عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2014, 08:14 PM   رقم المشاركة : 23
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

وقوله تعالى‏:‏{‏وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم‏}‏ أي وإن تسألوا عن هذه الأشياء التي نهيتم عن السؤال عنها حين ينزل الوحي على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم تبين لكم، وذلك على اللّه يسير، ثم قال‏:‏ ‏{‏عفا اللّه عنها‏}‏ أي عما كان منكم قبل ذلك ‏{‏واللّه غفور حليم‏}‏ وقيل المراد بقوله‏:‏ ‏{‏وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم‏}‏ أي لا تسألوا عن أشياء تستأنفون السؤال عنها فلعله قد ينزل بسبب سؤالكم تشديد أو تضييق، وقد ورد في الحديث‏:‏ ‏(‏أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته‏)‏، ولكن إذا نزل القرآن بها مجملة فسألتم عن بيانها بينت لكم حينئذ لاحتياجكم إليها، ‏{‏عفا اللّه عنها‏}‏ أي ما لم يذكره في كتابه، فهو مما عفا عنه فاسكتوا أنتم عنها كما سكت عنها‏.‏ وفي الصحيح عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏ذروني وما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم‏)‏، وفي الحديث الصحيح أيضاً‏:‏ ‏(‏إن اللّه تعالى فرض فرائض فلا تضيّعوها، وحدّ حدوداً فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها‏)‏ ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين‏}‏ أي قد سأل هذه المسائل المنهى عنها قوم من قبلكم فأجيبوا عنها ثم لم يؤمنوا بها فأصبحوا بها كافرين، أي بسببها، أي بينت لهم فلم ينتفعوا بها، لأنهم لم يسألوا على وجه الاسترشاد بل على وجه الاستهزاء والعناد‏.‏ وقال العوفي عن ابن عباس في الآية‏:‏ إن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أذّن في الناس فقال‏:‏ ‏(‏يا قوم كتب عليكم الحج‏)‏ فقام رجل من بني أسد فقال‏:‏ يا رسول اللّه أفي كل عام‏؟‏ فأغضب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً فقال‏:‏ ‏(‏والذي نفسي بيده لو قلت‏:‏ نعم، لوجبت، ولو وجبت ما استطعتم، وإذاً لكفرتم فاتركوني ما تركتكم، وإذا أمرتكم بشيء فافعلوا، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه‏)‏، فأنزل اللّه هذه الآية، نهاهم أن يسألوا عن مثل الذي سألت عنه النصارى من المائدة فأصبحوا بها كافرين، فنهى اللّه عن ذلك، وقال‏:‏ لا تسألوا عن أشياء إن نزل القرآن فيها بتغليظ ساءكم ذلك، ولكن انتظروا، فإذا نزل القرآن فإنكم لا تسألون عن شيء إلا وجدتم بيانه‏.‏ ثم قال‏:‏ ‏{‏قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين‏}‏ روي عن عكرمة رحمه اللّه‏:‏ أن المراد بهذا النهي عن سؤال وقوع الآيات، كما سألت قريش أن يجري لهم أنهاراً وأن يجعل لهم الصفا ذهباً وغير ذلك، وكما سألت اليهود أن ينزل عليهم كتاباً من السماء، وقد قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذَّب بها الأولون‏}‏ الآية‏.‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وأقسموا باللّه جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند اللّه وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏103 ‏:‏ 104‏)‏
‏{‏ ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون ‏.‏ وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ‏}‏

قال البخاري عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال‏:‏ البحيرة التي يمنع درُّها للطواغيت فلا يحلبها أحد من الناس، و السائبة‏:‏ كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شيء‏.‏ قال، وقال أبو هريرة، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قُصْبَه أمعاءه في النار كان أول من سيَّب السوائب‏)‏ و الوصيلة‏:‏ الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل، ثم تثني بعد بأنثى، وكانوا يسيبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر؛ و الحام‏:‏ فحل الإبل يضرب الضراب المعدود، فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت، وأعفوه عن الحمل، فلم يحمل عليه شيء، وسموه الحامي‏.‏ ثم قال البخاري عن الزهري عن عروة، أن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏رأيت جهنم يحطم بعضها بعضاً، ورأيت عمراً يجر قصبه وهو أول من سيَّب السوائب‏)‏ وقال الإمام أحمد عن عبد اللّه بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ‏(‏إن أول من سيَّب السوائب وعبد الأصنام أبو خزاعة عمرو ابن عامر، وإني رأيته يجر أمعاءه في النار‏)‏ ‏"‏تفرد به أحمد من هذا الوجه‏"‏وقال عبد الرزاق عن زيد بن أسلم قال، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏إني لأعرف أول من سيَّب السوائب، وأول من غيَّر دين إبراهيم عليه السلام‏)‏ قالوا‏:‏ ومن هو يا رسول اللّه‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏عمرو بن لحي أخو بني كعب، لقد رأيته يجر قصبه في النار تؤذي رائحته أهل النار، وإني لأعرف أول من بحر البحائر‏)‏، قالوا‏:‏ ومن هو يا رسول اللّه‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏رجل من بني مدلج، كانت له ناقتان، فجدع آذانهما، وحرم ألبانهما، ثم شرب ألبانهما، بعد ذلك، فلقد رأيته في النار وهما يعضانه بأفواههما ويطآنه فأخفافهما‏)‏، فعمرو هذا هو ابن لحي بن قمعة أحد رؤساء خزاعة الذين ولوا البيت بعد جرهم، وكان أول من غيَّر دين إبراهيم الخليل، فأدخل الأصنام إلى الحجاز، ودعا الرعاع من الناس إلى عبادتها والتقرب بها، وشرع لهم هذه الشرائع الجاهلية في الأنعام وغيرها، كما ذكره اللّه تعالى في سورة الأنعام عند قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وجعلوا للّه مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً‏}
إلى آخر الآيات في ذلك‏.‏

فأما البحيرة فقال ابن عباس رضي اللّه عنهما‏:هي الناقة إذا نتجت خمسة أبطن نظروا إلى الخامس، فإن كان ذكراً ذبحوه فأكله الرجال دون النساء، وإن كان أنثى جدعوا آذانها، فقالوا‏:‏ هذه بحيرة وذكر السدي وغيره قريباً من هذا، وأما السائبة‏:‏ فقال مجاهد‏:‏ هي من الغنم نحو ما فسر من البحيرة، إلا أنها ما ولدت من ولد كان بينها وبينه ستة أولاد كانت على هيئتها، فإذا ولدت السابع ذكراً أو ذكرين ذبحوه فأكله رجالهم دون نسائهم، وقال محمد بن إسحاق‏:‏ السائبة‏:‏ هي الناقة إذا ولدت عشر إناث من الولد ليس بينهن ذكر سيبت فلم تركب ولم يجزّ وبرها ولم يحلب لبنها إلا لضيف‏.‏ وقال أبو روق‏:‏ السائبة، كان الرجل إذا خرج فقضيت حاجته سيب من ماله ناقة أو غيرها فجعلها للطواغيت، فما ولدت من شيء كان لها‏.‏ وقال السدي‏:‏ كان الرجل منهم إذا قضيت حاجته أو عوفي من مرض أو كثر ماله سيَّب شيئاً من ماله للأوثان، فمن عرض له من الناس عوقب بعقوبة في الدنيا وأما الوصيلة، فقال ابن عباس‏:‏ هي الشاة إذا نتجت سبعة ابطن نظروا إلى السابع، فإن كان ذكراً وهو ميت اشترك فيه الرجال دون النساء، وإن كان أنثى استحيوها، وإن كان ذكراً وأنثى في بطن واحد استحيوهما وقالوا وصلته أخته فحرمته علينا‏.‏ وقال محمد بن إسحاق‏:‏ الوصيلة من الغنم إذا ولدت عشر إناث في خمسة أبطن توأمين توأمين في كل بطن سميت الوصيلة وتركت، فما ولدت بعد ذلك من ذكر أو أنثى جعلت للذكور دون الإناث، وإن كانت ميته اشتركوا فيها‏.‏ وأما الحامي، فقال ابن عباس‏:‏ كان الرجل إذا لقح فحله عشراً قيل حام فاتركوه، وكذا قال قتادة، وروى عنه أن الحام‏:‏ الفحل من الإبل إذا ولد لولده، قالوا حمى هذا ظهره فلا يحملون عليه شيئاً ولا يجزون له وبراً، ولا يمنعونه من حمى رعي ومن حوض يشرب منه، وإن كان الحوض لغير صاحبه وقال ابن وهب، سمعت مالكاً يقول‏:‏ أما الحام فمن الإبل كان يضرب في الإبل، فإذا انقضى ضرابه جعلوا عليه ريش الطواويس وسيبوه‏.‏ وقد قيل غير ذلك في تفسير هذه الآية‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولكن الذين كفروا يفترون على اللّه الكذب وأكثرهم لا يعقلون‏}‏ أي ما شرع اللّه هذه الأشياء ولا هي عنده قربة، ولكن المشركون افتروا ذلك وجعلوه شرعاً لهم وقربة يتقربون بها إليه، وليس ذلك بحاصل بل هو وبال عليهم، ‏{‏وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل اللّه وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا‏}‏ أي إذا دعوا إلى دين اللّه وشرعه وما أوجبه وتكر ما حرمه قالوا‏:‏ يكفينا ما وجدنا عليه الآباء والأجداد من الطرائق والمسالك، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون‏}‏ أي لا يفهمون حقاً ولا يعرفونه ولا يهتدون إليه، فكيف يتبعونها والحالة هذه لا يتبعهم إلا من هو أجهل منهم وأضل سبيلاً‏؟‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس