عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2014, 03:05 AM   رقم المشاركة : 49
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


رقم الآية ‏(‏219 ‏:‏ 220‏)‏
‏{‏يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون ‏.‏ في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم ‏}‏
روى الإمام أحمد عن أبي ميسرة عن عمر أنه قال‏:‏ لما نزل تحريم الخمر قال‏:‏ اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً فنزلت هذه الآية التي في سورة البقرة‏:‏ ‏{‏يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير‏}‏ فدعي عمر فقرئت عليه، فقال‏:‏ اللهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت الآية التي في النساء‏:‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى‏}‏ فكان منادي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قام الصلاة نادى‏:‏ أن لا يقربن الصلاة سكران، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال‏:‏ اللهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً‏.‏ فنزلت الآية التي في المائدة، فدعي عمر فقرئت عليه فلما بلغ ‏{‏فهل أنتم منتهون‏؟‏‏}‏ قال عمر‏:‏ انتهينا انتهينا
"‏أخرجه الإمام أحمد عن أبي ميسرة‏"‏أما الخمر فكما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه‏:‏ إنه كل ما خامر العقل، والميسر‏:‏ وهو القمار‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس‏}‏، أما إثمهما فهو في الدين، وأما المنافع فدنيوية، من حيث إن فيها نفع البدن، وتهضيم الطعام، وإخراج الفضلات، تشحيذ بعض الأذهان، ولذة الشدة المطربة، التي فيها كما قال حسّان بن ثابت في جاهليته‏:‏
ونشربها فتتركنا ملوكاً * وأُسْداً لا يُنَهْنهنا اللقاء
وكذا بيعها والانتفاع بثمنها، وما يربحه بعضهم من الميسر فينفقه على نفسه أو عياله، ولكن هذه المصالح لا توازي مضرته ومفسدته الراجحة لتعلقها بالعقل والدين، ولهذا قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وإثمهما أكبر من نفعهما‏}‏، ولهذا كانت هذه الآية ممهدة لتحريم الخمر على البتات، ولم تكن مصرحة بل معرضة، ولهذا قال عمر رضي اللّه عنه لما قرئت عليه‏:‏ اللهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً حتى نزل التصريح بتحريمها في سورة المائدة‏:‏
‏{‏يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون‏}
‏، وسيأتي الكلام على ذلك في سورة المائدة إن شاء اللّه تعالى وبه الثقة‏.‏ قال ابن عمر والشعبي ومجاهد‏:‏ إن هذه أول آية نزلت في الخمر ‏{‏يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير‏}‏ ثم نزلت الآية التي في سورة النساء، ثم نزلت الآية التي في المائدة فحرمت الخمر‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏
{‏ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو‏}
‏ روي أن معاذ بن جبل وثعلبة أتيا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالا‏:‏ يا رسول اللّه‏:‏ إن لنا أرقاء وأهلين من أموالنا فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏ويسألونك ماذا ينفقون‏}‏، وعن ابن عباس‏:‏ ‏{‏ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو‏}‏ قال‏:‏ ما يفضل عن أهلك، ‏{‏قل العفو‏}‏ يعني الفضل، وعن طاووس‏:‏ اليسير من كل شيء، وعن الربيع‏:‏ أفضل مالك وأطيبه، والكل يرجع إلى الفضل، ويدل على ذلك ما رواه ابن جرير عن أبي هريرة قال، قال رجل‏:‏ يا رسول اللّه عندي دينار، قال‏:‏ ‏(‏أنفقه على نفسك‏)‏،قال‏:‏ عندي آخر، قال‏:‏ ‏(‏أنفقه على أهلك‏)‏، قال‏:‏ عندي آخر، قال‏:‏ ‏(‏أنفقه على ولدك‏)‏ قال‏:‏ عندي آخر، قال‏:‏ ‏(‏فأنت أبصر‏)‏ ‏"‏رواه ابن جرير وأخرجه مسلم بنحوه‏"‏وعن جابر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لرجل‏:‏ ‏(‏أبدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا‏)‏
‏"‏رواه مسلم أيضا‏"‏
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وأبدأ بمن تعول‏)"‏أخرجه مسلم عن أبي هريرة‏"‏، وفي الحديث أيضاً‏:‏ (‏ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك وإن تمسكه شر لك ولا تلام على كفاف‏(
‏، ثم قيل‏:‏ إنها منسوخة بآية الزكاة، وقيل‏:‏ مبينة بآية الزكاة وهو أوجه‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة‏}‏ أي كما فصل لكم هذه الأحكام وبينها أوضحها، كذلك يبين لكم سائر الآيات في أحكامه، ووعده ووعيده لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة، قال ابن عباس‏:‏ يعني في زوال الدنيا وفنائها وإقبال الآخرة وبقائها‏.‏ وقال الحسن‏:‏ هي واللّه لمن تفكر فيها، ليعلم أن الدنيا دار بلاء ثم دار فناء، وليعلم أن الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم واللّه يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم‏}‏ الآية
قال ابن عباس‏:‏ لما نزلت ‏{‏ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن‏}‏، و‏{‏إن الذين ياكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً‏}‏ انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏ويسالونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم‏}‏ فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم وبشرابهم
‏"‏رواه أبو داود النسائي والحاكم‏"‏وقالت عائشة رضي اللّه عنها‏:‏ إني لأكره أن يكون مال اليتيم عندي على حدة، حتى أخلط طعامه بطعامي وشرابه بشرابي فقوله‏:‏ ‏{‏قل إصلاح لهم خير‏}‏ أي على حدة، ‏{‏وإن تخالطوهم فإخوانكم‏}‏ إي وأن خلطتم طعامكم بطعامهم وشرابكم بشرابهم فلا بأس عليكم لأنهم أخوانكم في الدين ولهذا قال‏:‏ ‏{‏واللّه يعلم المفسد من المصلح‏}‏ أي يعلم من قصده ونيته الإفساد أو الإصلاح، وقوله‏:‏ ‏{‏ولو شاء اللّه لأعنتكم إن اللّه عزيز حكيم‏}‏ أي ولو شاء اللّه لضيّق عليكم وأحرجكم، ولكنه وسّع عليكم وخفف عنكم وأباح لكم مخالطتهم بالتي هي أحسن قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن‏}‏ بل جوّز الأكل منه للفقير بالمعروف، إما بشرط ضمان البدل لمن أيسر، أو مجاناً كما سيأتي بيانه في سورة النساء إن شاء اللّه وبه الثقة‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
رقم الآية ‏(‏221‏)‏
‏{‏ ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون ‏}‏
هذا تحريم من اللّه عزّ وجلّ على المؤمنين أن يتزوجوا المشركات من عبدة الأوثان، ثم إن كان عمومها مراداً وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية، فقد خص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله‏:‏ ‏{‏والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب‏}عن ابن عباس في قوله‏:‏{‏ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن‏}‏
استثنى اللّه من ذلك نساء أهل الكتاب، وقيل‏:‏ بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان، ولم يرد أهل الكتاب بالكلية، والمعنى قريب من الأول، واللّه أعلم‏.‏ وإنما كره عمر نكاح الكتابيات لئلا يزهد الناس في المسلمات، أو لغير ذلك من المعاني، كما روي عن شقيق، قال‏:‏ تزوج حذيفة يهودية فكتب إليه عمر‏:‏ خلِّ سبيلها، فكتب إليه‏:‏ أتزعم أنها حرام فأخلي‏.‏ فقال‏:‏ لا أزعم أنها حرام، ولكني أخاف أن تعاطوا المؤمنات منهن ‏"‏قال ابن كثير‏:‏ وهذا إسناد صحيح‏"‏
وعن ابن عمر أنه كره نكاح أهل الكتاب وتأول‏:‏ ‏{‏ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن‏}‏ وقال البخاري‏:‏ وقال ابن عمر‏:‏ لا أعلم شِركاً أعظم من أن تقول‏:‏ ربها عيسى‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم‏}‏ قال السدي‏:‏
نزلت في عبد اللّه بن رواحة كانت له أمة سوداء فغضب عليها فلطمها، ثم فزع فأتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخبره خبرها، فقال له‏:‏ ‏(‏ما هي‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ تصوم وتصلي وتحسن الوضوء وتشهد أن لا إله إلا اللّه وأنك رسول اللّه فقال‏:‏ ‏(‏يا أبا عبد اللّه هذه مؤمنة‏)‏، فقال‏:‏ والذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها، ففعل فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا‏:‏ نكح أمته، وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين ويُنْكحوهم رغبة في أحسابهم فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم‏}‏، ‏{‏ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم‏}‏ وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏لا تنكحوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تنكحوهن على أموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، وانكحوهن على الدين، فلأمة سوداء جرداء ذات دين أفضل‏)‏ ‏"‏رواه عبد بن حميد وفي إسناده ضعف‏"‏وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏تنكح المرأة لأربع‏:‏ لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك‏)‏وعن ابن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ‏(‏الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة‏)‏ ‏"‏رواه مسلم عن عبد اللّه بن عمر‏"‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا‏}‏ أي لا تزوجوا الرجال المشركين النساء المؤمنات كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن‏}‏ ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم‏}‏ أي لرجلٌ مؤمن ولو كان عبداً حبشياً خير من مشرك، وإن كان رئيساً سرياً، ‏{‏أولئك يدعون إلى النار‏}‏ أي معاشرتهم ومخالطتهم تبعث على حب الدنيا واقتنائها وإيثارها على الدار الآخرة وعاقبة ذلك وخيمة ‏{‏والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه‏}‏ أي بشرعه وما أمر به وما نهى عنه ‏{‏ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون‏}‏‏.‏

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة
رقم الآية ‏(‏222 ‏:‏ 223‏)‏
‏{‏ ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ‏.‏ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين ‏}‏
عن أنَس أن اليهود كانت إذا حاضت المرأة منهم لم يواكلوها ولم يجامعوها في البيوت المراد بالمجامعة هنا الإجتماع بهن لا الوقاع وهو المعنى الحقيقي واستعماله بالمعنى الآخر كناية اهـ فسأل أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم فأنزل الله عز وجل‏:‏ ‏{‏ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن‏}‏ حتى فرغ من الآية‏.‏ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏اصنعوا كل شيء إلا النكاح‏(‏، فبلغ ذلك اليهود فقالوا‏:‏ ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشرفقالا‏:‏ يا رسول اللّه إن اليهود قالت كذا وكذا أفلا نجامعهن‏؟‏ فتغير وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأرسل في آثارهما فسقاهما فعرفا أن لم يجد عليهما
‏"‏رواه مسلم والإمام أحمد‏"‏فقوله‏:‏ ‏{‏فاعتزلوا النساء في المحيض‏}‏ يعني الفرج لقوله‏:‏ ‏(‏اصنعوا كل شيء إلا النكاح‏)‏، ولهذا ذهب كثير من العلماء أو أكثرهم إلى أنه يجوز مباشرة الحائض فيما عدا الفرج، قال أبو داود عن بعض أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أراد من الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً‏.‏
وعن مسروق قال، قلت لعائشة‏:‏ ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضاً‏؟‏ قالت‏:‏ كل شيء إلا الجماع، وهذا قول ابن عباس ومجاهد والحسن‏.‏ وروي ابن جرير عن عائشة قالتك له ما فوق الإزار، قلت‏:‏ ويحل مضاجعتها ومواكلتها بلا خلاف‏.‏ قالت عائشة‏:‏ كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأمرني فأغسل رأسه وأنا حائض، وكان يتكىء في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن،
وفي الصحيح عنها قالت‏:‏ كنت أتعرق العرق عرق اللحم وتعرقه واعتراقه تناوله بفمه من العظم وأنا حائض فأعطيه النبي صلى اللّه عليه وسلم فيضع فمه في الموضع الذي وضعت فمي فيه، وأشرب الشراب فأناوله فيضع فمه في الموضع الذي كنت أشرب منه.‏ وقال آخرون‏:‏ إنما تحل له مباشرتها فيما عدا ما تحت الإزار كما ثبت في الصحيحين عن ميمونة قالت‏:‏ كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض‏.‏ وروى الإمام أحمد عن عبد اللّه بن سعد الأنصاري أنه سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ما يحل لي من امرأتي وهي حائض‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏ما فوق الإزار‏)‏ولأبي داود عن معاذ بن جبل قال‏:‏ سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عما يحل لي من أمرأتي وهي حائض قال‏:‏ ‏(‏ما فوق الإزار والتعففُ عن ذلك أفضل‏)
‏‏.‏
فهذه الأحاديث وما شابهها حجة من ذهب إلى أنه يحل ما فوق الإزار منها، وهو أحد القولين في مذهب الشافعي رحمه اللّه، الذي رجحه كثير من العراقيين وغيرهم، ومأخذهم أنه حريم الفرج فهو حرام، لئلا يتوصل إلى تعاطي ما حرم اللّه عز وجلّ، الذي أجمع العلماء على تحريمه، وهو المباشرة في الفرج، ثم من فعل ذلك فقد أثم فيستغفر اللّه ويتوب إليه، وهل يلزمه مع ذلك كفارة أم لا‏؟‏ فيه قولان، أحدهما ‏:‏ نعم،
لما رواه الإمام أحمد وأهل السنن عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض، يتصدق بدينار أو نصف دينار‏.‏ وللإمام أحمد أيضاً عنه أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم جعل في الحائض تصاب ديناراً فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فنصف دينار، والقول الثاني‏:‏ وهو الصحيح الجديد من مذهب الشافعي وقول الجمهور‏:‏ أنه لا شيء في ذلك، بل يستغفر اللّه عزّ وجلّ، لأنه لم يصح عندهم رفع هذا الحديث، فإنه قد روي مرفوعاً كما تقدم وموقوفاً، وهو الصحيح عند كثير من أئمة الحديث‏.‏ فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تقربوهن حتى يطهرن‏} تفسير لقوله‏:‏ {‏فاعتزلوا النساء في المحيض‏}‏
ونهى عن قربانهن بالجماع ما دام الحيض موجوداً ومفهومه حله إذا انقطع‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله‏}‏ فيه ندب وإرشاد إلى غشيانهن بعد الإغتسال، وذهب ابن حزم إلى وجوب الجماع بعد كل حيضة لقوله‏:‏ ‏{‏فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله‏}‏ وليس له في ذلك مستند لأن هذا أمر بعد الحظر، وقد اتفق العلماء على ان المرأة إذا انقطع حيضها لا تحل حتى تغتسل بالماء أو تتيمم‏.‏ إن تعذر ذلك عليها بشرطه، إلا أن أبا حنيفة رحمه الّله يقول فيما إذا انقطع دمها لأكثر الحيض هو عشرة ايام عنده إنها تحل بمجرد الإنقطاع، ولا تفتقر إلى غسل واللّه أعلم‏.‏ وقال ابن عباس‏:‏ ‏{‏حتى يطهرن‏}‏ أي من الدم ‏{‏فإذا تطهرن‏}‏ أي بالماء، وكذا قال مجاهد وعكرمة‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏من حيث أمركم الله‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ في الفرج ولا تَعَدَّوه إلى غيره، فمن فعل شيئاً من ذلك فقد اعتدى، وقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة‏:‏ ‏{‏من حيث أمركم اللّه‏}‏ أي ان تعتزلوهن، وفيه دلالة حينئذ على تحريم الوطء في الدبر كما سياتي قريباً إن شاء اللّه، وقال الضحاك‏:‏ ‏{‏فأتوهن من حيث أمركم اللّه‏}‏ يعني طاهرات غير حيّض، ولهذا قال‏:‏ ‏{‏إن الله يحب التوابين‏}‏ أي من الذنب وإن تكرر غشيانه، ‏{‏ويحب المتطهرين‏}‏ أي المتنزهين عن الأقذار والأذى، وهو ما نهوا عنه من إتيان الحائض أو في غير المأتى‏.‏
وقوله تعالى‏{‏نساؤكم حرث لكم‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ الحرث موضع الولد، ‏{‏فأتوا حرثكم أنى شئتم‏}‏ أي كيف شئتم مقبلة ومدبرة في صمام واحد، كما ثبتت بذلك الأحاديث‏.
قال البخاي‏:‏ عن جابر قال‏:‏ كانت اليهود تقول‏:‏ إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت‏:‏ ‏{‏نساؤكم حرث لكم فأتو حرثكم أنى شئتم‏}‏وعن جابر بن عبد اللّه أن اليهود قالوا للمسلمين من أتى امرأة وهي مدبرة جاء الولد أحول فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم‏}‏ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج‏)‏ ‏"‏رواه مسلم وأبو داود‏"‏وعن ابن عباس قال‏:‏ أُنزلت هذه الآية ‏{‏نساؤكم حرث لكم‏}‏ في أناس من الأنصار، أتوا النبي صلى اللّه عليه وسلم فسألوه، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏ائتها على كل حال إذا كان في الفرج‏) ‏"‏رواه أحمد‏"‏
قال الإمام أحمد‏:‏
عن عبد اللّه بن سابط قال‏:‏ دخلتُ على حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكرفقلت‏:‏ إني لسائلك عن أمر وأنا أستحي أن أسألك قالت‏:‏ فلا تستحي يا ابن أخي، قال‏:‏ عن إتيان النساء في أدبارهن، قالت‏:‏ حدثتني أم سلمة أن الأنصار كانوا يُحْبُون النساء وكانت اليهود تقول‏:‏ إنه من أحبى امرأته كان ولده أحول، فلما قدم المهاجرون المدينة نكحوا في نساء الأنصار، فأَحْبَوْهن فأبت امرأة أن تطيع زوجها وقالت‏:‏ لن تفعل ذلك حتى آتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فدخلت على أم سلمة فذكرت لها ذلك فقالت‏:‏ اجلسي حتى يأتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلما جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم استحت الأنصارية أن تسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فخرجت فسألته أم سلمة فقال‏:‏ ادعي ‏)‏الأنصارية‏(‏ فدعتها، فتلا عليها هذه الآية ‏{‏نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم‏}‏ ‏(‏صماماً واحداً‏)"‏رواه أحمد الترمذي‏"‏






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس