العودة   منتديات الـــود > +:::::[ أقسام الأسرة والمجتمع ]:::::+ > عالم الأسرة والطفل
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 17-02-2003, 07:35 PM   رقم المشاركة : 1
**دمعة ألم**
ضيف
 






النمو الأخلاقي عند الطفل

تهدف التربية بمعناها العام للوصول بالإنسان إلى حد الكمال في كل مجال من المجالات التي ينطوي عليها، سواء في الذكاء أو القدرات العقلية أو الشخصية.. إلخ، وإذا كان تحقيق هذا الهدف مستحيلاً، لعدم تحديد معيار الكمال ودرجاته، فإن الهدف الأكثر خصوصية والممكن تحقيقه هو مساعدة الإنسان على تنمية شخصيته وعناصرها إلى الحد الذي يسمح به نضجه الجسدي واستعداداته الفيزيولوجية التي نشأ عليها. من ذلك فمن المتوقع لعملية التربية ألا تكون سهلةً، بل لا بد من التسليم بأنها وسيلة معقدة تدخل في استخدامها وإعدادها جهات متعددة تبدأ بالأسرة الصغيرة وتنتهي بالمجتمع.

والعملية التربوية في أساسها عملية أخلاقية لأنها تتعامل مع الإنسان ككل - جسداً وروحاً ونفساً - بحيث تضمن له أفضل استثمار لقدراته وإمكاناته إلى الحد الذي يشعره هو والمحيطين به بالرضى والسعادة؛ لذا ليس من المستغرب أن أطلق (جون ديوي) مقولته: (إن عملية التربية والأخلاق شيء واحد، ما دامت الثانية لا تخرج عن كونها انتقال الخبرة باستمرار من أمر سيء إلى آخر أحسن منه)، وهو ما يجعل النمو الأخلاقي الهدف الأسمى للعملية التربوية والمدرسية كلها.

تؤكد النظريات التربوية والنفسية المعاصرة على النزعة الفردية الذاتية لدى الناشئة أكثر مما تؤكد على النزعة الغيرية، وهي بذلك -تقريباً- تنحّي جانباً مهماً من جوانب الإنسان، والمتمثل في الأخلاق، باعتباره يمثل الأنا الأعلى أو الضمير الذي يحكم كل سلوك يقوم به ويضبطه.

ويبدو أن تنحّي الأخلاق ودورها في تنمية المجتمع الإنساني ككل في هذه النظريات إنما يعكس جوانب ذاتية في شخصية المنظرين أنفسهم، كما تعكس البيئات التي عاشوا فيها، والتي حكمتهم بمعاييرها ومحكّاتها المختلفة التي تؤكد النزعة للتملك وللمكاسب المادية والمصالح أياً كانت الطريقة المتبعة في ذلك، وفي ضوء مقولة (الغاية تبرر الوسيلة).

لذلك فإن التربية الأخلاقية تبدو عملية صعبة شاقة تتطلب منظرين أكفاء ومنفذين قادرين على غرسها في نفوس النشء، متجاوزين عناصر الذاتية ودوافع التملك والسيطرة وتعارض المصالح.

إن مراجعة يسيرة للأسس التربوية السائدة في معظم دولنا العربية والإسلامية تبين ميلنا لتقليد ومحاكاة معايير المجتمعات الأخرى الأقوى صناعة وتقدماً، والأكثر سيطرة على العالم، متناسين غياب المعايير الأخلاقية فيها أو على الأقل ندرة الاعتماد عليها، ومتناسين أن هذه الأسس التربوية تتفق وطبيعة هذه المجتمعات ولكنها لا تتفق كثيراً مع طبيعة مجتمعاتنا وما يحث عليه الدين الإسلامي الحنيف من التوازن بين الذاتية والغيرية انطلاقاً من مبدأ (لا ضرر ولا ضرار).

ولا شك أن هذا يعني بشكل أو بآخر أننا كمنظرين تربويين ونفسيين عرب ومسلمين تناط بنا مهمة وضع أسس تربوية خاصة بنا تعتمد من ناحية على تراثنا الثري في هذا الميدان وتستند من ناحية أخرى على الاستفادة مما هو جارٍ في عالمنا المعاصر، على أن نأخذ منه السمين ونترك الغث الذي لا يتفق ومعاييرنا الإسلامية والعربية، منطلقين من فكرة علم نفس عربي وإسلامي أو علم تربية عربي وإسلامي بالمعنى الذي يرتبط بأسسنا الدينية المسلم بها، وليس بالمعنى المرتبط بالتفرد والتميز بعيداً عن علم النفس الإنساني ككل.

ويمكن القول بأن تحقيقنا لهذه المهمة وتنفيذنا لها إنما يتطلب منا الوقوف على بعض المسائل المتعارف عليها في التربية وعلم النفس والكامنة وراء ظهور سلوك الأفراد، ومنها :-


الأخلاق بين الوراثة والبيئة: إذ يندر لطفل ينشأ في وسط تربوي سيء أن يبقى ذا أخلاق حسنة، كذلك يندر أن يغدو ذا أخلاق ذميمة إذا نشأ في جو تربوي طيب يعبق بمكارم الأخلاق.


اكتساب الأخلاق: من ذلك يبدو أن تعليم الأخلاق يبدأ في مرحلة الطفولة ويرتبط تماماً بأساليب التنشئة الاجتماعية، وما يرافقها من تقنيات وأساليب يتعرض لها الطفل أثناء قيامه بسلوكيات مرغوبة أو غير مرغوبة. إنه بلا شك يكتسب الضمير أو الأنا الأعلى الذي يتحلى به الآباء، ومعاييرهم في الحكم على الصواب والخطأ؛ لذا لا يكون من المستغرب اختلاف المعايير الأخلاقية وشدتها من أسرة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر.

الأخلاق والدين: كم من آية أكدت على أهمية القدوة الحسنة وأهمية ملاحظة قصص الأولين لأخذهم مثلاً يحتذى به، أو مثلاً يعتبر به أولو الألباب، بشكلٍ يمثلون لنا ضابطاً مهما لسلوكنا غير السوي.


من هنا يبدو أن إعادة تنشئة الأطفال أخلاقياً - وتربوياً بشكل عام - لا بد من أن ترتكز على القوانين الإلهية وليس على القوانين الوضعية، دون أن يساء فهم وتفسير وتأويل الآيات والأحكام بحسب أهوائنا ورغباتنا ومصالحنا؛ لأننا لو فعلنا ذلك فسنعود بشكل غير مباشر إلى اعتماد القوانين الوضعية ولكن بثوب إلهي.






 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:46 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية