العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > الإبداعات الأدبية > المشاركات الذهبية
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-10-2006, 02:05 PM   رقم المشاركة : 1
أشرف محمد كمال
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية أشرف محمد كمال
 






أشرف محمد كمال غير متصل

Icon3 الوجـوه الخــاوية

الوجــوه الخــاوية


[align=justify]عمله يتطلب طبيعة قاسية.. يجب ألا يطرف له جفن أو يختلج وتر من مشاعره.. يجب أن يكون متبلد الحس مصمت الوجدان يؤدى عمله فى روتينية قاتله..عليه أن يجلس طوال اليوم يراقب تلك التوابيت البشرية ويدون تلك الطلاسم الغبية ..التى باتت هى الأخرى ميتة لا تتغير..!!
يرقب تلك الوجوه الخاوية.. الخالية من نبضة حياة .. زملاؤه يطلقون عليها المقبرة وبعضهم يداعبه ملقباً أياه بـ (الحانوتى) .. فالداخل عنده مفقود وبالقطع الخارج مولود .. لكنه لم يشهد أحداً أبداً يخرج .. اللهم إلا محمولاً على الأعناق..؟!
كان يجلس الليال الطوال وسط صقيع الفراغ الموحش والوحدة.. بين أمواج الألم والعجز.. واليقين أنه لن يستطيع أن يفعل شيئاً لهم.. يشعر كما لو أنه يعيش فى كابوس مبهم الملامح.. وسط الأحياء الأموات..كان يحس نفسه غريباً عن كل العالم العبثى الذى يعيش فيه.. لذا كان يحاول التأقلم مع ذاته.. كى يحيا حياة عادية طبيعيه ..يحاول أن ينفض عن كاهله غبار الكابوس اليومى الطويل.
كان يجلس كثيراً يتحدث معهم وكأنه يعرفهم ..يحاورهم ..بل ويشكى لهم همومه وأحزانه..!! ويناديهم بأسمائهم ..بل كان يناديهم بكنياتهم..!!
فهذا (درش) و ذاك (أبو خليل) وهناك (سحس) وهذه (أم محمد) وتلك (بطه) بل كان يسليهم ونفسه مردداً بعض الأغانى الشبابية ( عشانك ياقمر ..اطلعلك القمر.. وعشان هواك أمر ..أحبك يا قمر..أأحبك..)
- برغم صوته الأجش الخالى من الطرب وتلك اللدغة الخلقية فى لسانه عند نطق الراء-
فهم رفقة العمر والصحبة التى قضى معهم زهرة شبابة وجلس معهم الأيام الطوال والشهور والسنوات أيضا فى النادر من الأحيان..!!
كان يحزن أيما حزن ..حين يفقد أحدهم .. وتتساقط منه دموع الحسرة والألم رغماً عنه.. ويعتصر قلبه بين الحنايا شوق مر لأفتقاده ويشعر كما لو أن خنجراً بارداً يشق صدره حينما يرى فراشه الخاوى..لقد كان منذ لحظات قليله يجالسه ويحادثة ويوأنسه ويأتنس بوجوده..وفجأة أنتزعته يد القدر منه..؟!
لكن ساقية الحياة ما تفتأ أن تعود إلى بحر اللا نهائية الضيق.. فتقشعر الروح أمام تلك الحقيقة الثابته وتتحجر الدموع فى الأعين فلقد علمته الحياة ألا يضحك من القلب ولا يبكى بشده.. وأن هناك بعداً أخراً للأشياء.. فلربما كان الموت أكثر راحة من حياة هى أقرب منها للموت منها للحياة..!!
...ذات يوم من الأيام.. أنفتح باب القبوالمعدنى..ليأتيه صوت عم (على) التمرجى قائلاً له فى فرح طفولى ساذج:
(أبسط ياعم وافد جديد..أنما أيه آخر حلاوة..!!)
نظر بلهفة المشتاق إلى سبر أغوار الحقيقة وأزاحة استار الغيب .. وقف مشدوها ينظر إلى ذاك الجسد النحيل المسجى فى سلام تام..
و إلى الوجه الملائكى المشع بالنور والضياء..كزهرة أوركيد بيضاء..وتلك البشرة الناعمة..كنعومة الحرير
الشفاف.. وحمرة الحياة المشعة من الخدين و التى لا تملكها الجماجم الأحياء..والعينان الشاخصتان تنظران إلى اللاشىء ..نظرة تجمع ما بين الحزن والأمل والرجاء بالرغم من سنواتها التى لا تتجاوز العشرين.
أفاق على رذاذ المياه البارده التى نضحت من جبينه وقد تحركت داخله مجهولات شتى واحاسيس متضاربة
..أذابت ثلج مشاعره النائمة منذ زمن..!! فطفرت من عينيه دمعات حزن مرة المذاق وتمتم قائلاً (سبحان الله) ولوى وجه يعتصره الألم.. يخفى غمامة الدموع التى أغشت عينيه ورجت روحه صارخاً: (يــالا الأقــدار..؟!)
سريعاً ما وٌضِعت على الأجهزة الإلكترونية ..واتصلت بشبكة الأنابيب اللانهائية وأخذت رقما من الأرقام المتوالية..
وأطبق الصمت على المكان.. وأحس ببرودة القبر.. وصقيع الوحدة الموحش.. فأقشعر جسده ..وسكن فى العقل والوجدان شجناً نابضاً..وفضولا لاذعاً أن يصافح وجهها من جديد.
وجد نفسه يهمس فى أذنيها الدقيقتين قائلاً: (أنا هنا معك.. بجانبك..أرعاك وأحرسك..لا تخافى..سأظل دوما بجوارك ..أؤنس وحدتك وأشاركك غربتك..أنا فارسك الذى ظل طويلاً ..يبحث عنك..كى ينقذك..لن أتتركك تستسلمين.. فأنت حبيبتى التى انتظرتها على مر السنين ..نعم أحس أنى أعرفك منذ زمن بعيد ..ربما من قبل أن تولد الحياة ..ربما أنت هى تؤام نفسى التى بحثت عنها طويلاً..ولم أعرف حقيقتها إلا حين رأيتك ..جئتك الآن كى أخلصك..كى أعيدك للحياة.. هذه هى يدى ممدودة إليك فأقتربى منى..ودعينا نكمل مشوار الحياة معاً.. أنا لم أسع إليك بل قدرى هو من ساقنى إليك..هيا بنا دعينا نرى نور الشمس ..نمسك بريشات الحلم.. نرسم مستقبلنا قمراً مكتمل النور كالبدر.. ونقهر شياطين المستحيل )
...إنساب صوته دافئاً عميقاً داخل أذنيها..متخلالاً خلايا جسدها.. فأحست بشلال من القوة يغرق عجز الواقع.. وشعرت بدفء مياه المحياة تجرى فى العروق ..وأرتج الجسد بنشيج من النشوة والفرح. [/CENTER]






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


white heart

قديم 30-10-2006, 06:50 PM   رقم المشاركة : 2
نقطة عطر
( وِد لامِـــع )
 
الصورة الرمزية نقطة عطر
 






نقطة عطر غير متصل

Icon3

الرااااااائع
اشرف
منتهى الرووووعة
والابداع الادبي
تقبل اخي اعجابي بحرفك
اختك
نقطة عطر






قديم 01-11-2006, 07:38 PM   رقم المشاركة : 3
أشرف محمد كمال
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية أشرف محمد كمال
 






أشرف محمد كمال غير متصل

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نقطة عطر
الرااااااائع
اشرف
منتهى الرووووعة
والابداع الادبي
تقبل اخي اعجابي بحرفك
اختك
نقطة عطر

أختى الغالية نقطة عطر
أشكرك من كل قلبى على كلماتك الرقيقة فى حق شخصى المتواضع
وأرى أن أريجك قد عبق المكان بالبهجة والفرح
لك دوما مودتى
أخوك
أشرف محمد كمال






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


white heart

قديم 31-10-2006, 07:15 AM   رقم المشاركة : 4
¦ღ.. مياسه..ღ¦
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية ¦ღ.. مياسه..ღ¦
 






¦ღ.. مياسه..ღ¦ غير متصل

(
)
(
)

ياااااااااه

كم أحببت هذا اللقاء ... وروح العشق واللهفه المنسية ..

كم كنت بحاجة لكلماتك ونقاء حسك ...

لله درك ما أروعك .. كيف لي أن أوفيك بكلماتي...

التي تتوارى خجلاً من روعة ما قرأت ...

لا حرمنا الله من حروفك .. بل من دررك التي تنثرها على صفحات الود ...

هل لهذا الإبداع من بقيه .. أتمنى ... من كل قلبي ..

فلتتقبل مروري المتواضع .. كل المنى لشخصك الكريم ..






قديم 04-11-2006, 11:55 PM   رقم المشاركة : 5
أشرف محمد كمال
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية أشرف محمد كمال
 






أشرف محمد كمال غير متصل

Icon10

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ·.·• مًٍــيًٍــــًٍـــاًٍسًٍـــًٍـــًـٍهًٍـ •·.·
(
)
(
)

ياااااااااه

كم أحببت هذا اللقاء ... وروح العشق واللهفه المنسية ..

كم كنت بحاجة لكلماتك ونقاء حسك ...

لله درك ما أروعك .. كيف لي أن أوفيك بكلماتي...

التي تتوارى خجلاً من روعة ما قرأت ...

لا حرمنا الله من حروفك .. بل من دررك التي تنثرها على صفحات الود ...

هل لهذا الإبداع من بقيه .. أتمنى ... من كل قلبي ..

فلتتقبل مروري المتواضع .. كل المنى لشخصك الكريم ..

أختى مياسه
أتمنى لو كنت أستحق منك كل هذه الحفاوة
التى ليست بغريبة عن فرط كرمك وجم تواضعك
أنها محاولة منى لقراءة الوجوه التى كنت أحسبها خاوية
وأتمنى معك أن اكون عند حسن ظنك ويلهمنى الله البقية
دمت بكل المحبة والود
أخوك
أشرف محمد كمال






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


white heart

قديم 11-11-2006, 01:29 AM   رقم المشاركة : 6
أشرف محمد كمال
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية أشرف محمد كمال
 






أشرف محمد كمال غير متصل

الوجـوه الخــاوية
(2)

...وقف يتأمل قطعة الحجر الجرانيتية المصمتة الرابضة فى صمت المستسلم أمامه ..تسأل فى نفسه.. ماذا تراه يفعل بها..؟! - وهو الخبير فى هذا المجال –
...أنها ليست المرة الأولى التى يصنع فيها التماثيل البشرية..لقد صنع العديد والعديد من التماثيل الممسوخة ذات الملامح المألوفة..ورسم الكثير من الأوجه المحنطة الخاوية من الحياة..لكنه لا يدرى لما تختلف تلك القطعة الجرانتية عن أقرانها..؟!..أطال إليها النظر ثانية..
- همممم..!!
- أنها تذكرنى بشئ ما..؟!
...تسربت من الذاكرة إلى سطح الوعى أيام بحلاوة الشهد ..وأخضرت الأرض الرمادية من تحت قدميه..وكست ألوان الطيف عالما ميتاً.. وجعلته ينبض بالحياة.
...ملأ رئتيه بنسيم مختلف النكهة ..انساب أريجه.. يعبق أركان الذاكرة.. وبدأت الصورة المهزوزة تتضح المعالم ..وتظهر جلية.
...كانت هى تقف وسط الغيام..بشعرها الأسود الفاحم ..المتهدل ..وجسدها الملفوف القوام...وبشرتها الحريرية الناعمة..ووجهها الصبوح ..كالبدر فى ليلة التمام.
..بملامحها الدقيقة..وعينيها الملونتين.. بلون زرقة السماء.. وأنفها الرقيق ..المرفوع فى كبرياء..وشفتيها الممتلأتين ..كفلقتى كرزة حمراء.
...ابتسمت إليه ..فأنسكبت أشعة الشمس من ثغرها ..وتلاشى الظلام المطبق من حواليه
- أنها هى ولا شك..؟!
...أخذ يتأمل القطعة الجرانيتية فى حب..و يرويها من دفق خياله..وحمل مطرقته ..وبدأ يعمل أنامله..فى دقة وقوة وحزم..وكلما ازداد خفقان قلبه فى الصدر..كلما زادت وتيرته فى الضرب..وتساقط العرق المالح على الأرض.
...لقد صنعها بيديه وسقاها من روحه..ومنحها كل ما تطمح به أى أمرأة فى الكون – قلب رجل وفى صادق - وجعل منها أميرة احلامه ومليكة عالمه...لكنها أبت أن يكون قلبه لها قصراً ..وكانت أصغر من الحلم.
...وفى ليلة ظلماء من ليالى الشتاء.. اقتلعتها عاصفة كبرياء هوجاء..وجاهرت بضيق القفص الشفيف.. وحطمت أبراج الحلم المتوثب للحب.. ورفضت ذلك القيد.
...ازدادت وتيرة الضرب..واختلط ملح العين بملح الأرض..حتى بدأ الحجر يلين..وأزاح التراب عن بريق قديم..لينكشف عن يدين تتوسلان.. وعن جسد فى وضعية الركوع ..وعن عينين دامعتين فى انكسار ..وفم مفتوح.. وكأنها تستصرخة..تستحلفه أن يسامحها - هكذا خيل إليه أو تمنى..!! -
فإبتسم فى ارتياح ورضا تامين.. وأمسك بمعوله.. بمشاعر باردة.. وتنهد قائلاً:
- أبدا لن تعود السنين للوراء
...وحطم ذلك الوجه.. الذى طالما أحب..وذاك القلب الذى قـدّ من صخر.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


white heart

قديم 12-11-2006, 06:46 AM   رقم المشاركة : 7
¦ღ.. مياسه..ღ¦
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية ¦ღ.. مياسه..ღ¦
 






¦ღ.. مياسه..ღ¦ غير متصل

)
(
)
(

جئت لصفحاتك عل وعســـى أن أج ــــدضالتي ...!

فقد طال إنتظاري .....!!!!


وها أنا أرتـــــوي ....!!!


من بوح ــــــك الع ـــــــذب ........!!!!


وأطلب ....

ا
ل
م
ز
ي
د






قديم 16-11-2006, 10:55 PM   رقم المشاركة : 8
أشرف محمد كمال
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية أشرف محمد كمال
 






أشرف محمد كمال غير متصل

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ·.·• مًٍــيًٍــــًٍـــاًٍسًٍـــًٍـــًـٍهًٍـ •·.·
)
(
)
(

جئت لصفحاتك عل وعســـى أن أج ــــدضالتي ...!

فقد طال إنتظاري .....!!!!


وها أنا أرتـــــوي ....!!!


من بوح ــــــك الع ـــــــذب ........!!!!


وأطلب ....

ا
ل
م
ز
ي
د

سيدة المكان والزمان
لأجلك أواصل الإبحار قى قراءة الوجوه
ورصد خلجاتها
واحصى نبضات القلوب
وارشف معاناتها
لأجلك أسكب حروفى على الورق
وأصهر دمعى المحترق
علك تطربين من أنينى
وتستزيدينى.. وتزيدينى غرقاً
فى بحر جنونى






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


white heart

قديم 14-11-2006, 01:39 PM   رقم المشاركة : 9
أشرف محمد كمال
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية أشرف محمد كمال
 






أشرف محمد كمال غير متصل

Icon5

الوجــوه الخــاوية
(3)
... عندما كنا صغاراً..كنا نشاهد جدتى وهى تجلس القرفصاء.. فى مكانها المعتاد خلف باب الدار..ترقب بعينين ذابلتين..ونظراً أضحى خافتاً..المارين فى طرقات البلدة..كان جسدها النحيل الصغير..بعظامه البارزة.. قد أنحنى بفعل السنين..وإمتلأ الوجه الذى لوحته الشمس بالأخاديد ..وتجاعيد أحزان وشجون لا حصر لها..وكانت قدماها جافتين كأعواد حطب مزروع فى اليابسة.
...وعلى الرغم من ذلك كنا نجد فى ذلك الجسد الهزيل حضنا وسيعاً.. يمتلأ بالأمان والدفء..وكنا نجد لديها آلاف من القصص والحكايات التى لا تنتهى ..وكنا نمتلئ بالكثير من علامات الإستفهام والتعجب..؟!
...كانت حواديتها لا تخلو أبداً من العظات والحكم..والخرافات والخزعبلات ..قصص أبطالها من الجان والمردة وبطلاتها من أمثال أمنا( الغولة) و(أم رجل مسلوخة)..كانت قادرة على أن تجذب انتباهنا تاركين لعبنا وركضنا خلف بعضنا وصياحنا الذى يغضب أباءنا فى قيلولة ما بعد الظهيرة.. وتجعلنا نلتف حولها ننصت إليها ..بأوجه تملأها البراءة..وعيون تتملكها الدهشة ..وعقول يسكنها الخوف وعشرات الصور المرعبة.
...كذلك كنا نجد لديها ..خزائن حلوى لا تنضب..حتى أننا كنا نتعجب من أين تأتيها كل هذه الحلوى..؟! لكن ولما العجب ..وهى تعرف كل خبايا الجن وأسرارهم..!!
...يكفى أن تمد يدها دخل طيات جلبابها حنى نجدها مفرودة أمامنا ملئ بتلك الحلوى المميزة بلونيها الأحمر والأبيض على هيئة مختلف الحيوانات..ناهيك عن أطنان الملبس والحمص..!!
...لا أتذكر أننى رأيتها يوماً على غير هيأتها تلك..حتى أننى كنت أحسب أنها ولدت على ذات نفس الشكل..فملامح ووجهها لا تتغير..ولا تبرأ أبداً من علاتها..ولا من صرخات آلام عظامها الهشة المستمره..لا أذكر أننى رأيتها تضحك بحق..أو شاهدت انبساطة أخاديد الألم فى الوجه..خلف ابتسامة ارتياح ..!! لم أكن اعرف ما هى علتها بالضبط..؟! لكننى كنت أتمنى لو أجد دواءً سحريا ..يشفيها من كل الآلام.
...حنى عيونها كنت أظنها تحجرت فيها الدموع..فلم أشاهدها تبكى قط ..إلى أن رأيتهما تتلألأن ذات يوم من الأيام ..عندما سمعت فى المذياع صوت (الكحلاوى) وهو ينشد((أنا جسمى عليل ودواه النبى....أديت رسالة الله .. يارسول الله )).. وتكرر سقوط حبات اللؤلؤ مرات عديده كلما سمعت نفس الأغنية ..حتى بت أناديها كلما وجدت تلك الأغنية تذاع فى المذياع أو التلفاز..لأسعد بتقلصات ذاك الوجه الذى أحب..!!
... ذات يوم .. أمسكت بى .. بينما كنت أركض خلف أقرانى نلعب (الست غمايه) – ولا أدرى لما اختارتنى أنا دون سائر أحفادها..؟! – وسألتنى:
- أنت بتحبنى يا مصطفى..؟!
أجبتها فى ضيق المتعجل بالذهاب:
- أيوه يا تيته..!!
استوقفتنى ثانية وسألتنى فى تأثر بالغ:
- يعنى هتزعل عليا لما أموت..؟
أجبتها فى استغراب من لم يفهم معنى السؤال :
- أيوه طبعاً..!!
فأردفت قائلة وهى تحتضننى فى شوق وتقبل رأسى:
- يعنى هتبقى تفتكرنى .. و تيجي تزورنى .. وتقول الله يرحمك يا ست...؟!
سألتها بسذاجة و عفوية الطفولة:
- أزورك فين...؟!
لكنها لم تجب أبداً عن هذا السوأل..أنما تركتنى لا أعرف وحدى فيما بعد الجواب..!!
... ماهى إلا أيام قليلة..حتى رقد الجسد الصغير المتعب رقدته الأخيرة على فراش المرض الطويل..لقد باتت غير قادره على اختلاق الحواديت..غير قادرة على إداء الصلاة جلوساً كما عودتنا..وعينيها علينا.. كثيراً ما كانت تقطع صلاتها لتنهرنا .. أذا ما وجدت أحدنا يحاول معرفة ما يوجد خلف عين أخيه..أو يشج رأس أحد أولاد أعمامه أو عماته..ويفجر نهر الدم معلناً عن اكتشاف جديد..ثم ماتلبث أن تعود.. لتكمل صلاتها فى خشوع تام ..!!
... رقدت تلفظ آخر الأنفاس والجسد مازال ينبض بالأسرار..انتابنى وقتها شعور غريب مبهم..بأننى عرفت صورة الموت..و حفرت ملامحه فى ذاكرتى منذ ذلك اليوم..!!
... وبرغم حداثة سنى فى ذلك الوقت ..إلا أننى لم أخف منه..حينما جاء ليخطف روح جدتى..بكل سهولة ويسر..بل أحسست أنه يحمل بين يديه حكمة لا يدركها العقل..ورحمة من الله وسعت كل شيء.. وراحة أبدية لا نهائية..ودواء لكل داء.. كثيراً ما فتشت عنه..!!
... أرتسم على ذلك الوجه الطفولى المتغضن شبح ابتسامة رضا.. وانبسطت أساريره فى ارتياح تام.. وسلام مع آخر الأنفاس ..وأكاد أقسم أننى رأيت عندها نوراً شفيفاً يصعد إلى السماء.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


white heart

قديم 18-11-2006, 11:05 AM   رقم المشاركة : 10
الــيزيـــد
مشرف المنتدى الثقافي
 
الصورة الرمزية الــيزيـــد

اشكرك من كل قلبي

لك كل الشكر

....







التوقيع :
سناب alyazed


Alyazedf@

تويتر

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:16 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية