عرض مشاركة واحدة
قديم 19-12-2006, 02:45 PM   رقم المشاركة : 6
بانـوراما
( ود جديد )
 





بانـوراما غير متصل

"يا أيُها الذينَ آمنوا قُوا أنفُسَكُم وأهليكُم ناراً وَقُودُها النّاسُ والحِجَارة عَليها ملائكةٌ غلاظٌ شِدادٌ لا يَعصُونَ الله ما أَمَرَهُم ويَفعَلونَ ما يُؤمَرون"


عن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي الله عنه ، عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ، قال : (إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحد حدودًا فلا تعتدوها ، وحرم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها ).
حديث حسن ، رواه الدارقطني [(في سننه) 4/ 184 ] ، وغيره .



هذا الفصل الأخير والنهاية فتذكروا أحبتي أني مازلت أنتظر المزيد من الملاحظات والانتقادات والتوجيهات والنصائح بفارغ الصبر ....حيث أن بانوراما ما هو إلا باحث عن ضالته أنى وجدها سيأخذها..فلا تقطعوا عني ضالتي فلربما كانت لديكم...!!!
• للتواصل يمكنكم الإرسال على الخاص أو بريدي الالكتروني
maxgv99@hotmail.com




******************** ******************** ********** ***********





الفصل الرابع,,



قبل الحديث عن سلطان, وبعد ما يقرب من العام على وفاة سارة, هناك حدث هام لابد من ذكره.. ألا وهو موت صالح ..العائل الوحيد لعائلته, حيث توفي وهو نائم (سكته قلبية) وهذا مما جعل الحمل يزداد على كاهل (الكهلين)أبو وأم صالح..من حيث النفقة والتربية والاهتمام ب(رحمة) ورعايتها..........


سلطان والذي لم يعلم ما قد حدث لسارة من بعد تلكم الأحداث, حيث أنه لم يعد مجدداً إلى هناك, ولم يحاول حتى الاتصال ..فقد تغيرت حياته تماماً, فهاهو سلطان بعد مرور خمس سنوات عن تلك القصة.........


سلطان إمام مسجد الحارة .. سخر ذلك الصوت الشجي في ترتيل كلام الله بعد أن كان يغني ويحي الأمسيات ,,فشتان ما بين هذا وذاك..وهو صاحب تلك اللحية السوداء المرتبة التي قد زادت من حسنه ورجولته (فسبحان من زين الرجال باللحى, والنساء بالحلى), أكمل دراسة الكلية, ليتخرج ويعمل بنفسه, فثروة والده لم تعد تعني له شيء, فهو يزعم أنه يريد بناء مستقبله بنفسه...ولكن المقصد الحقيقي هو الانشغال بالعمل والابتعاد عن التفكير والذكريات الماضية...و سلطان.. صاحب شخصية محبوبة لدى جميع زملائه..لأنه يتمتع بأخلاق فاضلة وبشاشة دائمة وكرم حاتمي وتواضع جم..........


في أثناء دوامه في يوم من الأيام قدم إليه صديقه خالد عازماً إياه بمناسبة زواج أخيه محمد ...
خالد: لا تنسى تكفى الزواج يوم الخميس.

سلطان: ابشر ..ابشر..

خالد:ولا تنسى بعد إن الحضور على حسب عوايدنا بعد صلاة العصر مباشرة..

سلطان: بس شكله بدري مره .!!! ليه هو الزواج ما هو في صالة؟؟؟؟

خالد:لا يا رجل ... فضلنا نخليه عندنا في القرية... أمتع وأوفر وهذا هو المهم..........

سلطان: هههههه طيب ليش من العصر..

خالد: فيه أكلات شعبية تجنن ويحبها قلبك نحضرها بعد صلاة العصر ..

سلطان: دام الموضوع كذا لا والله إلا بنصلي العصر عندكم هههههههههه

خالد: على العموم نسق مع الشباب على أساس تجون في سيارة وحدة.. أفضل لكم وراح نكون في استقبالكم.....

سلطان: طيب ما أدل!!

خالد: سليمان خوينا جاني أكثر من مره هو دليلكم...........


في اليوم المحدد تجمع الزملاء في سيارة سلطان, وتوجهوا لتشريف زواج محمد الأخ الأصغر لصاحبهم خالد ,وأثناء القيادة يندهش سلطان من وصف الطريق فالطريق ليس بغريب .. بل هو مألوف جداً !!! أليس هو طريق قرية سارة<يتساءل>....يقشع ر جلده وترتعد فرائسه وترتخي قدماه, ثم يقول لنفسه "هذا شيء ما هو مهم المهم تشريف الرجال وكلها ساعات ونرجع ...الله يعين"....وفعلا كان توقعه صائباً, فالزواج في منزل لا يبعد سوى أمتار قليلة عن بيت سارة.....


وصل الزملاء إلى البيت الذي به حفل الزواج عصراً... فسلموا وباركوا ثم جلسوا لشرب القهوة كعادة جميع شعوب العرب, ولحاجة ملحة في نفس سلطان.. خرج من المجلس مستأذناً ...ليلقي نظرةً ولو من بعيد لذلك المكان, وليتذكر تلك الأزمان.....


ذهب سلطان إلى ذلك المرتفع ووقف على تله المطل على بيت والد سارة ومزرعته..مكث طويلاً في سكون يتأمل البيت, ويستعيد الذكريات.. يتساءل (يا ترى وين سارة الآن وش صار لها بعد ذاك اليوم ؟؟وهل تزوجت ولا الشايب مازال في غيه,وإن كانت تزوجت فمن هو سعيد الحظ...طيب لو تشوفني هالحين كيف راح تتصرف هي بستبتسم لي زي زمان ولا بتطردني وتسبني..... يالله.. أهم شي تكون سعيدة ومرتاحة.......


فجأةً وبينما هو واقف.. رأى الشايب يخرج من البيت, ظل يتابعه ثم لاحظ ملاحظة غريبة ..لاحظ أن هناك طفل بل طفلة صغيرة (بنت أربع سنوات) تمشي وراء الشايب حيث ما ذهب, وفي يدها كسرة خبز, والعجيب أيضاً أنه لا يكلمها ولا تكلمه, ومما يبدو أنه لا يحبها أو أنه قليل العطف عليها....سلطان(من هي هاذي الطفلة التي تمشي ورا الشايب؟؟؟لا تكون بنت سارة ولا يمكن إنها بنت صالح ؟؟؟لازم أتأكد !!!!)


نزل من التل إليهما مسرعاً, وقد جال في ذهنه أكثر من علامة استفهام؟؟؟ولما اقترب..صافح الشايب (لم يعرفه الشايب فالخطاب كانوا كثر)ثم انحنى إلى تلك الطفلة ذات المعطف القديم المترهل والمقطع (كان أكبر من مقاسها) وذلك الوجه المتسخ والشعر الأشعث المظفر(المجدل) إلى ظفيرتين والحذاء البالية الممزقة ..,,ليدقق النظر في هذه الطفلة, ثم ليعرف المزيد عن أمرها,, فباله غير مرتاح ونفسه غير مطمئنة....


اقترب منها فإذا الملامح ملامح الحسناء سارة ثم ضمها إلى صدره وقد شم رائحة ملابسها وجسدها لتعود به الذاكرة إلى رائحة جسد وملابس سارة.. تلك الرائحة العطرية...سلطان(نعم والله.. إنها بنت سارة.. إنها بنت سارة..) فما كاد يترك تلك البنت الصغيرة حتى أتى الشايب فسحبها منه عنوة..........


عاد سلطان إلى حفل الزواج مسرعاً ونادي صاحبه خالد........

سلطان: خالد أرجوك أبيك ضروري

خالد:يا أخي وين رحت الناس قاموا من على الأكل وأنت ما جيت !!! بعدين ما تشوفني مشغول....

سلطان مقاطعاً: أنت ما تفهم أبيك في موضوع ما يتأجل ,,بسرعة تعال معي..........

خالد:الله يكفانا شرك ..وش موضوعك؟؟أقول اسبقني وبجيك الحين..........


لحق خالد بسلطان عند تلك التل............

خالد: هاه خير يا سلطان تراك خوفتني

سلطان: بسألك وجاوبني بأمانه....... تشوف اللي في المزرعة؟؟ من هو هالشايب ذا؟؟؟ومن هي هالبنت الصغيرة اللي تتبعه؟؟؟ وش قصتهم..؟؟؟؟؟

خالد: غريبة هالسؤال .....هذا أبو صالح وهذي حفيدته(رحمة)..!

سلطان: حفيدته من بنته؟؟ ولا من ولده؟؟؟

خالد: لا من بنته,,

سلطان في حرقة مع نفسه ( والله إني كنت متأكد إنها بنت سارة.. عرفتها من ريحتها نفس ريحة ملابس أمها لا والملامح نفسها....)

سلطان: طيب وين الأم ذي عن بنتها؟؟؟؟؟؟؟ ليش ما تهتم فيها؟؟؟,, ومن هو زوجها؟؟؟؟

خالد مستطرداً: أمها يا طويل العمر وباختصار..اسمها سارة, وكانت مشهورة بجمالها,, ومن خمس سنوات تقريباً تعرفت على شاب (الله لا يوفقه ولا يسعده ) حملت منه وماتت (شف قبرها ذاك اللي في طرف المزرعة ) وتركت هالطفلة البريئة(رحمة) تركتها للرحمة ولتعيش مع جدها وجدتها الشيبان المساكين ( أصلاً هم بحاجة من يهتم فيهم ويرعاهم ).. لا وفوق ذا صاروا فقراء!! بعد ما مات ولدهم صالح بسنه واحدة تقريباً من وفاة سارة..علشان كذا شف هالصغيرة الحلوة,, ملابسها وشكلها يقطعون القلب ويجعل اللي ما يرحم.. يرحم ,,لو كان حتى يهودي.....يا أخي والله العظيم ظلم ....هاذي الطفلة ضحية مجتمع............


وفي أثناء حديث خالد إذ بمنادي يصرخ... خالد... يا خالد....أسرع,, ضيوف جايين...فيركض خالد مسرعاً لاستقبال الضيوف ,,


جثا سلطان على ركبتيه ويديه, مطأطئاً رأسه إلى الأرض حيناً وإلى قبر سارة حيناً,, وإلى الطفلة الصغيرة رحمة وهي تلعب حول البيت حيناً آخر..وقد ابتلت لحيته بالدموع بل وحتى الأرض من تحته فهو الثري الذي لا يستطع إطعام ابنته, والغني الذي لا يمكنه كسوتها, والأب الذي لا يحق له احتضانها أو ملاعبتها...


أصبح سلطان يكتفي من ابنته, أن يجلس كل يوم بعد صلاة العصر على ذلك التل ..ينتظر رحمة حتى تخرج لتلعب أمام البيت يراقبها بنظره, ويتابعها ببصره, وقد تقطع عليها قلبه, واحترق دمه, فتذرف الدموع, ويجهش بالبكاء,, حتى إذا قرب وقت الغروب الحزين, واحمرت السماء, ودخلت الصغيرة إلى البيت ..توجه ينظره إلى قبر عشيقته وخليلته سارة, ورفع كفيه للسماء( يدعوا الله أن يرحمها ويغفر لها وله تلك الزلة العظيمة) ,,فيبقى يدعو ويدعو..... حتى ينادي المنادي لصلاة المغرب"حي على الصلاة".............


استمر سلطان طويلاً على هذا النهج .. يقف على التل باكياً يراقب رحمة من أول العصر حتى تغيب الشمس فـ""عين عليها.. وعين على قبر أمها""...........



تمت بعون الله..,,



"سبحانك اللهم وبحمدك, أشهد أن لا إله إلا أنت, أستغفرك وأتوب إليك"




مع تحيات محبكم

كاتب ومؤلف الرواية



بـانـورامـا