ربية الأطفال تحتاج إلى مجهود شاقّ، وليس هناك وصفة لتحقّق ذلك على أتمّ وجه، وإن كانت هناك مكوّنات تمثّل جزءا أساسيا لعمل تلك الوصفة، لكن هناك صفات أساسية تصنع العظماء من الآباء والأمهات.
إذا أردتم أن تكونوا من هؤلاء حاولوا تجريب هذه الأساليب:
علّموهم أكثر مما تساعدونهم
الجزء الأكبر من واجبنا كآباء وأمهات هو أن نجعل الأطفال قليلي الاعتماد علينا، ففي بادئ الأمر نحن بحاجة إلى أن نشجعهم على فعل الأشياء بأنفسهم، ونعلمهم كيف يكون لهم تفكير مستقل بذاتهم ليكونوا قادرين على حل مشاكلهم بأنفسهم، فنحن بحاجة إلى الإيمان الكامل بقدراتهم الخاصة.
لكن للأسف، فإن الوالدين يساندان في قضاء الحاجات التي يسهل على الأطفال فعلها بأنفسهم، ويبذلان قصارى جهدهما في حمايتهم من الشعور بالألم والشقاء وتوفير الأمن لهم، وهذا لايسمح لهم بالتعلم من أخطائهم، فحتى يصبح الطفل قادرا على ارتداء ملابسه وهو في سن عامين يحتاج أن يتعلم كيفية القيام بذلك، ومازال هناك العديد من الآباء والأمهات الذين يقومون بإلباس أطفالهم حتى سن ما قبل دخول المدرسة، وهذا يحرمهم من فرصة تنمية قدراتهم والاستمتاع بإنجازاتهم، وبالمثل هناك ما يكون أكثر أهمية من حمايتهم من الوقوع في الأخطاء وهو تشجيع الأطفال على النظر في نتائج أفعالهم.
من السهل أن نرى أطفالنا وهم يخطئون، ولكن أحيانا يساعدهم ذلك على كسب القدرة والثقة والاستقلال بأنفسهم, وهذا لا بد أن يكون هدف كل أب وأم.
حياة اجتماعية مترابطة
يتأثر الأطفال بالعلاقة بينهم وبين آبائهم بطرق عدة، والآباء والأمهات الذين يعيشون حياة زوجية وطيدة يكونون أكثر تأثيرا وفعالية، فهم أكثر صبراً ولطفاً على تلبية احتياجات أطفالهم
وعلى عكس ذلك، فالوالدان التعيسان يكونان أكثر غلظة عندما يتعاملان مع أطفالهما، فهما يعارضانهم دائما وقد يتعاملان معهم بجفاء، وهما غير قادرين على أن يتغلبا على مشاكلهما الخاصة، ولا على العناية ولو بشخص واحد، ولذلك فإن نوع العلاقة الزوجية بين الزوجين يؤثر سلباً وإيجاباً على العلاقات التي يكتسبها الأطفال أثناء نشأتهم، فعندما يرى الأطفال المعاملة الحسنة بين الزوجين يتعلمون الدرس الأول من كيفية التعامل مع الآخرين، فيتعلمون كيفية إنهاء الخلاف عندما يلاحظون قدرة الوالدين على حسن التصرف في وجود المشاكل، وعندما يرونهم يحترمون ويقدّرون بعضهم يشعرون بالراحة و الأمان
وباختصار فإن أقوى الدروس التي يتعلمها الأطفال تنبع مما يسير في بيتهم، وستظل هذه الدروس في أعين الأطفال طوال حياتهم.
وقت للّهو مع الأطفال
العظماء من الآباء والأمهات هم الذين يتصفون بالمرح، وهذا لا يعني بالطبع أن يكون الآباء والأمهات لا ينقطعون عن ممازحة أطفالهم في كل دقيقة طوال اليوم، والمقصود هو تقبُّل تلك البهجة النابعة من عالم الطفل ومشاركته كجزء من لعبهم.
ولأن الحياة مليئة بالأحداث، فإننا غالبا نقلل من مدة التوقف من أجل المرح. وقد تتخذ اللعبة البسيطة معنى عميقا، فالألعاب البدائية مثل الاختباء والبحث تعلّم الأطفال الترابط والصداقة، كما تساعد ألعابُ الخيال الأطفالَ على اكتشاف أنفسهم وماذا يريدون، كما أن عملية قذف الكرة أماماً وخلفاً تُعلم المهارة والروح الرياضية والتعاون، ويعتبر اللعب أيضا هو الطريق الذي يلتمسه الأطفال لاغتناء حياتهم، فهم يحملون مشاعر قوية تجاه ألعابهم وتجاه أشكال حركاتها.
ولزيادة مشاغل الحياة ربما يعتقد بعض الآباء أنهم لايستطيعون توفير وقت للعب مع الأطفال كبناء القوالب معهم، والحقيقة أن هذا اللعب يخفف ضغوط الحياة الممتلئة بالمتاعب، ويجعلنا نكتشف أننا نمتلك طاقة «هائلة »وشعوراً أفضل بداخلنا وبداخل أطفالنا ، ويدفعنا اللعب إلى المشاركة في عالم الطفل، ونستنتج من خلال هذا اللعب أفضل طريقة تحافظ على استمرارية التواصل معه
تعلّم كيف تقول « لا»
هناك الكثير من الآباء والأمهات يظنون أنهم لا بد أن يتعاملوا بحدة مع أطفالهم، ولا يستطيعون وضع قواعد لذلك، فيقومون بتهديدهم، ولا يراقبون نتائج حدتهم.
عندما يكون الأطفال في بداية نشأتهم فإنهم يكونون في أمس الحاجة إلى من يحتويهم ويراقب تصرفاتهم، والأطفال الذين لم يروا مظاهر تلك السلطة في آبائهم يتجهون إلى البحث عن نظام للقيادة في مكان أخر، والطريق الأفضل لحماية الأطفال من التأثيرات الخارجية هو أن يتمسك الوالدان بسلطتهما بقوة واقتناع منذ بداية نشأة أطفالهم، وقد يشوب ذلك بعض التناقضات فقد يُساءُ الظن بنا بسبب حدة معاملتنا معهم، وقد نحذر بشدة من إبداء التفاهم خشية الإفراط في تدليلهم. والحل يكمن في القيام بمقارنة بين تقديم المساعدة والتعاطف معهم وفي الجمع بين الحب والحدة.
قدوة عملية
كل أم أو أب يشتاق دائماً إلى رؤية طفله وهو يكبر وينمو ليكون مسؤولاً وليتحلى بصفات الرحمة والعطف ليكون جديراً بالثقة، ولكنَّ تعليم القيم ليس كتعليم الطفل السباحة أو ركل كرة القدم والطريقة الفضلى لغرس القيم تتوقف على مدى قوة شخصية الأب، وتقديمه الدور النموذجي والمثالي لطفله.
القيم بالنسبة للأطفال لا تأتي من كتاب مدرسيّ، وإنما يستوعبونها قبل أن يكونوا قادرين على قراءتها ومناقشتها، فهي تُكتسب من تفاعلات الحياة اليومية المألوفة، فإذا أحب طفلٌ ما لَدَيْكَ من قيم وأبدى احترامه لها فإنه سيرغب في أن يتقبلها ويمتلكها لنفسه.
حب لا ينتهي
الحب الأبدي للطفل لا يخرج إلا من قلب عظيم في الآباء والأمهات، ولحسن الحظ، يتحقق ذلك بسهولة لكل من الآباء و الأمهات؛ فقد فطرنا الله على حب فلذات أكبادنا.
نظهر حبنا للطفل من خلال عاطفتنا واحتوائه بمشاعر فيّاضة وتقبيله لإرضائه، ومن خلال ابتسامة هادئة تطمئنه، و من خلال فهم ما يحتاجه أطفالنا على مختلف مراحل عمرهم وتوفير احتياجاتهم المناسبة لكل مرحلة، ولكي نجعل حبنا في وجود دائم وراسخ وموثوق به داخل حياة الطفل، يجب قضاء أجمل الأوقات معه ولأطول فترة ممكنة، كما يجب تنمية شعائر الأسرة القوية والاستمتاع بوقت الفراغ واللحظات السعيدة.
ليس هناك ما يعوّض عن الوجود الدائم للأم والأب، ولا يوجد شيء أسمى للطفل من الأب الصالح والأم الصالحة.