عرض مشاركة واحدة
قديم 15-04-2014, 03:00 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور

‏{‏ فلا أقسم بالخنس ‏.‏ الجوار الكنس ‏.‏ والليل إذا عسعس ‏.‏ والصبح إذا تنفس ‏.‏ إنه لقول رسول كريم ‏.‏ ذي قوة عند ذي العرش مكين ‏.‏ مطاع ثم أمين ‏.‏ وما صاحبكم بمجنون ‏.‏ ولقد رآه بالأفق المبين ‏.‏ وما هو على الغيب بضنين ‏.‏ وما هو بقول شيطان رجيم ‏.‏ فأين تذهبون ‏.‏ إن هو إلا ذكر للعالمين ‏.‏ لمن شاء منكم أن يستقيم ‏.‏ وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ‏}‏
‏{‏ فلا أقسم بالخنَّس * الجوار الكُنَّس‏}‏ قال علي‏:‏ هي النجوم تخنس بالنهار وتظهر بالليل‏.‏ وروى ابن جرير عن خالد بن عرعرة سمعت علياً، وسئل عن{‏لا أُقسم بالخنس * الجوار الكنس‏}‏ فقال‏:‏ هي النجوم تخنس بالنهار وتظهر بالليل ‏"‏أخرجه ابن جرير‏"‏، وكذا روي عن ابن عباس ومجاهد والحسن‏:‏ أنها النجوم، وقال بعض الأئمة‏:‏ إنما قيل للنجوم الخنس، أي في حال طلوعها، ثم هي جوار في فلكها، وفي حال غيبوبتها يقال لها كنّس، من قول العرب‏:‏ أوى الظبي إلى كناسه، إذا تغيب فيه، وروى الأعمش عن عبد اللّه ‏{‏فلا أقسم بالخنس‏}‏ قال‏:‏ بقر الوحش، وقال ابن عباس ‏{‏الجوار الكنس‏}البقر تكنس إلى الظل، وقال العوفي عن ابن عباس‏:‏ هي الظباء ‏"‏وكذا قال سعيد بن جبير ومجاهد والضحّاك‏"‏، وقال أبو الشعثاء‏:‏ هي الظباء والبقر، وتوقف ابن جرير في المراد بقوله‏: ‏{‏الخنس الجوار الكنس‏}‏ هل هو النجوم أو الظباء أو بقر الوحش‏؟‏ قال‏:‏ ويحتمل أن يكون الجميع مراداً، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والليل إذا عسعس‏}‏ فيه قولان أحدهما إقباله بظلامه، قال مجاهد‏:‏ أظلم‏:‏ وقال سعيد بن جبير‏:‏ إذا نشأ، وقال الحسن البصري‏:‏ إذا غشي الناس، والثاني إدباره، قال ابن عباس‏:‏ ‏{‏إذا عسعس‏}‏ إذا أدبر، وكذا قال مجاهد وقتادة والضحّاك{‏إذا عسعس‏}‏ أي إذا ذهب فتولى، وقد اختار ابن جرير أن المراد بقوله‏:‏ ‏{‏إذا عسعس‏}‏ إذا أدبر، قال لقوله تعالى‏:‏ {‏والصبح إذا تنفس‏}‏ أي أضاء، واستشهد بقول الشاعر أيضاً‏:‏
حتى إذا الصبح له تنفسا * وانجاب عنها ليلها وعسعسا
أي أدبر، وعندي أن المراد بقوله‏:‏{‏إذا عسعس‏}إذا أقبل، وإن كان يصح استعماله في الإدبار أيضاً، لكن الإقبال ههنا أنسب، كأنه أقسم بالليل وظلامه إذا أقبل، وبالفجر وضيائه إذا أشرق، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى‏}‏، وقال تعالى‏:‏
{‏والضحى * والليل إذا سجى‏}‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فالق الاصباح وجعل الليل سكناً‏}‏ وغير ذلك من الآيات، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والصبح إذا تنفس‏}قال الضحّاك‏:‏ إذا طلع، وقال قتادة‏:‏ إذا أضاء وأقبل، وقال سعيد بن جبير‏:‏ إذا نشأ، وقال ابن جرير‏:‏ يعني ضوء النهار إذا أقبل وتبيّن‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنه لقول رسول كريم‏}‏ يعني إن هذا القرآن لتبليغ رسول كريم، أي ملك شريف حسن الخلق بهي المنظر، وهو جبريل عليه الصلاة والسلام، ‏{‏ذي قوة‏}‏ كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏علمه شديد القوى * ذو مرة‏} أي شديد الخلق شديد البطش والفعل، ‏{‏عند ذي العرش مكين‏}‏ أي له مكانة عند اللّه عزَّ وجلَّ ومنزلة رفيعة، ‏{‏مطاع ثَمّ‏}‏ أي له وجاهة وهو مسموع القول مطاع في الملأ الأعلى، قال قتادة‏:‏ ‏{‏مطاع ثم‏}‏ أي في السموات، يعني ليس هو من أفناد أفناد‏:‏ جماعات الملائكة، بل هو من السادة والأشراف، معتنى به انتخب لهذه الرسالة العظيمة، وقوله تعالى‏:‏{‏أمين‏}‏ صفة لجبريل بالأمانة، وهذا عظيم جداً، أن الرب عزَّ وجلَّ يزكي عبده ورسوله الملكي جبريل كما زكى عبده ورسوله البشري محمداً صلى اللّه عليه وسلم بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما صاحبكم بمجنون‏}‏ قال الشعبي وميمون‏:‏ المراد بقوله ‏{‏وما صاحبكم بمجنون‏}‏ يعني محمداً صلى اللّه عليه وسلم، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولقد رآه بالأفق المبين‏}‏ يعني ولقد رأى محمد جبريل الذي يأتيه بالرسالة عن اللّه عزَّ وجلَّ، على الصورة التي خلقه اللّه عليها له ستمائة جناح، ‏{‏بالأفق المبين‏}‏ أي البين، وهي الرؤية الأولى كانت بالبطحاء، وهي المذكورة في قوله‏:‏ ‏{‏علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى * وهو بالأفق الأعلى‏}‏، والظاهر أن هذه السورة نزلت قبل ليلة الإسراء، لإنه لم يذكر فيها إلا هذه الرؤية وهي الأولى، وأما الثانية وهي المذكورة في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولقد رآه نزلة أُخْرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى‏}‏ فتلك إنما ذكرت في سورة النجم، وقد نزلت بعد سورة الإسراء، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما هو على الغيب بظنين‏}‏ أي بمتهم، ومنهم من قرأ ذلك بالضاد، أي ببخيل بل يبذله لكل أحد‏.‏ قال سفيان بن عيينة‏:‏ ظنين و ضنين سواء، أي ما هو بفاجر، و الظنين المتهم، و الضنين البخيل، وقال قتادة‏:‏ كان القرآن غيباً فأنزله اللّه على محمد، فما ضنّ به على الناس بل نشره وبلغه وبذله لكل من أراده، واختار ابن جرير قراءة الضاد‏.‏ قلت ‏:‏ وكلاهما متواتر ومعناه صحيح كما تقدَّم، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وما هو بقول شيطان رجيم‏}‏ أي وما هذا القرآن بقول شيطان رجيم، أي لا يقدر على حمله ولا يريده ولا ينبغي له، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وما تنزلت به الشياطين * وما ينبغي لهم وما يستطيعون * إنهم عن السمع لمعزولون‏}‏‏. وقوله تعالى‏:‏{‏فأين تذهبون‏}‏‏؟‏ فأين تذهب عقولكم في تكذيبكم بهذا القرآن، مع ظهوره ووضوحه وبيان كونه حقاً من عند اللّه عزَّ وجلَّ‏!‏ كما قال الصديق رضي اللّه عنه لوفد بني حنيفة حين قدموا مسلمين، وأمرهم فتلوا عليه شيئاً من قرآن مسيلمة الكذّاب الذي هو في غاية الهذيان والركاكة فقال‏:‏ ‏(‏ويحكم أين تذهب عقولكم‏؟‏ واللّه إن هذا الكلام لم يخرج من إل‏)‏ أي من إله، وقال قتادة‏:‏ ‏{‏فأين تذهبون‏} أي عن كتاب اللّه وعن طاعته، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن هو إلا ذكر للعالمين‏}‏ أي هذا القرآن ذكر لجميع الناس يتذكرون به ويتعظون{‏لمن شاء منكم أن يستقيم‏} أي لمن أراد الهداية فعليه بهذا القرآن فإنه مناجاة له وهداية، ولا هداية فيما سواه، ‏{‏وما تشاءون إلا أن يشاء اللّه رب العالمين‏} أي ليست المشيئة موكولة إليكم، بل ذلك كله تابع لمشيئة اللّه تعالى رب العالمين، قال سفيان الثوري‏:‏ لما نزلت هذه الآية‏:‏{‏لمن شاء منكم أن يستقيم‏}‏ قال أبو جهل‏:‏ الأمر إلينا إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لم نستقم، فأنزل اللّه تعالى‏:‏{‏وما تشاءون إلا أن يشاء اللّه رب العالمين‏}‏‏.‏
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس