لقد إعتدنا ومنذ زمن ليس بالقصِير على أن الغراميات ..
والكلام الدَّافِيء والخواطر كلها مجتمعة لامنفردة على ان تكُون
في الليل فقط في وَسَط الظلام وحينما يسدل النهاره ستاره
حيثُ يحلو لنا الغَزَل فيمَن نُحِب ..
ونعبِّر له عن حبّنَا بأريحِيَّة كامِلَة ..
وقد لا نشعر بمتعة الصباح كماينبغي وهذا اساس موضوعنَا
لأننا لم نتذوقها بعد كما ينبغي ..
وقد نتذوقها فلا نشعر بطعمها اللذيذ الذي سمعنا عنه
لأننا لم نختر الوقت المناسب وقد نختار الوقت المناسب
فلا نشعر بتلك الأجواء الحالمة التي يتحدث عنها الغير
ممن عايشوها !!
لأننا لم نهيىء أنفسنا ومن حولنا للعيش في الصباح ..
والإستمتاع بجماله .. ومراقبة بزوغ شمسه ..
كل هذا لأننا نعيش الصباح يومياً ولكن قلوبنا مشغولة .
بأعمال ومسؤوليات وهموم لا تنتهي ..
لا تسمح لنا بمتعة مرافقة الصباح ..
والعيش معه لحظة بلحظة ..
والسؤال هنا أستاذه ( مَلاك ) .. هل جرّبت مرّة ..
ان تستيقظي في الصباح الباكر .. فقط كي تستمتعي ..
بنسيم الصباح يُداعب وجنتيكِ؟
كي تستنشقي هواءه الطبيعي العليل يدخل الى رئتيكِ؟
كي تشعري بجوه الرائع وعبقه الذي لا يقارن؟
هل حاولتِ وكررتي المحاولة في أن يكون استيقاظكِ
المبكر هدفه هو التأمل في ملكوت الله ..
والتدبر في مخلوقاته وشكر الخالق على ما أبدعه ..
وصنعه وأوجده من جمال ونِعَم؟
هل حاولتِ وأنتِ تبدأي يومكِ الصباحي أن تقتربِ أكثر
من الأشجار القريبة منكِ والمحيطة بكِ ..
وأن تلاحظ يبنفسكِ مدى تفتح أوراقها على الحياة ..
وإندفاعها اليها وحبها لها؟
هل شاهدتِ بعينيكِ قطرات الندى تتساقط بخفة ..
من الأوراق دون ان يشعر بها أحد أو يحس بصوتها؟
هل لامستِ بيديكِ وتحسستِ بأناملكِ وبلمسات حانية
تلك الأوراق الندية ..
لتلمسي كم هي حلوة هذه الحياة؟
وكم هو جميل هذا ( الصباح ) حينما تشعري معه ..
أنكِ برفقة شخص آخر يحسّ بكِ أو يُذكركِ بإنسان آخر
وسط أجواء صباحية حيث جريدة الصباح برفقة كوب قهوة
أو شاي ..
وحديث بريء بعيد عن صخب الحياة المادية ومنغصاتها ..
التي تحاول ان تتسلل اليكِ فلا يمنعها منك بعد الله ..
سوى هذا الصباح الهادىء برفقة من ترتاحي إليهِ ..
وتأنسي بالجلوس معه؟
فياله من صباح لم تدركِ جماله بعد؟
ترى هل استمعتِ الى زقزقة العصافير وهي تنتقل ..
من شجرة لأخرى ومن غصن لآخر ..
معلنة اشراقة يوم جديد؟
وهل ساءلتِ نفسكِ يوماً ..
ماذا تعني أصوات العصافير بالنسبة لكِ؟
هل شاهدتِ تلك الورود والزهور تتفتح أمام ناظريكِ ..
لتعلن ميلاد يوم جديد من الحياة ميلاد أمل جديد ..
ميلاد روح جديدة بدأت تدبُّ في اوصال صاحبها أياً كان
انساناً أم حيواناً أم نباتاً؟
تلك الورود التي ربما ذكرتكِ برحلة برية في جو ربيعي
من الصباح الباكر حيث رحيق الخزامى ورائحة الأرض
الغالية التي تربطكِ بهذا الوطن الغالي!!
تلك الرائحة الغالية والمميزة التي تُشعرك بالإنتماء ..
الصادق للوطن .. وتؤكد التصاقكِ به وتضحياتك له ..
تلك الرائحة الغالية التي تشعركِ بالخوف على وطنكِ ..
من كل ما يدنس عرضه أو يشوه سمعته أو ينال منه ..
فيا له من صباح رائع ..
ذلك الذي تبدأي به يومكِ بنسماتٍ رقيقة ..
نسمات تحمل معها عبير الورد ورسائل المحبة والود
لتُلقيها بين أحضانكِ فتتلقفيها بشغف لتعرفِ منها ..
أخبار من يهمك أمرهم .. أحوال من تريد أن تطمئني عليهم
أخبار العالم بكل ما يحدث فيه ..
قد لا يروق لكِ الإستيقاظ مبكراً كونك تعشق السهر ..
أو أنكِ لم تتعودي أن تعيشِ أجواءه ..
ولكنكِ حينما تعلمي انه لايقل روعة عن جمال الليل ..
وهدوئه ..
حينما تعلمي ان الحياة تأتي اليكِ صباحاً تمد اليكِ يديها
تفتح لكِ قلبها تُشرِّع لكِ أبوابها ..
تقول لكِ هأنذا أمامكِ .. حينئذٍ سوف تحرصي ..
على أن يكون للصباح الباكر نصيبٌ من جدولك اليومي
ذلك الجدول الذي قد يكون جزءا منه ..
السَّير قليلاً بقدمَين حافية .. في حديقة منزلكِ ..
أو الشارع القريب منكِ لتتأملي من خلاله جمال الحياة
من خلال تلك الأشجار والورود المتفتحة ..
من خلال أولئك الناس الذاهبين لأعمالهم ..
ومن خلال الشعور أن هناك من يشارككِ فرحة الصباح
ومن خلال وخلال !!
لا أعلم استاذه ( مَلاك ) في أي وقت سوف تقرأي فيه
ردِّي هذا ؟
ولكن ان كنتِ تقرئيه مساءً فأتمنى أن تُعيدِ قراءته صباحاً
وليس أي صباح .. لأن الشعور حينئذٍ سوف يختلف ..
وان كان لي من أمنية .. وأنتِ تقرأي هذا الرَّد صباحاً ..
في أن تتأملي من حولكِ من الأشجار والورود ..
وأن تراقبي عن كثب تلك الأشياء الجميلة من خلف الشُّرفَة
تلك الأشياء التي لا تكون جميلة سوى في الصباح ..
وأن تعيشي تلك الأجواء الرائعة ..
برفقة من تريدي .. وقتماتردِي؟
/
/
/
إنتـَـر
حينما تُعلن الحياة ..
عن بزوغ ( فجرٍ ) جديد ..
حينما أنفضُ ..
غبار النوم عن حُجر عيني ..
حينما أجدكِ أمام ناظري ..
أجدني أخاطبكِ ..
( صباح ) الخير ..
( صباح ) الود ..
قد لا تكوني قريبة مني ..
حينما اخاطبكِ؟
ولكن إحساسي ..
في أن التهنئة متبادلة!!
احساسي أنك تسمعيها ..
وأنت بعيدة عني ..
يجعل لهذا (الصباح) ..
طعماً مميزاً ..
يجعل لهذا (الفجر ) ..
اشراقة مختلفة ..
يجعلني أتمنى ..
ان تكون كل أيامي ( صباحات ) مُشرقة ..
فقط لأنها تذكرني بك ..
فقط لأنكِ جزءٌ منها ..
فقط لأنها غير عن كل ( الصَّباحات )؟
.
العرض العادي
