عرض مشاركة واحدة
قديم 19-05-2014, 03:33 AM   رقم المشاركة : 10
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏46 ‏:‏ 47‏)‏
{‏ ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين ‏.‏ لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏ولو أرادوا الخروج‏}‏ أي معك إلى الغزو ‏{‏لأعدوا له عدة‏}‏ أي لكانوا تأهبوا له ‏{‏ولكن كره اللّه انبعاثهم‏}‏ أي أبغض أن يخرجوا معك قدراً ‏{‏فثبطهم‏}‏ أي أخرهم، ‏{‏وقيل اقعدوا مع القاعدين‏}‏ أي قدراً، ثم بين تعالى وجه كراهيته لخروجهم مع المؤمنين، فقال‏:‏ ‏{‏لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا‏}‏ أي لأنهم جبناء مخذولون ‏{‏ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة‏}‏ أي ولأسرعوا السير والمشي بينكم بالنميمة والبغضاء والفتنة، ‏{‏وفيكم سماعون لهم‏}‏ أي مطيعون لهم ومستحسنون لحديثهم وكلامهم يستنصحونهم وإن كانوا لا يعلمون حالهم، فيؤدي إلى وقوع شر بين المؤمنين وفساد كبير‏.‏ وقال مجاهد ‏{‏وفيكم سماعون لهم‏}‏‏:‏ أي عيون يسمعون لهم

الأخبار وينقلونها إليهم، وهذا لا يبقى له اختصاص بخروجهم معهم، بل هذا عام في جميع الأحوال، والمعنى الأول أظهر في المناسبة بالسياق، وإليه ذهب قتادة وغيره من المفسرين‏.‏ وقال محمد ابن إسحاق‏:‏ كان الذين استأذنوا فيما بلغني من ذوي الشرف منهم عبد اللّه بن أبي سلول و الجد بن قيس وكانوا أشرافاً في قومهم فثبطهم اللّه لعلمه بهم أن يخرجوا معه فيفسدوا عليه جنده، وكان في جنده قوم أهل محبة لهم وطاعة فيما يدعونهم إليه لشرفهم فيهم،

فقال‏:‏ ‏{‏وفيكم سماعون لهم‏}‏، ثم أخبر تعالى عن تمام علمه فقال‏:‏ ‏{‏واللّه عليم بالظالمين‏}‏، فأخبر بأنه يعلم ما كان وما يكون، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا‏}‏ فأخبر عن حالهم كيف يكون لو خرجوا ومع هذا ما خرجوا، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولو أنا كتبنا
عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو أخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏48‏)‏
‏{‏ لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ‏}‏

يقول تعالى محرضاً لنبيه عليه السلام على المنافقين‏:‏ ‏{‏لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور‏}‏ أي لقد أعملوا فكرهم وأجالوا آراءهم في كيدك وكيد أصحابك وخذلان دينك وإخماده مدة طويلة، وذلك أول مقدم النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة رمته العرب عن قوس واحدة، وحاربته يهود المدينة ومنافقوها فلما نصره اللّه يوم بدر وأعلى كلمته، قال عبد اللّه بن أبي وأصحابه‏:‏ هذا أمر قد توجه، فدخلوا في الإسلام ظاهراً، ثم كلما أعز اللّه الإسلام وأهله غاظهم ذلك وساءهم، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏حتى جاء الحق وظهر أمر اللّه وهم كارهون‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏49‏)‏
‏{‏ ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ومن المنافقين من يقول لك يا محمد ‏{‏ائذن لي‏}‏ في القعود، ‏{‏ولا تفتني‏}‏ بالخروج معك بسبب الجواري من نساء الروم، قال تعالى‏:‏ ‏{‏ألا في الفتنة سقطوا‏}‏ أي قد سقطوا في الفتنة بقولهم هذا، كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات يوم وهو في جهازة للجد بن قيس ‏:‏ ‏(‏هل لك يا جد العام في جلاد بني الأصفر‏؟‏‏)‏ فقال‏:‏ يا رسول اللّه أو تأذن لي ولا تفتني، فواللّه لقد عرف قومي ما رجل أشد عجباً بالنساء مني، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر عنهن، فأعرض عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال‏:‏ ‏(‏قد أذنت لك‏)‏، ففي الجد بن قيس نزلت هذه‏:‏ ‏{‏ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني‏}‏ ‏"‏أخرجه محمد بن إسحاق عن الزهري وهو مروي عن ابن عباس ومجاهد وغير واحد، وكان الجد بن قيس من أشراف بني سلمة‏"‏الآية‏:‏ أي إن كان يخشى من نساء بني الأصفر، وليس ذلك به، فما سقط فيه من الفتنة لتخلفه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والرغبة بنفسه عن نفسه أعظم، ‏{‏وإن جهنم لمحيطة بالكافرين‏}‏ أي لا محيد لهم عنها ولا محيص ولا مهرب‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏50 ‏:‏ 51‏)‏
‏{‏ إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون ‏.‏ قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ‏}‏

يعلم تبارك وتعالى نبيّه صلى اللّه عليه وسلم بعدواة هؤلاء له لأنه مهما أصابه من حسنة، أي فتح ونصر وظفر على الأعداء مما يسره ويسر أصحابه ساءهم ذلك، ‏{‏وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل‏}‏ ‏"‏في اللباب‏:‏ أخرج ابن أبي حاتم‏:‏ جعل المنافقون المتخلفون بالمدينة يخبرون عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أخبار السوء، ويقولون‏:‏ إنه هو وأصحابه، فساءهم ذلك، فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏إن تصبك حسنة‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏"‏أي قد احترزنا من متابعته قبل هذا، ‏{‏ويتولوا وهم فرحون‏}‏ فأرشد اللّه تعالى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى جوابهم في عداوتهم هذه التامة، فقال ‏{‏قل‏}‏ أي لهم، ‏{‏لن يصيبنا إلا ما كتب اللّه لنا‏}‏ أي نحن تحت مشيئته وقدره، ‏{‏هو مولانا‏}‏ أي سيدنا وملجؤنا، ‏{‏وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون‏}‏ أي ونحن متوكلون عليه وهو حسبنا ونعم الوكيل‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏52 ‏:‏ 54‏)‏
‏{‏ قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون ‏.‏ قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين ‏.‏ وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏قل‏}‏ لهم يا محمد، ‏{‏هل تربصون بنا‏}‏ أي تنتظرون بنا ‏{‏إلا إحدى الحسنيين‏}‏ شهادة أو ظفر بكم، ‏{‏ونحن نتربص بكم‏}‏ أي ننتظر بكم ‏{‏أن يصيبكم اللّه بعذاب من عنده أو بأيدينا‏}‏ أي ننتظر بكم هذا بسبي أو بقتل، ‏{‏فتربصوا إنا معكم متربصون‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قل أنفقوا طوعا أو كرها‏}‏ ‏"‏في اللباب‏:‏ أخرج ابن جرير‏:‏ قال الجد بن قيس‏:‏ إني رأيت لم أصبر ولكن أعينك بمالي، فنزلت فيه‏:‏ ‏{‏أنفقوا طوعا أو كرها‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏"‏أي مهما أنفقتم من نفقة طائعين أو مكرهين ‏{‏لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين‏}‏ ثم أخبر تعالى عن سبب ذلك وهو أنهم لا يتقبل منهم ‏{‏إلا أنهم كفروا باللّه وبرسوله‏}‏ أي والأعمال إنما تصح بالإيمان، ‏{‏ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى‏}‏ أي ليس لهم قدم صحيح ولا همة في العمل، ‏{‏ولا ينفقون‏}‏ نفقة ‏{‏إلا وهم كارهون‏}‏، وقد أخبر الصادق المصدوق صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏أن اللّه لا يمل حتى تملوا‏)‏ و‏(‏أن اللّه طيب لا يقبل إلا طيباً‏)‏، فلهذا لا يتقبل اللّه من هؤلاء نفقة ولا عملاً، لأنه إنما يتقبل من المتقين‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏55‏)‏
‏{‏ فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ‏}
يقول تعالى لرسوله صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏{‏فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم‏}‏، كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا‏}
‏، وقوله‏:‏ ‏{‏إنما يريد اللّه ليعذبهم بها في الحياة الدنيا‏}‏ قال الحسن البصري‏:‏ بزكاتها والنفقة منها في سبيل اللّه، وقال قتادة‏:‏ هذا من المقدم والمؤخر تقديره‏:‏ فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد اللّه ليعذبهم بها في الآخرة، واختار ابن جرير قول الحسن، وهو القول القوي الحسن، وقوله‏:‏ ‏{‏وتزهق أنفسهم وهم كافرون‏}‏ أي ويريد أن يميتهم - حين يميتهم - على الكفر ليكون ذلك أنكى لهم وأشد لعذابهم؛ عياذاً باللّه من ذلك، وهذا يكون من باب الاستدراج لهم فما هم فيه‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏56 ‏:‏ 57‏)‏
‏{‏ ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون ‏.‏ لو يجدون ملجأ
أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون ‏}‏

يخبر تعالى نبيه محمداً صلى اللّه عليه وسلم عن جزعهم وفزعهم وفرقهم وهلعهم أنهم ‏{‏يحلفون بالله إنهم لمنكم‏}‏ يميناً مؤكدة ‏{‏وما هم منكم‏}‏ أي في نفس الأمر، ‏{‏ولكنهم قوم يفرقون‏}‏ أي فهو الذي حملهم على الحلف، ‏{‏لو يجدون ملجأ‏}‏ أي حصناً يتحصنون به وحرزاً يتحرزون به، ‏{‏أو مغارات‏}‏ وهي التي في الجبال ‏{‏أو مدخلا‏}‏ وهو السرب في الأرض والنفق، ‏{‏لولوا إليه وهم يجمحون‏}‏ أي يسرعون في ذهابهم عنكم، لأنهم إنما يخالطونكم كرهاً لا محبة، ولهذا لا يزالون في هم وحزن وغم، لأن الإسلام وأهله لا يزالون في عز ونصر ورفعة‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏58 ‏:‏ 599
‏{‏ ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ‏.‏ ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون ‏}‏

يقول تعالى‏:‏ ‏{‏ومنهم‏}‏ أي ومن المنافقين ‏{‏من يلمزك‏}‏ أي يعيب عليك ‏{‏في‏}‏ قسم ‏{‏الصدقات‏}‏ إذا فرقتها، ويتهمك في ذلك، وهم المتهمون المأبونون، ومع هذا لا ينكرون للدين، وإنما ينكرون لحظ أنفسهم، ولهذا ‏{‏فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون‏}‏ أي يغضبون لأنفسهم، قال قتادة‏:‏ ومنهم من يطعن عليك في الصدقات، وذكر لنا أن رجلاً من أهل البادية أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يقسم ذهباً وفضة، فقال‏:‏ يا محمد‏!‏ واللّه لئن كان اللّه أمرك أن تعدل ما عدلت، فقال نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ويلك فمن الذي يعدل عليك بعدي‏؟‏‏)‏، وهذا الذي ذكره قتادة يشبه ما رواه الشيخان عن أبي سعيد في قصة ذي الخويصرة لما اعترض على النبي صلى اللّه عليه وسلم حين قسم غنائم حنين، فقال له‏:‏ اعدل، فإنك لن تعدل، فقال‏:‏ ‏(‏لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل‏)‏؛ ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد رآه مقفياً‏:‏ ‏(‏إنه يخرج من ضِئْضِيء أي من أصله ومعدنه أو من نسله هذا قوم يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنهم شر قتلى تحت أديم السماء‏)‏، وذكر بقية الحديث‏.‏ ثم قال تعالى منبهاً لهم على ما هو خير لهم من ذلك{‏ولو أنهم رضوا ما آتاهم اللّه ورسوله وقالوا حسبنا اللّه سيؤتينا اللّه من فضله ورسوله إنا إلى اللّه راغبون‏}‏ فتضمنت هذه الآية الكريمة أدباً عظيماً وسراً شريفاً، حيث جعل الرضا بما آتاه اللّه ورسوله، والتوكل على اللّه وحده، في قوله ‏{‏وقالوا حسبنا الله‏}‏، وكذلك الرغبة إلى اللّه وحده، في التوفيق لطاعة الرسول صلى اللّه عليه وسلم وامتثال أوامره وترك زواجره، وتصديق أخباره والاقتفاء بآثاره‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس