عرض مشاركة واحدة
قديم 06-05-2014, 05:38 AM   رقم المشاركة : 29
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏144 ‏:‏ 147‏)‏
‏{‏- يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ‏.‏ إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ‏.‏ إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما ‏.‏ ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما‏}‏
ينهى اللّه تعالى عباده المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، يعني مصاحبتهم ومصادقتهم، ومناصحتهم وإسرار المودة إليهم، وإفشاء أحوال المؤمنين الباطنة إليهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين‏}‏ ولهذا قال ههنا‏:‏ ‏{‏أتريدون أن تجعلوا للّه عليكم سلطاناً مبيناً‏}‏‏؟‏ أي حجة عليكم في عقوبته إياكم، قال ابن أبي حاتم عن ابن عباس قوله‏:‏ ‏{‏سلطاناً مبيناً‏}‏ قال‏:‏ كل سلطان في القرآن حجة، وهذا إسناد صحيح، ثم أخبر تعالى‏:‏ ‏{‏إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار‏}‏ أي يوم القيامة جزاء على كفرهم الغليظ، قال ابن عباس‏:‏ أي في أسفل النار، وقال غيره النار دركات كما أن الجنة درجات وقال سفيان الثوري ‏{‏إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار‏}‏ قال‏:‏ في توابيت تُرْتَج عليهم‏.‏ و
عن أبي هريرة قال ‏{‏الدرك الأسفل‏}‏‏:‏ بيوت لها أبواب تطبق عليهم فتوقد عليهم من تحتهم ومن فوقهم، قال ابن جرير عن عبد اللّه بن مسعود ‏{‏إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار‏}‏ قال‏:‏ في توابيت من نار تطبق عليهم أي مغلقة مقفلة، ‏{‏ولن تجد لهم نصيراً‏}‏ أي ينقذهم مما هم فيه ويخرجهم من أليم العذاب، ثم أخبر تعالى أن من تاب منهم في الدنيا تاب عليه وقبل ندمه إذا أخلص في توبته وأصلح عمله، واعتصم بربه في جميع أمره، فقال تعالى‏:‏ ‏{‏إلا الذين تابوا أصلحوا واعتصموا باللّه وأخلصوا دينهم للّه‏}‏ أي بدلوا الرياء بالإخلاص، فينفعهم العمل الصالح وإن قل‏.‏ قال ابن ابي حاتم عن معاذ بن جبل‏:‏ ان رسول الله صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏أخلص دينك يكفك القليل من العمل‏)‏{‏فأولئك مع المؤمنين‏}‏ أي في زمرتهم يوم القيامة ‏{‏وسوف يؤت اللّه المؤمنين أجراً عظيماً‏}‏، ثم قال تعالى مخبراً عن غناه عما سواه وأنه إنما يعذب العباد بذنوبهم ‏{‏ما يفعل اللّه بعذابكم إن شكرتم وآمنتم‏}‏‏؟‏ أي أصلحتم العمل وآمنتم باللّه ورسوله، ‏{‏وكان اللّه شاكراً عليماً‏}‏ أي من شكر شكر له، ومن آمن قلبه به علمه وجازاه على ذلك أوفر الجزاء‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏148 ‏:‏ 149‏)‏
{‏ لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما ‏.‏ إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا ‏}‏
قال ابن عباس في الآية يقول‏:‏ لا يحب اللّه أن يدعوا أحدا على أحد إلا أن يكون مظلوماً، فإنه قد أرخص له يدعوا على من ظلمه، وذلك قوله‏:‏ ‏{‏إلا من ظلم‏}‏، وإن صبر فهو خير له، وقال الحسن البصري‏:‏ لا يدعُ عليه، وليقل‏:‏ اللهم أعني عليه واستخرج حقي منه، وفي رواية عنه قال‏:‏ قد ارخص له أن يدعو على من ظلمه من غير أن يعتدي عليه، وقال عبد الكريم الجزري في هذه الآية‏:‏ هو الرجل يشتمك فتشتمه، ولكن إن افترى عليك فلا تفتر عليه لقوله‏:‏ ‏{‏ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل‏}‏، وقال أبو داود عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏المستبان ما قالا فعلى البادىء منهما ما لم يعتد المظلوم وعن مجاهد ‏{‏لا يحب اللّه الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم‏}‏ قال، قال‏:‏ هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته فيخرج فيقول‏:‏ أساء ضيافتي ولم يحسن‏.‏ وقد روى الجماعة سوى النسائي والترمذي عن عقبة بن عامر قال، قلنا‏:‏ يا رسول اللّه إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يقرونا، فما ترى في ذلك‏؟‏ فقال‏:‏ إذا نزلت بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا منهم، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم ، وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏أيما مسلم ضاف قوماً فاصبح الضيف محروماً فإن حقاً على كل مسلم نصره حتى يأخذ بقرى ليلته من زرعه وماله‏)‏
تفرد به أحمد‏.‏
ومن هذه الأحاديث وأمثالها ذهب أحمد وغيره إلى وجوب الضيافة، ومن هذا القبيل الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البزار عن أبي هريرة، أن رجلاً أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ إن لي جاراً يؤذيني، فقال له‏:‏ ‏(‏أخرج متاعك فضعه على الطريق‏)‏، فأخذ الرجل متاعه فطرحه على الطريق، فكل من مر به قال‏:‏ مالك‏؟‏ قال جاري يؤذيني، فيقول‏:‏ اللهم العنه، اللهم أخزه قال، فقال الرجل ارجع إلى منزلك واللّه لا أوذيك أبداً‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن اللّه كان عفواً قديراً‏}‏، أي إن أظهرتم أيها الناس خيراً أو أخفيتموه أو عفوتم عمن أساء إليكم، فإن ذلك مما يقربكم عند اللّه ويجزل ثوابكم لديه، فإن من صفاته تعالى أن يعفو عن عباده مع قدرته على عقابهم، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏فإن اللّه كان عفواً قديرا‏}‏، ولهذا ورد في الأثر أن حملة العرش يسبحون اللّه فيقول بعضهم‏:‏ سبحانك على حلمك بعد علمك، ويقول بعضهم‏:‏ سبحانك على عفوك بعد قدرتك وفي الحديث الصحيح‏:‏ ‏(‏ما نقص مال من صدقة، ولا زاد اللّه عبداً بعفوا إلا عزاً، ومن تواضع للّه رفعه‏)‏ ‏"‏الحديث رواه مسلم ومالك والترمذي، وقد رواه الحافظ ابن كثير بلفظ ومن تواضع للّه رفعه ولفظه عندهم ولا تواضع عبدٌ للّه إلا رفعه الله
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏150 ‏:‏ 152‏)‏
‏{‏ إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا ‏.‏ أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ‏.‏ والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما ‏}‏
يتوعد تبارك وتعالى الكافرين به وبرسله من اليهود والنصارى، حيث فرقوا بين اللّه ورسله في الإيمان فآمنوا ببعض الأنبياء وكفروا ببعض، بمجرد التشهي والعادة وما ألفوا عليه آباءهم، لا عن دليل قادهم إلى ذلك، فإنه لا سبيل لهم إلى ذلك، بل بمجرد الهوى والعصبية، فاليهود عليهم لعائن اللّه آمنوا بالأنبياء إلا عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، والنصارى آمنوا بالأنبياء وكفروا بخاتمهم واشرفهم محمد صلى اللّه عليه وسلم، والمقصود أن من كفر بنبيّ من الأنبياء فقد كفر بسائر الأنبياء، فإن الإيمان واجب بكل نبيب بعثه اللّه إلى أهل الأرض، فمن رد نبوته للحسد أو العصبية أو التشهي تبيّن أن إيمانه بمن آمن به من الأنبياء ليس إيماناً شرعياً، إنما هو عن غرض وهوى وعصبيه، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏إن الذين يكفرون باللّه ورسله‏}‏ فوسمهم بأنهم كفار باللّه ورسله ‏{‏ويريدون أن يفرقوا بين اللّه ورسله‏}‏ أي في الإيمان، ‏{‏ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا‏}‏ أي طريقاً ومسلكاً، ثم أخبر تعالى عنهم فقال‏:‏ ‏{‏أولئك هم الكافرون حقاً‏}‏ أي كفرهم محقق لا محالة بمن ادعوا الإيمان به لأنه ليس شرعياً، إذا لو كانوا مؤمنين به لكونه رسول اللّه لآمنوا بنظيره، وبمن هو أوضح دليلاً وأقوى برهاناً منه، أو نظروا حق النظر في نبوته‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً‏}‏ أي كما استهانوا بمن كفروا به إما لعدم نظرهم فيما جاءهم به من اللّه وإعراضهم عنه وإقبالهم على جمع حطام الدنيا مما لا ضرورة إلي، وإما بكفرهم به بعد علمهم بنبوته كما كان يفعله كثير من أحبار اليهود في زمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حيث حسدوه على ما آتاه اللّه من النبوة العظيمة، وخالفوه وكذبوه وعادوه وقاتلوه، فسلط اللّه عليهم الذل الدنيوي الموصول بالذل الأخروي، ‏{‏ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من اللّه‏}‏ في الدنيا والآخرة، وقوله‏:‏ ‏{‏والذين آمنوا باللّه ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم‏}‏ يعني بذلك أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم، فإنهم يؤمنون بكل كتاب أنزله اللّه بكل نبيّ بعثه الله، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنيون كل آمن بالله‏}‏ الآية، ثم أخبر تعالى بأنه قد أعد لهم الجزاء الجزيل والثواب الجليل والعطاء الجميل، فقال‏:‏ ‏{‏أولئك سوف يؤتيهم أجورهم‏}‏ على ما آمنوا باللّه ورسله، ‏{‏وكان اللّه غفوراً رحيماً‏}‏ أي لذنوبهم، أي إن كان لبعضهم ذنوب‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏153 ‏:‏ 154‏)‏
‏{‏ يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطانا مبينا ‏.‏ ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سجدا وقلنا لهم لا تعدوا في السبت وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ‏}‏
قال السدي وقتادة‏:‏ سأل اليهود رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن ينزل عليهم كتاباً من السماء كما نزلت التوراة على موسى مكتوبة وقال ابن جريج‏:‏ سألوه أن ينزل عليهم صحفاً من اللّه مكتوبة إلى فلان وفلان وفلان بتصديقه فيما جاءهم به، وهذا إنما قالوه على سبيل التعنت والعناد والكفر والإلحاد، كما سأل كفار قريش قبلهم نظير ذلك كما هو مذكور في سورة الإسراء‏:‏ ‏{‏وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً‏}‏ الآيات، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏فقد سألوا موسى أكبر من ذلك، فقالوا‏:‏ ارنا اللّه جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم‏}‏، أي بطغيانهم وبغيهم، وعتوهم وعنادهم وهذا مفسر في سورة البقرة حيث يقول تعالى‏:‏ ‏{‏وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى اللّه جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات‏}‏ أي من بعد ما رأوا من الآيات الباهرة والأدلة القاهرة على يد موسى عليه السلام في بلاد مصر، وما كان من إهلاك عدوهم فرعون وجميع جنوده في اليم، فما جاوزوه إلا يسيراً حتى أتوا على قوم يعكفون على اصنام لهم فقالوا لموسى‏:‏ ‏{‏اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة‏}‏‏.‏
ثم ذكر تعالى قصة اتخاذهم العجل مبسوطة في سورة الأعراف وفي سورة طه بعد ذهاب موسى إلى مناجاة اللّه عزَّ وجلَّ، ثم لما رجع وكان ما كان، جعل اللّه توبتهم من الذي صنعوه وابتدعوه أن يقتل من لم يعبد العجل منهم من عبده فجعل يقتل بعضهم بعضاً، ثم أحياهم اللّه عزَّ وجلَّ، وقال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏فعفونا عن ذلك وآتينا موسى سلطاناً مبيناً‏}‏، ثم قال‏:‏ ‏{‏ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم‏}‏، وذلك حين امتنعوا من الإلتزام باحكام التوراة وظهر منهم إباء عما جاءهم به موسى عليه السلام رفع اللّه على رؤوسهم جبالً، ثم ألزموا فالتزموا وسجدوا وجعلوا ينظرون إلى فوق رؤوسهم خشية أن يسقط عليهم، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وإذن نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة‏}‏ الآية، ‏{‏وقلنا لهم ادخلوا الباب سجداً‏}‏ أي فخالفوا ما أمروا به من القول والفعل، فإنهم أمروا أن يدخلوا باب بيت المقدس سجداً وهم يقولون حطة، أي ‏(‏اللهم حط عنا ذنوبنا‏)‏ في تركنا الجهاد ونكولنا عنه حتى تهنا في التيه أربعين سنة، فدخلوا يزحفون على أستاههم، وهم يقولون حنطة في شعرة ‏{‏وقلنا لهم لا تعدوا في السبت‏}‏ أي وصيناهم بحفظ السبت والتزام ما حرم اللّه عليهم ما دام مشروعاً لهم، ‏{‏وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً‏}‏ أي شديداً فخالفوا وعصوا وتحيلوا على ارتكاب ما حرم اللّه عزَّ وجلَّ، كما هو مبسوط في سورة الأعراف عند قوله‏:‏ ‏{‏اسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر‏}‏ الآيات، وسيأتي حديث صفوان بن عسال في سورة سبحان عند قوله‏:‏ ‏{‏ولقد أتينا موسى تسع آيات بينات‏}‏ وفيه‏(‏وعليكم خاصة يهود أن لا تعدوا في السبت‏)‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس