عرض مشاركة واحدة
قديم 20-06-2014, 04:39 AM   رقم المشاركة : 4
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏67 ‏:‏ 72‏)‏
‏{‏ وجاء أهل المدينة يستبشرون ‏.‏ قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون ‏.‏ واتقوا الله ولا تخزون ‏.‏ قالوا أولم ننهك عن العالمين ‏.‏ قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين ‏.‏ لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ‏}‏

يخبر تعالى عن مجيء قوم لوط لما علموا بأضيافه وصباحة وجوههم، وأنهم جاءوا مستبشرين بهم فرحين ‏{‏قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون * واتقوا اللّه ولا تخزون‏}‏ وهذا إنما قاله لهم قبل أن يعلم أنهم رسل اللّه، كما قال في
سورة
هود، وأما ههنا فتقدم ذكر أنهم رسل اللّه وعطف بذكر مجيء قومه ومحاجته لهم، ولكن الواو لا تقتضي الترتيب، ولا سيما إذا دل دليل على خلافه، فقالوا له مجيبين‏:‏ ‏{‏أولم ننهك عن العالمين‏}‏ أي أوما نهيناك أن تضيف أحداً‏؟‏ فأرشدهم إلى نسائهم وما خلق لهم ربهم منهن من الفروج المباحة، هذا كله وهم غافلون عما يراد بهم وما قد أحاط بهم من البلاء، وماذا يصبحهم من العذاب المستقر‏.‏ ولهذا قال تعالى لمحمد صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون‏}‏، أقسم تعالى بحياة نبيّه صلوات اللّه وسلامه عليه، وفي هذا تشريف عظيم ومقام رفيع وجاه عريض‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ ما خلق اللّه وما ذرأ وما برأ نفساً أكرم عليه من محمد صلى اللّه عليه وسلم، وما سمعت اللّه أقسم بحياة أحد غيره، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون‏}‏ يقول‏:‏ وحياتك وعمرك وبقائك في الدنيا ‏{‏إنهم لفي سكرتهم يعمهون‏}‏ ‏"‏رواه ابن جرير‏"‏، وقال قتادة‏:‏ ‏{‏في سكرتهم‏}‏ أي ضلالتهم، ‏{‏يعمهون‏}‏ أي يلعبون، وقال ابن عباس‏:‏ ‏{‏لعمرك‏}‏ لعيشك، ‏{‏إنهم لفي سكرتهم يعمهون‏}‏ قال‏:‏ يترددون‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏73 ‏:‏ 77‏)‏
‏{‏ فأخذتهم الصيحة مشرقين ‏.‏ فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل ‏.‏ إن في ذلك لآيات للمتوسمين ‏.‏ وإنها لبسبيل مقيم ‏.‏ إن في ذلك لآية للمؤمنين ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏فأخذتهم الصيحة‏}‏ وهي ما جاءهم من الصوت القاصف عند شروق الشمس وهو طلوعها، وذلك مع رفع بلادهم إلى عنان السماء، ثم قلبها، وجعل عاليها سافلها، وإرسال حجارة السجيل عليهم‏.‏ وقد تقدم الكلام على السجيل في هود بما فيه كفاية، وقوله‏:‏ ‏{‏إن في ذلك لآيات للمتوسمين‏}‏ أي إن آثار هذه النقم الظاهرة على تلك البلاد لمن تأمل ذلك وتوسمه بعين بصره وبصيرته، كما قال مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏للمتوسمين‏}‏ قال‏:‏ المتفرسين‏.‏ وعن ابن عباس والضحّاك‏:‏ للناظرين، وقال قتادة‏:‏ للمعتبرين، وقال مالك عن بعض أهل المدينة‏:‏ ‏{‏للمتوسمين‏}‏ للمتأملين‏.‏ وقال ابن أبي حاتم، عن أبي سعيد مرفوعاً قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏اتقوا فِراسةَ المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه‏)‏، ثم قرأ النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏{‏إن في ذلك لآيات للمتوسمين‏}‏ ‏"‏رواه الترمذي وابن جرير، وقال الترمذي‏:‏ لا نعرفه إلا من هذا الوجه‏"‏‏.‏ وفي رواية عن ابن عمر‏:‏ ‏(‏اتقوا فراسة المؤمن فإن المؤمن ينظر بنور اللّه‏)‏ ‏"‏رواه ابن جرير‏"‏‏.‏ وروى الحافظ البزار عن أنس قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏إن للّه عباداً يعرفون الناس بالتوسم‏)‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وإنها لبسبيل مقيم‏}‏ أي وإن قرية سدوم التي أصابها ما أصابها من القلب والقذف للحجارة حتى صارت بحيرة منتنة خبيثة، بطريق مهيع مسالكه مستعمرة إلى اليوم، كقوله‏:‏ ‏{‏وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون‏}‏، وقال مجاهد والضحّاك‏:‏ ‏{‏وإنها لبسبيل مقيم‏}‏ قال‏:‏ معلم، وقال قتادة‏:‏ بطريق واضح‏.‏ وقال قتادة أيضاً‏:‏ بصقع من الأرض واحد‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إن في ذلك لآية للمؤمنين‏}‏ أي إن الذي صنعنا بقوم لوط من الهلاك والدمار، وإنجائنا لوطاً وأهله لدلالة واضحة جلية للمؤمنين باللّه ورسله‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏78 ‏:‏ 79‏)‏
‏{‏ وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين ‏.‏ فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين ‏}‏

أصحاب الأيكة هم قوم شعيب، قال الضحاك‏:‏ الأيكة‏:‏ الشجر الملتف، وكان ظلمهم بشركهم باللّه وقطعهم الطريق، ونقصهم المكيال والميزان، فانتقم اللّه منهم بالصيحة والرجفة وعذاب يوم الظلمة، وقد كانوا قريباً من قوم لوط بعدهم في الزمان ومسامتين لهم في المكان، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وإنهما لبإمام مبين‏}‏ أي طريق مبين‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ طريق ظاهر، ولهذا لما أنذر شعيب قومه قال في إنذاره إياهم‏:‏ ‏{‏وما قوم لوط منكم ببعيد‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏80 ‏:‏ 84‏)‏
‏{‏ ولقد كذب أصحاب
الحجر المرسلين ‏.‏ وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين ‏.‏ وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين ‏.‏ فأخذتهم الصيحة مصبحين ‏.‏ فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ‏}‏

أصحاب الحجر هم ثمود الذين كذبوا صالحاً نبيّهم عليه السلام، ومن كذب برسول فقد كذب بجميع المرسلين، ولهذا أطلق عليهم تكذيب المرسلين، وذكر تعالى أنه أتاهم من الآيات ما يدلهم على صدق ما جاءهم به صالح، كالناقة التي أخرجها اللّه لهم بدعاء صالح من صخرة صماء، وكانت تسرح في بلادهم لها شرب ولهم شرب يوم معلوم، فلما عتوا وعقروها قال لهم‏:‏ ‏{‏تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى‏}‏، وذكر تعالى أنهم ‏{‏كانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين‏}‏ أي من غير خوف ولا احتياج إليها بل أشراً وبطراً وعبثاً، كما هو المشاهد من صنيعهم في بيوتهم بوادي الحجر
الذي مر به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وهو ذاهب إلى تبوك، فقنع رأسه وأسرع دابته، وقال لأصحابه‏:‏ ‏(‏لا تدخلوا بيوت القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تبكوا فتباكوا خشية أن يصيبكم ما أصابهم‏)‏ ‏"‏الحديث في الصحاح والسنن‏"‏‏.‏

وقوله‏:‏ ‏{‏فأخذتهم الصيحة مصبحين‏}‏ أي وقت الصباح من اليوم الرابع، ‏{‏فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون‏}‏ أي ما كانوا يستغلونه من زروعهم وثمارهم التي ضنوا بمائها عن الناقة حتى عقروها لئلا تضيق عليهم في المياه، فما دفعت عنهم تلك الأموال ولا نفعتهم لما جاء أمر ربك‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏85 ‏:‏ 86‏)‏
‏{‏ وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل ‏.‏ إن ربك هو الخلاق العليم ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية‏}‏ أي بالعدل ‏{‏ليجزي الذين أساءوا بما عملوا‏}‏ الآية، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار‏}‏، ثم أخبر نبيّه بقيام الساعة وأنها كائنة لا محالة، ثم أمره بالصفح الجميل عن المشركين في أذاهم له وتكذيبهم ما جاءهم به، كقوله‏:‏ ‏{‏فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون‏}‏، وقال مجاهد وقتادة‏:‏ كان هذا قبل القتال ‏"‏قال ابن كثير‏:‏ وهو كما قالا، فإن الآية مكية والقتال إنما شرع بعد الهجرة‏"‏، وقوله‏:‏ ‏{‏إن ربك هو الخلاق العليم‏}‏ تقرير للمعاد وأنه تعالى قادر على إقامة الساعة، فإنه الخلاق الذي لا يعجزه خلق شيء ‏{‏العليم‏}‏ بما تمزق من الأجساد وتفرق في سائر أقطار الأرض كقوله‏:‏ ‏{‏أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العظيم‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏87 ‏:‏ 88‏)‏
‏{‏ ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ‏.‏ لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين ‏}‏

يقول تعالى لنبيّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ كما آتيناك القرآن العظيم فلا تنظرن إلى الدنيا وزينتها، وما متعنا به أهلها من الزهرة الفانية لنفتنهم فيه، فلا تغبطهم بما هم فيه، ولا تذهب نفسك عليهم حسرات حزناً عليهم في تكذيبهم لك ومخالفتهم دينك، ‏{‏واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين‏}‏ أي ألن لهم جانبك، كقوله‏:‏ ‏{‏لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم‏}‏، وقد اختلف في السبع المثاني ما هي‏؟‏ فقال ابن مسعود وابن عباس‏:‏ هي السبع الطوال، يعنون
(‏البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف ويونس‏)‏ وهو قول ابن عمر ومجاهد وسعيد بن جبير والضحّاك وغيرهم ، وقال سعيد‏:‏ بين فيهن الفرائض والحدود والقصاص والأحكام، وقال ابن عباس‏:‏ بيَّن الأمثال والخبر والعبر، ولم يعطهن أحد إلا النبي صلى اللّه عليه وسلم، وأعطي موسى منهن ثنتين، والقول الثاني ‏:‏ أنها الفاتحة وهي سبع آيات‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ والبسملة هي الآية السابعة، وقد خصكم اللّه بها، وقال قتادة‏:‏ ذكر لنا أنهن فاتحة الكتاب وأنهن يثنين في كل ركعة مكتوبة أو تطوع، اختاره ابن جرير، واحتج بالأحاديث الواردة في ذلك، وقد أورد البخاري رحمه اللّه ههنا حديثين‏:‏

أحدهما عن أبي سعيد بن المعلى قال‏:‏ مرّ بي النبي صلى اللّه عليه وسلم وأنا أصلي فدعاني فلم آته حتى صليت فأتيته، فقال‏:‏ ‏(‏ما منعك أن تأتيني‏؟‏‏)‏ فقلت‏:‏ كنت أصلي، فقال‏:‏ ‏(‏ألم يقل اللّه‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا استجيبوا للّه وللرسول إذا دعاكم‏}‏ ألا أعلمك أعظم سورة
في القرآن قبل أن أخرج من المسجد‏)‏‏؟‏ فذهب النبي صلى اللّه عليه وسلم ليخرج فذكرت فقال‏:‏ ‏(‏‏{‏الحمد للّه رب العالمين‏}‏ هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته‏)‏
الثاني عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم‏)‏، فهذا نص في الفاتحة هي السبع المثاني والقرآن العظيم، ولكن لا ينافي وصف غيرها من السبع الطوال بذلك لما فيها من هذه الصفة، كما لا ينافي وصف القرآن بكماله بذلك أيضاً، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏اللّه نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني‏}‏ فهو مثاني من وجه ومتشابه من وجه وهو القرآن العظيم أيضاً، كما أنه عليه الصلاة والسلام لما سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى، فأشار إلى مسجده والآية نزلت في مسجد قباء، فلا تنافي، فإن ذكر الشيء لا ينفي ذكر ما عداه إذا اشتركا في تلك الصفة واللّه أعلم‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم‏}‏ أي استغن بما آتاك اللّه من القرآن العظيم عما هم فيه من المتاع والزهرة الفانية‏.‏ ومن ههنا ذهب ابن عيينة إلى تفسير الحديث الصحيح‏:‏ ‏(‏ليس منا من لم يتغن بالقرآن‏)‏ إلى أنه يستغنى به عما عداه، وهو تفسير صحيح ولكن ليس هو المقصود من الحديث كما تقدم في أول التفسير، وقال ابن أبي حاتم عن أبي رافع صاحب النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ضاف النبي صلى اللّه عليه وسلم ضيف، ولم يكن عند النبي صلى اللّه عليه وسلم شيء يصلحه، فأرسل إلى رجل من اليهود‏:‏ ‏(‏يقول لك محمد رسول اللّه أسلفني دقيقاً إلى هلال رجب‏)‏، قال‏:‏ لا، إلا برهنٍ، فأتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبرته فقال‏:‏ ‏(‏أما واللّه إني لأمين من في السماء، وأمين من في الأرض، ولئن أسلفني أو باعني لأودين إليه‏)‏، فلما خرجت من عنده نزلت هذه الآية ‏{‏لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا‏}‏ إلى آخر الآية، كأنه يعزيه عن الدنيا‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ ‏{‏لا تمدن عينيك‏}‏ قال‏:‏ نهي الرجل أن يتمنى ما لصاحبه‏.‏ وقال مجاهد‏:‏ ‏{‏إلى ما متعنا به أزواجا منهم‏}‏ هم الأغنياء‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس