عرض مشاركة واحدة
قديم 28-01-2014, 03:19 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


أما تخش يا بشر الإله فإنني لفي
.................................... حسرةٍ من لوعتي وتسهدي
فإن زرتني يا بشر أحييتَ مهجتي
.................................... وربي غفورٌ بالعطا باسطُ اليدِ


ومرة أخرى عادت إليه الجارية برقعة من سيدتها وصعب على بشر ما هي فيه فكتب
لها هذه الأبيات :


أيا هند هذا لا يليقُ بمسلمٍ
.................................... ومسلمةٌ في عصَمة الزوج فابعدي
أما تعلمي أن السَفاح محرّمٌ
.................................... فحولي عن الفحشاءِ والعيبِ وارتدي
بهذا نهى دين النبيِّ محمدٍ
....................................فتوبي إلى مولاكِ يا هندُ ترشدي


لكن الكلمات كلها لم تكن لتكفيها في وصف ما تكابده من حبه ، وكل العادات
والقوانين ما كانت لتثنيها. ولكنه لم ييأس بل دأب على مراسلتها ليهديها
فكتب :


إن الذي منع الزيارة فاعلمي
.................................... خوف الفساد عليك أن لا تعتدي
وأخافُ أن يهواكِ قلبي في الهوى
.................................... فأكون قد خالفتُ دينَ محمدِ


فلما وصلها هذا الكتاب انكمدت نفسها ومرضت فكتبت إليه تقول :

أيا بشر ما أقسى فؤادَك في الهوى
.................................... ما هكذا الحبُ في مذهبِ الإسلامِ
إني بُليت وقد تجافاني الصفا
.................................... فارحم خضوعي ثم زد بسلامِ
ضاقت قراطيسُ التراسل بيننا
.................................... جفّ المدادُ وحفيت الأقلامُ


فلما وقف بشر على هذه الأبيات أجابها بقوله :


لا والذي رفعَ السماءَ بأمره
....................................ودحى بساط الأرض باستحكامِ
وهو الذي بعثَ النبي محمداً
....................................بشريعة الإيمان والإسلامِ
لم أعصِ ربي في هواك وإنني
....................................لمطهر من سائر الآثامِ


وحلف أن لا يمر بباب هند ولا يقرأ لها كتاباً، فلما إمتنع كتبت له :


سألت ربي فقد أصبحتَ لي شجناً
.................................... أن تُبتلى بهوى من لا يُباليكا
حتى تذوقَ الذي ذقتُ من نَصَبٍ
.................................... وتطلب الوصل ممن لا يواتيكا
وتشتكي محنة في الحب نازلة
.................................... وتطلب الماء ممن ليس يسقيكَ
بلاك ربي بأمراض مسلسلةٍ
.................................... وبامتناع طبيب لا يداويكَ
ولا سروراً ولا يوماً ترى فرحاً
.................................... وكل ضرٍ من الرحمن يبليكَ


فلما لج بشر وترك الممر ببابها أرسلت إليه بوصيفة لها فأنشدته هذه الأبيات
فقال للوصيفة :


ـ "لأمر ما لا أمر". فلما جاءت الوصيفة أخبرتها بقول بشر فكتبت وهي تقول :


كفّر يمينك أن الذنبَ مغفورُ
.................................... وأعلم بأنك أن كفّرت مأجورُ
لا تطردنّ رسولي وارثينّ له
.................................... إن الرسولَ قليلُ الذنبِ مأمورُ
واعلم بأني أبيتُ الليلَ ساهرةً
.................................... ودمع عيني على خديَّ محدورُ
أدعوه باسمِكَ في كربٍ وفي تعبٍ
.................................... وانت لاهٍ قريرُ العين مسرورُ


وأما هندٌ فقد أصبحت بعدها موجة بشر بحرها وزهرة بشر عطرها، تقطف من محياه
كلما مرّ بعضاً من الحياة فكيف تعيش إن حجب عنها ؟؟
وأما بشر فقد خاف على نفسه من الفضيحة فارتحل إلى بطحاء تراب ليلاً. ووقفت
جارية هند على أمره فأعلمت سيدتها، فاشتد عليها ذلك ومرضت مرضاً شديداً
فبعث زوجها إلى الأطباء.
فقالت له :
"لا تبعث إليّ طبيباً فإني عرفت دائي، قهرني جني في مغتسلي فقال لي: تحولي
عن هذه الدار فليس لك في جوارنا خير".


فأجابها الزوج : ما أهون هذا.
فقالت : إني رأيت في منامي أن أسكن بطحاء تراب .
فقال : "اسكني بنا حيث شئت" .


فاتخذت هناك داراً على طريق بشر وجعلت تمضي الأيام في النظر إليه كل غداة
إذا غدا إلى رسول الله صلى الله واله وسلم حتى برئت من مرضها وعادت إلى حسنها ،


فقال لها زوجها : "إني لأرجو أن يكون لك عند الله خير لما رأيت في منامك أن أسكني
بطحاء تراب فاكثري من الدعاء" .






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس