عرض مشاركة واحدة
قديم 28-04-2014, 04:03 AM   رقم المشاركة : 25
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


رقم الآية ‏(‏104 ‏:‏ 105‏)‏
‏{‏ يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم ‏.‏ ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ‏}

نهى اللّه تعالى عباده المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين في مقالهم وفعالهم، وذلك أن اليهود كانوا يعانون من الكلام ما فيه تورية لما يقصدونه من التنقيص - عليهم لعائن اللّه - فإذا أرادوا أن يقولوا‏:‏ اسمع لنا، يقولوا راعنا ويورُّون بالرعونة، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ‏.‏ ليا بألسنتهم وطعنا في الدين‏}‏ وكذلك جاءت الأحاديث بالإخبار عنهم بأنهم كانوا إذا سلَّموا إنما يقولون السام عليكم والسام هو الموت، ولهذا أمرنا أن نرد عليهم ب وعليكم ، والغرض أن اللّه تعالى نهى المؤمنين عن مشابهة الكافرين قولاً وفعلاً، فقال‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم‏}‏ وقال صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏من تشبه بقوم فهو منهم‏)‏
‏"‏أخرجه أحمد وابو داود عن ابن عمر رضي اللّه عنهما‏"‏ففيه دلالة على النهي الشديد والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار، في أقوالهم وأفعالهم ولباسهم وأعيادهم وعباداتهم وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا ولا نقر عليها‏.‏
وروي أن رجلاً أتى عبد اللّه بن مسعود فقال‏:‏ اعهد إليّ، فقال‏:‏ إذا سمعت اللّه يقول‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا‏}‏ فأرعها سمعك فإنه خيرٌ يأمر به، أو شر ينهى عنه، وقال الأعمش عن خيثمة ما تقرأون في القرآن‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا‏}‏ فإنه في التوراة‏:‏ ‏"‏يا أيها المساكين‏"‏قال ابن عباس‏:‏ ‏"‏راعنا‏"‏أي أرعنا سمعَك، وقال الضحاك‏:‏ كانوا يقولون للنبي صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ أرعنا سمعك، قال عطاء‏:‏ كانت لغة تقولها الأنصار فنهى اللّه عنها، وقال أبو صخر‏:‏ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أدبر ناداه مَن كانت له حاجة من المؤمنين فيقول‏:‏ أرعنا سمعك، فأعظم اللّه رسوله صلى اللّه عليه وسلم أن يقال ذلك له‏.‏ وقال السُّدي‏:‏ كان رجل من اليهود من بني قينقاع يدعى ‏"‏رفاعة بن زيد‏"‏يأتي النبي صلى اللّه عليه وسلم فإذا لقيه فكلَّمه قال‏:‏ أرعني سمعك، واسمع غير مسمع، وكان المسلمون يحسبون أن الأنبياء كانت تُفَخّم بهذا، فكان ناس منهم يقولون‏:‏ اسمع غير مسمع، فنهوا أن يقولوا راعنا، قال ابن جرير‏:‏ والصواب من القول في ذلك عندنا‏:‏ أن اللّه نهى المؤمنين أن يقولوا لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم راعنا، لأنها كلمة كرهها اللّه تعالى أن يقولوها لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم‏}‏ يبيّن بذلك تعالى شدة عداوة الكافرين من أهل الكتاب والمشركين، الذين حذَّر اللّه تعالى من مشابهتهم للمؤمنين ليقطع المودَّة بينهم وبينهم، ونبَّه تعالى على ما أنعم به على المؤمنين، من الشرع التام الكامل، الذي شرعه لنبيهم محمد صلى اللّه عليه وسلم حيث يقول تعالى‏:‏ ‏{‏والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم‏}
‏‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رقم الآية ‏(‏106 ‏:‏ 107‏)
‏{‏ ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ‏.‏ ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ‏}

قال ابن عباس رضي اللّه عنهما‏:‏ ‏{‏ما ننسخ من آية‏}‏ ما نبدل من آية، وقال مجاهد‏:‏ ‏{‏ما ننسخ من آية‏}‏ أي ما نمحو من آية، مثل قوله‏:‏ ‏(‏الشيخ والشيخة إذا زنَيا فارجموهما البتّة‏)‏، وقوله‏:‏ ‏(‏لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثاً‏)‏، وقال ابن جرير‏:‏ ‏{‏ما ننسخ من آية‏}‏ ما ننقل من حكم آية إلى غيره فنبدله ونغيّره، وذلك أن نحوّل الحلال حراماً، والحرام حلالاً، والمباح محظوراً، والمحظور مباحاً، ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي والحظر والإطلاق والمنع والإباحةفأما الأخبار فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ‏.‏ وأصل النسخ‏:‏ من نسخ الكتاب وهو نقله من نسخة أُخرى إلى غيرها، فكذلك معنى نسخ الحكم إلى غيره، إنما هو تحويله ونقل عبارة إلى غيرها، وسواء نسخ حكمها أو خطها إذ هي في كلتا حالتيها منسوخة، وأما علماء الأصول فاختلفت عباراتهم في حد النسخ، والأمرُ في ذلك قريب‏.‏ لأن معنى النسخ الشرعي معلوم عند العلماء، ولحظ بعضهم أنه‏:‏ رفع الحكم بدليل شرعي متأخر، فاندرج في ذلك نسخ الأخف بالأثقل وعكسه والنسخ لا إلى بدل‏.‏ وأما تفاصيل أحكام النسخ وذكر أنواعه وشروطه فمبسوطة في أُصول الفقه‏.‏ وقال الطبراني‏:‏ قرأ رجلان سورة أقرأهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فكانا يقرآن بها، فقاما ذات ليلة يصليان فلم يقدرا منها على حرف، فأصبحا غاديين على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فذكرا ذلك له، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏إنها مما نسخ وأنسي فالهوا عنها‏)‏ ‏"‏رواه الطبراني وفي سنده سليمان بن الأرقم ضعيف‏"‏‏)‏ فكان الزهري يقرؤها‏:‏ ‏{‏ما ننسخ من آية أو ننسها‏}
‏ بضم النون الخفيفة
وقوله تعالى ‏{‏أو ننسها‏}‏ فقرىء على وجهين‏:‏ ‏{‏نَنْسأها‏}‏، ‏{‏ونُنسِها‏}‏، فأما من قرأها بفتح النون والهمزة بعد السين فمعناه نؤخرها‏.‏ قال مجاهد عن أصحاب ابن مسعود ‏{‏أو ننسأها‏}‏ نثبت خطها ونبدل حكمها، وقال مجاهد وعطاء‏:‏ ‏{‏أو ننسأها‏}‏ نؤخرها ونرجئها‏.‏ عن ابن عباس قال‏:‏ خطبنا عمر رضي اللّه عنه فقال‏:‏ يقول اللّه عز وجلّ‏:‏ ‏{‏ما ننسخ من آية أو ننسأها‏}‏ أي نؤخرها ‏"‏ذكره ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس‏"‏، وأما على قراءة ‏{‏أو نُنْسها‏}‏ فقال قتادة‏:‏ كان اللّه عزّ وجلّ ينسي نبيّه صلى اللّه عليه وسلم ما يشاء، وينسخ ما يشاء‏.‏ وقال ابن جرير عن الحسن في قوله‏:‏ ‏{‏أو ننسها‏}‏ قال‏:‏ إن نبيكم صلى اللّه عليه وسلم قرأ قرآناً ثم نسيه، وعن ابن عباس‏:‏ قال‏:‏ ‏(‏كان مما ينزل على النبي صلى اللّه عليه وسلم الوحي بالليل وينساه بالنهار‏)‏ ‏"‏أخرجه ابن أبي حاتم عن عكرمة عن ابن عباس‏"‏وقال عمر‏:‏ أقرؤنا أبيّ، واقضانا علي، وإنَّا لندع من قول أبيّ، وذلك أن أبيّاً يقول‏:‏ لا أدع شيئاً سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد قال اللّه ‏{‏ما ننسخ من آية أو ننسها‏}‏ ‏"‏أخرجه البخاري بسنده إلى عمر رضي اللّه عنه‏"‏وقولهُ‏:‏ ‏{‏نأت بخير منها أو مثلها‏}‏ أي في الحكم بالنسبة إلى مصلحة المكلفين، كما قال ابن عباس‏:‏ خير لكم في المنفعة وأرفق بكم‏.‏ وقال السدي‏:‏ ‏{‏نأت بخير منها أو مثلها‏}
‏ نأت بخير من الذي نسخناه أو مثل الذي تركناه‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏ألم تعلم أن اللّه على كل شيء قدير* ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير‏}‏ يرشد عباده تعالى بهذا إلى أنه المتصرف في خلقه بما يشاء، فله الخلق والأمر، وهو المتصرف فكما خلقهم كما يشاء، ويسعد من يشاء ويشقي من يشاء، ويوفق من يشاء ويخذل من يشاء، كذلك يحكم في عباده بما يشاء فيحل ما يشاء ويحرم ما يشاء، ويبيح ما يشاء ويحظر ما يشاء وهو الذي يحكم ما يريد لا معقب لحكمه، ‏{‏لا يسأل عما يفعل وهم يسألون‏}‏
ويختبر عباده بالنسخ فيأمر بالشيء لما فيه من المصلحة التي يعلمها تعالى، ثم ينهى عنه لما يعلمه تعالى، فالطاعة كل الطاعة في امتثال أمره واتباع رسله في تصديق ما أخبروا، وامتثال ما أمروا وترك ما عنه زجروا، وفي هذا المقام رد عظيم وبيان بليغ لكفر اليهود وتزييف شبهتهم لعنها اللّه في دعوى إستحالة النسخ إما عقلاً كما زعمه بعضهم جهلاً وكفراً، وإما نقلاً كما تخرصه آخرون منهم افتراء وإفكاً، قال الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه اللّه‏:‏ فتأويل الآية‏:‏ ألم تعلم يا محمد أن لي ملء السماوات والأرض وسلطانهما دون غيري أحكم فيهما وفيما فيهما بما أشاء، وآمر فيهما وفيما فيهما بما أشاء، وأنهى عما أشاء وأنسخ وأبدل وأغير من أحكامي التي أحكم بها في عبادي بما أشاء إذ أشاء، وأقر فيهما ما أشاء، ثم قال‏:‏ وهذا الخبر وإن كان خطاباً من اللّه تعالى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم على وجه الخبر عن عظمته، فإنه منه جل ثناؤه تكذيب لليهود، الذين أنكروا نسخ أحكام التوراة، وجحدوا نبوة عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، لمجيئهما بما جاءا به من عند اللّه بتغيير ما غيَّر اللّه من حكم التوراة، فأخبرهم اللّه أن له ملك السماوات وسلطانهما، وأن الخلق أهل مملكته وطاعته، وعليهم السمع والطاعة لأمره ونهيه، وأن له أمرهم بما يشاء ونهيهم عما يشاء، ونسخ ما يشاء وإقرار ما يشاء، وإنشاء ما يشاء من إقراره وأمره ونهيه‏.‏
قلت ‏:‏ الذي يحمل اليهود على البحث في مسألة النسخ إنما هو الكفر والعناد، فإنه ليس في العقل ما يدل على امتناع النسخ في أحكام اللّه تعالى، لأنه يحكم ما يشاء كما أنه يفعل ما يريد، مع أنه قد وقع ذلك في كتبه المتقدمة وشرائعه الماضية، كما أحل لآدم تزويج بناته من بنيه ثم حرم ذلك، وكما أباح لنوح بعد خروجه من السفينة أكل جميع الحيوانا ثم نسخ حلَّ بعضها، وكان نكاح الأختين مباحاً لإسرائيل وبنيه وقد حرم ذلك في شريعة التوراة وما بعدها، وأمر إبراهيم عليه السلام بذبح ولده ثم نسخه قبل الفعل، وأشياء كثيرة يطول ذكرها وهم يعترفون بذلك ويصدفون عنه‏.‏ ففي هذا المقام بين تعالى جواز النسخ رداً على اليهود عليهم لعنة اللّه حيث قال تعالى‏:‏ ‏{‏ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير * ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض‏}‏ الآية فكما أن له الملك بلا منازع فكذلك له الحكم بما يشاء ‏{‏ألا له الخلق والأمر‏}
‏‏.‏
والمسلمون كلهم متفقون على جواز النسخ في أحكام اللّه تعالى، لما له في ذلك من الحكمة البالغة وكلهم قال بوقوعه، وقال أبو مسلم الأصبهاني المفسِّر‏:‏ لم يقع شيء من ذلك في القرآن، وقوله ضعيفٌ مردود مرذول، وقد تعسف في الأجوبة عما وقع من النسخ، فمن ذلك قضية العدة بأربعة أشهر وعشر بعد الحول، لم يجب عن ذلك بكلام مقبول، وقضية تحويل القبلة إلى الكعبة عن بيت المقدس لم يجب بشيء، ومن ذلك نسخ مصابرة المسلم لعشرة من الكفرة إلى مصابرة الأثنين، ومن ذلك نسخ وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول صلى اللّه عليه وسلم وغير ذلك ‏"‏انظر بحث النسخ في تفسيرنا [1]‏"‏روائع البيان‏"‏، الجزء الأول، ص 109‏"
‏، واللّه أعلم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
رقم الآية ‏(‏108‏)‏
‏{‏ أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل ‏}

نهى اللّه تعالى المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن كثرة سؤال النبي عن الأشياء قبل كونها كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسوءكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم‏}‏ أي وإن تسألوا عن تفصيلها بعد نزولها تبين لكم، ولا تسألوا عن الشيء قبل كونه فلعله أن يحرَّم من أجل تلك المسألة، ولهذا جاء في الصحيح‏:‏ ‏(‏إن أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم فحُرِّم من أجل مسألته‏)‏‏.‏ وثبت في الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ كان ينهى عن قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال‏.‏ وفي صحيح مسلم‏:‏‏(‏ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم‏.‏ فإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإن نهيتكم عن شيء فاجتنبوه‏)‏‏.‏ وهذا إنما قاله بعد ما أخبرهم أن اللّه كتب عليهم الحج فقال رجل‏:‏ أكلَّ عام يا رسول اللّه‏؟‏ فسكت عنه رسول اللّه ثلاثاً، ثم قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏لا، ولو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت لما استطعتم‏)‏، ثم قال‏:‏ ‏(‏ذروني ما تركتكم‏)‏ الحديث‏.‏ ولهذا قال أنس بن مالك‏:‏ نهينا أن نسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن شيء، فكان يعجبنا أن يأتي الرجل من أهل البادية فيسأله ونحن نسمع‏.‏ وعن ابن عباس قال‏:‏ ما رأيت قوماً خيراً من أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم، ما سألوه إلا عن اثنتي عشرة مسألة كلها في القرآن ‏{‏يسألونك عن الخمر والميسر - و - يسألونك عن الشهر الحرام - ويسألونك عن اليتامى‏}
‏ ‏"‏رواه البزار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس‏"‏يعني هذا وأشباهه‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل‏}‏ أي بل تريدون أو هي على بابها في الاستفهام وهو إنكاري وهو يعمّ المؤمنين والكافرين، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏يسألك أهل الكتاب أن تنزِّل عليهم كتاباً من السماء‏}‏ عن ابن عباس قال‏:‏ قال رافع بن حرملة ووهب بن زيد‏:‏ يا محمد ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه، وفجر لنا أنهاراً نتبعك ونصدقك، فأنزل اللّه من قولهم‏:‏ ‏{‏أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل‏؟‏ ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل‏}
‏ ‏"‏أخرجه محمد بن إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس‏"‏
وقال مجاهد‏:‏ سألت قريش محمداً صلى اللّه عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً، قال‏:‏ ‏(‏نعم وهو لكم كالمائدة لبني إسرائيل‏)‏ فأبوا ورجعوا، والمراد أن اللّه ذم من سأل الرسول صلى اللّه عليه وسلم عن شيء على وجه التعنت والاقتراح كما سألت بنو إسرائيل موسى عليه السلام تعنتاً وتكذيباً وعناداً‏.‏ قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏ومن يتبدل الكفر بالإيمان‏}‏ أي ومن يشترِ الكفر بالإيمان ‏{‏فقد ضل سواء السبيل‏}‏ أي فقد خرج عن الطريق المستقيم إلى الجهل والضلال، وهكذا حال الذين عدلوا عن تصديق الأنبياء واتباعهم والانقياد لهم، إلى مخالفتهم وتكذيبهم والاقتراح عليهم بالأسئلة التي لا يحتاجون إليها على وجه التعنت والكفر كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة اللّه كفراً وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار‏}‏‏.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس