عرض مشاركة واحدة
قديم 11-05-2014, 05:34 AM   رقم المشاركة : 22
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الأية رقم ‏(‏152‏)‏
‏{‏ ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون ‏}‏
عن ابن عباس قال لما أنزل اللّه‏:
‏{‏ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن‏}‏، و‏{‏إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً‏}‏ الآية، انطلق من كان عنده يتيم، فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه، فجعل يفضل الشيء فيحبس له حتى يأكله أو يفسد فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم‏}‏ قال‏:‏ فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم ‏"‏رواه أبو داود عن ابن عباس‏"‏‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏حتى يبلغ أشده‏}‏، قال الشعبي ومالك‏:‏ يعني حتى يحتلم، قال السدي‏:‏ حتى يبلغ ثلاثين سنة، وقيل‏:‏ أربعون سنة‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأوفوا الكيل والميزان بالقسط‏}‏ يأمر تعالى بإقامة العدل في الأخذ والإعطاء كما توعد على تركه في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون‏}‏ وقد أهلك اللّه أمة من الأمم كانوا يبخسون المكيال والميزان، وفي كتاب الجامع لأبي عيسى الترمذي عن ابن عباس قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأصحاب الكيل والميزان‏:‏ ‏(‏إنكم وليتم أمراً هلكت فيه الأمم السابقة قبلكم‏)‏ ‏"‏إسناده ضعيف‏.‏ قال الترمذي‏:‏ وقد روي بإسناد صحيح عن ابن عباس‏"‏، وقد رواه ابن مردويه في تفسيره، عن ابن عباس قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏إنكم معشر الموالي قد بشركم اللّه بخصلتين بها هلكت القرون المتقدمة‏:‏ المكيال والميزان‏)‏ وقوله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏لا نكلف نفساً إلا وسعها‏}‏ أي من اجتهد في أداء الحق وأخذه، فإن أخطأ بعد استفراغ وسعه وبذل جهده فلا حرج عليه‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى‏}‏، كقوله‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آموا كونوا قوامين للّه شهداء بالقسط‏}‏ الآية، يأمر تعالى بالعدل في الفعال والمقال على القريب والبعيد، واللّه تعالى يأمر بالعدل لكل أحد في كل وقت وفي كل حال، وقوله‏:‏ ‏{‏وبعهد اللّه أوفوا‏}‏، قال ابن جرير‏:‏ يقول‏:‏ وبوصية اللّه التي أوصاكم بها فأوفوا، وإيفاء ذلك أن تطيعوه فيما أمركم ونهاكم، وتعملوا بكتابه وسنّة رسوله، وذلك هو الوفاء بعهد اللّه ‏{‏ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون‏}‏، يقول تعالى‏:‏ هذا أوصاكم به وأمركم به وأكد عليكم فيه ‏{‏لعلكم تذكرون‏}‏ أي تتعظون وتنتهون عما كنتم فيه‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏153‏)‏
‏{‏وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم
وصاكم به لعلكم تتقون ‏}‏
قال ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله‏}‏ أمر اللّه المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الاختلاف والتفرقة، وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين اللّه، وقال الإمام أحمد بن حنبل عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال‏:‏ خط رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خطاً بيده ثم قال‏:‏ ‏(‏هذا سبيل اللّه مستقيماً‏)‏، وخط عن يمينه وشماله ثم قال‏:‏ ‏(‏هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه‏)‏، ثم قرأ‏:‏ ‏{‏وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله‏}‏"‏رواه أحمد والحاكم والنسائي، وقال الحاكم‏:‏ صحيح ولم يخرجاه‏"‏‏.‏ وعن جابر قال‏:‏ كنا جلوساً عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فخط خطاً هكذا أمامه فقال‏:‏ ‏(‏هذا سبيل اللّه‏)‏ وخطين عن يمينه وخطين عن شماله وقال‏:‏ ‏(‏هذه سبل الشياطين‏)‏، ثم وضع يده في الخط الأوسط، ثم تلا هذه الآية‏:‏ ‏{‏وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون‏}‏"‏رواه أحمد وابن ماجه والبزار‏"‏‏.‏ وعنه قال‏:‏ خط رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خطاً، وخط عن يمينه خطاً، وخط عن يساره خطاً، ووضع يده على الخط الأوسط، وتلا هذه الآية‏:‏ ‏{‏وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه‏}‏"‏رواه ابن مردويه عن جابر بن عبد اللّه‏"‏‏.‏ قال ابن جرير عن أبان بن عثمان أن رجلاً قال لابن مسعود‏:‏ ما الصراط المستقيم‏؟‏ قال تركنا محمد صلى اللّه عليه وسلم في أدناه وطرفه في الجنة، وعن يمينه جواد، وعن يساره جواد، ثم رجال يدعون من مر بهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة، ثم قرأ ابن مسعود‏:‏ ‏{‏وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله‏}‏ الآية، وعن النواس بن سمعان عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏ضرب اللّه مثلاً صراطاً مستقيماً، وعن جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول‏:‏ يا أيها الناس هلم أدخلوا الصراط المستقيم جميعاً، ولا تفرقوا وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال‏:‏ ويحك لا تفتحه، فإنك إن فتحته تلجه، فالصراط الإسلام، والسوران حدود اللّه، والأبواب المفتحة محارم اللّه، وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب اللّه، والداعي من فوق الصراط واعظ اللّه في قلب كل مسلم‏)‏ ‏"‏رواه أحمد والترمذي والنسائي‏"‏‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فاتبعوه ولا تتبعوا السبل‏}‏ إنما وحد سبيله لأن الحق واحد، ولهذا جمع السبل لتفرقها وتشعبها كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏اللّه ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون‏}‏‏.‏ وقال ابن أبي حاتم عن عبادة بن الصامت قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏أيكم يبايعني على هؤلاء الآيات الثلاث‏)‏، ثم تلا‏:‏ ‏{‏قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم‏}‏ حتى فرغ من ثلاث آيات، ثم قال‏:‏ ‏(‏ومن وفى بهن فأجره على اللّه، ومن انتقص منهن شيئاً فأدركه اللّه في الدنيا كانت عقوبته، ومن أخره إلى الآخرة كان أمره إلى اللّه إن شاء أخذه وإن شاء عفا عنه‏)‏ ‏"‏أخرجه ابن أبي حاتم عن عبادة بن الصامت مرفوعاً‏"‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏154 ‏:‏ 155‏)‏
‏{‏ ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون ‏.‏ وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ‏}‏
لما أخبر اللّه سبحانه عن القرآن بقوله‏:‏ ‏{‏وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه‏}‏ عطف بمدح التوراة ورسولها، فقال‏:‏ ‏{‏ثم آتينا موسى الكتاب‏}‏ وكثيراً ما يقرن سبحانه بين ذكر القرآن والتوراة كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة وهذا كتاب مصدّقٌ لساناً عربياً‏}‏، وقال تعالى مخبراً عن المشركين‏:‏ ‏{‏فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى‏}‏، وقال تعالى مخبراً عن الجن‏:‏ ‏{‏يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق‏}‏ الآية، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏تماماً على الذي أحسن وتفصيلاً‏}‏ أي آتيناه الكتاب الذي أنزلناه إليه تماماً كاملاً جامعاً لما يحتاج إليه في شريعته، كقوله‏:‏ ‏{‏وكتبنا له في الألواح من كل شيء‏}‏ الآية، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏على الذي أحسن‏}‏ أي جزاء على إحسانه في العمل وقيامة بأوامرنا وطاعتنا، كقوله‏:‏ ‏{‏هل جزاء الإحسان إلا الإحسان‏}‏، وكقوله‏:‏ ‏{‏وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون‏}‏، وقال الربيع بن أنس ‏{‏تماماً على الذي أحسن‏}‏ يقول‏:‏ أحسن فيما أعطاه اللّه، وقال قتادة‏:‏ من أحسن في الدنيا تم له ذلك في الآخرة، واختار ابن جرير أن تقديره‏:‏ ‏{‏ثم آتينا موسى الكتاب تماماً‏}‏ على إحسانه، فكأنه جعل الذي مصدرية، كما قيل في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وخضتم كالذي خاضوا‏}‏ أي كخوضهم، وقال ابن رواحة‏:‏
وثبت اللّه ما آتاك من حسن * في المرسلين ونصراً كالذي نصروا‏.‏
وقال آخرون‏:‏ الذي ههنا بمعنى الذين، وذكر عن عبد اللّه بن مسعود أنه كان يقرؤها‏:‏ ‏{‏تماماً على الذين أحسنوا‏}‏، وقال مجاهد‏:‏ تماماً على الذي أحسن‏:‏ على المؤمنين والمحسنين، وقال البغوي‏:‏ المحسنون الأنبياء والمؤمنون، يعني أظهرنا فضله عليهم، قلت‏:‏ كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي‏}‏ ولا يلزم اصطفاؤه على محمد صلى اللّه عليه وسلم خاتم الأنبياء والخليل عليهما السلام لأدلة أخرى‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وتفصيلاً لكل شيء وهدى ورحمة‏}‏ فيه مدح لكتابه الذي أنزله اللّه عليه ‏{‏لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون‏}‏ فيه الدعوة إلى اتباع القرآن يرغب سبحانه عباده في كتابه ويأمرهم بتدبره والعمل به والدعوة إليه، ووصفه بالبركة لمن اتبعه وعمل به في الدنيا والآخرة لأنه حبل اللّه المتين‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الأية رقم ‏(‏156 ‏:‏ 157‏)‏
‏{‏ أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين ‏.‏ أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ‏}‏
قال ابن جرير‏:‏ معناه وهذا كتاب أنزلناه لئلا تقولوا ‏{‏إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا‏}‏ يعني لينقطع عذركم كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك‏}‏ الآية، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏على طائفتين من قبلنا‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ هم اليهود والنصارى وهو قول مجاهد والسدي وقتادة وغير واحد من السلف ، وقوله‏:‏ ‏{‏وإن كنا عن دراستهم لغافلين‏}‏ أي وما كنا نفهم ما يقولون لأنهم ليسوا بلساننا ونحن في غفلة وشغل مع ذلك عما هم فيه، وقوله‏:‏ ‏{‏أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم‏}‏ أي وقطعنا تعللكم أن تقولوا لو أنا نزل علينا ما أنزل عليهم لكنا أهدى منهم فيما أوتوه، كقوله‏:‏ ‏{‏وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم‏}‏ الآية، وهكذا قال ههنا‏:‏ ‏{‏فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة‏}‏ يقول‏:‏ فقد جاءكم من اللّه على لسان محمد صلى اللّه عليه وسلم النبي العربي قرآن عظيم، فيه بيان للحلال والحرام، وهدى لما في القلوب ورحمة من اللّه لعباده الذين يتبعونه ويقتفون ما فيه، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فمن أظلم ممن كذب بآيات اللّه وصدف عنها‏}‏ أي لم ينتفع بما جاء به الرسول ولا اتبع ما أرسل به ولا ترك غيره، بل صدف عن اتباع آيات اللّه أي صرف الناس وصدهم عن ذلك، قاله السدي، وعن ابن عباس ومجاهد وقتادة‏:‏ وصدف عنها أعرض عنها، وقول السدي ههنا فيه قوة، لأنه قال‏:‏ ‏{‏فمن أظلم ممن كذب بآيات اللّه وصدف عنها‏}‏ كما تقدم في أول السورة، ‏{‏وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏الذين كفروا وصدوا عن سبيل اللّه زدناهم عذاباً فوق العذاب‏}‏ وقال في هذه الآية الكريمة‏:‏ ‏{‏سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون‏}‏، وقد يكون المراد فيما قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة ‏{‏فمن أظلم ممن كذب بآيات اللّه وصدف عنها‏}‏ أي لا آمن بها، ولا عمل بها كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فلا صدق ولا صلى ولكن كذّب وتولى‏}‏ وغير ذلك من الآيات الدالة على اشتمال الكافر على التكذيب بقلبه وترك العمل بجوارحه، ولكن كلام السدي أقوى وأظهر، واللّه أعلم‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس