وقف قلمي بعد كتابة العنوان متجمدا كمن وجد نفسه تحت سماء تنثر غضبها ثلوجا لاترحم يحاول جاهدا ان يختبيء من غضبها دون جدوى .....
أخذت تجوبني الذكريات وبدأت مسبحة الماضي تهوي خرزاتها تباعا وأحسست اني سألعب لعبة لست اقدر على مرارة المها ولكن الى متى سأظل ضعيفا أمام ذكرياتي حتى وان كانت مؤلمة قاسية ... الى متى ..!
اليوم مراسم احتفال الجرح بعيده العاشر وسأثبت لهذا الجرح اني لم اعد كالسابق ذلكم الضعيف الذي يطل عليه ألم الذكرى فيجعله جسدا بلا روح يتخبط في امره غير مدرك لكل ماهو كائن حوله ....
اعتزمت على ان يكون مسرح الاحتفال هو نفس المسرح الذي شهد ولادة الجرح بعامه الاول وما ان وصلت ذلكم المكان حتى وقفت امامه شارد الذهن فالمكان هو المكان ولكن الزمن هو من تغير فقط .. وقفت امامه تتلاعب العبرات بحنجرتي فتتحشرج العبرة مخنوقة لاتقوى الظهور وكرات الملح تتراقص داخل محاجري ....
كل شيء في ذلك المكان على هيئته الغصن لايزال انحناءه الذي يشبه كهلا جار عليه الزمن فتقوس ظهره .. الارض المتصدعة من قلة الماء ... خرير الماء باحدوى زوايا المكان يعزف سيمفونية حالمة تثير الشجون فتخلق حبا من العدم ... في ناحية اخرى من المكان مساحة خضراء تحيط بها شجيرات تتمايل مع نسمات الهزيع الاخير من الليل كنت انذاك اعيش لحظاتها وكأني باحدى جنان الله في الارض .. ولكن اليوم لااراها سوى نجيلة تحفها شجيرات صغيره لم يعد لوجودها اي معنى ...
في غمرة الشرود أحسست بشيء من التعب فاستقرت خطاي بجوار شتلات من الزهور كنت اداري رونقها وابتهج بارريجها واخطب ودها كما لو كانت قد خرجت من صلب ظهري لتجد مني كل هذا الاهتمام وضعت يدي على على اغصانها محاولا اعادتها لشموخ كانت تزهو به كما كنت تركتها فهمست لي والحزن يعتصر بقايا ذبول وريقاتها ( حرام كسر الخواطر كثر الجفا مايفيد ) وقعت كلماتها كسهم توغل بداخلي لايريد الاستقرار ... اتعبتني كلماتها وتمنيت ان لو اغمض عيناي لاعود افتحها فاجد الشموخ والكبرياء الذين عهدتهما من قبل ولكن هو الحال دوامه من المحال ..
سحبت يداي على استحياء فقد عقدت العزم على ان لا اضعف مهما كانت الظروف فانا على موعد مع التحدي الاكبر في احتفال جرحي بعيده العاشر وصرفت نظري عن ذبول زهيراتي والالم يلوك بداخلي متحاشيا اياه واستاذنت قلبي بان اكون انا من يطفيء شموع جرحي العاشر !
- اجاب والذهول يجتاح تفاصيله الممله .. وهل ستقدر على ذلك !
- اجبته ان دعني اجرب واخوض التحدي لابدا حياة جديدة والبي رغبة شخص يسكن داخلك رغما عني فقد كتب لي بان ابعد عن سوداويتي في الكتابه وارى ان هذه اولى خطوات الامتثال لامر ذلك الصاحب .. امنحني الفرصة فقط وسترى !!
يسود الصمت في ذلك المكان وتنقلني اللحظات من المر للامر ويرتخي الهدب ليطفيء النور من حولي وادخل في عالم من السواد لاعيش لحظات الاحتفال وكنت احتاج لمن يمنحني الامان والثقة لاجابه الموقف بكل قوة فامتدت يدي لغصن الورد والذي اتكأ بيدي اليسرى جواره فامسكته بشده وراسي قد انحنى بهدوء متعب لكتفي الايسر وفجأة ينبعث صوت يشبه صوت الناي لا اعلم من اين مصدره وابتدا يفتح جراح الماضي ومع كل جرح كان يزداد ارتعاشي .. امسكت بالغصن وشددت عليه بقوة اكثر .. ينخفض صوت الناي ومن اقصى المكان يتقدم موكب يتوشحبلباس احمر كاحمرار الدم يحمل معه قلبا ضخما - أظنه تضخم من جراح تسكن داخله - فابتدأ يمتزج بداخلي يأس وأمل لااعرف كيف اجتمعا ولكنهما اجتمعا فازداد تمسكي بالغصن اكثر فاكثر فاكثر ... اقترب الموكب ليزاحم اغصان زهوري الذابله وانزلوا ذلك القلب الضخم من على اكتافهم لياخذ حيزا امام وضع الانكسار الذي امتثله واذ بي ارى اضلعا عشر ا توغلت باركانه قد توقد اعلاها بوميض ليس يشبه النار ولكن له حرارة كحرارة النار المتوقده ثم توزع افراد الموكب ليمثلوا نصف دائرة حول ذلك الضخم الذي يفترش المكان .. اخذت اجوب ببصري عبر الوجوه الحاضره فلم استطيع ان اميز منها سوى اخر وجه من الطرف المجاور لي فاستوقفني بصري الا تالف هذا الوجه ! .. نعم انه وجه (.....) ولكن مالذي اتى به الى هنا ومع هذا الموكب ..
انه الاحتفال الذي كلانا سببا فيه فالجرح مشترك ويجب ان يكون الحظور مشتركا ...
اخذني التامل لبرهة ليست بالقصيره وحرارة الاضلع المتوقده تلسع برودا يجتاح وجهي الشاحب وذلكم الغصن يتالم يريد الخلاص المحال فهو يختنق ويتمتم بهمس لايكاد يسمع .." قد اتعبني الزمن واذبل زهورا كنت افاخر بها وهاانت اليوم بيدك تريد ان تكمل جور الزمن " ولكني لم اعره اي اهتمام وازداد تمسكي به اكثر من ذي قبل فاقتربت لاطفيء الشموع العشر وعيناي لاتكاد تفارق وجه (......) فاخرجت زفرة قد امتلا بها وجع عشر من السنين خلت فانطفات الشموع عدا واحدة ظلت تلتهب ثم اختفى الجميع سوى (......) فقد تقدم الى ان وصل الشمعة الاخيرة فجثى على ركبتيه ويداه ترتعشان على اطراف القلب الضخم فحاول ان يطفاها ولكن بلا جدوى فحاولنا سويا وبلا فائدة تذكر الى ان ابتدأ يسيل من اعلى الضلع نقطا تشكلت بعبارة على مساحة تتوسط القلب وقفت امام تشكلها بكل الم الى ان اكتملت .." لايزال للجرح بقيه وكل عام والجرح بخير " .. اختفى القلب من المكان وعاد البرود ليحل بوجهي بعد ان كان يصرعه لهين النار وبقيت وحدي بذلك المكان .....
فتحت عيناي واذ بي بكل حماقة قد كسرت ذلكم الغصن الذي امسكت به بكل قوتي وقد اجتمع نزفه براحة يدي فحضنت النزف بكفي ثم رفعتها وقبلت النزف بكل الم وانا اتمتم بصوت خافت " اطفات جل الشموع وكسرت بقية شموخك لابتدأ رحلة جديدة مع القلم فاكتب للفرح وللامل تاركا سوداويتي المؤلمه مع اني اجزم انها ستعود في يوم من الايام فالجرح لازال ينبض ويكبر معنا ولكن ساهمله حتى يتوسل لي بان اكتبه ولن اكتبه "...
رميت ببقايا الغصن ونهضت مستجمعا قواي وعدت من حيث اتيت وبداخلي تختلج مشاعر غريبه لااعلم لها سببا فصرخت بصوت عال ملأ المكان وردده شيء هناك خلفي ولكن بنفس صوتي ... ساكتب للفرح وساكتب للامل وساركن الجراح بعيدا حتى يحين موعدها وربما لن يحين .... ربما ....... ربما .....................
العرض العادي
