عرض مشاركة واحدة
قديم 14-02-2013, 04:00 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


« وَبَرَأَ » في أسماء اللّه تعالى ( البارئ ) هو الذي خَلَق الخلْق لا عَنْ مِثال.
ولهٰذه اللفظةِ مِنَ الاختصاصِ بِخَلْقِ الحيوان ما ليس لها بغيره مِن
المخلوقات، وقلَّما تُستَعمل في غير الحيوان،
فيُقال: بَرأ اللّه النسَمَة، وخلَق السمواتِ والأرضَ .


« وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ » مِن العُقُوبات، كالصَّواعِقِ.
« وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا » مما يوجب العقوبةَ، وهُو الأعمال السَّيِّئة.
« وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الأَرْضِ » أي خَلَقَ على ظَهْرِها.
« وَمِنْ شَرِّ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا » ممّا خَلَقَه في بَطْنِها.
« وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ » الواقعةِ فيهما، وهو مِن الإضافة
إلى الظَّرْف .
« وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ » وكلُّ آتٍ باللَّيل: طَارِق.
وقيل: أصْلُ الطُّرُوق: مِن الطَّرْقِ وهو الدَّق، وسُمِّي الآتِي بالليل طارقًا؛
لحَاجته إلى دَقِّ الباب .
« إِلَّا طَارِقًا » نُصِب؛ لأنه استثناءٌ متَّصلٌ مِن كلام موجب، فهو منصوب.
وفي نسخة: بالجرِّ بَدلاً مِن (طَارِقٍ)؛ لأنه نَفْيُ مَعنًى، أي فلا يصيبني
شيءٌ مِن طوارقِ الليلِ إلا طارقٍ « يَطْرُقُ » أي يأتي « بِخَيْر ٍ».
« يَا رَحْمَـٰنُ! » خَتَم بِنداءِ الرَّبِّ جَلَّ جَلالُهُ بِاسمٍ عظيمٍ مِن أسمائه الحسنىٰ.


قال العلامةُ السعديّ -رَحِمَهُ اللهُ- في تفسير قولِه تَعالىٰ:

{ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَـٰنُ الرَّحِيمُ }
(البقرة: 163)

[ يخبر تعالى -وهو أصدق القائلين- أنه{ إِلَهٌ وَاحِدٌ }
أي: مُتوحِّد مُنفردٌ في : ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله فليس له شريكٌ
في ذاته، ولا سَمِيَّ له، ولا كُفُوَ له، ولا مِثْلَ، ولا نَظِير ولا خالقَ
ولا مُدَبِّرَغيره فإذا كان كذٰلك؛ فهو المستَحِقُّ لأَنْ:
يُؤْلَهَ ويُعْبَدَ بجميعِ أنواع العبادة ولا يُشْرَكَ به أَحَدٌ مِن خَلْقِه.
لأنه{ الرَّحْمَـٰنُ الرَّحِيمُ }المتَّصِفُ بالرَّحْمَةِ العظيمة، التي لا يُماثِلُها
رحمةُ أحدٍ، فقد وَسِعَتْ كُلَّ شيءٍ، وعَمَّتْ كُلَّ حَيٍّ.

فبِرَحْمَتِه:وُجِدَتِ المخلوقات.
وبِرَحْمَتِهِ:حَصَلَت لها أنواعُ الكَمالات.
وبِرَحْمَتِهِ:اندفع عنها كُلُّ نِقْمة.
وبِرَحْمَتِهِ:عَرَّفَ عِبادَه نَفْسَه بصِفاته وآلائه، وبيَّن لهم كُلَّ ما يَحْتاجُون

إليه مِن مصالِحِ دِينهم ودنياهم، بإرسالِ الرُّسُل، وإنزالِ الكُتُب.
فإذا عُلِمَ أنّ ما بِالعباد مِن نِعمَةٍ؛ فمِنَ اللهِ، وأنّ أحدًا مِن المخلُوقين
لا يَنفع أحدًا
عُلِم: أنّ اللهَ هو المستحقُّ لِجميعِ أنواعِ العبادة، وأن يُفْرَدَ بالْمَحَبَّةِ،
والخوفِ، والرَّجاءِ، والتَّعظيمِ، والتَّوكُّلِ، وغيرِ ذٰلك مِن أنواع الطاعات.
وأنّ مِنْ أَظْلَمِ الظُّلْم، وأقْبَحِ القَبيح: أن يُعْدَل عن عِبادتِه إلى عِبادة العبيدِ،
وأن يُشْرَكَ المخلوقُ مِن تُرابٍ، بِرَبِّ الأرباب، أو يُعبَد المخلوقُ المدَبَّرُ
العاجزُ مِن جميع الوُجوه، مع الخالقِ المدَبِّرِ القادِر القويِّ،
الذي قد قَهَرَ كُلَّ شيءٍ، ودَان له كُلُّ شيءٍ.
ففي هٰذه الآية: إثباتُ وحدانيّةِ الباري وإلٰهِيَّتِه، وتقريرُها بِنَفْيِها عن غيرِه
مِن المخلوقين، وبيانِ أصلِ الدليلِ علىٰ ذٰلك،
وهو: إثباتُ رحمتِه التي مِن آثارِها: وُجودُ جميعِ النِّعَم، واندِفاعُ جميعِ النِّقَم.
فهٰذا دليلٌ إجماليٌّ علىٰ وحدانيَّتِه تَعالىٰ ]

اﻫ مِن "تيسير الكريم الرحمٰن" (ص77 و78).

قال العلامة ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في "الكافية الشافية"

(الأبيات: 4824 – 4833):
يـا مَـن يريـد وِلايةَ الرَّحـمٰن دُونَ وِلايـةِ الشيطانِ والأوثــانِ
فَارِقْ جميعَ النَّاس في إشراكـ هم حـــتى تَنـالَ وِلايـة الرحـمٰنِ
يكفيكَ مَن وَسِعَ الخلائقَ رحمةً وكفايةً ذو الفضل والإحسانِ
يكفيكَ مَن لم تَخْلُ مِن إحسانه فـي طَرْفـة بِتَقَلُّـبِ الأجفـانِ
يكفيـكَ رَبٌّ لـم تــزل ألطـافُـه تـأتـي إلـيـكَ برحـمـةٍ وحَـنـانِ
يكفيكَ رَبٌّ لم تزل في سِتْـرِهِ ويَـراكَ حيـنَ تَجـيءُ بالعَصيـانِ
يكفيكَ رَبٌّ لم تـزل فـي حِفْظِـهِ وَوقَايـةٍ منـه مَـدَى الأزمـانِ
يكفيكَ رَبٌّ لم تـزل فـي فَضْلِـهِ متَقَلِّبًـا فـي السِّـرِ والإِعــــلانِ
يَدعُوه أهلُ الأرضِ مَعْ أهل السمـاءِ فكُلَّ يومٍ رَبُنَا فـي شـانِ
وهو الكفيـلُ بكُـلِّ مـا يَدْعُونَـهُ لا يَعْتَـرِي جَـدْوَاهُ مِـن نُقْصَـانِ






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة