عرض مشاركة واحدة
قديم 20-08-2014, 08:49 PM   رقم المشاركة : 3
قلم مضطرب
( ود نشِـط )
 
الصورة الرمزية قلم مضطرب
 





قلم مضطرب غير متصل

تلك الذنوب والمعاصي التي أخبروها لبعضهم وكيف فعلوها وأرتكبوها في ليلٍ أو "أمرٍ دبروه لأنفسهم بليل" وجعلهم يعرفون السبب في كل ما يحصل لهم وبأنها العاقبة الألهية التي حلت بهم وببلادهم وشعبهم .

وكأن تلك القوات التي تحاصرهم وتتربص بهم تعرف ما يجري بينهم وتسمع ما يقولون .. فقام أحد الجنود المرتزقة ورفع مكبر الصوت ونادى فيهم : "هذا النداء الأخير والفرصة الوحيدة المتبقية لكم .. سنمهلكم نصف ساعة وإذ لم تلقوا بإسلحتكم وتسلموا أنفسكم سنهدم المبنى فوق رؤوسكم .

أيقن العميد بأنها النهاية لا محالة .. فلا سبيل أمامهم إلا الأستسلام أو المقاومة حتى الموت , راح يشاور جنوده ويعرف رأيهم .. تارة يختلفون وتارة يتفقون .. أحدهم يطالب بالأستسلام وآخر ينادي بالمقاومة , في خضم ذلك قال "بسام" لعميده : أنت كبيرنا وأنت الخبير بيننا ونثق برأيك .. أي قرارٍ تتخذه نحن معك ..!

راح العميد يفكر ويفكر في مخرجٍ من تلك الورطة المميتة المعقدة التي وضعته أمام منعطفٍ تاريخيً خطير , وأي قرارٍ سيتخذه أكان جيدً أم سيئاً سيسجل في كتب التاريخ بأسمه , لحظات حيرته تلك قصمت ظهره وتلاعبت بهواجسه , وجنوده ينتظرون أوامره .. أوامر من وضعوا أرواحهم بين يديه .

قال العميد : يجب أن نكفر عن ذنوبنا وما فعلناه في ماضينا ونذهب ونعتذر لكل من أخطأنا بحقهم ,،
- أما أنت يا فلاح : يجب أن تعتذر من والدتك وتبعد عنك تلك النظرة الدونية لها
- أما أنت يا بسام : يجب أن تصارح زوجتك بعلتك وشذوذك لكي تساعدك في العلاج من هذا البلاء
- أما أنت يا جمعه : يجب أن تطهر قلبك من الأحقاد والذنوب وتحاول أن تبتعد عن كل ما تشعر أنه يثير الحسد بداخلك
- أما أنت يا عاصم : يجب أن تمارس حياتك كالباقين حتى لو كنت تنتظر "المهدي" ولكن لا تجلس هكذا دون أن تفعل شيء وتقول متى تحين ساعة الظهور
- أما أنت يا وائل : يجب أن تذهب لطفلتك الصغيرة لتلاعبها وتحتضنها وتعوضها عن كل التقصير بحقها
- أما أنا : يجب أن أخبر العالم بما جرى وأسترجع حق من دفنتهم في أنقاض القرية وأكشف سر 3000 أنسان الذين غطيتهم بالتراب وقتلتهم بلا سبب
لو متنا الآن لن نستطيع أن نفعل ذلك ستدفن أسرارنا وذنوبنا معنا , لذا يجب أن نسلم أسلحتنا ونستسلم .. رغم أن هذا القرار سيكون عارً أحمله طوال حياتي ولكنها الظروف التي حكمت بذلك وأجبرتني على الذل والخنوع .

تقبل الجنود قرار عميدهم .. أعدوا عدتهم .. ثم "أتفقوا مع بعض القوات المسلحة خارج المبنى على شروط الأستسلام" .. هموا بالخروج ألا أن وائل توقف وقال لهم : أذهبوا أنتم ودعوني لوحدي .. سأظل هنا وأقاتل حتى أقضي نحبي .
العميد : ولما ؟ ألم نتفق جميعاً على الخروج ؟ ألا تريد أن ترى أبنتك ؟
وائل : بلى ,، ولكن لا أخفيك ليست لدي الجرأة للنظر في عينيها .. أرجوكم ,، أذهبوا وأحترموا قراري هذا .. فقط أريدكم أن تخبروا أبنتي بأن والدها يحبها وبأنه مات شجاعً يقاوم .. مات بشرف .

أحترم رفاقه هذا القرار .. راحوا يودعونه بأحضانهم ودموعهم .. بعدها تركوه وألقوا بأسلحتهم وخرجوا .

ألقت قوات المعارضة القبض عليهم طبق للشروط التي أتفقوا عليها لتسليم أنفسهم .. ألا أن تلك القوات لم يكن لديها ميثاق شرف وبلحظة غدرٍ وأنتقام تفشى في سائر البلاد والعباد .. "أخذوهم إلى محلٍ منعزل وأطلقوا عليهم الرصاص حتى قتلوهم أكثر من مرة ومثلوا بجثثهم" .

تقدمت كل القوات المحاصرة والمتناحرة إلى المبنى وأصوات المدافع والقنابل والرصاص تدوي في المكان وتعلو على كل صوت .. وهم يزحفون ويتقدمون بأتجاه المبنى الذي بات ملعوناً , ووائل وحيدً يقاوم ويطلق النار والقذائف على الجميع من نافذته ولم يستثني منهم أحد حتى قتل منهم مقتلً كثيرة .. ساعده على ذلك أنشغالهم بين بعضهم حتى أنهم "نسوا وجوده في المبنى" رغم أن بعض المسلحين تمكنوا من التسلل والدخول , وأصوات المدافع والرشاشات لم تهدأ للحظة إلى أن أنتهى الأمر بمجزرةً لم ينجو منها إلا القليل ومن أستطاع الهرب والفرار من موقع الأشتباكات .

تمكن المرتزقة وبعض التنظيمات الأرهابية من السيطرة على وزارة النفط أخيرً , ولكن من محاسن الصدف والحظ الذي نادرً ما يبتسم للصابرين (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) .. بأن وائل أستطاع الخروج من المبنى دون أن تطلق عليه رصاصة واحدة أو يعترض طريقه أحد فالمرتزقة عميت أبصارهم وظنوه واحدً منهم .

ذهب إلى منزله بسرعه أحتضن أبنته وقبلها .. أستغل الوقت خوفً من أن ينكشف أمره أو تحدث عمليات تصفية وأنتقام للمنتسبين للجيش سابقاً , حمل ما أستطاع من المؤن والمال الذي لديه وأخذ عائلته وهرب من بلاده إلى الأبد .




- أحياناً ,، يجب عليك أن تواجه واقعك مهما كان مُرً وقاسياً .
- أحياناً ,، يجب عليك أن تخوض حروبك مهما كانت الأسلحة المستخدمة .
- أحياناً ,، يجب عليك أن تقاتل عدوك مهما كان عنيفاً ومتوحشاً .
- أحياناً ,، يجب عليك أن تعترف بخطئك مهما كان مؤلماً ومؤذياً .
- أحياناً ,، يجب عليك أن تبحث عن السبب لكل مشاكلك , في النهاية ستكتشف بأنك السبب لكل ما يحدث لك .



(النهاية)

رواية : الجنود الستة
قلم \ مضطرب


طبعا بعتذر لأنني وضعتها كاملة مما جعلها طويلة , ولكن بما أنها رواية قصيرة لم أحبذا أن تتباعد أحداثها
وأيضا بعتذر لأنني أقوم بتنزل المواضيع في أوقات متقاربة والسبب لأنني قد أتوقف لفترة قصيرة






رد مع اقتباس