عرض مشاركة واحدة
قديم 24-04-2008, 11:48 PM   رقم المشاركة : 41
أسيرة الود
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية أسيرة الود
ذكــــــــــــرى من زمن الطفولــــــــــــــة



((الخروف فيوري ))




لاأعي كم عمري آنذاك كل ما أعرفه أنه قبل سن المدرسة

في حي من أحياء مكة عمرها الله بذكره

حي جمع بين البيوت الشعبية والعمائر التي تعالى أهلها في البنيان

كنا نسكن منزل شعبي مكون من غرف ومطبخ وحمام مع مساحة ترابية لابأس بها

تعرف بمسمى ( الحوش ) في لهجتنا كان أجمل مافي ذلك المنزل الصغير الحوش

فقد زُرعت فيه شجرة طماطم وكانت الوالدة تحرص على نظافته دائما خشية علي وعلى شقيقتي فقد كنا صغارا جدا والثالثة رضيعة فلا تسلم البيوت الشعبية من لجوء الحشرات ودواب الأرض خاصة مع وجود شجرة مزروعة .

وكنت لااستقر في المنزل أريد الذهاب إلى الأقارب للعب مع البنات رغم أنه لايوجد من هم في عمري وكانت أصغرهم تكبرني بتسع سنوات لكن كنت لاأمانع من أجل اللعب وأتحمل الأذى والقسوة لأنني كنت لهم بمثابة الدمية يلهون بها لصغر سني مقارنة بأعمارهم وكانت الوالدة تتألم وتتضجر لما تراه من علامات الأذى على جسدي .مرة يُقص شعري .ومرة تجد كدمات على جسدي .فتتألم كثيرا وأن تكلمَت لم تجد أذن صاغية مخافة وقوع المشاكل مع الأقارب .وأنا عنيدة جدا رغم التهديد والعقوبات أنسى كل ذلك وأذهب.

.أعان الله والدتي عندما اشترى لي والدي خروفا رضيعا أبيض اللون, لقد كان صغيرا جدا تكفلت والدتي بالاهتمام به فقد كانت تقوم بصنع رضاعة الحليب له وترضعه و تحببني فيه وتعطيني الرضاعة لكي أرضعه كان منظره جميلا جدا..

سلب تفكيري فلاهملي إلا العناية به فهو آخر من أراه قبل نومي وأول وجه أتصبح به, لطالما لعبنا سويا تعلقت به كثيرا واخترت له اسم ((فيوري)) .

أحسنت والدتي العناية به فأصبح غضا جميلا يافعا جمع بين جمال اللون وصحة الجسد .

في أحد الليالي ودعته وذهبت للنوم ..

حضر لوالدي في منتصف الليل ضيوف من مدينة أخرى فكان لابد من أن يحسن ضيافتهم ولأن والدي آنذاك لم يكن قد قرر امتلاك سيارة فقد كانت وسيلة مواصلاته دراجة خاصة به فكان من الصعب الذهاب لشراء عشاء لضيوفه ..فلم يجد الا خروفي المسكين ..ذبحه وطبخه وقدمه لضيوفه راجيا أن يكون بذلك قد أحسن الضيافة ..تناوله الضيوف ورحلوا شاكرين لوالدي حسن ضيافته .

استيقظتُ صباحا وكالعادة أسرعتُ إلى حيث مربط الخروف لأحل رباطه والعب معه ..لم أجده بل وجدت أثار ذبحه وطبخه ..انتابتني نوبة بكاء هستيرية وأسرعت لوالدتي مستفسرة احتضنتني وبدأت في التفسير والتبرير لما حصل على خروفي وكيف أن والدي قد أضطر لذلك وأنني قد ساعدته وخروفي في إكرام ضيوفه ..

ولكن جميع ما تفوهت به والدتي لم يجد عندي قبولا .جاء والدي واعدا إياي بشراء خروف آخر..ولكنني رفضت وصممت على إرجاع خروفي ولا أريد غيره ..

ضحك والدي قائلا :من أين آتي به وهو قد أصبح في بطون الضيوف لقد قال عنه أحد الضيوف أن لحم خروفك لذيذ جدا

أغاظتني مقولة الضيف فدعوت على مسامع والدي بأن يموت ذلك الضيف لأنه أكل خروفي ..

.

مرت السنوات وتوالت الأيام بما تحمل من أحداث وفي احد المرات وبينما ووالدتي نتجاذب أطراف الحديث عرض التلفاز برنامج وثائقيا عن الحيوانات كان من بينها خروفا صغيرا أبيض اللون تذكرت (فيوري ) الخروف الصغير

قلت لوالدتي: أتذكرين الخروف( فيوري ) الذي كنت أملكه ؟

ردت الغالية : نعم وأذكر دعوتك على الضيف الذي استلذ طعم خروفك وصرح بذلك

ضحكت وقلت نعم أغاظني والدي رحمه الله عندما ذكر لي أن الرجل كان مسرورا بأكله لحم خروفي الصغير

ردت الوالدة : أتعلمين أن الرجل بعد أيام قلائل قد توفى . أظنه لو أنه كان يعلم أنك ستدعين عليه لما أكل خروفك

تفاجأت بما قالته الوالدة قليلا ..وضحكت بعدها ..- الله لايعيدها من أكلة قضيت على الرجل بسبب تعلقي بالخروف

.

نصيحة تجنبوا التعدي على ممتلكات طفل فدعوت الصغير لا تُرد









رد مع اقتباس