كلمة قصيرة ألقيت في المسجد الأقصى في حينه ...
يومَ غابَ إمامُنا استأسدَ الجـِعلانُ علينا
الحمدُ للهِ القائل ِفي محكم ِالتنزيل:
( أولئكَ الذينَ اشترَوُا الضَّلالة َبالهدى فمَا ربحَتْ تجارتـُهُم وما كانوا مُهتدين{16} ) البقرة .
ويقولُ الرسولُ الأكرمُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ : ( يُوشِكُ أن تداعى عليكمُ الأممُ من كلِّ أفق ٍكما تداعى الأكلة ُعلى قصعتِها ، قلنا يا رسولَ اللهِ : أمِـن قلةٍ بنا يومَئِذٍ ؟ قال : أنتم يومَئِذٍ كثيرٌ، ولكن تكونونَ غـُثاءً كغثاءِ السيل ِ، يَنتزِع ُالمهابة َمن قلوبِ عدوِكم ويَجعلُ في قلوبكمُ ألوَهْنَ ، قلنا وما الوَهن ؟ قال حُبُّ الحياةِ وكراهية ُالموت ) .
فواللهِ إنَّ القلبَ ليحزنُ,
وإنَّ العينَ لتدمعُ,
وقد استأسدتْ يهودُ على أبناءِ خيرِ امةٍ أخرجتْ للناس ِ,
فمزقتِ الشملَ ,
وفرقتِ الأهلَ ,
ضيَّـقتْ على العبادِ ,
وقتلتْ الشيوخ َ والنساءَ والأولادَ ,
وهيَ لا تزالُ تفتِكُ وتهدِمُ , تقصفُ وتغتال,
ولا يزالُ ساستـُكُم يستجدونهُم ويأملونَ فيهمُ الخيرَ حفظاً على ماءِ وجوهِهم ,
وقد استكانوا إليهم ورَكنوا ، وما تصريحُ حاكم ِمصرَ قبلَ أيام ٍبدعوةِ إسرائيلَ لضبطِ النفس ِإلاَّ إقرارًا بما تقومُ بهِ وتقترِفـُهُ بحقِّ أهل ِفلسطينَ وكأنهُم قد اغتصبوا أرضهَا واعتدوُا على حُرُماتِها , فأدى بها ذلكَ إلى الإستئسادِ عليهم والإمعان ِفي ذبحِهم وقتلِهم ,
ومنَ المُلفِتِ للنظرِ أنَّ المجازرَ الإسرائيلية َفي فلسطينَ عموماً وغزة َهاشم ٍخصوصاً تشتدُّ حِدَّتـُها وتزدادُ وطأتـُها بعدَ كلِّ زيارةٍ يقومُ بها رئيسُ المخابراتِ المصريةِ عمر سليمان, يجتمعُ خلالهَا مَعَ مسئولينَ أمنيينَ منَ السلطةِ أو مسئولينَ عسكريينَ من يهودَ المغتصبينَ لأرض ِالإسراءِ والمعراج ِ .
مِمَّا يُؤكدُ وجودَ تواطيءٍ بينهُمْ وبينَ يهود . هذا على الصعيدِ الخارجيِّ .
أمَّا على الصعيدِ الداخليِّ :
فقد ظهرَ زعماءُ فلسطينَ من أوكارِهِم , وأطلـُّوا عن صمتِهم ليُناشدوا الحكوماتِ العربيةِ وما يسمَّى بدول ِالعالم ِالإسلاميِّ والمجتمع ِالدوليِّ .
يُناشدونهُمْ التدخلَ لوقفِ المجازرِ التي تقترفـُها إسرائيلُ بحقِّ أهل ِفلسطينَ ,
وكأنَّ الدولَ العِظامَ صاحبة ُالتأثيرِ في السياسةِ الدوليةِ وهي الفاعلة ُكذلكَ في تحديدِ الموقفِ الدوليِّ , أو ما يُسمَّى بالمجتمع ِالدولي ,
غيرُعالمةٍ بما يدورُ ويجريْ من أحداث ,
وقد سَطـَّرَتْ بنفسِهَا معالِمَ سَيرِهِ وخـَطـَّتهَا ورَعتهَا على عين ٍ بصيرةٍ .
أيُّها المُسلمون :
إنَّ زعمائـَكم في فلسطينَ ,
أولئكَ المناشِدُونَ ,
كانوا ولا يزالونَ أصحابَ اليدِ الطولى في كلِّ شر،
وفيما أنتم فيهِ من مصائبَ وويلاتٍ تشيبُ لهولها الولدانُ ,
فقد خدعوكـُم وضللوكـُم على مدى عقودٍ طويلةٍ منَ الزمن ِ,
بألهياتٍ كاذبةٍ,
من شعاراتٍ وطنيةٍ وقيم ٍثوريةٍ ،
ليصلوا مَعَ أعدائِكم إلى صلح ٍوسِلم ٍدائم ٍمخزٍ مُذل ,
تدومُ لهم بهِ السلطة ُويبقى المنصبُ ,
حتى إذا تمادتْ يهودُ عليكم وفعلوا أفاعيلهُم ,
تحركَ هؤلاء ِعلى صُعُدٍ مختلفةٍ وقد قـُضَّتْ مضاجعُهُم وعلا الحُزنُ وجوهَهُم ,
لا رأفة ًبكم
ولا حرصاً عليكم ,
بل خشية ًعلى مناصبَ ألِفـُوهَا وكراسيَّ عشقوهَا ,
أوَ ليسوا قد شَرَوْا الآخرة َبالدنيا ؟
إيّ وربِّي!!
وانكبـُّوا على نيل ِما يَسُرُّ الأفئدة َويَسحَرُ العيونَ من نساءٍ خُضَّع,
ومالٍ يُجمَع , وبناءٍ يُرفع , وخمرٍ تـُعقر .
إخوتي وأحبتي: إنَّ ليلَ الظلم ِ قصيرٌ وإن طالَ أمَدُه ,
وإنَّ عُمُرَ الظـُّلام ِأقصر،
وإن زادَ حَصدهُ,
فقد عَمَرَتِ الدنيا دونَ الآخرةِ قلوبَهُم فغرَّهُم متاعُهَا ,
وزادَ في طغيانِهم زُخرُفـُهَا ,
فاستبدلوا الشرَّ بالخيرِ،
وأثروا الفانية َعلى الباقية َ.
ورضا أسيادِهِم على رضا اللهِ وطاعتِهِ ,
فلا تكونوا لهم عوناً ,
وقد نـُهيتم عن موالاتِهم وبانَ لكم فـُحشُهُمْ وظلمُهُم وفِسقـُهُم ،
بل كونوا لأهل ِالحقِّ أنصاراً وأعواناً وظهراً يستندونَ إليهِ ،
ورُكناً شديداً بعدَ اللهِ يُأويهم .
فهم ورثة ُالأنبياءِ وأثقلُ النـَّاس ِحِملاً فلا تخذلوهُم ، فواللهِ إنَّ النـَّصرَ ليَتنزَّلُ عليهم وعلى مَنْ سلكَ خـُطاهُم .
وصدقَ الله : ( إنَّ رحمتَ اللهِ قريبٌ منَ المُحسنين {56}) ألأعراف .
العرض العادي
