حبيبتي يا قرة عيني ومسرة قلبي من أين أبدأ وماذا أقول ؟
أأبدأ من الساعة التي صبا فيها إليك قلبي أم من أوقات الشوق التي فتكت بفؤادي أم من الليالي التي أتيتني فيها بالرؤيا أم من اليوم الذي اتخذت فيه قراري ؟
لا بل سأبدأ من اللحظة التي اختارها كلينا لحظة الفراق .
أحببتك وربي حباًّ خالصاً لاتشوبه شائبة وبنيت صرحاً عانق عنان السماء ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .
ساء الدنيا أن تراني أنال مرادي وتعلوا البسمة محياي فجلبت خيلها وركابها وجيشت جيوشها وعبأت جحافلها حتى تم الفراق الذي أمقته أشد من مقت الأرض للدم المسفوح فلا تلوميني يا أطيب نفحة مسكٍ تضمخت بها أجوائي فهذا الأمر خارج عن إرادتي .
ألا تعلمين ما أنتِ بالنسبة لي ؟
أنتِ الرحمة المهداة لقلبي في خضم هذه الأحزان .
بل أنتِ قلبي الذي يمدني بالحياة وروحي التي تخفق بين جوانحي وجنتي التي أجد فيها سعادتي فاذكري إذا هطل المطر أدمعي التي ذرفتها حنيناً إليكِ .
ما زلت أهواكِ وأذوب شوقاً لمرآكِ ومع ذلك سألملم جراحي وأرحل بعيداً إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً .
سأقيم على العهد وإن فتك بي الشوق والوجد حتى أوسد في اللحد .
سأذكركِ ما تعاقب القمران وناحت الحمائم فوق الأغصان وبكى الشعراء الإخوان إلى أن تطوى صفحة الزمان .
سأشتاقكِ ما هبت الصَّبا وحن الغريب إلى مرابع الصِّبا إلى أن تتساوى الوهاد والربا .
رباه تعلم وعزتك وجلالك أني استعذبت الهجر وارتضيته لرضاك رغم حرق الشوق التي تضطرم بين جوانحي فاشفني من داء الحب العضال الذي أنهكني وأرقني .
رباه أنزل علي صبراً وثبتني فقد فتك الشوق بقلب أوهنته الأشجان وأحرق عروقاً يبست منذ أزمان من مفارقة الأحباب والخلان .
العرض العادي
