عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2014, 04:53 AM   رقم المشاركة : 54
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏237‏)‏
وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير ‏}‏
هذه الآية الكريمة تدل على اختصاص المتعة بما دلت عليه الآية الأولى، حيث أوجب في هذه الآية نصف المهر المفروض إذا طلق الزوج قبل الدخول، فإنه لو كان ثَمَّ واجب آخر من متعة لبيّنها، لا سيما وقد قرنها بما قبلها من اختصاص المتعة بتلك الآية، وتشطير الصداق - والحالة هذه - أمر مجمع عليه بين العلماء، لا خلاف بينهم في ذلك فإنه متى كان قد سمى لها صداقاً ثم فارقها قبل دخوله بها، فإنه يجب لها نصف ما سمي من الصداق، إلا أن عند الثلاثة أنه يجب جميع الصداق إذا خلا بها الزوج وإن لم يدخل بها، وهو مذهب الشافعي في القديم وبه حكم الخلفاء الراشدون، لكن قال ابن عباس‏:‏ في الرجل يتزوج المرأة فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها، ليس لها إلا نصف الصداق، لأن اللّه يقول‏:‏ ‏{‏وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم‏}‏ قال الشافعي‏:‏ بهذا أقول وهو ظاهر الكتاب‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إلا أن يعفون‏}‏ أي النساء عما وجب لها على زوجها فلا يجب لها عليه شيء، قال ابن عباس في قوله ‏{‏إلا أن يعفون‏}‏‏:‏ إلا أن تعفو الثيب فتدع حقها‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح‏}‏ المراد به الزوج عن عيسى بن عاصم قال‏:‏ سمعت شريحاً يقول‏:‏ سألني علي بن أبي طالب عن ‏{‏الذي بيده عقدة النكاح‏}‏ فقلت له‏:‏ هو ولي المرأة، فقال علي‏:‏ لا، بل هو الزوج، وهذا هو الجديد من قول الشافعي، ومذهب أبي حنيفة وأصحابه واختاره ابن جرير، ومأخذ هذا القول أن الذي بيده عقدة النكاح حقيقة الزوجُ فإن بيده عقدها وإبرامها ونقضها وانهدامها، وكما أنه لا يجوز للولي أن يهب شيئاً من مال المولية للغير، فكذلك في الصداق‏.‏ الوجه الثاني أنه أبوها أو أخوها أو من لا تنكح إلا بإذنه وروي عن الحسن وعطاء وطاووس‏:‏ أنه الولي وهذا مذهب مالك وقول الشافعي في القديم، ومأخذه أن الولي هو الذي أكسبها إياه، فله التصرف فيه بخلاف سائر مالها، وقال عكرمة‏:‏ أذن اللّه في العفو وأمر به، فأي امرأة عفت جاز عفوها‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأن تعفو أقرب للتقوى‏}‏ خوطب به الرجال والنساء، قال ابن عباس‏:‏ أقربهما للتقوى الذي يعفو، ‏{‏ولا تنسوا الفضل بينكم‏}‏ المعروف يعني لا تهملوه بل استعملوه بينكم،
عن علي بن أبي طالب أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏ليأتين على الناس زمان عضوض يعض المؤمن على ما في يديه وينسى الفضل وقد قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تنسوا الفضل بينكم‏}‏ ‏(‏شرار يبايعون كل مضطر‏)‏ ‏
"‏رواه أحمد وأبو داود والترمذي‏"‏وقد نهى رسول باللّه صلى اللّه عليه وسلم عن بيع المضطر وعن بيع الغرر فإن كان عندك خير فعد به على أخيك ولا تزده هلاكاً إلى هلاكه، فإن المسلم أخو المسلم لا يحزنه ولا يحرمه، ‏{‏إن الله بما تعملون بصير‏}‏ أي لا يخفى عليه شيء من أموركم وأحوالكم وسيجزي كل عامل بعمله‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏238 ‏:‏ 239‏)‏
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ‏.‏ فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون ‏}

يأمر تعالى بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وحفظ حدودها وأدائها في أوقاتها، كما
ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود قال‏:‏ سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ أي العمل أفضل‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏الصلاة في وقتها‏)‏، قلت‏:‏ ثم أي‏؟‏ قال‏:‏ الجهاد في سبيل اللّه‏)‏، قلت‏:‏ ثم أي‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏بر الوالدين‏:‏‏)‏ وفي الحديث‏:‏ ‏(‏إن أحب الإعمال إلى اللّه تعجيل الصلاة لأول وقتها‏)‏‏"‏رواه أحمد وأبو داود والترمذي‏"‏وخص تعالى من بينها بمزيد التأكيد الصلاة الوسطى وقد اختلف السلف والخلف فيها أي صلاة هي‏؟‏ فقيل‏:‏ الصبح حكاه مالك لما روي عن ابن عباس أنه صلى الغداة في مسجد البصرة فقنت قبل الركوع وقال‏:‏ هذه الصلاة الوسطى التي ذكرها اللّه في كتابه فقال‏:‏ ‏{‏حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا للّه قانتين‏}‏، وهو الذي نص عليه الشافعي رحمه اللّه محتجاً بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وقوموا للّه قانتين‏}‏ والقنوت عنده في صلاة الصبح، ومنهم من قال‏:‏ هي وسطى باعتبار أنها لا تقصر وهي بين صلاتين رباعيتين مقصورتين وقيل‏:‏ إنها صلاة الظهر روي عن زيد بن ثابت قال‏:‏ كان رسول الله صلى اللّه عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ولم يكن يصلي صلاة أشد على اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم منها فنزلت‏:‏ ‏{‏حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا للّه قانتين‏}
وقيل‏:‏ إنها صلاة العصر وهو قول أكثر علماء الصحابة وجمهور التابعين‏.‏
قال الإمام أحمد بسنده عن علي قال‏:‏ قال رسول الله صلى اللّه عليه وسلم يوم الأحزاب‏:‏ ‏(‏شغلونا عن الصلاة الوسطة صلاة العصر ملأ اللّه قلوبهم وبيوتهام ناراً‏)‏ ثم صلاها بين العشاءين المغرب والعشاء ‏"‏رواه أحمد وأخرجه الشيخان وأبو داود اوالترمذي‏"‏ويؤكد ذلك الأمر بالمحافظة عليها قوله صلى اللّه عليه وسلم في الحديث الصحيح‏:‏ ‏(‏من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتِرَ أهله وماله‏)‏، وفي الصحيح أيضاً عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏بكروا بالصلاة في يوم الغيم فإنه من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله‏)‏‏.‏ وعن أبي يونس مولى عائشة قال‏:‏ أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً قالت‏:‏ إذا بلغت هذه الآية ‏{‏حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى‏}‏ فآذنّي، فلما بلغتها آذنتها، فأملت عليَّ‏:‏ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا للّه قانتين قالت‏:‏ سمعتها من رسول الله صلى اللّه عليه وسلم
‏"‏رواه أحمد واللفظ له وأخرجه مسلم في صحيحه‏"‏وقيل‏:‏ إن الصلاة الوسطى هي صلاة المغرب‏.‏
وقيل‏:‏ بل الصلاة الوسطى مجموع الصلوات الخمس وكل هذه الأقوال فيها ضعف بالنسبة إلى التي قبلها وقد ثبتت السنة بأنها العصر فتعيَّن المصير إليها‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وقوموا للّه قانتين‏}‏ أي خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه، وهذا الأمر مستلزم ترك الكلام في الصلاة لمنافاته إياها، ولهذا لما
امتنع النبي صلى اللّه عليه وسلم من الرد على ابن مسعود حين سلم عليه وهو في الصلاة قال‏:‏ ‏(‏إن في الصلاة لشغلاً‏)‏، وفي صحيح مسلم‏:‏ ‏(‏إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وذكر اللّه‏)‏وقال الإمام أحمد بن حنبل عن زيد بن أرقم قال‏:‏ كان الرجل يكلم صاحبه في عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم في الحاجة في الصلاة حتى نزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏وقوموا للّه قانتين‏}‏ فأمرنا بالسكوت
"‏رواه الجماعة سوى ابن ماجة‏"‏‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً فإذا أمنتم فاذكروا اللّه كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون‏}‏ لما أمر تعالى عباده بالمحافظة على الصلوات والقيام بحدودها، وشدد الأمر بتأكيدها ذكر الحال الذي يشتغل الشخص فيها عن أدائها على الوجه الأكمل، وهي حال القتال والتحام الحرب فقال‏:‏ ‏
{‏فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً‏}
أي فصلُّوا على أي حال كان رجالاً أو ركباناً يعني مستقبلي القبلة وغير مستقبليها، كما قال مالك عن ابن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف وصفها ثم قال‏:‏ فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا على أقدامهم أو ركباناً مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها‏.‏ قال نافع‏:‏ لا أرى أبن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم، وهذا من رخص اللّه التي رخص لعباده ووضعه الآصار والأغلال عنهم، وقد روي عن ابن عباس قال‏:‏ في هذه الآية يصلي الراكب على دابته والراجل على رجليه‏.‏ وقد ذهب الإمام أحمد فيما نص عليه إلى أن صلاة الخوف تفعل في بعض الأحيان ركعة واحدة إذا تلاحم الجيشان، وعلى ذلك ينزل الحديث الذي رواه مسلم عن ابن عباس قال‏:‏ فرض اللّه الصلاة على لسان نبيكم صلى اللّه عليه وسلم في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة، واختار هذا القول ابن جرير، وقال البخاري‏:‏ باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو وقال الأوزاعي‏:‏ إن كان تهيأ الفتح ولم يقدروا على الصلاة صلوا إيماء كل امرىء لنفسه فإن لم يقدروا على الإيماء أخروا الصلاة حتى ينكشف القتال ويأمنوا فيصلُّوا ركعتين، فإن لم يقدروا صلوا ركعة وسجدتين، فإن لم يقدروا لا يجزيهم التكبر ويؤخرونها حتى يأمنوا، وقال أنَس ابن مالك‏:‏ حضرت مناهضة حصن تسترعند إضاءة الفجر، واشتد اشتعال القتال فلم يقدروا على الصلاة، فلم نصل إلا بعد ارتفاع النهار فصليناها ونحن مع أبي موسى ففتح لنا، قال أنَس‏:‏ وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها‏.‏ وهذا يدل على اختيار البخاري لهذا القول، والجمهور على خلافه ويعولون على أن صلاة الخوف على الصفة التي ورد بها القرآن في سورة النساء‏.‏ واللّه أعلم‏.‏
وقوله تعالى‏:‏
{‏فإذا أمنتم فاذكروا الله‏}‏ أي أقيموا صلاتكم كما أمرتم فأتموا ركوعها وسجودها، وقيامها وقعودها وخشوعها وهجودها ‏{‏كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون‏}‏ أي مثل ما أنعم عليكم وهداكم للإيمان، وعلمكم ما ينفعكم في الدنيا والآخرة، فقابلوه بالشكر والذكر، كقوله بعد ذكر صلاة الخوف‏:‏{‏فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا‏}‏ وستأتي الأحاديث الواردة في صلاة الخوف وصفاتها في سورة النساء عند قوله تعالى‏:‏
{‏وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة‏} الآية إن شاء اللّه تعالى‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
الآية رقم ‏(‏240 ‏:‏ 242‏)‏
{والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم ‏.‏ وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ‏.‏ كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون ‏}‏
قال الأكثرون‏:‏ هذه الآية منسوخة بالتي قبلها، وهي قوله‏:‏ ‏{‏يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً‏}‏ قال البخاري، قال ابن الزبير‏:‏ قلت لعثمان بن عفان‏:‏ ‏{‏والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً‏}‏ قد نسختها الآية الأخرى فلم نكتبها أو تدعها‏؟‏ قال‏:‏ يا ابن أخي لا أغيِّر شيئاً منه من مكانه، ومعنى هذا الإشكال الذي قاله ابن الزبير لعثمان إذا كان حكمها قد نسخ بالأربعة الأشهر فما الحكمة في إبقاء رسمها مع زوال حكمها، وبقاء رسمها بعد التي نسختها يوهم بقاء حكمها‏؟‏ فأجابه أمير المؤمنين بأن هذا أمر توقيفي وأنا وجدتها مثبتة في المصحف كذلك بعدها فأثبتها حيث وجدتها‏.‏
وروي عن ابن عباس قال‏:‏ كان الرجل إذا مات وترك امرأته اعتدت سنة في بيته ينفق عليها من ماله ثم أنزل اللّه بعد‏:‏ ‏{‏والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا‏}‏ فهذه عدة المتوفى عنها زوجها إلا أن تكون حاملاً فعدتها أن تضع ما في بطنها، وقال‏:‏
{‏ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد، فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم‏}
‏، فبيّن ميراث المرأة وترك الوصية والنفقة‏.‏
وقال عطاء، قال ابن عباس‏:‏ نسخت هذه الآية عدتها عند أهلها فتعتد حيث شاءت وهو قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏غير إخراج‏}‏، قال عطاء‏:‏ إن شاءت اعتدت عند أهلها وسكنت في وصيتها وإن شاءت خرجت لقول اللّه‏:‏ ‏{‏فلا جناح عليكم فيما فعلن‏}‏، قال عطاء‏:‏ ثم جاء الميراث فنسخ السكنى فتعتد حيث شاءت ولا سكنى لها، ثم أسند البخاري عن ابن عباس مثل ما تقدم عنه بهذا القول الذي عول عليه مجاهد وعطاء من أن هذه الآية لم تدل على وجوب الاعتداد سنة كما زعمه الجمهور حتى يكون ذلك منسوخاً بالأربعة الأشهر وعشر وإنما دلت على أن ذلك كان من باب الوصاة بالزوجات أن يُمكَنَّ من السكنى في بيوت أزواجهن بعد وفاتهم حولاً كاملاً إن اخترن ذلك ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏وصية لأزواجهم‏}‏ أي يوصيكم اللّه بهن وصية كقوله‏:
‏{‏يوصيكم اللّه في أولادكم‏}
الآية‏.‏ ‏{‏غير إخراج‏}‏ فأما إذا انقضت عدتهن بالأربعة أشهر والعشر أو بوضع الحمل واخترن الخروج والانتقال من ذلك المنزل فإنهن لا يمنعن من ذلك لقوله‏:‏ ‏{‏فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف‏}‏، وهذا القول له اتجاه وفي اللفظ مساعدة له وقد اختاره جماعة منهم الإمام ابن تيمية،، ورده آخرون منهم الشيخ ابن عبد البر، وقول عطاء ومن تابعه على أن ذلك منسوخ بآية الميراث إن أرادوا ما زاد على الأربعة أشهر والعشر فمسلَّم، وإن أرادوا أن سكنى الأربعة أشهر وعشر لا تجب في تركة الميت، فهذا محل خلاف بين الأئمة وهما قولان للشافعي رحمه اللّه‏.‏
وقد استدلوا على وجوب السكنى في منزل الزوج
بما رواه مالك في موطئه أن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أخبرتها أنها جاءت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أَعبْدٍ له أَبَقوا حتى إذا كان بطرف القدوم لحقهم فقتلوه قالت‏:‏ فسألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي في بني خدرة فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة، قالت‏:‏ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏نعم‏)‏، قالت‏:‏ فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة ناداني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أو أمر بي فنوديت له، فقال‏:‏ ‏(‏كيف قلت‏؟‏‏)‏ فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي، فقال‏:‏ ‏(‏أمكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله‏)‏، قالت‏:‏ فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً، قالت‏:‏ فلما كان
عثمان بن عفّان أرسل إليَّ فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به
‏"‏رواه مالك وأبو
داود والترمذي والنسائي، وقال الترمذي‏:‏ حسن صحيح‏"‏‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين‏}‏، لما نزل قوله تعالى‏:‏
‏{‏متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين‏}‏ قال رجل‏:‏ إن شئت أحسنت ففعلت وإن شئت لم أفعل فأنزل اللّه هذه الآية‏:‏ ‏{‏وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين‏}‏ وقد استدل بهذه الأية من ذهب من العلماء إلى وجوب المتعة لكل مطلقة، سواء كانت مفوضة أو مفروضاً لها، أو مطلقة قبل المسيس، أو مدخولاً بها، وهو قول عن الشافعي رحمه الله، واختاره ابن جرير ومن لم يوجبها مطلقاً يخصص من هذا العموم مفهوم قوله تعالى‏:‏{‏لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهنّ أو تفرضوا لهنّ فريضة ومتعوهنّ على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين‏}‏‏
.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏كذلك يبين اللّه لكم آياته‏}‏ أي في إحلاله وتحريمه وفروضه وحدوده فيما أمركم به ونهاكم عنه، بيَّنه ووضحه وفسَّره، ولم يتركه مجملاً في وقت احتياجكم إليه، ‏{‏لعلكم تعقلون‏}‏ أي تفهمون وتتدبرون‏.‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس