يصعب على البشر في بعض الأوقات تحمل الآخرين ، فيشعرنــا ذلك
بالنفور وعدم الطمأنينة والراحه ، رغم أنها لحظات قليله وتحت ظروف
معينة وقتيه ، إلا أن رفضهم لنا يولد فينا رفض لهم ولمحيطهم .
هناك من هم يَلقون الرفض من المجتمع أكمل ، أينما ذهبوا لا يجـدوا
القبول والاستحسان ، قد تختلف درجة قبولهم من شخص لآخر ومن
حاله لأخرى ، ولكنهم في النهاية مرفوضون .
تكثر حولهم علامات الاستفهام ، من ذاتهم ، وممن هم حولهم ، وقـد
ينتهي بهم المطاف للعزلة والوحده وفي الكثير من الأحيان للضياع .
- أجساد مرفوضة -
جسد إمرأة في العقد الثالث
منذ أن تولد الفتاة وترى بعينيها نور الدنيا يبدأ بملازمتها شبح الثلاثين ،
وتظل تترقبـه كل يوم وكل ليلـة ، ومـا أن يقترب منهـا حتى تبـدأ في
الانهيار ، خاصة إذا كانت ما زالت آنسه لم يسبق لها الزواج .
يرفضها الرجل ، ويرفضها المجتمع ، وتكون وكأنها أعجوبة من عجائب
الدنيـا ( تعدت الثلاثين وما زالت آنسه ؟ ) سـؤال يستنكر بـه المجتمع
أجمـع وضع مــرأة الـعقد الثــالث ، ومؤخـراً أكمـل الـمجتمع مسلسل
الاستنكـارات ؛ ففي المقـابلات الشخصيـه للوظـائف الكل يستنكر إذا
مـاكـانت المتقدمـة في العقد الثـالث من العمر والنتيجـه لهذا الخطـــأ
الشنيع الذي ارتكبته هو رفضها أياً كانت مؤهلاتها .
إنذار: مرأة العقد الثالث هي النضوج الفكري والإستقرار ، وهي
كـائن بشري ككل الكـائنات البشريـه ، رفضها وعدم شعورهـا بالقبول
من المجتمع قد يؤدي إلى قوقعتها لذاتها أو ضياعها .
جسد مريض نفسي
البشر مخلوقـــات تعتمد على الكثير من الأمورلتستطيع المواصلـــــه
في هذه الحياه ، ونظراً لأن قـدراتهـم تختلف من شخـص لآخـر ، ومن
حين لآخر ، ونظراً لاختلاف الظروف المحيطة بنــــــا ، قد يصـل البعض
لمرحلـة لا يستطيـع فيها مواجهـةالواقـــع ، تتراكم عليه الضغــــــوط
والمشــاكل التي لا يستطيع مقاومتهــــا ، ليصل إلى مرحلة اليــــأس
فالإنطواء والإكتئاب ، تلك حالات نفسيه يمر بهاالكثيرون ، لذا احتــاجوا
إلى من يــؤازرهم ويشـــــد من أزرهـــم ، فذهبـــوا إلـــــى مختصين
( أطبــــــاء نفسيين ) ولكن ساء الحـــال من بعدها ، لأنهم أصبحــــوا
في نظر المجتمع مجانين .
إنذار:المريض النفسي هـو مريض كــأي مريض آخر ، وزيــارة
الطبيب النفسي لا تعني الجنون ، ولكن رفضه وعدم شعوره بالقبول
من المجتمع قد يؤدي إلى جنونه فعلاً أو الإنتحار .
جسد معاق
إن الله سبحانه وتعالى ينزل علينا البلاءات بشتى أنواعهــا ، رحمة منه
بنا ، إختبــار لمقياس إيمــاننا به عز وجل ، دعــوة منه لنا للتفكيــر في
النعم التي أنعم علينا بها ، ولكن تحويرنا لتلك البــلاءات على أنها نكــره
فذاك ظلم للنفس البشريه .
المعاق هو شخص له كيـــان وشعــــور وقدرات قد لا تكون فينــا نحن
السالمون من الإعاقه ، ولا ذنب له في شكله أو نقصه ، على العكس
؛ قد يكون الله سبحانه وتعالى قد فضله عنا بذلك النقص .
ولابد أن لا ننسى أننا ذات يوم قد يقع لنا أمر يفقدنا أعضاءنا أو حواسنـا
أو أحد نعم الله عز وجل علينا لا قدر الله ، فلمـــاذا لا ننظر للآخرين كما
نحب أن يُنظَر لذاتنا ؟ ولمـاذا لا نقدر نعم الله سبحانه وتعــالى بدلاً من
رفضنا لمن حرموا منها .
إنذار: المعاق شخص يحتـــــــاج إلى الكثير من التفهم ، فنقص
أعضـاؤه وحواسـه أمر لا بد له به ، رفضـه وعدم شعـوره بالقبـول من
المجتمع قد يؤدي إلى ضعف إيمانه وإنكاره لذاته ولقدراته التي وهبــه
هي الله عز وجل ، ومن ثم تقوقعه على ذاته .
جسد مدمن
تربية الأبناء ، الإفراط في دلالهم في بعض الأحيـــان ، أو إهمالهم في
البعض الآخر ، عدم الاهتمام بمتطلبــاتهم الداخليه ومحاولة إشباعها ،
عدم متابعة الأبناء وعلاقاتهم والإبتعــاد الجسدي والفكري عنهم ، أمور
كثيره تؤثر على سلوك الأبناء واتجاهاتهم .
قد تسوق الظروف البعض للخوض في حياة لم يسبق لهم العيش بهـا
، مع أنــاس لم يتوقع من قبل أن يختلطوا بهم ، غالبــاً مــــــا تبدأ هذه
الظروف بخطأ بسيط لا يدركونه ، وبثقه في أشخاص لم يستحقوهــا ،
فيبدأ طريق الضياع ، وعندها لا يملكون سوى الإستمرار لأنهم ماعادوا
قادرين على العوده لأدراجهم .
هناك فئة كانت لهـــا عزيمة قوية ، قوة إراده لتعود كما كانت ، توجهت
لمن يملكون القدرة على مساعدتهم ، وبقليل من المساعده ، والقليل
من الاهتمـــام ، والكثير من قوة الإراده ، استطــاعوا أن يعبروا ويعودوا
لشواطيء الاستقرار من جديد ، وتوجهوا بكل طاقـاتهم إلى المجتمع ،
فرفضهم ؛ لأنهم بشر وأخطؤوا ذات يوم .
إنذار: المدمن هو شخص ساقته الظروف للإدمـان ، وفي أغلب
الأحيان لم تكن سياقته بمحض إرادتــه ، رفضه وعدم شعوره بالقبول
من المجتمع قد يؤدي إلى عودته للإدمـان بمحض إرادته لأنه سيوقن
بأن لا طريق له سواه .
جسد لقيط
أخطـــاؤنا عظيمة ، وانحــــراف البشر عن الطريق الصواب أمر عظيم ،
وثمار هذا الإنحراف دروس تظل عالقه بأذهاننا طوال حياتنا .
الزنــا من الكبــائر ، وذنبهـا عظيم عند الله عز وجل ، وقدر الله سبحانه
وتعالى أن تكون هناك ثمار لتلك العلاقه في بعض الأحيـــان ، قد يتوب
فاعلوهـا فيحتفظـوا يهذه الثمـار خوفـاً من الله عز وجل ، وقد يحــاولوا
قطفهــا ولكن إرادة الله أن تبقى لترى النور ، هذه الثمـــار لا تحمل أية
خطيئــة وإن كــانت ثمــار خطيئــة ، مولوده على الفطــره ، والتربيــة
والمجتمع هي من تحدد جوهرها .
ليس ذنبهم أن آبــاءهم قد أخطــؤوا لكي نرفضهم ، ليس من العدل أن
نعتزلهم لأخطاء آبائهم ، لأننا خطاؤون ، قد تختلف أخطــــائنا عن أخطاء
آبـــائهم ، ولكن من المؤكد أنه كان لها الكثير من الثمــار التي لا نرغب
في أن يراها الآخرون ، والتي إن رؤوهـــا فمن المؤكد أنهم سيرفضوننا
لأجلها .
إنذار: اللقيط إنسان يحتــاج وبشدة للأجواء الأسرية وللإحتضان ،
لأنه فقدهـا رغمـاً عنه دون أن يكون له ذنب في ذلك ، رفضــــه وعدم
شعوره بالقبول من المجتمع قد يؤدي إلى ضيــاعه وسلوكــــه طريق
نحن ذاتنا ندعوا لتجنبه على الدوام .
- أجساد مرفوضة -
لا بد أن نقلب موازين عقولنا ، وأن نعيد حسـاباتنا من جديد ، وأن ندرك
أن كل أمر في هذه الحيـاة قد يطولنا في يوم من الأيـام ، إذا لم يطلنا
فذاك من رحمة الله عز وجل بنا ، فالأولى لنا أن نقدر تلك النعمة التي
نعيشها ، وأن نقدر أن من ابتلوا بها هم أشخاص كتب الله عز وجل لهم
الإمتحان في هذه الدنيا .
لا بد لنا ان نبدأ فعلياً برؤية الآخرين من خلال ذاتنا لا ذاتهم ، لأننا امرنــا
بان نعــاملهم كما نحب ان يعاملونـا ، إعطـاءهم ظهورنـا لن يرتقي بهم
ولن يسـاعدهم ولن يغير من واقعهم ، إنمـا سيعـود علينـا بالكثـير من
الألم .
لا ترفض الأشخاص لأمر دنيوي .. أرفضهم لدواخلهم ولبعدهم عن الله
عز وجل ..