شيئاً ، فبكى محمد بن سوقة ، فقال له : والله يا عم لو علمت أن مسألتي تبلغ منك هذا ما سألتك، قال: «ما بكيت لسؤالك، إنما بكيت لأني لم أبتديك قبل سؤالك !» حلية الأولياء (5/6) (32) ... كيف كان الرجل يسيئ إلى أخيه! قال عبيد الله بن محمد العيشي-رحمه الله-: كان الرجل إذا أراد أن يشين أخاه، طلب الحاجة من غيره.! المجالسة وجواهر العلم (4/ 406) (33) ...خشيت أن يصيبكم البرد فقمت مقام الباب ! خرج إبراهيم بن أدهم رحمه الله : في سفر ومعه ثلاثة نفر ، فدخلوا مسجدا في بعض المفاوز ، والبرد شديد وليس للمسجد باب ، فلما ناموا قام إبراهيم فوقف على الباب إلى الصباح فقيل له لم تنم ! ، فقال : خشيت أن يصيبكم البرد فقمت مقام الباب ! التبصرة لابن الجوزي (2/263) (34) ... كيف يكون التفاني في خدمة الإخوان ! قال يزيد بن الأسود -رحمه الله-: لقد أدركت أقواما من سلف هذه الأمة، قد كان الرجل إذا وقع في هوي أو دجلة نادى: يا لعباد الله، فيتواثبوا إليه فيستخرجونه ودابته مما هو فيه، ولقد وقع رجل ذات يوم في دجلة، فنادى: يا لعباد الله ! فتواثب الناس إليه، فما أدركت إلا مقاصه في الطين، فلأن أكون أدركت من متاعه شيئا فأخرجه من تلك الوحلة أحب إلي من دنياكم التي ترغبون فيها ! شعب الايمان (10/94) (35) ... لو شتمتني لم تُرِد إلا الخير ! دخل الربيع بن سليمان على الإمام الشافعي ـ رحمهما الله ـ وهو مريض فقال : قوى الله ضعفك يا إمام . فقال الشافعي انظر ماذا تقول ، لو قوَّى الله ضعفي لقتلني.. "أي، إن ازداد ضعفي قوةً متُّ". فقال الربيع: والله ما أردت إلا الخير . فقال الشافعي: لو شتمتني لم تُرِد إلا الخير .! قل: «قوى الله قوتك، وضعف ضعفك» . آداب الشافعي ومناقبه (ص: 209) (36) ... أروع معاني الإيثار ! قال مجاهد –رحمه الله-: " كان بالمدينة أهل بيت ذوو حاجة عندهم رأس شاة، فأصابوا شيئا، فقالوا: لو بعثنا بهذا الرأس إلى من هو أحوج إليه منا، قال: فبعثوا به، فلم يزل يدور بالمدينة حتى رجع إلى أصحابه الذين خرج من عندهم " مصنف ابن أبي شيبة (7/ 214) (37) ... أرقى مواضع السكوت ! قال إبراهيم التيمي -رحمه الله-: «إن كان الرجل من الحي ليجيء فيسب الحارث بن سويد فيسكت، فإذا سكت قام فنفض رداءه ودخل؟!» حلية الأولياء (4/126) |
(38) ... خليفة المسلمين يشتهي العنب ، ولا يستطيع شراءه !. قال عون بن المعمر -رحمه الله-: أن الخليفة عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- دخل على فاطمة , فقال: يا فاطمة , عندك درهم أشترى به عنباً؟ قالت: لا. قال: فعندك الفلوس أشترى به عنباً؟ قالت: لا. وأقبلت عليه , فقالت: أنت أمير المؤمنين , لا تقدر على درهم تشترى به عنباً , ولا فلوس تشترى به عنبا؟! قال: هذا أهون على من معالجة الأغلال غداً فى جهنم.! الزهد الكبير للبيهقي (ص: 73) ، تاريخ دمشق (45/ 214) ، حلية الأولياء (5/ 259) (39) ... أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليه فأكون قد عققتها.! قيل لعليّ بن الحسين -رحمه الله -: إنك من أبرّ الناس بأمك ولا تأكل معها في صحفة واحدة ، فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليه فأكون قد عققتها.! عيون الأخبار (3/ 111) ، وفيات الأعيان (3/ 268) (40) ... متصدق في صورة سائل .! قال الزمخشري -رحمه الله-: كان الرجل يضع الصدقة ويمثل قائما بين يدي الفقير يسأله قبولها حتى يكون هو في صورة السائل: وكان بعضهم يبسط كفه ليأخذ الفقير الصدقة ويده هي العليا.! ربيع الأبرار ونصوص الأخيار (2/ 288) (41) ... انظر على ماذا يبكون .! جاء رجل من السلف إلى بيت صديق له :- فخرج إليه ، فقال ما جاء بك قال علي أربعمائة درهم فدخل الدار فوزنها ثم خرج فأعطاه ثم عاد إلى الدار باكياً فقالت زوجته هلا تعللت -تعذرت وتهربت- عليه إذا كان إعطاؤه يشق عليك فقال : إنما أبكي لأني لم أفتقد حاله فاحتاج أن يقول لي ذلك!. التبصرة (2/263) (42) ... إن كنت صادقة فأنت حرة.! قال رياح بن الجراح العبدي -رحمه الله-: جاء فتح الموصلي إلى منزل صديق له يقال له عيسى التمار فلم يجده في المنزل . فقال للخادمة : أخرجي إلىَّ كيس أخي، فأخرجته ففتحه فأخذ منه درهمين. و جاء عيسى إلى منزله ، فأخبرته الجارية بمجيء فتح الموصلي وأخذه الدرهمين ، فقال : إن كنت صادقة فأنت حرة لوجه الله ، فنظر فإذا هي صادقة فعُتقت ! تاريخ بغداد (4/ 368) ،صفة الصفوة (2/ 356) (43) ... أعلى مراتب الأخوة .. الفداء بالنفس قبل المال .! قال مُحَمَّد بْن داود -رحمه الله-: سمعتُ أَبَا بكر القوطي، وأبا عمرو بن الأدمي يقولان: - وكانا يتواخيان فِي الله تعالى- خرجنا من بغداد نُريدُ الكوفة، فلما صرنا فِي بعض الطريق إذا نحنُ بسبعين رابضين عَلَى الطريق -ظنوهم من قطاع الطريق -، فقال أَبُو بَكْر لأبي عمرو: أَنَا أكبرُ سنًّا منك، دَعني حتى أتقدمك، فإن كانت حادثةٌ اشتغلوا بي عنك ونجوت أنت. فقال أَبُو عمرو: نفسي ما تُسامحني بِهذا، ولكن نكون جميعًا فِي مكان واحد، فإن كانت حادثة كُنَّا جميعًا. فجازا جميعًا فِي وسط السبعين فلم يتحركا، ومرَّا سالِمين. تاريخ بغداد (14/ 390) (44) ... يا طولها من ليلة .! قال الحسن - رحمه الله -: كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يذكر الرجل من إخوانه في بعض الليل، فيقول: يا طولها من ليلة ! ، فإذا صلى المكتوبة غدا إليه، فإذا التقيا عانقه. كنز العمال (9/ 174)، كتاب الإخوان (ص 149) (45) ... والكاظمين الغيظ .! قال عبد الرزاق -رحمه الله-: جعلت جارية لعلي بن الحسين -رحمه الله - تسكب عليه الماء، فتهيأ للصلاة فسقط الإبريق من يد الجارية على وجهه فشجه، فرفع علي بن الحسين رأسه إليها، فقالت الجارية: إن الله عز وجل يقول: {والكاظمين الغيظ} [آل عمران: 134]، فقال لها: " قد كظمت غيظي "، قالت: {والعافين عن الناس} [آل عمران: 134]، فقال لها: " قد عفا الله عنك "، قالت: {والله يحب المحسنين} [آل عمران: 134]، قال: " اذهبي فأنت حرة "! شعب الإيمان (10/ 545) ، تاريخ دمشق (41/ 387) (46) ... والكاظمين الغيظ .! قال مطرف بن عبدالله –رحمه الله-: لبعض إخوانه ، يا أبا فلان: إذا كانت لك إلي حاجة فلا تكلمني فيها ، ولكن اكتبها الي في رقعة ثم ارفعها إلي ، فإني أكره أن أرى في وجهك ذل السؤال. حلية الأولياء (2/210) ، سير أعلام النبلاء (4/ 194) (47) ... رجلٌ لا يكافئه عني إلا الله.! قال ابن عباس -رضي الله عنه-: «ثلاثة لا أقدر على مكافأتهم ورابع لا يكافيه عني إلا الله عز وجل، فأما الذين لا أقدر على مكافأتهم: فرجل أوسع لي في مجلسه، ورجل سقاني على ظمأ، ورجل اغبرت قدماه في الاختلاف على بابي، وأما الرابع الذي لا يكافيه عني إلا الله فرجل عرضت له حاجة فظل ساهرا متفكرا بمن ينزل حاجته فأصبح فرآني أهلاً لحاجته، فهذا لا يكافيه عني إلا الله سبحانه وإني لأستحيي من الرجل أن يطأ على بساطي ثلاثا لا يرى عليه أثر من أثري» مكارم الأخلاق للطبراني (ص: 380) ، المجالسة وجواهر العلم (3/ 69) (48) ... إنا لا نُعيرُها فارغة.! قال الشعبي -رحمه الله-: " أرسل الأشعث بن قيس إلى عدي بن حاتم يستعير قدور حاتم، فأمر بها عدي فملئت وحملها الرجل إلى الأشعث، فأرسل إليه الأشعث: إنما أردناها فارغة، فأرسل إليه عدي: إنا لا نعيرها فارغة !" تاريخ دمشق (40/ 88) ، أسد الغابة (4/ 7) (49) ... أي الدنيا أحب إليك؟ قيل لمحمد بن المنكدر -رحمه الله-: أي الأعمال أفضل؟ قال: إدخال السرور على المؤمن، فقيل: أي الدنيا أحب إليك؟ قال: الإفضال على الإخوان.! الطبقات الكبرى (5/ 358) ، سير أعلام النبلاء (5/ 356) (50) ... هكذا هي عبادة الأخفياء ! قال محمد بن إسحاق -رحمه الله-: (كان ناسٌ من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل) الزهد لأحمد بن حنبل (ص: 137) حلية الأولياء (3/ 136) وقال عمرو بن ثابت -رحمه الله-: لما مات علي بن الحسين فغسلوه؛ جعلوا ينظرن إلى آثار سواد بظهره، فقالوا: ما هذا؟ فقيل: كان يحمل جرب الدقيق ليلاً على ظهره يعطيه فقراء أهل المدينة. حلية الأولياء (3/ 136) |
هل سلم منك أخوك؟؟ 1- قال سفيان بن حسين: " ذكرت رجلاً بسوء عند إياس بن معاوية، فنظر في وجهي، وقال أغزوت الروم؟ قلت: لا، قال: فالسند والهند والترك؟ قلت: لا، قال: أفتسلم منك الروم والسند والهند والترك، ولم يسلم منك أخوك المسلم؟! قال: فلم أعد بعدها " البداية والنهاية لابن كثير [13/121] 2- عن أبي قِلابة؛ قال: «إذا بَلَغَكَ عن أخيك شيءٌ تكرهُهُ؛ فالتمِس له العُذْرَ جَهْدَك؛ فإنْ لم تجدْ له عُذْراً؛ فقُل في نفسِك: لعلَّ لأخِي عُذراً لا أعلمُهُ!»!؟! 3- قال يحي بن معاذ: ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة: إن لم تنفعه فلا تضره ، وإن لم تفرحه فلا تغمه ، وإن لم تمدحه فلا تذمه جامع العلوم والحكم 2 / 283 4- قال بكر بن عبد الله: (إذا رأيتم الرجل موكلاً بعيوب النَّاس ،ناسياً لعيبه ، فاعلموا أنَّه قد مُكِرَ به ) "صفة الصفوة 3/249" 5- روى الميانجي بأماليه عن الإمام أحمد قال : "ما رأيت أحدا تكلم في الناس وعابهم إلا سقط" 6- قال الماوردي رحمه الله: من حق الإخوان أن تغفر هفوتهم وتستر زلتهم؛ لأن من رام بريئًا من الهفوات، سليمًا من الزلات رام أمرًا مُعوِزًا واقترح وصفًا معجزًا أدب الدنيا والدين ص179. 7- قال عمر- رضي اللّه عنه-: «عليكم بذكر اللّه تعالى؛ فإنّه شفاء. وإيّاكم وذكر النّاس فإنّه داء» رواه أحمد في الزهد ص 151 8- قال الإمام مالك بن أنس - رحمه الله - : أدركت بهذه البلدة - يعني المدينة - أقواماً لم تكن لهم عيوب ، فعابوا الناس ؛ فصارت لهم عيوب . وأدركت بها أقواماً لهم عيوب ، فسكتوا عن عيوب الناس ؛ فنُسيت عيوبه مجموع أجزاء الحديث 9- عن سعيد بن عبد العزيز- رحمه اللّه- قال: «رأى أبو الدّرداء- رضي اللّه عنه- امرأة سليطة اللّسان، فقال: لو كانت هذه خرساء، كان خيرا لها) الإحياء (3/ 125) 10- قال ابن حبان البستي : [ الواجب على العاقل لزوم السلامة بترك التجسس عن عيوب الناس ، مع الاشتغال بإصلاح عيوب نفسه ؛ فإن من اشتغل بعيوبه عن عيوب غيره أراح بدنه ولم يُتعب قلبه ، فكلما اطلع على عيب لنفسه هان عليه ما يرى مثله من أخيه ، وإن من اشتغل بعيوب الناس عن عيوب نفسه عمي قلبه وتعب بدنه وتعذر عليه ترك عيوب نفسه ] روضة العقلاء (ص:131) 11- ذكر الأبشيهيّ في مستطرفه: أنّ رجلا سبّ رجلا وقال له: إيّاك أعني، فقال الآخر وعنك أعرض. 12- قيل لبشر بن الحارث رحمه الله : يقولون : إنك لا تحفظ الحديث . فقال : أنا أحفظ حديثا واحدا إذا عملت به فقد حفظت الحديث ، قال النبي : ' المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ' . حتى أفعل هذا ، وأحفظ الحديث ! المنتخب من كتاب الزهد والرقائق ص81 13- قال طوق بن وهب : دخلت على محمد بن سيرين وقد اشتكيت. فقال: كأني أراك شاكياً. قلت: أجل. قال: اذهب إلى فلان الطبيب فاستوصفه، ثم قال: اذهب إلى فلان فإنه أطب منه. ثم قال: أستغفر الله أراني قد اغتبته! صفة الصفوة 14- قال الذهبي - رحمه الله -: قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا حرملة، سمعت ابن وهب يقول: «نذرت أني كلما اغتبت إنسانا أن أصوم يوما، فأجهدني فكنت أغتاب، وأصوم، فنويت أني كلما اغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم، فمنْ حُبِ الدراهم تركتُ الغيبة». قلت ـ الذهبي ـ: هكذا والله كان العلماء؛ وهذا هو ثمرة العلم النافع. [سير أعلام النبلاء (9/228)] 15- قال القرطبي ـ رحمه الله ـ : فينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس لينا ووجه منبسطا طلقا مع البر والفاجر و السني و المبتدع، مداهنة أن يتكلم معه بكلام يظن أنه يرضي مذهبه، لأن الله تعالى قال لموسى وهارون:"فقولا له قولا لينا" فالقائل ليس بأفضل من موسى وهارون ، والفاجر ليس بأخبث من فرعون ، وقد أمرهما الله تعالى باللين معه ! الجامع لأحكام القرآن (16/2) 16- قال طلحة بن عمر قلت لعطاء: إنك رجل يجتمع عندك ناس ذوو أهواء مختلفة و أنا رجل في حدة فأقول لهم بعض القول الغليظ، فقال: لا تفعل، يقول الله تعالى:" وقولوا للناس حسنا" فدخل في هذه الآية اليهود و النصارى فكيف بالحنيفي؟ الجامع لأحكام القرآن (16/2 17- قال بعضهم: أدركنا السّلف وهم لا يرون العبادة في الصّوم ولا في الصّلاة، ولكن في الكفّ عن أعراض النّاس إحياء علوم الدين (3/ 152). 18- وقيل شعراً : إِذَا مَا ذَكَرْتَ النَّاسَ فَاتْرُكْ عُيُوبَهُم ... فَلاَ عَيْبَ إِلاَّ دُوُنَ مَا مِنَكَ يُذْكَرُ فَإِنْ عِبْتَ قَوْماً بِالَّذِي فِيْكَ مِثْلُهُ ... فَكَيْفَ يَعِيْبُ العَوْرَ مَنْ هُوْ أَعْوَرُ وَإِنْ عِبْتَ قَوْماً بِالَّذِي هُوَ فِيْهِمُ ... فَذَلِكَ عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ مُنْكَرُ وقيل: شر الورى بمساوي الناس مشتغل ...مثل الذباب يراعي موضع العلل وَأُكْرِرُ نَفْسِي عَنْ جَزَاءِ بِغِيبَةٍ ... وَكُلُّ اغْتِيَابٍِ جُهْدُ مَا لا لَهُ جُهْدُ وقيل : إِيَّاكَ إيَّاكَ أَعْرَاضَ الرِّجَالِ فَإِنْ ... رَاقَتْ بِفِيْكَ فَإِنَّ السُّمَ فِي الدَّسَم وقيل : إِذَا مَا ذَكَرْتَ النَّاسَ فَاتْرُكْ عُيُوبِهُمْ ... فَلا عَيْبَ إلا دُونَ مَا مِنْكَ يُذْكَرُ فَإِنْ عِبْتَ قَوْمًا بِالذي هُوَ فِيهَمْ ... فَذَلِكَ عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ مُنْكَرُ 19- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خطبته : لا يعجبنكم من الرجل طفطفته ولكن من أدى الأمانة ، وكف عن أعراض الناس فهو الرجل . وقال أيضا : كفى بالمرء عيبا أن يستبين له من الناس ما يخفى عليه من نفسه ويمقت الناس على ما يأتي . قال بعض العلماء : اعلم أن الغيبة مع تحريمها شرعا وعقلا هي عين العجز ونفس اللؤم ودليل النقص تأباها العقول الكاملة والنفوس الفاضلة لما فيها من انحطاط الرتبة وانخفاض المنزلة . قال علي بن الحسين : الغيبة إدام كلاب الناس . وقال الحسن : يا ابن آدم لن تنال حقيقة الإيمان حتى لا تعيب الناس بعيب هو فيك وتبدأ بذلك العيب من نفسك فتصلحه فما تصلح عيبا إلا ترى عيبا آخر فيكون شغلك في خاصة نفسك . وقيل لربيع بن خيثم : ما نراك تعيب أحدا ولا تذمه فقال : ما أنا على نفسي براض فأتفرغ من عيبها إلى غيرها (موارد الظمآن لدروس الزمان) (1/377) 20- أنشد أحدهم : عَيْبِي لهمُ بالظن مِنّي بَدَا ... وَلَسْتَ مِنْ عَيْبِي فِي رَيْبِ إِنْ كَانَ عَيْبِي غَابَ عَنْهُمْ فَقَدْ ... أَحْصَى عُيوبِي عَالم الغَيْبِ وآخر : أَرَى كُلَّ إنْسَانٍ يَرَى عَيْبَ غَيْره ... وَيَعْمَى عَنْ العَيب الذي هو فيه وما خَيْرُ مَنْ تَخْفَى عَلَيْهِ عُيُوبُهُ ... وَيَبْدُو لَهُ العَيْبُ الذي بَأَخِيهِ وَكَيْفَ أَرَى عَيْبًا وَعَيْبِي ظَاهِرٌ ... وَمَا يَعْرِفُ السَّوْءاتِ غَيْرُ سَفِيهِ وآخر : تَغتابَني عِنْدَ أَقْوَامٍ وَتَمْدَحُنِي ... في آخَرينَ وَكُلٌّ عَنْكَ يَأتِينِي هَذَانِ أَمْرَانِ شَتَّى الْبَوْنُ بَينَهُمَا ... فَاِكفُف لِسَانَك عَن ذمِّي وَتَزَينِي وآخر : عَلَيْكَ نَفْسَكَ فَتِّشْ عَنْ مَعَائِبِهَا ... وَخَلِّ مِنْ عَثَرَاتِ النَّاسِ لِلنَّاسِ 21- قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: فمن الناس من يغتاب موافقة لجلسائه وأصحابه وعشائره، مع علمه أن المغتاب بريء مما يقولون، أو فيه بعض ما يقولون، لكن يري أنه لو أنكر عليهم قطع المجلس واستثقله أهل المجلس ونفروا عنه، فيري موافقتهم من حسن المعاشرة وطيب المصاحبة، وقد يغضبون فيغضب لغضبهم فيخوض معهم. ومنهم من يخرج الغيبة في قوالب شتي. تارة في قالب ديانة وصلاح، فيقول: ليس لي عادة أن أذكر أحدًا إلا بخير، ولا أحب الغيبة ولا الكذب، وإنما أخبركم بأحواله. ويقول: والله إنه مسكين، أو رجل جيد؛ ولكن فيه كيت وكيت. وربما يقول: دعونا منه، الله يغفر لنا وله، وإنما قصده استنقاصه وهضمًا لجنابه. ويخرجون الغيبة في قوالب صلاح وديانة، يخادعون الله بذلك، كما يخادعون مخلوقًا، وقد رأينا منهم ألوانًا كثيرة من هذا وأشباهه. ومنهم من يرفع غيره رياء فيرفع نفسه، فيقول: لو دعوت البارحة في صلاتي لفلان، لما بلغني عنه كيت وكيت، ليرفع نفسه ويضعه عند من يعتقده. أو يقول: فلان بليد الذهن قليل الفهم، وقصده مدح نفسه، وإثبات معرفته، وأنه أفضل منه. ومنهم من يحمله الحسد على الغيبة فيجمع بين أمرين قبيحين: الغيبة، والحسد. وإذا أثني على شخص أزال ذلك عنه بما استطاع من تنقصه في قالب دين وصلاح، أو في قالب حسد وفجور وقدح؛ ليسقط ذلك عنه. ومنهم من يخرج الغيبة في قالب تمسخر ولعب، ليضحك غيره باستهزائه ومحاكاته واستصغار المستهزأ به. ومنهم من يخرج الغيبة في قالب التعجب، فيقول: تعجبت من فلان كيف لا يفعل كيت وكيت؟! ومن فلان كيف وقع منه كيت وكيت؟ وكيف فعل كيت وكيت؟ فيخرج اسمه في معرض تعجبه. ومنهم من يخرج الاغتنام، فيقول: مسكين فلان، غمني ما جري له وما تم له، فيظن من يسمعه أنه يغتم له ويتأسف وقلبه منطو على التشفي به، ولو قدر لزاد على ما به، وربما يذكره عند أعدائه ليشتفوا به. وهذا وغيره من أعظم أمراض القلوب والمخادعات لله ولخلقه. ومنهم من يظهر الغيبة في قالب غضب وإنكار منكر، فيظهر في هذا الباب أشياء من زخارف القول، وقصده غير ما أظهر. والله المستعان مجموع الفتاوى (28/237) 22- قال الفضيل بن عياض: سمعت الثوريّ يقول: لو رميت رجلا بسهم كان أحبّ إليّ من أن أرميه بلساني، لأنّ رمي اللّسان لا يكاد يخطىء المنتقى من مكارم الأخلاق للخرائطي (137/ 141). |
23- قال الرّبيع بن خيثم- رحمه اللّه-: ما أنا براض عن نفسي فكيف أذمّ النّاس مساوىء الأخلاق ومذمومها للخرائطي (32). 24- قال الفضيل بن عياض - توفي سنة (187 هـ) -رحمه الله -: إذا ظهرت الغيبة ارتفعت الأخوة في الله إنما مثلكم في ذلك الزمان مثل شيء مطلي بالذهب والفضة داخله خشب وخارجه حسن «حلية الأولياء» (8/96) قلت : كان هذا في زمانه !! - رحمه الله -... فكيف به لو أدرك زماننا!؟ 25- قال الربيع بن خثيم- رحمه اللّه-: النّاس رجلان: مؤمن فلا تؤذه، وجاهل فلا تجاهله. آداب العشرة (15) 26- قال يحي بن معين -رحمه الله-: أخطأ عفان في نيف وعشرين حديثا، ما أعلمت بها أحدا، وأعلمته فيما بيني وبينه، ولقد طلب إلي خلف بن سالم، فقال: قل لي: أي شيء هي؟ . فما قلت له. وما رأيت على أحد خطأ الا سترته، وأحببت أن أزين أمره، وما استقبلت رجلا في وجهه بأمر يكرهه. ولكن أبين له خطأه فيما بيني وبينه. طبقات الحنابلة (1/405) 27- قال أبو الدرداء -رضي الله عنه-: ويل لكل جماع فاغر فاه كأنه مجنون يرى ما عند الناس ولا يرى ما عنده ولو يستطيع لوصل الليل بالنهار ويله من حساب غليظ وعذاب شديد الحلية [1/217] 28- سمع ابن سيرين -رحمه الله-رجلا يسب الحجاج فقال : مه أيها الرجل إنك لو وافيت الآخرة كان أصغر ذنب عملته قط أعظم عليك من أعظم ذنب عمله الحجاج واعلم أن الله عز و جل حكم عدل إن أخذ من الحجاج لمن ظلمه شيئا فشيئا أخذ للحجاج ممن ظلمه فلا تشغلن نفسك بسب أحد. شعب الايمان (5/287) 29- قال عبد الله بن عباس - رضي الله عنه -: لو قال لي فرعون بارك الله فيك لقلت وفيك ! حلية الأولياء (1/322) 30- أقللْ كلامك واستعذ من شره ... إن البلاء ببعضه مقرونُ وأحفظ لسانك واحتفظ من غَيّه ... حتى يكون كأنه مسجون وَكِّل فؤادَك باللسان، وقل له ... إن الكلام عليكما موزون فزِنَاهُ ولْيَكُ مْحكَما ذا قِلَّةٍ ... إن البلاغة في القليل تكون 31- لسان الفتى حتف الفتى حين يجهل ... و كل امرئ ما بين فكيه مقتل إذا ما لسان المرء أكثر هذره ... فذاك لسان بالبلاء موكل و كم فاتح أبواب شر لنفسه ... إذا لم يكن قفل على فيه مقفل كذا من رمى يوماً شرارات لفظه ... تلقته نيران الجوابات تشعل و من لم يقيد لفظه متجملاً ... سيطلق فيه كل ما ليس يجمل و من لم يكن فيه ماء صيانة ... فمن وجهه غصن المهابة يذبل فلا تحسبن الفضل في الحلم وحده ... بل الجهل في بعض الأحايين أفضل و من ينتصر ممن بغى فهو ما بغى ... و شر المسيئين الذي هو أول و قد أوجب الله القصاص بعدله ... و لله حكم في العقوبات منزل فإن كان قول قد أصاب مقاتلاً ... فإن جواب القول أدهى و أقتل و قد قيل في حفظ اللسان و خزنه ... مسائل من كل الفضائل أكمل و من لم تقربه سلامة غيبه ... فقربانه في الوجه لا يتقبل و من يتخذ سوء التخلف عادة ... فليس عليه في عتاب معول و من كثرت منه الوقيعة طالباً ... بها غرة فهو المهين المذلل و عدل مكافاة المسيء بفعله ... فماذا على من في القضية يعدل و لا فضل في الحسى إلى من يحسها ... بلى عند من يزكو لديه التفضل و من جعل التعريض محصول مزحه ... فذاك علىالمقت المصرح يحصل و من أمن الآفات عجباً برأيه ... أحاطت به الآفات من حيث يجهل أعلمكم ما علمتني تجاربي ... و قد قال قبلي قائل متمثل: إذا قلت قولاً كنت رهن جوابه ... فحاذر جواب السوء إن كنت تعقل إذا شئت أن تحيا سعيداً مسلماً ... فدبر و ميز ما تقول و تفعل 32- قال مخلد بن الحسين -رحمه الله-: إن أبا السوار العدوي أقبل عليه رجل بالأذى فسكت .حتى إذا بلغ منزله أو دخل قال : حسبك إن شئت حلية الأولياء (2/250) 33- قال الأصمعي -رحمه الله-: بلغني أن رجلا قال لآخر : والله ! لئن قلت لي واحدة لتسمعن عشرا . قال : لكنك لو قلت عشرا ؛ لم تسمع واحدة . المجالسة وجواهر العلم ( 8/28) 34- كان شريح -رحمه الله-: إذا مات لأهله سنور-هرة- أمر بها فألقيت في جوف داره، ولم يكن لها مثغب شارع إلا في جوف داره اتقاء لأذى المسلم.! حلية الأولياء (4/135) 35- قال ابن القيم -رحمه الله-: ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام ، والظلم ، والزنا ، والسرقة ، وشرب الخمر ، ومن النظر المحرم ، وغير ذلك ، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه ! ! حتى يرى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة ، وهو يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يُلقي لها بالاً ينزل منها أبعد ما بين المشرق والمغرب ، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ، ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات ، لا يبالي ما يقول . الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ص (54) 36- قال إبراهيم التيمي -رحمه الله-: «إن كان الرجل من الحي ليجيء فيسب الحارث بن سويد فيسكت، فإذا سكت قام فنفض رداءه ودخل؟!» حلية الأولياء (4/126) 37- قال جرير بن حازم –رحمه الله-: سمعت محمد بن سيرين وقال لي رأيت ذلك الرجل الاسود ثم قال أستغفر الله ما أرانا إلا قد اغتبناه حلية الأولياء (2/268) 38- قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: إنَّ بعض الناس لا تراه إلا مُنتقداً داءً، يَنسى حسنات الطوائف والأجناس ويذكر مثالبهم، فهو مثل الذباب يترك مواضع البرد والسلامة، ويقع على الجرح والأذى، وهذا من رداءة النفوس وفساد المزاج . |
يعطيك ربي ألف عافيه
طرح رآئع وتواجد مميز ننتظر مزيد من العطاء ودي وتقديري |
يعطيج العافيه قلب الزهور ع الطرح القيم
مجهود مميز عساج ع القوه ننتظر جديدج القادم |
اقتباس:
يسعدلي قلبك ويسلمووو ع الحضور الرآئع بصفحتي تقبلي شكري تقديري واحترامي مع تحياتي قلب الزهور بباي |
اقتباس:
يسعدلي قلبك ويسلمووو ع الحضور الرآئع بصفحتي تقبلي شكري تقديري واحترامي مع تحياتي قلب الزهور بباي |
النور المبين في طريق المتقين تكثر الفتن في المجتمعات وتخيِّم على سمائها سحب المخالفات فيلتبس الحق بالباطل وتختفي معالم السنن على كثير من الناس ويختلط الهُدى بالضلال فتكون تقوى الله – تعالى - نوراً ساطعاً في طريق الحق والهداية ويبدد نورها ظلمات الجهل والغواية ومن رُزق التُقى والهُدى وفِّق للفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان , قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)). والموفق في الحقيقة من وهبه الله – تعالى - التقوى لأن بها يمشي المؤمن بنور من ربه – تعالى - على درب النجاة ويكون سالماً من جميع المؤثرات العقدية والمنهجية , قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)). ولا يخفى على كل صاحب عقلٍ رشيد أن الأمة الإسلامية تحتاج في الزمن المعاصر والمستقبل إلى أن تغمر قلوب أفرادها تقوى الله – تعالى – والإيمان الثابت في قلوبهم كثبات الجبال في الأرض , وأن يتيقن الجميع أن الدين منصور وأن العاقبة للمتقين مهما تكالب الأعداء من الداخل والخارج وأن هذا وعد الله – تعالى – كما قال في كتابه العظيم : ((وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)). ومن تعلق بالوحي الإلهي تيقن أن عز الأمة وسيادتها وفلاحها مرهون بتمسكها بكتاب ربها وسنة نبيها – صلى الله عليه وسلم – ومن سبر التاريخ وجد هذه الحقيقة يومَ أن كانت الأمة متمسكة بإسلامها الحق ومهتدية بنور الوحي الإلهي مقتفية بآثار النبوة ومقتدية بسلف الأمة – رحمهم الله تعالى - دانت لها المشارق والمغارب واجتمعت كلمتها ورفرفت رايتها وتوحدت صفوفها ولم تجد البدع والأهواء طريقاً إلى مجتمعاتها وأفرادها. وكل عاقل له طريق يسلكه في حياته بين جنباته الخير والشر , وينتهي به إلى السعادة والعزة والخير في معاشه ومعاده أو إلى الشقاوة والذلة والشر , وأن الفائز في الحقيقة من سلك الطريق الذي وضعه الخالق للخلق : ((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)). ومن سلك طريق الحق فله النصر المبين في الدنيا والآخرة , وهذا في الحقيقة ميزان لأهل الإيمان : ((إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)) , وجاءت البشرى من سيد الأولين والآخرين – صلى الله عليه وسلم – بقوله : ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل)). وفي نهاية المطاف فإن من الواجبات المتحتمات على العلماء وطلبة العلم والدعاة في كل مكان وزمان - خاصة في وقت الأزمات والفتن - أن يقودوا الناس للخير والفلاح , وأن يبادروا بالدعوة والانكار على جميع المعاصي والمنكرات التي تصدر من الراعي والرعية , وأن تكون لهم القيادة والكلمة في نوازل الأمة مستضيئين بنور الوحي ومدركين للواقع من مصادره الموثوقة , لأن العلم الشرعي في الحقيقة شرف لحامله وأمانة في الصدع به وتبليغه للناس , ومن حمل رسالة الإسلام فإنه لا يسلم من تهديدات القوى الدنيوية ومن سبر حال الأنبياء والرسل والسلف الصالح وجد ذلك , وينبغي على الجميع أن يكون قول الحق سبحانه وتعالى متمثلاً لهم في كل مواطن الحياة : ((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا)). |
لماذا بكت الأمة عندما رحل عبدالرحمن السميط ؟ علي سعد لجهر بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وسلم تسليما كثيرا أما بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سوف أحدثكم اليوم عن رجل بمليون رجل، شخص واحد ولكنه قدم للدين ما لم تقدمه دول بأكملها، إنه الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن حمود السميط أبو صهيب رحمه الله وجعل قبره روضة من رياض الجنة فقد فُجعت الأمة بوفاته بعد معاناة طويلة مع المرض يوم الخميس الثامن من شهر شوال لعام 1434 للهجرة الموافق 15 أغسطس لعام 2013 ، وهو طبيب كويتي سخر نفسه ووقته وجهده وماله في خدمة الإسلام والدعوة إلى الله في إفريقيا لمدة 30 سنة وأسلم على يديه أكثر من 10 ملايين إنسان وهذا الأمر يذكرني بحديث عرض الأمم الذي يرويه ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (( عرضت عليّ الأمم فجعل النبي يمر ومعه الرجل والنبي يمر ومعه الرجلان والنبي يمر ومعه الرهط أقل من عشرة والنبي يمر وليس معه أحد....)) الحديث \" رواه البخاري سبحان الله فبعض الأنبياء يأتي يوم القيامة ولم يؤمن به أحد من قومه وقد يأتي الشيخ السميط ومعه ملايين بل قولوا مليارات من البشر أسلموا على يديه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ووالله أن هذه هي الحياة الحقيقية. وفي لقاء مجلة نون مع السميط العدد الرابع رمضان شوال 1426 هـ كان يقول: \" فكيف ألقي عصا الترحال وهناك الملايين ممن يحتاجون للهداية وأنا بحاجة إليهم يوم القيامة ليشهدوا لي لعلي أدخل الجنة بدعاء واحد منهم\"؟. ودعوني الآن أذكر لكم بعض إنجازاته كما وردت في تقرير برنامج زوايا الذي يقدمه الشيخ نبيل العوضي على قناة الوطن الكويتية فقد بنى خمسة آلاف وخمس مائة مسجد، ووزع سبعة ملايين مصحف باللغة العربية واللغات الإفريقية، وكفل أكثر من خمسين ألف يتيم، تخرج منهم أطباء ومهندسين ومحامين، وبنى ثمان مائة وأربعين منشأة تعليمية من رياض الأطفال إلى الجامعة يدرس فيها أكثر من نصف مليون طالب وطالبة، وحفر أكثر من اثني عشر ألف بئر، وبنى تسعين مستوصفاً ومستشفى، وأنشأ عشر محطات إذاعية. هذه بعض من إنجازاته ولكن نحن ما هي إنجازاتنا؟ ماذا قدمنا لهذا الدين؟ كم خيراً نشرنا؟ كم شراً أوقفنا؟ كم بمعروف أمرنا؟ كم عن منكر نهينا؟ كم أسلم على يدينا؟ همومنا اليوم قد تكون الكثير منها تافهة ولا تنفع لا في دين ولا دنيا بل ضررها أكبر، فهل نستطيع أن نقدم للدين مثل ما قدم أو أكثر منه؟ يقول الشيخ السميط في محاضرة له بثت على قناة المجد العلمية: \" أنت قادر على أن تقوم بعمل أكثر من هذا العمل؛ لأني إنسان مذنب، أنا إنسان خاطئ، وأنت إن شاء الله، وكلكم خير مني وأقرب إلى الله مني، كل واحد منا وكل وحدة منا قادرة على أن تفعل ما هو أعظم من ذلك، ولكن أين الإيمان يا إخوان، أنا أدعوكم أن تفتحون صدوركم وتغسلون قلوبكم من حب الدنيا وبيعوها لله\". انتهى كلامه وفي مقال له في مجلة الكوثر العدد 48 في أكتوبر 2003 كان يقول: \" فلست نادماً على المضي قدماً في هذا الطريق!؛ لأنني اخترته بقناعه تامةً ورضا بقضاء رب العالمين، ولكنني أشفق على إخواني الذين اختاروا زينة الحياة الدنيا التي صرفت أبصارهم عن اللذة الحقيقة التي تحف بها المشاق والمكاره! انتهى كلامه وصدق والله فحب الدنيا وشهواتها وملهياتها واللهث وراءها ليل نهار من أهم الأسباب التي عطلتنا عن خدمة هذا الدين العظيم، والسؤال الآن: هل كان الشيخ عبد الرحمن برغم ما كان عنده من أمراض وما واجهته من صعوبات لا تتحملها الجبال الرواسي، هل كان هو وزوجته أم صهيب جزاها الله خير الجزاء فقد كانت خير معين له بعد الله - عز وجل - في الدعوة إلى الله، هل كانا سعيدين بهذه الحياة التي اختاروها لأنفسهم وهذا السبيل الذي سلكوه؟، ففي مقال له في مجلة الكوثر العدد 48 في أكتوبر 2003 قال: \"عندما بدأنا العمل في إفريقيا قبل حوالي ربع قرن، لم نكن نتوقع أننا سنواجه كل هذه الصعاب الكثيرة، لكن إرادة الله - تعالى -جعلت فيها لذة كلما تذكرنا الأجر العظيم الذي يدخره لنا المولى - عز وجل –\". وفي محاضرة له بثتها قناة المجد العلمية قال: \" إنه كان هو وزوجته أم صهيب جالسين في إحدى الليالي خارج أحد الأكواخ في إحدى القرى فكانت تسأله زوجته: هل إذا بإذن الله دخلنا الجنة هل سنكون سعداء مثل هذه السعادة؛ لأننا كنا نخرج إلى القرى ونكلمهم عن الإسلام، ومن أسعد اللحظات إذا جاء رجل أو امرأة وأخذوا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله\". وفي رده على سؤال في لقائه مع مجلة نون العدد الرابع 1426 قال الشيخ السميط: \" لو كانت القضية دنيوية لقلت نعم بملء فمي، فعندي عشرات الأمراض من جلطة بالقلب مرتين وجلطة بالمخ مع شلل قد زال والحمد لله، وارتفاع في ضغط الدم، ومرض السكري وجلطات في الساق، وتخشن في الركبة يمنعني من الصلاة دون كرسي وارتفاع في الكولسترول ونزيف في العين وغيرها كثير، ولكن مَنْ ينقذني من الحساب يوم يشكوني الناس في إفريقيا بأنني لم أسعَ إلى هدايتهم\"، وفي نفس اللقاء مع مجلة نون وجه له هذا السؤال: ماذا جنيت بعد 26 سنة من العمل الدعوي؟ فقال: \" جنيت راحة البال وشعوري بأن حياتي التي قضيتها في مساعدة إخواني في أفريقيا كانت ذات معنى ولها هدف، قد لا أكون قد حققت كل ما أسعى إليه خاصة وأنني كلما وصلت إلى هدف بدأت أسعى إلى هدف أبعد\". أما رسالته الأخيرة التي وجهها للجميع وذكرها في برنامج زوايا الذي يقدمه الشيخ نبيل العوضي والذي يبث على قناة الوطن الكويتية فقال فيها: \" أنا أطلب منكم أنكم تتذكرون أننا يوم من الأيام راح نموت، ويوم من الأيام راح ندخل القبر، فماذا أعدننا لمثل هذا اليوم؟ والله أن الكفن ما فيه جيوب ووالله إن القبر مظلم وضيق ورطب ومليء بالحشرات، يا إخوان فيه جنة ونار، فماذا أعدننا من أجل أن ندخل الجنة؟ وماذا عملنا من أجل أن لا ندخل النار؟ أنا أعتقد أن كل واحد منا يجب أن تكون له رسالة ورسالته أن نغير هذه الدنيا؛ لتكون مكان أفضل لكل الناس\". أفلا يحق للأمة أن تبكي لفقد هذا الرجل ؟ |
السميط: الرجل الذي صنع شيئاً فوق المستحيل نجيب عبد الرحمن الزامل *** * حافز الجمعة: إن الرجلَ العظيم يغير العالم، أو يغير شيئا في العالم. يأتي الشخص العظيمُ مزوّدا بطاقةٍ وهباتٍ سماويةٍ ثم يضعها على المحك الدنيوي لتكبر معه، وليوجه هذه القوى والمواهب والجماليات والقدرات الداخلية نحو هدفٍ سامٍ، يكون هو محبا ومؤمنا به. كثير منا يولد بهباتٍ من السماء، ولكنها تضيع في الأرض أو نضيعها. لذا من صفات الشخص العظيم أن ينتبه للقدرات والمواهب الممنوحة له ربانيا، ويوظفها وينميها للوصول إلى هدف كبير في خدمة الإنسانية. *** * شخصية الأسبوع.. وكل أسبوع: كان الدكتور عبد الرحمن السميط بقدراتٍ كبيرة جدا، لم تكن قدرات قوة وهيمنة وسطوة شخصية، بل كانت قوة بساطة، وكأنه غاندي، وقوة جمالية وكأنه مانديلا.. وقوة روحية وكأنه مصلح ديني. كان يملك إرادة حديدية لا تهزم موشّاة بقماش لطيف من الكتان الرطب اللين.. وكان ذكيا بلا اعتداد فلا تراه إلا من عداد الناس، كان بسيطا بالفطرة لدرجة أنه يستحي أن يعبر حدود تلك البساطة وكأنها المبدأ البشري العام.. كان فعلا يعيش من ضمنه بداخلٍ نوراني كبير، ولكنه لم يعتزل صوفيا، ولم يخرج انفجارا إعلاميا.. كان رجلا بسيطا يحمل معه النور.. بل هو أكثر من ديوجين الإغريقي حامل مشعل النور في النهار، كان السميط تتبعه قوافل النور أينما راح وأينما حل. كان أوضح من يمثل أن باب النجار مخلوع، فقد كان طبيبا متمرسا وكان مريضا مهملا بامتياز.. ولكنه أنجز ما لا تنجزه جيوش من الأصحاء، وأفاد كثر مما أفادت بعوث من المستنيرين والمعلمين.. وكان بحاله، بمفرده، أداة دعوة تعدت كل كتائب الكنائس التي تدب في وسط إفريقيا حيث الكثافة بالشعوب والغابات والثروات، وكأنه عربة الله هناك. مع أنه كان يقول أنا لا أتدخل في سياسة الدول ولا الدعوة المباشرة.. ولكن أعماله تدوّخ الناس من فرط سموها فيدخلون الإسلام جماعات.. كانت له إمبراطورية كإمبراطوريات إفريقيا الأسطورية في وسط إفريقيا وانسحاب الجرف الصومالي ناحية كينيا.. وقد وصل كل من له صلة للجنة إفريقيا التي أسسها وعمل لها ومن أجلها الدكتور السميط نحو الـ 44 مليون نسمة. ولي مقالة مفصلة عن ذلك. لقد كتبت عن هذا الرجل الخرافي أكثر من 12 مقالة، ولما كتبت عنه بالإنجليزية بـ "العرب نيوز" جاءني رد من موزامبيق بأنهم جماعة كلهم طبقوا نظريات الصميد المايكرو ــ اقتصادية ودخلوا الإسلام من إذاعاته المنتشرة في القارة. رجل مثلنا.. لا، أبسط منا، بسط ظله على قارة كاملة وحيدا، وكأنه المارد "ايسنوا" الذي تقول أسطورة الزولو إنه حكم إفريقيا بإبهامه.. ربما أكثر! *** * كان حظّي عظيما، لم أستطع أن أوقف قلبي وصديقي "صالح الحميدان" يعرض عليَّ رحلة مع الدكتور السميط لتنزانيا كأنموذج لأعماله، بدعوة من الشيخ محمد الخميس الذي يرأس لجنة إفريقيا في السعودية.. كانت رحلة فوق الحلم بجمالها وإعجاز التجربة التي وقعنا عليها من أعمال السميط وفرقته ومتبرعيه الكُثر، وربما يذكر الصديق الشيخ إبراهيم الدويش، وقريبي وصديقي رجل الأعمال خالد العبد الله الزامل روعة وفرادة لتلك الرحلة. من أطرف ما مرّ علينا من طبع السميط ــــ هذا الغريب الذي يرى تصرفه طبيعيا ــــ أنه كان يشعر بالذنب وهو يدخل صالون فندقنا، فقد أكرمنا بالنزول في فندق فخم في "دار السلام"، نعم، كان يخجل أن يدخل بهو الفندق الفخم، مع أنه لم يسكن معنا ولكن في مَبْعدَةٍ لا نعلم أين هي، ربما كوخ! لا تستغربوا، فهو لم يعش إلا في الأكواخ حتى مع زوجته العظيمة وأولاده. إنها سيرة من سِيَر الرجال الخرافيين، الذي يحلو للقاص أو الراوي أن يبالغ في وصف شمائلهم وندرة نوعهم.. على أن في السميط مشكلة لأي راوٍ أو مؤلف.. إنه كان أكبر من أي قصة، من أي رواية.. من أي خيال. *** * رأينا في زيارتنا مشاريع السميط في تنزانيا وجزيرة زنجبار ــــ وهذه الجزيرة تاريخ طاف في البحر لقوة العرب القريبة ودحرهم الأقرب، وقصصها لا تبعد عن حكايا شهرزاد ـــ وتستحق إفراداً خاصا ــــ وكانت المشاريع يا أحبابي مشاريع دول، مراكز ومستشفيات وجامعات.. هذا الرجل البسيط الذي كان معنا يسحرنا ويطير بنا لمقامات الإعجاز لبس يومها ثوبا ضاع إزرارٌ فيه فوضع مكانه مكلبا صغيرا من الألمنيوم ذلك الذي يستخدمه الخياطون للوصل المؤقت، ثم يرمونه، لكنه بدا لنا بإهاب لا يمكن أن تجد له نسيجا مماثلا أرضيا، حتى ذاك الثوب البعيد دهرا عن المكوى الناقص الأزرة كان كعباءة القديسين. *** |
تااااااااااااابع
* في عودتنا نمت علاقة قريبة وحميمة بين الشيخ السميط وبيني بعد أن كتبت له ورقة عن انطباعاتي وإعجابي به، وأتى بها إلي وقال لي: رسالتك هدية ومكافأة من الله لي، لقد أسعدتني واحتفظ بها ونشرها في مجلته الكوثر مرات.. وعجبت أن يكون صغير هامشي مثلي يحرّك شيئا في قلب جبار ملأ قارة إفريقيا. وتعلمت درسي الأكبر.. لما يتواضع الكبيرُ للصغير، فإنه يخلع عليه أولى صفات الكبار: والتواضع والبساطة وإظهار الفرحة بأعمال الناس. ** |
المشي على الجمر *يعتبر المشي على الجمر من الطقوس الهندوسية لاحتفال سنوي يُسمى Timiti ، ويُقام في عدد من دول شرق آسيا . *وهو ضمن عدد من الطقوس الوثنية التي تمارس في معبد Kataragama البوذي الشهير.. *كما أدرج هذا العمل - في السنوات الأخيرة - ضمن شعائر الرافضة البدعية وعباداتهم في عاشرواء .. •• فالمشي على الجمر شعيرة دينية لعدد من الديانات الوثنية. وقد نهى الشارع عن مشابهة الكفار، سيما فيما هو من خصائص دينهم. وقد أمر النبي ﷺ بمخالفة المشركين ، وفي الحديث قوله ﷺ : [ من تشبه بقوم فهو منهم ] . قال شيخ الإسلام : ( إن مشاركتهم - أي الكفار - في الهدي الظاهر توجب الاختلاط الظاهر، حتى يرتفع التميز ظاهرًا بين المهديين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين ) فما حاجة المسلم لمثل هذه الطقوس؟ |
العقل الباطن «العقل الباطن» مصطلح مُحدَث مثير للجدل، اختُلف في نفيه وإثباته، وتحريمه وإباحته.ويرجع الخلاف -في الجملة- إلى الاختلاف في حقيقته ومعناه. *فإنه يُطلق ويُراد به أحد معنيين : • العقل الباطن بمعناه النفسي . • والعقل الباطن بمعناه الباطني الفلسفي . *والكلام على كل منهما يطول، لكن نشير إليه باختصار: •• أما المعنى النفسي فهو ما يتعلق ببعض العمليات الآلية غير الشعورية، كالربط، والحفظ، ونحو ذلك. وهذا المعنى ليس له تعلق مباشر بالاعتقاد، ويُرجع في تحديد نفعه -أو عدمه- وإمكانية توظيفه في الصحة النفسية وغيرها لأهل التخصص. •• وأما المعنى الفلسفي الباطني -وهو الذي يعنينا هنا- فهو معنى خطير يتعارض مع المعتقد الإسلامي الصحيح. تُمرر بعض المعتقدات الباطنية المنحرفة عبر مفهوم «العقل الباطن» أحياناً، حيث تتجاوز الفرضيات النفسية، إلى مدلولات فلسفية شديدة الخطورة. *سنشير إلى ثلاثة منها فقط: ١) أن يعتبر العقل الباطن وسيلة للتواصل مع «الوعي الكوني»-وهو «ذاكرة» تتضمن العلم كله ماضيه ومستقبله بزعمهم-وله تسميات عدة. ومن خلال هذا التواصل، يُعتقد أنه بإمكان الإنسان تحصيل المعارف الخفية والعلوم الغيبية من «مصدر» العلم مباشرة. وهذا باب واسع للانحراف، فمصدر العلوم المطلقة هو الربﷻ، ودعوى الأخذ عنه مباشرة دعوى باطنية قديمة، تتناقض مع عقيدة ختم النبوة وأصول التلقي. وهذا القول يتيح للإنسان علم غير محدود، ومعرفة مطلقة، لا يقول بها من وحّد الله بربوبيته وبأسمائه وصفاته . وأدرك الضعف البشري الجبلّي، الذي لا يُعد عيباً إلا إذا أعرض الإنسان عن مصدر القوة الحقيقية واعتمد عليه! ولذلك لا تعجب عندما تجد من يستخير عقله الباطل بدلاً من علام الغيوب .. ٢) الاعتقاد بأن العقل الباطن يخلق الواقع الخارجي، ويشكل الأحداث. وهو ما يقوله بعض أصحاب قانون الجذب. فإن يقينيات العقل الباطن-عندهم-تتجلى بالمحسوس،حتى يكون هو مصدر تحقيق كل الرغبات بلا استثناء.وما على الإنسان سوى تزويده بالرسائل الإيجابية. وهذا مفهوم متأصل في الفلسفة الشرقية التي تجعل « الوعي » هو الوجود المطلق، ومن ثم يكون الفكر هو حقيقة الوجود، وبتوجيهه يتغير الواقع. فالثروة والصحة والسعادة والزواج والذرية والنجاح توجِدها قناعات العقل الباطن ... ورغم أنه لا يجرؤ مسلم على التصريح بالاستغناء عن عون الإله، فإن فلتات القلم واللسان تنذر بغياب مفهوم التعلق الحقيقي . * انظر هذا النموذج : بل إن الدعاء-عند بعضهم-ليس إلارسائل إيجابية للعقل الباطن الذي هوالواهب الحقيقي،ولذلك لا يهم من تدعو مادمت متيقناً! ٣) الاعتقاد بأن التواصل معه يُمكّن المرء من قدرات فوق بشرية، وإمكانات بلا حد. فمنهم من يزعم إمكانية التخاطر ( قراءة الأفكار )، والتنبؤ، وتحريك الأشياء عن بعد - وغيره - من خلال العقل الباطن . |
الساعة الآن 12:48 AM. |