فحسب الرجل إمرأة ، تستطيع أن تتخلص مما في صدرها من غل ، و تُغَلِّب في نفسها صفات التسامح ، و اللين و المودة و الوداعة ، على الإنتقام و الغضب و الغيظ .. امرأة تكون له أماً و لرسالته عوناً و سنداً .
فتلك هي الشخصية النورانية .
و سماتها هي تلك " الجمعية النادرة بين الحب و الرحمة " .
و هي جمعية لا تجتمع إلا في الأشخاص النورانيين ..
الأشخاص الذين استطاعوا أن يرتفعوا على جبلتهم الطينية ، و يتجاوزوا ضروراتهم البشرية .. فنزعوا ما في صدورهم من غل .. و أصبح الحاكم عندهم هو الجانب الرباني من نفوسهم .
و هؤلاء قلة نادرة .. يحتسبون في التاريخ بالأسماء .. رجالا و نساء .
و إذا كانوا في الرجال قلة فهم في النساء أقل . لأن الله جعل الجبلة البشرية في النساء أقوى منها في الرجال
** و جعل من النساء لحم العلاقة الزوجية و دمها و هيكلها ، و جعلهن بذلك أكثر واقعية و أكثر ارتباطاً بالأرض ، و أكثر خضوعاً لضرورات البشرية و أحكامها ، و أقل قدرة على التجرد و التحليق ، و الإستعلاء على الجبلة الطينية ، و لذلك أعد المرأة للبيت و الأمومة ، و أعد الرجل للفلسفة .. و عهد بالطفل إلى المرأة .. و عهد بالنبوة و تغير العصر إلى الرجل ..
و بذلك جعل المرأة هي الأساس ، و هي العنصــر المحـــافـظ ..
و الرجل هو أداة الإنتقال و عنصر الثورة .
....
....
و صدق سليمان الحكيم .. فإن من يرزقه الله امرأة فاضلة .. فقد رزقه جميع لآلئ و ماسات الأرض .. و أكثر .
و قليل في الأرض أمثال هذا الرجل .
●●
من كتاب / عصــر القـرود للكاتب مصطفى محمود