كـان (أحمد) رجل كبير السن .. طيب .. لا يحب أن يأذي أحداً .. و لا يحب أن يعبس في وجه أحد .. كان رجلاً مسالماً لم يضرب طفلاً أو حاول التعدي على أحد .. خلوق في تصرفاته فكل الجيران كان يحبونه بسبب أخلاقه الحسنة .. حنون يحب أن يشارك الناس في أشياءه مضياف .. معطاء .. كانت نواياه حسنة .. وبشكل عام رجلاً شهم ..! كان مقيم في حي بسيط, كانت بيوتهم صغيرة .. من الطراز الريفي, و جميع سكان هذا الحي يعرفون طيبته .. وبإمكانهم الإعتماد عليه في كل شيء يواجههم .. وكان معلماً في مدرسة قديمة منذ 25 سنة .. ولكنه تقاعد في السنوات الأخيرة من عمله بسبب كبر سنه.! ولكنه لم يشعر بالملل أبداً .. فكان جدول أعماله ممتلئ! فـ(أم سلطان) تريده أن يعتني بإبنها طوال فترة 7 ساعات! لأنها تعمل في مكتبها طوال الصبـاح وإلى الظهر .. ولا تجد أحد تثق فيه كفايةً لتجعله يعتني بإبنها الوحيد .. الذي أحبته حباً جماً! وأيضاً هناك جاره (سـامي) الذي يريده أن يعتني بنباته! فلم كان يرد لهم طلباً أبداً .. لأن (سامي) كان مثل إبنه الذي لم ينجبه.. و (أم سلطان) كأخته الذي لم تنجبها أمه .. ولم تكن هناك مجاملات بينهم .. فكان هذا الحي معروف بإسم (المحبة) لأن جميع سكانه كانوا متحابين و متآلفين مع بعضهم البعض!
وفي يوم من الأيام هجر أحد من الجيران بيته الجار (خالد) .. بحجة أن أسرته في (أوروبا الشرقية) يريدونه بجانبهم .. ولا يريدونه بعيداً عنهم, وفارق أسرته الثانية, وإنتقل إلى( أوروبا الشرقية) للسكن مع أسرته الحقيقية .. ولكنه لم يشعر بفرق شاسع, لأنه في كلا الحالتين سوف تكون أسرته بجانبه .. مرت 6 شهـور و في حي المحبة نزل جيران جدد مكان بيت (خالد) .. البيت المقابل لبيت (أحمد) .. الرجل الطيب .. ولكنه (أحمد) لم يرتاح للجيران الجدد! فكانوا 3 من الشباب تتراوح أعمارهم ما بين الـ18 – 23, كانوا كبار في الحجم .. من النوع الذي يرتادون إلى نادي كمال الأجسام! والوشم يغطي أجسامهم كما يغطي الظلام الكهف المهجور! ومرر ثلاثة أسابيع وفجأةً أتى الثلاثة الشباب بحجة التعرف على الجار الكبير في السن أحمد .. فكان يسقي نباتاته و كان يسقي نباتات جاره سامي .. فمشوا هؤلاء الثلاثة بإتجاهه وهو يسقى الزرع .. وهم في الطريق داسوا على حشائش الرجل العجوز .. ولكنه لم يتذمر منهم لأنه ظن أنه فعلٌ بلا قصدٍ.. فقال لهم : "أهلا يا أبنائي .. يسعدني قدومكم إلى حي المحبة .. كما تعلمون هنا كل الجيران يتعاملون بألفة ومحبة .. ولا يكرهون بعضهم البعض!". ونظروا إليه الشباب الثلاثة بنظرة إحتقار و سخرية! وكأنه طفل في الـ5 من عمره! كانت أشكالهم من أشكال عبدة الشياطين "وأعوذ بالله منهم" .. فلم يبالي الرجل العجوز .. فقال :" يبدو أنكم جائعين .. لدي بعضاً من الخبز و الجبن و المربى .. فما رأيكم أن تتناولوا الفطور معي في منزلي, وثم من بعد ذلك أعرفكم بنفسي و تعرفوني بأنفسكم!" .. فقال أوسطهم سناً "حسنا يا جدي! (بسخرية)" .. فابتسم لهم الرجل العجوز! فرموه أرضاً بلا سبب ..! ونهبة الأكبر من الشباب محفظته و الأصغر سعى لساعته الذهبية التي كانت هدية من جاره المسافر!
وهربوا .. ولكنهم لم يتجهوا إلى منزلهم المسروق!! ولكنهم هربوا و إختفوا ..!! و رآهم جار الرجل العجوز (سامي) وهم يهربون ولكنه لم يعلم بماذا جرى .. لأنه كان آتي من الجهة المقابلة لهم و هم يهربون, وكان لتوه قادم من الجامعة .. فعندما وصل إلى بيت الرجل العجوز تفآجا به! لأنه كان مسلتقي على الأرض في توجع و تألم ..! فسلمه يده الجار (سامي) و رفعه و حمله على كتفه ووصله إلى منزله .. فسأله عن ما جرى .. ولكنه لم يخبره بالحقيقة!
وبعد شهر و 15 يوماً .. رجع الشاب ذو الجثة الضخمة! ولكن الرجل العجوز وقف خائفا منه محاولاً تغطيه وجهه بكفيه لئلا يضربه مثل المرة السابقة .. فقال له الشاب :" لا تخف يا سيدي أنا هنا لأعتذر منك.. لقد دليتني على الطريق الصحيح.. لم أستطع النوم ليلا طوال هذا الشهرين و الـ15 يوماً صدقني بسبب ما فعلته لك ذاك اليوم.. لقد جعلتني أحس من جديد! وأريد أن أعترف لك إني كنت من تلك العصابات الشريرة .. التي تنهب الناس أموالهم .. ولا تفعل بهم خيراً.. ولكني الآن مسالم.. وأرجو من الله الغفران و الرحمة! لا أعلم ماذا حصل لي بالضبط في ذاك اليوم! ولكنك أثرت فيني يا سيدي!".
فاستغرب الرجل العجوز و أبعد كفيه عن وجهه.. و إطمئن للرجل .. و قام بإرجاع محفظته وكل ماله موجود في المحفظة! وساعته التي كانت تزين معصمه..! رجعت على معصمة من جديد!! .. ففرح الرجل العجوز ليس بسبب المحفظة و الساعة .. ولكن بسبب إهتداء الشاب! ومرت الأيام و مرض الرجل العجوز .. ومرض مرضاً شديداً و لم يقصروا الجيران.. فكانوا مهتمين به إهتماماً شديداً! وتوفي الرجل العجوز .. و دفنت معه ذكرياته الجميلة.. ومعروفة لجيرانه و طيبته معهم, لم ينسه أحد, ولم ينسى الأشياء الجميلة التي فعلها الرجل العجوز له. وأثناء قراءة الوصية كان هناك الشاب الذي "كان" من أصحاب العصابات! .. الشاب الصالح .. وكتب في الوصية للشاب الصالح .. بأن له الحق بإلاعتناء بحديقة الرجل العجوز (أحمد)! ففرح فرحاً شديداَ وإنبهر بطيبة الرجل العجوز! فحضر الجنازة إحتراما له! ..
وإعتنى الشاب الصالح بالحديقة لمدة 4 سنوات من حياته .. وتزوج و عاش في بيت الرجل العجوز طوال هذه المدة .. ورزقت إمرأته بولد صغير .. فقرر الذهاب خارج البلاد لأنه إمراءته كان تريد عائلتها بجانبها أيضاً! .. فودع الجيران الذين أحبوه بعدما كرهوه, فسأله جاره عن إسم الولد من دافع الفضول؟! فقال .. سأسميه (أحمد)!
وفي نهاية القصة أقول لكم .. أن كل إنسان بإمكانه التغير! .. وهناك فكرتين نستنتجهما من القصة :
1- أن تكون طيباً مع الناس! يكونون طيبون معك! و تذكر أن ليس كل الناس كالرجل العجوز أحمد!!
2- حاول أن تتفاهم مع الشخص المخطيء .. و الغير صالح أو الشخص الذي أنت متخالف معه بطيبة وليس بصـراخ و غصب و حاول أن تكتم غضبك!! فربما هذا الشخص سوف يهتدي في يوم من الأيام ..!!
تحيـاتي \ Punk.Princess