عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2014, 01:50 AM   رقم المشاركة : 46
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


الآية رقم ‏(‏200 ‏:‏ 202‏)‏
‏{‏فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ‏.‏ ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ‏.‏ أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب ‏}‏
يأمر تعالى بذكره والإكثار منه بعد قضاء المناسك وفراغها‏.‏ وقوله ‏{‏كذكركم آباءكم‏}‏ اختلفوا في معناه فقال عطاء‏:‏ هو كما يلهج الصبي بذكر أبيه وأمه، فكذلك أنتم فالهجوا بذكر اللّه بعد قضاء النسك‏.‏ وقال ابن عباس‏:‏ كان أهل الجاهليلة يقفون في الموسم، فيقول الرجل منهم‏:‏ كان أبي يطعم، ويحمل الحمالات، ويحمل الديات، ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم، فأنزل اللّه على محمد صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا‏}‏، والمقصود منه الحث على كثرة الذكر للّه عزّ وجلّ، و أو ههنا لتحقيق المماثلة في الخبر كقوله‏:‏ ‏{‏فهي كالحجارة أو أشد قسوة‏}‏ فليست ههنا للشك قطعاً وإنما هي لتحقيق المخبر عنه كذلك أو أزيد منه‏.‏
ثم إنه تعالى أرشد إلى دعائه بعد كثرة ذكره فإنه مظنة الإجابة، وذم من لا يسأله إلا في أمر دنياه وهو معرض عن أخراه فقال‏:‏ ‏{‏فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق‏}‏ أي من نصيب ولا حظ، وتضمَّنَ هذا الذم التنفير عن التشبه بمن هو كذلك، قال ابن عباس‏:‏ كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف فيقولون‏:‏ اللهم اجعله عام غيث، وعام خصب، وعام ولاد حسن، لا يذكرون من أمر الآخرة شيئاً، فانزل اللّه فيهم‏:‏ ‏{‏فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الأخرة من خلاق‏}‏ ولهذا مدح من يسأله الدنيا والأُخرى، فقال‏:‏ ‏{‏ومنهم من يقور ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار‏}‏، فجمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا وصرفت كل شر، فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، ومركب هين، وثناء جميل، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين ولا منافاة بينها، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا‏.‏
وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة، وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات، وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة، وأما النجاة من النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا من اجتناب المحارم والآثام، وترك الشبهات والحرام‏.‏ وقال القاسم أو عبد الرحمن‏:‏ من أعطي قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراً، وجسداً صابراً فقد أوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، ووقي عذاب النار‏.‏ ولهذا وردت السنة بالترغيب في هذا الدعاء‏.‏ فقال البخاري
عن أنَس بن مالك‏:‏ كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار‏)‏ وكان أنَس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها، وإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه‏.‏وعن أنَس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عاد رجلاً من المسلمين قد صار مثل الفرخ فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏هل تدعو اللّه بشيء أو تسأله إياه‏؟‏ قال‏:‏ نعم، كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجِّلْه لي في الدنيا، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سبحان اللّه لا تطيقه أو لا تستطيعه، فهلا قلت ‏{‏ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار‏}‏ قال‏:‏ فدعا اللّه فشفاه
‏"‏قال ابن كثير‏:‏ انفرد بإخراجه مسلم‏"‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


الآية رقم ‏(‏203‏)‏
‏{‏واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون ‏}‏
قال ابن عباس‏:‏ الأيام المعدودات أيام التشريق والأيام المعلومات أيام العشر قال عكرمة‏:‏ يعني التكبير في أيام التشريق بعد الصلوات المكتوبات اللّه أكبر، اللّه أكبر، لحديث‏:‏ ‏(‏أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر اللّه‏)‏‏"‏رواه مسلم وأحمد‏"‏وعن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعث عبد اللّه بن حذافة يطوف في منى‏:‏ ‏(‏لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر اللّه عزّ وجلّ‏)‏‏.‏وعن عائشة قالت‏:‏ نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن صوم أيام التشريق وقال‏:‏ ‏(‏هي أيام أكل وشرب وذكر اللّه‏) قال ابن عباس‏:‏ الأيام المعدودات أيام التشريق أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة بعده وقال علي بن أبي طالب‏:‏ هي ثلاثة‏:‏ يوم النحر ويومان بعده، إذبح في أيهن شئت، وأفضلُها أولها، والقول الأول هو المشهور، وعليه دل ظاهر الآية الكريمة حيث قال‏:‏ ‏{‏فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه من تأخر فلا إثم عليه‏}‏ فدل على ثلاثة بعد النحر، ويتعلق بقوله‏:‏ ‏{‏واذكروا الله في أيام معدودات‏}‏ ذكر اللّه على الأضاحي وقد تقدم أن الراجح في ذلك مذهب الشافعي رحمه الله، وهو أن وقت الأضحية من يوم النحر إلى آخر أيام التشريق، ويتعلق به أيضاً الذكر المؤقت خلف الصلوات والمطلق في سائر الأحوال، وفي وقته أقوال للعلماء أشهرها الذي عليه العمل أنه من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق وهو آخر النفر الآخر‏.‏ وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه كان يكبر في قبته، فيكبر أهل السوق بتكبيره حتى ترتج منى تكبيراً وقد جاء في الحديث‏:‏ ‏(‏إنما جعل الطواف بالبيت، والسعي بن الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر اللّه عزّ وجلّ‏)‏
"‏رواه أبو داود‏"‏ولما ذكر اللّه تعالى النفر الأول والثاني - وهو تفرق الناس من موسم الحج إلى سائر الأقاليم والآفاق بعد اجتماعهم في المشاعر والمواقف - قال‏:‏ ‏{‏واتقوا اللّه واعلموا انكم إليه تحشرون‏}‏، كما قال‏:‏ ‏{‏وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


الآية رقم ‏(‏204 ‏:‏ 207‏)‏
‏{‏ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام ‏.‏ وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ‏.‏ وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ‏.‏ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد ‏}‏
قال السدي‏:‏ نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي، جاء إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأظهر الإسلام، وفي باطنه خلاف ذلك، وعن ابن عباس أنها نزلت في نفر من المنافقين تكلموا في خبيب وأصحابه الذين قتلوا بالرجيع وعابوهم، وقيل‏:‏ بل ذلك عام في المنافقين كلهم وفي المؤمنين كلهم وهو الصحيح، وروى ابن جرير قال‏:‏ حدثني محمد بن أبي معشر، وأخبرني أبو معشر نجيح، قال‏:‏ سمعت سعيداً المقبري يذاكر محمد بن كعب القرظي، فقال سعيد‏:‏ إن في بعض الكتب‏:‏ إن عباداً ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمر من الصبر، لبسو للناس مسوك الضأن من اللين، يجترون الدنيا بالدين، قال اللّه تعالى‏:‏ عليّ تجترئون وبي تغترون‏؟‏ وعزتي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم منهم حيران، فقال محمد بن كعب‏:‏ هذا في كتاب اللّه، فقال سعيد‏:‏ واين هو من كتاب اللّه‏؟‏ قال، قوله اللّه‏:‏ ‏{‏ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا‏}‏ الآية‏.‏ فقال سعيد‏:‏ قد عرفت فيمن أنزلت هذه الآية، فقال محمد بن كعب‏:‏ إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد
‏"‏أخرجه ابن جرير عن سعيد المقبري موقوفاً‏"‏وهذا الذي قاله القرطبي حسن صحيح‏.‏
وأما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ويشهد الله على ما في قلبه‏}‏ فمعناه أنه يظهر للناس الإسلام، ويبارز اللّه بما في قلبه من الكفر والنفاق، كقوله تعالى‏:
‏ ‏{‏يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله‏}‏الآية‏.‏ وقيل معناه أنه إذا أظهر للناس الإسلام حلف وأشهد اللّه لهم أن الذي في قلبه موافق للسانه وهذا المعنى صحيح واختاره ابن جرير وعزاه إلى ابن عباس، واللّه أعلم‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وهو ألد الخصام‏}‏ الألد في اللغة‏:‏ الأعوج،
‏{‏وتنذر به قوماً لدا‏}‏أي عوجاً، وهكذا المنافق في حال خصومته، يكذب ويزور عن الحق ولا يستقيم معه، بل يفتري ويفجر، كما ثبت في الصحيح عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏آية المنافق ثلاث‏:‏ إذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر‏)‏‏. وفي الحديث‏:‏ ‏(‏إن أبغض الرجال إلى اللّه الألد الخصم‏)"‏رواه البخاري عن عائشة مرفوعاً‏"‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد‏}‏ أي هو أعوج المقال سيء الفعال، فذلك قوله وهذا فعله‏.‏ كلامه كذب، واعتقاده فاسد، وأفعاله قبيحة‏.‏ والسعي ههنا هو القصد كما قال إخبارأً عن فرعون‏:‏
‏{‏ثم أدبر يسعى* فحشر فنادى* فقال أنا ربكم الأعلى‏}‏وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فاسعوا إلى ذكر الله‏}‏أي اقصدوا واعمدوا ناوين بذلك صلاة الجمعة، فإن السعي الحسي إلى الصلاة منهي عنه بالسنة النبوية‏:‏ ‏(‏إذا أتتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة والوقار‏)‏‏.‏ فهذا المنافق ليس له همة إلا الفساد في الأرض، وإهلاك الحرث، وهو محل نماء الزروع والثمار، والنسل‏:‏ وهو نتاج الحيوانات الذي لا قوام للناس إلا بهما‏.‏ وقال مجاهد‏:‏ إذا سعى في الأرض إفساداً منع الله القطر فهلك الحرث والنسل ‏{‏والله لا يحب الفساد‏}‏ أي لا يحب من هذه صفته، ولا من يصدر منه ذلك‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم‏}‏ أي إذا وُعظ هذا الفاجر في مقاله وفعاله، وقيل له‏:‏ اتق اللّه وانزع عن قولك وفعلك، وارجع إلى الحق، امتنع وأبى، وأخذته الحمية والغضب بالإثم، أي بسبب ما اشتمل عليه من الآثام، وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى‏:‏
‏{‏وإذا تتلى عليهم آياتنا تعرف في وجوه الذي كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا‏.‏ قل أفأنبئكم بشر من ذلكم‏.‏ النار وعدها اللّه الذين كفروا وبئس المصير‏}‏ ولهذا قال في هذه الآية‏:‏{‏فحسبه جهنم ولبئس المهاد‏}‏
أي هي كفايته عقوبة في ذلك‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله‏}‏ لما أخبر عن المنافقين بصفاتهم الذميمة، ذكر صفات المؤمنين الحميدة فقال‏:‏ ‏{‏ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله‏}‏ قال ابن عباس وجماعة‏:‏ نزلت في صهيب الرومي وذلك أنه لما أسلم بمكة، وأراد الهجرة منعه الناس أن يهاجر بماله، وإن أحب أن يتجرد منه ويهاجر فعل، فتخلص منهم وأعطاهم ماله، فأنزل اللّه فيه هذه الآية فتلقاه عمر بن الخطاب وجماعة إلى طرف الحرة، فقالوا‏:‏ ربح البيع، فقال‏:‏ وأنتم فلا أخسر اللّه تجارتكم، وما ذاك‏؟‏ فأخبروه أن اللّه أنزل فيه هذه الآية،
ويروى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال له‏:‏ ‏(‏ربح البيع صهيب‏)‏ وروي عن أبي عثمان النهدي عن صهيب قال‏:‏ لما أردت الهجرة من مكة إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قالت لي قريش‏:‏ يا صهيب قدمت إلينا ولا مال لك، وتخرج أنت ومالك‏؟‏ واللّه لا يكون ذلك أبداً، فقلت لهم‏:‏ أرأيتم إن دفعت إليكم مالي تخلُّون عني‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، فدفعت إليهم مالي فخلوا عني، فخرجت حتى قدمت المدينة، فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ ‏(‏ربح صهيب، ربح صهيب‏) ‏"‏رواه ابن مردويه عن صهيب الرومي‏"‏مرتين وأما الاكثرون فحملوا ذلك على أنها نزلت في كل مجاهد في سبيل اللّه كما قال اللّه تعالى‏:‏‏{‏إن لله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون ويقتلون‏}‏، ولما حمل هشام بن عامر بين الصفين أنكر عليه بعض الناس، فرد عليهم عمر بن الخطاب وابو هريرة وغيرهما وتلوا هذه الآية‏:‏ ‏{‏ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


الآية رقم ‏(‏208 ‏:‏ 209‏)‏
‏{‏يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ‏.‏ فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم ‏}‏
يأمر اللّه تعالى عباده المؤمنين به، المصدقين برسوله، أن يأخذوا بجمع عرى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك‏.‏ قال العوفي عن ابن عباس‏:‏ ‏{‏ادخلو في السلم‏}‏ يعني الإسلام، وقال الضحّاك وأبو العالية‏:‏ يعني الطاعة، وقوله ‏{‏كافة‏}‏ قال ابن عباس وأبو العالية وعكرمة‏:‏ جميعاً، وقال مجاهد‏:‏ أي اعملوا بجميع الأعمال ووجوه البر‏.‏
ومن المفسرين من يجعل قوله تعالى ‏{‏كافة‏}‏ حالاً من الداخلين، أي ادخلوا الإسلام كلكم، والصحيح الأول وهو أنهم أمروا كلهم أن يعملوا بجميع شعب الإيمان وشرائع الإسلام، وهي كثيرة جداً ما استطاعوا منها، كما قال عكرمة عن ابن عباس‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا ادخلو في السلم كافة‏}‏ يعني مؤمنين أهل الكتاب، فإنهم كانوا مع الإيمان باللّه مستمسكين ببعض أمور التوراة والشرائع التي أُنزلت فيهم، فقال اللّه‏:‏ ‏{‏ادخلو في السلم كافة‏}‏ يقول‏:‏ ادخلوا في شرائع دين محمد صلى اللّه عليه وسلم ولا تدعوا منها شيئاً، وحسبكم الإيمان بالتوراة وما فيها‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تتبعوا خطوات الشيطان‏}‏ أي اعملوا بالطاعات، واجتنبوا ما يأمركم به الشيطان ف ‏{‏إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون‏}‏، و‏{‏إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير‏}‏، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏إنه لكم عدو مبين‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات‏}‏ أي عدلتم عن الحق بعد ما قامت عليكم الحجج، فاعلموا أن الله ‏{‏عزيز‏}‏ أي في انتقامه لا يفوته هارب ولا يغلبه غالب، ‏{‏حكيم‏}‏ في أحكامه ونقضه وأبرامه، ولهذا قال أبو العالية وقتادة‏:‏ عزيز في نقمته، حكيم في أمره‏.‏ وقال محمد بن إسحاق‏:‏ العزيز في نصره ممن كفر به إذا شاء، الحكيم في عذره وحجته إلى عباده‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس