عرض مشاركة واحدة
قديم 23-02-2014, 02:10 AM   رقم المشاركة : 2
قلب الزهـــور
( مشرفة الاستراحه والقصص والروايات)
 
الصورة الرمزية قلب الزهـــور


ويقول عن هود - عليه السلام -:
{ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا
وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ }
[ هود: 52 ]
وورد في الحديث:
( من أكثرَ الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرَجًا،
ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ورزقَه من حيث لا يحتسِب )
رواه أبو داود، وإسنادُه صحيحٌ
يقول القرطبيُّ - رحمه الله -:
[ وهذا دليلٌ على أن الاستغفار يُستجلَبُ به الرزق، ويُستنزَلُ به الغيث ]
استغفارٌ يتواطأُ فيه القلبُ مع اللسان غيرَ مُصرٍّ على ذنبٍ، ولا عازِمٍ على عودٍ.
ومن أعظم الأسباب - عباد الله -: حُسن التوكُّل على الله، فيتعلَّقُ القلبُ بمولاه،
ويُفوِّضُ أمرَه إليه؛ فمن توكَّل على الله كفاه ما أهمَّه، ودفع عنه ما ضرَّه وأغمَّه،
ورزقَه من حيث لا يحتسِب، وفي الحديث:
( لو أنكم تتوكَّلون على الله حقَّ توكُّلِه
لرزَقكم كما يرزُقُ الطيرَ تغدُو خِماصًا وتروحُ بِطانًا )
رواه أحمد، والترمذي، وهو صحيح الإسناد
يقول الحافظ ابن رجب - رحمه الله -:
[ هذا الحديث أصلٌ في التوكُّل، وأنه من أعظم الأسباب التي يُستجلَبُ بها الرزق ]
قال بعضُ السلف:
[ توكَّل تُسَق إليك الأرزاق بلا تعبٍ ولا تكلُّفٍ ]
ومما ينبغي أن يُعلم في هذا المقام - عباد الله -:
أن التوكُّل لا يُعارِضُ الأخذَ بالأسباب، والاجتهاد في الطلَب؛ بل قال أهلُ العلم:
[ إن السعيَ في الجوارِح واقتِفاء الأسباب طاعةٌ لله،
والتوكُّل بالقلبِ إيمانٌ به - سبحانه ]
وقد قال - عزَّ شأنُه - في طلب الأسباب:
{ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ }
[ الملك: 15 ]
وقال - عزَّ شأنه -:
{ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ }
[ المزمل: 20 ]
يقول القرطبيُّ - رحمه الله -:
[ سوَّى الله في هذه الآية بين درجة المُجاهِدين والمُكتسِبين المال الحلال
للنفقَة على النفس والعيال والإحسان والإفضال ]
قال - رحمه الله -:
[ فكان دليلاً على أن الكسبَ بمنزلةِ الجهاد؛ لأنه جمعَه معه ]
وعُمر - رضي الله عنه - يقول:
[ لا يقعُدُ أحدُكم عن طلب الرزق ويقول:
اللهم ارزُقني؛ فقد علِمتُم أن السماءَ لا تُمطِرُ ذهبًا ولا فضَّة ]
والتوكُّل محلُّه القلب، والسعي وظيفة الجوارِح، وما تعسَّر من شيءٍ فبتقديرِه،
وما تيسَّر من شيءٍ فبتيسيره،
ولما قال رجلٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم -:
( أُرسِلُ ناقَتي وأتوكَّل؟
قال له: اعقِلها وتوكَّل )
أخرجه الحاكم في "مستدركه"، قال الذهبي: "إسنادُه حسنٌ".
ومن الأسباب الجالِبة للرزق والمُبارِكة فيه - حفِظكم الله -:
ففي الحديث الصحيح:
( من سرَّه أن يُبسَط له في رزقِه، وأن يُنسأَ له في أجلِه فليصِل رحِمَه )
رواه البخاري.
وفي حديثٍ عند أحمد :
( تعلَّموا من أنسابِكم ما تصِلون به أرحامَكم؛ فإن صِلة الرَّحِم محبَّةٌ في الأهل،
ومثراةٌ في المال، ومنسأةٌ في العُمر )
صحَّحه الألباني - رحمه الله .
فلِصِلة الرَّحِم آثارٌ عجيبة، وثِمارٌ مشهودةٌ من بسط الرزق، وزيادة العُمر،
ودفع ميتة السُّوء، وغرس المحبَّة،
وفي الحديث عند ابن حبَّان - وسندُه صحيحٌ بشواهِدِه -:
( إن أعجلَ الطاعة ثوابًا: صِلةُ الرَّحِم،
حتى إن أهل البيت ليكونون فجَرَة فتنمُو أموالُهم، ويكثُر عددُهم إذا تواصَلوا،
وما من أهل بيتٍ يتواصَلون فيحتاجُون )
معاشر المسلمين :
ومن عجائِب حِكمة الله وفضلِه: أن جعل الإنفاقَ من أسباب جلبِ الرزق وسَعَته؛
فمن أنفقَ أخلفَ الله عليه، وباركَ له فيما عنده
{ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }
[ سبأ: 39 ]
يُخلِفُه عليه في الدنيا بالبدل والبركة، وفي الآخرة بحُسن الجزاء وعظيم الثواب،
وفي التنزيل العزيز:
{ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ
وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }
[ البقرة: 268 ]
يقول ابن عباس - رضي الله عنهما -:
[ اثنان من الله، واثنان من الشيطان؛ الشيطان يعِدُكم الفقرَ يقول:
لا تُنفِقه وأمسِكه لك فإنك تحتاج إليه، ويأمرُكم بالفحشاء،
والله يعِدُكم مغفرةً منه على المعاصِي والذنوب، وفضلاً في الرزق ]
وفي الحديث القُدسي:
[ يا ابن آدم ! أنفِق أُنفِق عليك ]
رواه مسلم.
وفي الحديث الصحيح:
( ما من يومٍ يُصبِحُ فيه العباد إلا وفيه ملَكَان ينزِلان، فيقول أحدُهما:
اللهم أعطِ مُنفِقًا خلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ مُمسِكًا تلَفًا )
رواه البخاري.
فأنفِقوا - عباد الله -، وأبشِروا بالخلَف الواسِع من فضل الله؛
بل لقد قال - عزَّ شأنُه -:
{ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ
فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا }
[ الطلاق: 7 ].
معاشر المسلمين:
ومن أسباب الرزق وأسباب سعَته: الإحسان إلى الضعفاء والمُحتاجِين،
وتفقُّد أصحابِ الحوائِج، وفي الحديث:
( وهل تُنصَرون وتُرزَقون إلا بضُعفائِكم )
رواه البخاري.
وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال:
سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
( ابغُوني في ضُعفائِكم؛ فإنما تُرزَقون وتُنصَرون بضُعفائِكم )
رواه أبو داود، والترمذي.
وهذا يشملُ أصنافَ ذوي الحاجات؛ من الفقراء، والمساكين، والمرضَى،
والغُرباء، ومن لا عائِلَ له.
وإن أوضاعَ الأمة ومآسيها قد أوقعَت كثيرًا من إخواننا وجيراننا في أحوالٍ وشدائِد؛
فتفقَّدُوهم، وأحسِنوا إليهم، وأنفِقوا يُخلِف الله عليكم، ويُبارِك لكم؛
بل إنكم بهذا تستجلِبون نصرَ الله وعونَه وتأييدَه.
وقد جدَّد وليُّ أمرِنا - حفظه الله وأعزَّه - استِنهاضَ الهِمَم لمُساعَدة إخواننا في سُوريا
فأرُوا اللهَ في أنفُسِكم خيرًا يُبارِك لكم، ويحفَظكم في أمنِكم،
وأرزاقِكم، وتستجلِبُوا نصر الله وعونه.
معاشر المسلمين:
إن رزقَ الله لا يضُرُّه حِرصُ حريص، ولا ترُدُّه كراهيةُ كارِه،
فاتقوا الله وأجمِلوا في الطلب؛ فالعبدُ المُؤمن إذا استيقنَ أن الرزقَ مُقدَّر اطمأنَّ قلبُه،
واستراحَت نفسُه، فلن يجزَعَ من فقرٍ يُصيبُه، أو جائِحةٍ تُتلِفُ مالَه،
ولن يشغَلَ نفسَه بالدنيا عن الآخرة؛ لأنه يعلمُ أنه لا يأتيه إلا ما كُتِب له.
لا يستسلِفُ إلى ما في أيدي الناس، ولا يتطلَّع إلى ما في خزائِنِهم،
ولا تمتدُّ يدُه إلى الحرام، مُتعلِّقٌ بربِّه،
يعلمُ أن الخلقَ لا يرزُقون أنفسَهم فضلاً عن أن يرزُقوا غيرَهم.
[ قيل لأبي حازمٍ: ما رِزقُك؟
قال: "الرِضا عن الله، والغِنى عن الناس ]
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
{ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ
يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ }
[ فاطر: 2، 3 ].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -،
وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ؛
فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

رد مع اقتباس