عرض مشاركة واحدة
قديم 12-05-2014, 02:45 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏1 ‏:‏ 3‏)‏
‏{‏ المص ‏.‏ كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين ‏.‏ اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ‏}‏
تقدم الكلام في أول سورة
البقرة على ما يتعلق بالحروف وبسطه واختلاف الناس فيه، قال ابن جرير عن ابن عباس ‏{‏المص‏}‏‏:‏ أنا اللّه أفصل، ‏{‏كتاب أنزل إليك‏}‏ أي هذا كتاب أنزل إليك أي من ربك، ‏{‏فلا يكن في صدرك حرج منه‏}‏ شك منه، وقيل‏:‏ لا تتحرج به في إبلاغه والإنذار به، ‏{‏فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل‏}‏، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏لتنذر به‏}‏ أي أنزلناه إليك لتنذر به الكافرين ‏{‏وذكرى للمؤمنين‏}‏، ثم قال تعالى مخاطباً للعالم‏:‏ ‏{‏اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم‏}‏ أي اقتفوا آثار النبي الأمي الذي جاءكم بكتاب أنزل إليكم من رب كل شيء ومليكه، ‏{‏ولا تتبعوا من دونه أولياء‏}‏ أي لا تخرجوا عما جاءكم به الرسول إلى غيره فتكونوا قد عدلتم عن حكم اللّه إلى حكم غيره، ‏{‏قليلاً ما تذكرون‏}‏، كقوله‏:‏ ‏{‏وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل اللّه‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وما يؤمن أكثرهم باللّه إلا وهم مشركون‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏4 ‏:‏ 7‏)‏
‏{‏ وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون ‏.‏ فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين ‏.‏ فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين ‏.‏ فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين ‏}‏
يقول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وكم من قرية أهلكناها‏}‏ أي بمخالفة رسلنا وتكذيبهم فأعقبهم ذلك خزي الدينا موصولاً بذل الآخرة كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون‏}‏، وكقوله‏:‏ ‏{‏فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلاً وكنا نحن الوارثين‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون‏}‏ أي فكان منهم من جاءه أمر اللّه وبأسه ونقمته ‏{‏بياتا‏}‏ أي ليلاً ‏{‏أو هم قائلون‏}‏ من القيلولة وهي الاستراحة وسط النهار، وكلا الوقتين وقت غفلة ولهو، كما قال‏:‏ ‏{‏أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف اللّه بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين‏}‏،

وقوله‏:‏ ‏{‏فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين‏}‏ أي فما كان قولهم عند مجيء العذاب إلا أن اعترفوا بذنوبهم وأنهم حقيقون بهذا، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة - إلى قوله - خامدين‏}‏، قال ابن جرير‏:‏ في هذه الآية الدلالة الواضحة على صحة ما جاءت به الرواية عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏ما هلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم‏)‏، وقوله‏:‏ ‏{‏فلنسألن الذين أرسل إليهم‏}‏ الآية، كقوله‏:‏ ‏{‏ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏يوم يجمع اللّه الرسل فيقول ماذا أجبتم‏؟‏ قالوا‏:‏ لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب‏}‏ فيسأل اللّه الأمم يوم القيامة عما أجابوا رسله فيما أرسلهم به، ويسأل الرسل أيضاً عن إبلاغ رسالاته، ولهذا قال ابن عباس في تفسير
هذه الآية ‏{‏فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين‏}‏ قال‏:‏ عما بلغوا‏.‏

وعن ابن عمر قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام يسأل عن رعيته والرجل يسأل عن أهله والمرأة تسأل عن بيت زوجها والعبد يسأل عن مال سيده‏)‏، ثم قرأ‏:‏ ‏{‏فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين‏}"‏رواه ابن مردويه، وهو مخرج في الصحيحين بدون زيادة قوله ثم قرأ الآية‏"
‏، وقال ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين‏}‏ يوضع الكتاب يوم القيامة فيتكلم بما كانوا يعملون، ‏{‏وما كنا غائبين‏}‏ يعني أنه تعالى يخبر عباده يوم القيامة بما قالوا وبما عملوا من قليل وكثير وجليل وحقير، لأنه تعالى الشهيد على كل شيء لا يغيب عنه شيء، ولا يغفل عن شيء بل هو العالم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور ‏{‏وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏8 ‏:‏ 9‏)‏
‏{‏ والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ‏.‏ ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون ‏}‏
يقول تعالى‏:‏ ‏{‏والوزن‏}‏ أي للأعمال يوم القيامة ‏{‏الحق‏}‏ أي لا يظلم تعالى أحداً، كقوله‏:‏ ‏{‏ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إن اللّه لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية‏}‏، وقال تعالى‏:‏
‏{‏فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون‏}‏‏.‏

فصل والذي يوضع في الميزان يوم القيامة قيل‏:‏ الأعمال وإن كانت أعراضاً، إلا أن اللّه تعالى يقلبها يوم القيامة أجساماً، يروى هذا عن ابن عباس، كما جاء في الصحيح من أن البقرة وآل عمران يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف، وقيل‏:‏ يوزن كتاب الأعمال، كما جاء في حديث البطاقة، في الرجل الذي يؤتى به ويوضع له في كفة تسعة وتسعون سجلاً كل سجل مد البصر، ثم يؤتى بتلك البطاقة فيها‏:‏ لا إله إلا اللّه، الحديث ‏"‏الحديث في سنن الترمذي وصححه‏"‏، وقيل‏:‏ يوزن صاحب العمل كما في الحديث‏:‏ ‏(‏يؤتى يوم القيامة بالرجل السمين فلا يزن عند اللّه جناح بعوضة‏)‏ ثم قرأ‏:‏ ‏{‏فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً‏}‏، وفي مناقب عبد اللّه بن مسعود أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏أتعجبون من دقة ساقيه والذي نفسي بيده لهما في الميزان أثقل من أحد‏)‏، وقد يمكن الجمع بين هذه الآثار بأن يكون ذلك كله صحيحاً، فتارة توزن الأعمال، وتارة توزن محالها، وتارة يوزن فاعلها، واللّه أعلم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏10‏)‏
‏{‏ ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون ‏}‏
يقول تعالى‏:‏ ممتناً على عبيده فيما مكَّن لهم من أنه جعل الأرض قراراً، وجعل فيها رواسي وأنهاراً وجعل لهم فيها منازل وبيوتاً، وأباح لهم منافعها وسخّر لهم السحاب لإخراج أرزاقهم منها، وجعل لهم فيها ‏{‏معايش‏}‏ْ أي مكاسب وأسباباً يكسبون بها ويتجرون فيها ويتسببون أنواع الأسباب، وأكثرهم مع هذا قليل الشكر على ذلك، كقوله‏:‏ ‏{‏وإن تعدوا نعمة اللّه لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏11‏)‏
‏{‏ ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين ‏}‏
ينبه تعالى بني آدم في هذا المقام على شرف أبيهم آدم، ويبين لهم عداوة عدوهم إبليس وما هو منطو عليه من الحسد لهم ولأبيهم آدم ليحذروه ولا يتبعوا طرائقه، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا‏}‏،

هذا كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من صلصال من حمأ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين‏}‏، وذلك أنه تعالى لما خلق آدم عليه السلام بيده من طين لازب وصوره بشراً سوياً ونفخ فيه من روحه، أمر الملائكة بالسجود له تعظيماً لشأن اللّه تعالى وجلاله، فسمعوا كلهم وأطاعوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين، والمراد بذلك كله آدم عليه السلام، وقال سفيان الثوري عن ابن عباس ‏{‏ولقد خلقناكم ثم صورناكم‏}‏ قال‏:‏ خلقوا في أصلاب الرجال وصوروا في أرحام النساء ‏"‏رواه الحاكم وقال‏:‏ صحيح على شرطهما ولم يخرجاه‏"‏، ونقل ابن جرير عن بعض السلف أيضاً أن المراد ‏{‏بخلقناكم‏}‏ ثم ‏{‏صورناكم‏} الذرية، وقال أي خلقنا آدم ثم صورنا الذرية، وهذا فيه نظر لأنه قال بعده‏:‏ ‏{‏ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم‏}‏، فدل على أن المراد بذلك آدم، وإنما قيل ذلك بالجمع لأنه أبو البشر، كما يقول اللّه تعالى لبني إسرائيل الذين كانوا في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏{‏وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى‏}‏، المراد آباؤهم الذين كانوا في زمن موسى ولكن لما كان ذلك منة على الآباء الذين هم أصل، صار كأنه واقع على الأبناء، وهذا بخلاف قوله‏:‏ ‏{‏ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين‏}‏ الآية، فإن المراد منه آدم المخلوق من السلالة وذريته مخلوقون من نطفة،
وصح هذا لأن المراد من خلقنا الإنسان الجنس لا معيناً، واللّه أعلم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏12‏)‏
‏{‏ قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ‏}‏
قال بعض النحاة لا هنا زائدة، زيدت لتأكيد الجحد، كقول الشاعر‏:‏ ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ، فأدخل إن وهي للنفي على ما النافية لتأكيد النفي، قالوا‏:‏ وكذا هنا ‏{‏ما منعك أن لا تسجد‏}‏ مع تقدم قوله‏:‏ ‏{‏لم يكن من الساجدين‏}‏، واختار ابن جرير أن ‏{‏منعك‏}‏ مضمن معنى فعل آخر تقديره‏:‏ ما ألزمك واضطرك أن لا تسجد إذ أمرتك ونحو هذا، وهذا القول قوي حسن، واللّه أعلم‏.‏ وقول إبليس لعنه اللّه‏:‏ ‏{‏أنا خير منه‏}‏ من العذر الذي هو أكبر من الذنب، كأنه امتنع من الطاعة لأنه لا يؤمر الفاضل بالسجود للمفضول، يعني لعنه اللّه وأنا خير منه فكيف تأمرني بالسجود له ‏؟‏ ثم بيّن أنه خير منه بأنه خلق من نار والنار أشرف مما خلقته منه وهو الطين، فنظر اللعين إلى أصل العنصر ولم ينظر إلى التشريف العظيم، وهو أن اللّه تعالى خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه، وقاس قياساً فاسداً في مقابلة نص قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فقعوا له ساجدين‏}‏ فشذ من بين الملائكة لترك السجود، فلهذا أبلس من الرحمة أي أويس من الرحمة،

فأخطأ قبحه اللّه في قياسه، ودعواه أن النار أشرف من الطين أيضاً، فإن الطين من شأنه الرزانة والحلم والأناة والتثبت، والطين محل النبات والنمو والزيادة والإصلاح، والنار من شأنها الإحراق والطيش والسرعة، ولهذا خان إبليس عنصره ونفع آدم عنصره بالرجوع والإنابة والاستكانة والانقياد والاستسلام لأمر اللّه والاعتراف وطلب التوبة والمغفرة‏.‏ وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي اللّه عنها قالت، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏خلقت الملائكة من نور وخلق إبليس من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم‏)‏ ‏"‏رواه مسلم بهذا اللفظ‏"‏، وعن عائشة قالت، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏خلقت الملائكة من نور وخلق أبليس من مارج من نار وخلق أدم مما وصف لكم‏)‏ ‏"‏رواه مسلم بهذا اللفظ‏"‏، وعن عائشة قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏خلق اللّه الملائكة من نور العرش، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم‏)‏ ‏"‏رواه ابن مردويه‏"‏، وفي بعض ألفاظ هذا الحديث في غير الصحيح‏:‏ ‏(‏وخلقت الحور العين من الزعفران‏)‏ وقال الحسن‏:‏ قاس إبليس وهو أول من قاس، وعن ابن سيرين قال‏:‏ أول من قاس إبليس، وما عبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس‏.
إسناد صحيح أيضاً‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏13 ‏:‏ 15‏)‏
‏{‏ قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين ‏.‏ قال أنظرني إلى يوم يبعثون ‏.‏ قال إنك من المنظرين ‏}‏
يقول تعالى مخاطباً لإبليس بأمرٍ قدري كوني ‏{‏فاهبط منها‏}‏ أي بسبب عصيانك لأمري وخروجك عن طاعتي فما يكون لك أن تتكبر فيها، قال كثير من المفسرين‏:‏ الضمير عائد إلى الجنة، ويحتمل أن يكون عائداً إلى المنزلة التي هو فيها في الملكوت الأعلى ‏{‏فاخرج إنك من الصاغرين‏}‏ أي الذليلن الحقيرين، معاملة له بنقيض قصده ومكافأة لمراده بضده، فعند ذلك استدرك اللعين وسأل النظرة إلى يوم الدين، قال‏:‏ ‏{‏أنظرني إلى يوم يبعثون قال إنك من المنظرين‏}‏ أجابه تعالى إلى ما سأل لما له في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة التي لا تخالف ولا تمانع ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏16 ‏:‏ 17‏)‏
‏{‏ قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ‏.‏ ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ‏}‏
يخبر تعالى أنه لما أنظر إبليس ‏{‏إلى يوم يبعثون‏}‏ واستوثق إبليس بذلك أخذ في المعاندة والتمرد، فقال‏:‏ ‏{‏فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم‏}‏ أي كما أغويتني، قال ابن عباس‏:‏ كما أضللتني، وقال غيره‏:‏ كما أهلكتني لأقعدن لعبادك الذين تخلقهم من ذرية هذا الذي أبعدتني بسببه على ‏{‏صراطك المستقيم‏}‏ أي طريق الحق وسبيل النجاة ولأضلنهم عنها لئلا يعبدوك ولا يوحدوك بسبب إضلالك إياي، وقال بعض النحاة‏:‏ الباء هنا قسمية، كأنه يقول فبإغوائك إياي لأقعدن لهم صراطك المستقيم، قال مجاهد‏:‏ ‏{‏صراطك المستقيم‏}‏ يعني الحق، والصحيح أن الصراط المستقيم أعم من ذلك، روى الإمام أحمد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏إن الشيطان قعد لابن آدم بطرقه، فقعد له بطريق الإسلام فقال‏:‏ أتسلم وتذر دينك ودين آبائك قال فعصاه وأسلم‏)‏ قال‏:‏ ‏(‏وقعد له بطريق الهجرة فقال‏:‏ أتهاجر وتدع أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطول، فعصاه وهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد وهو جهاد النفس والمال، فقال تقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال، قال فعصاه وجاهد‏)‏، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏فمن فعل ذلك منهم فمات كان حقاً على اللّه أن يدخله الجنة، وإن قتل كان حقاً على اللّه أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقاً على اللّه أن يدخله الجنة، أو وقصته دابة كان حقاً على اللّه أن يدخله الجنة‏)‏ ‏"‏أخرجه الإمام أحمد في المسند‏"‏‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس