بسم الله الرحمن الرحيم
كان الأحنف بن قيس حاضراً في مجلس زياد بن أبيه، وأخذ زياد يعنّف رجلاً ويقول له:
- أبلغني عنك الثقة كذا.. وأبلغني عنك الثقة كذا..
فقال الأحنف:
- أيها الأمير، إن الثقة لا يُبلِّغ..
فتوقف زياد وتأمل كلمة الأحنف ثم قال:
- صدقت يا أحنف..
وأذن للرجل بالانصراف وكان يريد أن ينزل به أشد العقاب بناء على تبليغ الثقة أو نميمته على
الأصح!! خاصة أن زياداً قاس جداً وقليل الرحمة..
وفي سوق الأسهم نجد من يطلق التوصيات بكل قوة وثقة، خاصة عبر منتديات الأسهم ورسائل
الجوال، إما في محاولة الوصول لتحقيق أرباح شخصية على حساب الآخرين، أو لأن من
يطلقون التوصيات أذناب للهوامير وأبواق، أو لأن بعضهم ساذج يصدّق ما يتفل إليه، أو يقتنع
بسعر معين ويعتقد أنه على حق وأنه جاء برأس كليب أو غليص..
الذي نريد قوله إنه لا يوجد عاقل يوصي على أسهم معينة ويزعم أنها سوف ترتفع بنسبة كذا أو
كذا، فهذا غيب لا يعلمه إلا الله.. ثم إن التوصيات خطرة جداً، وتوقع كثيرين في مصائدها
ومخالبها وخسائرها ثم يزعم من أوصى - بعد أن وقع الفأس في الرأس - أن السوق لم تساعد
وأن.. وأن.. إلى آخر التبريرات المكشوفة.
إن التوصيات في عالم الأسهم خطرة جداً، ولا تجوز إلا للمرخص لهم رسمياً وبناء على
دراسات مستفيضة وأرقام ومع هذا كله قد تنجح أو تفشل.
بل إن كثيراً من بيوت الاستشارة العريقة ومديري الأصول المرخص لهم على مستوى العالم
كثيراً ما يصابون بخسائر عنيفة رغم كل دراساتهم ودقتهم فما بالك بمن يحطب بليل ويخبط خبط
عشواء وقد يبيّت سوء النية الذي ينعكس عليه وبالاً في الدنيا والآخرة.
المصدر