كل شيءٍ انتهى بالنسبة إلى القلب..
وحيدٌ أصبح لا يحمل بجعبته سوى بقايا انحيازات لأناسٍ مقربين, وبضع غرفٍ لم تعد أبوابها موصدة.
خرجَت ولم تعد تلك التي كان تحتل الجسد بكامله. ولّى وجهه شطر الرحيل, وطفق يمشط الطُرق حاثًا خُطاها.
أوغلت في الغياب, وتركت في قلبي ثُقبًا تخرج منه بقاياها.
أحتاج إلى عٌزلةٍ وبضعًا وخمسين طريقًا تُؤدي إلى النسيان. ولا شيء غير ذلك, لاشيء!
سأذرع كل طريقٍ بنية " النسيان " إلا الطريق الأخير سأمشطه بنية الوداع السرمدي, وأشكره على حملي.
مامن تبريرٍ أُقنع بهِ قلبي, ولا وعد أستطيع قطعه لروحي, ولا حتّى عودة أكسر بها نمط تفكيري.
بالنسبة لي كل شيءٍ انتهى. ولا أُريد سوى الانعتاق من كل شيءٍ يتصل بها. حتّى صوتها لا أريد لأُذنيّ استرجاعه.
كنستُ كل تلك اللحظات التي اختزنتها الذاكرة, ومزّقت الأوراق التي خُطّت ذات حنين, وأودعتها سلة مهملات.
حتّى الرقم الذي يحتل قائمة الأسماء, والرسائل التي يتباهى بها صندوق الوارد, والمسودات المخفية عن أعين المنبشين
تلاشت بنقرةٍ إراديّة.
لم أعد أثق بالحب ولا باللحظات القصيرة التي يسرقها ويخدعنا بها. لم أذق سوى رفاة السعادة التي تلاشت بعد فترةٍ
قصيرةٍ من ابتلاعها, وأُتخمت بخيباتٍ لاتُحصى.
لاشيء -يدُ الحب تخوض فيه- يستحق الوثوق أبدًا. حتّى الحُلم الذي لايطرق أبواب الواقع, سيصبح ذات يومٍ تراب
يُعمي أبصارنا, وتعج بها صدورنا, وتبحث الروح عن ثقبٍ يدلفُ منه.
أسفي أنني أدركتُ مؤخرًا حماقة الحب ومخاتلته, وضحيته هي قلوبنا التي لا مكان للكره والضغينةِ فيها.
بل مليئة بحبٍ " وجد " نفسه فجأةً على رصيفٍ أهمل قيمته!
عزائي لقلبي الهش, وأنا الذي لا أريد شيئًا سوى هدية من القدرِ يُكرمني بجرعةِ نسيانٍ معها أجدد حياتي,
وأمحُو ذكرياتي التي نخرها الدود حتّى العطب.
أحلم فقط بأمنية:
فقط أمنية عسا الله أن يفتح أبواب سماواته على مصراعيها عند انبلاجها:
يارب: لا تأمر سماؤك بمطرٍ؛ حتّى أشعر بالجفاف يُحاصر أرض رُوحي.
فلا تُبكي سماؤك حتّى تتلاشى بقاياه وتذبل وروده. لا أريد الرجوع إلى الوراء, ولا التجديد لصلاحية
القلب في الحب, ولا رِتق فتقٍ أحدثه غيابه.
فقط أحتاج لجفافٍ مؤقت تجف معه أرض الروح, وتذبل بساتينها, ويهوي هُو في جب النسيان.
وشكرًا لك يالله*
أثق فيك كثيرًا يارب, وأعلم أنك تُؤجل أمانينا ولا تنساها.
مما لامس الإحساس كثيراً
العرض العادي
