عرض مشاركة واحدة
قديم 13-06-2014, 04:02 AM   رقم المشاركة : 9
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏77 ‏:‏ 79‏)‏
‏{‏ ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب ‏.‏ وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد ‏.‏ قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد ‏}‏

يخبر تعالى عن قدوم الملائكة بعدما أعلموا إبراهيم بهلاكهم وفارقوه، فانطلقوا من عنده فأتوا لوطاً عليه السلام، وهم في أجمل صورة تكون على هيئة شبان حسان الوجوه، ابتلاءً من اللّه - وله الحكمة والحجة البالغة - فساءه شأنهم وضاقت نفسه بسببهم، وخشي أن يضيفهم أحد من قومه فينالهم بسوء، ‏{‏وقال هذا يوم عصيب‏}‏، قال ابن عباس‏:‏ شديد بلاؤه، وذلك أنه علم أنه سيدافع عنهم ويشق عليه ذلك‏.‏ وذكر قتادة أنهم أتوه وهو في أرض له فتضيفوه فاستحيا منهم، فانطلق أمامهم وقال لهم في أثناء الطريق كالمعرض لهم بأن ينصرفوا عنه‏:‏ ما أعلم على وجه الأرض أهل بلد أخبث من هؤلاء، ثم مشى قليلاً، ثم أعاد ذلك عليهم حتى كرره أربع مرات، قال قتادة‏:‏ وقد كانوا أمروا أن لا يهلكوهم حتى يشهد عليهم نبيهم بذلك، قال السدي‏:‏ خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط فبلغوا نهر سدوم نصف النهار، ولقوا بنت لوط تستقي، فقالوا‏:‏ يا جارية هل من منزل‏؟‏ فقالت‏:‏ مكانكم حتى آتيكم وفَرِقت عليهم من قومها فأتت أباها، فقالت‏:‏ يا أبتاه أدرك فتياناً على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم أحسن منهم لا يأخذهم قومك، وكان قومه نهوه أن يضيف رجلاً، فقالوا‏:‏ خل عنا فلنضيف الرجال، فجاء بهم فلم يعلم بهم أحد إلا أهل بيته، فخرجت امرأته فأخبرت قومها فجاءوا يهرعون إليه، وقوله‏:‏ ‏{‏يهرعون إليه‏}‏ أي يسرعون ويهرولون من فرحهم بذلك، وقوله‏:‏ ‏{‏ومن قبل كانوا يعملون السيئات‏}‏ أي لم يزل هذا من سجيتهم حتى أخذوا وهم على ذلك الحال، وقوله‏:‏ ‏{‏قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم‏}‏ يرشدهم إلى نساءهم، فإن النبي للأمة بمنزلة الوالد، فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم في الدنيا والآخرة، كما قال في الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون‏}‏، ‏{‏قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين‏}‏، وقال في هذه الآية الكريمة‏:‏ ‏{‏هؤلاء بناتي هن أطهر لكم‏}‏ قال مجاهد‏:‏ لم يكن بناته ولكن كن من أمته وكل نبي أبو أمته، وكذا روي عن قتادة وغير واحد‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فاتقوا اللّه ولا تخزون في ضيفي‏}‏ أي اقبلوا ما آمركم به من الاقتصار على نسائكم، ‏{‏أليس منكم رجل رشيد‏}‏ أي فيه خير، يقبل ما آمره به ويترك ما أنهاه عنه، ‏{‏قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق‏}‏ أي إنك لتعلم أن نساءنا لا أرب لنا فيهن ولا نشتهيهن، ‏{‏وإنك لتعلم ما نريد‏}‏ أي ليس لنا غرض إلا في الذكور وأنت تعلم ذلك، فأي حاجة في تكرار القول علينا في ذلك‏؟‏ قال السدي‏:‏‏{‏وإنك لتعلم ما نريد‏}‏ إنما نريد الرجال‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏80 ‏:‏ 81‏)‏
‏{‏ قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ‏.‏ قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ‏}‏

يقول تعالى مخبراً عن نبيّه لوط عليه السلام إن لوطاً توعدهم بقوله‏:‏ ‏{‏لو أن لي بكم قوة‏}‏ الآية، أي لكنت نكلت بكم وفعلت بكم الأفاعيل بنفسي وعشيرتي، ولهذا ورد في الحديث‏:‏ ‏(‏رحمة اللّه على لوط لقد كان يأوي إلى ركن شديد - يعني اللّه عزَّ وجلَّ - فما بعث اللّه بعده من نبي إلا في ثروة من قومه‏)‏، فعند ذلك أخبرته الملائكة أنهم رسل اللّه إليه، وأنهم لا وصول لهم إليه، ‏{‏قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك‏}‏ وأمروه أن يسري بأهله من آخر الليل وأن يتبع أدبارهم، أي يكون ساقة لأهله، ‏{‏ولا يلتفت منكم أحد‏}‏ أي إذا سمعت ما نزل بهم ولا تهولنكم تلك الأصوات المزعجة، وقوله‏:‏ ‏{‏ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك‏}‏، ذكروا أنها خرجت معهم ولما سمعت الوجبة التفت وقالت‏:‏ واقوماه، فجاءها حجر من السماء فقتلها، ثم قربوا له هلاك قومه تبشيراً له لأنه قال لهم أهلكوهم الساعة، فقالوا‏:‏ ‏{‏إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب‏}‏‏؟‏ هذا وقوم لوط وقوف على الباب وعكوف، وقد جاءوا يهرعون إليه من كل جانب، ولوط واقف على الباب يدافعهم ويردعهم وينهاهم عما هم فيه، وهم لا يقبلون منه، بل يتوعدونه ويتهددونه، فعند ذلك خرج عليهم جبريل عليه السلام، فضرب وجوههم بجناحه فطمس أعينهم، فرجعوا وهم لا يهتدون الطريق؛ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر‏}‏ الآية‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏82 ‏:‏ 83‏)‏
‏{‏ فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود ‏.
‏ مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏فلما جاء أمرنا‏}‏ وكان ذلك عند طلوع الشمس ‏{‏جعلنا عاليها‏}‏ وهي سدوم ‏{‏سافلها‏}‏، كقوله‏:‏ ‏{‏فغشاها ما غشى‏}‏، ‏{‏وأمطرنا عليها حجارة من سجيل‏}‏ أي حجارة من طين، قاله ابن عباس وغيره‏.‏ وقد قاله في الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏حجارة من طين‏}‏ أي مستحجرة قوية شديدة، وقال بعضهم‏:‏ مشوية، وقال البخاري‏:‏ ‏{‏سجيل‏}‏ الشديد الكبير، سجيل وسجين اللام والنون أختان، وقوله‏:‏ ‏{‏منضود‏}‏ قال بعضهم‏:‏ منضودة في السماء أي معدة لذلك‏.‏ وقال آخرون‏:‏ ‏{‏منضود‏}‏ أي يتبع بعضهم بعضاً في نزولها عليهم، وقوله‏:‏ ‏{‏مسومة‏}‏ أي معلمة كل حجر مكتوب عليه اسم الذي ينزل عليه، فبينا أحدهم يكون عند الناس يتحدث، إذ جاءه حجر من السماء فسقط عليه من بين الناس فدمره، فتتبعهم الحجارة من سائر البلاد حتى أهلكتهم عن آخرهم، فلم يبق منهم أحد، وقال مجاهد‏:‏ أخذ جبريل قوم لوط من سرحهم ودورهم، حملهم بمواشيهم وأمتعتهم ورفعهم حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم، ثم كفأها؛ وكان حملهم على خوافي جناحه الأيمن، ولما قلبها كان أول ما سقط منها شرفاتها‏.‏ وقال قتادة وغيره‏:‏ بلغنا أن جبريل عليه السلام لما أصبح نشر جناحه فانتسف بها أرضهم بما فيهم من قصورها ودوابها وحجارتها وشجرها وجميع ما فيها، فضمها في جناحه، فحواها وطواها في جوف جناحه، ثم صعد بها إلى السماء الدنيا حتى سمع سكان السماء أصوات الناس والكلاب، وكانوا أربعة آلاف ألف، ثم قلبها، فأرسلها إلى الأرض منكوسة، ودمدم بعضها على بعض، فجعل عليها سافلها، ثم أتبعها حجارة من سجيل، قال تعالى‏:‏ ‏{‏جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل‏}‏ فأهلكها اللّه وما حولها من الؤتفكات‏.‏ وقال السدي‏:‏ لما أصبح قوم لوط نزل جبريل فاقتلع الأرض من سبع أرضين فحملها حتى بلغ بها السماء، حتى سمع أهل السماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها فقتلهم فذلك قوله‏:‏ ‏{‏والمؤتفكة أهوى‏}‏، ومن لم يمت حتى سقط للأرض أمطر اللّه عليه وهو تحت الأرض الحجارة، ومن كان منهم شاذاً في الأرض يتبعهم في القرى، فكان الرجل يتحدث فيأتيه الحجر فيقتله؛ فذلك قوله عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏{‏وأمطرنا عليها‏}‏ أي في القرى حجارة من سجيل، وقوله‏:‏ ‏{‏وما هي من الظالمين ببعيد‏}‏ أي وما هذه النقمة ممن تشبه بهم في ظلمهم ببعيد عنه‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏84‏)‏
‏{‏ وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏؟‏‏؟‏‏{‏ولقد أرسلنا إلى مدين‏}‏ وهم قبيلة من العرب كانوا يسكنون بين الحجاز والشام قريباً من معان، بلاداً تعرف بهم يقال لها مدين ، فأرسل اللّه إليهم شعيباً وكان من أشرافهم نسباً، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏أخاهم شعيبا‏}‏ يأمرهم بعبادة اللّه تعالى وحده لا شريك له وينهاهم عن التطفيف في المكيال والميزان، ‏{‏إني أراكم بخير‏}‏ أي في معيشتكم ورزقكم، وإني أخاف أن تسلبوا ما أنتم فيه بانتهاككم محارم اللّه، ‏{‏وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط‏}‏ أي في الدار الآخرة‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏85 ‏:‏ 86‏)‏
‏{‏ ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين ‏.‏ بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ ‏}‏

نهاهم أولاً عن نقص المكيال والميزان إذا أعطوا الناس، ثم أمرهم بوفاء الكيل والوزن، ونهاهم عن العثو في الأرض بالفساد وقد كانوا يقطعون الطريق، وقوله‏:‏ ‏{‏بقية اللّه خير لكم‏}‏، قال ابن عباس‏:‏ رزق اللّه خير لكم، وقال الحسن‏:‏ رزق اللّه خير لكم من بخسكم الناس، وقال الربيع‏:‏ وصية اللّه خير لكم، وقال مجاهد‏:‏ طاعة اللّه، وقال قتادة‏:‏ حظكم من اللّه خير لكم‏.‏ وقال ابن جرير‏:‏ أي ما يفضل لكم من الربح بعد وفاء الكيل والميزان خير لكم من أخذ أموال الناس، قلت‏:‏ ويشبه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث‏}‏ الآية، وقوله‏:‏ ‏{‏وما أنا عليكم بحفيظ‏}‏ أي برقيب ولا حفيظ، أي افعلوا ذلك للّه عزَّ وجلَّ، لا تفعلوا ليراكم الناس بل للّه عزَّ وجلَّ‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏87‏)‏
‏{‏ قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد ‏}‏

يقولون له على سبيل التهكم - قبحهم اللّه - ‏
{‏أصلاتك‏}‏ أي قراءتك قاله الأعشى ، ‏{‏تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا‏}‏ أي الأوثان والأصنام، ‏{‏أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء‏}‏ فنترك التطفيف عن قولك، وهي أموالنا نفعل فيها ما نريد، قال الحسن في الآية‏:‏ أي واللّه إن صلاته لتأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم، وقال الثوري في قوله‏:‏ ‏{‏أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء‏}‏‏؟‏ يعنون الزكاة، ‏{‏إنك لأنت الحليم الرشيد‏؟‏‏!‏‏}‏ يقول ذلك أعداء اللّه على سبيل الاستهزاء قبحهم اللّه ولعنهم وقد فعل‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏88‏)‏
{‏ قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ‏}‏

يقول لهم أرأيتم يا قوم ‏{‏إن كنت على بينة من ربي‏}‏ أي على بصيرة فيما أدعو إليه، ‏{‏ورزقني منه رزقا حسنا‏}‏ قيل‏:‏ أراد النبوة، وقيل‏:‏ أراد الرزق الحلال ويحتمل الأمرين، قال الثوري‏:‏ ‏{‏وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه‏}‏ أي لا أنهاكم عن الشيء وأخالف أنا في السر فأفعله خفية عنكم، وقال قتادة‏:‏ لم أكن أنهاكم عن أمر وأرتكبه، ‏{‏إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت‏}‏ أي فيما آمركم وأنهاكم إنما أريد إصلاحكم جهدي وطاقتي، ‏{‏وما توفيقي‏}‏ في إصابة الحق فيما أريده ‏{‏إلا باللّه عليه توكلت‏}‏ في جميع أموري ‏{‏وإليه أنيب‏}‏ أي أرجع، قاله مجاهد‏.‏ روى الإمام أحمد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن الأنصاري قال‏:‏ سمعت أبا حميد وأبا أسيد يقول عنه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم، وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه قريب منكم فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم، وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه‏)‏ ‏"‏أخرجه ابن أبي حاتم‏"‏‏.‏ ومعناه واللّه أعلم‏:‏ مهما بلغكم عني من خير فأنا أولاكم به، ومهما يكن من مكروه فأنا أبعدكم منه ‏{‏وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه‏}‏، قال أبو سليمان الضبي‏:‏ كانت تجيئنا كتب عمر بن عبد العزيز فيها الأمر والنهي، فيكتب في آخرها‏:‏ وما كانت من ذلك إلا كما قال العبد الصالح ‏{‏وما توفيقي إلا باللّه عليه توكلت وإليه أنيب‏}‏‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس