العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > منتدى القصص والروايات
إضافة رد
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-05-2013, 02:23 AM   رقم المشاركة : 11
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


حكايات شعبية
أبو البنات السبع
الجزء السابع
وما إن أحس الحمار بحركة الباب حتى رفسه رفسة مهولة بكلتا قدميه
وخرج يهرول مذعورا, وقد تلبَّسه الجن, وهو ينهق نهيقا مُنكرا متواصلا
فلقد حبسه ساعِدة وإخوته الأغبياء في مكان ضيق, يقلُّ فيه الهواء
و كاد يموت مختنقا, لهذا خرج وقد أفسد الخزانة ببوله وروثه و قذارته
ووقع أبو ساعِدة على قفاه مُغشيا عليه, وسمِع الناس نهيق الحمار المتواصل
ولكنهم لا يدرون من أين يأتي؟ ثم رآه أحدُهم في غرفة أبي ساعِدة
فتجمّعوا تحت القصر وتزايدت أعدادهم, وهم يتسآلون عما يجري ويدور
وبينما هم كذلك, جاء أحد الصيادين وعرف الحِمار, فصاح بأعلى صوته :
ذاك حِمارُ أبي البنات السبع فهتف الناس :
حِمارُ أبي البنات السبع ... حِمارُ أبي البنات السبع
وأرتفعت أصواتهم, وعلا ضجيجهم, حتى وصل إلى مسمع القاضي
الذي كان مُنتظما في حلقة ذُكر في المسجد, فأرسل من يأتيه بالنباء اليقين
أمّا أبو ساعِدة فما لبث أن إستعاد وعيه, ولكنه كان غير مُستوعب بعد ما
حدث له قبل قليل, و ما زال بصرهُ زائغ, وعقله مُشوِش, وجِسمه يؤلِمُه
وحين عادت إليه نفسه, نظر حوله فشاهد الحِمار واقفا على سريره متحديا
وهو يلتهِمُ فِراشه بنهم, فأذهلهِ وجود ذلك الحيوان في غُرفته, وتبادرت إلى ذِهنِه
أسئلة كثيرة حائرة, ولم يهتدي إلى حُسنِ التصرف, فثار على رِجليه ساخطا ناقما
وصمم على إخراج الحمار من غُرفته بالقُوة, لكّن الحمار نهق مُجدد وأخذ يعدو
ويرفُس بفعل تلبُّس الجن أخوال سعدى, و أبو ساعِدة يطارده من رُكن إلى رُكن
والناس أسفل القصر يتفرِّجون عليهما, وقد زادت نقمتهم و سُخطهم على أبي ساعِدة
وأخذوا يسخِرون من دنائته, وخُبثِه ولؤمه, وشراهة نفسه ...
وهو لم ينتبِه لوجودهم, و لِم يلحظ حُضورهم
كان الحمِار في حالة ذُعر شديد, و أبو ساعِدة في حالة سخط بالغ
فتعقد الوضع, لم يهتدي الحمار إلى الباب ويخُرج, لان الجن كانت تفزعه وتنخسه
ولم يهدأ الرجل ويُخرِجه بالحيلة, فظلا على ذلك زمن كاف لأن يراهما القاصي والداني
وتنادى الصبية, والنساء, والغوغائيون, للفرجة على أبي ساعِدة و هو يُصارع الحمار
وعندما تعِب وخارت قواه, توقّف ليلتقِط أنفاسه, فسمع صيحات الناس وهتافاتهم
وحين أطلّ من نافِذته, شاهد بعيني رأسه الجموع الكثيفة, من الرِجال والنِساء
والصبية, وحتى خادِمه ياقوت وهم يشيرون إليه بأصابِعهم في غضبٍ و إزدراء
ويصيحون بِه, فأرتاع, وسال عرقه خوفا وخجلا وأرتبك إرتباكا شنيعا
وصار في موقف حرِج, أمام الناس جمعيا, فجلس يعضُّ أصابع الندم
وبعد ساعة خرج الحِمارُ من الغرفة, وقد أحدث فيها, ورفس أبا ساعِدة أكثر من مرّة
عندئذ سارع وأغلق النافِذة, ثم جلس مقهورا, مخذولا, لا يدري كيف البصر ؟
ثم تحامل على نفسه, ووقف على باب غُرفته متميزا من الغيظ, ونادى خادِمه
فلما جاء, سأله : من أدخل الحمارا إلى غرفتي يا ياقوت ؟
كتم الخادم تهكّمُه ورد قائلا : لست أدري يا سيدي
قال أبو ساعِدة : فأين كنت يا ياقوت, الست مؤتمنا على قصري؟
والله لئن لم تدُلني على من فعل هذا بي, لأعاقِبنك عِقابا مؤلِما
خرج ياقوت مرتعبا من الخوف, وعرّج على الخدم يسألهم
فقال له أحدهم, إنه رأ ى ساعدة وإخوته وهم صاعدون بالحِمار ظهرا
فعاد سريعا إلى سيده, وأخبره, فقال له : أدعهم إليّ حالا
كان الخادم يعلم أن ساعِدة و إخوته, ما فتئوا يُطِّبِلون و يرقصون في غرفتهم
بينما كان أبوهم يصارع الحمار, ولم يعلموا بما حدث له, فلذلك توجّه إليهم
و قال لهم مبديا سرورا مصطنعا : إن سيدي ينتظِركم في غُرفته
وما إن سمعوا ذلك حتى ألقوا ما في أيديهم
وتسابقوا إليه ركضا وهم يظُنون أنه سُيكافئهم على ما فعلوا
كتم أبو ساعِدة غيظه وسأل أولاده : من مِنكم أدخل الحِمار إلى غُرفتي ؟
فصاحوا جميعا : أنا ... أنا ... أنا ...
فوقف أبوهم منتصبا, وقد إشتدَّ غضبه, وصاح بهم :
صهٍ ... أيها الحَمقى ... ثكِلَتكم أمكم
أنظروا إلى ما فعله ذلك الحمار اللعين بي. أنظروا إلى ما أحدثه في غرفتي
ثم علا صوته, وزاد صُراخه, فسمعته أم ساعِدة وصعدت إليه لتنظر ماذا دهاه
فوجدته قد حاصر أبنائها في ركن الغُرفة وقد زاغت أبصارهم, و أرتجفت قلوبهم
و أنسكبت عبراتهم, وتلعثمت السنتهم خوفا ورُعبا
فهالها ما رأت, وأشتدّ سخطها عليه, فصاحت به صيحة منكرة :
ماذا دهاك يا أبا ساعِدة ؟
فلمّا سَمِع صوتِها خاف وجَبُن, وقال لها متضاحِكا :
هَدَاكِ الله يا أم ساعِدة أُنظُري إلى ما فعلوه, لقد أدخلوا حِمارا إلى غِرفتي
ولمّا أردت إخراجه من غُرفتي, أخذ ينهُقُ بشدة, فأقبل أولئك
الصيادون الفضوليون, ووقفوا تحت نافِذتي, يتفرّجون عليه وهو يرفُسني
فماذا أفعل مع أبنائك المغفلين ؟
قالت غاضِبة : إنّما المُغفِلُ أنت ,و إلاّ لكنت شكرتهم, وقبّلتَ أيدِيهِم !!!
لأنهم إنما أرادوا أن يُعيدوا إليك ما هو لك, أيها الجاحِد !!
ثم خرجت مع أبنائها, تاركين أبا ساعِدة لوحده, يبكي كمدا
وفي المساءِ خرجَ يُريدُ المجيء إلى أصدِقائه التُجار, فلمّا رآه الصِبيةُ,أخذوا يجرون ورأئه
وهم يُنشِدون :
يا سارق الحِمار ... فضحوك بالنهار
فخجِل حِين سمعهم, وعاد أدراجه, قبل أن يزيد عددهم, وجلس وحيدا في بُستانه
يسترجِع الأحداث, وبداء ضميرُهُ يستيقِظ, فأخذ يُعاتِبُ نفسَه
ويلُومَها على ما فعله مع أخيه المِسكين, الذي حَرَمَهُ من حَقِّه في مِيراث أبيهما
وجاهرهُ بالعداوةِ, وأبطن له الحِقد والبَغضاء. وأخذ على نفسِهِ الإنتقاص من شأنه
في مجالسه ومسامِره. وتركه يُكابِد ويُعاني من الفقر المُدقع, ومن شظف العيش
وهو يُعيلُ بناتٍ سبع, وليس لهُ ولد , يُعينه, ويُؤآزِرُه
فأصبح لهنّ الأبَ والأمّ بعد وفاةِ أمَّهُنّ
إنحدَرَت دمعتان من مقلتية, وأدركته الرأفة والشفَقة, وأراد أخذ نفسه على الحقّ
وقهر ما خالط روحِه من بُغضٍ وكراهِية, وحَسَد, وعَزَمَ على إِنصاف أخيه وبناته السبع
لكن هذه الرِقة واللِين وهذا العَطف, لم يلقيا إستِحسانا من نفسه. لأنها خبيثة بِطبعِها
فنازعته أهواؤها, وغلَبته شهواتُها, وقالت لهُ زاجِره :
يالك من أبلهٍ, لماذا ترحم ذاك الفقير ؟!
ولماذا تحنو على بناتِهِ البائسات ؟!
إنه لا يقوى على فعل شيء يضُرَّك أو شيء ينفَعُك
فأنت لك المالُ, ولا مال له
ولك البنين وله البنات
تسكُن قصرا, ويسكُنُ كُوخا, يتودد إليك الأغنياء, ويُحبه الفُقراء !
دعهُ لبؤسِهِ وفقرِه, ولا تغم نفسك بِذِكره, وعِش حياتك كما تُحِب
فإقتنع أبو ساعِدة بهذا المنطق القبيح, ومحى من وِجدانه كلِ آثار الرحمة
وأستبدلها بخِصام فاجِر, وبمُقت فاحِش, ثم هَرَع إلى زوجتِه اللئيمة
يستوحي منها أخبث المكائد

يتبع






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 02-05-2013, 02:25 AM   رقم المشاركة : 12
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


حكايات شعبية
أبو البنات السبع
الجزء الثامن
أمّا أبو البنات السبع فإنّه وبعدِ إِنصراف الناسُ الذين زاروه في(الماريستان)
إختلى ببناته, وشرع يعتذِرُ إليهن عن تقصيرِهِ, وعجزِهِ عن توفير مؤنتهن
ولام نفسه على التوجه إلى إبن أخيه وسؤاله عن الحمار
لكنَّ البنات طّيِّبن خاطره, وهدّين من روعه
فسألهن في قلق : وكيف تدبّرتن معيشتكن في غِيابي ؟
فأخبرهن بأنهن كنَّ يبعن ثوب إحداهن كل يوم, ويشترين بثمنه قوتا
فبكى سُرورا, حين علم أن بناته لم يسألن أحدا, وسجد سجدة شُكرٍ لله
شاهد رُسل القاضي صراع أبي ساعِدة مع الحمار, وسمعوا أقوال الناس
فنقلوا كل ذلك إلى أذنِ القاضي, بعد أن أشهدوا الشهود ...
فقال القاضي : إنّ غداً لِناظِره قريب ...
ولسوف يُشفى الصياد إن شاء الله, وحينها سوف أنصِفه
وأرد إليه كرامته وحقّه
بقي الصياد في(الماريستان) أربعة أيام, وفي اليوم الخامِس عصرا, غادره
وقد حفّ به أصدقاؤه الصيادون, وعندما صاروا على مدخل الحيِ
إستقبلتهم بناته, ونِساء الجيران بالتكبير و وبالزغاريد فسمِع الناس الهتافات
وأتوا مُهنئين على السلامة, ولما كثُرَ عدد الرِجال عملوا (مزفّا) وزفوه إلى كُوخِه
فوصلت أصوات الناس في (المزفّ) إلى مسمع القاضي, ولمَّا علِم
أنّ أبا البنات السبع قد غادر(الماريستان) وأمسى في كوخه ذهب إليه
مع مجموعة من وُجهاء البلد, وهنأوه على السلامة
ثم تلا القاضي : { وقُل جاءَ الحقُّ وزَهَقَ الباطلُ إنَّ الباطلَ كانَ زهُوقا }
(الإسراء81)
و وعدوه بالإقتصاص و الإنتصاف من أم ساعِدة و من خدمِها المُتوحِّشون
في تلك الأثناء كان أبو ساعِدة قاعِدا في السُوق مع أصدِقاء له من التُجّار
وعندما بلغه ما يفعلُه الصيادون من الإحتِفاء بأخيه أراد أن يحُطّ من قدرِه
وأن يُحرِّض الناس عليه, لكنهم فارقوه, وذهبوا لتحية الصياد
والتسليم عليه فبقي أبو ساعِدة لوحده, وقد ثار غضبِهِ, وزاد غمُّه
فأخذ يصفع وجه نفسه من شِدّة الغيظ
في صبيحة اليوم التالي, أرسل القاضي من يسأل أبا البنات السبع إن كان
قادِرا على الحضور إلى دارِ القضاء, لمُواجهة غُرمائه
فأتى وقد أمسكه رجُلين من أصدِقائه الصيادين, كل واحد منهما يمسِكُه من عضِد
حتى أجلساه أمام القاضي, ورافقتهم بناته وهُنّ قلُقات خائفات, والحُزن يعتصِر أفئدتهن
وحضر الصيادون, لمناصرته, وكذلك حضر الصِبيان الذين عبثوا مع ساعِدة ...
وكان القاضي قد بعث حاجِبه, ومعه عددُ من رجال الشُرط والنقباء
إلى قصر أبي ساعِدة وأمرهم بِإحضاره مع زوجته وإبنهما ساعدة والخدم
عندما وصل الحاجب إلى قصرهم, وأبلغهم بأمر القاضي
رفضت أم ساعِدة المجىء, وعلا صوتها على رِجال القضاء, وأسأت الأدب
فقال لها الحاجِب مهدِّدا : في هذه الحالة يُحبس إبنك ساعِدة لِوحده حتى تنصاعين
و تأتين للإدلاء بشهادتكِ, فإن كان الحُكمُ عليكِ ضوعفت مِدة حبسِ إبنك
وحُبِستِ أنت أيضا مُدة طوِيلة
فأصابها الهلع, لأن زوال الدُنيا أهونُ عندها من حبسِ ساعِدة
فوثبت من جلستها, وهُرِعت إلى إبنها, وأحتضِنته وهي تبكي بحُرقةٍ ومرارة
ثم صرخت في وجه زوجها المرتجف خوفا قائلة :
إنهض أيها البدين, قبل أن يغتاظ منَّا ذلك القاضي التعيس, فيحبِسنا
ثم قدِموا إلى دار القضاء, يحُّف بهم الخدم والحشم, والناس ترمقهم
بأعين ملئها الكراهة , والإحتقار, بسبب جورهم وظُلمهم و شدة غرورهم
ولمّا أخذ أبو ساعِدة مكانه, إستدعى الحاجِبُ أبا البنات السبع
بأمر من القاضي, ولما وقف أمامه, قال له :
إبشِر يا بُني, فإن الله قد أظهر حقك, وفضح غريمَكَ !!
وكَشَفَ سِره, وردّ كيدَهُ إلى نحره ...
لم يفهم الصياد مقصد القاضي, لكنه إبتسم راضيا
ثم إن القاضي أشار إليه بالجلوس, وأمر بإستدعاء أبا ساعِدة
فلمّا مثل بين يديه, قال له : أما زِلت تنكر رؤية إبنك للحمار؟
فردَّ مُتذاكيا : كلا أيها القاضي الفضيل, لا أنكر أن ولدي
الشهم ساعِدة شاهد حِمار عمِه بين حميرنا وبِغالنا
قال القاضي مُتسآئلا : وكيف أصبح الحمار بين حُمِرِكم وبِغَالِكُم ؟
سكت أبو ساعِدة قليلا, ثم قال مُستدرِكا : إنّ هذا ما يُحيِرُنا يا سيدي
فلعله قد حنّ إلى رفاقه ...
قاطعه القاضي قائلا : أو ربما
جاء ليطمئنّ عليك ... فعجّ المجلس بِضحك وتهكُمِهِم الناس
بينما صمت أبو ساعِدة مخذولا
فقال له القاضي : أفتنكِر أنّ ساعِدة قد سرق حمار عمّه ؟
قال أبو ساعِدة : نعم أنكر, بل وأقسم أنه لم يسرق حمار عمّه
فقال له القاضي : عد إلى مكانك, وسوف نرى
ثم جاء الدور على أم ساعِدة , فسألها القاضي من وراء الحِجابِ قائلا :
ما شأنكِ يا أم ساعِدة وقد كِدتِ تقتلين نفسا بغير ذنب ؟
سكتت أم ساعِدة وقد تملكها الخوف, حين شعرت بعِظم جُرمها
فأستطرد القاضي : ألك حُجة تنفي بها تهمة الشروع في القتل عنك ؟
فلمّا سمِعت كلام القاضي, زاد خوفها, وأرتعشت أطرُافها, وإختلّ
توازُنها, ثُمَّ سقطت على الأرض, مغشِيا عليها, فسكت عنها القاضي
و تركها, و إستدعى إبنها ساعِدة
فلمّا مثُل بين يديه سأله :
لماذا كنت تضع لُثاما على وجهِكَ, عندما التقاك هولاء الصبية ؟
وأشار القاضي إلى الصبية
لم يحُر ساعِدة جوابا, فسكت, وأمعن في السُكوت ..
قال القاضي : فهل رأيت حِمار عمِكَ أبي البنات السبع في ذلك اليوم ؟
ردَ ساعِدة سريعا : لا. لم أره
قال القاضي : إذن فأنت تُنكِرُ رؤيةَ حِمار عمِكَ في ذلك اليوم ؟
قال ساعِدة : نعم. أنا لم أرى حِمار عمِي ذلك اليوم
أصيب الحاضرون بالدهشة, من قُدرة ساعِدة على المرواغة, وتكذيب أباه
ولكّنَ القاضي كان أكثر دهاء, ومكرا من ساعِدة ومن أبيه وأمِه
لذلك عمِد إلى حيلةٍ محكمة, يوقع بها هولاء الأشقياء في يد العدالة


يتبع ...






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 02-05-2013, 02:29 AM   رقم المشاركة : 13
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


حكايات شعبية
أبو البنات السبع
الجزء التاسع
في أثناء إستِجواب ساعِدة , كانت أمهُ قد تعافت, وأرادت أن تتدخل
لِصالِحِ إبنها, لكن القاضي أراد أن يمكر بهم جميعا, فطمأنها قائلا :
لا عليكِ أم ساعِدة, ما دُمتم تنكرون, فلا حُجّةَ لنا عليكم ...
ثم إن القاضي تشاغل بقضايا أخرى, وكان مُرادِهِ, أن يُباغِت
ساعِدة بِسؤال مُباشِرٍ, يذهله, و يكشِفُ كذِبه, ويضع الحُجّة عليه
وكان يلتِفت إليه بطرف خفي بين حين وآن, لكي يراه حين يغفِل
وفجأة, صاح القاضي بصوت مُخيف :
لماذا كنت تضرب حمار عمِك, عندما سرقتُهُ يا ساعِدة ؟
إنخلع قلب ساعِدة من الخوف, وأرتبَكَ , فردّ مُدافِعاُ عن نفسه :
لم أُكن أضربه, أيها القاضي, بل سٌقته إلى الزريبةِ بِرِفق ولين
قال القاضي بحزم : فأنت قد سرقت الحِمار, بأمرٍ من أمِك ؟
نفى ساعِدة : لا ياسيدي, لم تأمرني أمي بِذلك
قال القاضي: فمن أمرك إذن ؟
بكى ساعِدة, ثم سَرَدَ كل ما دار بين أبيه و بين العيار
وما إتفق عليه هو وإخوته
فقال القاضي : سنُصليّ الظُهر, وبعد الصلاة, نصدر الحُكم المناسب
علت أصوات الناس في المجلس قبل دُخول القاضي, فلمّا وصل
سكت الجميع, وحين أخذ مكانه, إشرأبت إليه الأعناق ...
فأستدعي القاضي أبا ساعِدة
فلما وقف أمامه قال له : لقد كنتَ تُنكِر الحق
وأنت من حاكَ خيوطَ هذه المؤآمرة الدنيئة, وأراد الله كشف لؤمك وخُبثك
وسوء طويتك, ففضحك حمار على رؤوس الملاء, وأنت تُنكر وتكذب
ونطق إبنك بالحقّ دون إكراه منا, وكان قد جحد وأنكر, تماما كما أنكرت أنت قبله
وبِناء على ظُلمِك, وكذبك, أحكُم عليك, بالحبس شهرين مُتتاليين
وأن تدفع مبلغ مائة دينار إلى أخيك, عقوبة لك على الكذِب والتآمُر ...
كما أحكُمُ على إبنك بالحبس ثلاثة أشهُرٍ, وغرامة مبلغ
خمسين دينار, عقوبة له على سرقة الحمار, والكذِب على المحكمة
عندما سمِع ساعِدة الحكمَ, أخذ يعدو نحو أمهِ وهو يبكي وينتحِب
قال القاضي : كما أحكم على أم ساعِدة بالحبس سنة, ودفع مبلغ الف دينار إلى الصياد
عقوبة لها على الإعتداء بغير حقّ, والإستهتار بارواح الناس, والبغي عليهم
وحين سمعت ما نطق به القاضي, وقعت مغشِيا عليها ...!
فعالجتها النساء الحاضِرات, حتى عادت إلى رُشدِها
فأخذت تصيح, وتُولوِل, وتلطم خديها وتحثو التراب على رأسها ...
فرق لها إخوتها, وبعض الوجهاء والشيوخ, فسعوا لها عند أبي البنات السبع
ورجوه أن يتنازِل عن حقه في حبس أم ساعِدة
على أن تُعوِضه بمال جزيل, فوافقهم, ثُمّ ذهبوا إلى القاضي وأعلموُه بالتسوِية
وتوسلوا إليه أن يعفي أم ساعِدة من الحبس, على أن تدفع مبلغا مرضيا
من المال لأبي البنات السبع تعويضا له, ولِجبرِ خاطِره
فألزمها القاضي بدفع مبلغ الفي دينار نقدا
فقالت وهي تنتفِض من الهلعِ : سأدفع ... سأدفع حالا
أما أبو ساعِدة فقد إكتفى بلطم وجهه, وهو يقول : أنا أستاهِل ... أنا أستاهِل
ثم قام إلى أخيه يُقَبِل رأسه, ويرجوه أن يشفع له عند القاضي, لكي لا يُحبس
فقال أبو البنات السبع للقاضي :
أرجوك يا سيدي أن تُعفي أخي من الحبس !!
فأُعجِب كل من حضر, بِشهامته وحُسنِ خُلُقُهِ, فقال له القاضي :
قد وَهبنا لك حبس أخيك وإبنه ...
فصاح الناس مُهللين, ومُكبرين, وبادروا إلى الصياد يبارِكون له, إنتصافه ممن ظلمه, وبغى عليه
ثم حمله أصدِقاؤه الصيادون على أعناقهم, وزفّوه إلى كوخه, فكان يوما مشهودا
عندما خرج أبو ساعِدة وأهلُه من دار القضاء, تعرّض لهم الصبية
في الطُرُقات, وهم يُعِيرونهم, ويركُضون خلفهم, و يُغنون :
يا سارِقَ الحِمار .... فضحوك في النهار
فزاد غم أبي ساعِدة وشعُر بالذُل يغمُرهُ, فكتم غيظَه وحقده على أخيه
ولم يتدبّر نتيجة الظُلم, ولا عاقِبة الجور
فوصل إلى قصره يغلي من الحنقِ والغيظ, كما يغلي المِرجل
وأخذ يصول و يجول أمام عائلته مقبلا مدبرا, وهو كظيم
فأنتهرتهُ أم ساعِدة قائلة :
كلُ ما أصابني وأصاب ولدي, كان بسبب حماقتِك, وتخاذُلك, وجُبنِك
فصاح أبو ساعِدة مُغضبا : أُسكُتي يا إمرأة, يكفيني ما عانيت
منذ اليوم لفرط غباء وجهل أبنائك المُدلّلين ... !!
فهَاجَت كَوامِنُ الغضَبِ في نفس أم ساعِدة وفقدت السيطرَةَ
على نفسِها, فأطلقت لِسانَها البذيء, يتناول زوجَها بكل نعتٍ قبيح, وصفة مستهجنة
فلم يحتمِل كل ذلكَ القذف والسّب, وأراد أن يبطِش بِها
فأشتَبَكا في عِراكٍ شرِس, ولم يتمكِّن ساعِدة وإخوتُه, من إيقافِ
المعمعة, فعَلت أصواتُهم, وأَقبلَ الناسُ يتفرِّجون, على الزوجين البدينين
بين شامتٍ بِهما, و مُشفِق عليهما
فلمّا تعِب الزوجان, جلسا يلتقِطان أنفاسهما, وما راعّهما إلا وجودُ العشراتِ
من الرِجالِ والنساءِ والأطفال, قد مَلَئوا ساحةَ القصر, فأمرا خدمهم
بطرد المُتطفلين, وإخراجِهم, ثم سكنا حين سمعا نِداء صلاة العصر
ولكن أم ساعِدة لم يطِب خاطِرُها, وقد حُشي جوفها حقدا وحنقا
فقالت متوعدّة, قبل أن تنصرِف :
لسوف أرى بسالتك, وقُوتَك وبأسك غدا, حين يأتي إخوتي ويفتكون بِك
في ذلك الوقت, وبعد إنصراف المُهنئون, كان أبو البنات السبع
يُشاورُ بناتّهُ, في ما يجِب فعله بالنُقود الكثيرة, التي صارت في أيديهم
فقالت إبنتاه سعادٌ وسعادة :
نُحب يا أبي, أن نشتري بناجر الذهبٍ, وخواتم العقيق, وسلاسل الفضة, نتزَيِّن بها
وقالت مِسِعدة : أنا أشتهي تختا من الألبسة المُزركشة, وقوارير المسك الأذفر
فكان أبوهُنّ يقول : حسنا ... إن شاء الله ...
بينما كانت سعدية و سعيدة ترغبان بالكثير من الطعام ...!
ظلّت سُعدى و سعدة صامتتان
فقال أبو البنات السبع وهو فرحان سعيد :
وأنتما أيتها الحبيبتان, فيما ترغَبَان, وماذا تتمنِيان, فأحضره في الحال ؟
قالت سعدة : أنا أتمنى ما يرضيك, وما يُسعِدُك, وليس لي مطلب ثان
فهشَّ لها أبوها, وقبّلها على جبينها
ثم إلتفتَ إلى صغرى بناته, وقال لها :
فيما يُفكِر عقلكِ الماكر, يا حُلوتي ؟
فقالت بنبرةٍ جادة : أرى يا أبي أن لا نضيع هذا المال في الترَف
وأن لا نُنفقه على الملذّات والشهوات ... فصاحت أخواتُها مُعترِضات
ولكنها إنتهَرتهن قائلة : صهٍ ... أيتها الغافِلات, سوف يكون لكنّ ما أردتن
ولكن يجِب علينا أولا, أن نسعى لإنماء هذا المال ...
فسألتها سعيدة : وكيف ذلك ؟
قالت سعدية : تُريد سعدى أن ننتظِر, حتى يلِد المالُ صِغاره !!
فضحِكت أخواتُها
وقال أبوهن : صبرا يا بُنياتي, ودعنها تُفصح عن رأيها
هيا يا أبنتي الحكيمة تكلّمي, إنّ رأيُك دائما سديد ...
قالت سعدى : الرأى أن تشتري سفينة كبيرة, ثم ترافقكَ في كل يوم
ثلاثة منا حين تذهب للصيد, فيزيد رزقُنا, ويكثُرُ مالُنا, حينها تشتري لهن ما يتمنين وما يشتهين
فأشرقَ وجهُ أبو البنات السبع بِشرا, وتهللت أساريره حبورا, وأخذ يدعو لها قائلا :
حفظكِ الله يا أبنتي, ولا حَرَمني من رجاحة عقلك, ولا من جودة تفكيركِ وذكائكِ
ثم أتّفقوا على أن يخرج أبوهن غدا صباحا, لِلبحث عن سفينة, وشرائها
بينما باتَ أبو ساعِدة ليلته تلك خائفا يترقّب, لم يهنأ له بال !!
ولم يغمُض له جفن, فليس له ناصر, ولا مؤيِد, يقف معه أمام أصهاره
وقد أضاع نصيره الوحيد, وهو أخوه
ويعرِفً طُغيان أصهارهِ, وخِيانة أبنائه, وخُبث زوجتِهِ, ولؤم خدمه
وحين أصبحَ الصباحُ سمعَ قرعا خفيفا على باب غرفته
فأصيب بالهلعِ, وخشي العقوبة, فوقف على العتَبة, ثم سأل بصوت مرتعش :
من على الباب ؟
يتبع ...






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 02-05-2013, 02:31 AM   رقم المشاركة : 14
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


حكايات شعبية
أبو البنات السبع
الجزء العاشرة
قال الطارِق : أنا ياقوت و قد أتيُت لأسألك إن كنت ترغبُ في شيء ؟
ففتح أبو ساعِدة رُويدا رُويدا, فلما رأى ياقُوتا لِوحدِه, جذَبه إلى الداخل
ثم أوصد الباب, وأجلس الخادم على الكرسي, وبَرَكَ هو أمامه على رُكبتيه
وأخذ يبكي وينتحِب, ثم قال في ذُلٍ وإنكسار:
أرغب بالنجاة يا ياقوت , إن أم ساعِدة قد توعدتني, ولست آمن على نفسي نقمة إخوتها
فأنقِذني يا قوت ... أتوسّلُ إليك, أو أخرجني من هنا قبل مجيئهم, أو خبئني
حزِن ياقوت على ما وصل إليه حال سيده, نتيجة الظلم والبغي, والغرور والكِبر
فقال له ناصِحا : أرى يا سيدي أن تذهب إلى أخيك, وتعتذِر إليه, وتصافيه
فأستشاط أبو ساعِدة غضبا, وصاح بالخادم :
أنا أذهب وأعتذِرُ إلى ذلك الفقير الحقير ؟
والله لن يكون هذا أبدا, ولو جُلِدَ ظهري, ونُتِفت لِحيَتي !!!
أخرج عني أيها الرذيل, ولا تعُد لِمثلها أبدا
فخرج الخادم وهو يضرب كفا بِكفّ
كانت أم ساعِدة تتنصّتُ عليهما, فلمّا سمِعت ردَ أبو ساعِدة على الخادم
أعجبَها ذلك منه, ورَضِيت عنه, وزال غضبها, فبادرت إليه تراضيه
مضَت أسابيع وأشهُر عديدة, ولم ينسى أبو ساعِدة الخسارة المالية الفادحة التي مني بها
ولا ما تعرّض له من إمتهان, وسُخرية !!
وكان يُلقي باللوم على أخيه, ويتعلل بحسد الناس, وتحاملهم عليه
ولم يشاء أن يهتدي للحقِّ و الصواب, وأن يعتَرِف بأنّ خُبثِهِ ومكرِهِ
و سوء نِيته, وطمعه, وجشعه, وظُلمه, وكِبرهِ و عُتُوّهِ وغُروره
وإستسلامه لأم ساعِدة, وتفريطه في تأديب ولده كانت وراء ما جرى له
لذلك فقد إشتعلت نيران الحِقدِ في صدره, وزاد مُقتُ أخيه وبُغضِهِ في قلبه
فشرع في حِياكةَ خُيوطِ مؤآمرة جديدة, يتمكِّن بها من إسترداد أمواله
و الإنتقام لكرامتهِ التي داستها أرجل الصيادين .... !!!
كان أبو البنات السبع وعائلتِهِ قد إشتروا سفينة قديمة, ولكنها كبيرة واسِعة
فصار يصطحِبُ معه بعضَ بناتِه في رحلات الصيد اليوميّة
فبُسِط لهم الرِزقهم, وصلُحت أحوالهم, وتيسَّرت أمورُهم, وطابت معيشتهم, وبدأ البؤسُ يُفارِقهم
فأنفقوا مما كَسبوا على أعمال البِر, كفلوا الأيتام, وأعانوا الَعجَزة
وأطعموا الطعام على حُبِهِ المساكين, وعابري السبيل, والمعوزين
فغمَرَهم الكريم ببرَكةٍ من عنده, وحطَّ طائرُ السُعدِ على كوخِهِم
وأبتنوا دارا واسعة بعد أشهُرٍ أخرى, وذاع صِيتُهم, وعرفهم
القاصي قبل الداني, وحفلت المجالِسُ بذكرهم العطِر, وسيرتهم الحميدة, وأمتدحهم الشعراء
كانت هذه الأنباء تصل أبي ساعِدة و أم ساعِدة , فكانا يغتاظان, ويحترقان
من الغيرة والحسد, و يزدادان غِلا وحِقدا, ولكنهما لا يفعلان شيئا
يُحببهما إلى الناس, و يرفع مقامهما, ويُشرِّف قدرهما, فهما بخيلان
غليظان, لا يعرفان سخى اليد, ولا بذل المال, ولا عمل الخير بدون مُقابل
وأكتفيا بتدبير المكايد, والسعي للقضاء على تلك العائلة الكريمة, ومحو ذِكرها
ففي مساء يومٍ من الأيام, وبينما كان أبو ساعِدة يُسامر بعض خِلانه, في السوق
مرَّ من أمامهم إعرابي يُرافِق طفل في الخامسة من العُمرِ, وطِفلة أكبر سِنا
فأستدعاه أحد التجار, وسأله قائلا : عمّن تبحث يا أخا العرب ؟
قال الغريبُ : لقد سمِعنا عن رجلِ كريم يُدعى أبو البنات السبع, وقيل لي
إنه يؤوي الأيتام, ويُغيث الملهوف, ويُحِسن إلى الناس, وُيطعم ال ...
فقاطعه أبو ساعِدة غاضِبا : إنهُ صياد خبيث ماكر, يسعى لأن يمتدِحهُ الناس
و أنا أكثرُ منه مالا, وأعز نفرا, و أطولُ يدا, فقل لي ما حاجَتُك, فاقضيها ؟
قال الُرجل: إنّ هذين اليتيمين, كانا تحت كِفالتي, ولكنني ومنذ خسِرت
أموالي, لم يعُد بِمقدوري الإنفاقُ عليهما, فإن شئتَ أن تكفُلهما, وإلا أخذتهما
إلى ذلك الرجل الذي سمِعتُ عنه ...
فلمّا سمع أبو ساعِدة مقالة الرجل
إرتبك وحار, وقع بين نارين ...
إمّا أن يترك الغريب يذهب إلى أخيه, ويفتضح هو أمام رفاقِه وغيرهم من الناس
ويُصبِح حديث المجالس في البُخل, أو أنه يأخذ الطفلين, ويتعرّض لسخطِ أم ساعِدة
فسَكَتَ وهو مُحرج, فلمّا طال سُكُوتُه, قال له الإعرابي :
أراك قد كرِهت كِفالةَ اليتيمين ...
قال أبو ساعِدة : لست أكره كفالتهما, ولكنني ... ولكنني ...
فضحِكَ الناس, وأنصرف الإعرابي, وهو يهزاء به
لم يُطِق أبو ساعِدة بعدها المكوث في السوق, فغادر مُسرعا إلى قصرِه
وعندما وصل إلى القصر لم تكن أمُ ساعِدة موجودة, فأنتظرها مضطربا
إلى أن جأت بعد وقت قصير, وأخبرها بقصته مع الإعرابي, فقالت له :
أراك لا تُحسِن التصرُف, فعد إليه الآن قبل أن يصل إلى دار الصياد الحقير
ثم أعطه مبلغا من المال, وخذ منه اليتيمين, و أتني بهما, ودع الباقي عليَّ
كان ذلكم الأعرابي رجل شهم, وذو مال ورفعة, لكنه كان يُحب القِمار
فخسِر كل ما يملك, وأصبح فقيرا مُعدما ومديونا
لا يجد ما ينفقه على اليتيمين
وعندما عرض عليه أبو ساعِدة المال, مُقابل الطِفلين, غضِب غضبا شديدا
وثارت نخوتُه العربية, فأستلَّ سيفَه, وأراد أن يشُجّ رأس أبي ساعدة , فمنعه الناس
وفر أبو ساعِدة هاربا من أمامه, وعاد إلى قصرِهِ خائفا مرتجفا خائبا
فأستقبلته أم ساعِدة المتسلِطة, بالتسفيه, والتحقير
فصعد إلى غرفته مرعوبا, يلتمِسُ الأمان ...
أما ذلك الإعرابي فقد قُبض عليه, وأتِّهمَ بالجنون, وأودِع الحبس
فطلب من بعض الناس أن يُسلّموا الطفلين, إلى أبي البنات السبع
فإصطحبهما أحد أصهار أبي ساعِدة الخبثاء, فلما أمسوا في بعض الطُرقات
غدر باليتيمين, وتركهما يهيمان على وجهيهما, وهما غريبان لا يعرفان البلاد
وقد قاربت الشمسُ على الغروب, فخاف الطفلان وبكيا, وأخذا يطوفان
في الأزِقّةِ والحواري, على غير هدى ...
ولأنّ الفتاة ذات العاشِرة كانت خرساء, فلم يكن بمقدورها أن تستنجِد أوأن تستغيث
بينما كان أخوها طفلا صغيرا, لا يعقِل, فساقتهما أقدامهما إلى باب قصر أبي ساعِدة
وقد غربت الشمس, وحين قرعاه, فتح ياقوتُ الباب, ووجد الطفلين, وسألهما عن شأنهما
ولكنه لم يتلقى جوابا منهما, إذ كان الولد يبكي, ويرتجِفُ من الجوع والخوف والبرد
بينما كانت الفتاة الخرساء تحاول أن تنطِق, ولكنها لا تقول غير :
آ... آ... !!
حار خادم أبي ساعِدة وطال وقوفه على الباب, فنادته أم ساعِدة :
من على الباب يا ياقوت ؟

يتبع ...






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 02-05-2013, 02:34 AM   رقم المشاركة : 15
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


حكايات شعبية
أبو البنات السبع
الجزء العاشر
خاف الخادم على الطفلين من جبروتها, ومن نذالة أبنائها وأراد أن يصرفهما بعيدا
فإذا بسعدانٍ يخرج, و لمّا رأى الطفلين, أنتهرهما بقسوة وغِلظة, و أراد أن يطردهما
فلمّا سمعت أمهُ إنتهاره, سألته عما يحدث, فقال لها :
إنهما طفلين حقيرين, من الذين يناصرون أبو البنات السبع
فأمرته بإدخالِهما, وما إن دخلا إلى المجلس حتى تبادر أبناؤها المُتغطرِسون
الى الضحك من الطفلين البائسين, والتهكّم على لباسهما, ونحافة جسديهما
وحين عرفوا أن الفتاة خرساء, أخذوا يُحاكونها, ويسخرون منها ويخرجون السنتهم
فأخذت تبكى, بصوت مكتوم, ودمع غزير, وهي مُحبطة مُحطّمة
بينما كان أخوها, يلتوي جوعا, وقد غارت عيناه من الإعياء والبرد
تذّكرت أم ساعِدة إنّ هذين الطفلين هما اللذان تحدث عنهما أبو ساعِدة آنِفا
ووجدت فيهما اداة طيعة لتنفيِذ خدع وحِيلٍ, تكيد بها غُريمها وبناتَه
فأمرت بإِطعامهما, حتى لا يهلكا جوعا, ثم أغلقت عليهما في سِرداب القصر
و أخذت تُفكِّر في حيلة. تُمِكِنها من الحاق الأذى بالبنات السبع وأبيهن
وفي اليوم التالي بكَّرت أم ساعِدة في إخراج الطفلين من السِرداب
وأمرت خادما لها بإصطحابهما إلى بيت أبي البنات السبع
لكي يتناولا الطعام مع الأيتام, ثم يعيدهما إلى القصر
وهكذا كانت تفعل كل يوم
حتى صارت الِطفلة الخرساء تأتي مع أخيها لوحدهما, وكانا لايرغبان في
العودة إلى القصر, فإن تأخرا أرسلت أم ساعِدة من يُعيدهما إليها قسرا
فلما تأكدت من أنهما أصبحا معروفين, وأنّ أبا البنات السبع و أسرته
قد ألِفوا وجود الطفلين مع الأيتام
بدأت أم ساعِدة بتنفيذ خُطّتَها الجهنمية
فذات مرة, وعندما أراد الِطفلان الخروج كعادتِهما كل يوم إستدعتهما
و وضعت عقدا نفيسا من اللؤلؤ في جيد الفتاة, وتركته بارزا للعيان
وبعد إنصرافهما أرسلت كل من سعيد ,سعد و سعدان في إثِرِهما, وأمرتهم
بمراقبة تصرُّفِ بنات عّمِّهم, حينما يرين العقد النفيس في عُنق اليتيمة
كان سعيد و أخويه مُختبئون, و فجأة شاهدوا الأطفال الأيتام
قد تجمّعوا حول الخرساء, يتفرِجون على عِقدها الثمين
وما هي سِوى لحظات يسيرة, حتى خرجت سعدِيّة و سعيدة
وهما المسؤلتان عن إعداد الطعام وتوزيعه, فلما لاحظتا ذلك التجمع
أسرعتا إليه, وحين عاينتا العقد, فرَّقتا الاطفالَ, ثم أسرعت سعيدة
وأبلغت أخواتها, فقررن حِفظ العقد لديهن, حتى يعرِفن أهل
الطِفلة اليتيمة, فيسلِّمنَه إليهم, وعندما أبصر سعيد وأخويه
ما فعلته بنات عمِّهم, أسرعوا وأبلغوا أمَّهُم
فما كان منها إلاّ أن أرسلت إلى القاضي رسالة مفادها :
إنَّ البنات السبع, قد سلبنَ و نَهَبَنِ عقدا ثمينا, كنت قد وهبته طِفلة يتيمة خرساء
أكفلها مع أخيها, هذا الصباح, والعقد بحوزتهنّ, فإذا كنتِ عادِلا حقا
فأعِد لليتيمة عِقدِها, وعاقِب السارِقات, وأقِم عليهنّ الحدّ.
وحين قراء القاضي الرسالة, أدرك أن في الأمر خُدعة
فأرسل حاجِبه على الفور, وأمره بإستدعاء البنات السبع وأباهن
فلما مثلوا امامه سأل القاضي الفتيات عن قِصة الِعقد فأخبرنه بالحقيقة, وسلّمنه العِقد
وكانت حُجّتهن أنهن أردن حِفظه من الضياع, حتى يهتدين إلى ذوى الخرساء
فيُعدنه, ولكن هذه الحجة لم تكن مقنعة, خاصة وأنهن لا يعرفن الفتاة
ولا يدرين من أين تأتي, ولا إلى أين تذهب
لذلك حار القاضي في الأمر
فأجَّلَ إصدار الحُكم إلى يوم غدا صباحا, مع حفظ العقد في عُهدته
وفي اليوم التالي إستدعى القاضي أبا ساعِدة وأخاه أبا البنات السبع
وفي نِيَّةِ القاضي أن يتصالح الأخوان فيما بينهما, ولا يشهّر بأيٍ منهما
فوجدها أبو ساعِدة فرصة نادِرة تمكِّنه من التنكيل بأخيه وبناتهِ
وأن يُلصق بهم تهمة السرِقة, لكي يحطّ من قدرهم عند الناس
ويظهر هو كإنسان شهم نبيل, فقال :
أيها القاضي, إنّ بنات أخي قد تطلعت أنفسهنَّ إلى لبس الذهب والفضة والحرير
وأبوهُنَّ البخيل يقّتِر عليهن, ويحرمهن الأطايب, لذلك فحين رأت عيونهن عِقد الطِفلة
اليتيمة, خلب البابِهن, وسحر أنظارهن, فسرقنه
وأنا سوف أعفو و أغفر لهنَّ
و أتركَ لهنَّ الجمل بما حمل
إذا أستطاع أبوهنَّ أن يُناظِرني, ويتفوق على حكمتي
و ينفِّذ ما آمُرهُ به
يتبع






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 02-05-2013, 02:36 AM   رقم المشاركة : 16
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


حكايات شعبية
أبو البنات السبع
الجزء الحادي عشر
قال أبو البنات السبع مُدافِعا عن بناته :
تعلمُ يا سيدي القاضي أن بناتي أكرم وأطهر من ان يمددنا أيديهن إلى مالٍ حرام
خاصة ما هو للأيتام, ولا أشُّك في أن الأمر بِرمَّته من تدبير أخي وزوجته
كيدا وبهتانا
فعلت الأصوات, وثار جدال صاخب, أوقفه القاضي بقوله :
أعلَمُ يا بُني أنكَ وبناتَك من خِيرةِ الناس في مدينتنا هذه
و من أشرافهم و أفاضلهم
إنّما لا يمُكِنني إطلاق حُكمَ إلا بِناء على أدِلةٍ و براهين وشهود
وقد عدِمتم ذلك
فأرى أن تُناظر أخاك, فعسى أن يكون في الشرِ خير كثير
فكّر أبو البنات السبع ثم قال متحديا : قد قبِلتُ مُناظَرَته
قال أبو ساعِدة مُخاطِبا القاضي والشهود :
أشهُدوا باني قد أمرت أخي أن يأتي غدا صباحا إلى المحكمة
ليس مشيا على قدميه, ولا راكبا دابة, ولا محمولا على الأعناق
وأن لا يأتي في الِظلام, ولا في النور
وأن يطعمنا طعامٍ نأكل منه جميعا, ليس من طعام البر
وليس من طعام البحر
فإذا فعل ذلك فالعقد له. فماذا يقول ؟
حار أبو البنات السبع من هذه المطالب العجيبة, وأراد ان يحتجّ
فأمره القاضي بالخروج, والبحث عن جواب وحلّ ...
فخرج حزينا, شارد الذهن
بينما ظل أبو ساعِدة يضحك في سخرية و إستهزاء ...
أما أخوه, فقد هام على وجهه, يفكِّر في مغزى هذه الأحاجي
العويصة, فلم يهتدي, ثم تباحث مع بعض الأصدقاء, ولكنهم فشلوا
ولم يشاء ان يعود إلى داره حزينا كدِرا, حتى لا يُحزِن بناته
اللاتي أصابهُن القلقُ لتأخره في دار القضاء
ولم يعلمنُ بما دار بينه وبين أبي ساعِدة فأردن الخروج
للبحث عنه, وقد غربت الشمس, وبينما كنا يتأهبن
أقبل أبوهنَّ يحمِلُ كيسا مملوءة بالحلوى العمانية
ففرِحن بها ونسينا القضية
ولم يُلاحِظ ما بِهِ من همٍ وضيق سوى إبنته الصُغرى سُعدى
فلّما جَّن الظلام, وحلّ سكون الليل, وغفت العيون
إنسلّت سعدى إلى أبيها وسألته
عما يشغُلَ خاطِره, فأنكر, ولكنها أصرّت و الحّت عليه
فأخبرها بما جرى وصار
فقالت له بلهجة الواثِق بالله, ثم بقُدراتِهِ العقلية :
نم يا أبي قرير العين, ودع لي التفكير
وحين تنهض من نومُكَ ستجدني قد عثرتُ على الحل, إن شاء الله
نام أبوها, بينما ظلت سُعدى تُفكِر, وحين رُفع أذان الفجر
نـبّهها الجن الصالح
فثارت إلى أخواتها و أيقظتهن جميعا
وبعد أداء الفرض جمعتهن, وشرحت لهن المشكلة
فجلسن يبكين و يولونَ, فانتهرتهن, وقالت :
لا يبكي سوى العاجز, وأنا قد وجدثُ الحلَ, فأذهبن وأحضِرن
فُؤوسا و زنابيلا و جواني فارِغة, فسوف نذهب الآن إلى البحر
أما أنت يا سعديّة فأجلببي شبكة صيد أبي الخرِقة
وأصنعي منها قميصا فضفاضا
ثم أسُرجي على العِجل الأسود, كما تسرُجين على الحمار
وسيساعدك اخوالنا الجن
وعندما أشرقت الشمسُ, كانت سُعدى وأخواتُها قد وصلن
مع جنِ أمها الصالحين
إلى شاطى مرباط الصخري, بأيديهِنَّ الفؤوس
والزنابيل والأكياس الواسعة
وعند الضحى كنا قد أنضجنا الطعام, وأحضرنا كمياتٍ هائلةٍ منه
لأن البحر كان ولحسنِ حظّهن جزرا
فعثرنا على مطلوبهن بيسر وسهولة
فأخذَنا يحشينه في الجواني -الأكياس الكبيرة-
وكان لذيذا طازجا
وهو ليس من طعام البر و ليس من طعام البحر
ثم أقبلت سعدِّية, وقالت :
قد أسرجنا على العِجل, وصنعنا قميصا و مئزرا من الشبكة
فأمرت سُعدى أخواتها بربطِ الأكياس إلى ظهر الحِمار
ثم ذهبت إلى والِدها
وطلبت أن يستعدَّ للذهاب إلى دار القضاء
على الصِفة التي إشترطها أبوساعِدة
وبلّغته أنَّ الطعام الذي طلبه قد أُنضِج
وما عليه سوى, تقديمه لأبي ساعِدة و لكل من أحب أن يتذوقه
ثم قالت له : فإذا ظفِرت به, فقل له :
إن بناتي أذكى و أمهر من بنيك
وهُنَّ يتحدّينهم في السفر إلى البلاد البعيدة
على أن يعودون جميعا بعد شهرين
ويكونُ المجد لمن ربِح أكثروكسِبَ أعظم
فإذا وافق على ذلك, فأشهد عليه الشُهود, ثم عُد إلينا سريعا
هذا ما كان من البنات السبع وأبيهُن, أما أبو ساعِدة فإنَّهُ
و قبل ذهابه إلى دار القضاء, توجَّهِ إلى صديقه
اليهودي الذي أمدّه بتلك الأحاجي
وسأله إن كان بإمكان أبو البنات السبع أو بناته أن يهتدوا إلى حلها
فطمأنه اليهودي, وغرر بِهِ, فذهب إلى القاضي مزهوا بنفسه
مُطمئنا إلى أنه لا يُمكن لأحدٍ أن يحل أحاجيه أو أن يفكَّ لغزها
وبالتالي فسيتمكِّن من إذلالِ أخيه وبناتهِ
وسيحُطُ من مكانتهم بين الناس
وسيظهر كرجل حكيم
وقبل أن يذهب إلى دارِ القضاء
قرر أن يصطحب زوجته لِتشهد بنفسها هزيمة
أخيه أبي البنات السبع , لعلها تشفي غليلها, وترضى عنه
وحين سمِعت أمِ ساعِدة عرضه, بادرت إلى أبنائِها
وأيقظتهم جميعا
ثم خرجوا, وقد لبسوا أجمل ما يُلبس, وهم واثِقون من الفوز
يسعى الخدمُ عن أيمانهم وشمائلِهم, وقد طغى عليهِم الزهوُ والإعتداد

يتبع






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 02-05-2013, 02:37 AM   رقم المشاركة : 17
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


حكاية شعبية
أبو البنات السبع
الجزء الثاني عشر
فوصلوا إلى دار القضاء قبلا
وفي إنتظار أبي البنات السبع , كان أبو ساعِدة وزوجته
يتبادلان السُخرية, والإستخفاف, والهمز واللّمز, والقذف على غريمهم وبناتِه
وكان القاضي, ومُحبوا أبي البنات السبع ومؤيدوه, في قلق بالغ
فلمّا طال الإنتظارِ, وثب أبو ساعِدة وقال :
يا قوم إنَّ أبا البنات السبع قد عجِزَ عن تفسير الأحاجي
و أرى ان يُرسل القاضي من يحضِرهُ عُنوة, ويجلِبَ
بناتَهُ السارِقات, ليُقام عليهِنَّ الحد
ثم جلس مُتفاخِرا بنفسه, فقام إبنه سعدي وتوجّه إلى القاضي
ثم قال : أيها القاضي العادل إن كان عمي أبو البنات السبع قد أخلَّ بالشروط
وعجز عن الوفاء بها, فأنا كفيل بِدفع ثمن العِقد
ولكن لا تؤذوا عمي و بناته
فغضِب أبوه, وصاحت أمهُ :
أخرس أيها التافِه, إنّهم لا يستحِقونَ الرأفة, أنسيت ما فعلوه بِنا
فخرج سعدي و هو ينتحِب, وتوجّهَ إلى عمِه ليقِفَ معه في هذه المِحنة
ولمّا وصل إليه وَجَدَه وبناته ومناصروه يستعِدُّون للذهاب فأستوقفهم
ثم أخرجَ كيسا مملوءة بالنقود, وقال لِعمِّهِ :
أرجوك ياعم, خذ هذه النُقود, فأدفعها لهم, عِوَضا عن العِقدِ المشئوم
فنزل عمُهُ أبو البنات السبع وأعتنقَه, ثم شكره و إعتذر إليه
وقال له : تعلمُ يا بُني أنني لست أرضى, أن يُصيبكم أي سوء أو مكروه
ولكن أخي أبا ساعِدة لا يثِق بي ويظن أنني أبغِضه وأكرهه, أو أحمل
له الحِقد والبغضاء, ويشهد الله أنني لا أحمل له في قلبي سوى الوِدّ والأخوّة الصادقة
إنصرف سعدي بِرِفقة عمِهِ وبناته, وقبل أن يصِلوا إلى دار القضاء
طلبت سُعدى منه أن يبلِّغِ القاضي ومن معه بِوصولِ أبي البنات السبع
كما إشترط أبو ساعِدة وأنَّ عليهم ان يخرُجوا لِيشاهدوه بأعيُنِهِم ...!
فخرجَ القاضي والناسُ جميعا, ورأوا أبا البنات السبع قادما نحوهم
يلبِسُ عباءة مصنوعة من شبكة صيدٍ , و يبدو عليها ظلّ الشبكة فهو ليس في الظِلِ ولا في الشمسِ
وكان يركِبُ عِجلا, و رجُلاُه تخُطُّان على الأرض, فهو ليس براكِبٍ ولا بماشٍ على رِجليه
فصاح القاضي : الله أكبر... ها هما شرطاك قد نفّذهما أبو البنات السبع
اليس هذا ما أشترطت يا أبا ساعِدة ؟
فصاح أبو ساعِدة غاضِبا : هذان شرطان فقط, وبقيَ شرط ثالث
فهو قد أخلَّ بالشروط, وخسر الرهان
فناداه أبو البنات السبع , بلهجةٍ مُطمئنة :
هُلّم يا أخي لتتذوق طعاما ليس من البر, وليس من البحر
ولا من السناء فلما سمِعت البنات كلام أبيهن, بادرن إلى أخراج الصياني والأطباق والصُحون
ثم غرفنَ فيها من ذلك الطعام بمعاونة سعدي والجان الصالح
فأقبل القاضي, وتبعهُ الناس, وأكلوا حتى إمتلأوا, وهم يمتدحون أبو البنات السبع
ويثنون على ذكاء بناته
لكنَّ أبو ساعِدة إعترض قائلا :
إن بلح البحر, يوجد في البحر, فهو طعام بحري
فتوقّفَ الناسُ عن الأكل, وساد الحزنُ المكانَ

يتبع






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 02-05-2013, 02:39 AM   رقم المشاركة : 18
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


حكاية شعبية
أبو البنات السبع
الجزء الثالث عشر
فصاحت سُعدى : فليذهب رجال إلى الشاطىء الصخري
وليرافقهم عمي أبو ساعِدة فإن وجدوا البلح في البحر
كان طعام بحري, وإن وجدوه في البر, كان طعام بري
وإن وجدوه بينهما, فهو ليس من البر, و ليس من البحر
فقال القاضي : بل أذهبُ أنا بنفسي و هولاء الناس جميعا
فلمّا وصلوا إلى ساحل البحر, وجدوها جزرا, و بلح البحر
قد يبِس على الصخور, فصاح القاضي :
الله أكبر ... ظهر الحق, وبطُل الباطِل
فأراد أبو ساعدة أن يحتجّ , ولكنه سمع ثناء
الناس ومديحهم لبنات أخيه, فسكت مقهورا
ثم عادوا أدراجهم إلى دار القضاء حيث حكم
القاضي لأبي البنات السبع بالفوز, وربح الرهان
فأعاد العقد للفتاة الخرساء, فلّما قبضته
ألقته في وجه أم ساعدة التي إرتبكت وخافت الفضيحة
أراد أبو ساعِدة أن ينسحِبَ بهدوء, خاصة بعد أن أهانته أم ساعِدة على رؤوس الملاء
فقال له أبو البنات السبع :
مهلا, و إعلم يا أخي, أنني لا أحبُ أن أراك في هذا الهوان والذُل
ولكنكَ لم تترُك لي خيارا, ولتعلم جيدا إن بناتي أذكى وأمهر من بنيك
الذين أهملت تربيتهم و تهذيبَهم
وبناتي تُراهِنُ أبنائك على السفر إلى البلاد البعيدة متاجِرين
وبعد شهرين يعودون جميعا, ويكونُ الشرف والمجد لمن ربِح أكثر وكسِبَ أعظم
فماذا تقول ؟
برِقت عينا أبي ساعِدة سرورا عندما سمع مقالة أخيه
وقال في نفسِهِ :
وبماذا ستتاجِر بناتُه, وليس لديهن مال, ولامتاع ؟
ولا يملِك أبوهن من السُفنِ سوى تلك الغنجة (من أسماء السفن) المتهالِكة
أما أنا فسأرسِل سبع سُفنٍ فائقة السرعة, قوية متينة, محملة بالبضاعة
لكل واحدٍ من أبنائي سفينته وبِضاعتَهُ الخاصة, وجملةُ من الخدم
فلمّا سأله القاضي عن ردِّه. قال :
نعم أوفِقَ على هذا الِرهان, وستنطلِقُ السُفن بعد خمسة أيام
قال أبو البنات السبع : لكن هناك شرطٌ جزائي
قال أبو ساعِدة : وما هو ؟
قال أبو البنات السبع : يشهد الشُهود على أنّ من ربح الِرهان
يكون من حقِهِ أن يفعل ما يشاء بِغرُمائه
كان أبو ساعِدة واِثقا من فوز أبنائه ,لأنّ لديهم مالا وفيرا
وحينئذٍ, يُمكنهم أن يجلدوا بنات عمِهم, أو أن يبيعوهن كجواري
فقال متلهِفا : قبلت كل هذه الشُروطَ, وليشهد الشُهود
فأنفضّت الجلسةُ وقد حار الكثير من الناس في أمر الصياد
عاد أبو ساعِدة وبنوه إلى قصرهم يملأهم الفخر والزهو
والشُعور بالتفوُقِ, وقد ظنوا و أعتقدوا بأنَّ الغلبة ستكون لهم
بينما عاد أبو البنات السبع إلى كُوخِهِ, واضِعا يده على رأسِهِ
وهولا يفهم لماذا أصرّت إبنته سعدى على هذا التحدى الصعب
عندما أتى الليلُ لم يتمكّن أبو البنات السبع من النوم, وغَرِق في الهم
وفي صباح اليوم التالي خرج من غُرفتُه, فوجد
ثلاثة من بناته يجهِّزن عدة و أدوات الصيد, كما يفعلن كل يوم
فأستغرب من ذلك, وسألهن : وماذا عن السفر ؟
فقلن له : إن سُعدى هي من أمرنا بالخروج للصيد
فناداها : سُعدى ... يا سُعدى ..., ولكنها لم تُجِبه
وعندما توجُهَ إلى غِرفتِها, وجدها تصلي, فأنتظرها
وبعد التسيلم, سألها بلهفةٍ وحُيرة :
ماذا عن السفر يا بُنيتي ؟ وبِماذا ستتاجِرن ؟
ولم أركِ جلبتي شيئا مما يتاجر به الناس
وماذ ستفعلن في البِلاد الغريبة, وأنتن بنات ؟
وأنى لي أن أطمئِن عليكن, و هي أول مرة تسافرن, ولوحدِكُنَّ ؟
ثم كيف لي أن أصبِر على بُعدكن و فراقكن ؟
أظنُّكِ يا أبني أخطأتِ هذه المرّة, ثم جلس يبكي وينتحِب
فتقَدّمت منه سُعدى ,وقبّلَت يده, وأخذت تُشجِّعه, وتشرحً
لهُ خُطَتَها, حتى إنشرح صدرُه, وإبتسمَ, ثم خرج, وهو يقول :
أيتها الماكُرة, رُفقا ببني عمِّكِ, فإنّهم ضحايا, لا ذنب لهم
عندما وصل أبو البنات السبع إلى الساحِل شاهد
أخاهُ مُمسِكا بعصا غليظة, يضرِبُ بها الخدم, وهو يحثهم على العمل
والسرعة في شحنُ السُفنِ السبع, فقال في نفسه :
أسألُ الله أن يهديكَ, وأن يمحو من قلبك البغضاء
وقف الناس يتفرِّجون على سُفنِ أبي ساعِدة , وقد شُحِنت بمُختلفِ
أنواع البضاعة, وهم يتعجبون لشأنِ البنات السبعِ وأبيهن
فهم لم يضعوا كيسا واحدا في سفينتهم, وقد إقترب موعد الإنطلاق
ولم يعد لديهم من الوقت هذه الليلة ...
فكانت الناس تشعر بالحُزنِ والرِثاء لهولاء المساكين
وعند منتصف الليل, وحين غفتِ العُيونُ, خرجت سعدى وأخواتها
وباشرنا تحميل سفينتهنّ ببضاعتهنّ, ثم عدنا إلى دارهنّ دون أن ينتبه أحد لهن
وفي ضُحى اليوم الموعود, خرج الناس كافة, ليشهِدوا إنطلاق السُفن
في رِحلة التحدى الكُبرى, فأقبل أبو ساعِدة وهو باسم الثغر مبتهجا
يتوسّط بنيه, يحف بِهم أخوالُهم, وأصدِقاؤهم, وخدَمُهم, والكثير من المنتفعين
بينما كان المُنشِدون, والمُغنون والراقِصون من ورائهم, وقد إرتفعت
أصوات الطبول والمزامير والأبواق, ورددوا الاهازيج وكأنهم في مهرجان
مشى أبو ساعِدة الخيلاء أمام الناس, منتشيا متعجرفا حتى وصل إلى البندر( مرفاء)






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 02-05-2013, 07:42 PM   رقم المشاركة : 19
شمس القوايل
المشرفة العامة
 
الصورة الرمزية شمس القوايل





يعطيج العافيه قلب الزهور ع الطرح والمجهود

ننتظر جديدج دوماا







التوقيع :


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس
قديم 02-05-2013, 09:37 PM   رقم المشاركة : 20
ملكة الرومنس
( مشرفة العام والمكتبه الادبيه )
 
الصورة الرمزية ملكة الرومنس

يعطيك ربي ألف عافيه
طرح رآئع وتواجد مميز ننتظر مزيد من العطاء

ودي وتقديري







رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:47 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية