السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
على ناصية الطريق
غيوم سوداء ... ورذاذ مطر ..
وكوب قهوة تحتضنه بأكفّها على الطاولة ..
تتصاعد منه رائحة القهوة الزكية ..
تغازل ذكرياتها ..
ترجعها لعقدين مضيا ..
تتذكر يومها الأول بالمدرسة ..
كيف كانت تخفي دموعها بكثرة العطاس والزكام ..
وكيف مضت بسرعة البرق تلك الأيام ..
وكيف كان عشق ابن الجيران أوهام بأوهام ..
تهدأ قليلا من لهث ذكرياتها ..
فتناجي عصفورا حطّ على عامود الأنارة من أمامها ..
قائلة : يا عصفور لدروب الحب أرشدوني ..
وضعوا أمام بابي رسائل العشق .. ليشغلوني ..
وعندما كبرت على عشقهم .. وأصبحوا مفتوني ..
يمرّون على بابي من غير أن لا يحاكوني ..!
تطأطأ رأسها من ثقل الحزن ..
فتعاتب زهرة شمخت أن تنبت من بين الأرصفة ..
تخبرها بأنهم وضعوا من أخواتها الأزهار بين ثنايا كتابها ..
حتى أشغلها الحنين .. ولكن لا تعرف لمن .. فلم يضعوا اسماً ..
حتى أتى ذلك اليوم .. لتشاهد من يسرق حقيبتها بخفّه ويرجعها ..
فتذهب لتصارحه .. فتتغير من الخجل ملامحه ..وأصبح واقعا لا وهماً ..
ودارت السنون .. ودارت رحى الفراق ..
وأراق السهر من دمع الوجع ما أراق ..
لم تسمع عنه قط ولم تراه لعقدين متتالين ..
والتقت به في زاوية الشارع .. في تلك الناصية مع امرأة وطفلين ..
فخفق قلبها كأنها تشاهده لأول مرة .. فأختبئت في هذه القهوة ..
تشاهدة يمر مع أولادة وزوجته من خلف الزجاج
فكلاهمها مرتي لدبلته ..
تراقبهم ..
حتى أختفوا عن ناظريها ..
لتمسح دمعاََ أرّق مقلتيها ..
تتسائل عن هويتها .. وتتسائل عن هويته !
فهما كانا عاشقين .. ولكن منسيّين ..!!
فقط لديهم الآن أجساد .. وعقد زواج وعدد من الأولاد ..!!
فتضع حساب القهوة على طاولتها ..
مذيلة بكرت تقييم القهوة جملة ( لاتعشق) ..
تـ..
مـ..
تـ..
ممرات العمر ..