نعمة المجال المغنطيسي للأرض
المجال المغنطيسي للأرض أكبر من الأرض بكثير ولولا هذه الميزة
لانعدمت الحياة على ظهر الأرض، هذا المجال نعمة عظمى ولكننا
غافلون عنها لنتأمل هذه الحقائق العلمية ونتأمل الإشارات القرآنية الرائعة......
يقول تبارك وتعالى:
{ وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ }
[يوسف: 105].
فما أكثر الآيات الكونية التي نتنعم بها ونستفيد منها ولا نعطي لها
اهتماماً. ومن هذه الآيات حقيقة المجال المغنطيسي للأرض.
لقد زود الله هذه الأرض بغلاف يحميها وهو عبارة عن مجال مغنطيسي
قوي جداً، فأثناء تشكل الأرض قُذفت بكميات هائلة من النيازك الحديدية
التي نزلت نزولاً إلى الأرض واستقرت في نواة الأرض عبر الملايين من
السنين، وهذا ما ساهم بإعطاء الأرض هذه الميزة التي لا تتوافر في بقية
الكواكب إلا بشكل ضئيل لا يكفي لحمايتها..
تتميز أرضنا بوجود مجال مغنطيسي حولها يمتد لأكثر من 60 ألف كيلو
متر في الفضاء، وهو موجود في منطقة تسمى magnetosphere وهذا
المجال يمنع الكثير من الجزيئات الخطرة المنبعثة من الشمس والتي
تحملها الرياح الشمسية ويردها ولا يسمح لها باختراق جو الأرض.
يؤكد العلماء أن
الشمس تبث أكثر من ألف مليون كيلو غرام من المواد الخطرة في كل
ثانية!! طبعاً جزء من هذه المواد يقترب من الأرض ويتبدد على حدود
الغلاف المغنطيسي للأرض، فقد زود الله تعالى هذا الغلاف بقدرة غريبة
على صد الهجوم الشمسي الفتاك! هذه الأجسام هي عبارة عن أشعة
إلكترونية وأشعة من البروتونات وذرات متأينة من معظم العناصر
المعروفة. وتسير بسرعة أكبر من سرعة الصوت تبلغ حتى 800 كيلو
متر في الثانية، وعندما تصطدم بالمجال المغنطيسي للأرض يقوم
بتخفيض سرعة هذه الجسيمات إلى ما دون سرعة الصوت وإلغاء فعاليتها.
عندما تقترب الرياح الشمسية المحملة بالجسيمات الخطرة والسريعة
تتباطأ على حدود المجال المغنطيسي للأرض، ويقوم هذا المجال بطرد
الجزء الأكبر، ويسمح فقط بدخول جزء ضئيل جداً ولكن هذا الجزء يتفاعل
مع ذرات الغلاف الجوي ويثير هذه الذرات، ولكن هذه الذرات تعود
لطبيعتها فتقوم بإصدار الأشعة الضوئية التي نراها على شكل "شفق"،
وتعتبر هذه الظاهرة من الظواهر المعقدة والتي لا تزال
حتى الآن غير مفهومة بالكامل.
ولكن جزءاً من هذه الجسيمات يقتر حتى يصل إلى مسافة قريبة من
الأرض، ولكن من رحمة الله تعالى بنا أنه يتبدّد أيضاً مشكلاً ظاهرة الشفق
القطبي! وهي من أجمل الظواهر الكونية. ويعتبر المجال المغنطيسي
للأرض هو الأقوى بين الكواكب ولولا هذه الميزة لاستحالت الحياة على
الأرض.وهنا يتجلى القسم الإلهي بهذه الظاهرة
عندما قال تبارك وتعالى:
{ فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ }
[الانشقاق: 16].
ويقول العلماء إن ظاهرة الشفق عموماً من أجمل الظواهر الكونية
وأكثرها خدمة لنا من دون أن نحس بها أو نقدر قيمتها، وهنا يتذكر
المؤمن قول الحق تبارك وتعالى ونعمه الغزيرة:
{ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ }
[النحل: 18]
ولو تأملنا هذه الآية ولماذا ربط الله بين نعمته التي لا تُحصى وبين
المغفرة والرحمة، يمكن أن ندرك أننا إذا أردنا أن نحظى برحمة الله ومغفرته، ينبغي علينا أن نشكر نعمة الله تعالى.
تعتبر ظاهرة الشفق القطبي بمثابة تفريغ للطاقة التي تولدها الرياح
الشمسية، سبحان الله! حتى الأخطار المحدقة بنا يهيئ الله أسباب إبعادها
عنا، ومع ذلك يرينا منظراً بديعاً عسى أن نتفكر فيه. ولو قُدر لهذه
الأجسام القادمة من الشمس أن تدخل إلى الأرض لاخترقت أجسادنا
وحولتنا إلى جثث متفحمة، ولكن الله تعالى سخر لنا الغلاف الجوي
لصد هذه الجسيمات الخطرة، وإبعادها وتفريغ طاقتها على شكل شفق
جميل، ألا يستحق هذا الإله الحليم العظيم أن نسبحه فنقول: سبحان الله!
هناك ملايين الأحداث والاصطدامات تتم خارج أرضنا ولا نشعر بها،
والذي يدافع عنا هو هذا المجال المغنطيسي الرائع، فقد رصد العلماء
مؤخراً صدمة عنيفة بين الرياح الشمسية الفتاكة (وهي جزيئات مشحونة
كهربائياً) وبين المجال المغنطيسي للأرض أشبه بمعركة حامية، وانتهتبتغلب هذا المجال على رياح الشمس، وصد هذا الهجوم عنا!!
الطيور ترى المجال المغنطيسي!
يقول تعالى:
{ أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }
[النحل: 73]