العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > المنتدى الثقافي
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-03-2013, 07:54 PM   رقم المشاركة : 1
سُكـونْ
(مشرفة المكتبة الأدبية والثقافي)
 
الصورة الرمزية سُكـونْ
Icon9 الأنتحار ....!!

من العجيب أن التقدم الذي جاء بمزيد من وسائل الترف
و الراحة و بمزيد من التسهيلات للإنسان.. قد قابله الإنسان
بمزيد من الرفض و السخط و التبرم
فرأينا إحصائيات الانتحار ترتفع مع مؤشرات التقدم في كل بلد.
. كلما ازداد البلد مدنيةً
ازداد عدد الذين يطلقون على أنفسهم الرصاص و يلقون
بأنفسهم من النوافذ و يبتلعون السم
و يشربون ماء النار.. هذا غير الانتحار المستتر بالخمور
و المخدرات و التدخين و المنومات و المسكنات و المنبهات..
و في مقدمة هؤلاء المنتحرين طلائع فن و فكر وثقافة تعود الناس أن
يأخذوا عنهم الحكمة و العلم و التوجيه.

و وصلت الموجة إلى بلادنا فامتلأت أعمدة الصحف
بأخبار ابتلاع السم و إطلاق الرصاص و الشنق و الحرق..
و قال المختصون إن نسبة الزيادة الإحصائية تجاوزت العشرين في المائة..
و هو رقم كبير.
و الازدياد متواصل سنة بعد سنة.
و السؤال.. لماذا.. و ما السر؟
و ما سبب الانتحار؟

و إذا تركنا التفاصيل جانباً و حاولنا تأصيل المشكلة وجدنا
جميع أسباب الانتحار تنتهي إلى سبب واحد..
أننا أمام إنسان خابت توقعاته و لم يعد يجد في
نفسه العزم أو الهمة أو الاستعداد للمصالحة مع الواقع الجديد أو الصبر على الواقع القديم.

إنها لحظة نفاد طاقة و نفاد صبر و نفاد حيلة و نفاد عزم.
لحظة إلقاء سلاح.. يأس.. ما يلبث أن ينقلب إلى اتهام
و إدانة للآخرين و للدنيا ثم عداوة للنفس و للآخرين
و للدنيا تظل تتصاعد و تتفاقم حتى تتحول إلى حرب
من نوع مختلف يعلنها الواحد على نفسه و يشنها على باطنه،
و في لحظة ذروة تلتقط يده السلاح لتقتلع المشكلة من جذورها..
و لتقتلع معها الاحساس المرير و ذلك بطمس العين
التي تبصر و قطع اللسان الذي يذوق و تحطيم الدماغ الذي يفكر و تدمير اليد التي تفعل و القدم الذي يمشي.


و هو نوع من الانفراد بالرأي و الانفراد بالحل
و مصادرة جميع الآراء الأخرى بل إنكار أحقية كل وجود آخر غير الذات.

و لهذا كانت لحظة الانتحار تتضمن بالضرورة الكفر بالله و إنكاره و إنكار فضله و اليأس من رحمته و اتهامه في صنعته و في عدله و رفض أياديه و رفض أحكامه و رفض تدخله.
فهي لحظة كبر و علو و غطرسة و استبداد.
و ليست لحظة ضعف و بؤس و انكسار.
و بدون هذا العلو و الكبر و الغطرسة لا يمكن أن يحدث الانتحار أبدا.

فالإنسان لا ينتحر إلا في لحظة دكتاتورية مطلقة و تعصب أعمى لا يرى فيه إلا نفسه.
و الانتحار في صميمه اعتزاز بالنفس و تأله و منازعة الله في ربوبيته.
و المنتحر يختار نفسه و يصادر كل أنواع الوجود الآخر في لحظة غل مطلق.. في لحظة جحيم..
و لهذا يقول الله أن من قتل نفسه يهوي إلى جحيم أبدي، لأنه قد اختار الغل و انتصر للغل و أخذ جانب الغل عند الاختيار النهائي للمصير.

و الانفراد المطلق في الرأي عصبية و غل و نارية إبليسية..
و النفس المتكبرة الأمارة بالسوء هي نار محضة و ظلمة..

و كل منا في داخله عدة احتمالات لنفوس متعددة..
في داخل كل منا نفس أمارة ظلمانية توسوس له بالشر و الشهوات..
و نفس لوامة نورانية تحضه على الخير ثم كل المراتب النفسية علواً و سفلاً فوق و تحت هاتين المنزلتين.

و كل نفس في حالة تذبذب مستمر بين هذه المراتب صاعدة هابطة فهي حيناً ترتفع إلى آفاق ملهمة و حيناً تهبط إلى مهاو مظلمة شهوانية.
ثم في النهاية تستقر.. فإذا استقرت على الرفض و الكبر و الغطرسة و الغل ثم اقتلعت أسنانها و لسانها و سمعها و بصرها و قطعت رقبتها في غل نهائي لا مراجعة فيه.. هي قد اختارت الجحيم بالفعل.. بل إنها في ذاتها قبضة نار لا مكان لها إلا في الجحيم.

(ناراً وقودها الناس و الحجارة)
يقول ربنا إن هذه النفوس هي وقود النار و جمراتها
و مصدر الطاقة النارية فيها، و معنى هذا أنها أشد نارية من النار.

و المنتحر يتصور أنه سوف يتخلص من نفسه،
و لكن لا خلاص و لا مهرب لإنسان من ذاته، فهو لن يخرج بالانتحار إلى راحة، بل هو خارج من النار الصغرى إلى النار الكبرى و من النار الزمنية إلى النار الأبدية.
و لنتجنب هذا المصير فإننا لابد أن نتجنب المشكلة أصلاً.

و المشكلة أصلاً هي التعلق.. و من ليس له تعلق بشيء لا ينتحر لشيء.
و لا يجوز عند المؤمنين تعلق إلا بالله فهو وحده جامع الكمالات، الدائم الباقي الذي لا يتغير و لا تخيب عنده التوقعات و لا تضيع الآمال.

و الله هو المحبوب وحده على وجه الأصالة و ما نحب في الآخرين إلا تجلياته و أنواره، فجمال الوجوه من نوره و حنان القلوب من حنانه فنحن لا نملك من أنفسنا شيئاً إلا بقدر ما يخلع علينا سيدنا و مولانا من أنواره و أسمائه.
فنحن لا نحب في بعضنا إلا هو.

و هو حاضر لا يغيب و لا يهجر و لا يغدر و لا يغلق بابه في وجه لاجىء و لا يطرد من رحابه ملهوف.
فالواقفون عنده مطمئنون راضون ناعمون لا يخطر لهم الانتحار على بال سعداء في جميع الأحوال.

إنما ينتحر الذي تعلق بغيره.

الذي تعلق بليلاه و معشوقته و ظن أن جمالها منها فتعلق
بها لذاتها تعلق عبادة، و أصبح يتوقع منها ما يتوقع عبد من معبود
و ربط نفسه بها رباط مصير. و نسى أنها ناقصة كسائر الخلق و محل للتغير و التبدل تتداول عليها الأحوال و التقلبات فتكره اليوم ما أحبته بالأمس و تزهد غداً فيما عشقته اليوم.
و نسى أن جمالها مستعار من خالقها و أنها إعارة لأجل و حينما ينتهي الأجل ستعود أقبح من القبح.

مثل هذا الرجل المحجوب الغافل إذا أفاق على الصحوة المريرة و فاجأه الغدر و التحول، يشعر شعور من فقد كل رصيده و أفلس إفلاس الموت و لم يبق له إلا الانتحار.

و لو أنه رأى جمالها من خالقها لأحب فيها إبداع صنعة الصانع و لكان من أهل التسبيح الذين يقولون عند رؤية كل زهرة.. الله..
فإذا رأوها في آخر النهار ذابلة.. قالوا حقاً لا إله إلا الله..
فحبهم لله و في الله و روابطهم روابط مودة و معروف لا مقصد لها و لا غرض و لا توقع.. فالغدر لا يفاجئهم و الهجر لا يصدمهم و شأنهم كما يقول المثل العامي.. اعمل الخير و ارمه البحر.. يبسطون أيديهم بالمعونة دون حساب لأي عائد و دون توقع لثمرة.

هؤلاء هم أهل السلامة دائماً.
و هم أهل الطمأنينة و السكينة لا تزلزلهم الزلازل و لا تحركهم النوازل.
هم أهل الطمأنينة اليوم.
و هم أهل الطمأنينة يوم الفزع الأكبر..
يوم لا تملك نفس لنفس شيئا، و يوم لا ينفع مال و لا بنون.
و هؤلاء لا يتعلقون إلا بالله.
و لا يؤملون إلا في الله.
و لا يتوقعون إلا من الله.

إن المشكلة هي بالدرجة الأولى مشكلة إيمان.. فكلما
وضعت التكنولوجيا في يد الإنسان قوة و ثروة و استغناء
ازداد بعداً و غروراً و كبراً و تمرداً، و ازداد تعلقاً و ارتباطاً
بالأصنام المادية التي خلقها، و ازداد خضوعاً للملذات
التي يسرها لنفسه.. و تصور أن قوته سوف تعصمه
و علمه سوف يحميه فأمعن في غروره.

و هل عصم الجبل ابن نوح من الطوفان ؟!
بل كان من المغرقين.
( فلا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ).

ضع يدك في يد الله و لا تبرح و حسبك
من علاقتك بالناس أن تبذل لهم مودتك و رحمتك على غير توقع لشيء..
فذلك هو قارب النجاة في عالم اليوم.. عالم الانتحار و المنتحرين.


للدكتور / مصطفى محمود.






التوقيع :
ورحل أبوي وما بعد رحيله حياة .

قديم 04-03-2013, 08:25 PM   رقم المشاركة : 2
ملكة الرومنس
( مشرفة العام والمكتبه الادبيه )
 
الصورة الرمزية ملكة الرومنس

يعطيك ربي ألف عافيه
طرح رآئع وتواجد مميز ننتظر مزيد من العطاء
ودي وتقديري






قديم 05-03-2013, 12:37 AM   رقم المشاركة : 3
شمس القوايل
المشرفة العامة
 
الصورة الرمزية شمس القوايل

يعطيج العافيه سكون ع الطرح القيم

مجهود مميز عساج ع القوه

ننتظر جديدج القادم







التوقيع :


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

قديم 17-03-2013, 08:24 PM   رقم المشاركة : 4
سُكـونْ
(مشرفة المكتبة الأدبية والثقافي)
 
الصورة الرمزية سُكـونْ

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ♪♥̊۾ـلگـةﭐلر̉و۾ـنسے̊♥♪
يعطيك ربي ألف عافيه
طرح رآئع وتواجد مميز ننتظر مزيد من العطاء
ودي وتقديري

يآ اهلا وسهلا بِ "ملكة "
ويعافيك ربي دائماً ,,

حضورك أسعدني وتشرفتا كثير به ..
كل الشكر ,, والود الك .






التوقيع :
ورحل أبوي وما بعد رحيله حياة .

قديم 17-03-2013, 08:24 PM   رقم المشاركة : 5
سُكـونْ
(مشرفة المكتبة الأدبية والثقافي)
 
الصورة الرمزية سُكـونْ
Icon7

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شمس القوايل
يعطيج العافيه سكون ع الطرح القيم

مجهود مميز عساج ع القوه

ننتظر جديدج القادم

يآ اهلا وسهلا بِ "شمس الود "
ويعافيك ربي دائماً ,,
حضورك أسعدني وتشرفتا كثير به ..
كل الشكر ,, والود الك .






التوقيع :
ورحل أبوي وما بعد رحيله حياة .

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:01 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية