العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-04-2007, 06:39 PM   رقم المشاركة : 1
حسني البشبيشي
( ضيف الــود )
 





حسني البشبيشي غير متصل

إحذر النفاق الأكبر ( الإعراض عن الآخرة )

الإعراض القلبي عن الآخرة مع التصديق
( نسيان الآخرة أو عدم الشعور بالآخرة )





الفصل الأول
الشعور بالسفر إلى الآخرة


1ـ آيات تبين الغفلة عن الآخرة ونسيان الآخرة 6ـ الشعور بأن الدنيا دار إختبار
2ـ الفرق بين الاقتناع بالآخرة والشعور بالآخرة 7ـ الشعور بضآلة الدنيا
3ـ الشعور أنك علي سفر 8 ـ توجه المشاعر للآخرة
4ـ الشعور بمدي الخطر في الآخرة ومعني الخلود 9ـ المشاعر الناشئة عن الشعور بالآخرة
5ـ الشعور بأن الدنيا دار مؤقتة 10ـ أثر الشعور بالآخرة
ونوضح ذلك كالتالى :
1ـ آيات تبين الغفلة عن الآخرة ونسيان الآخرة : (( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ))( ) ، (( اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ))( ) ، (( وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ))( ) ، (( الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ ))( ) ، (( إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ))( ) ، (( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ))( ) ، (( وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ))( ) ، فالنسيان هنا بمعنى التناسي أي يعامل الشئ معاملة الناسي له ، فعدم إيمانهم بالآخرة ليست مسألة إقتناع أو عدم إقتناع ، لكن لأنهم أعرضوا وتناسوا هذا الأمر كأن لم يكن ، وكأن أحدا لم يذكره لهم ، وكأنهم لم يسمعوا عن شئ إسمه الآخرة ففي تفسير ابن كثير (( فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا أي يقال لأهل النار على سبيل التقريع والتوبيخ ذوقوا هذا العذاب بسبب تكذيبكم به واستبعادكم وقوعه وتناسيكم له إذ عاملتموه معاملة من هو ناس له إنا نسيناكم أي سنعاملكم معاملة الناسي لأنه تعالى لا ينسى شيئا ولا يضل عنه شيء بل من باب المقابلة كما قال تعالى فاليوم ننساكم كما نسيتم لقاء ))( )، وبالتالي فقد كانوا في غفلة عن خطورة هذا اليوم وأهميته ففي تفسير الواحدي : (( لهم قلوب لا يفقهون بها لا يعقلون بها الخير والهدى ولهم أعين لا يبصرون بها سبل الهدى ولهم آذان لا يسمعون بها مواعظ القرآن أولئك كالأنعام يأكلون ويشربون ولا يلتفتون إلى الآخرة بل هم أضل لأن الأنعام مطيعة لله والكافر غير مطيع أولئك هم الغافلون عما في الآخرة من العذاب ))( ) وفي تفسير القرطبي : (( هم الغافلون أي تركوا التدبر وأعرضوا عن الجنة والنار ))( ) .
1ـ الفرق بين الاقتناع بالآخرة والشعور بالآخرة : عندما يفكر الإنسان في حقيقة الآخرة ويديم النظر فيها من خلال التفكر والتدبر فإنه يتصور مدي خطورة الأمر لما فيها من الأهوال ولأنها المصير المرعب المخيف الذي هو مقبل عليه ، وبالتالى يري أن الأمر يستحق الإنتباه إلى ما فيها من خطر وأهمية ، وبالتالى يحدث شعور بخطورة الأمر وأهميته ، فيشعر بالإنبهار والدهشة من خطورة الأمر ومدي أهميته وبالتالى يخاف من الآخرة ، ويشعر بالغربة في الدنيا ويحب الجنة ويشتاق لها ويخاف من النار ويفزع منها ....الخ ، أما مجرد الإقتناع بالآخرة فقط فلا ينشأ عنه تلك المشاعر ، إذن فالآخرة في الإقتناع خطيرة ومصيرية لكنها في المشاعر ودودة أليفة لا مشكلة فيها وليس لها تأثير حقيقي علي المشاعر .
2ـ الشعور أنك علي سفر : لو قيل أن بعض الناس يستعدون للسفر إلى كوكب آخر عبر الفضاء لكان ذلك العجب والدهشة ، فهل تتصور أننا مسافرون لما هو أعجب من ذلك وأبعد من ذلك إلى الدار الآخرة ؟! ، فهل أنت في إنتظار حياة غير الحياة التي تعيشها الآن وطعاما غير الطعام الذي تأكله ؟! ، وسكنا غير السكن الذي تسكن فيه ؟! ، وهل تشعر أن البيت الذي تسكن فيه ليس هو بيتك ، إنما بيتك هناك ، وأن هناك مَنْ ينتظرك الآن من الحور العين ( إن شاء الله تعالى ) ؟! ، هل في شعورك أن الطعام الذي تاكله هو طعام مؤقت ، وأن السكن الذي تسكن فيه هو سكن مؤقت ، أم أنك تشعر أنه سكن دائم ؟! ، إن الذي يري أن طعامه إنما هو في الآخرة فإنه لا يهتم كثيرا بطعام الدنيا فهو كيفما اتفق وكذلك سكن الدنيا ومتطلباتها ، وقد كان الإمام أحمد بن حنبل يقول : (( إنما هو طعام دون طعام ولباس دون لباس وإنها أيام قلائل ))( ) ، فهل تشعر بالترقب والآنتظار ليوم العودة إلى وطنك وأهلك ؟! ، وهل تشعر أنك تعيش الآن في بلد الغربة ( الدنيا ) ؟! ، وهل عندك شعور بأنك مفارق الناس وكل ما تملك ، وهل تشعر بالترقب والآنتظار لمجيئ اليوم الذي تصل فيه إلى بيتك بعد سفر طويل ؟! ، إن الذي يشعر فعلا بعالم الغيب فإنه يشعر بالموت علي أنه مجرد مرحلة ينتقل به إلى حياة أخري فلا يكره الموت ولا يكن مرعوبا منه ، وعندما يأتيه الموت فإنما يأتيه مَنْ كان ينتظره علي موعد وأنه ليس النهاية وإنما هو البداية للحياة الحقيقية ، أما الذي لا يشعر بعالم الغيب فإنه يعيش كأنه لن يموت ، فالموت عنده مجرد إقتناع ، وعندما يأتيه الموت يشعر أنه هو النهاية ، ولا يريد أن يموت ، ويكره مَنْ يقبض روحه ، فهل لديك شعور بأن هذا السفر هو سفر نهائي وأنه سفر بلا عوده ؟! ، وقد سبقك إليه الكثيرون والدور في أنتظارك ، والرحيل مفاجئ وفوري وبلا رجعة فالقضية حاسمة وخطيرة ولا تحتمل التراخي ولكننا في غفلة ، وغدا تنتهي الحياة فماذا أنت صانع ؟ ، إنها ليس موعظة ورقائق ولكنها حقائق ومشاعر حقيقية في النفس ، يتضح الآن أن عالم الغيب في نظرك ليس إلا إقتناع وليس له وجود في مشاعرك ، فمشاعرك تقول أننا لسنا في دار غربة ولسنا علي سفر ، ومشاعرك تقول : (( إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ ))( ) رغم أن الإقتناع تام بالآخرة ، إنك مهما حاولت التغافل والهروب عن الحقيقة والمصير القادم ، فإنها أيام قصيرة وغدا اللقاء رضيت أم لم ترضي شعرت بذلك أم لم تشعر وقد سبقك الكثير إلى هناك ، ولكن أين مَنْ عنده مشاعر يحس بها (( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ))( ) ، فإنك تظن أنك تفر من الموت بأن تتغافل عن أن تشعر به وإن كنت مقتنعا به تماما وأنه ملاقيك ، فعش ما شئت فانك ميت وأحبب مَنْ شئت فانك مفارق ، ففي الحديث : (( أتاني جبريل فقال يا محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب مَنْ شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس ))( ) .
3ـ الشعور بمدي الخطر في الآخرة ومعني الخلود : إن كلمة الآخرة تعني المصير المرعب والمخيف الذي أنت مقبل عليه ، وتعني الأهوال العظيمة ، فلماذا لا تشعر بالخوف والقلق من أهوال القيامة ؟ فمن أسماء الآخرة ( يوم الحسرة ) و( يوم الزلزلة ) و( يوم تشخص فيه الابصار ) ، إن الآخرة هي أخطر شئ في حياة الإنسان ، وأهوال القيامة من أشد ما يمكن ومن أخطر ما يمكن ، وما نشعر به من الخطر لا يساوي واحد علي مليون أبدا ، فالأمر يقابله البعض ببرود في حين أن أي أمر من أمور الدنيا تجد المشاعر تتفاعل والخوف شديد ، وانظر إلى شدة خوف الرسول (ص) والصحابة والتابعين والصالحين من الآخرة ، ولو جاء إلينا إنسان من الآخرة فرأي حالنا لأصابته سكتة قلبية من حال البعض وبرود أعصابهم تجاه هذا الخطر المحدق ، أنظر كيف يعبر القرآن عن هذا الخطر (( يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ))( ) ، فهل رأيت إنسان أصابه السكر من شدة العذاب ، إن الذي يقول أن ما يحدث في الآخرة هو خيال لا يصدق هو أفضل حالا من الغافل عن الآخرة ، وإن الذي يشعر بالآخرة علي أنها فيلم مرعب يثير الفزع والرعب فهو رغم خطأه الفادح أفضل حالا ممَنْ تكون الآخرة في شعوره عادي ، فلابد أن تشعر بمدي ما أنت مقبل عليه ، وكيف لا يهتم انسان بأن يشعر بما هو مقبل عليه ، إن الآخرة التي في مشاعر البعض تختلف عن الآخرة الحقيقية ، فإن الآخرة التي في مشاعر بعض الناس اليوم هي آخرة أليفة ودودة لا مشكلة فيها ولا خطر فيها ، وإن شعورهم بالآخرة مثل شعورهم بأي شئ عادي ، إنك لو قارنت بين خطر الآخرة وبين أي أخطار أو مخاوف في الدنيا فسوف تجد أن الآخرة لا تمثل في مشاعرك خطر حقيقي أو أهمية حقيقية مثل أي خطر تواجهه أو تتعرض له في الدنيا ، فتجد المشاعر متفاعلة به والبال مشغول ، وذلك رغم الفارق العظيم بين كل اخطار ومخاوف الدنيا وبين خطر الآخرة ، إن الذي لا يتأثر بشئ مؤثر جدا فإنه لا يعي ولا يشعر بحقيقة ما في هذا الشئ من خطورة ، إن الآخرة أمر مؤثر جدا وخطير جدا ولكن لا يوجد تأثر بها .
4ـ الشعور بأن الدنيا دار مؤقتة : من الناس مَنْ يأكل ويشرب ويتمتع بقدر ما يستطيع لأنه إذا فاته الطعام والشراب والمتع فلن يجد طعاما غيره ولا متعا غيرها ، وفي الحديث : (( الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ ))( ) ، لأنه لا يشعر أن الطعام والمتع والحياة الحقيقية في الجنة ، ولا يشعر أن هذه الحياة التي نعيشها كاذبة : (( وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخرة لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ))( ) الحيوان أي الحياة الحقيقية وفي الآية : (( يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ))( ) أي لحياته في الآخرة ، فإن الآخرة هي الحياة الحقيقية ، أما الذي يشعر أن الآخرة هي الحياة الحقيقية فإنه لا يكون حريصا علي ألا يفوته طعام الدنيا أو متعها لأنها مؤقتة ، وإن فاتته فهناك في إنتظاره طعام آخر ومتع أخري ، فالذي يشعر أن الدنيا مؤقتة يكون طعامه وأمور دنياه كيفما اتفق ، فمن الناس مَنْ كل همه أن يكون حريصا علي ألا يموت ، وكل همه صحته ومتعته ودنياه (( وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ))( ) وكلمة (حياة) نكرة تدل علي أنهم يبحثون عن أي حياه ، وأنظر إلى قوله تعالى (( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِي كَبَدٍ ))( ) أي أن الله يبين أن الدنيا دار تعب ونصب ولكنك تريد أن تجعلها دار سعادة وتبحث فيها عن السعادة ! ، فمهما حاولت أن تجمل في الدنيا وتدعي أن فيها سعادة فهي دار تعب ولن تستطيع أن تجعلها دار سعادة ، واسأل مَنْ جمعوا الأموال لم تحقق لهم السعادة ، ومهما حاولت أن تجعل الدنيا دار إقامة فلن تستطيع ، وإنك تجد من يبحث عن الإستقرار فليس هنا دار إستقرار فإنها دار مؤقتة ، وكذلك مَنْ تجد همه في أن يبحث عن الراحة وفي أن يتخلص من تعب ومشاكل وأعباء الدنيا وتكاليفها المعيشية ولن يجد الراحة لأن الله قال : (( لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان فِي كَبَدٍ )) فإنك لن تسعد مهما أكلت أو شربت ، فالله حكم أنها دار شقاء وتعب وليست دار سعادة ، أما دار السعادة فهي في الآخرة ، إن الذي يشعر بأن الدنيا دار مؤقتة والآخرة دار إقامة وأنه يعيش في غربة يرضي بما عنده من طعام وشراب ومسكن .... الخ ويقنع به ولا يكون عنده طول أمل وطموحات في جلب المزيد من الطعام والشراب والسكن والمتع والشهوات لأنه في غربة فالذي يعيش مغتربا في بلد ما فإنه لا يبالى بالطعام والشراب ..الخ ، فيكون طعامه وشرابه كيفما اتفق لأن طعامه وشرابه ومتعه عندما يعود إلى وطنه ومسكنه في دار الآخرة ، وفي الحديث : (( لا يزال قلب الكبير شابا في إثنين في حب الدنيا وطول الأمل ))( ) ، وفي حديث آخر: (( يهرم ابن آدم ويبقي معه إثنتان الحرص والأمل ))( ) ، وفي حديث ثالث : (( يهرم ابن آدم ويشيب فيه إثنتان الحرص علي المال والحرص علي العمر ))( ) .
ـ فالدنيا دار تعب ، ومتعها قليلة وبها كدر ، وهذا من رحمة الله ، فلو جعل الله الدنيا مليئة بالمتع ورفع عنها التعب لفسد الناس جميعا وكفروا : (( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ))( ) ، (( وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ، وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ ، وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ))( ) ، ومعنى ( أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ) أي في الكفر ، أي يكفر جميع الناس عندما يجدوا أن مَنْ يكفر يكون له هذا النعيم في الدنيا ( وهم لا يشعرون أن نعيم الدنيا زائل ولا قيمة له ) .
ـ إن الذي لا يشعر بالآخرة فإنه يعيش دنياه ، وتأخذه أمور الحياه وما بها ويطمئن بها ، ويغفل عن الآخرة : (( إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ ، أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ))( ) ، (( بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً ))( ) ، (( إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَاباً ))( ) .
5ـ الشعور بأن الدنيا دار اختبار : إن الدنيا مزرعة للآخرة ، فإن السبب من وجود هذه الحياة في الدنيا هو إبتلاء وإختبار ، ونحن نعيش هذه الحياة من أجل هذا الإختبار ، فالدنيا كلها بمثابة إمتحان ، فلم تخلق الدنيا لتكون مناسبة لنعيش ونقيم فيها ونبحث فيها عن السعادة وإنما دار إختبار، فيكون هم المؤمن وشعوره طيلة حياته مثل شعور الطالب في وقت الإمتحان بل أعظم بكثير ، والإختبار هو أن الله وضع لك شهوات ذات بريق خادع فتنة زائفة ، والمطلوب عدم الخضوع والإستسلام لهذه الشهوات من شهوات المال والنساء والمظاهر والطعام والشراب .. الخ ، أي تكون المشاعر متجهة إلى أركان الإيمان ، وليس إلى الدنيا ، وذلك بالإضافة إلى الأوامر والنواهي والتي هي دليل وشاهد على أن المشاعر متوجههة إلى الله وليس إلى الشهوات : (( فَأَمَّا مَنْ طَغَى ، وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، فإن الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ، وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ، فإن الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ))( ) .
6ـ الشعور بضآلة الدنيا : عندما يقارن الإنسان بين ما يشعر به من خطر في الآخرة وأن فيها الخلود وما يشعر به من ضآلة الدنيا وفناءها سوف يشعر بأن الحياة التي نعيشها الآن هي حياة كاذبة ومجرد لعب ولهو : (( وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخرة لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ))( ) ، (( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ، ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ ، مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ))( ) ، فمتاع الدنيا لا يساوي جناح بعوضة ولكننا مخدوعين نشعر وكأن متاع الدنيا كبير ففي الحديث : (( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء ))( ) ، إن الذي يقول بأن الدنيا ضئيلة فانية والآخرة هي الحياة والمتع الحقيقية ثم تجد مشاعره منقطعة عن الآخرة ومتجهة إلى الدنيا فهو كذاب ، ولو كان صادقا فيما يقول لتعلقت مشاعره بالآخرة ، إذن في الإقتناع هو صادق ، لكن في المشاعر هو كذاب ، لأن الدنيا في مشاعره هي الحياة والمستقبل والمصير ، ومن هنا نستطيع أن نفهم معنى الصدق الحقيقي ( صدق المشاعر ) .
7ـ توجه المشاعر للآخرة : إن أساس تفاعل ووجود المشاعر هو النفع والضرر ، فالشئ الذي لا نفع فيه ولا ضرر لا تتفاعل معه المشاعر فإذا كان يشعر المرء أن النفع والضرر في الدنيا ولا نفع أو ضرر في الآخرة ، فسوف تتجه مشاعره تجاه الدنيا والعكس صحيح . وبقدر ومقدار النفع والضرر يكون مقدار توجه المشاعر ، إن الذي ترتبط مشاعره بالآخرة فيتذوق حلاوة الجنة ويشعر بخطورة النار ، ويشعر بمعني الغربة في الدنيا ، فإنه تلقائيا تكون مشاعره تجاه الدنيا ضئيلة جدا لما يشعر من ضآلتها وفناءها ، ولأنه لا وجه للمقارنة فالدنيا إلى الآخرة تساوي صفرا ، ولأنه يشعر بأن مستقبله الحقيقي ومصيره ووطنه وسكنه هناك في الآخرة ، أما إذا إنقطعت المشاعر عن اليوم الآخر توجهت إلى الدنيا لأنه لا وجود في المشاعر عندئذ غير الدنيا ، وفي الحديث : (( أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك ))( ) .
ـ فمن الناس مَنْ يشعرون أن حياتهم هي الحياة الواقعية التي يعيشونها ، أما الحياة الحقيقية الأخروية فليست في مشاعرهم ولا في حساباتهم ، وإن كانوا مقتنعين بها ، فتكون الدنيا هي حياته وهي منتهي أمله ، فالدنيا هي مراده وهي أمنيته وحلم حياته ومحور حياته وأمله وهدفه وغأيته وفيها سعادته ينشدها ويصبو إليها ويتمناها فهؤلاء رضوا أن يبيعوا القضية ويعيشوا للدنيا ، وهم يتعاملون مع قضية الآخرة وما فيها من أهوال كأنها قضية ليست لهم ولا تخصهم ولا تهمهم ولا تمثل عندهم أي قيمة مؤثرة ، كأنها ليس مصيرهم ومستقبلهم ، فليست هي محور حياتهم ولا في بؤرة شعورهم أصلا ، وإن كانت راسخة في إقتناعهم .
8 ـ المشاعر الناشئة عن الشعور بالآخرة : إن الذي يشعر بمدي الخطورة والخلود في الآخرة ومدي ضآلة الدنيا فينشأ عن ذلك شعور بالغربة والحنين وشعور بالخوف والقلق والإضطراب و شعور بالترقب والإنتظار والصبر والشعور بالرجاء ، (( يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ))( ) ، (( كَلَّا بَلْ لا يَخَافُونَ الآخرة ))( ) ، (( إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً ))( ) ، (( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ ))( )
9ـ أثر الشعور بالآخرة : إن الإنسان إذا شعر بالآخرة فتأثر بها فإن حياته كلها سوف تتغير بزاوية مائة وثمانين درجة ، لأنه سوف يشعر بأن الحياة التي نعيشها الآن بكل ما فيها من الأعمال الضخمة هي حياة كاذبة ومجرد لعب ولهو مثل لهو ولعب الأطفال : (( وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخرة لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ))( ) ، أما إذا ظل غافلا تلهيه الدنيا فغدا سوف يشعر بالآخرة حين لا ينفع الندم : (( يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ))( ) .

الفصل الثاني
شرح الشعور بالغربة


ـ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنْكَبِى فَقَالَ (( كُنْ فِى الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ وَعُدَّ نَفْسَكَ فِى أَهْلِ الْقُبُورِ ، فَقَالَ لِى ابْنُ عُمَرَ إِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالْمَسَاءِ وَإِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تُحَدِّثْ نَفْسَكَ بِالصَّبَاحِ وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ قَبْلَ سَقَمِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِى يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ غَدًا ))( ) ، فهل تعيش حياتك كشخص غريب أو كرجل عابر سبيل أو مسافر ؟! .

ـ الحالة النفسية للشعور بالغربة : أنظر إلى الحالة النفسية والحالة المزاجية والعاطفية لشخص مغترب يريد العودة إلى أهله وزوجته وأولاده ووطنه ، أنظر إلى شعوره بالحنين والشوق للعودة ومدي إنشغال باله وتفكيره في يوم العودة ، إن هذه الحالة النفسية هي التي تسمي شعور بالغربة ، فإذا لم يكن عندك هذه الحالة النفسية فإن الآخرة والذهاب إليها لا وجود لها في مشاعرك ، إن الشخص الذي في غربة ليست قضيته أن يبحث عن الراحة والطعام والشراب ، فإنه ينتظر الراحة والطعام والشراب عند العودة إلى وطنه ، أما طعامه وشرابه ومكان نومه وعيشه في بلد الغربة فهو كيفما اتفق يرضي بأي شئ يؤدي الغرض ، فهل في شعورك أن الطعام الذي تأكله هو طعام مؤقت وأن السكن الذي تسكن فيه هو سكن مؤقت أم أنك تشعر أنه سكن دائم ؟ ، وهل تشعر بأنك مسافر بلا رجعة ( سفر بلا عودة ) أي بعدم الرجوع إلى الدنيا ؟ ، هل لديك شعور بأن هذا السفر هو سفر نهائي وأنه سفر بلا عوده ، وقد سبقك إليه الكثيرون والدور في إنتظارك ، والرحيل مفاجئ وفوري وبلا رجعة ؟ ، وهل تشعر بالترقب والآنتظار ليوم العودة إلى وطنك وأهلك ؟ ، وهل تشعر أنك تعيش الآن في بلد الغربة ( الدنيا ) ؟ ، إذن فالقضية حاسمة وخطيرة ولا تحتمل التراخي ، ولكننا في غفلة ، وليس للإنسان أن يجرب أو يتغافل فنحن ضيوف على وجه الكوكبة الأرضية ، يتضح الآن أن عالم الغيب في نظرك ليس إلا إقتناع وليس له وجود في مشاعرك ، إن الذي لا يشعر بأنه مقبل على عالم آخر فإنه يعيش كأنه لن يموت ، فالموت عنده مجرد إقتناع ، وعندما يأتيه الموت يشعر أنه هو النهاية ، ولا يريد أن يموت ، ويكره مَنْ يقبض روحه ، إنها ليست موعظة ورقائق ولكنها حقائق ومشاعر حقيقية في النفس ، لذلك أنظر هل عندك فعلا شعور بالغربة و الحنين ؟ ، أم أنك تدعي ذلك ؟ ، والشعور بالغربة أمر خطير لأن عدم وجود الشعور بالغربة يعني أن الذهاب إلى الآخرة لا وجود له في مشاعرك .
ـ أنظر إلى الحالة النفسية لشخص سجين ، إنه يشعر بالحنين إلى أهله ووطنه ، ويشعر بالضيق مما هو فيه ، فهذا حال المؤمن ففي الحديث : (( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ))( ) .
ـ شرط الإستمرارية للشعور بالغربة : إن الذي يكون مسافرا في بلد ما يظل عنده الشعور بالغربة والشوق إلى العودة لاهله ويظل يفكر في يوم العودة إلى أهله ، إن الذي يأتيه الموت وليس عنده شعور بالغربة وبأن الموت مجرد مرحلة وأنه مقبل علي حياة الإستقرار والمستقبل والخلود فإنه عندئذ سوف يكره الموت ويكره مَنْ يقبض روحه ، لأن في شعوره أن ذلك هو النهاية .







قديم 13-04-2007, 06:42 PM   رقم المشاركة : 2
حسني البشبيشي
( ضيف الــود )
 





حسني البشبيشي غير متصل

شكرا جزيلا







قديم 26-07-2007, 05:52 PM   رقم المشاركة : 3
yo!
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية yo!
 






yo! غير متصل

مشكووووووووووور اخوي ع الموضوع

جزاكـ الله الف خيررررررررر







التوقيع :
Weth My love
Yo!

قديم 26-08-2007, 12:22 AM   رقم المشاركة : 4
نديم القصيد
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية نديم القصيد

مشكووووووووووور اخوي ع الموضوع

جزاكـ الله الف خيررررررررر







قديم 08-01-2008, 02:17 PM   رقم المشاركة : 5
ROPY
( وِد ماسي )
 






ROPY غير متصل

يــــــــــــعطيكــــــــــــ العـــــــــــــافيه ع هالطـــــــــــرح،،،،،



/
\



/
\


روووبـــــــــــي







التوقيع :
جميعهمـ مقلدين ....] !

قديم 14-04-2008, 09:33 AM   رقم المشاركة : 6
الــمــهــاجــر
( ود متميز )
 
الصورة الرمزية الــمــهــاجــر
 






الــمــهــاجــر غير متصل

Icon14

يعطيك
العافية
تحياتي
المهاجر







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:17 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية