وقفة للتأمل : إذن لن يضيعنا
ماذا تركت لله لتنال رضاه؟
في هذه الأيام المباركة , أيام عيد الأضحي المبارك ….
التي نعيش فيها مع معاني التضحية الراقية ، لابد أن يشغلالإنسان سؤال هام يسأله لنفسه من آن لآخر … ماذا تركت يا نفس لله ؟؟؟
بماذا ضحيت لله ؟؟ بل ومتى ؟؟؟؟
تجول معي قليلاً مع عائلة تحكي قصة التضحيات بكل أنواعها ..
رجل حنون كريم يصفه القرآن بأنه " أواة حليم " يؤمر أن يترك زوجته الحبيبة و ابنه الغالي الذي انتظره سنوات طوال… يؤمر أن يتركهما في واد غير ذي زرع ..و يذهب ، لا لسويعات، …بل لسنوات طوال ….
و يدعو ربه بقلبه …يشرع في الدعاء و ربما لا يكمله استحياء من الله …لكن الله يعلم …قد حافظ على وديعته قبل أنينطق بدعائه …
"ربنا إني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم "دعاء تمرُّ عليه في وردك .. فتجد أنه لامس شغاف قلبك …تستكين له ليرفعك عالياُ …عاليأ ….
و تسألة الزوجة الحائرة : يا إبراهيم يا إبراهيم ..أين تتركنا…. ؟؟. ولماذا.. و متى الإياب ؟؟؟ وكيف؟؟ ….. ألف سؤال وسؤال يمكن أن يكون في ذهن هذه المرأة …. و لكن إبراهيم …. معقود اللسان طاعة لأمر ربه .. لا يفصح
أي مشهد هذا ….. صورة ترسم في ذهنك أروع معاني الإيمان …
و تفقه المرأة العظيمة … تفقه الرسالة …. و
يكفي اللبيب إشارة مكتومة … وسواه يدعى بالنداء العالي ….
وتسجل واحدا من أروع أسئلة التاريخ…. سؤالاً يدخل إلى أعماق أعماق قلبك… يجول هنا و هناك .. بين القلب و العقل… في رحلة عبرت إلى كل قلب بداخله ذرة من إيمان …
آالله أمرك بهذا ؟؟؟؟؟؟
إنها نعم … يعلن عنها إبراهيم …. يعلنها عالية مدوية … في صمت ….
فتقول … بقلب أبحث عنه أنا وأنت في كل مكان … تعيش لاهثاً وراء معالمه :
إذن …فلن يضيعنا …
اذهب يا إبراهيم و اطع ربك …إنه أمرك فلن يضيعنا …..
اذهب يا براهيم بلا لوم ولا حيرة …أنا و ابنك بخير… في يد من لا تضيع عنده الودائع …
و جاء و قت الامتحان … امتحان " إذن فلن يضيعنا "
إن الوليد يحتضر… جائعاً…الآن … الآن… تكتم أنفاسك … لترى لحظات الابتلاء …تجري الأم … تلهث وراء طعام … إن الوليد يموت …تترنح في مشيتها … تمد خطاها في وهج الشمس … تتسارعجريتها تجاري بها صرخة وليدها … كل شيء حولها بدا متأرجحا …باهتا … خائفا …إلا …….. إلا ….
إلا القلب …. ظل ثابتا ثبات الصفا …. راسخا رسوخ المروة … وآه لو كانا ينطقان ما أروعه من أداء سيدتي ..ماأعظمها من تضحية ..ما اكرمها من نتائج لامتحان …
أنها فاقت كل توقعات النجاح …فلقد كانت النتيجة "ماء زمزم " ..
كانت الجائزة "ماء زمزم "… وما أروعها جائزة من كريم … دواء لسقم القلوب قبل الأبدان .. ترتشفها فتجري صورالتضحية في جسدك ….
لقطة أخرى
ما أجمل اللقاء بعد شوق … بعد سنوات طوال … الابن الحبيب قد كبر … يملأ العين و القلب، إنه ليس ابناً عادياً كما تلد النساء … إنه نبي .. صادق الوعد .. بخلق و كرم و بر الأنبياء …
والآن حان للأب في هذا السن إن يركن إلي ابنه لينال منه حنان البر ورد الجميل ..
لكنه …….. الأمر من السماء " في رؤيا" أن يذبحه …….. هو …….. بيده ….ليس بيد غيره , بماذا؟؟؟؟ ………….بسكين …. ترى ما الذي سيشقه هذا السكين ؟؟؟؟؟؟
قلب الأب أم عنق الابن ؟؟؟؟
و يعرض إبراهيم الأمر على ابنه …..أنه ليس عرضاً لعروس .. أو لرزق جديد .. إنه عرض للموت .. مذبوحاً بسكين… عرض قبله إبراهيم من قبل لأنه من ربه الرحيم ..لكنه كان يساعد ابنه على القبول …
فإذا بابنه …يصدق الوعد ..و يقول ..يا ابتِ افعل ما تؤمر … نعم إن منامك حق …..ليس هناك شك …. إنه أمر ….
ثم يبدا الابن في تنظيم الحدث …و يضع التعليمات التي غلقًت كل أبواب الرجوع …و سُطرت من ضياء في حديثالتضحيات .
يا ابتي تلني على جبيني حتى لا ترى وجهي فترحمني
يا ابتي سن شفرتك حتى يكون الموت أهون علي …
يا ابتي ..اضمم عليك ثيابك حتى لا تصيبها الدماء فتراه أمي فتجزع
و بلغ أمي مني السلام …
أمنت العملية بنجاح ..
هل كانا يعلمان مثلي و مثلك بالكبش العظيم ؟؟؟
كلا …
لقد أسلماااااااااااااااا
إنه ابراهيم تله للجبين ..إن السكين تشرع في عملها …لكنها لا تذبح …فقدت خاصيتها بأمر من الرحمن …
إن السكين لا تذبح ..ماذا أفعل ؟؟ هل آتي بأخرى ؟؟؟ إن السكين لم تذبح …إنها لحظات الفرج من الكريم ..جائزة أخرى..الكبش العظيم
ما أروعها من قصة لثلاث ..أوسعوا الشيطان ضرباً بالجمرات …
بل اقول لأربع …فكيف لنا أن ننسى سارة و تضحية من أرفع ما يمكن أن تقدمه امرأة …تقدم زوجها النبي الخليل لجاريتها الصالحة …هاجر …لتستكمل القصة..