عرض مشاركة واحدة
قديم 13-06-2014, 03:32 AM   رقم المشاركة : 7
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏40‏)‏
‏{‏حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل ‏}‏

هذه موعدة من اللّه تعالى لنوح عليه السلام، إذا جاء أمر اللّه من المطر الهتَّان، الذي لا يقلع ولا يفتر، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر‏}‏، وأما قوله‏:‏ ‏{‏وفار التنور‏}‏، فعن ابن عباس‏:‏ التنور وجه الأرض، أي صارت الأرض عيوناً تفور، حتى فار الماء من التنانير التي هي مكان النار صارت تفور ماء، وهذا قول جمهور السلف وعلماء الخلف، فحينئذ أمر اللّه نوحاً عليه السلام أن يحمل معه السفينة ‏{‏من كل زوجين اثنين‏}‏ من صنوف المخلوقات ذوات الأرواح، وغيرها من النباتات اثنين ذكراً و انثى، وقوله‏:‏ ‏{‏وأهلك إلا من سبق عليه القول‏}‏ أي واحمل فيها أهلك وهم أهل بيته وقرابته، ‏{‏إلا من سبق عليه القول‏}‏ منهم من لم يؤمن باللّه، فكان منهم ابنه يام الذي انعزل وحده، وامرأة نوح وكانت كافرة باللّه ورسوله، وقوله‏:‏ ‏{‏ومن آمن‏}‏ أي من قومك، ‏{‏وما آمن معه إلا قليل‏}‏ أي نزر يسير مع طول المدة والمقام بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، فعن ابن عباس‏:‏ كانوا ثمانين نفساً منهم نساؤهم، وعن كعب الأحبار‏:‏ كانوا اثنين وسبعين نفساً، وقيل كانوا عشرة، واللّه أعلم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏41 ‏:‏ 43‏)‏
{‏ وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم ‏.‏ وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ‏.‏ قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ‏}‏

يقول تعالى إخباراً عن نوح عليه السلام للذين أمر بحملهم معه في السفينة أنه قال‏:‏ ‏{‏اركبوا فيها بسم اللّه مجراها ومرساها‏}‏ أي بسم اللّه يكون جريها على وجه الماء، وبسم اللّه يكون منتهى سيرها وهو رسوها‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين‏}‏، ولهذا تستحب التسمية في ابتداء الأمور، عند الركوب على السفينة وعلى الدابة، كما روى الطبراني، عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏أمان أمتي من الغرق إذا ركبوا في السفن أن يقولوا‏:‏ بسم اللّه الملك ‏{‏وما قدروا اللّه حق قدره - الآية، - ‏{‏بسم اللّه مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيم‏}‏‏)‏، وقوله‏:‏ ‏{‏إن ربي لغفور رحيم‏}‏ مناسب عند ذكر الانتقام من الكافرين بإغراقهم أجمعين فذكر أنه غفور رحيم كقوله‏:‏ ‏{‏إن ربك لسريع العقاب * وإنه لغفور رحيم‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وهي تجري بهم في موج كالجبال‏}‏ أي السفينة سائرة بهم على وجه الماء، الذي قد طبق جميع الأرض، حتى طغت على رؤوس الجبال، وارتفع عليها بخمسة عشر ذراعاً، وقيل بثمانين ميلاً، وهذه السفينة جارية على وجه الماء بإذن اللّه وكنفه وعنايته، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية * لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر‏}‏، وقوله‏:‏ ‏{‏ونادى نوح ابنه‏}‏ الآية، هذا هو الابن الرابع واسمه يام وقيل كنعان، وهو الهالك، وأما الناجي من ولد آدم فهو سام، وحام، ويافث وكان كافراً، دعاه أبوه أن يؤمن ويركب معهم، ولا يغرق مثل ما يغرق الكافرون، ‏{‏قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء‏}‏ اعتقد بجهله أن الطوفان لا يبلغ إلى رؤوس الجبال، وأنه لو تعلق في رأس جبل لنجّاه ذلك من الغرق، فقال له أبوه نوح عليه السلام ‏{‏لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم‏}‏ أي ليس شيء يعصم اليوم من أمر اللّه، وقيل إنّ ‏{‏عاصم‏}‏ بمعنى معصوم كما يقال طاعم وكاس، بمعنى مطعوم ومكسو
‏{‏وحال بينهما الموج فكان من المغرقين‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏44‏)‏
‏{‏ وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين ‏}‏

يخبر تعالى أنه لما أغرق أهل الأرض كلهم إلا أصحاب السفينة، أمر الأرض أن تبلع ماءها الذي نبع منها واجتمع عليها، وأمر السماء أن تقلع عن المطر ‏{‏وغيض الماء‏}‏، أي شرع في النقص، ‏{‏وقضي الأمر‏}‏ أي فرغ من أهل الأرض قاطبة ممن كفر باللّه لم يبق منهم ديار، ‏{‏واستوت‏}‏ السفينة بمن فيها ‏{‏على الجودي‏}‏، قال مجاهد‏:‏ وهو جبل بالجزيرة أرست عليه
سفينة نوح عليه السلام، وقال قتادة‏:‏ استوت عليه شهراً حتى نزلوا منها وأبقى اللّه السفينة على الجودي عبرة وآية، حتى رآها أوائل هذه الأمة، وكم من سفينة قد كانت بعدها فهلكت وصارت رماداً، وقال الضحاك‏:‏ الجودي جبل بالموصل، وقال بعضهم‏:‏ هو الطور، وقال كعب الأحبار‏:‏ إن السفينة طافت ما بين المشرق والمغرب قبل أن تستقر على الجودي، وقال قتادة وغيره‏:‏ ركبوا في عاشر شهر رجب فساروا مائة وخمسين يوماً، واستقرت بهم على الجودي شهراً، وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم، وقد ورد نحو هذا في حديث مرفوع رواه ابن جرير، وأنهم صاموا يومهم ذلك، واللّه أعلم، وقوله‏:‏ ‏{‏وقيل بعدا للقوم الظالمين‏}‏ أي هلاكاً وخساراً لهم وبعداً من رحمة اللّه، فإنهم قد هلكوا عن آخرهم فلم يبق لهم بقية، وقد روى ابن جرير عن عائشة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏
(‏لو رحم اللّه من قوم نوح أحداً لرحم أم الصبي‏)‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏45 ‏:‏ 47‏)‏
‏{‏ ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين ‏.‏ قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين ‏.‏ قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ‏}‏

هذا سؤال استعلام من نوح عليه السلام عن حال ولده الذي غرق‏:‏ ‏{‏فقال إن ابني من أهلي‏}‏ أي وقد وعدتني بنجاة أهلي ووعدك الحق الذي لا يخلف، فكيف غرق وأنت أحكم الحاكمين، ‏{‏قال يا نوح إنه ليس من أهلك‏}‏ أي الذين وعدت إنجاءهم لأني إنما وعدتك بنجاة من آمن من أهلك، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم‏}‏ فكان هذا الولد ممن سبق عليه القول بالغرق، لكفره ومخالفته أباه نبي اللّه نوحاً عليه السلام، قال ابن عباس‏:‏ هو ابنه غير أنه خالفه في العمل والنية، وقال عكرمة‏:‏ إنه عمل عملاً غير صالح، ويروى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قرأ بذلك‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏48‏)‏
‏{‏ قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم
ثم يمسهم منا عذاب أليم ‏}‏

قال محمد بن إسحاق‏:‏ لما أراد اللّه أن يكف الطوفان أرسل ريحاً على وجه الأرض فسكن الماء، وانسدت ينابيع الأرض وأبواب السماء، يقول اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وقيل يا أرض ابلعي ماءك‏}‏ الآية، فجعل الماء ينقص ويغيض ويدبر، وكان استواء الفلك على الجودي فيما يزعم أهل التوراة في الشهر السابع لسبع عشرة ليلة مضت منه، وفي أول يوم من الشهر العاشر رأى رؤوس الجبال، وظهر البر، وكشف نوح غطاء الفلك ‏{‏قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك‏}‏ الآية‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏49‏)‏
‏{‏ تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا
فاصبر إن العاقبة للمتقين ‏}‏

يقول تعالى لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم هذه القصة وأشباهها ‏{‏من أنباء الغيب‏}‏ يعني من أخبار الغيوب السالفة نوحيها إليك كأنك شاهدها ‏{‏نوحيها إليك‏}‏ أي نعلمك بها وحياً منا إليك، ‏{‏ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا‏}‏ أي لم يكن عندك ولا عند أحد من قومك علم بها حتى يقول من يكذبك إنك تعلمتها منه، بل أخبرك اللّه بها مطابقة لما كان عليه الأمر الصحيح، كما تشهد به كتب الأنبياء قبلك، فاصبر على تكذيب من كذبك من قومك وأذاهم لك فإنا سننصرك ونحوطك بعنايتنا، ونجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والآخرة، كما فعلنا بالمرسلين حيث نصرناهم على أعدائهم ‏{‏إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا‏}‏ الآية، ‏{‏فاصبر إن العاقبة للمتقين‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏50 ‏:‏52‏)‏
‏{‏ وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون ‏.‏ يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون ‏.‏ ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏و‏}‏ لقد أرسلنا ‏{‏إلى عاد أخاهم هودا‏}‏ آمراً لهم بعبادة اللّه وحده لا شريك له ناهياً لهم عن الأوثان التي افتروها واختلقوا لها أسماء الآلهة، وأخبرهم أنه لا يريد منهم أجرة على هذا النصح والبلاغ من اللّه إنما يبغي ثوابه من اللّه الذي فطره، ‏{‏أفلا تعقلون‏}‏ من يدعوكم إلى ما يصلحكم في الدنيا والآخرة من غير أجرة، ثم أمرهم بالاستغفار الذي فيه تكفير الذنوب السالفة وبالتوبة عما يستقبلون، ومن اتصف بهذه الصفة يسر اللّه عليه رزقه وسهل عليه أمره وحفظ شأنه، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏يرسل السماء عليكم مدرارا‏}‏، وفي الحديث‏:‏ ‏(‏من لزم الاستغفار جعل اللّه له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب‏)‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس