ونحن أنفسنا بعيدون كل البعد عنها .. لا نعرف عنها سوى اسمها؟!
إنها أمثله حية بسيطة جداً من واقع يعج بالمتناقضات .. واقع يثبت لنا يوماً
بعد يوم وبشكل عملي أننا نتعايش أحياناً مع أوهام نحن من صنعها وأوجدها
ورضي بها أو صدقها أليس ذلك غريباً؟!
ولكن عزاءنا أنه ربما كان فيها نوع من الراحة النفسية التي نبحث عنها ..
ونتوق إليها .. عالم لم يعد هو العالم ومع أناس لم يعودوا هم الناس؟!
إننا ومن منطلق الواقع وبحكم الظروف أحياناً نكذب على أنفسنا حينما ننتزع
من قلوبنا وبكل قسوة أجمل ما لديها من مشاعر نبيلة وأصدق ما بداخلها ..
من أحاسيس صادقة ثم نقول .. إننا نسينا كل شيء ونجحنا أخيراً في نسيان
ما كنا نريده؟!
وما نريد أن ننتزعه من قلوبنا وفي حقيقة الأمر هو وهم كاذب وسراب خادع؟!
ونخدع أنفسنا حينما نقول نعم .. لقد اتخذنا قراراً مصيرياً يخدم علاقاتنا ويريحنا
كان يجب أن نتخذه منذ زمن ولا نعلم أننا بذلك نكون قد رسمنا لنا طريقاً آخر ..
من المعاناة النفسية وجلد الذات التي تراوحنا من حين لآخر رغماً عنا ..
خاصة حينما تكون من أولئك الذين أحبوا بصدق ومن أولئك الذين لا يعرفوا
الزيف والخداع والمراوغة؟!
ونكذب على أنفسنا اذا حاولنا أن ( نقنع ) انفسنا بأن الحياة ..
التي نعيشها بمفردنا هي الحياة الأمثل .. وأننا لسنا بحاجة لطرف آخر يفهمنا
ويقدرنا ويحترمنا ويشعرنا بالأمان العاطفي الذي نحتاجه ونفتقده
وأننا أقوياء ولا نحتاج لوقوف الآخرين معنا ومساندتهم ودعمهم لنا؟!
نقول ذلك لأنفسنا ولا ندرك أحياناً أن احتياجنا للآخرين ليس دليلاً
على نقص فينا؟!
بل هو من قـُبيل المساندة والدعم والتأييد بدليل أننا أحياناً وفي ظروف ..
أو أوقات أو تجارب معينة .. نحتاج إلى قرارات مصيرية محددة تحدد مستقبل
علاقاتنا بالآخرين وترسم لنا بإذن الله الطريقة التي سيكون وضعنا عليها
في هذه الحياة؟!
ونكون فعلاً قد اتخذنا هذا القرار أو ذاك في قرار انفسنا ولكننا لسبب أو آخر
نحتاج لمن يؤيدنا في هذا القرار ولمن يقول لنا بأننا على حق ولمن يطمئننا
الى أننا لم نضرّ بالآخرين أو نسيء اليهم بقراراتنا ..
إن هناك رابطاً قوياً يربط بيننا وبين كل منا وقد يكون رابط الصداقة أو الزمالة
أو العلاقة الكبيرة والمتينة التي تكونت مع مرور الزمن ..
ان الرابط المقصود ليس بالضرورة أن يكون حباً بين زوجين أو حبيبين
كما قد يتضح .. أبدا ؟!
بل قد يكون هذا الرابط هو رابط الانتماء والحب لهذا الوطن المعطاء ..
الذي تنتمي اليه وتضحي من أجله وتدافع عنه بكل ما أوتيت من قوة ..
ووسيلة؟!
كما أن هذا الرابط قد يكون رابطة الدم .. قد يكون لكِ أبناء أخت ( شَمس )
أبناء في عمر الزهور تركتيهم أنتِ بمحض ارادتكِ أو رغماً عنكِ ..
مع انسان آخر أو أشخاص آخرين .. وتخلـَّيتِ عن أمتع واجب منحكِ
الله اياه وهو أن كون هؤلاء الأبناء في حضنكِ الدافيء تظلليهم بحنانك
وتغدقِي عليهم بعطفك وتـُصغي لهمومهم وآلامهم وتستمتعي أيما استمتاع
حينما يرتمي أحد منهم على صدرك فيشعر بحقيقة أبوتك أو أمومتك الحانية
وسعادتكِ الغامرة بدلاً من أن تكوني بعيدة عنهم لا تريهم مطلقاً
إلا ربما في المناسبات أو في فترات متباعدة جداً .. تذهبِ اليهم فتجدي نفسكِ
غريبة عليهم .. تحاولي التقرب منهم فتشعري بمرور وأشواط السنين
قد فعلت فعلتها فأوجدت فجوة كبيرة وكبيرة جداً بينك وبينهم في كل شيء ..
تخيلي في كل شيء وفي كل زيارة لهم تسعدِ لأنكِ تتقربي منهم
ولكنك تشعري أن ما تبنيه في زيارة واحدة يهدمه غياب أيام وأشهر كثيرة
عنهم وهكذا تجدِ نفسك تبدأي من جديد
وتحاولي اللف من بداية الشوط مرة أخرى .. ولربما كان في داخلك حرقة
كبيرة لعجزك وعدم قدرتك حتى للوصول الى قلوب ابنائك
وأقرب الناس اليك ممن سوف يحملون اسمك من بعدك؟!
أليس ذلك قاسياً على القلب؟!
ترى أهو الشعور بالعجز أم الشعور بالذنب؟
لا تدري أيهما فكلاهما شعور بالمرارة والحسرة ألا يكفي ذلك؟!
أليس وهماً ( مثلاً ) أن أتظاهر بعدم الالتفات اليكِ .. وانكِ شخص عادي
وأن صوتك وصورتك لا تعنيني .. بينما أنتِ كل شيء بالنسبة لي
وكل شيء في حياتي؟!
أليس وهماً أن نبتسم للآخرين ونتظاهر بالسعادة معهم بينما نحن ..
في داخلنا نقول ليت تلك الابتسامة كانت لأناس آخرين؟!
وليت تلك السعادة المزيفة كانت سعادة حقيقية مع من نتمنى؟!
اننا مهما استطعنا وبكل براعة أن نضحك على الآخرين في مشاعرنا
ونتظاهر بأنها شيء ما مع الأسف لا نستطيع أن نضحك على أنفسنا
حينما ننظر لأنفسنا .. حينما نجلس مع أنفسنا .. وحينما نصارح أنفسنا؟
هنا لابد أن تزول تلك الأقنعة التي نرتبها رغماً عنا أحياناً ..
هنا لابد أن نرى أنفسنا ونتحسر على واقعنا .. هنا لابد أن ندرك حقيقة
متأخرة جداً وهي أننا بشر هي انني أنا وأنتِ انسان كيان بحاجة لحب
وحنان؟!
انسان بحاجة لأن يعيش وسط مشاعره وأحاسيسه دون أن يضحك على
نفسه بسب ارضاء الآخرين .. ومن هم هؤلاء الآخرون؟!
ما أريد أن أقوله ..
إن الأوهام التي نعيشها ليست كلها سيئة فبعضها جميل أحياناً ..
ونحن بحاجة إليه ولكن حينما تكون تلك الأوهام على نقيض مع مشاعرنا
وعلى خلاف مع ( قناعتنا ) وهذا أساس الموضوع ..
هنا تكون المشكلة وهنا تكون الوقفة التي نحن بحاجة اليها..
نعم قد تكون الأوهام جميلة .. ولكنك ربما قلتِ لنفسك .. نعم قد تكوني أنتِ
وهماً بالنسبة لي ولكنني راض بواقعي معه ( مقتنع ) به ..
لأنه لو كان الوهم بهذا الجمال فكيف هي الحقيقة اذن؟!
كيف هي أنتِ حينئذٍ .. حينما تكوني واقعاً كيف .. لابد أنها سوف تكون ..
حياة رائعة بإذن الله وعيدك مبارك؟!