عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-2014, 04:50 AM   رقم المشاركة : 60
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏270 ‏:‏ 271‏)‏
‏{‏ وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار ‏.‏ إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير ‏}‏
يخبر تعالى بأنه عالم بجميع ما يفعله العاملون من الخيرات من النفقات والمنذورات، وتضمن ذلك مجازاته على ذلك أوفر الجزاء للعاملين لذلك ابتغاء وجهه ورجاء موعوده‏.‏ وتوعد من لا يعمل بطاعته بل خالف أمره وكذب خبره وعبد معه غيره، فقال‏:‏ ‏{‏وما للظالمين من أنصار‏}‏ أي يوم القيامة ينقذونهم من عذاب اللّه ونقمته‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن تبدوا الصدقات فنعمّا هي‏}‏ أي إن أظهرتموها فنعم شيء هي، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم‏}‏ فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها، لأنه أبعد عن الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به، فيكون أفضل من هذه الحيثية‏.
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسرُّ بالقرآن كالمسر بالصدقة‏)‏‏.‏ والأصل‏:‏ أن الإسرار أفضل لهذه الآية، ولما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏سبعة يظلهم اللّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله‏:‏ إمام عادل، وشاب نشا في عبادة اللّه، ورجلان تحابا في اللّه اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يرجع إليه، ورجل ذكر اللّه خالياً ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال‏:‏ إني أخاف اللّه رب العالمين ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه‏)‏‏.

وفي الحديث المروي‏:‏
‏(‏صدقة السر تطفىء غضب الرب عزّ وجلّ‏)‏، وقال ابن أبي حاتم في قوله‏:‏ ‏{‏إن تبدوا الصدقات فنعمّا هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم‏}‏ قال‏:‏ أنزلت في أبي بكر وعمر رضي اللّه عنهما، أما عمر فجاء بنصف ماله حتى دفعه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ما خلَّفت وراءك لأهلك يا عمر‏؟‏‏(‏ قال‏:‏ خلَّفتُ لهم نصف مالي، وأما أبو بكر فجاء بماله كله يكاد أن يخفيه من نفسه حتى دفعه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ما خلفت وراءك لأهلك يا أبا بكر‏؟‏‏)‏ فقال‏:‏ عدة اللّه وعدة رسوله، فبكى عمر رضي اللّه عنه وقال‏:‏ بأبي أنت وأمي يا أبا بكر واللّه ما استبقنا إلى باب خير قط إلا كنت سابقاً ثم إن الآية عامة في أن إخفاء الصدقة أفضل سواء كانت مفروضة أو مندوبة‏
.‏ لكن روى ابن جرير عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قال‏:‏ جعل اللّه صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها بسبعين ضعفاً، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها يقال بخمسة وعشرين ضعفاً‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ويكفر عنكم من سيئاتكم‏}‏ أي بدل الصدقات ولا سيما إذا كانت سراً يحصل لكم الخير في رفع الدرجات ويكفر عنكم السيئات، وقوله‏:‏ ‏{‏واللّه بما تعملون خبير‏}‏ أي لا يخفى عليه من ذلك شيء وسيجزيكم عليه‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

الآية رقم ‏(‏272 ‏:‏ 274‏)‏
‏{‏ ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ‏.‏ للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم ‏.‏ الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ‏}

عن ابن عباس قال‏:‏ كانوا يكرهون أن يرضخوا لأنسابهم من المشركين فرخص لهم فنزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏ليس عليك هداهم ولكن اللّه يهدي من يشاء‏}‏ ‏"‏رواه النسائي‏"‏الآية‏
.‏ وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يأمر بأن لا يتصدق إلا على أهل الإسلام حتى نزلت هذه الآية ‏{‏ليس عليك هداهم‏}‏ إلى آخرها، فأمر بالصدقة بعدها على كل من سألك من كل دين
‏"‏رواه ابن أبي حاتم‏"‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما تنفقوا من خير فلأنفسكم‏}‏، كقوله‏:‏ ‏{‏من عمل صالحاً فلنفسه‏}‏ ونظائرها في القرآن كثيرة وقوله‏:‏ ‏{‏وما تنفقون إلا ابتغاء وجه اللّه‏}‏ قال الحسن البصري‏:‏ نفقة المؤمن لنفسه، ولا ينفق المؤمن إذا أنفق إلا ابتغاء وجه اللّه، وقال عطاء الخراساني‏:‏ يعني إذا أعطيت لوجه اللّه فلا عليك ما كان من عمله، وهذا معنى حسن، وحاصله‏:‏ أن المتصدق إذا تصدق ابتغاء وجه اللّه فقد وقع أجره على اللّه، ولا عليه في نفس الأمر لمن أصاب‏:‏ أَلِبر أو فاجرٍ، أو مستحق أو غيره، وهو مثاب على قصده، ومستند هذا تمام الآية‏:‏ ‏{‏وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون‏}‏، والحديث المخرج
في الصحيحين عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏‏(‏قال رحل لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبح الناس يتحدثون‏:‏ تُصُدِّق على زانية، فقال‏:‏ اللهم لك الحمد على زانية‏!‏ لأتصدقن الليلة بصدقة، فوضعها في يد غني، فاصبحوا يتحدثون‏:‏ تُصُدِّق على غني، قال‏:‏ اللهم لك الحمد على غني‏!‏ لأتصدقن الليلة فخرج فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون‏:‏ تصدق الليلة على سارق فقال‏:‏ اللهم لك الحمد على زانية وعلى غني وعلى سارق، فأتي فقيل له‏:‏ أما صدقتك فقد قُبلت، وأما الزانية فلعلها أن تستعفف بها عن زنا، ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله، ولعل السارق أن يستعف بها عن سرقته‏)‏
‏"‏أخرجه الشيخان عن أبي هريرة‏"‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏للفقراء الذين أحصروا في سبيل اللّه‏}‏ يعني المهاجرين الذين قد انقطعوا إلى اللّه وإلى رسوله وسكنوا المدينة وليس لهم سبب يردون به على أنفسهم ما يغنيهم، و ‏{‏لا يستطيعون ضرباً في الأرض‏}‏ يعني سفراً للتسبب في طلب المعاش‏.‏ والضرب في الارض‏:‏ هو السفر‏.‏ قال اللّه تعالى‏:‏
{‏وإذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة‏}‏، وقال تعالى‏:‏{‏وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل اللّه‏}
‏ الآية‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف‏}‏ أي الجاهل بأمرهم وحالهم، يحسبهم أغنياء من تعففهم في لباسهم وحالهم ومقالهم، وفي هذا المعنى الحديث المتفق على صحته
عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ليس المسكين بهذا الطّواف التي ترده التمرة والتمرتان، واللقمة واللقمتان، والأكلة والأكلتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غني يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يسأل الناس شيئاً‏)‏‏
.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏تعرفهم بسيماهم‏}‏‏:‏ أي بما يظهر لذوي الألباب من صفاتهم، كما قال تعالى‏:‏
{‏سيماهم في وجوههم‏}‏، وقال‏:‏ {‏ولتعرفنَّهم في لحن القول‏}‏‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏(‏اتقو فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه‏)‏، ثم قرأ‏:‏ ‏{‏إن في ذلك لآيات للمتوسمين‏}
‏"‏رواه أصحاب السنن‏"‏‏.‏
وقوله تعالى‏{‏لا يسألون الناس إلحافاً‏}‏ أي لا يلِّحون في المسألة، ويكلفون الناس مال لا يحتاجون إليه، فإن من سأل وله ما يغنيه عن المسألة فقد ألحف في المسألة‏
.‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، ولا اللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف‏.‏ اقرأوا إن شئتم‏:‏ يعني قوله‏:‏ ‏{‏لا يسألون الناس إلحافا‏} ‏"‏رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري‏"‏وقال الإمام أحمد عن رجل من مزينة، أنه قالت له أمه‏:‏ ألا تنطلق فتسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كما يسأله الناس، فانطلقت أسأله فوجدته قائما يخطب، وهو يقول‏:‏ ‏(‏ومن استعف أعفه اللّه، ومن استغنى أغناه اللّه، ومن يسأل الناس وله عدل خمس أواق فقد سال الناس إلحافاً‏)‏، فقلت بيني وبين نفسي لنا ناقة لهي خير من خمس أواق، ولغلامه ناقة أخرى فهي خير من خمس أواق، فرجعت ولم أسال‏.‏ وعن عبد اللّه بن مسعود قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏من سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خدوشاً أو كدوحاً في وجهه‏)‏‏.‏ قالوا‏:‏ يا رسول اللّه وما غناه‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏خمسون درهماً أو حسابها من الذهب‏) ‏"‏رواه أحمد وأصحاب السنن‏"‏وقوله‏:‏ ‏{‏وما تنفقوا من خير فإن اللّه به عليم‏}‏ أي لا يخفى عليه شيء منه، وسيُجزى عليه أوفر الجزاء وأتمه يوم القيامة أحوج ما يكون إليه‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون‏}‏، هذا مدح منه تعالى للمنفقين في سبيله وابتغاء مرضاته، في جميع الأوقات من ليل أو نهار، والأحوال من سر وجهر، حتى إن النفقة على الأهل تدخل في ذلك أيضاً كما
ثبت في الصحيحين، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لسعد بن أبي وقاص حين عاده مريضاً عام الفتح، وفي رواية عام حجة الوداع‏:‏ ‏(‏وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه اللّه إلا ازددت بها درجة ورفعة حتى ما تجعل في فيّ امرأتك‏)‏‏.‏ وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏(‏إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة يحتسبها كانت له صدقة‏)‏ ‏"‏رواه أحمد والشيخان‏"‏وقال ابن جبير عن أبيه‏:‏ كان لعلي أربعة دراهم فأنفق درهماً ليلاً ودرهما نهاراً، ودرهماً سراً ودرهماً علانية، فنزلت‏:‏ ‏{‏الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً علانية‏}‏ ‏"‏رواه ابن أبي وابن مردويه‏"‏وقوله‏:‏ ‏{‏فلهم أجرهم عند ربهم‏}‏ أي يوم القيامة على ما فعلوا من الإنفاق في الطاعات، ‏{‏ولا خوف عليهم لا هم يحزنون‏}‏ تقدم تفسيره‏







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس