عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2014, 02:35 AM   رقم المشاركة : 47
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏210‏)‏
‏{‏هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر
وإلى الله ترجع الأمور ‏}‏
يقول تعالى مهدداً للكافرين بمحمد صلوات اللّه وسلامه عليه‏:‏ ‏{‏هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة‏}‏ يعني يوم القيامة لفصل القضاء بين الأولين والآخرين، فيجزي كل عامل بعمله إن خيراً فخير، وإن شراً فشر‏.‏ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور‏}‏، وقال‏:‏
‏{‏هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك‏}
الآية‏.‏
وقد ذكر الإمام أبو جعفر بن جرير ههنا حديث الصور بطوله من أوله
عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو حديث مشهور ساقه غير واحد من أصحاب المسانيد وغيرهم، وفيه‏:‏ إن الناس إذا اهتموا لموقفهم في العرصات، تشفعوا إلى ربهم بالأنبياء واحداً واحداً من آدم فمن بعده، فكلهم يحيد عنها حتى ينتهوا إلى محمد صلى اللّه عليه وسلم فإذا جاءوا إليه قال‏:‏ ‏(‏أنا لها، أنا لها‏)‏، فيذهب فيسجد للّه تحت العرش، ويشفع عند اللّه في أن يأتي لفصل القضاء بين العباد، فيشفعه اللّه ويأتي في ظلل من الغمام بعد ما تنشقّ السماء الدنيا وينزل من فيها من الملائكة، ثم الثانية ثم الثالثة إلى السابعة، وينزل حملة العرش والكروبيون‏.‏ قال‏:‏ وينزل الجبار عزّ وجلّ في ظلل من الغمام والملائكة، ولهم زجل من تسبيحهم يقولون‏:‏ سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان ذي العزة والجبروت، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبوح قدوس سبحان ربنا الأعلى، سبحان ذي السلطان والعظمة، سبحانه سبحانه، أبداً أبداً‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏211 ‏:‏ 212‏)
{‏سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب ‏.‏ زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب ‏}‏
يخبر تعالى عن بني إسرائيل كم شاهدوا مع موسى من آية بيّنة، أي حجة قاطعة بصدقه فيما جاءهم به، كيده وعصاه وفلقه البحر وضربه الحجر، وما كان من تظليل الغمام عليهم من شدة الحر، ومن إنزال المن والسلوى وغير ذلك من الآيات الدالات على وجود الفاعل المختار، وصدق من جرت هذه الخوارق على يديه، ومع هذا أعرض كثير منهم عنها، وبدلوا نعمة اللّه كفراً، أي استبدلوا بالإيمان بها الكفر بها والإعراض عنها‏:‏ ‏{‏ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب‏}‏، كما قال تعالى إخباراً عن كفار قريش‏:‏
{‏ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار‏}‏‏.‏
ثم أخبر تعالى عن تزيينه الحياة الدنيا للكافرين، الذين رضوا بها واطمأنوا إليها، وجمعوا الأموال ومنعوها عن مصارفها التي أمروا بها، مما يرضي اللّه عنهم، وسخروا من الذين آمنوا الذين أعرضوا عنها، وأنفقوا ما حصل لهم منها طاعة ربهم، وبذلوه ابتغاء وجه اللّه، فلهذا فازوا بالمقام الأسعد والحظ الأوفر يوم معادهم، فكانوا فوق أولئك في محشرهم ومنشرهم ومسيرهم ومأواهم، فاستقورا في الدرجات في أعلى عليين، وخلد أولئك في الدركات في اسفل سافلين، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏والله يرزق من يشاء بغير حساب‏}‏ أي يرزق من يشاء من خلقه، ويعطيه عطاء كثيراً جزيلاً، بلا حصر ولا تعداد في الدنيا والآخرة، كما جاء في الحديث‏:‏
(‏ابن آدم أنفقْ أُنفقْ عليك‏)‏، وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏أنفقْ بلالاً ولا تخش من ذي العرش إقلالاً‏)‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه‏}‏‏. وفي الصحيح‏:‏ ‏(‏أن ملكين ينزلان من السماء صبيحة كل يوم فيقول أحدهما‏:‏ اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر‏:‏ اللهم أعط ممسكاً تلفاً، وفي الصحيح‏:‏ ‏(‏يقول ابن آدم‏:‏ مالي مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، وما لبست فأبليت، وما تصدقت فأمضيت، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس‏)‏، وفي مسند الإمام أحمد‏:‏ عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له‏)
‏‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏213‏)‏
‏{‏كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ‏}‏
قال ابن جرير‏:‏ عن ابن عباس قال‏:‏ كان بين نوح وآدم عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحق، فاختلفوا فبعث اللّه النبيين مبشرين ومنذرين، قال‏:‏ وكذلك هي في قراءة عبد الّله ‏{‏كان الناس أمة واحدة فاختلفوا‏}‏، قال قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏كان الناس أمة واحدة‏}‏ قال‏:‏ كانوا على الهدى جميعاً ‏{‏فاختلفوا فبعث الله النبيين‏}‏ فكان أول من بعث نوحاً‏.‏ وقال العوفي عن ابن عباس‏:‏ ‏{‏كان الناس أمة واحدة‏}‏ يقول‏:‏ كانوا كفاراً ‏{‏فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين‏}‏ والقول الأول عن ابن عباس أصح سنداً ومعنى، لأن الناس كانوا على ملة آدم حتى عبدوا الأصنام، فبعث اللّه إليهم نوحاً عليه السلام، فكان أول رسول بعثه اللّه إلى أهل الأرض، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم‏}‏ أي من بعد ما قامت الحجج عليهم، وما حملهم على ذلك إلى البغي من بعضهم على بعض ‏{‏فهدى اللّه الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم‏}‏
وعن أبي هريرة قال‏:‏ قال النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، نحن أول الناس دخولاً الجنة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فهدانا اللّه لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا اللّه له، فالناس لنا فيه تبع فغداً لليهود، وبعد غدٍ للنصارى‏)
‏‏.‏
وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه في قوله‏:‏ ‏{‏فهدى اللّه الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه‏}‏ فاختلفوا في يوم الجمعة فاتخذ اليهود يوم السبت، والنصارى يوم الأحد، فهدى اللّه أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم ليوم الجمعة‏.‏ واختلفوا في القبلة، فاستقبلت النصارى المشرق، واليهود بيت المقدس، فهدى اللّه أمة محمد للقبلة‏.‏ واختلفوا في الصلاة فمنهم من يركع ولا يسجد، ومنهم من يسجد ولا يركع، ومنهم من يصلي وهو يتكلم ومنهم من يصلي وهو يمشي، فهدى اللّه أمة محمد للحق من ذلك، واختلفوا في الصيام فمنهم من يصوم بعض النهار، ومنهم من يصوم عن بعض الطعام، فهدى الله أمة محمد للحق من ذلك، واختلفوا في إبراهيم عليه السلام فقالت اليهود‏:‏ كان يهودياً، وقالت النصارى‏:‏ كان نصرانياً وجعله اللّه حنيفاً مسلماً فهدى اللّه أمة محمد للحق من ذلك، واختلفوا في عيسى عليه السلام، فكذبت به اليهود وقالوا لأمه بهتاناً عظيماً، وجعلته النصارى إلهاً وولداً، وجعله اللّه روحه وكلمته، فهدى اللّه أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم للحق من ذلك‏.‏ وكان أبو العالية يقول‏:‏ في هذه الآية المخرج من الشبهات والضلالات والفتن‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏بإذنه‏}‏ أي بعلمه بهم وبما هداهم له قاله ابن جرير ‏{‏والله يهدي من يشاء‏}‏ أي من خلقه ‏{‏إلى صراط مستقيم‏}‏ أي وله الحكمة والحجة البالغة، وفي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا قام من الليل يصلي يقول‏:‏ ‏(‏اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم‏) وفي الدعاء المأثور‏:‏ ‏(‏اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، واجعلنا للمتقين إماماً‏)‏‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس