العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > منتدى القصص والروايات
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-11-2009, 09:37 AM   رقم المشاركة : 11
●MŭhâMmāĐ●
( مشرف عالم الجوال والرياضة )
 
الصورة الرمزية ●MŭhâMmāĐ●

جزاك الله خيرأ جذابه
وجعلها الله في موازين حسناتك
:)






قديم 25-11-2009, 09:41 AM   رقم المشاركة : 12
●MŭhâMmāĐ●
( مشرف عالم الجوال والرياضة )
 
الصورة الرمزية ●MŭhâMmāĐ●

موقع القصة في القرآن الكريم:
ورد ذكر القصة في سورة الكهف الآيات 9-26.
القصة:
في زمان ومكان غير معروفين لنا الآن، كانت توجد قرية مشركة. ضل ملكها وأهلها عن الطريق المستقيم، وعبدوا مع الله مالا يضرهم ولا ينفعهم. عبدوهم من غير أي دليل على ألوهيتهم. ومع ذلك كانوا يدافعون عن هذه الآلهة المزعومة، ولا يرضون أن يمسها أحد بسوء. ويؤذون كل من يكفر بها، ولا يعبدها.
في هذه المجتمع الفاسد، ظهرت مجموعة من الشباب العقلاء. ثلة قليلة حكّمت عقلها، ورفضت السجود لغير خالقها، الله الذي بيده كل شيء. فتية، آمنوا بالله، فثبتهم وزاد في هداهم. وألهمهم طريق الرشاد.
لم يكن هؤلاء الفتية أنبياء ولا رسلا، ولم يتوجب عليهم تحمل ما يتحمله الرسل في دعوة أقواهم. إنما كانوا أصحاب إيمان راسخ، فأنكروا على قومهم شركهم بالله، وطلبوا منهم إقامة الحجة على وجود آلهة غير الله. ثم قرروا النجاة بدينهم وبأنفسهم بالهجرة من القرية لمكان آمن يعبدون الله فيه. فالقرية فاسدة، وأهلها ضالون.
عزم الفتية على الخروج من القرية، والتوجه لكهف مهجور ليكون ملاذا لهم. خرجوا ومعهم كلبهم من المدينة الواسة، للكهف الضيق. تركوا وراءهم منازلهم المريحة، ليسكنوا كهفا موحشا. زهدوا في الأسرّية الوثيرة، والحجر الفسيحة، واختاروا كهفا ضيقا مظلما.
إن هذا ليس بغريب على من ملأ الإيمان قلبه. فالمؤمن يرى الصحراء روضة إن أحس أن الله معه. ويرى الكهف قصرا، إن اختار الله له الكهف. وهؤلاء ما خرجوا من قريتهم لطلب دنيا أو مال، وإنما خرجوا طمعا في رضى الله. وأي مكان يمكنهم فيه عبادة الله ونيل رضاه سيكون خيرا من قريتهم التي خرجوا منها.
استلقى الفتية في الكهف، وجلس كلبهم على باب الكهف يحرسه. وهنا حدثت معجزة إلاهية. لقد نام الفتية ثلاثمئة وتسع سنوات. وخلال هذه المدة، كانت الشمس تشرق عن يمين كهفهم وتغرب عن شماله، فلا تصيبهم أشعتها في أول ولا آخر النهار. وكانوا يتقلبون أثناء نومهم، حتى لا تهترئ أجاسدهم. فكان الناظر إليهم يحس بالرعب. يحس بالرعب لأنهم نائمون ولكنهم كالمستيقظين من كثرة تقلّبهم.
بعد هذه المئين الثلاث، بعثهم الله مرة أخرى. استيقضوا من سباتهم الطويل، لكنهم لم يدركوا كم مضى عليهم من الوقت في نومهم. وكانت آثار النوم الطويل بادية عليهم. فتساءلوا: كم لبثنا؟! فأجاب بعضهم: لبثنا يوما أو بعض يوم. لكنهم تجاوزوا بسرعة مرحلة الدهشة، فمدة النوم غير مهمة. المهم أنهم استيقظوا وعليهم أن يتدبروا أمورهم.
فأخرجوا النقود التي كانت معهم، ثم طلبوا من أحدهم أن يذهب خلسة للمدينة، وأن يشتري طعاما طيبا بهذه النقود، ثم يعود إليهم برفق حتى لا يشعر به أحد. فربما يعاقبهم جنود الملك أو الظلمة من أهل القرية إن علموا بأمرهم. قد يخيرونهم بين العودة للشرك، أو الرجم حتى الموت.
خرج الرجل المؤمن متوجها للقرية، إلا أنها لم تكن كعهده بها. لقد تغيرت الأماكن والوجوه. تغيّرت البضائع والنقود. استغرب كيف يحدث كل هذا في يوم وليلة. وبالطبع، لم يكن عسيرا على أهل القرية أن يميزوا دهشة هذا الرجل. ولم يكن صبعا عليهم معرفة أنه غريب، من ثيابه التي يلبسها ونقوده التي يحملها.
لقد آمن المدينة التي خرج منها الفتية، وهلك الملك الظالم، وجاء مكانه رجل صالح. لقد فرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين. لقد كانوا أول من يؤمن من هذه القرية. لقد هاجروا من قريتهم لكيلا يفتنوا في دينهم. وها هم قد عادوا. فمن حق أهل القرية الفرح. وذهبوا لرؤيتهم.
وبعد أن ثبتت المعجزة، معجزة إحياء الأموات. وبعدما استيقنت قلوب أهل القرية قدرة الله سبحانه وتعالى على بعث من يموت، برؤية مثال واقي ملموس أمامهم. أخذ الله أرواح الفتية. فلكل نفس أجل، ولا بد لها أن تموت. فاختلف أهل القرية. فمن من دعى لإقامة بنيان على كهفهم، ومنهم من طالب ببناء مسجد، وغلبت الفئة الثانية.
لا نزال نجهل كثيرا من الأمور المتعلقة بهم. فهل كانوا قبل زمن عيسى عليه السلام، أم كانوا بعده. هل آمنوا بربهم من من تلقاء نفسهم، أم أن أحد الحواريين دعاهم للإيمان. هل كانوا في بلدة من بلاد الروم، أم في فلسطين. هل كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم، أم خمسة سادسهم كلبهم، أم سبعة وثامنهم كلبهم. كل هذه أمور مجهولة. إلا أن الله عز وجل ينهانا عن الجدال في هذه الأمور، ويأمرنا بإرجاع علمهم إلى الله. فالعبرة ليست في العدد، وإنما فيما آل إليه الأمر. فلا يهم إن كانوا أربعة أو ثمانية، إنما المهم أن الله أقامهم بعد أكثر من ثلاثمئة سنة ليرى من عاصرهم قدرة على بعث من في القبور، ولتتناقل الأجيال خبر هذه المعجزة جيلا بعد جيل.






قديم 25-11-2009, 10:18 AM   رقم المشاركة : 13
الجذااابة
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية الجذااابة


●MŭήâMmāĐ●

ويجزاك الف خير

قصة اهل كهف من القصص الجميلة ايضا وذكرت بالقران الكريم

يعطيك العافية

ونورت بطلتك الحلوة :)






قديم 27-11-2009, 03:36 PM   رقم المشاركة : 14
كبتشينوا
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية كبتشينوا

يعيطك العافيه وجزاك الله الف خيرررررررررررررر لي باااااااااااك>>تسذوب>>







التوقيع :
الوقت أغلى من المال والقيل والقال
أستغل وقتك والحمقى لا تُلقي لهُم بال

قديم 28-11-2009, 05:04 PM   رقم المشاركة : 15
●MŭhâMmāĐ●
( مشرف عالم الجوال والرياضة )
 
الصورة الرمزية ●MŭhâMmāĐ●

موقع القصة في القرآن الكريم:
ورد ذكر القصة في سورة البروج الآيات 4-9، وتفصيلها في صحيح الإمام مسلم.
القصة:
إنها قصة فتاً آمن، فصبر وثبت، فآمنت معه قريته.
لقد كان غلاما نبيها، ولم يكن قد آمن بعد. وكان يعيش في قرية ملكها كافر يدّعي الألوهية. وكان للملك ساحر يستعين به. وعندما تقدّم العمر بالساحر، طلب من الملك أن يبعث له غلاما يعلّمه السحر ليحلّ محله بعد موته. فاختير هذا الغلام وأُرسل للساحر.
فكان الغلام يذهب للساحر ليتعلم منه، وفي طريقه كان يمرّ على راهب. فجلس معه مرة وأعجبه كلامه. فصار يجلس مع الراهب في كل مرة يتوجه فيها إلى الساحر. وكان الساحر يضربه إن لم يحضر. فشكى ذلك للراهب. فقال له الراهب: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر.
وكان في طريقه في أحد الأيام، فإذا بحيوان عظيم يسدّ طريق الناس. فقال الغلام في نفسه، اليوم أعلم أيهم أفضل، الساحر أم الراهب. ثم أخذ حجرا وقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس. ثم رمى الحيوان فقلته، ومضى الناس في طريقهم. فتوجه الغلام للراهب وأخبره بما حدث. فقال له الراهب: يا بنى، أنت اليوم أفضل مني، وإنك ستبتلى، فإذا ابتليت فلا تدلّ عليّ.
وكان الغلام بتوفيق من الله يبرئ الأكمه والأبرص ويعالج الناس من جميع الأمراض. فسمع به أحد جلساء الملك، وكان قد فَقَدَ بصره. فجمع هدايا كثرة وتوجه بها للغلام وقال له: أعطيك جميع هذه الهداية إن شفيتني. فأجاب الغلام: أنا لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك. فآمن جليس الملك، فشفاه الله تعالى.
فذهب جليس الملجس، وقعد بجوار الملك كما كان يقعد قبل أن يفقد بصره. فقال له الملك: من ردّ عليك بصرك؟ فأجاب الجليس بثقة المؤمن: ربّي. فغضب الملك وقال: ولك ربّ غيري؟ فأجاب المؤمن دون تردد: ربّي وربّك الله. فثار الملك، وأمر بتعذيبه. فلم يزالوا يعذّبونه حتى دلّ على الغلام.
أمر الملك بإحضار الغلام، ثم قال له مخاطبا: يا بني، لقد بلغت من السحر مبلغا عظيما، حتى أصبحت تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل. فقال الغلام: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله تعالى. فأمر الملك بتعذيبه. فعذّبوه حتى دلّ على الراهب.
فأُحضر الراهب وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الراهب ذلك. وجيئ بمشار، ووضع على مفرق رأسه، ثم نُشِرَ فوقع نصفين. ثم أحضر جليس الملك، وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى. فَفُعِلَ به كما فُعِلَ بالراهب. ثم جيئ بالغلام وقيل له: ارجع عن دينك. فأبى الغلام. فأمر الملك بأخذ الغلام لقمة جبل، وتخييره هناك، فإما أن يترك دينه أو أن يطرحوه من قمة الجبل.
فأخذ الجنود الغلام، وصعدوا به الجبل، فدعى الفتى ربه: اللهم اكفنيهم بما شئت. فاهتزّ الجبل وسقط الجنود. ورجع الغلام يمشي إلى الملك. فقال الملك: أين من كان معك؟ فأجاب: كفانيهم الله تعالى. فأمر الملك جنوده بحمل الغلام في سفينة، والذهاب به لوسط البحر، ثم تخييره هناك بالرجوع عن دينه أو إلقاءه.
فذهبوا به، فدعى الغلام الله: اللهم اكفنيهم بما شئت. فانقلبت بهم السفينة وغرق من كان عليها إلا الغلام. ثم رجع إلى الملك. فسأله الملك باستغراب: أين من كان معك؟ فأجاب الغلام المتوكل على الله: كفانيهم الله تعالى. ثم قال للملك: إنك لن تستطيع قتلي حتى تفعل ما آمرك به. فقال الملك: ما هو؟ فقال الفتى المؤمن: أن تجمع الناس في مكان واحد، وتصلبي على جذع، ثم تأخذ سهما من كنانتي، وتضع السهم في القوس، وتقول "بسم الله ربّ الغلام" ثم ارمني، فإن فعلت ذلك قتلتني.
استبشر الملك بهذا الأمر. فأمر على الفور بجمع الناس، وصلب الفتى أمامهم. ثم أخذ سهما من كنانته، ووضع السهم في القوس، وقال: باسم الله ربّ الغلام، ثم رماه فأصابه فقتله.
فصرخ الناس: آمنا بربّ الغلام. فهرع أصحاب الملك إليه وقالوا: أرأيت ما كنت تخشاه! لقد وقع، لقد آمن الناس.
فأمر الملك بحفر شقّ في الأرض، وإشعال النار فيها. ثم أمر جنوده، بتخيير الناس، فإما الرجوع عن الإيمان، أو إلقائهم في النار. ففعل الجنود ذلك، حتى جاء دور امرأة ومعها صبي لها، فخافت أن تُرمى في النار. فألهم الله الصبي أن يقول لها: يا أمّاه اصبري فإنك على الحق.






قديم 29-11-2009, 08:30 PM   رقم المشاركة : 16
الجذااابة
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية الجذااابة


..صالح عليه السلام
نبذة:

أرسله الله إلى قوم ثمود وكانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه فأتاهم بالناقة وأمرهم أن لا يؤذوها ولكنهم أصروا على كبرهم فعقروا الناقة وعاقبهم الله بالصاعقة فصعقوا جزاء لفعلتهم ونجى الله صالحا والمؤمنين.




سيرته:
إرسال صالح عليه السلام لثمود:

جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، وتكررت قصة العذاب بشكل مختلف مع ثمود. كانت ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى، فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم.. وقال صالح لقومه: (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ) نفس الكلمة التي يقولها كل نبي.. لا تتبدل ولا تتغير، كما أن الحق لا يتبدل ولا يتغير.

فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. إنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة، وهو ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده. وأحدثت دعوته هزة كبيرة في المجتمع.. وكان صالح معروفا بالحكمة والنقاء والخير. كان قومه يحترمونه قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم.. وقال قوم صالح له:

قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ/ (62) (هود)

تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح. إنهم يدلفون إليه من باب شخصي بحت. لقد كان لنا رجاء فيك. كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثم خاب رجاؤنا فيك.. أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟! يا للكارثة.. كل شيء يا صالح إلا هذا. ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا عاكفين عليها.. وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم إليه. ويستنكرون ما هو واجب وحق، ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده. لماذا؟ ما كان ذلك كله إلا لأن آبائهم كانوا يعبدون هذه الآلهة.

معجزة صالح عليه السلام:

ورغم نصاعة دعوة صالح عليه الصلاة والسلام، فقد بدا واضحا أن قومه لن يصدقونه. كانوا يشكون في دعوته، واعتقدوا أنه مسحور، وطالبوه بمعجزة تثبت أنه رسول من الله إليهم. وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم. وكان قوم ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة. كانوا يستخدمون الصخر في البناء، وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء. جاءوا بعد قوم عاد فسكنوا الأرض التي استعمروها.

قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه:

وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (64) (هود)

والآية هي المعجزة، ويقال إن الناقة كانت معجزة لأن صخرة بالجبل انشقت يوما وخرجت منها الناقة.. ولدت من غير الطريق المعروف للولادة. ويقال إنها كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب بقية الحيوانات من المياه في هذا اليوم، وقيل إنها كانت معجزة لأنها كانت تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا يبقى شيء للناس. كانت هذه الناقة معجزة، وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله: (نَاقَةُ اللّهِ) أضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما هي معجزة من الله. وأصدر الله أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس بالناقة أو إيذائها أو قتلها، أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا يمسوها بسوء، وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب قريب.

في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل.. كانت ناقة مباركة. كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال. كان واضحا إنها ليست مجرد ناقة عادية، وإنما هي آية من الله. وعاشت الناقة بين قوم صالح، آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر. وذلك لأن الكفار عندما يطلبون من نبيهم آية، ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به، وإنما لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر. لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه بمعجزات من عنده.

كان صالح عليه الصلاة والسلام يحدث قومه برفق وحب، وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وينبههم إلى أن الله قد أخرج لهم معجزة هي الناقة، دليلا على صدقه وبينة على دعوته. وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة تأكل في أرض الله، وكل الأرض أرض الله. وهو يحذرهم أن يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله عليهم. كما ذكرهم بإنعام الله عليهم: بأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد.. وأنعم عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة. لكن قومه تجاوزوا كلماته وتركوه، واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح.

يسألونهم سؤال استخفاف وزراية: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ ؟!
قالت الفئة الضعيفة التي آمنت بصالح: إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ
فأخذت الذين كفروا العزة بالإثم.. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ . هكذا باحتقار واستعلاء وغضب.

تآمر الملأ على الناقة:

وتحولت الكراهية عن سيدنا صالح إلى الناقة المباركة. تركزت عليها الكراهية، وبدأت المؤامرة تنسج خيوطها ضد الناقة. كره الكافرون هذه الآية العظيمة، ودبروا في أنفسهم أمرا.

وفي إحدى الليالي، انعقدت جلسة لكبار القوم، وقد أصبح من المألوف أن نرى أن في قصص الأنبياء هذه التدابير للقضاء على النبي أو معجزاته أو دعوته تأتي من رؤساء القوم، فهم من يخافون على مصالحهم إن تحول الناس للتوحيد، ومن خشيتهم إلى خشية الله وحده. أخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيام به لإنهاء دعوة صالح. فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة ومن ثم قتل صالح نفسه.

وهذا هو سلاح الظلمة والكفرة في كل زمان ومكان، يعمدون إلى القوة والسلاح بدل الحوار والنقاش بالحجج والبراهين. لأنهم يعلمون أن الحق يعلوا ولا يعلى عليه، ومهما امتد بهم الزمان سيظهر الحق ويبطل كل حججهم. وهم لا يريدون أن يصلوا لهذه المرحلة، وقرروا القضاء على الحق قبل أن تقوى شوكته.

لكن أحدهم قال: حذرنا صالح من المساس بالناقة، وهددنا بالعذاب القريب. فقال أحدهم سريعا قبل أن يؤثر كلام من سبقه على عقول القوم: أعرف من يجرأ على قتل الناقة. ووقع الاختيار على تسعة من جبابرة القوم. وكانوا رجالا يعيثون الفساد في الأرض، الويل لمن يعترضهم.

هؤلاء هم أداة الجريمة. اتفق على موعد الجريمة ومكان التنفيذ. وفي الليلة المحددة. وبينما كانت الناقة المباركة تنام في سلام. انتهى المجرمون التسعة من إعداد أسلحتهم وسيوفهم وسهامهم، لارتكاب الجريمة. هجم الرجال على الناقة فنهضت الناقة مفزوعة. امتدت الأيدي الآثمة القاتلة إليها. وسالت دمائها.

هلاك ثمود:

علم النبي صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه. قال لهم: ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟
قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله.. ألم تقل أنك من المرسلين؟
قال صالح لقومه: تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ

بعدها غادر صالح قومه. تركهم ومضى. انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام.

ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون، وفي فجر اليوم الرابع: انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة. انقضت الصيحة على الجبال فهلك فيها كل شيء حي. هي صرخة واحدة.. لم يكد أولها يبدأ وآخرها يجيء حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة.

هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث. أما الذين آمنوا بسيدنا صالح، فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا.






قديم 02-12-2009, 12:44 AM   رقم المشاركة : 17
ŝâĺĺɏ
( مشرفة منتدى التوبيكات )
 
الصورة الرمزية ŝâĺĺɏ

قصة موسى عليه السلام



قال الله تعالى: { طسم، تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ، نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ، إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ، وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}.

وملخص القصة : {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً }

أي تجبّر وعتا وطغى وبغى وآثر الحياة الدنيا، وأعرض عن طاعة الله ، وجعل أهلها شيعا ، أي قسم رعيته إلى أقسام وفَرِقٍ وأنواع ، يستضعف طائفة منهم، وهم شعب بني إسرائيل، الذين هم من سلالة نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله، وكانوا إذ ذاك خيار أهل الأرض. وقد سلط عليهم هذا الملك الظالم الغاشم الكافر الفاجر يستعبدهم ويستخدمهم في أخس الصنائع والحرف وأرداها وأدناها ومع هذا {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ}.

وكان الدافع له على هذا الصنيع القبيح أن بني إسرائيل كانوا يتدارسون فيما بينهم ما يأثرونه عن إبراهيم عليه السلام من أنه سيخرج من ذريته غلام يكون هلاك ملك مصر على يديه وكانت هذه البشارة مشهورة في بني إسرائيل ووصلت إلى فرعون فذكرها له بعض أمرائه فأمر عند ذلك بقتل أبناء بني إسرائيل حذراً من وجود هذا الغلام ولن يغني حذر من قدر.

وعن ابن مسعود وعن أناس من الصحابة أن فرعون رأى في منامه كأن ناراً قد أقبلت من نحو بيت المقدس فأحرقت دور مصر وجميعَ القبط ولم تضر بني إسرائيل. فلما استيقظ هاله ذلك فجمع الكهنة والسحرة وسألهم عن ذلك؟ فقالوا: هذا غلام يولد من هؤلاء يكون سبب هلاك أهل مصر على يديه فلهذا أمر بقتل الغلمان وترك النساء.



ولهذا قال الله تعالى: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}


والمقصود أن فرعون احترز كل الاحتراز أن لا يوجد موسى، حتى جعل رجالاً وقوابل يدورون على الحبالى ويعلمون ميقات وضعهن، فلا تلد امرأة ذكراً إلا ذبحه أولئك الذباحون من ساعته.

و لكن الله تعالى أراد أن يقول لفرعون : يا أيها الملك الجبار المغرور بكثرة جنوده أن هذا المولود الذي تحترز منه، وقد قتلت بسببه من النفوس ما لا يعد ولا يحصى لا يكون مرباه إلا في دارك، وعلى فراشك ولا يغذى إلا بطعامك وشرابك في منزلك، وأنت الذي تتبناه ثم يكون هلاكك في دنياك وأخراك على يديه، لتعلم أنت وسائر الخلق أن رب السماوات والأرض هو الفعال لما .



وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن أعوان فرعون شكوا إلى فرعون قلة بني إسرائيل بسبب قتل ولدانهم الذكور وخشي أن تتفانى الكبار مع قتل الصغار فيصيرون هم الذين يلون ما كان بنو إسرائيليعملون من اعمال الخدمة.

فأمر فرعون بقتل الأبناء عاماً، وأن يتركوا عاما، فذكروا أن هارون عليه السلام ولد في عام المسامحة عن قتل الأبناء، وأن موسى عليه السلام ولد في عام قتلهم، فضاقت أمه به ذرعاً واحترزت من أول ما حبلت، ولم يكن يظهر عليها مظهر الحبل. فلما وضعت ألهمت أن تتخذ له تابوتاً ربطته في حبل وكانت دارها متاخمة للنيل فكانت ترضعه فإذا خشيت من أحد وضعته في ذلك التابوت فأرسلته في البحر وأمسكت طرف الحبل عندها فإذا ذهبوا استرجعته إليها به.‏



قال الله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ، فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ، وَقَالَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}.



فأرسلته ذات يوم ونسيت أن تربط طرف الحبل عندها فذهب مع النيل فمر على دار فرعون وذكر المفسرون أن الجواري التقطنه من البحر في تابوت مغلق عليه فلم يتجاسرون على فتحه حتى وضعنه بين يدي امرأة فرعون آسية بنت مزاحم

فلما فتحت الباب وكشفت الحجاب رأت وجهه يتلألأ بتلك الأنوار النبوية ، فلما رأته ووقع نظرها عليه أحبته حباً شديداً جداً.

فلما جاء فرعون قال: ما هذا؟ وأمر بذبحه، فاستوهبته منه ودافعت عنه

{وَقَالَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ}

فقال لها فرعون: أما لك فنعم وأما لي فلا، أي لا حاجة لي به.

وقد أنالها الله ما رَجَتْ من النفع. أما في الدنيا فهداها الله به، وأما في الآخرة فأسكنها جنته .



رد موسى الى امه


قال الله تعالى: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغاً إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ، وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ، فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}.

قال ابن عباس اصبح فؤاد أم موسى فارغاً من كل شيء من أمور الدنيا، إلا من موسى حتى كادت أن تظهر أمره وتسأل عنه جهرة لولا أن صبرها وثبتها الله تعالى , و قالت لأخته وهي ابنتها الكبيرة اتبعي أثره واطلبي لي خبره

وذلك لأن موسى عليه السلام لما استقر بدار فرعون أرادوا أن يغذوه برضاعة، فلم يقبل ثدياً ولا أخذ طعاماً، فحاروا في أمره واجتهدوا على تغذيته بكل ممكن فلم يفعل. كما قال تعالى {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ} فأرسلوه مع القوابل والنساء إلى السوق لعلهم يجدون من يوافق رضاعته، فبينما هم وقوف به والناس عكوف عليه إذ بصرت به أخته فلم تظهر أنها تعرفه بل قالت: {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ}.

فلما قالت ذلك قالوا لها: ما يدريك بنصحهم وشفقتهم عليه؟ فقالت: رغبة في سرور الملك، ورجاء منفعته.

فذهبوا معها إلى منزلهم، فأخذته أمه، فلما أرضعته التقم ثديها، وأخذ يمتصه ويرتضعه، ففرحوا بذلك فرحاً شديداً، وذهب البشير إلى آسية يعلمها بذلك، فاستدعتها إلى منزلها وعرضت عليها أن تكون عندها، وان تحسن إليها فأبت عليها، وقالت إن لي بعلاً وأولاداً، ولست أقدر على هذا، إلا أن ترسليه معي، فأرسلته معها وجعلت لها راتب، وأجرت عليها النفقات والكساوي والهبات، فرجعت به، وقد جمع الله شمله بشملها.‏

{فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}



سبب خروجه موسى من مصر



{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ، قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ}.



دخل موسى المدينة فوجد فيها رجلان يتضاربان ويتهاوشان أحدهما من شيعنه أي إسرائيلي و الآخر من عدوه أي قبطي.

{فَإسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}

وذلك لأن موسى عليه السلام كانت له بديار مصر صولة بسبب نسبته إلى تبني فرعون له وتربيته في بيته وكانت بنو إسرائيل قد عزوا وصارت لهم وجاهة وارتفعت رؤوسهم بسبب أنهم أرضعوه وهم أخواله أي من الرضاعة فلما استغاث ذلك الإسرائيلي موسى عليه السلام على ذلك القبطي أقبل إليه موسى {فَوَكَزَهُ}. أي طعنة بجمع كفه. وقيل : بعصا كانت معه {فَقَضَى عَلَيْهِ} أي فمات منها.

ولم يرد موسى قتله بالكلية وإنما أزاد زجره وردعه



{فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ، فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِينَ، وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنْ النَّاصِحِينَ، فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.




يخبر تعالى أن موسى أصبح بمدينة مصر خائفاً - أي من فرعون وملئه - أن يعلموا أن هذا القتيل الذي رفع إليه أمره إنما قتله موسى في نصرة رجل من بني إسرائيل فتقوى ظنونهم أن موسى منهم ويترتب على ذلك أمر عظيم.

فصار يسير في المدينة في صبيحة ذلك اليوم {خَائِفاً يَتَرَقَّبُ} أي يلتفت فبينما هو كذلك إذا ذلك الرجل الإسرائيلي الذي استنصره بالأمس يستصرخه أي يصرخ به ويستغيثه على آخر قد قاتله، فعنّفه موسى ولامه على كثرة شره ومخاصمته، قال له: {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ}.

ثم أراد أن يبطش بذلك القبطي الذي هو عدو لموسى وللإسرائيلي فيردعه عنه ويخلصه منه فلما عزم على ذلك وأقبل على القبطي {قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِينَ}.

قال بعضهم إنما قال هذا الكلام الإسرائيلي الذي اطلع على ما كان صنع موسى بالأمس

ولما بلغ فرعون أن موسى هو قاتل ذلك المقتول بالأمس أرسل في طلبه وسبقهم رجل ناصح من طريق أقرب {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ قال يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنْ النَّاصِحِينَ}



توجه موسى الى مدين



{ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قال رَبِّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ، وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}.


يخبر تعالى عن خروج عبده ورسوله وكليمه من مصر خائفاً يترقب أي يتلفت خشية أن يدركه أحد من قوم فرعون وهو لا يدري أين يتوجه، ولا إلى أين يذهب، وذلك لأنه لم يخرج من مصر قبلها.‏ حتى وصل مدين وكانت بئراً يستقون منها. فوجد الرعاء يسقون منها و وجد أمرأتين أي تكفكفان عنهما غنمهما أن تختلط بغنم الناس.

فسألهما عن حالهما قالتا : لا نقدر على ورود الماء إلا بعد صدور الرعاء لضعفنا وسبب مباشرتنا هذه الرعية ضعف أبينا وكبره قال الله تعالى {فَسَقَى لَهُمَا}.

قال المفسرون: أن الرعاء كانوا إذا فرغوا من وردهم وضعوا على فم البئر صخرة عظيمة فتجئ هاتان المرأتان فيشرعان غنمهما في فضل أغنام الناس، فلما كان ذلك اليوم جاء موسى فرفع تلك الصخرة وحده. ثم استقى لهما وسقى غنمهما ثم رد الحجر. كما كان. قال أمير المؤمنين عمر وكان لا يرفعه إلا عشرة وإنما استقى ذنوباً واحدا فكفاهما.

ثم تولى إلى الظل. قالوا: وكان ظل شجرة من السمر. أنه رآها خضراء ترف {فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ}.

فسمعته المرأتان فيما قيل فذهبتا إلى أبيهما فيقال إنه استنكر سرعة رجوعهما؛ فأخبرتاه بما كان من أمر موسى عليه السلام، فأمر إحداهما أن تذهب إليه فتدعوه



{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ، قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ، قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}.



فلما جاءه موسى أضافه واكرم مثواه وقص عليه ما كان أمره بشره بأنه قد نجا، فعند ذلك قالت إحدى البنتين لأبيها {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} أي لرعي غنمك، ثم مدحته بأنه قوي أمين.

قال عمر وابن عباس : لما قالت ذلك قال لها أبوها وما علمك بهذا؟ فقالت إنه رفع صخرة لا يطيق رفعها إلا عشرة. وأنه لما جئت معه تقدمت أمامه فقال كوني من ورائي فإذا اختلف الطريق فاحذفي لي بحصاة أعلم بها كيف الطريق.



عن عتبة بن النُدْر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن موسى آجر نفسه بعفة فرجه وطعام بطنه". فلما وفى الأجل، قيل: يا رسول الله أي الأجلين؟ قال: "أبرهما وأوفاهما".



قال الله تعالى {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنْ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ، فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنْ الآمِنِينَ، اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنْ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ}.



فلما سار بأهله ومعه ولدان منهم، وغنم قد استفادها مدة مقامه.

و كان ذلك في ليلة مظلمة باردة وتاهوا في طريقهم فلم يهتدوا إلى السلوك في الدرب المألوف، واشتد الظلام والبرد.

فبينما هو كذلك إذ أبصر عن بعد ناراً تأجّج في جانب الطّور - فـ {قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً}، وكأنه والله أعلم رآها دونهم، لأنّ هذه النار هي نور في الحقيقة، ولا يصلح رؤيتها لكل أحد {لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} أي لعلي أستعلم من عندها عن الطريق {أَوْ جَذْوَةٍ مِنْ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} فدل على أنهم كانوا قد تاهوا عن الطريق في ليلة باردة ومظلمة



قال غير واحد من المفسرين لما قصد موسى إلى تلك النار التي رآها فانتهى إليها وجدها تأجج في شجرة خضراء من العوسج، وكل ما لتلك النار في اضطرام وكل ما لخضرة تلك الشجرة في ازدياد، فوقف متعجباً، وكانت تلك الشجرة في لحف جبل غربي منه عن يمينه، كما قال تعالى: {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنْ الشَّاهِدِينَ} وكان موسى في واد اسمه "طوى" فكان موسى مستقبل القبلة، وتلك الشجرة عن يمينه من ناحية الغرب {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى} فأمر أولاً بخلع نعليه تعظيماً وتكريماً وتوقيراً لتلك البقعة المباركة ولاسيما في تلك الليلة المباركة.



ثم خاطبه تعالى كما يشاء قائلاً له: {إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} أي أنا رب العالمين الذي لا إله إلا هو الذي لا تصلح العبادة وإقامة الصلاة إلا له.



ثم أخبره أن هذه الدنيا ليست بدار قرار وإنما الدار الباقية يوم القيامة التي لابد من كونها ووجودها {لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} أي من خير وشر. وحضه وحثه على العمل لها ومجانبة من لا يؤمن بها ممن عصى مولاه واتبع هواه.



ثم قال له مخاطباً ومؤانساً ومبيناً له أنه القادر على كل شيء، والذي يقول للشيء كن فيكون. {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى} أي أما هذه عصاك التي تعرفها منذ صحبتها؟

{قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى}

{قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى، فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى}.

فإذا هى قد صارت حية عظيمة لها ضخامة هائلة وأنياب تصك وهي مع ذلك في سرعة حركة فجمعت الضخامة والسّرعة الشديدة، فلمّا رأها موسى عليه السلام {وَلَّى مُدْبِراً} أي هارباً منها لأن طبيعته البشرية تقتضي ذلك {وَلَمْ يُعَقِّبْ} أي ولم يتلفت، فناداه ربه قائلاً له: {يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلا تَخَفْ إِنَّكَ مِنْ الآمِنِينَ}.

فلما رجع أمره الله تعالى أن يمسكها. {قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى{



ثم أمره تعالى بإدخال يده في جيبه. ثم أمره بنزعها فإذا هي تتلألأ كالقمر بياضاً من غير سوء، أي من غير برصٍ ولا بَهَق. ولهذا قال: {اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنْ الرَّهْبِم}











التوقيع :

قديم 02-12-2009, 12:48 AM   رقم المشاركة : 18
ŝâĺĺɏ
( مشرفة منتدى التوبيكات )
 
الصورة الرمزية ŝâĺĺɏ

ارسال موسى الى فرعون



أمر الله سبحانه و تعالى موسى عليه السلام بالذّهاب إلى فرعون فشكا إلى الله تعالى ما يتخوف من آل فرعون في القتيل الذى قتله وعقدة لسانه؛ فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام، قيل إنه أصابه في لسانه لثغة بسبب تلك الجمرة التي وضعها على لسانه والتي كان فرعون أراد اختبار عقله حين أخذ بلحيته وهو صغير، فهمَّ بقتله فخافت عليه آسية، وقالت: إنه طفل فاختبره بوضع تمرة وجمرة بين يديه، فهمَّ بأخذ التمرة فصرف الملك يده إلى الجمرة فأخذها فوضعها على لسانه فأصابه لثغة بسببها، فسأل زوال بعضها بمقدار ما يفهمون قوله، ولم يسأل زوالها بالكلية.

وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون؛ يكون له ردءاً، يتكلم عنه الكثير مما لا يفصح به لسانه، فآتاه الله عز وجل سؤله، وحل عقدة من لسانه، وأوحى الله إلى هارون فأمره أن يلقاه.

{قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِي، وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِي}


{وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي، هَارُونَ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي، كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً، وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً، إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً، قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى}.





فلما ذهبا الى فرعون وبلّغاه ما أرسلا به من دعوته إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، وأن يفكَّ أسارى بني إسرائيل من قبضته وقهره وسطوته، ويتركهم يعبدون ربهم حيث شاؤا ويتفرّغون لتوحيده ودعائه والتضرّع لديه.

فتكبَّر فرعون في نفسه وعتا وطغى ونظر إلى موسى بعين الازدراء والتنقص قائلاً له: { أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} أي أما أنت الذي ربيناه في منزلنا وأحسنا إليه وأنعمنا عليه مدة من الدهر؟

{وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنْ الْكَافِرِينَ} أي وقتلت الرجل القبطيّ وفررت منا وجحدت نعمتنا.

فقال موسى {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ} أي قبل أن يوحى إلي وينزل علي

{فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُرْسَلِينَ} ثم قال مجيباً لفرعون عما امتن به من التربية والاحسان إليه {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إسرائِيلَ} أي وهذه النعمة التي ذكرت من أنك أحسنت إلي وأنا رجل واحد من بني إسرائيل تقابل ما استخدمت هذا الشعب العظيم بكماله واستعبدتهم في أعمالك وخدمتك وأشغالك.



{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إنْ كُنتُمْ مُوقِنِينَ، قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ، قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمْ الأَوَّلِينَ، قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمْ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ، قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}.




فلما جحد فرعون وجود الله تعالى و صنعه و خلقه و زعم انه هو الرب و الاله

{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}.

و استمرّ على طغيانه وعناده وكفرانه فلما قامت الحجج على فرعون وانقطعت شبهته ولم يبق له قول سوى العناد عدل إلى استعمال سلطانه وجاهه وسطوته: {قَالَ لَئِنْ اتَّخَذْتَ إِلَهَ غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنْ الْمَسْجُونِينَ، قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ، قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ، فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ، وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ}.



وهكذا لما أدخل موسى عليه السلام يده في جيبه واستخرجها أخرجها وهي كفلقة القمر تتلألأ نوراً تبهر الأبصار فإذا أعادها إلى جيبه رجعت إلى صفتها الأولى.

ومع هذا كله لم ينتفع فرعون - لعنه الله - بشيء من ذلك بل استمر على ما هو عليه، وأظهر أن هذا كله سحر، وأراد معارضته بالسحرة فأرسل يجمعهم من سائر مملكته



فرعون يجمع السحرة



قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى، قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى، فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكَاناً سُوًى، قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى}.

يخبر تعالى عن استكبار فرعون وقوله لموسى إنَّ هذا الذي جئت به سحر ونحن نعارضك بمثله، ثم طلب من موسى أن يواعده إلى وقت معلوم ومكان معلوم.

وكان هذا من أكبر مقاصد موسى عليه السلام أن يظهر آيات الله وحججه وبراهينه جهرة بحضرة النّاس ولهذا: {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} وكان يوم عيد من أعيادهم ومجتمع لهم {وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} أي من أول النهار في وقت اشتداد ضياء الشمس فيكون الحق أظهر وأجلى، ولم يطلب أن يكون ذلك ليلاً في ظلام ، بل طلب أن يكون نهاراً جهرة لأنه على بصيرة من ربِّه ويقين بأن الله سيظهر كلمته ودينه

فذهب فرعون فجمع من كان ببلاده من السحرة، وكانت بلاد مصر في ذلك الزمان مملوءة سحرة فضلاء، في فنهم غاية، فجمعوا له من كل بلد، ومن كل مكان، فاجتمع منهم خلق كثير

وحضر فرعون وأمراؤه وأهل دولته وأهل بلده عن بكرة أبيهم. وذلك أن فرعون نادى فيهم أن يحضروا هذا الموقف العظيم فخرجوا وهم يقولون: {لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمْ الْغَالِبِينَ}.



وتقدم موسى عليه السلام إلى السحرة فوعظهم وزجرهم عن تعاطي السحر الباطل الذي فيه معارضة لآيات الله وحججه، فقال: {وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى، فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ}.

قيل: معناه أنهم اختلفوا فيما بينهم، فقائل يقول: هذا كلام نبي وليس بساحر، وقائل منهم يقول: بل هو ساحر فالله أعلم. وأسرّوا التناجي بهذا وغيره.



{قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى، قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى، فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى، قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى، وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}.

لما اصطف السحرة ووقف موسى وهرون عليهما السّلام تجاههم قالوا له إما أن تلقي قبلنا، وإما أن نلقي قبلك؟ {قَالَ بَلْ أَلْقُوا} أنتم وكانوا قد أخذوا حبال وعصيّ فملؤها الزئبق وغيره من الآلات التي تضطرب بسببها تلك الحبال والعصي اضطراباً يخيل للرائي أنها تسعى باختيارها، وإنما تتحرك بسبب ذلك. فعند ذلك سحروا أعين الناس واسترهبوهم وألقوا حبالهم وعصيهم وهم يقولون {بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ}.



{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُون، فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ، وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ، قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ}.

وذلك أن موسى عليه السلام لما ألقاها صارت حية عظيمة ذات عنق عظيم وشكل هائل مزعج بحيث أن الناس خافوا منها وهربوا سراعاً وأقبلت هي على ما ألقوه من الحبال والعصي فجعلت تلقفه واحداً واحداً في أسرع ما يكون من الحركة، والناس ينظرون إليها ويتعجّبون منها.‏



وأما السّحرة فإنهم رأوا ما هالهم وحيّرهم في أمرهم و لم يكن في خلدهم ولا بالهم فعند ذلك أنَّ هذا ليس بسحر ولا شعوذة ولا خيال بل حق لا يقدر عليه إلا الحق وكشف الله عن قلوبهم غشاوة الغفلة وأنارها وأنابوا إلى ربهم وخرّوا له ساجدين وقالوا جهرة للحاضرين ولم يخشوا عقوبة فرعون

كما قال تعالى {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمْ الَّذِي عَلَّمَكُمْ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ، قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ، إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ}.



البلاء الذى انزله الله على فرعون و قومه



قال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ، فَإِذَا جَاءَتْهُمْ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ، وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ، فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ}.


فرجع عدو الله فرعون حين آمنت السحرة مغلوباً مغلولاً ثم أبى إلا الاقامة على الكفر والتمادي في الشر و حرضه الامراء و الوزراء على اذية موسى و ع7دم تصديقه و على قتل غلمان بنى اسرائيل الذين آمنوا زيادة فى اذلالهم و مهانتهم فتابعه الله بالآيات فأخذه بالسنين فأرسل عليه الطوفان ثم الجراد ثم القمل ثم الضفادع ثم الدم آيات مفصلات

فأرسل الطوفان - وهو الماء - ففاض على وجه الأرض ثم ركد. لا يقدرون على أن يحرثوا، ولا أن يعملوا شيئا حتى جهدوا جوعاً.

فلما بلغهم ذلك: {قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إسرائِيلَ}.

فدعا موسى ربه فكشفه عنهم فلما لم فلما لم يفوا به بشيء فأرسل الله عليهم الجراد فأكل الشجر فيما بلغني حتى أن كان ليأكل مسامير الأبواب من الحديد حتى تقع دورهم ومساكنهم، فقالوا مثل ما قالوا،

فدعا ربه فكشف عنهم، فلم يفوا له بشيء مما قالوا فأرسل الله عليهم القمل فانثال عليهم قملاً، حتى غلب على البيوت والأطعمة، ومنعهم النوم والقرار.

فلما جهدهم قالوا له مثل ما قالوا له، فدعا ربه فكشف عنهم فلما لم يفوا بشي مما قالوا

فأرسل عليهم الضَّفادع فملأت البيوت والأطعمة والآنية فلا يكشف أحد ثوباً ولا طعاماً إلا وجد فيه الضفادع قد غلبت عليه. حتى إن أحدهم إذا فتح فاه (لطعام أو شراب) سقطت فيه ضفدعة من تلك الضفادع.

فلما جهدهم ذلك قالوا له مثل ما قالوا، فدعا ربه فكشف عنهم فلم يفوا بشيء مما قالوا، فأرسل الله عليهم الدم فصارت مياه آل فرعون دماً لا يستقون من بئر ولا نهر يغترفون من إناء إلاّ عاد دما عبيطاً.

هذا كله لم ينل بني إسرائيل من ذلك شيء بالكلية. وهذا من تمام المعجزة الباهرة



قال الله تعالى: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمْ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إسرائِيلَ، فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمْ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ، فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}.



موسى يخرج ببنى اسرائيل من مصر


ولما تمادى أهل مصر على كفرهم وعتوهم وعنادهم متابعة لملكهم فرعون ومخالفة لنبي الله ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام؛ وأقام الله على أهل مصر الحجج العظيمة القاهرة وأراهم من خوارق العادات ما بهر الأبصار وحير العقول، وهم مع ذلك لا يرعون ولا ينتهون ولا ينزعون ولا يرجعون.

ولم يؤمن منهم إلا القليل من قوم فرعون، والسحرة كلهم، وجميع شعب بني إسرائيل وإيمانهم كان خفية لمخافتهم من فرعون وسطوته وجبروته وسلطته

أوحى الله تعالى إلى موسى وأخيه هارون عليهما السلام أن يتخذا لقومهما بيوتاً متميزة فيما بينهم عن بيوت اتباع فرعون ليكونوا على أهبة من الرحيل إذا أمروا به ليعرف بعضهم بيوت بعض , و ليعبدوا الله فيها



{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ}.



و استأذن بنو إسرائيل فرعون في الخروج إلى عيد لهم فأذن لهم وهو كاره، ولكنهم تجهزوا للخروج وتأهبوا له، وإنما كان في نفس الأمر مكيدة بفرعون وجنوده ليتخلّصوا منهم ويخرجوا عنهم.



قال الله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ، فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ، إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ، وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ، وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ، فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إسرائِيلَ، فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ، فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ، قَالَ كَلا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِي، فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ، وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ، وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ، ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}.



أن فرعون لحقهم بالجنود فأدركهم عند شروق الشمس وتراءى الجمعان ورأى كلٌّ من الفريقين صاحبه وتحققه ولم يبق إلا المقاتلة فعندها قال أصحاب موسى وهم خائفون: إنا لمدركون، وذلك لأنهم اضطروا في طريقهم إلى البحر، فليس لهم طريق الا سلوكه وخوضه. وهذا ما لا يستطيعه أحد ولا يقدر عليه، والجبال عن يسرتهم وعن أيمانهم وفرعون قد واجههم.

فشكوا إلى نبي الله ما هم فيه مما قد شاهدوه , فقال لهم موسى {كَلا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِي}

ونظر إلى البحر وهو يتلاطم بأمواجه وهو يقول: هاهنا أمرت

فيقولون لموسى عليه السلام: يا نبي الله أههنا أمرت. فيقول نعم.

فلما تفاقم الأمر وضاق الحال واشتد الأمر واقترب فرعون فعند ذلك أوحى الحليم العظيم القدير ربُّ العرش الكريم إلى موسى الكليم

قال الله تعالى: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ}

ويقال: إنه انفلق اثنتي عشرة طريقا لكل سبط طريق يسيرون فيه, وأمر الله تعالى موسى عليه السلام أن يجوزه ببني إسرائيل فانحدروا فيه مسرعين مستبشرين مبادرين فلما جازوه وجاوزوه وخرج أخرهم منه وانفصلوا عنه كان ذلك عند قدوم أول جيش فرعون إليه ووفودهم عليه.

فأراد موسى عليه السلام أن يضرب البحر بعصاه ليرجع كما كان عليه لئلا يكون لفرعون وجنوده وصول إليه، ولا سبيل عليه، فأمره القدير ذو الجلال أن يترك البحر على هذه الحال كما قال تعالى {وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْوًا} أي ساكنا على هيئته لا تغيره عن هذه الصفة .

فلما تركه على هيئته وحالته وانتهى فرعون فرأى ما رأى هاله هذا المنظر العظيم وتحقق من أن هذا من فعل رب العرش الكريم فأحجم ولم يتقدم ، لكنه أظهر لجنوده تجلّداً ، وحملته النفس الكافرة على ان يعبر بجنوده مثل بنى اسرائيل

فعند ذلك أمر الله تعالى كليمه فيما أوحاه إليه أن يضرب بعصاه البحر فضربه فارتطم عليهم البحر كما كان فلما ينج منهم إنسان.

و هنا فقط و عندما أيقن فرعون من غرقه آمن بالله الواحد الأحد

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما قال فرعون {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إسرائِيلَ} قال لي جبريل: لو رأيتني وقد أخذت من حال البحر فدسته في فيه مخافة أن تناله الرحمة".



بنو إسرائيل يطلبون عبادة الأصنام

وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز المهيمن على ما عداه من الكتب: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إسرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ، إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُون}

و ذلك انهم بعد ما عاينوا من آيات الله وقدرته ما دلّهم على صدق ما جاءهم به رسول ذو الجلال والإكرام، وذلك أنه مروا على قومٍ يعبدون أصناماً، قيل: كانت على صور البقر، فكأنهم سألوهم: لم يعبدونها؟ فزعموا لهم أنها تنفعهم وتضرهم ويسترزقون بها عند الضرورات، فكأنَّ بعض الجهَّال منهم صدّقوهم في ذلك، فسألوا نبيهم الكليم الكريم العظيم أن يجعل لهم آلهة كما لأولئك آلهة





موسى يذهب لميقات ربه



قال تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ {



ذلك أن موسى عليه السلام ذهب الى ميقات ربه و استخلف على شعب بني إسرائيل أخاه هارون فلما استكمل الميقات ثلاثين ليلة، وكان فيه صائماً يقال إنه لم يستطعم الطعام، فلما كمل الشهر أخذ لحاء شجرة فمضغه ليطيب ريح فمه، فأمره الله أن يمسك عشراً أخرى، فصارت أربعين ليلة. ولهذا ثبت في الحديث: أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك.



}قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنْ الشَّاكِرِينَ، وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ{



فلما أتم الميقات و أعطاه ربه التوراة وفيها مواعظ عن الآثام، وتفصيل لكل ما يحتاجون إليه من الحلال والحرام.













التوقيع :

قديم 02-12-2009, 12:49 AM   رقم المشاركة : 19
ŝâĺĺɏ
( مشرفة منتدى التوبيكات )
 
الصورة الرمزية ŝâĺĺɏ

بنو اسرائيل يعبدون العجل

{وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ، وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ، وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ، قَالَ ابن أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِي الْأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ {

حين ذهب موسى عليه السلام إلى ميقات ربه فمكث على الطور يناجيه ربه ويسأله موسى عليه السلام عن أشياء كثيرة وهو تعالى يجيبه عنها.

فعمد رجل منهم يقال له هارون السامري، فأخذ ما كانوا استعاروه من الحلي، فصاغ منه عجلاً وألقى فيه قبضة من التراب، كان أخذها من أثر فرس جبريل، حين رآه يوم أغرق الله فرعون على يديه. فلما ألقاها فيه خار كما يخور العجل الحقيقي وقيل بل كانت الريح إذا دخلت من دبره خرجت من فمه فيخور كمن تخور البقرة، فيرقصون حوله ويفرحون.

{فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ}. أي فنسي موسى ربه عندنا، وذهب يتطلبه وهو هاهنا! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً

ولما رجع موسى عليه السلام إليهم، ورأى ما هم عليه من عبادة العجل، ومعه الألواح المتضمنة التوراة، ألقاها. ثم أقبل عليهم فعنفهم ووبخهم فاعتذروا إليه، بما ليس بصحيح، قالوا إنا {حُمِّلْنَا أَوْزَاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ}. تحرجوا من تملك حلي آل فرعون وهم أهل حرب، وقد أمرهم الله بأخذه وأباحه لهم، ولم يتحرجوا من عبادة !!

ثم أقبل على أخيه هارون عليه السلام قائلاً له {يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا، أَلاَّ تَتَّبِعَنِي}. أي هلا لما رأيت ما صنعوا اتبعتني فأعلمتني بما فعلوا، فقال: {إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إسرائِيلَ}. أي تركتهم وجئتني وأنت قد استخلفتني فيهم.

فعمد موسى عليه السلام إلى هذا العجل، فحرقه قيل بالنار، وقيل بالمبارد ثم ذراه في البحر، وأمر بني إسرائيل فشربوا، فمن كان من عابديه علق على شفاههم من ذلك الرماد ما يدل عليه، وقيل بل اصفرت ألوانهم.

فاستيقن بنو إسرائيل بالفتنة ، فقالوا لجماعتهم: يا موسى سل لنا ربك يفتح لنا باب توبة نصنعها فتكفر عنا ما عملنا. فاختار موسى من قومه سبعين رجلاً لذلك، لا يألو الخير من خيار بني إسرائيل ومن لم يشرك في الحق، فانطلق بهم يسأل لهم التوبة فرجفت بهم الأرض.

فاستحيا نبي الله عليه السلام من قومه ومن وفده حين فعل بهم ما فعل فقال: {رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا}. وفيهم من كان الله اطلع منه على ما أشرب قلبه من حب العجل وإيمانه به، فلذلك رجفت بهم الأرض فقال {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ}.

فقال: يا رب سألتك التوبة لقومي، فقلت: إن رحمتي كتبتها لقوم غير قومي، فليتك أخرتني حتى تخرجني في أمة ذلك الرجل المرحوم. فقال له: إن توبتهم أن يقتل كل رجل منهم من لقي من والد وولد فيقتله بالسيف ولا يبالي من قتل في ذلك الموطن.

وتاب أولئك الذين كان خفي على موسى وهارون أمرهم، واطلع الله من ذنوبهم فاعترفوا بها، وفعلوا ما أمروا ، وألقى الله عليهم ضباباً حتى لا يعرف القريب قريبه ولا النسيب نسيبه، ثم مالوا على عابدي العجل فقتلوهم وحصدوهم وغفر الله للقاتل والمقتول.

ثم سار بهم موسى عليه السلام متوجهاً نحو الأرض المقدسة، وأخذ الألواح بعدما

سكت عنه الغضب، فأمرهم بالذي أمر به من الوظائف فقالوا: انشرها علينا فإن كانت أوامرها ونواهيها سهلة قبلناها. فقال: بل اقبلوها بما فيها، فراجعوه مراراً، فأمر الله الملائكة فرفعوا الجبل على رؤوسهم حتى صار كأنه ظلة، ودنا منهم حتى خافوا أن يقع عليهم، فأخذوا الكتاب بأيمانهم

وهم مصغون ينظرون إلى الجبل، والكتاب بأيديهم وهم من وراء الجبل مخافة أن يقع عليهم

{وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}..

ثم مضوا حتى أتوا الأرض المقدسة، فوجدوا فيها قوم جبارون



نكوث بني إسرائيل عن قتال الجبارين



وذلك أن موسى عليه السلام لما انفصل من بلاد مصر وواجه بلاد بيت المقدس وجد فيها قوماً من الجبّارين من الحيثانيين و والكنعانيين وغيرهم.

فأمرهم موسى عليه السّلام بالدّخول عليهم ومقاتلتهم وإجلائهم إياهم عن بيت المقدس، فإن الله كتبه لهم ووعدهم إياه فخافوا من هؤلاء الجبارين

قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ، يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ، قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ}



فذمهم الله في تخاذلهم وعاقبهم بالتيه على ترك جهادهم ومخالفتهم رسولهم

} قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ، قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ، قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}.



فكانوا يسيرون فى الأرض إلى غير مقصد ليلاً ونهاراً وصباحاً ومساءً



قال الله تعالى: {يَا بَنِي إسرائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمْ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى، وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}.

يذكر تعالى أنه أنزل عليهم في حال شدتهم وضرورتهم في سفرهم في الأرض التي ليس فيها زرع ولا ضرع، منَّاً من السماء، يصبحون فيجدونه خلال بيوتهم، فيأخذون منه قدر حاجتهم في ذلك اليوم إلى مثله من الغد، ومن ادخر منه لأكثر من ذلك فسد، ومن أخذ منه قليلاً كفاه، أو كثيراً لم يفضل عنه، فيصنعون منه مثل الخبز، وهو في غاية البياض والحلاوة، فإذا كان من آخر النهار غشيهم طير السلوى، فيقتنصون منها بلا كلفة ما يحتاجون إليه حسب كفايتهم لعشائهم.

وإذا كان فصل الصيف ظلل الله عليهم الغمام، وهو السحاب الذي يستر عنهم حر الشمس وضوءها الباهر

وجعل لهم ثياباً لا تبلى ولا تتسخ وجعل بين ظهرانيهم حجراً مربعاً. وأمر موسى فضربه بعصاه، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، في كل ناحية ثلاثة أعين، وأعلم كل سبط عينهم التي يشربون منها، فلا يرتحلون محلة إلا وجدوا ذلك الحجر بينهم بالمكان الذي فيه بالمنزل الأول بالأمس.



ذكر وفاته عليه السلام


قال البخاري في صحيحه: عن أبي هريرة قال: أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام، فلما جاءه صكَّه فرجع إلى ربه عز وجل، فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، قال ارجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور، فله بما غطت يده بكل شعرة سنة قال: أي رب ثم ماذا؟ قال: ثم الموت، قال: فالآن.

قال: فسأل الله عز وجل أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر قال أبو هريرة: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "فلو كنت ثَم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر".





:)






التوقيع :

قديم 02-12-2009, 02:21 AM   رقم المشاركة : 20
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور



قصة يوسف عليه السلام كاملة والعبرة منها



يوسف عليه السلام
نبذة:
ولد سيدنا يوسف وكان له 11 أخا وكان أبوه يحبه كثيرا وفي ذات ليلة رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، فقص على والده ما رأى فقال له ألا يقصها على إخوته، ولكن الشيطان وسوس لإخوته فاتفقوا على أن يلقوه في غيابات الجب وادعوا أن الذئب أكله، ثم مر به ناس من البدو فأخذوه وباعوه بثمن بخس واشتراه عزيز مصر وطلب من زوجته أن ترعاه، ولكنها أخذت تراوده عن نفسه فأبى فكادت له ودخل السجن، ثم أظهر الله براءته وخرج من السجن ، واستعمله الملك على شئون الغذاء التي أحسن إدارتها في سنوات القحط، ثم اجتمع شمله مع إخوته ووالديه وخروا له سجدا وتحققت رؤياه.
سيرته:
قبل أن نبدأ بقصة يوسف عليه السلام، نود الإشارة لعدة أمور. أولها اختلاف طريقة رواية قصة يوسف عليه السلام في القرآن الكريم عن بقية قصص الأنبياء، فجاءت قصص الأنبياء في عدة سور، بينما جاءت قصة يوسف كاملة في سورة واحدة. قال تعالى في سورة (يوسف):
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (يوسف)
واختلف العلماء لم سميت هذه القصة أحسن القصص؟ قيل إنها تنفرد من بين قصص القرآن باحتوائها على عالم كامل من العبر والحكم.. وقيل لأن يوسف تجاوز عن إخوته وصبر عليهم وعفا عنهم.. وقيل لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين، والعفة والغواية، وسير الملوك والممالك، والرجال والنساء، وحيل النساء ومكرهن، وفيها ذكر التوحيد والفقه، وتعبير الرؤيا وتفسيرها، فهي سورة غنية بالمشاهد والانفعالات.. وقيل: إنها سميت أحسن القصص لأن مآل من كانوا فيها جميعا كان إلى السعادة.
ومع تقديرنا لهذه الأسباب كلها.. نعتقد أن ثمة سببا مهما يميز هذه القصة.. إنها تمضي في خط واحد منذ البداية إلى النهاية.. يلتحم مضمونها وشكلها، ويفضي بك لإحساس عميق بقهر الله وغلبته ونفاذ أحكامه رغم وقوف البشر ضدها. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) هذا ما تثبته قصة يوسف بشكل حاسم، لا ينفي حسمه أنه تم بنعومة وإعجاز.
لنمضي الآن بقصة يوسف -عليه السلام- ولنقسمها لعدد من الفصول والمشاهد ليسهل علينا تتبع الأحداث.
المشهد الأول من فصل طفوله يوسف:
ذهب يوسف الصبي الصغير لأبيه، وحكى له عن رؤيا رآها. أخبره بأنه رأى في المنام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له. استمع الأب إلى رؤيا ابنه وحذره أن يحكيها لأخوته. فلقد أدرك يعقوب -عليه السلام- بحدسه وبصيرته أن وراء هذه الرؤية شأنا عظيما لهذا الغلام. لذلك نصحه بأن لا يقص رؤياه على إخوته خشية أن يستشعورا ما وراءها لأخيهم الصغير -غير الشقيق، حيث تزوج يعقوب من امرأة ثانية أنجبت له يوسف وشقيقه- فيجد الشيطان من هذا ثغرة في نفوسهم، فتمتلئ نفوسهم بالحقد، فيدبروا له أمرا يسوؤه. استجاب يوسف لتحذير أبيه.. لم يحدث أخوته بما رأى، وأغلب الظن أنهم كانوا يكرهونه إلى الحد الذي يصعب فيه أن يطمئن إليهم ويحكي لهم دخائله الخاصة وأحلامه.
المشهد الثاني:
اجتمع أخوة يوسف يتحدثون في أمره. (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) أي نحن مجموعة قوية تدفع وتنفع، فأبونا مخطئ في تفضيل هذين الصبيين على مجموعة من الرجال النافعين! فاقترح أحدهم حلا للموضوع: (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا). إنه الحقد وتدخل الشيطان الذي ضخم حب أبيهم ليوسف وإيثاره عليهم حتى جعله يوازي القتل. أكبر جرائم الأرض قاطبة بعد الشرك بالله. وطرحه في أرض بعيدة نائية مرادف للقتل، لأنه سيموت هناك لا محاله. ولماذا هذا كله؟! حتى لا يراه أبوه فينساه فيوجه حبه كله لهم. ومن ثم يتوبون عن جريمتهم (وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ).
قال قائل منهم -حرك الله أعماقه بشفقة خفية، أو أثار الله في أعماقه رعبا من القتل: ما الداعي لقتله؟ إن كنتم تريدون الخلاص منه، فلنلقه في بئر تمر عليها القوافل.. ستلتقطه قافلة وترحل به بعيدا.. سيختفي عن وجه أبيه.. ويتحقق غرضنا من إبعاده.
انهزمت فكرة القتل، واختيرت فكرة النفي والإبعاد. نفهم من هذا أن الأخوة، رغم شرهم وحسدهم، كان في قلوبهم، أو في قلوب بعضهم، بعض خير لم يمت بعد.
المشهد الثالث:
توجه الأبناء لأبيهم يطلبون منه السماح ليوسف بمرافقتهم. دار الحوار بينهم وبين أبيهم بنعومة وعتاب خفي، وإثارة للمشاعر.. مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ..؟ أيمكن أن يكون يوسف أخانا، وأنت تخاف عليه من بيننا ولا تستأمننا عليه، ونحن نحبه وننصح له ونرعاه؟ لماذا لا ترسله معنا يرتع ويلعب؟
وردا على العتاب الاستنكاري الأول جعل يعقوب عليه السلام ينفي -بطريقة غير مباشرة- أنه لا يأمنهم عليه، ويعلل احتجازه معه بقلة صبره على فراقه وخوفه عليه من الذئاب: قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ .
ففندوا فكرة الذئب الذي يخاف أبوه أن يأكله.. نحن عشرة من الرجال.. فهل نغفل عنه ونحن كثرة؟ نكون خاسرين غير أهل للرجولة لو وقع ذلك.. لن يأكله الذئب ولا داعي للخوف عليه.
وافق الأب تحت ضغط أبنائه.. ليتحقق قدر الله وتتم القصة كما تقتضي مشيئته!


نتاااااااابع كمان القصه







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:25 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية