بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
قال الله تعالى:-
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (الأعراف 54 )
ذكرت تغشية الليل والنهار في القرآن الكريم في آيات كثيرة ولم يذكر يطلبه حثيثاً الا في هذه الآيه ومن الواضح فأن الآيه مرتبطة بالمراحل الأولى من خلق السموات والأرض بينما بقية الآيات تصف الظاهرة بصفة عامه
واللفظة حثيثا تعني مسرعاً حريصا او التسارع الشديد لحركة تتابع الليل والنهار في بدء الخلق والتي لابد وأنها كانت سريعة متعاقبة بمعدلات أعلى من سرعتها الحاليه وإلا ماغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً
وقد ثبت ذلك أخيراً عن طريق دراسة مراحل النمو المتتالية في هياكل الحيوانات وفي جذوع الأشجار المعمرة وقدانضوت دراسة تلك الظاهرة في جذوع الأشجار تحت فرع جديد من العلوم يعرف باسم علم تحديد الأزمنه بواسطة الاشجار وقد قاموا بدراسة الحلقات السنوية في الجذوع والتي تبين لهم مراحل النمو المتتاليه في حياة النبات,
وقد تمكن الدارسون لتلك الحلقات السنوية من متابعة التغيرات المناخية المسجلة في جذوع عدد من الأشجار الحية المعمرة مثل أشجار الصنوبر والتي تعيش إلى اكثرمن ثمانية الاف سنه ثم انتقلوا إلى دراسة الاحافير عبر العصور الارضية ,
وبعد هذه الدراسات المكثفة تبين لهم ان عدد الأيام في السنه يتزايد باستمرار مع تقادم عمر العينة المدروسة ومعنى ذلك ان سرعة دوران الارض حول محورها امام الشمس كانت في القديم اسرع منها اليوم حيث يتزايد عدد أيام السنة مع تقادم عمر الأرض
وهنا تتضح روعة التعبير القرآني ( يطلبه حثيثا) في وصف إغشاء الليل والنهار عند بدء الخلق كما جاء بالايه وعلاقته بالسرعه الفائقة لدوران الارض حول محورها امام الشمس عند بدء الخلق كما اثبتت احدث الدراسات العلمية .
ففي دراسة الظروف المناخية في جذوع النباتات وهياكل الحيوانات القديمة اتضح ان كل ماتقادم الزمن بتلك الحلقات السنوية زاد عدد الايام في السنة وزيادة عدد الايام يعني سرعة دوران الارض واتضح لهم ايضا ان عدد ايام السنة في العصر الكمبري أي منذ حوالي ستمائة مليون سنه مضت كان 425 يوما وفي العصر التراياسي كان 385 يوما وهكذا استمر التناقص في عدد ايام السنة (والذي يعكس التناقص التدريجي في سرعة دوران الارض حول محورها) حتى وصل عدد ايام السنة في زماننا الراهن إلى 365.25 يوما تقريبا
وباستكمال هذه الدراسة اتضح أن الأرض تفقد من سرعة دورانها حول محورها أمام الشمس واحداُ من الألف من الثانية في كل قرن من الزمان بسبب كل من عمليتي المد والجزر وفعل الرياح المعاكسة لاتجاه دوران الأرض حول محورها وأن كلا هذين العاملين يعمل عمل الكابح ( الفرامل ) التي تبطئ من سرعة دوران الأرض حول محورها ,
وأثبتت هذه الدراسات أيضا أن منذ حوالي 4.600 مليون سنة مضت وصل عدد الأيام بالسنة إلى 2200 يوم تقريباُ وهذه الأيام كانت قصيرة المدى جدا فلم يكن طول الليل والنهار مع يصل إلى حوالي الأربع ساعات
فسبحان الله الذي أنزل في محكم كتابه من قبل 1400 سنه قوله الحق: -
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا
وسبحان الله الذي أبقى لنا في هياكل الكائنات الحية والبائدة ما يؤكد تلك الحقيقة الكونية حتى تبقى هذه الإشارة القرآنية الموجزة (يَطْلُبُهُ حَثِيثًا ) مما يشهد بالإعجاز العلمي للقرآن الكريم , وبأنه كلام الله الخالق , وبأن خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم الذي تلقاه عن طريق الوحي كان موصولاً برب السموات والأرض كما وصفه ربه سبحانه وتعالى بقوله الحق :
(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) (5-3 النجم)
وهل يطلبه حثيثاُ لها علاقة بطلوع الشمس من مغربها ؟
يتبع ,,,
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
العرض العادي
