بقلم د. وليد أحمد فتيحي- زاوية آفاق من الحياة- صحيفة عكاظ- الثلاثاء- 7-9-1423
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
إنني أزداد إدراكا يوماً بعد يوم لمدى جدية الصهاينة في تحقيق هدفهم في بناء معبدهم المزعوم على أنقاض الأقصى الشريف, وقد كتبت خلال العامين الماضيين مقالات عدة توضح وتكشف وتثبت بالأدلة المدعومة تفاصيل بناء المعبد.
ومما كتبت على سبيل المثال لا الحصر أربع مقالات: (ولتعلون علوا كبيرا) و(حرب أو استسلام) و(انتهت مسرحية السلام ودقت طبول الحرب) و(متحف معبد سليمان) .
ولا أريد أن أكرر ما ذكرت في مقالاتي السابقة, ولكنني سأستشهد بمتقطفات من إحدى هذه المقالات والتي هي بعنوان (متحف معبد سليمان) والتي نشرت في (عكاظ) في أول مايو عام 2001 والتي قلت فيها:
(إن الأمة التي رضيت أن يسفك دماء أبنائها وتراق على أرض الإسراء لن يضيرها أن يسوى الأرض بالمسجد الأقصى, وإسرائيل تعلم ذلك واختارت شارون في هذه الحقبة الزمنية لإتمام المهمة والحلم الإسرائيلي الذي قارب على الاكتمال على أرض الواقع.
وبدأ شارون بالفعل بتهيئة الأمر لبناء الهيكل والمعبد على أنقاض المسجد الأقصى المزمع بناؤه خلال السنوات القادمة (20004- 2006م) وتأكيدا لذلك افتتح يوم الاربعاء 18/4/2001م متحف بجوار المسجد الأقصى في قبو القصر الذي كان يقطنه خلفاء المسلمين طوال القرن السابع الميلادي.
ويعرض المتحف بالكمبيوتر ٍُُِِّّمْ سيٌٍِّفُّيَُ مشروع بناء معبد سليمان المزعوم على أنقاض الأقصى بتفاصيله الدقيقة وكأن المشاهد يسير داخل المعبد فترى فيه الزخرفة الذهبية للبوابات الرئيسية وأماكن دخول اليهود الذين يقصدون المعبد.
ويؤكد العرض أن بقايا المعبد القديم تقع تحت المسجد الأقصى بل وقبة الصخرة كذلك. .. وقد شرحت تفاصيل المعبد في فيلم وثائقي أذيع في التلفزيون الأمريكي قبل أكثر من أربعة أعوام, وفيه يرى المشاهد التفاصيل الدقيقة للبناء والتصميم وساحات المعبد المختلفة وأماكن الصلوات والقراءة بل والساحة الكبيرة التي يفترض أن يذبح المتعبدون فيها أضحياتهم وطرق التعقيم الفوري للساحة بأحدث الوسائل, بل وقد صممت الأزياء التي يفترض أن يرتديها العابدون ورجال الدين على اختلاف مراتبهم, وفيه ذكر لعام 2005م كهدف لبناء المعبد.
والحقيقة أن إسرائيل لن تحتاج الى أن تستعين بالجرافات والمعدات الثقيلة لهدم المسجد الأقصى فالأنفاق التي يقوم اليهود بحفرها تحت المسجد الأقصى ستؤدي إلى سقوط المسجد تلقائيا في السنوات الثلاث القادمة كما هو مقرر ومخطط..
انتهت المقتطفات من مقالي بعنوان (متحف معبد سليمان).
* * *
وباقتراب موعد تحقيق الهدف والشروع في وضع حجر أساس المعبد, بدأ الإعلام المسخر لخدمة الصهيونية كما هو المعتاد بتهيئة الرأي العام وتزييف الحقائق, فتطالعنا مجلة (نيوزويك) هذا الاسبوع في الرابع من نوفمبر لعام 2002م بمقال يجسد قمة الإجحاف والصفاقة ويؤكد جدية الصهاينة في المضي في مخططهم, وعنوان المقال )شوم ءٍْفهفللَُ طفٌٌ( (جدار الهرمجدون) أو (جدار الملحمة الكبرى).
يبدأ المقال بالتحدث عن خلل (ارتداد ونتوء) في الجدار الأثري (حائط البراق الذي أسماه اليهود حائط المبكى زيفاً وكذباً). واليكم ترجمة بعض ما ذكره المقال: (إن خللاً ارتدادياً بسيطاً في الجدار الأثري للمدينة القديمة جعل بعض الإسرائيليين يتحدثون عن الهرمجدون. إن هذا الحائط ليس بأي حائط, إن الحجارة القديمة هي التي تحمل الأرضية الحجرية الضخمة المرتفعة والتي تحمل المسجد الأقصى وحجر الصخرة, وعندما سيتدفق آلاف المصلين المسلمين للمسجد في شهر رمضان الحالي فإن الوزن الزائد قد يؤدي إلى سقوط الحائط, وهذا ما يؤكده عالم الآثار اليهودي Gabriel Barkay في المقال, بل ويعتقد أن أجزاء من المباني سوف تنهار وستؤدي إلى وفاة كثير من المصلين مما يؤدي إلى مظاهرات في الشرق الأوسط, ويؤكد كذلك أن كل ما يحتاجه وقوع الكارثة هو تجمع عدد كبير من المصلين المسلمين في منطقة واحدة,
ويدعي المقال أن المسجد الأقصى ومسجد الصخرة قد بنيا فوق أقدس بقعة لليهود على أنقاض معبدهم القديم وبذلك فإن هذه البقعة المقدسة هي ملك لليهود, ويستمر المقال في الكذب والافتراء بكل صفاقة ليتهموا الفلسطينيين بأنهم هم السبب في إحداث هذا الخلل في الجدار الذي يدعم المسجدين بادعائهم أن الفلسطينيين في أواخر التسعينات وضعوا أرضية جديدة تحت ما يسميه اليهود اسطبل سليمان ويسميه المسلمون المسجد المرواني, بل ويتهم عالم الآثار اليهودي (باركي) Barkay وبقية علماء الآثار اليهود الذين يعملون في التنقيب تحت المسجد الأقصى منذ عقود, يتهمون أعمال البناء التي تقوم بها مؤسسة الوقف الإسلامي بتحطيم الآثار اليهودية القديمة والتي تثبت أن المعبد كان تحت الأقصى ويدعي باركي أن هذه أكبر جريمة في الآثار ترتكب في هذه البقعة من الأرض).
إن العد التنازلي قد بدأ, والوقت قد ضاق على اليهود, فالأقصى لابد أن ينهار, ولابد للهيكل المزعوم أن يبنى في الوقت الذي خطط لبنائه منذ زمن طويل (2004-2006)م. إن كل ما كتب في عدد النيوزويك هذا الاسبوع لم يأت من فراغ, بل إرهاصات حدوث أمور عظام في أمة نسيت من هي, ونسيت رسالتها فانهارت عزيمتها وبانهيار عزيمة الأمة ما علينا إلا أن نسأل متى سينهار المسجد الأقصى?
العرض العادي
