عرض مشاركة واحدة
قديم 13-05-2013, 10:37 AM   رقم المشاركة : 2
ملكة الرومنس
( مشرفة العام والمكتبه الادبيه )
 
الصورة الرمزية ملكة الرومنس




من الضروري لفهم الآية والمراد منها بشكل صحيح لا بد من فهم معاني الكلمات الواردة فيها فهماً سليماً موافقاً للغة التي أنزل بها القرآن وهي لغة العرب، حينها يتسنى لنا أن نكون قد أحطنا بالمعنى الشمولي للآية دون خبط أو تجاوز لمعاني أخرى بعيدة وشاذة، وعليه فقد جاء في قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ الكلمات التالية:
1. الرؤية
﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ﴾
2. النقص ﴿نَنقُصُهَا﴾
3. الطرف ﴿مِنْ أَطْرَافِهَا﴾
ولم يرد في الآية الأخرى التي في سورة الأنبياء ألفاظ مغايرة عن هذه الألفاظ وعليه فيمكن أن نكتفي بما تقدم من ألفاظ لفهم التفسير اللغوي.
1. الرؤية: بالضم إدراك المرئي، وذلك أضرب بحسب قوى النفس:
الأول: النظر بالعين التي هي الحاسة.
الثاني: بالوهم والتخيل نحو: أرى أن زيداً منطلق.
الثالث: بالتفكر نحو: ﴿إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ﴾[الأنفال:48]
الرابع: بالقلب: أي بالعقل وعلى ذلك
قوله تعالى:
﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾[النجم:11].
قال الجوهرى: الرؤية بالعين يعدى إلى مفعول واحد، وبمعنى العلم يتعدى إلى مفعولين يقال: رأى زيداً عالماً، وقال الراغب: رأى إذا عدى إلى مفعولين اقتضى معنى العلم وإذا عدى بإلى اقتضى معنى النظر المؤدي إلى الاعتبار(1), كقوله
تعالى:
﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾[القيامة: 22-23] رؤية بالعين، وكذلك قال ابن منظور: الرُّؤيَة بالعَيْن تَتَعدَّى إلى مفعول واحد وبمعنى العِلْم تتعدَّى إلى مفعولين يقال رأَى زيداً عالماً(2)، وأكد ذلك ابن هشام حيث قال: لأن رأى البصرية وسائر أفعال الحواس إنما تتعدى لواحد بلا خلاف(3).
مما تقدم يظهر لنا بجلاء أن الرؤية المرادة في الآيتين هي رؤية بصرية تراها العين، يؤكد هذا أقوال المفسرين التي ستأتي فيما بعد، والأمر الآخر هو أننا لو تأملنا بعض الآيات المشابهة كقوله
تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ﴾[الأنبياء:30]، نجد أن رتق السموات والأرض وفتقهما كان قبل خلق الإنسان ولم يروا هذا الفعل، ومع ذلك ورد الفعل يرى، وهذا يؤكد المعنى اللغوي السابق، ولا ننسى أن الفعل (يرى) قد يحمل معنى العلم كقوله تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾[الفيل:1]
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ير أصحاب الفيل وهم يهجمون على الكعبة المشرفة، فليس كل ما حصل أو سيحصل بالضرورة أن يراه كل الناس أو يعلمه الجميع بل قد يراه أو يعلمه البعض دون البعض، ومع ذلك يكون السياق ليشمل الجميع، مثال ذلك حادثة انشقاق القمر وغيرها كثير.
2. النقص: الخُسْرانُ في الحَظِّ، والنُّقصان مصدرٌ، ويكون قدْرَ الشيءِ الذاهب من المنقُوصِ اسمٌ له، ونَقَصَ الشيء نقصاً ونُقصاناً مصدر، ونُقصانه كذا وكذا وهذا قَدْرُ الذي ذَهَبَ، ونَقَصَهُ غيره يتعدى ويلزم(4)، والنَّقْصُ مصدر المُتعدي، والنُّقْصَانُ مصدر اللازم، والمُتعدي يتعدى إلى مفعولين تقول نقصه حقَّه قال الله
تعالى:
﴿ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً﴾[التوبة:4] (5).
3. الطرف: هو نهاية الشيء، يقول الزركشي: طرف الشيء أضعف من قلبه(6)، قلت: ولا يلزم ذلك، وعموماً فإن معرفة الطرف لا تعنينا كثيراً لأن معرفة ما قبلها في الآية يغني عنه، ولأنني لم أجد ما يفي في هذا الصدد عند أهل اللغة ولا عند غيرهم.








رد مع اقتباس