العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > المكتبة الأدبية
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-03-2007, 08:27 AM   رقم المشاركة : 1
تعبت اجري
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية تعبت اجري
 





تعبت اجري غير متصل

الرجل الذي أُحب!

الرجل الذي أُحب!


انسدل ستار الظلام، وتكثف الهواء الدافئ في ممر بين جدران هذا البناء، أنوار المصابيح واللافتات المضيئة متناثرة بانعكاساتها البهية بجميع ألوانها على الواقفين هناك، وجموع الناس مجتهدين في التسوق، ورغم البهرجة والأصوات المرتفعة إلا أن أصواتهم لم تكن شيئاً أمام أصوات تلك الألعاب الالكترونية الصادرة من بعيد مصدرةً ضجيج بموسيقاها إبان تشغيلها..





كان يبدو أنهما هنا منذ مدة، وأيضاً سينتظران لمدة أطول.. إذاً هي فرصة لن تجد مثلها الكثير، إن لم تبادر في انتهازها فستضطر إلى الانتظار أكثر..



هي تراقبه ولم تبالي بكل ما حولها. هو يقتل وقته بقول كلمات قليلة ومختصرة على الهاتف، ومن في الطرف الآخر يثرثر بلا توقف.. فشعر بالضجر، مشى خطوات قليلة ثم عاد أدراجه، بينما كانت هي تتحرك بخفة بمحاذاته وقد ألهبتها حرارة أفكارها وهواجسها.





هي كعادتها لا تمتلك تلك الشجاعة في المبادرة، فهاهي تخشى البداية. وهو لم يكن يرى أمامه الآن سوى سواد الليل ورغبته بالمغادرة. بدأ غليان دمها يدفعها للتحرك خطوتان لا أكثر كي تمسك بكفه، كي تلفت انتباهه وكي تخرج له مكنونات مشاعرها بلا أدنى حرج، ولكنها لم تعتد هذا الفعل، وفي الوقت ذاته هو لم يساعدها على ذلك.




مدت ذراعها الضئيلة العارية بحماسة مفاجأة، بالكاد استطاعت أطراف بنانها القصيرة ملامسة أطراف أصابعه الخشنة. حتى باغتها بإبعاد كفه - بلا قصد منه- ليمسح وجهه من قمة جبهته لأخر ذقنه، فدعك لحيته القصيرة قليلاً- تعبيراً عن استياءه من طول الانتظار- شعرت هي بخيبة أمل وتذمرت لبطئ سرعتها في إدراك كفه، قال هو بتململ كلماته الأخيرة:



_لا بأس سأتحدث معك فيما بعد.



وأنهى المكالمة فوراً، ألتفت إليها بنظرات متسائلة وكأنه لم يدرك وجودها منذ البداية، فجمدت هي مكانها وعرضت ابتسامة هادئة ودية. وسأل بطريقة عرضية:



_ منذ متى أنتِ هنا؟!



ولم ينتظر منها الإجابة حين قال وهو يلتفت بعد زفرة ثقيلة:



_ لقد تأخروا.. لنعد للداخل.. سنبحث عنهما.



مشى هو وتبعته.. يائسة مستاءة.. تتذمر مخاطبةً نفسها: "ألا يحق لنا أن نكون صديقين؟. ببساطة أبوح له بأسراري ويخبرني بما في نفسه، يأخذني معه أينما ذهب ويحضر لي الهدايا وأفعل الشيء نفسه.. انتظر عودته ليلاً ولا ينام إلا وقد قبل جبيني.."




اجتازا بوابة واسعة إلى قاعة ضخمة خصصت لبيع المنتوجات بأنواعها وأشكالها، حيث الناس يدخلون وآخرين يخرجون، يتدافعون نساء رجال و أطفال، البعض يتبضع وآخرون يكتفون بالمشاهدة ومزاحمة الناس. وبينما كانت تشغل نفسها بمشاهدة أولئك الذين يقفون في كل ركن وزاوية، وتراقب الباعة والمشترين، اختفى هو من أمامها، فأحست بأنهما يخوضان موجٌ متلاطم في زحام الخلائق، تلك اللحظة شعرت برهبة وتوه..





تلفتت بحركات متوترة سريعة، تبحث عنه كمن يبحث عن إبرة في كومة قش، وأكملت مشيتها مع التيار الذي يدفعها رغماً عنها للأمام، رفعت رأسها لترى الوجوه، المتعبة المتعرقة، التي تضحك و الأخرى المنهكة.. تلك في آخر الممر تبدو والدتها، بالتأكيد هي، اقتربت منها، كانت منهكة في مجادلة البائع في ثمن القلادة، وما أن لازمت جانبها الأيمن فوجئت بأنها ليست هي والدتها، واحتارت بين أن تعود أدراجها للخلف وتنتظر في الخارج – حيث لا يقل الزحام عن هنا- و في أن تكمل طريقها باحثةً في الداخل، تريد أن تجده ثانيةً.. تساءلت "كيف تجاهل اختفائي؟ كيف نسي أني كنت معه ولم يفتقد وجودي لجانبه؟"





تشكلت قطرات العرق المالحة على جبينها، وضاق صدرها وسط طوال القامة، مشت هنا وهناك في النهاية لمحته واقفاً في الجهة الأخرى من القاعة، فانطلقت إليه بشغف، لم تنتبه لمن هم يعترضون طريقها، هو الأهم، عيناها لم تفارقه، تركزت عليه كي لا تضيعه ثانيةً... وكان وصولاً موفقاً، ورأى هو بدوره تلك الفتاة التي توردت وجنتاها وهي ساعيةً إليه بساقيها النحيفتان يتطاير شعرها الأسود المجعد للخلف، ويداعب الهواء ثوبها الأخضر القصير.





تكاد تلك اللحظة تمد يداها.. لا تعرف ما الذي أرادته، أتلف ذراعاها حوله؟، أم تكتفي بإمساك يده؟.. لحظات أثلجت كيانها، وهاج قلبها كما لم يكن، حتى انتهت اللحظة بإمساكه بذراعها بشراسة مؤلمة، فأصدرت صرخة ألم مكتومة.. وتطايرت إلى مسامعها تلك الكلمات الغاضبة:



_ أين كنتِ بحثت عنكِ ملياً.. إنكِ تتعبينني..



شعرت بحرج كبير، أحست أن الأفواج كانت تنظر إليها، بينما لم يكن صوته سوى ذبذبات تاهت بين أصوات المزدحمين، فطلب منها مهدداً:



_ لا تغيبي عن ناظري.. هاهي والدتك هناك.. لنذهب.



وثارت في نفسها التساؤلات ذاتها مثل كل مرة.. لما هو جامد؟!.. لا يبدي أي اهتمام.. لا يريد أن يلين الجانب ناحيتي.. متصلب معي وكأني لا شيء.. أهذا هو حب الآباء؟



لم يكن طولها يتجاوز منتصف جذعه.. لهذا كانت تستثمر كل لحظة برفع رأسها للنظر إلى وجهه فيبعث في نفسها راحةً تزيل الكثير من عبرات همها ومرارته.



وبخروجهم أخيراً هي وهو، ووالدتها وشقيقتها، كانت قد تناست ما تريد، واجتاحها شعور عميق باليأس.. بلحظة قبض كفها بقوة حميمة، ربما خشي ضياعها ثانيةً، تسارعت دقات قلبها، رفعت رأسها تنظر إليه، كان يفعل ذلك لا إرادياً، لا يهم، أليست يده تلامسها في هذه اللحظة! أليس هذا ما أرادته منذ قليل!، بل ومنذ بعيد!.. فاقتربت إليه أكثر، وظللت يده الممسكة بها بكفها الصغير الآخر، وألصقت رأسها بذراعه.. أغمضت عينيها بشاعرية واعتمدت عليه في استرشادها للطريق، قبلت ظهر كفه بكل ما في جوفها من مشاعر حب دفين، ولم تأبه إن كان قد أحس بها أم لا، المهم أنها بادرت..




حيث "انعدام الواقع".. أجلسها على قدمه، لف ذراعه حولها أكثر وضمها بقوة، وبلحظة قبلت وجنته بفرحة كادت توصلها الجنة.. وقال هامساً: ألم أقل لكِ مسبقاً أنكِ صغيرتي الحبيبة؟.





توقفوا جميعاً.. لم تكن بعد قد عادت من عالم أحلامها، من جنان سعادتها، فكان صوته:



_ مهرة.. مهرة.. أتركي يدي ما بكِ؟



فتحت عيناها لتجد أنها ليست سوى في موقف السيارات بجانب سيارة والدها الصغيرة الحمراء، يهم الجميع بالصعود إليها، ووالدها يطلب منها ترك يده كي يتسنى له الولوج لسيارته، ويأمرها أن تفعل الأمر ذاته بعد أن فتح لها الباب الخلفي، فدلفت للداخل بعينين مغرورقتين بالدموع، فالأحلام تنتهي بسرعة بينما يبقى الواقع.




منقوووووووووول







التوقيع :

قديم 28-03-2007, 09:07 AM   رقم المشاركة : 2
مـجـكـ
( ود جديد )
 





مـجـكـ غير متصل

شكرا على الموضوع الجميل
تعبت أجري
تقبل مروري






التوقيع :
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

قديم 28-03-2007, 06:02 PM   رقم المشاركة : 3
تعبت اجري
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية تعبت اجري
 





تعبت اجري غير متصل

شكرا علئ مرورك الجميل







التوقيع :

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:56 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية