خرج ( عبيد بن الأبرص ) إلى الحج ... فلما توسط في الصحراء ... و كان يوم شديد الحر... حدثت ضجة في مقدمة القافلة ... فتوقفت . و تقدم ( عبيد ) إلى أول القافلة ... ليعرف الأمر ... فإذا بثعبان أسود ضخم ... له خوار كالثور... و رغاء كالبعير ... قد اعترض القافلة ... و كلما حادوا عنه ... تعرض لهم ... و لم يتجراء أحد على الاقتراب منه .
فقال ( عبيد ) : أفدي هؤلاء الناس بنفسي ... و أتقرب إلى الله بخلاصهم ... فسل سيفه و تقدم ... و كان على ظهره قربة ماء ... فلما اقترب من الثعبان ... سكن ... و فتح فمه ... فصب ( عبيد ) الماء في فم الثعبان ... حتى فرغت القربة ... فانسل الثعبان في الرمل و ذهب ... فتعجب الناس من اعتراضه لهم و ذهابه دون أن يؤذي أحداً !!
مضى الناس .... و في طريق عودتهم ... حطوا رحالهم ليستريحوا... فنام عبيد ... ولما استيقظ وجد القافلة قد مضوا و تركوه... فاضطرب ... و احتار ... منفرداً في الصحراء .
و إذ بصوت يناديه : خذ هذا البعير ... و اترك بعيرك ... لتلحق بقافلتك . فركبه ... فما أضاء الفجر إلا وهو عند قافلته .... فنزل من البعير ... وقال :
يا أيها البكر قد أنجيت من كرب *** و مـن هـمـوم تــضـل المد لج الهــادي
ألا فـــخــبـــرني بالله خــالـقـــنـا *** من ذا الذي جاد بالمعروف في الوادي
فلتفت البكر إليه وهو يقول :
أنا الشجاع الذي ألفيتني رمضاً *** و الله يـكـشـف ضـرّ الحـــائــر الصـادي
فـجــدت باـلماء لما ضن حامله *** نصف النهار على الرمضاء في الوادي
الخير أبقى وإن طال الزمان به *** و الـشـر أخـبــث مـا أوعــيــت مـن زاد
هــذا جــزاؤك مــنـا لا يـمـن به *** لــــك الـجـميــل عـلـيـنـا إنــك البـــــادي