عرض مشاركة واحدة
قديم 16-12-2008, 12:30 AM   رقم المشاركة : 20
أسيرة الود
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية أسيرة الود

يا رحمة … يا زفت
بقلم / طراد الاسمري
اعلامي سعودي



تضع الحملة الاعلامية التي تبثها قناة ام بي سي حاليا تحت عنوان ( الرفق بالانسان .. من لايرحم لايرحم ) نفسها تحت طائلة قائمة طويلة من الاستفهامات :


هل الرحمة فقط محصورة في التعامل مع العمالة المنزلية فقط؟
هل السعوديين يعاملون العمالة كما تعامل الكلاب- أعزكم الله-؟
هل الرحمة مطلوبة من السعوديين دون غيرهم؟
بوسترات الحملة تصور العمالة كأنهم كالكلاب - اعزكم الله- ويأكلون الكبسة عند أقدامنا .. هل كل السعوديين يعاملون عمالتهم بهذه الطريقة؟
هل الرحمة مطلوبة ايضا من العمالة كونهم بشر مثلنا منهم 7 ملايين يعيشون بيننا سواء كانت الرحمة بنا أو بينهم أو بغيرهم ؟
ما حجم الكراهية التي ستعمق هوتها هذه الحملة بين العمالة والسعوديين؟
وأخيرا .. أين صور الرحمة في هذه الحملة التي تدعوا للرحمة
هل مجتمعنا بهذه القسوة ؟؟


اذا ما نظرنا الى الرسالة الاعلامية التوعوية على أنها أداة هامة وفاعلة للارتقاء بالمجتمع وليست بضاعة يتم انتاجها بقصد الإثارة والوصف أو من أجل بيعها والاتجار بها في الأسواق فإن مضمون حملة من لايرحم لايرحم لايخرج عن الاثارة والوصف اذا ما اعتبرنا أن ما يتعرض له الخدم والعمالة المنزلية هي حالات شاذة لاتصل الى مرحلة الظاهرة ، وان وصلت الى –مرحلة الظاهرة- فقد عملت الحملة على وصف الحالة اعتمادا على الاثارة دون اختلاف مضمونها عن الكثير من الاخبار التي تنشرها وسائل الاعلام المختلفة لحالات مماثلة قد تحدث هنا وهناك.
اختزلت الحملة مفهوم الرحمة الواسع في اطار ضيّق وجعلته في معاملة الخدم دون النظر الى الواجبات المطلوبة من الخدم ايضا والرحمة المطلوبة منهم بمن يعملون لديعهم والتي هي بدورها تدخل تحت مفهوم الرحمة من اداء العمل على أكمل وجه وعدم الغدر بأصحاب البيت اذا ما نظرنا الى الحالات الكثيرة والمتعددة لجرائم ارتكبت من الخدم بحق أصحاب البيوت من سحر وسرقة وغير ذلك قد تكون –عددا – اكثر من حالات تعرض الخدم للاهانة أو الايذاء.
ان تركيز الحملة على جانب وصف المشكلة واختزال الرحمة في لارحمة محدودةوتعميم هذا الوصف على كل السعوديين يضع المنتجين والمروجين لها تحت طائلة المسؤولية أمام مجتمع تغلب عليه الرحمة ويعاني هو أيضا من لارحمة الآخر في صور وأشكال متعددة.
تعمدت الحملة نهجاً عنصرياً ضد السعوديين بأن جعلت أبطال اللارحمة في الحملة هم من السعوديين فقط وربطت ذلك بحياتهم ومعيشتهم برسالة غير محايدة تظهر اجماع جميع أفراد الاسرة على اللارحمة الأب القاسي ، الام القاسية، البنت القاسية التي كان يؤيدها في القسوة جميع صديقاتها أثناء توبيخها للخادمة في أحد الاعلانات !!
الكبسة .. في اناء الكلب !!



توجيه الرسالة لمجتمع دون غيره لـ الرفق بالانسان يخرج هذا المجتمع من دائرة الانسانية اذا ماتم تخصيصه بالرسالة وحصر العموم في واحد ينازعه الشك وتقديمه على أنه العموم.وهو ما حدث بالفعل في هذه الحملة التي قدمت جميع السعوديين بصورة قبيحة لارحمة فيهم.


يقول سبحانه وتعالى : (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) وهذه قاعدة ربانية في العمل الاعلامي ،فالدعوة هنا هي في النهاية فعل إعلامي وهي أيضا أي - كل فعل اعلامي - يجب أن تترابط فيه مكونات الرسالة (المعني ، المضمون) مع أسلوب إرسالها للمتلقي ( القالب ،الشكل) ، وهو ما خالفته الحملة بانحرافها الى الجانب الوصفي للمشكلة اللارحمة واختزال مفهومها في جانب وصفي ضيّق لم يتعدى وصف معاملة بعض السعوديين السيئة للخدم ثم تعميم هذا الوصف على كل السعوديين ،ومع حرص المنتج على الالتزام بـ الحسن في شكل العرض عبر استخدام تقنيات التصوير الحديثة إلا أنه أخل بالـ حسن الأهم وهو المضمون الخالي من الحياد بالانحياز الى طرف والقسوة عليه بتقبيحه دون آخرين يفترض أن تشملهم دعوة الرحمة اضافة الى خلو الحملة من صور الرحمة التي من المفترض أن الحملة تدعوا اليها .


أين الرحمة هنا ؟؟
هنالك رحمة مطلوبة من الخدم بمن يعملون عندهم ، هنالك رحمة مطلوبة من العامل لرب عمله ، هنالك رحمة مطلوبة من الغني بالفقير وهنالك رحمة مطلوبة من الفقير بالغني ،هنالك رحمة مطلوبة من الصغير للكبير ، ومن الكبير بالصغير ، من الانسان للانسان بدون تأطير الرحمة أو عدم الرحمة في جنسية معينة أو فعل واحد.
ان توجيه هذه الحملة الاعلامية للمشاهد العربي وللانسان بشكل عام ووضع السعودي كإنموذج سيء وحيد متهم بتجريد الآخرين من انسانيتهم وتغيّيب نماذج (من مجتمعات أخري) تعاني من نفس المشكلة فيه اجحاف كبير بحق المجتمع الذي عملت هذه الحملة على تعميم صورة الشاذ القليل فيه على الحسن الاغلب فيه.
أقل ما نطالب به هو الرحمة بهذا المجتمع والتزام الحياد والصدق عند معالجة مشكلاته بدلا من جلده بسياط ناقمة وعدم المتاجرة به وبمشكلاته من أجل نجاح إعلامي باهت لايصفق له الا ناقم.
.
.كاتب الموضوع : blogksa




منقوووووول






رد مع اقتباس