عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2014, 01:03 AM   رقم المشاركة : 43
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


الآية رقم ‏(‏188‏)
{‏ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من
أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون‏}‏
قال ابن عباس‏:‏ هذا في الرجل يكون عليه مال، وليس عليه فيه بينة فيجحد المال ويخاصم إلى الحكام، وهو يعرف أن الحق عليه وهو يعلم أنه آثم آكل الحرام، وكذا روي عن مجاهد وعكرمة وقتادة أنهم قالوا‏:‏ لا تخاصمْ وأنت تعلم أنك ظالم، وقد ورد في الصحيحين عن أم سلمة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ قال إنما أنا بشر وإنما يأتيني الخصم، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار فليحملها أو ليذرها‏)‏، فدلت هذه الآية الكريمة وهذا الحديث على أن حكم الحاكم لا يغير الشيء في نفس الأمر، فلا يُحِلُّ في نفس الأمر حراماً هو حرام، ولا يحرم حلالاً هو حلال وإنما هو ملزم في الظاهر‏.‏ فإن طابق في نفس الأمر فذاك، وإلا فللحاكم أجره وعلى المحتال وزره، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وتُدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون‏}‏ أي تعلمون بطلان ما تدعونه وترجونه في كلامكم‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏189‏)‏

‏{‏يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون ‏}‏
سأل الناس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الأهلة، فنزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس‏}‏ يعلمون بها حل دينهم وعدة نسائهم، ووقت حجهم، وقال الربيع‏:‏ بلغنا أنهم قالوا‏:‏ يا رسول اللّه لم خلقت الأهلة‏؟‏ فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس‏}‏ يقول جعلها اللّه مواقيت لصوم المسلمين وإفطارهم، وعدة نسائهم، ومحل دينهم‏.‏ وعن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏جعل الله الأهلة مواقيت للناس، فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوماً‏)‏
"‏رواه الحاكم في المستدرك‏"‏‏.‏
وقوله تعالى:‏{‏وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها‏}‏،‏ قال البخاري عن البراء‏:‏ كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا البيت من ظهره فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها‏}‏ وقال الحسن البصري‏:‏ كان أقوام من أهل الجاهلية إذا أراد أحدهم سفراً، وخرج من بيته يريد سفره الذي خرج له، ثم بدا له بعد خروجه أن يقيم ويدع سفره لم يدخل البيت من بابه، ولكن يتسوره من قبل ظهره، فقال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها‏}‏ الآية وقوله‏:‏ ‏{‏واتقوا الله لعلكم تفلحون‏}‏ أي اتقوا اللّه فافعلوا ما أمركم به واتركوا ما نهاكم عنه ‏{‏لعلكم تفلحون‏}‏ غداً إذا وقفتم بين يديه فيجازيكم على التمام والكمال‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏190 ‏:‏ 193‏)‏

{قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ‏.‏ واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين ‏.‏- 192 - فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم ‏.‏ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ‏}‏
هذه أول آية نزلت في القتال بالمدينة، فلما نزلت كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقاتل من قاتله وكف عمن كف عنه، حتى نزلت سورة براءة كذا قال ابن أسلم حتى قال‏:‏ هذه منسوخة بقوله‏:
{‏فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم‏} وفي هذا نظر، لأن قوله‏:‏ ‏{‏الذين يقاتلونكم‏}‏ إنما هو تهييج وإغراء بالأعداء الذي همتهم قتال الإسلام وأهله، أي كما يقاتلونكم فاقتلوهم أنتم، كما قال‏:‏ {‏وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة‏}
‏ ولهذا قال في هذه الآية‏:‏ ‏{‏واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخجروهم من حيث أخرجوكم‏}‏ أي لتكون همتكم منبعثة على قتالهم كما همتهم منبعثة على قتالكم وعلى إخراجهم من بلادهم التي أخرجوكم منها قصاصاً‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تعتدوا إن اللّه لا يحب المعتدين‏}‏ أي قاتلوا في سبيل اللّه ولا تعتدوا في ذلك، ويدخل في ذلك ارتكاب المناهي من المثلة والغلول وقتل النساء والصبيان والشيوخ وأصحاب الصوامع وتحريق الأشجار وقتل الحيوان لغير مصلحة ولهذا
جاء في صحيح مسلم عن بريدة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يقول‏:‏ ‏(‏اغزوا في سبيل اللّه، قاتلوا من كفر باللّه، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الوليد، ولا اصحاب الصوامع‏)‏‏.‏ وعن ابن عباس قال‏:‏ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا بعث جيوشه قال‏:‏ ‏(‏اخرجوا باسم اللّه قاتلوا في سبيل اللّه من كفر باللّه، لا تعتدوا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع‏)‏‏"‏رواه أحمد وأبو داود‏"‏وفي الصحيحين عن ابن عمر قال‏:‏ وجدت امرأة في بعض مغازي النبي صلى اللّه عليه وسلم مقتولة فأنكر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قتل النساء والصبان‏
.‏
ولما كان الجهاد فيه إزهاق النفوس وقتل الرجال، نبّه تعالى على ان ما هم مشتملون عليه من الكفر بالله والشرك به الصد عن سبيله أبلغُ وأشدُّ وأعظم وأطم من القتل، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏والفتنة أشد من القتل‏}‏ قال ابو العالية ومجاهد وعكرمة‏:‏ الشرك أشد من القتل، وقوله‏:‏ ‏{‏ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام‏}‏ كما جاء في الصحيحين‏:
‏(‏إن هذا البلد حرمه اللّه يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، ولم يحل إلا ساعة من نهار - وإنها ساعتي هذه - فهو حرام بحرمة اللّه إلى يوم القيامة، لا يعضد شجره ولا يختلى خلاه، فإن أحد ترخّص بقتال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقولوا‏:‏ إن اللّه أذن لرسوله ولم يأذن لكم‏)‏ ‏"‏أخرجه الشيخان‏"‏يعني بذلك صلوات اللّه وسلامه عليه قتاله أهله يوم فتح مكة، فإنه فتحها عنوة وقتلت رجال منهم عند الخندمة وقيل صلحاً لقوله‏:‏ ‏(‏من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن‏) وقوله‏:‏ ‏{‏حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين‏}‏ يقول تعالى‏:‏ ولا تقاتلوهم عن المسجد الحرام إلا ان يبدأوكم بالقتال فيه فلكم حينئذ قتالهم وقتلهم دفعاً للصائل، كما بايع النبي صلى اللّه عليه وسلم أصحابه يوم الحديبية تحت الشجرة على القتال لما تألبت عليه بطون قريش ومن والاهم من أحياء ثقيف والأحابيش عامئذ ثم كف اللّه القتال بينهم فقال‏:‏ ‏{‏وهو الذي كفَّ أيديهم عنكم وايديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم‏}
‏‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن انتهوا فإن اللّه غفور رحيم‏}‏ أي فإن تركوا القتال في الحرم وأنابوا إلى الإسلام والتوبة فإن اللّه يغفر ذنوبهم، ولو كانوا قد قتلوا المسلمين في حرم اللّه فإنه تعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لمن تاب منه إليه، ثم أمر اللّه بقتال الكفار ‏{‏حتى لا تكون فتنة‏}‏ أي شرك قاله ابن عباس والسدي ‏{‏ويكون الدين لله‏}‏ أي يكون دين اللّه هو الظاهر العالي على سائر الأديان، كما ثبت في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال‏:‏ سئل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل اللّه‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏من قاتل لتكون كلمة اللّه هي العليا فهو في سبيل اللّه‏)
‏‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين‏}‏، يقول تعالى‏:‏ فإن انتهوا عما هم فيه من الشرك وقتال المؤمنين فكفوا عنهم، فإن من قاتلهم بعد ذلك فهو ظالم ولا عدوان إلا على الظالمين، وهذا معنى قول مجاهد أن لا يقاتل إلا من قاتل، أو يكون تقديره ‏{‏فإن انتهوا‏}‏ فقد تخلصوا من الظلم والشرك فلا عدوان عليهم بعد ذلك، والمراد بالعدوان ههنا المعاقبة والمقاتلة كقوله‏:‏
{‏فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم‏}‏، وقوله‏:‏ {‏وجزاء سيئة سيئة مثلها‏}،{‏وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به‏}‏ قال عكرمة وقتادة‏:‏ الظالم الذي أبى أن يقول لا إله إلا اللّه، وقال البخاري قوله‏:‏ ‏{‏وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة‏} عن ابن عمر قال‏:‏ أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا‏:‏ إن الناس ضيعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى اللّه عليه وسلم فما يمنعك أن تخرج‏؟‏ فقال‏:‏ يمنعني أن اللّه حرم دم أخي‏.‏ قالا‏:‏ ألم يقل اللّه‏:‏ ‏{‏وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة‏}‏‏؟‏ فقال‏:‏ قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين للّه، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة وحتى يكون الدين لغير اللّه‏.‏ وعن نافع أن رجلاً أتى ابن عمر فقال‏:‏ يا أبا عبد الرحمن ما حملك على أن تحج عاماً وتقيم عاماً وتترك الجهاد في سبيل اللّه عزّ وجلّ وقد علمت ما رغب اللّه فيه‏؟‏ فقال‏:‏ يا ابن أخي بني الإسلام على خمس‏:‏ الإيمان باللّه ورسوله، والصلاة الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت‏.‏ قالوا‏:‏ يا أبا عبد الرحمن ألا تسمع ما ذكر اللّه في كتابه‏:‏ ‏{‏وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر اللّه‏}‏، ‏{‏وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة‏}‏ قال‏:‏ فعلنا على عهد رسوله صلى اللّه عليه وسلم وكان الإسلام قليلاً، فكان الرجل يفتن في دينه وإما قتلوه أو عذبوه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة، قال‏:‏ فما قولك في علي وعثمان‏؟‏ قال‏:‏ أمّا ‏"‏عثمان‏"‏فكان اللّه عفا عنه وأما أنتم فكرهتم أن يعفو عنه، وأمّا ‏"‏علي‏"‏فابن عم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وختنه، فأشار بيده فقال‏:‏ هذا بيته حيث ترون
‏"‏الحديث من رواية البخاري‏"‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏194‏)‏

‏{‏الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين ‏}‏
قال ابن عباس‏:‏ لما سار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم معتمراً في سنة ست من الهجرة، وحبسه المشركون عن الدخول والوصول إلى البيت، وصدّوه بمن معه من المسلمين في ذي القعدة وهو شهر حرام حتى قاضاهم على الدخول من قابل، فدخلها في السنة الآتية هو ومن كان من المسلمين، وأقصه اللّه منهم فنزلت في ذلك هذه الآية‏:‏ ‏{‏الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص‏}‏ وعن جابر بن عبداللّه قال‏:‏ لم يكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى وتغزوا فإذا حضره أقام حتى ينسلخ‏"‏رواه أحمد، قال ابن كثير‏:‏ إسناده صحيح‏"‏ولهذا لما بلغ النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو مخيم بالحديبية أن عثمان قتل، وكان قد بعثه في رسالة إلى المشركين، بايع أصحابه وكانوا ألفاً وأربعمائة تحت الشجرة على قتال المشركين فلما بلغه أن عثمان لم يقتل كف عن ذلك وجنح إلى المسالمة والمصالحة، فكان ما كان، وكذلك لما فرغ من قتال هوازن يوم حنين وتحصن فلهم بالطائف عدل إليها فحاصرها ودخل ذو القعدة وهو محاصر لها بالمنجنيق واستمر عليها إلى كمال أربعين يوماً، كما ثبت في الصحيحين عن أنس، فلما كثر القتل في أصحابه انصرف عنها ولم تفتح، ثم كر راجعاً إلى مكة واعتمر من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين، وكانت عمرته هذه في ذي القعدة أيضاً عام ثمان صلوات اللّه وسلامه عليه‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم‏}‏ أمر بالعدل حتى في المشركين، كما قال‏:‏ {‏وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به‏}‏، وقال‏:‏ ‏{‏وجزاء سيئة سيئة مثلها‏}
‏‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين‏}‏ أمر لهم بطاعة الله وتقواه، وإخبارٌ بأنه تعالى مع الذين اتقوا بالنصر والتأييد في الدنيا والآخرة‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏195‏)‏

‏{‏وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ‏}‏
قال البخاري عن حذيفة‏:‏{‏وأنفقوا في سبيل اللّه ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة‏}‏
نزلت في النفقة‏.‏ وعن أسلم أبي عمران قال‏:‏ كنا بالقسطنطينية وعلى أهل مصر عقبة بن عامر وعلى أهل الشام رجل يزيد بن فضالة ابن عبيد فخرج من المدينة صف عظيم من الروم فصففنا لهم، فحمل رجل من المسلمين على الروم حتى دخل فيهم، ثم خرج إلينا فصاح الناس إليه فقالوا‏:‏ سبحان اللّه ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب‏:‏ يا أيها الناس إنكم لتتأولون هذه الآية على غير التأويل، وإنما نزلت فينا معشر الأنصار، إنا لما أعز اللّه دينه وكثر ناصروه قلنا فيما بيننا‏:‏ لو أقبلنا على أموالنا فأصلحناها، فأنزل اللّه هذه الآية ‏"‏أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي، واللفظ لأبي داود‏"‏
وعن ابن عباس في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة‏}‏ قال‏:‏ ليس ذلك في القتال، إنما هو في النفقة أن تمسك بيدك عن النفقة في سبيل الله، ولا تلق بيدك إلى التهلكة‏.‏ وقال الحسن البصري‏:‏ ‏{‏ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة‏}‏، قال‏:‏ هو البخل، وقال سماك بن حرب عن النعمان بن بشير في قوله‏:‏ ‏{‏ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة‏}‏ أن يذنب الرجل الذنب فيقول لا يُغفر لي فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن اللّه يحب المحسنين‏}‏ وقيل‏:‏ إنها في الرجل يذنب الذنب فيعتقد أنه لا يغفر له فيلقي بيده إلى التهلكة، أي يستكثر من الذنوب فيهلك‏.‏ وقيل‏:‏ إن رجالاً كانوا يخرجون في بعوث يبعثها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بغير نفقة، فأما أن يقطع بهم وإما كانوا عيالاً، فأمرهم اللّه أن يستنفقوا مما رزقهم اللّه ولا يلقوا بأيديهم إلى التهلكة، والتهلُكة أن يهلك رجال من الجوع والعطش أو من المشي، وقال لمن بيده فضل ‏{‏وأحسنوا إن الله يحب المحسنين‏}‏ ومضمون الآية الأمرُ بالإنفاق في سبيل اللّه في سائر وجوه القربات ووجوه الطاعات، وخاصة صرف الأموال في قتال الأعداء، وبذلها فيما يقوى به المسلمون على عدوّهم، والإخبار عن ترك فعل ذلك بأنه هلاك ودمار لمن لزمه واعتاده، ثم عطف بالأمر بالإحسان وهو أعلى مقامات الطاعة فقال‏:‏ ‏{‏وأحسنوا إن الله يحب المحسنين‏}‏‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس